الثلاثاء، 22 يوليو 2014

آل رشيد

ينتسب آل رشيد إلى جدهم رشيد بن خليل ، وخليل وعلي الذي منه آل علي إخوان وهم من آل جعفر من عبده من قحطان ، فقد انتقلت عبده من الجنوب وانضمت إلى شمر ، وشمر بطن من طي ، ويعتبرابن علي أقدم واكبر شيوخ عبده .
و تتكون شمر من ثلاثة عشائر هي :
                                       زوبع              و         عبده        و               الأسلم .

و عبده تنقسم إلى أربعة بطون       ، منها الجعفر: الذي منهم ابن علي وابن رشيد .
ومن العشائر المشهورة في شمر: الجربا اكبر شيوخ شمر وهو من زايده من زوبع ، والتمياط شيخ التومان من سنجاره من زوبع ، وابن طواله من الأسلم  ، وابن شريم من اليحيا من عبده.
في عهد الإمام سعود الكبير كان أمير حائل الجربا الذي هزمه الإمام سعود فرحل إلى العراق، ثم عين الإمام على حائل أميرا من آل علي  وقرّب منه رجال هذه العائلة، ثم تولى بعدهم آل رشيد الذين استمر حكمهم تسعون عاما منذ تعيين فيصل بن تركي لعبد الله بن رشيد أميرا على حائل سنة1251هـ وحتى فتح حائل سنة 1340هـ.
كانت منطقة جبل شمر تسمى قديما جبل طي وكان  أكثر سكان المنطقة من قبيلتي شمر وتميم ، ونظراً لأن بادية قبيلة شمر كانت هي المسيطرة على مراعي المنطقة فمن المرجح أنهم كانوا أكثر عددا ، وكان زعيم شمر في حائل ينتمي إلى عشيرة عبده التي كانت تسكن شرق منطقة عسير جهة وادي تثليث قديما ثم انتقلت إلى هذه المنطقة وانتزعت سيادة أجزاء منها من زعمائها الأولين وأجبرت بعضهم على مغادرتها ومن بين أولئك الذين غادروها زعيم يقال له بهيج  ، وفي ذلك يقول شاعر من شمر :

قبلك بهيجٍ حدروه السناعيس          من عقده اللي ما يحدّر قناها
 
كان الحكم لزعماء عبده  آل علي ، وكانوا قد بنو لهم  قصرا للحكم في حائل هو قصر برزان الشهير الذي أصبح فيما بعد لآل رشيد ، بينما كانت زعامة بادية شمر للجربا.
كان أول احتكاك بين الدرعية وقبيلة شمر عام 1196هـ عند اشتراك شمر مع حاكم الإحساء سعدون بن عريعر في حصار بريده (  كان حاكم بريده حجيلان بن حمد - من العناقر من تميم - تابعا للدرعية ومن المؤيدين لدعوة الشيخ محمد حتى انهيار الدرعية سنة 1233هـ حيث نقله إبراهيم باشا معه إلى المدينة وتوفي هناك ) وبعد خمس سنوات من ذلك الحصار غزى حجيلان قبيلة شمر ودعاهم إلى أتباع دعوة الشيخ محمد سنة1201هـ  فاقتنع آل علي بالدعوة وأيدوا حجيلان في مسعاه.
 وفي سنة  1205هـ قام بعض الشمريين من الجربا بالانضمام إلى شريف مكة حين هاجم مناطق نفوذ الدرعية ، ولما عاد الشريف قام الأمير سعود بن عبد العزيز بمحاربتهم وكان قائدهم مسلط بن مطلق الجربا الذي كان مصمما على قتل الأمير سعود ولكنه قتل وانهزم والده مطلق الجربى ولجأ إلى العراق  واستقر هناك في منطقة الجزيرة " جزيرة شمر" ،  وقد قتل مطلق بعد ذلك في حربه مع الأمير سعود .
بقيت حائل تابعة للدولة السعودية حتى غزى إبراهيم باشا الدرعية وقام بقتل المؤيدين للدولة السعودية وكان من بينهم حاكم حائل محمد بن عبد المحسن العلي ، الذي يلتقي في نسبه مع آل رشيد في عطيه آل جعفر ، وتولى حكم حائل أخوه صالح العلي ، ثم عادت حائل مرة أخرى إلى الحكم السعودي في عهد فيصل بن تركي الذي عزل صالح آل علي وعين صديقه عبد الله بن رشيد .
                               
1/عبد الله الرشيد
(1251- 1263هـ/1835-1847 م )
 هو عبد الله بن علي  بن رشيد ، ولد  في عام 1204هـ/1790م ونشأ في كنف والديه مع إخوته عبيد وعبد العزيز وشقيقتهم نورة ، ومما تذكره المصادر عن علي والد عبد الله انه كان متدينا وكان جابيا للزكاة في عهد الإمام سعود الكبير وأن جبر عم عبد الله  كان رئيسا لكتبة الإمام ومحل ثقته ، وقد تميز عبد الله منذ الصغر بالطموح والتطلع إلى الرئاسة، ولعل ذلك هو الذي دفع به إلى الزواج من ابنة محمد بن عبد المحسن بن علي حاكم حائل.
وقد شعر حاكم الجبل آنذاك، صالح بن عبد المحسن بن علي ، بخطر عبد الله بن رشيد فنفاه مع أخيه عبيد من حائل في عام 1235 هـ / 1820م فتوجه عبد الله إلى العراق واستقر بها فترة من الزمن وشارك في بعض معارك شمر العراق مع خصومهم وأظهر من النشاط والذكاء ما أكسبه ثقة الوالي العثماني ، ثم انتقل إلى الرياض والتحق بالإمام تركي بن عبد الله وصار أحد المقربين من ابنه فيصل ورفيقه في غزواته.
وعندما اغتيل الإمام تركي في عام 1249هـ/1834م بمؤامرة دبرها مشاري بن عبد الرحمن بن مشاري ، كان فيصل بن تركي في غزوة بالقطيف، وعندما بلغه الأمر سارع بالعودة إلى الرياض ومعه عبد الله بن رشيد فحاصر  مشاري في قصر الحكم، وقاد عبد الله بن رشيد مجموعة من الرجال في اقتحام القصر وقتلوا مشاري وعدداً من رجاله، وذلك في الحادي عشر من شهر صفر 1250هـ/18 يونيه 1834م ، وأصيب عبد الله في يده إصابة شوهتها ، فلما رأى فيصل جراحه قال له اطلب ما تريد فطلب أن يؤمره على حائل فاستجاب لطلبه وعينه أميرا عليها بعد أن عزل الحاكم السابق صالح بن عبد المحسن آل علي في عام 1251هـ/1835م.
واجه عبد الله بن رشيد بعض المصاعب عندما تولى الإمارة ، وكان مصدر هذه المصاعب الأمير السابق صالح آل علي الذي حاول الاستعانة بالعثمانيين في استعادة إمارته ، وظل يشكل مصدر قلق حتى قتله عبيد بن رشيد وهو في طريقه إلى المدينة المنورة ، ونجا من القتل أحد آل علي اسمه عيسى تمكن من الهرب والوصول إلى المدينة المنورة حيث لقي التأييد من واليها العثماني.
كما تعرض عبد الله بن رشيد إلى بعض المشاكل مع الدولة العثمانية ممثلة بواليها محمد علي الذي أرسل حملة في عام 1252هـ/1836م بقيادة إسماعيل بك ومعه خالد بن سعود أخو الإمام عبد الله بن سعود آخر حكام الدولة السعودية الأولى ، ونجح عيسى ابن علي في الحصول على تأييد إسماعيل بك الذي أرسل فرقة عسكرية معه إلى حائل لقتال ابن رشيد وتثبيته في الإمارة ، غير أن عبد الله بن رشيد علم بالحملة فخرج مع أسرته وبعض مؤيديه من حائل وتوجه إلى بلدة جُبّة ، ودخل عيسى بن علي حائل وأصبح أميراً عليها في محرم 1253هـ/أبريل 1837م.
لم تبق الفرقة العسكرية في حائل طويلاً ، إذ سرعان ما عادت إلى القصيم ، وبقي مائة جندي من العثمانيين عند عيسى بن علي مما أضعف موقفه ، فتوجه عبد الله بن رشيد مع أخيه عبيد وأعوانهما من بلدة جُبّة إلى  بلدة قفار واتخذاها مركزاً لمقاومة عيسى آل علي.
وفي تلك الأثناء من عام 1253هـ/1837م أرسلت حملة عسكرية بقيادة خورشيد باشا لتعزيز القوات العثمانية في نجد،انطلقت من المدينة المنورة ، ولما علم عبد الله بن رشيد بحكم تجربته وخبرته أنه لا يمكن مقاومة تلك الحملة، خاصة بعد تخاذل أهل نجد عن نصرة الإمام فيصل بن تركي،غادر بلدة قفار إلى المدينة المنورة لملاقاة قائد الحملة خورشيد باشا والتفاوض معه وطلب عونه في العودة إلى إمارته، وكان ذلك في شهر رجب 1253هـ/أكتوبر 1837م واستطاع عبد الله بن رشيد أن يكسب ثقة خورشيد باشا، وبدأ التعاون بينهما بأن كلفه خورشيد باشا بتأمين الإبل اللازمة لنقل جنود الحملة وإمداداتها إلى نجد، ووعده في المقابل بتمكينه من إمارة الجبل.
وفي تلك الأثناء قام عبيد بن علي بن رشيد بهجوم على عيسى آل علي في حائل واضطره إلى الهروب منها إلى القصيم ، وأقر خورشيد باشا عبد الله بن رشيد على إمارة الجبل بعد أن كتب إلى والي مصر محمد علي  في أواخر عام 1253هـ/1837م.
ومنذ ذلك الوقت أصبح عبد الله بن رشيد أميراً غير منازَع ، وكانت الإمارة طوال فترة حكمه تزداد قوة ومجداً يوماً بعد يوم، كما كان نفوذها خارج منطقة الجبل يزداد توسعاً وانتشاراً سنة بعد سنة.
ولما تمكن الإمام فيصل بن تركي وأخوه جلوي ومن معهما من آل سعود من الفرار من مصر أوائل عام 1259هـ/1843م توجهوا إلى جبل شمر فتلقاهم عبد الله بن رشيد في حائل بالترحاب قائلاً : أبشروا بالمال والرجال والمسير معكم والقتال. وانطلق الإمام فيصل لإزاحة عبد الله بن ثنيان عن الملك، ورافقه أخوه جلوي بن تركي وعبد الله بن رشيد وأخوه عبيد بن رشيد في حملة انتهت باسترداد الإمام فيصل لملكه ودخوله الرياض في 12 جمادى الأولى عام 1259هـ/9 يونيه 1843م.
لقد قامت العلاقة بين آل رشيد وآل سعود في عهد التأسيس على أسس قوية وثابتة ، واختلفت عن أية علاقة أخرى بين الإمام فيصل بن تركي وأي من حكام الأقاليم النجدية الأخرى ، فلقد جمعت هذه العلاقة بين مشاعر الود والصداقة التي يكنها كل منهما للآخر، وبين الشعور بأن كلٍ منهما قد خدم صاحبه خدمة جليلة ، كما توثقت هذه العلاقة بالمصاهرة بين الأسرتين ، فقد تزوج عبد الله بن علي بن رشيد بالجوهرة بنت الإمام تركي بن عبد الله ، وتزوج ابنه طلال من الجوهرة بنت الإمام فيصل بن تركي، وتزوج     عبد الله ابن الإمام فيصل من نورة بنت عبد الله بن رشيد ثم من ابنة عمها طريفة بنت عبيد بن رشيد ، ولما توفي عنها تزوجها شقيقه محمد بن فيصل بن تركي.
 وقد اشتهر عبد الله بالعديد من السجايا الطيبة كالشجاعة والكرم والعدل ، كما عرف بكرمه ونخوته وكرم أخلاقه ، وتوفي في جمادي الأولى سنة 1263هـ/1847م .


2/طلال الرشيد
(1263 ـ 1283هـ/1847 ـ 1866م)
تولى بعد عبد الله  اكبر أبنائه وولي عهده طلال وعمره خمسة وعشرون سنة، وظل حاكماً للإمارة قرابة عشرين سنة  كان طوالها على علاقة طيبة بالرياض ، وشهدت فترة حكمه توسعاً في إمارته فقد أخضع إقليم الجوف المجاور لجبل شمر، وتيماء، وفي الوقت نفسه عمل على تحسين علاقته مع الخلافة العثمانية وكان يدعو للسلطان العثماني في صلاة الجمعة خوفا من إثارة غضب الخلافة العثمانية المتاخمة لأملاكه .
كان طلال أكرم إخوته ، وقد تزوج من الجوهرة بنت فيصل بن تركي ولكنه أصيب بمرض في الدماغ وعالجه احد الأطباء المرافقين لبعثة حج إيرانية وأخبره بأن مرضه ليس له علاج  فقيل انه انتحر والأصح انه توفي اثر انطلاق رصاصة من مسدس وهو يتفحصه سنة1283هـ/1866م فالمسلم يعلم حرمة الانتحار وهو محارب شجاع لا يهاب الموت.
خلف طلال  سبعة أبناء ، هم بندر وبدر وسلطان ومصلط ونايف وعبد الله ونهار.


 3/متعب بن عبد الله  الرشيد
(1283 ـ 1285هـ/1866 ـ 1869م)
 بعد موت طلال لم يرث مكانه في الإمارة ابنه الأكبر بندر، ويعود السبب إلى أن بندر لم يتجاوز عمره سبعة عشر عاماً،  بالإضافة إلى أنه لم تكن هناك قواعد حازمة تعالج مسألة الإرث السياسي وولاية العهد، فتولى أخو طلال متعب بن عبد الله ، غير أن حكمه لم يستمر طويلاً بسبب النزاع بينه وبين أبناء أخيه طلال بندر وبدر وحاول عمهم عبيد بن علي أن يصلح بينهم ولكن متعب لم يتجاوب معه مما أغرى الشابين على قتل عمهم متعب ، فلم يدم حكم متعب سوى سنتين ، وتولى بندر الحكم ، أما عمهم الثاني محمد فقد كان في ذلك الوقت عند الإمام عبد الله بن فيصل في الرياض فغضب غضبا شديدا على أبناء أخيه ولكن وجود عمه عبيد في حائل جعله يتردد في التوجه إلى حائل للثأر لأخيه  .



 4/بندر بن طلال بن عبد الله
(1285 ـ 1289هـ/1869 ـ 1873م)
اتفق آل الرشيد على تولية بندر بن طلال ، وكان عمره إذ ذاك عشرين عاماً وقد اتصف بصفات والده من الشهامة والمحبة الخالصة لرعيته ، ولما توفي عمهم عبيد الذي كان سندا لهم أحس بندر بأن حياته في خطر إن لم يصطلح مع عمه محمد ، فتوجه  إلى الرياض لاسترضاء عمه  في حضور الإمام عبد الله بن فيصل الذي أصلح بينهم على أن يظل بندر أميرا لحائل وأن يعود محمد إلى إمارة قوافل الحج العراقي المارة بالجبل ، وعادا معاً إلى حائل ،  وبعد ثلاث سنوات حدث بينهما نزاع بسبب قبيلة الظفير التي كانت علاقة الأمير بندر بهم سيئة فمنع التعامل معهم ، ولما عاد محمد من العراق  بعد مرافقته لقافلة من الحجاج  استأجر إبلاً من هذه القبيلة لإحضار الأطعمة من العراق وخرج الأمير لاستقباله كعادته فغضب لما علم بتعامل عمه مع الظفير رغم منعه للتعامل معهم ودار بينهم جدال حاد كانت نتيجته أن احتال محمد بابن أخيه وقتله .



 5/محمد بن عبد الله بن رشيد
(1289 ـ 1315هـ/1873 ـ 1897م)
بعد أن قتل محمد ابن أخيه بندر عمد إلى إخوته فقطع رؤوسهم ورماهم في ساحة الدار ولم يفلت من تلك المذابح إلا بدر ونايف، أخوي بندر، وكانا خارج حائل.
ولما كبر بدر أراد الانتقام من عمه، إلا أن عمه استطاع قتله وأسر نايف في قصره، وبذلك تربع  على سدة الحكم ، وقال في إحدى خطبه يبرر قتله لهم ( والله ما قتلتهم إلا خوفا على هذه - وأشار إلى رقبته  - يا مسلمين هل تظنون إن من قتل أخي سيعفو عني )
!!!.
وفي محاولة منه لكسب تأييد أكبر عدد من أفراد أسرة آل رشيد، أقام محمد علاقات وثيقة مع فرع عبيد الذي كان أكثر عدداً من فرع عبد الله وأصبح حمود الابن الأكبر لعبيد الصديق والحليف الوثيق لمحمد ، واهتم محمد بن رشيد بتنظيم جيشه وتحصين ثغور بلاده وبسط الأمان في تلك الأنحاء وكف البدو عن الغزوات، وتشدد على السارقين حتى أنه كان يقوم بقتل كل من يسرق رغيفاً من الخبز، وسعى إلى بسط حكمه في شرقي نجد وتقدم شمالاً حتى وصل إلى حوران وهدد نواحي دمشق حتى خاف أهلها من دخوله عاصمتهم ، ولما رأى بوادر الانشقاق تدب بين آل سعود سعى إلى توسيع ملكه على حسابهم، وسنحت له الفرصة لما استنجد به عبد الله بن فيصل آل سعود لمحاربة أبناء أخيه سعود بن فيصل فزحف إليه وأخرج ابني سعود بن فيصل (محمد"غزالان" وعبد العزيز) من الرياض وحبسهم في حائل، وتملك نجداً بعد أن اضطر عبد الرحمن بن فيصل عام 1308هـ/1891م إلى الرحيل عنها إلى قطر ثم البحرين ثم إلى الكويت، وتعتبر فترة حكم محمد بن عبد الله بن رشيد من أزهى فترات حكم آل رشيد في حائل .
كان محمد كبير شمر بل كبير العرب في زمانه ، اشتهر بالحلم و العدل في حكمه وقد كان الملك عبد العزيز معجبا فيه ودائما ما يقص عنه قصته مع احد شيوخ البادية الكبار الذي قدم إليه فأكرمه ابن رشيد ولكنه لم يعطه إلا القليل من المال ، وفي نفس الوقت قدم إليه احد شيوخ البادية الصغار فأكرمه وأعطاه مالا كثيرا ، ولما سئل ابن رشيد عن هذا التصرف الغريب قال : الأول كان قويا وكبيرا ويحس بما عليه من مسؤولية ويحافظ على مركزه بولائه لنا ، أما الثاني فهو كالعصفور يتنقل من شجرة إلى أخرى ويتعبك صيده ونحن بحاجة إليه لنكتفي من شره !!
وكان البعض يقولون بان ابن رشيد لا يصلح للحكم لأنه لا يقطع الرؤوس ، فقد آل على نفسه بعد أن قتل أبناء أخيه طلال الخمسة أن لا يقطع رأسا إلا في الحرب ، وبعد وفاته - وكان عاقرا - خلفه ابن أخيه عبد العزيز بن متعب .

6/عبد العزيز بن متعب بن عبد الله بن رشيد
 (1315 ـ 1324هـ/1897 ـ 1906م)
في فترة حكمه أقدم الشيخ مبارك الصباح على محاربة آل رشيد وتقدم بقوة تجاوزت الثلاثين ألف مقاتل واحتلت الطرفية ، إحدى قرى القصيم ، وجعلها مبارك الصباح موقعاً متقدماً لقواته.
خاض الطرفان في 26 ذي القعدة 1318 هـ/ 17 مارس 1901م معركة عند (الصريف) واستطاع فيها عبد العزيز بن رشيد إحراز نصر حاسم على مبارك الصباح الذي فر مخذولاً من موقع المعركة وعاد إلى الكويت.
وفي السنة التالية عام 1319هـ/1902م فقد آل رشيد الرياض التي استطاع عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود استعادتها منهم وقتل عاملهم عجلان بن محمد ، ثم حصلت مواجهات عديدة بين عبد العزيز بن متعب وعبد العزيز بن عبد الرحمن في منطقة القصيم منها في البكيرية والشنانة عام1322هـ ، ثم كانت المعركة الفاصلة في روضة مهنا، التي قتل فيها عبد العزيز بن رشيد في 18 صفر 1324هـ/ 14 أبريل 1906م .
كان عبد العزيز بن متعب يلقى دعماً من الدولة العثمانية التي كانت ترغب في الحد من توسع عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، ووصف  بالشجاعة والحنكة والدهاء ، وكان جبارا وفارسا مغوارا لا يفوقه إلا سميه الملك عبد العزيز  الذي استطاع الانتصار عليه في روضة مهنا .


7/متعب بن عبد العزيز بن متعب بن عبد الله بن رشيد
(1324هـ/1906م)
تولى بعد والده باتفاق أهل حائل والجند الذين كانوا معه ، غير أن أخواله ، سلطان وسعود وفيصل أبناء حمود بن عبيد بن علي بن رشيد ، أقدموا في 16 ذي القعدة 1324هـ/27 ديسمبر 1906م على قتله وأخويه مشعل ومحمد بعد أن دعوهم إلى رحلة صيد وقتلوهم هناك ، أما الأخ الصغير للمقتولين فقد فر به خواله آل سبهان إلى المدينة المنورة وعمره عشر سنوات ، وكان ذلك بموافقة سلطان الحمود لأنه كان متزوجا من والدته ولم يقتله مع بقية أخوته غير الأشقاء.
كانت فترة حكم متعب قصيرة لم تتجاوز التسعة أشهر، ورغم هذه الفترة القصيرة إلا أنه كانت له بعض الجهود الإصلاحية التي حببت أهالي حائل فيه، من ذلك أنه عقد صلحاً مع الملك عبد العزيز واتفقا على أن تكون المناطق الواقعة شمال القصيم تابعة لأبن رشيد وما عداها تابع لأبن سعود  وتواصل مع القبائل وجاءته وفودها وخفف من معاناة الناس المادية، ووصف بالكرم والحلم والعقل والحزم وحسن التدبير.

 
 8/سلطان بن حمود بن عبيد بن علي بن رشيد
(1324 ـ 1326هـ/1906 ـ 1908م)
تولى الإمارة بعد أن قتل متعب بن عبد العزيز، وبذلك انتقلت إمارة آل رشيد من فرع عبد الله إلى فرع عبيد، وعين أخوه فيصل الملقب بالبسام على الجوف ليبعده عن الحكم ، ثم تحالف مع أمير بريده محمد أبا الخيل وفيصل الدويش زعيم مطير ضد الملك عبد العزيز وحاربوه في معركة الطرفيه سنة 1325هـ وكان النصر فيها للملك عبد العزيز.
لم يحكم سلطان سوى سبعة أشهر وكانت فترة حكمه مضطربة نتيجة لسوء إدارته وكراهية الناس له، وفي نهاية الأمر سطا على خزانة الإمارة واختلس منها كل ثمين وفر يريد الهرب إلى الجوف ، فعلم بذلك أخوه سعود  ولحق به خارج حائل، فلجأ إلى إحدى المغارات في جبل أجا،وعثر عليه سعود وأعاده مقيدا ثم خنقه بحبل ودفنه في حجرة في القصر وتولى الحكم سنة 1326هـ/1908م.


9/سعود بن حمود بن عبيد بن رشيد
(1326 هـ/ 1908م)
تولى بعد أخيه. وكان سيئ الإدارة مما أدى إلى انحطاط وضع إمارة جبل شمر، فكاتب أهالي حائل حمود بن سبهان في المدينة طالبين عودة ابن أخته سعود بن عبد العزيز بن رشيد ليتولى الحكم، فتوجه حمود بقوة إلى حائل، وعندما وصلها فتح له أهلها الأبواب، وتحصن سعود بن حمود بن عبيد في قصر برزان. ثم لم يلبث أن استسلم لحمود بن سبهان، الذي بادر إلى قتله في الغرفة التي قَـَتَـَـل فيها أخاه .
ولما علم فيصل (البسام ) وهو في الجوف بمقتل أخويه فر منها ولجأ إلى الملك عبد العزيز الذي رحب به واتخذه نديما لخفة روحه .





10/سعود بن عبد العزيز بن متعب بن عبد الله بن رشيد
(1326 ـ 1338هـ/1908 ـ 1919م)
كما ذكر سابقا فإن سعود بن عبد العزيز بن متعب هو الناجي الوحيد من مذبحة أبناء حمود بن عبيد بن رشيد التي دبرها سلطان بن حمود، وكان وقتئذ صغيراً في السن فهرب به أخواله آل سبهان إلى المدينة المنورة ، فعاش هناك حتى عودته ، وكان عمره عشر سنوات فتولى الحكم  تحت وصاية خاله حمود بن سبهان الذي مارس دور الحاكم الفعلي للإمارة ، وبعد وفاة حمود بالسل - وقيل  مسموما بيد مجهولة - عام 1327هـ/1909م تولى دور الوصاية على سعود زامل بن سالم بن علي بن سبهان ، وتزوج أم الأمير سعود فكان زوجها الرابع ، إذ سبق أن تزوجت محمد بن عبد الله بن رشيد ثم عبد العزيز بن متعب ( والد سعود ) ثم سلطان بن حمود العبيد الذي قتل متعب وإخوانه أبناء زوجها السابق وتولى الحكم .
 وفي عهد زامل حدثت معركة الأشعلي التي انتصر فيها الملك عبد العزيز على قوات ابن رشيد  عام 1327/1909. فقد علم صاحب حائل بخروج الملك لغزو فئات من شمر فحاول أن يباغته بهجوم ليلي في مكان بقرب النفود يقال له الأشعلي ولكن الملك علم بقدومه فأمر بان لاتعقل الإبل التي غنمها من شمر في غزوته الأخيرة حتى إذا رأى أتباع ابن رشيد الإبل شاردة تبعوها ليغنموها ، وقام بإخراج رجاله من الخيام ، فلما انتصف الليل وهجم ابن سبهان على المخيم الخالي  فرت الإبل على صوت الرصاص ولحقها المهاجمون فأرسل الملك سرية من رجاله لمناوشتهم ثم انسحبوا فظن ابن سبهان أن الملك معهم وانه انهزم ، وعند طلوع الفجر خرج الملك برجاله من النفود وهجم عليهم وهزمهم .ثم عاد إلى الرياض.
 كان لدى أحد أقرباء زامل بن سبهان- واسمه سعود بن صالح بن  سبهان- طموح لاحتلال مكان زامل فأوغر صدر الأمير عليه ثم قام بقتله واحتل منصبه في إدارة البلاد، وارتفع شأن ابن سبهان في حائل حتى فكر في قتل الأمير سعود ليستولي على الإمارة ، ولكن أمره انكشف ففر إلى الزبير حيث قتل بعد ذلك ، وحل محله عقاب بن عجل في إدارة الإمارة ، وفي عام 1332هـ/1914م انتهت الوصاية على سعود رسمياً وآلت مقاليد الحكم إليه، وكانت جدته فاطمه السبهان التي تكره أهل نجد وآل سعود تدير الحكم من وراء الستار .
عرف سعود بموالاته للدولة العثمانية ومناصرته لها والوقوف إلى جانبها في الحرب العالمية الأولى ، وفي عهده كانت معركة جراب في عام 1333هـ/1915م التي صد فيها تقدم عبد العزيز آل سعود نحو الشمال، وتمكن أيضاً من استعادة الجوف وتوابعه إلى إمارته، وشهدت فترته انقساماً داخل الأسرة الحاكمة انتهت بمقتله غدراً .
ففي رجب 1338هـ/1920م خرج  إلى جبال حائل في مكان اسمه "الغبران" وكان صائماً، واصطحب معه عدد من مرافقيه وهم: سليمان العنبر، ودرعان الدرعان، وراشد الحسين، والذعيت ، وسلامة القريح، ومهدي "أبو شرّين" بالإضافة إلى ابن عمه الفتى عبد الله المتعب آل رشيد البالغ من العمر 12 سنة (والذي اغتيل فيما بعد عام 1946م في الرياض).. وعرف عبد الله الطلال آل رشيد بخروج ابن عمه سعود فصمم على اغتياله، ولحق به في طريق الرحلة ورافقه حتى المكان المقصود وهو "الغبران" في جبل طي، وكان يرافق ابن طلال خادمه إبراهيم المهوّس، وكانا مسلحين، أما الأمير سعود آل رشيد فلم يكن معه وبعض رفاقه سوى سلاح الصيد، وكان الجميع خيالة..
وصل الجميع إلى الغبران وجلس الأمير سعود متكأ على صخرة بسفح الجبل وبالقرب منه الذعيت الذي قام يتمشى، وكذلك عبد الله المتعب الرشيد، وعن يمينه سليمان العنبر، وعن يساره عبد الله الطلال، الذي تأخر خلفه مسافة مترين، وبجانب الطلال إبراهيم المهوس، وقد تفرق بقية المرافقين للتدرج بعيداً عن المكان غير مدركين لما سيحدث خلال دقائق!.
وفي تلك اللحظات أخرج عبد الله الطلال برتقالة كانت معه، ثم استأذن ابن عمه الأمير ليضعها هدفاً للرمي، فوافق الأمير سعود آل رشيد، فصوب سعوداً بندقيته نحو الهدف فأصابه بدقة،فوضعوا غيره فاستأذن ابن طلال لرمي الهدف! فرمى الهدف وأصابه بدقة.. وما أن صوب الأمير سعود آل رشيد بندقيته ثانية نحو الهدف حتى صوب عبد الله الطلال بندقيته من خلفه نحو هدفه، وحالما رمى سعود الرشيد الهدف ثانية أطلق عبد الله الطلال من بندقيته نحو هدفه!… وكان هدفه هو: رأس ابن عمه الأمير سعود الرشيد، فسقط سعود في عبّ سليمان العنبر الذي ضمه وهو يردد: خير!.. ظنّاً منه أن بندقيته رفسته!.. ولكنه ما أن رفعه حتى رأى الدم يتفجر من رأسه ومن عنقه!، وفي تلك اللحظة أمطر ابن طلال سليمان العنبر بست رصاصات أصابت ثلاث منها جنبه وثلاث منها قدمه، فتظاهر ـ العنبر ـ بالموت وارتمى فوق ـ الفتى ـ عبد الله المتعب الرشيد خوفاً من أن يقتله ابن طلال، وحينها قفز القاتل إلى صهوة حصانه، كما وثب خادمه ـ المهوّس ـ إلى ظهر فرسه وأخذا يغيران في سباق مع الريح نحو حائل ـ بغية الاستيلاء على الحكم.. لقد سمع بقية المرافقين أصوات الرصاص، لكنهم حاروا في أمرها، فالهدف ما يزال قائماً في مكانه لم يصب، وصعد الذعيت الربوة للتأكد وإذا به يرى عمه سعوداً ملقى وبجانبه سليمان العنبر، فأسرع الذعيت ليستفسر، فرفع سليمان العنبر رأسه وصاح فيه: (قتلوا عمك سعود، الحق ابن طلال واقتله.. اقتله). فلحق به، ووصل في نفس اللحظة مهدي أبو شرين، فأطلق الرصاص على أبن طلال وأصابه بقدمه فسقط من جواده، فأسرع عليه الذعيت وأجهز عليه، ووجه مهدي فوهة بندقيته إلى المهوس ـ مرافق بن طلال ـ فأرداه قتيلاً… واجتمع سليمان العنبر، والذعيت، ومهدي، ودرعان وسلمه الفريح، ومعهم ابن متعب وأتوا بسعود وبكوا عليه، فنهض سليمان وكان صاحب الكلمة فيهم وقال: ـ أترون البكاء مجدياً الآن؟. لقد قتلتم المجرمين المعتدين، فانظروا في مستقبلنا ومستقبل حائل..
فقال الذعيت: ما رأيك أنت؟
قال سليمان: أخشى أن يكون عمل ابن طلال نتيجة مؤامرة خطيرة لقلب الحكم في حائل، فشقيقه محمد بن طلال بالبلد، ولعله احتل قصر الإمارة وأخذ البيعة، وأرى أن يمضي أحدكم إلى المدينة سراً ويكشف الأمر، فإن كان ابن طلال قد انتزع الحكم هربنا من وجهه بابن متعب، حتى إذا قوي عدنا إلى حائل لنسترد الإمارة، وإلا كفى الله المؤمنين شر القتال.. ووافق الجميع على رأي سليمان وانتدبوا الذعيت، ولبثوا مكانهم منتظرين يتدبرون الأمر حتى رجع إليهم وأخبرهم ألاّ شيء في البلد، والناس لا يعلمون عن الحادث شيئاً.
فرجعوا إلى حائل يشيعون جنازة القتيل، ونصبوا عبد الله بن متعب أميراً عليهم.

11/عبد الله بن متعب بن عبد العزيز بن رشيد
(1338 ـ 1339هـ/1919 ـ 1920م)
عقب مقتل سعود بن عبد العزيز عاد عبد الله بن متعب ومن معه إلى حائل وكادت تقع فتنة بين عبد الله  ومحمد بن طلال اخو عبد الله القاتل المقتول ، ولكن الموقف انتهى بذهاب ابن طلال إلى الجوف مؤقتا ، واجتمعت الآراء على تنصيب عبد الله بن متعب أميراً.
أثناء حصار قوات الملك عبد العزيز لحائل ، أخذ الأمير ابن متعب ينظم الأمور استعداداً للقتال، وفيما هو كذلك إذ قدم من الجوف ابن عمه محمد بن طلال، زاعماً أنه قادم إلى حائل للدفاع عنها وعن أمته ويشارك ابن عمه الجهاد، وأظهر له الود كما تظاهر أمامه بالخضوع والاستكانة، فأرجف المرجفون بعبد الله المتعب وقالوا له: إن قدوم ابن طلال إلى حائل في هذه الظروف لا يقصد منه إلا تولي الحكم، وسوف لن يوفر دمك، وسيفعل بك ما فعله أخوه عبد الله بن طلال، قاتل سعود بن عبد العزيز بن رشيد، فاحتاط للأمر ووضع الحراس من مماليكه الذين يثق بهم، لكن شبح ابن عمه يتراءى له في منامه فهو يريد قتله.. والعدو أمامه يحاصر المدينة، وابن عمه محمد بن طلال عدو آخر أشد فتكاً من الأول، لمعرفته المقتل ولن يخطئه عندما ينتهز غفلته فيقتله، أما العدو المحاصِر فبينه وبينه شعب يقاتل وأسوار وأبراج لا يستطيع تخطيها، وأما ابن عمه فكيف السبيل إلى اتقائه وهو داخل المدينة ومنزله قرب منزله، وربما غافل الحراس وفتك به أو سلط عليه أناساً غيره . هكذا رأى من الأصلح أن يسجن ابن طلال فسجنه ،إلا أن  كبار رجال حائل قربوا ما بينه وبينه، وتعاهدوا على الدفاع عن البلاد، فمضى ابن طلال يجمع قبيلة شمر استعداداً للمعارك القادمة! فازدادت شكوك عبد الله المتعب بابن عمه ، وكان وراء هذه الشكوك من يذكيها..
غير أن عبد الله بن متعب رأى من الخير لنفسه أن يلتجئ إلى العدو الحقيقي (ابن سعود) ويسلم نفسه وحدها إليه، ويدع مدينة حائل إلى أهلها يحمونها ولا يسلمها براً بقسمه؛ إذ آلى على نفسه أنه لن يسلمها وفيه نفَس يتردد ، وسيجد عند عدوه السلام والغنم إذا ذهب إليه طائعاً! أما إذا مكث في المدينة فلا بد أن يعتدي عليه ابن عمه ويقتله. هذا ما ظنه فحار في أمره، ولم يدر ما يصنع، فنادى سليمان العنبر، وخلا الاثنان ليلاً فقال ابن متعب:
ـ يا سليمان، الحال مثلما ترى وأنا بين عدوين فلا أستطيع قتل ابن عمي لمجرد الظن ولا أستطيع انتظاره حتى يقتلني!.. وأردف  يقول: لقد انتقض بعض الناس علينا، وكتب بعضهم إلى ابن سعود، وأخش من ابن طلال، فما ترى؟ فرد عليه سليمان العنبر يقول: والله يا عم لو طلبت أن أخوض معك البحر لما تأخرت، فأفصح عن قصدك فأنا طوع بنانك!.
فقال عبد الله للعنبر: أرى أن نمضي إلى ابن سعود ونسلمه أنفسنا ونترك البلد ينعي من بناه.. فقال له العنبر: كما ترى!
مضى سليمان إلى داره كاسفاً مشغول الفكر ونادى ابنه "غاطي" وقال له:
يا بني سنمضي غداً إلى ابن سعود..
فأجاب غاطي: أتستشيرني يا أبي.
قال: لا إنما أخبرك بالأمر الذي نويناه على كل حال، فاستعد.
قال غاطي: والأمير؟!
فأجاب سليمان: معنا!..  فتمتم غاطي.. ثم قال: الله يكتب الذي فيه خير!.
والتقى الأمير عبد الله المتعب وبعض رجاله وهم: درعان، والذعيت، وعبد الله آل بجاد، وصقيه (مملوك الأمير) بسليمان العنبر وابنه في الموعد فجراً، ومشوا يريدون ابن سعود، وكلهم يمشي على قدميه، وعلم أهل حائل في الضحى بأمر الهاربين فقرروا اللحاق بهم وردهم إلى المدينة، ولكنهم تركوهم أخيراً وكتبوا إلى محمد بن طلال الذي كان في البر يجمع قبيلة شمر لقتال ابن سعود، فتوجه أبن طلال إلى حائل ودخلها وتولى الإمارة وقد سعت إليه من نفسها.
لم يكن مع الهاربين زاد ولا ماء، فاشتد بهم العطش وأظلم الطريق. ويروي أحمد عطار في كتابه "صقر الجزيرة"  (أنه حينما اشتد العطش بعبد الله المتعب وصحبه، قال أحدهم ـ وكان يعرف هذه الأماكن ـ إن هنا بئر خلف تلك التلال ، فمشوا حتى أتوا ووجدوا عليها بدواً كثيراً من جيوش ابن سعودي يسقون، وسألهم عن مقر "أميرهم" فدلهم أحدهم عليه وما كانوا يعلمون أن هؤلاء آل الرشيد وأشياعهم، ولو علموا لفتكوا بهم، واستقبلهم الأمير خير استقبال وأنزلهم في خير موضع، وبعث إلى الأمير سعود بن عبد العزيز السعود وكان القائد العام للجيوش السعودية يبشره بوصول ابن متعب ورجاله فبعث إليه أن أكرمهم وبلغهم التحية، فإن رغبوا السعي إليه من توهم فليركبهم وإلا فليأخذ رأيهم، وألا يقصر في إرضائهم وتكريمهم. ورأى ابن متعب ومن معه أن يبيتوا ليلتهم بموضعهم، وقرروا أن يمضوا إلى سعود صباحاً.. وزادت ضجة البدو واجتمعوا حول خيمة آل الرشيد يرددون صيحات الضراوة يريدون أن يفتكوا بهم، فخرج إليهم أميرهم ووبخهم وطردهم وأفهمهم أنهم "مسلمون" يوحدون الله ، وأنهم أصبحوا صبيان التوحيد، إخوان من أطاع الله ودخلوا في طاعة ابن سعود) .
ومضوا من الفجر إلى الأمير سعود ، وكان نازلاً بقعاء فاستقبلهم استقبالاً فخماً، وبعد أن أقاموا أياماً رجع بهم سعود كأسرى إلى الرياض، واستقبلهم والده.
 وبقي محمد الطلال  يقاوم ابن سعود، وينقل العطار عن الملك عبد العزيز قوله: (والحق أن محمد بن طلال كان حازماً قوياً بعيد المرمى، شجاعاً مقداماً شديد الأيد والصلابة، فيه صفات من عبد العزيز بن متعب بن رشيد القتيل بروضة مهنا، وليس في أمراء آل الرشيد الذين جلسوا على دست الحكم من يشبه هذين الأميرين في الشجاعة والقوة النفسية والبطولة ـ وهما عبد العزيز المتعب الرشيد ومحمد الطلال آل رشيد ـ وكان محمد بن طلال أعقل واحصف، ولكن: ما حيلة الرامي إذا التقت العدى وأراد رمي السهم فانقطع الوتر!
بعد أن ذهب ابن متعب إلى الملك عبد العزيز  في نهاية عام 1339هـ رحب به الملك وأسكنه في الرياض .




12/محمد بن طلال بن نايف بن طلال بن عبد الله بن رشيد
 (1339 ـ 1340هـ/1920 ـ 1921م)
تولى محمد بن طلال مقاليد الأمور في حائل أشهر قليلة بعد عبد الله بن متعب، وكانت فترته تنذر بنهاية إمارة آل رشيد، فعبد العزيز آل سعود جعل نصب عينيه أهمية الاستيلاء على المنطقة فشدد من حصاره عليها حتى استسلم محمد بن طلال ومن ثم سقطت إمارة آل رشيد بعد دخول قوات ابن سعود إلى حائل في 29 صفر 1340هـ/2 نوفمبر 1921م وانتقل محمد بن طلال إلى الرياض وتزوج الملك عبد العزيز ابنته ، وفي عام 1373هـ بعد وفاة الملك عبد العزيز ، قتله احد عبيده في الرياض  وفر القاتل ثم وجد منتحرا في احد شعبان وادي حنيفة .
 

مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..