محمد بن عيسى الكنعان
| |
مقالات
وأدبيات وأطروحات (أدعياء الليبرالية) في المملكة يمكن أن تكشف أبرز
معتقداتهم الفكرية سواءً في فهم حقيقة الليبرالية وتاريخها ، أو ممارسة
تطبيقاته المرتبطة بمنظومتها الفكرية (العلمانية والرأسمالية والديمقراطية)
، وخصائصها الحضارية (الفردية والعقلانية والمنفعة والنسبية) ، وصولاً إلى
تجلياتها الواقعية المعبرة عن قيمها الإنسانية الكبرى (الحرية والعدالة
والمساواة) ... وذلك من خلال النقاط التالية :
ـ
أدعياء الليبرالية في السعودية يعتقدون أن الحرية هي (أن تقول ما تشاء ،
وتفعل ما تريد) وهم بهذا خلطوا بين (الحرية) و(الحيرة) ، والمسألة لديهم لا
تتعدى تبديل مواقع الحروف ، وليس تبديل الواقع بتحقيق الحرية المسؤولة ،
لذلك اعتقدوا أن ممارسة الليبرالية تعني ضحكة مثقف ومثقفة تحت الأضواء
الخافتة في زاوية أحد الفنادق الراقية من قبيل بحث الشأن الثقافي العام ،
أو التشكيك في المقدسات والتطاول على الرموز الدينية بحجة حرية التعبير
(الرأي) ، أو الخوض في الثوابت بدعوى حرية التفكير (الفكر) .
ـ
أدعياء الليبرالية في السعودية يعتقدون أن الليبرالية لا تعادي الدين
وبالذات الإسلام بدلالة أن المسلم في أميركا يمارس كل شعائره التعبدية ،
ولكن فات عليهم أن القانون في أميركا ـ على سبيل المثال ـ يُعطي الحق للبنت
أن تعاشر صديقها الأميركي ولا يستطيع والدها منعها ، وقصور فهمهم لهذه
الجزئية وغيرها ، كونهم بالأساس لا يدركون أن التعارض بين الإسلام
والليبرالية في المرجعية العليا ، التي تحكم تطبيقات الحرية في المعاملات
الدنيوية والعلاقات الإنسانية .
ـ
أدعياء الليبرالية في السعودية يعتقدون أن تراثنا الإسلامي الفقهي لا
يناسب عصرنا ، لذلك يدعون إلى إعادة قراءة نصوص الوحي وفهمها من جديد ،
فبرأيهم (هم رجال وفقهاء وأئمة الأمة رجال) ، ولكن هؤلاء الأدعياء يعارضون
أن تناقش أو تنقض أفكار وآراء فلاسفة اليونان وعصور التنوير الأوروبي ، فمن
أنت أمام قامة أفلاطون وفولتير !!
ـ
أدعياء الليبرالية في السعودية يعتقدون أن (التغريب) وهم اخترعته الصحوة
الإسلامية للسيطرة على المجتمع وعزله عن العالم وتكريس الجمود والانغلاق في
الحياة ، فهم يرون أن الغرب غائر في حياتنا ومسيطر على تفصيلاتها ، فنحن
نستخدم كل منتجاته كالسيارة والهاتف والحاسب الآلي وغيرها ، وهم بذلك
يخلطون بين (التغريب) الذي يعني تغيير منظومة القيم الاجتماعية وفق المفهوم
الغربي ، وبين (التمدن) الذي هو محاكاة للمدنية الغربية في جانب المشترك
الإنساني المرتبط بالوسائل المادية .
ـ
أدعياء الليبرالية في السعودية يعتقدون بـ(الإنسانية) التي تقول بمعاملة
الفرد بشكل إنساني مجرد ، بغض النظر عن دينه وعرقه ومذهبه وجنسيته !! بل
وتتعاطف مع هذا الإنسان في أي مكان أو زمان مهما كانت الظروف ، مع ذلك
يعيبون على الإسلاميين أنهم يتحدثون بخطاب (أممي) ويتعاطفون مع المسلم في
أقاصي جزر أسيا أو مجاهل أفريقيا بحجة معارضتها للوطنية ! فشعارهم كن
(إنساني) وليس (إسلامي) !!
ـ
أدعياء الليبرالية في السعودية يعتقدون أن الغرب هو من أقرّ حقوق الإنسان
بالإعلان العالمي لهذه الحقوق في ديسمبر عام 1948م ، لذلك هم يحتفلون بهذه
الذكرى كل عام ، أما إسهام المسلمين في هذا الجانب فلم تكن ـ في نظرهم ـ
إلا محاولات !! غير أنهم يتجاوزون الحديث أو الإشارة لتطبيقات هذا الإعلان
خلال مسيرة الغرب الحضارية وسجل استعماره الأسود للشعوب !! أو على الأقل
تفسير التباين في تعويضات الضحايا بين ملايين الإنسان الغربي وحفنة دولارات
للإنسان الأفغاني .
ـ
أدعياء الليبرالية في السعودية يعتقدون أن هناك وصاية على المرأة من قبل
التيار الديني ، داعين إلى طلاق حريتها في أن تلبس ما تشاء وتعمل ما تريد ،
لكن هذه الدعوة لم تتحول إلى نقد أو مجرد تعليق على محاربة الحجاب في
الغرب ، رغم أن المرأة المسلمة الغربية لبسته باختيارها ، وحجتهم في الصمت
أن المرأة بذلك الحجاب تصادم النظام العلماني القائم هناك ، إذن عليهم أن
يصمتوا لأن المرأة إذا خلعت حجابها فهي تصادم النظام الإسلامي القائم هنا!!
بقي
إن أنوه إلى أن معتقدات (أدعياء) الليبرالية في السعودية كثيرة وتدل على
خلل في التفكير ، واضطراب في الرؤية ، وازدواجية في الممارسة أدعياء، لكني
استعرضت أبرزها ! وقولي أو وصفي بـ(الأدعياء) لأن في واقع الليبرالية
السعودية هناك (أسوياء) وهم الذين يعرفون حقيقة الليبرالية ويحاولون
تطبيقها بشكل شخصي ، لكنهم قلة قد تصل إلى الندرة ، وهناك (أغبياء) وهم
الذين يتأثرون بكتابات المثقفين عن الليبرالية فيعلنون انتسابهم لها
ويرددون ذلك كالببغاوات ، وكذلك هناك (جهلاء) وهم الذين لا يعرفون حقيقة
الليبرالية ولكن تتغير مواقفهم بعد معرفتهم لحقيقتها ، وأخيراً (أخفياء)
وهم ليبراليون حقيقيون يمارسونها في حياتهم ولكن لا يعلنون ذلك !! ولكل
فريق صفاته.
|
الصفحات
▼
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..