الصفحات

الثلاثاء، 13 مارس 2012

أضواء على العقيدة المسيحية


 
بقلم الأستاذ محمد الصيرفي
بكالوريوس تجارة جامعة عين شمس المصرية
مديرا بالتأمينات الاجتماعية بمصر ـ سابقاً
  نعرض فيما يلي بحثا موجـــزا نقـــدم فيه الأسس التى تقوم عليها العقيدة المســــيحية والرد عليهـــــا في نقاط .
   ولسنا  نسـتهدف من هذا البحث النيل من المسـيحيين، لأنهم
أهل كتاب وقـد أمرنــا اللـه تبارك وتعــالى أن نتحــــاور معهم بالحسـنى ، وهم أقرب إلى المســـلمين من أيعقيدة أخرى.
    ولقد راعيـنا عرض أسس العقيدة في حيــــاد كامل كما وردت في الكتب المســــيحية
ذاتها وبلا أي تدخل من جانبنا ، ثم عرجـنا إلى الرد على هــــذه العقـــيدة من واقع راجع عدة تنـــاولت هذه العقيدة بالشــــرح والتحليل والتفنيد  وذلك كلـه بهــدف إيضاح الحقيقة المجردة وحـــدهــا  دون ســــواها.
  إننا نتقدم بهذا البحث المتواضع إلى كــــل من المسيحي والمسـلم.
    فهـــــو للمسيحي لتبصرته بأن العقيدة تدعـــى الباطـــل على الله ســبحانه وتعالى،وإيضاح الحقيقة واضحة كل الوضــوح أمامه ليختار الطريق الصحيح قبل فــــوات الأوان وقبــل أن نقف جميعا للحساب أمام الله تبارك وتعالى.
    وهـــو للمســــلم   للاســـتزادة ولمعرفة القيمة الحقيقية لدينه القويم الذى أعــــــــزنا الله تبــارك وتعــــالى بـــه .
    نســـأل الله سبحانه وتعــالى الهداية وبأن يفتح وينير طريق الحق أمــامنا جميعـــا.

    بســــم اللــــه الرحمـــن الرحــــيم
•       قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به
     شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فان تولوا فقولوا اشهدوا بـــــأنا
     مســــلمون   ...  ( 64 آل عمران ) .
       إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون ( 59 آل عمران )
•       لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم قل فمن يملك من الله شيـــئا إنأراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن فى الأرض جميعا ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما يخلق ما يشاء والله على كل شيء قدير  ( 17 المائدة ).صـــــدق الله العظــــيم

              أولا  :  عقـــيدة الفـــداء والصـــلب والخـــلاص
**  أساس العقيدة  :
      *********
      لما خلق الله آدم وقال له ((  اسكن أنت وزوجك الجنة  )) وأمره وزوجته بعدم الاقتراب من الشجرة ،عصى آدم وزوجته ربهما بالأكل من الشجرة . وبذلك يكون كلا منهما وذريتهما ـ أي كل البشر ـ واقعـين تحت تأثير هذه الخطيئة ويستحقون هلاك الأبد وعقاب الآخرة ( أى جهنم ) ...  وهذا هو ناموس العـــدل .
    ولكن ناموس الرحمة يستوجب العفو .. فتطلب الأمر شيئا يجمع بين العدل والرحمة ، فكانت ( الفـــدية ) التى يلزم أن تكون طاهرة غير مدنسة ... وليس في الكون ما هو طاهر بلا دنس إلا الله . فأوجبت المشيئة أن يتخذ جسدا يتحد فيه اللاهوت والناسوت ... أي جسدا إلهيا بشريا في ذات الوقت ... فاتحدا في بطـــن العذراء مريم . فيكون بذلك الولد الناتج عن هذا الاتحاد ( إنسانا كــاملا ) ، والذي في الجســد (إلـــــــها  كـــاملا ) . وقد تمثل هذا كله في المسيح الذي أتى ليكون ( فدية ) ...  وهـــــذا هو ( الفــــداء ) .
      ثم احتمل الإله الكامل والإنسان الكامل أن يقدم نفسه ( ذبيحة ) لإعفاء البشر من جريمة الخطــــيئة  ...
    وهــذا هو ( الصـــلب ).
      وكان احتماله لذلك كفارة  لخطايا البشر وتخليصهم من ناموس الهلاك الأبدي ... وهذا هو ( الخلاص ).
      ولمــا كان البشر كلهم خطاة بخطيئة أبيهم آدم وأمهم حواء فهم هالكون هـــلاكا أبديـــا ، ولا ينجـــــيهم
    سوى إيمانهم بالمســـــيح الفـــادى

**   الرد على عقيدة الفداء والصلب والخلاص  :
      ***************************
1 ـ كيف يقبل العقل ( وما أنزلت الأديان على البشر إلا لمخاطبة عقولـــهم ) أن يقدم الله نفســـــه ( فــدية ) لخطيئة لم يرتكبها الله بل تكفيرا لخطيئة عبد مخلوق له  ؟  ...  وهل يعجز الله الخالق أن يتنـــــازل أو يعفو عن آدم بدلا من أن يرضى لنفسه الذبح والصلب؟؟؟.
2 ـ كيف يقبل العقل ـ أو العدل ـ أن يتوارث بلايين البشر إثم خطيئة لم يرتكبها منهم أحد ، ثم يلقى بهــــــم بعد ذلك في نار جهنم بغير ذنب ارتكبوه ؟؟؟ .  هذا ...  ويؤكد الكتاب المقدس بعهديه القديم ( التوراة ) والجديد ( الإنجيل ) ـ وهما في صلب العقيدة جزء واحد لا يتجزأ ـ أن الخطيئة لا تورث .
       ففي ( سفر التثنية ) جاء النص : ((  لا يقتل الآباء عن الأولاد ، ولا يقتل الأولاد عن الآباء ، كــــــــل إنسان بخطيئته يقتل )).   فكيف يمكن القول بعكس ذلك في خطيئة آدم ؟؟؟ .
3 ـ كيف يقبل القول بأن يتجسد الله في صورة مخلوق، وأن يبصق في وجهه اليهود وغيرهم ويلقون على رأسه الشوك والأتربة ثم يربط في السلاسل ليعلق على صليب ويدقوا المسامير في يديه ؟؟؟  ...     ...
    إن هذه إهانة بالغة لأي شخص عادى ... فكيف بالله ذو الجلال والكمال المطلق ؟؟؟ .
4 ـ لو أن الذبح أو الصلب كانا لآدم الخاطىء لقلنا أن الله يفعل في ملكه وخلقه ما يشاء ...  أما أن يكــــــون المقتول أو المصلوب هو (الله) جل شأنه ، وفى خطيئة وقعت منذ آلاف السنين قبل ولادة المسيح ...
    ثم يطلق على ذلك ( فدية ) و ( خلاصا ) و ( تكفيرا ) فهذا مالا يمكن لأي عقل أن يقبله ... بل ولـم ينزل على أي نبي قبل ذلـــــك .
5 ـ إذا كان المسيح يعلم ( باعتباره إلها كاملا ) بأنه سيكون ( فدية ) وأنه سوف يذبح تكفيرا لخطيئــة آدم فلماذا صرخ بأعلى صوته ـ عند القبض عليه ـ يطلب النجدة من الأقنوم الأب قائلا : (( إيلى إيلى لمــاذا شبقتنى )) ؟؟ ... أي : لماذا يا رب تركتني لهؤلاء اليهود الظلمة ؟ .. ولماذا طالب حوارييه بشــــراء السيوف للدفاع عندما شاهد هذه القوة الغاشمة للنيل منه ؟؟ ...  وأين عنصر ( الطواعية ) الــــلازم
    لتحقق مبدأ ونظرية ( الفداء ) ؟؟ ...  إذ من المتفق عليه في روايات الأناجيل كلها أن المسيح قـــــــد قبض عليه عنوة وأهين إهانات بالغة ، ولم يتقدم بنفسه طــواعيــة للصلب بحجة الفداء لتكفير خطايا البشر كما هو فى صلب العقيدة.
6 ـ إن تصور الخلاص بواسطة تقديم أحد الآلهة نفسه ذبيحة فداء عن الخطيئة ..  قديم العهد جدا عنــــد
     الهنود الوثنيين وغيرهم ...   ...   وفيما يلي بعض الأمثلة :  ـ
     أ  ـ  يسمى  البوذيون ( بوذا ) بـ ( المسيح ) و ( المولود الوحيد ) و ( مخلص العالم ) ، ويقولون أنه إنسان كامل وإله كامل تجسد بالناسوت وقدم نفسه ( ذبيحة ) ليكفر ذنوب البشر ويخلصهم مـــن ذنوبهم فلا يعاقبوا عليها.
             كما يقولون عن الإله ( أندرا ) الذى يعبدونه أنه سفك دمه بالصليب وثقب بالمسامير كي يخلص البشر من ذنوبهم .
    ب ـ  كان المصريون القدماء يعتبرون ( أوزوريس ) أعظم مثال لتقديم النفس ( ذبيحة ) لينال النــــاس الحياة. وكانوا يتحدثون عن كيفية ظهوره على الأرض وموته وقيامه بين الأموات وأنه سيكــون ديان الأموات فى يوم الدينونة .
 كما كانوا يدعون ( حورس ) بـ ( المخلص ) و ( إله الحياة ) و ( الواحد الأبدى ) و ( المولـــود  الوحيد ) و( الولد الوحيد المخلص ).
    ج ـ  كان الفــرس يدعون الإله ( مترا ) بـ ( الوسيط بين الناس ) و ( المخلص الذى بتألمه خلص الناس وفداهم ) .
    د ـ  عبد المكسيكيون إلها مصلوبا يدعى ( المخلص ) و ( الفادى ) و ( ابن الله ).
      وكل هذه الأمثلة كانت قبل ظهور المسيح بقرون كثيرة ، مما يؤكد أن المسيحية الحاضرة هي صـــورة مكررة لـ :  براهما و بوذا و كريشنا و أوزوريس وجميع الآلهة الوثنية المعروفة في بلاد الشرق الأقصى وبلاد أخرى.
7 ـ إن أصول المسيحية القائمة حاليا مطابقة تماما لعبادات الشمس التى كانت موجودة فى الامبراطوريــة الرومانية وأقطار كثيرة من توابعها ...  وأمثلة ذلك كثيرة جدا ...   منهـــــا :
    أ ـ الاله ( إيتس ) فى آسيا الصغرى : ولد من عذراء وكان يسمى ( الابن الأوحد المولود والمخـــلص ) ويعتقد عابدوه أن دمه جدد  خصوبة الأرض ومنح البشر حياة جديدة وأنه قام من الموت . ويحتفلون بهذه ( القيامة ) وسط ابتهاج عام . ومن أبرز مناسك عبادتهم : تقديم وجبات مقدسة والتعميـــــــــد بالدم .
  ب ـ الإله ( أدونيس أو تموز ) : كان يعبد في سوريا وكان يسمى بـ ( المخلص المولود من عذراء ) وقد عانى الموت ليفدى البشرية لكنه قام منه فى الربيع . وكان عابدوه يحتفلون بـ ( قيامته ) في مهرجان كبير .
 ج ـ  الاله ( ديونيس أو باكوس ) : كان يعبد فى اليونان ، وهو الابن الأوحد المولود لجوبيتر كبير الآلهـة من العذراء ديمتير فى الخامس والعشرين من شهر ديسمبر (( نفس تاريخ ميلاد عيســــى عنـــــــــد  المسيحيين الغربيين ))  ، وهو يوصف بـ ( الفادى و المحرر و المخلص ) . وقد قتل من أجل فــــداء البشرية ويسمى بـ ( المذبوح أو حامل الخطايا أو الفادى ) . وكان أتباعه يحتفلون كل عام بتمثـــــيل موته ونزوله إلى الجحيم ثم قيامته .
   د ـ  الإله ( أوزوريس ) : كان يعبد عند قدماء المصريين ، وقد ولد من عذراء وقتل بعد أن تعرض لخيانة  ومزق جسده وبعد دفنه مكث فى الجحيم يومين أو ثلاثة وثلاث ليـال ثم عاد للحياة ( نفس عقــــــــيدة المسيحيين الحالية فى قيامة المسيح ).
  هـ ـ  الإله ( ميثراس أو ميثرا ) : وهو إله الشمس عند الفرس المولود من عذراء ... وهو يمثل الأصـــــل الذي أخذت منه أسطورة تأليه المسيح ، وكان يوم ميلاده فى الخامس والعشرين من ديسمبر ( نفس تاريخ ميلاد عيسى عند المسيحيين الغربيين ) وتأسست لعبادته كنيسة وكان الميلاد والفصح أهـــــم احتفالاتها . كما كانت الاحتفالات تتضمن : التعميد والتثبيت والعشاء الربانى ( أى نفس عقـــــــــيدة القربان المسيحية الحالية ).
   و ـ  أن عيد دخول المسيح الى الهيكل وتطهير العذراء الذى يقع فى يوم 2 فبراير من كل عام هو من أصل مصرى ، فقد كان المصريون القدماء يعيدون إجلالا وتعظيما للعذراء ( نايت ) .. وفى ذات اليوم يعيـد المسيحيون هذا العيد.
   ز ـ  ان ماجاء عن ولادة ( مرها ) والدة الإله ( ياخوص ) عند الرومانيين يشابه تمام المشابهة ماجاء فى انجيل متى ( الاصحاح الأول ـ من عدد 18 الى عدد 25 ) . وقد فسر القديس جيروم اسم ( مرهــــــا ) باسم ( مريم ) وكانوا يلقبونها ( آلهة البحر ) ويلقبون مريم والدة المسيح الآن ( نجمة البحر ) .
8 ـ كل احتفال رئيسى فى التقويم المسيحى هو استمرار لتقاليد أرستها المعتقدات الوثنية السابقة ، وقـــــــد
     قامت الكنيسة بتبنى هذه المعتقدات وحولتها الى عقيدتها .  وفيما يلى بعض الأمثلة :
     أ ـ  عيد الميلاد :  يعتقد المسيحيون أن يوم ميلاد المسيح يقع فى الخامس والعشرين من شهر ديســـمبر وهذا اليوم هو نفسه تاريخ مولد الشمس فى التقويم اليوليوى ويرتبط بالانقلاب الشتوى للشــــــمس الذى كان يطلق عليه أتباع عبادتها ( مولد ) الشمس . وقد ولد العديد من آلهـــــــة الشمس فى العالم القديم فى ذلك التاريخ . .. فضلا عن كونه منقولا عن احتفالات مولد كل من الإلهين ( باكـــوس )   و(ميثرا ) كما فى البند السابق .
    ب ـ يوم الأحـــد :هو يوم الشمس ، وهو اليوم المقدس لإله الشمس  ( أبولو ) وهو الإلــــه الجـــــــامع للإمبراطورية الرومانية خلال عهد الإمبراطور قسطنطين .
    ج ـ الرهبان والراهبات : كان لهذا النظام مكانة فى عبادة إله الشمس ( ميثرا ) حيث لجأ الرهبان إلى حلق دائرة في وسط شعر الرأس تمثل قرص الشمس .ومن يراقب احتفالات الكنيسة الكاثوليكية يلاحـــــــظ ذلك على رهبانها حتى الآن.
    د ـ  الصـــليب :  لم ينشأ هذا الرمز مع النشأة الأولى للمسيحية ، وكان أول من جعله رمزا للمســـــــيحية الإمبراطور قسطنطين الذي قال أنه رآه في المنام . وكان الصليب ذا مكانة بين عباد الشـــــــمس  في الإمبراطورية الرومانية كرمز للحياة .
 وهناك صليب مصري سابق على المسيحية محفوظ في المتحف البلدي بالإسكندرية ، كذلك عثــــر على صليب من عهد قبل المسيحية في أيرلندا .
9 ـ ان ( بولس ) الذي يعتبر المؤسس الحقيقي للمسيحية والذي نشأ في بيئة وثنية عريقة يقرر ( أنه قـــبل
     كثيرا من العقائد الوثنية ليقرب بين أتباع هذه العقائد وبين أتباع الديانة المسيحية ) . وقال بالحرف فـى
     سفر كورنثوس الأول : (( استعبدت نفسي للجميع لكي أربح الكثيرين . صرت لليهودى كيهودى لكي أربح اليهودى، وللناموسيين كالناموسيين ، ولغيرهم كأنى بغير ناموس )) ...  أي أنه بدلا من أن يغير كل طائفة أصبح يتغير هو من أجل أن يربحهم ، بل ويغير التعاليم السماوية فى سبيل إرضائهم .
  وكانت النتيجة أن اختلطت الوثنية بالوحى الالهى بغية اكتساب مزيدا من أتباع لهذه العقيدة .
10 ـ  إن عقيدة الصلب والفداء والخلاص تؤدى حتما إلى مفسدة الأخلاق والتواكل وتحض على الرذيلة ..  ..
        لأن الذي يعتقد أن الإله صلب من أجل أن يكفر خطيئته وأن الإله القادر يحبه إلى هذا الحد فإنه لا يعمل الصالحات بعد ذلك ولا يعترف بأداء الواجبات الدينية . فإذا كان الإله قد صلب نفسه وضحى بنفســـــه ليخلص ( أتباعه ) من الموبقات ... فأى ضرر على الإنسان وأى خوف عليه من ارتكاب الموبقـــــــات بعد ذلك ؟؟؟  .  ثـــم :  إن القادر الذي قتل نفسه رحمة بى ... أفلا يكون من المعقول أن أتوكل عليـــــه
        فى أن يرسل لي كل ما أشتهيه بعد ذلك وأنا نائم في منزلى ؟؟؟ .  إن الإله الذى صلب لكى يخلص مــــن آمنوا به قد مهد لهم السبيل الى الإباحة المطلقة لأن يزنوا ويلوطون ويقامرون ويسرقون ويقتلون ولا يبالون .  ألم يصلب ليخلصهم من خطاياهم  ؟  فلا خوف إذن على من آمن بصلب المسيح من جـــرير مطلقا .
          ونظرة سريعة على المجتمعات الغربية المؤمنة بهذه العقيدة وما ينتشر فيها من زنا وكل أنـــــــــواع الفواحش من سرقة وقتل وزواج المثل وإقرارها من قبل الحكومات وانتشار العرى والقنوات الإباحيــــة الفضائية ... كل ذلك نماذج حية ناتجة عن خلاصهم من ذنوبهم بموجب هذه العقيدة .
11 ـ ان الذات الإلهية الواجبة الوجود والمجردة عن المواد لا تتأثر حتماً بشيء مما تتأثر به الأجسام البشرية من عوارض اللذة والألم وإلا صارت ممكنة كسائر الممكنات .
         ومن الغريب أن تنص العقيدة على أن  ( تألم ) المسيح لم يكن فى جسده فقط بل كان أيضا فى ذهنـــــه وروحه ( لأن حزنه على خطايا الناس كسر قلبه المحب )  ... ومعنى ذلك أن الآلام لم تقف عند جســــــد عيسى بل تعدته إلى لاهوته .  وإذا كان الإله قد ابتلى بمثل هذه البلوى فهل يصح فى العقــول البشـــرية أن يرتجى لدفع ملمة ...  أو يقصد لنفع أو ضــــر  ؟؟؟؟؟
12 ـ  لنفرض أن العقيدة بالكامل صحيحة وأن الإله قد مات وذاق مر العذاب ودخل الجحيم من أجل خلقه ...
        فهل هذا من أجل كل الناس ( حتى الذين صلبوه ) ؟ أم من أجل فئة المؤمنين به فقط ؟؟ ...  فإن قــــيل للمؤمنين به فقط فإن المسعى قد خاب والتضحية لم تحقق هدفها ولم يفد صلب الإله شيئا ولـــم يشـــف غليلا لأن الخطيئة التى انقلبت الطبائع الإلهية من أجلها لا تزال موجودة إلى الآن فى أبشع صورها في كل المجتمعات المسيحية التى تؤمن بهذه العقيدة .
13 ـ  لنفرض ثانية أن العقيدة صحيحة وأن المسيح ـ وهو الله ـ نزل الى كوكب الأرض ليفتدى البشر تكفيرا عن خطاياهم التى تعود الى أول خطأ ارتكبه أبوهم آدم ـ وتوارثوه ـ بأكله من الشجرة . إلا أن السـؤال
        الواجب هو  :  ما ذنب البشر الذين آمنوا بالله فى ظل الأديان السابقة ( منذ أول رسول أرسل الـــــــــى البشرية حتى عيسى عليه السلام ) وماتوا قبل أن يروا المسيح ويؤمنوا بهذه العقيدة ؟ ... ولمـــــــاذا تختص أمة بعينها برحمة ومغفرة الله ( إذا آمنت بالصلب والفداء والخلاص ) ولا تعود هذه الرحمـــة  إلى من سبقها من الأمم ممن لم تنزل عليهم هذه العقيدة كتشريع سماوى ؟؟؟ .
           ولنضرب لذلك مثلا : لو افترضنا شخصان آمنا بالله الواحد وبكل كتبه ورسله واليوم الآخر أحدهما  فى زمن موسى والآخر فى زمن عيسى ، وكل منهما ارتكب كبائر كثيرة ( زنا ـ قتل ...  الخ ) فـــــإن الأول سوف يعذب لارتكابه الكبائر طبقا لشريعة موسى وأحكام التوراة ، في حين يدخل الآخر الجنـة  بغير حساب وسوف لا يعذب لمجرد إيمانه بعقيدة الصلب والفداء والخلاص . والنتيجـــــة : أن الأول  سوف يعتبر ( مظلوما ) لأن الشريعة السماوية قد حابت وانحازت لأمة لاحقة بعينها فأدخلتها الجنة بلا حساب، وتجنت على ما سبقها من عشرات الأمم فأدخلتها النار عقابا لها على ارتكابها لكبائر الذنوب .
            إن هذه العقيدة تنسب الظلم الى الله تعالى والتفرقة بين عباده وشرائعه ، ومحال أن يكون الله ظالما .
14 ـ  ان فكرة سفك الدم كضرورة لإطفاء سخط الله دخلت المسيحية من تصورالانسان البدائى عن اللـــــه ، وتصورات بنو اسرائيل بأنه ((  إله غيور ، نار آكلة ، يحمى غضب الرب إلهكم عليكم فيبيدكم عــــن  وجه الأرض ))  ..  ( سفر التثنية ـ 6 : 15 ) . هذه التصورات هى دلالات قوية على مزج كلام اللــــه  بشعائر دخيلة من أمم الشعوب الوثنية . لهذا ابتعث الله عيسى بن مريم لتنقية التوراة  مما دخل عليها
        فصرح قائلا : ((  لا تظنوا أنى جئت لأنقض الناموس والأنبياء ، ماجئت لأنقض بل لأكمل ))  ...  ...
        ( متى 5 : 17 ) .
            ان فكرة  ( الاستعاضة ) أو ( الضحية العوضية للمغفرة ) غير معقولة ولا معنى لها بل وظالمة.
        ونحن لا نجد أى ارتباطات بين الخطيئة والدم ، وأن ما هو ضرورى لتطهير الانسان من الخطيئة ليس هو الدم ولكن التوبة الصادقة وتأنيب الضمير والمثابرة على الجهاد ضد الميول الشريرة وتنميــــــــة الشعور بالرحمة أكثر نحو الجنس البشرى والتصميم على إنجاز إرادة الله .
           إن المنهج المسيحى للخلاص ليس فقط لاأخلاقيا ولا منطقيا ومعتلا ... بل أيضا لا سند له فى كلمات
        المسيح .
           ولهذا ... فان عقيدة الكفارة مختلة للأسباب الآتية :
   أ ـ    ان الانسان لم يولد بالخطيئة .
  ب ـ   ان الله لم يطلب ثمنا ليغفر للخطاة .
  ج ـ   ان فكرة الاستعاضة أو الذبيحة العوضية ظالمة وقاسية .
   د ـ    وأن خطيئة الانسان لا تؤذى الله حتى أنه أرسل ابنه للفداء ولتكفير خطايا البشر ، ولكن هذه الخطيئة
          تؤذى الانسان ذاته .
      ان وصمة الخطيئة في أنفسنا يمكن محوها ليس بعذاب أو بموت إنسان آخر سواء كان الأخير راضيا أو
  غير راض ، ولكن بتوبتنا الشخصية والابتعاد كلية عن فعل الشر والمثابرة على فعل الخير ... وهذا مايأمــر
  به الإسلام .
      وهكذا ـ عندما عصى  آدم ربه ندم وتاب وأذعن ذاته كلية لله فغفرت خطيئته . فلا توريث إذن لخطـــــيئة
  آدم لأولاده ، ولا تتطلب عذاب الموت للمسيح للمغفرة . إن عقيدة الكفارة والخلاص والفداء إنتهاكا لعدالـــة
  الله ورحمته لأنها تنسب له توريث خطيئة لم يرتكبها أحد .
      إن الإسلام يعد بالخلاص ( بمعنى : تحقيق الاقتراب إلى الله وتنمية الأعمال الصالحة في الإنسان ) وذلك لجميع الذين يؤمنون بالله ويعملون أعمالا صالحة .
     ((  بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون  )) .
 ( سورة البقرة / 112 )
                   ثانيــــــاً: عقـــيدة الثـــالوث            

** أساس العقيدة  :
      *********
   تتلخص العقيدة فى أن الله مركب من ثلاثة أقانيم ( أى ثلاثة حقائق ) كل أقنوم متميز عن الآخر بوجوده
الخاص ، وهو ( ذات ) لا ( صفة ) ولكل أقنوم أوصاف تميزه عن الآخر . فأحدها يقال له ( الأقنوم الأول )
وهو أقنوم الأب ويعتبر أصل الأقانيم . يليه الأقنوم الثانى وهو أقنوم الابن وهو صــــــدر عن الأقنوم الأول
كما يلى : ان للأقنوم الأول عقلا وتفكيرا ففكر فى لاهوته ( ذاته الالهية ) فتولد من ذلك التفكير أقنوم الابن
وهذا الأقنوم مماثل لأقنوم الأب تماما وطبيعتهما واحدة كالصورة التى تنطبع في المرآة فتكون ممــــــــاثلة
لأصلها من جميع الوجوه... إلا أن له وجودا خاصا به . ويسميه البعض ( صورة عقل الأقنوم الأول ) لأنـه
تولد من تفكيره فكان صورة لعقله ، كمـــا يسميه آخرون ( كلمة الأقنوم الأول ) لأن التفكير يعبر عنــــــــه
بالكلام ، ويسميه آخرون ( ابنــــــا ) لأن الابن يصدر عن الأب وفيه بعض الشبه ... أما هذا فإنه مثل الأب
من جميع الوجوه .
    أما الأقنوم الثالث فقد صدر عن الأب والابن معا بفعل الارادة والمحبة لا بفعل العقل . فالاله الممتزج من
الأب والابن أحب ذاته فتولد من ( هيجـــان ) الحب أقنوم ثالث مســــاو في طبيعته للآخرين ....  ويســمى
( روح القدس ) .
    فالاله الواحد مركب من ثلاثة أقانيم يتميزون عن بعضهم البعض ، ومتساوون أيضا مع بعضهم البعض
ولا يسبق أحدهم الآخر فى الزمن أو القدرة وإنما هم جميعا أزليون وقادرون لأن لهم نفس القدرة الإلهيــة .
والايمان الجـــامع هو عبادة ( إلها واحدا في ثالوث ، وثالوثا في وحدانية ) .
    ولقد اتحد أقنوم الابن مع دم مريم فتجسد وظهر في جسد المسيح . فالمسيح من حيث كونه أقنوما   ...
إله كامل ، ومن حيث كونه جسدا بشريا  ...  إنسان كامل .

  **  الرد على عقيدة الثالوث  :
       ****************
1 ـ  تملكت العقيدة المسيحية نفوس معتنقيها تحت تأثير أنها فوق العقل ومادام أتى بها كتاب مقدس فينبغى
      الإذعان لها حتى ولو كانت بديهة العقل تقتضى بطلانها ، مع أن الأديان ماجاءت إلا بما ينطبق علـــــى
      العقول السليمة . فمحال أن يأتى رسول يدعو الناس إلى إله واحد ثم يقول لهم أن هذا الواحد مركــــــب
      من ثلاثة حقائق متماثلة متميزة متحدة ومع ذلك هو واحــــد . ولو قال لهم الرسول أن التناقض الظاهر
      لكم فوق عقولكم ... لما آمن  له أحد ، ولفضلوا عبادة الأوثان التى لا تعقيد فيها عن هذه العبادة التــــى
      تخالف بديهة العقل وتصدم الحس .
         ويقول ( المانفســـتو ) الكاثوليكى لأتباع الكنيسة : ((  إننا لا نستطيع فهم هذه الحقيقة ( أى حقيقــة
      الثالوث ) بالكامل لأنه ســـر غيبى ، وفى الآخرة سيكون هناك فهما أكثر لهذه الأسرار  ولكن لن يكــون
      فهما تامـــا وأبديـــا  )) .  فكيف يطلب من أحد الايمان بعقيدة غير مفهومة ولن تفهم فى الدنيـــــــا ولا
      فى الآخرة ؟؟؟؟؟  .  فإذا كانت المسيحية ليست بهذه البساطة فمعنى هذا أنها دين خاص للفلاسفــــــة ،
      ومن ثم فلا شأن لهذا الدين بالبسطاء من الناس وهم الأغلبية الســـــــــاحقة ممن يخاطبون بأي عقيدة
      لاعتناقهــــا والايمان بها .
         وإذا كانت هذه العقيدة تعلو على فهم العقـــل فذلك يعنى إخراج كل عاقل ومفكر من دائرة الإيمان
      الذى لا يقبله العقل أو الفكر . فإذا كان البسطاء من الناس ، وإذا كان العقلاء والمفكرون لا يفهــــــمون
      هذه العقيدة ...   ...   فلم جاءت ، ولمن جاءت ؟؟؟

2 ـ   فى صلب العقيدة :  لا يمكن القول أن المثلين يمكن اتحادهما بحيث يكون أحدهما عين الآخر . فإذا حدث
       هذا الاتحاد زالت شخصيتهما معا ، فإذا زالت لابد أن تحل بعد زوالهــا شخصية أخرى وحينئذ فلن يكون
       هذا الاتحاد قائما . أما إذا بقيت شخصية كل منهما ولم تزل فلا يكونان متحدين . وإذا انعدمت شــخصية
       أحدهمــــا ولم تنعدم الأخرى لا يتأتى الاتحـــاد ... إذ لا اتحاد بين الموجود والمعدوم .
                                                         
3 ـ  لا يصح القول أن أجزاء الشىء عينه . فلو كان الإله مركبا من أجزاء لكان كل جزء من أجزائه مقدما
      عليه فى الوجود بالضرورة ، لأن الجزء مقدم على الكل عند جميع العقلاء . ولو كان الجزء مقدمـــــا
      لكانت مرتبته فى الألوهية مقدمة .. فكان هو أحق بأن يكون إلها من الكل .  فنظرية التثليث مستحيلـة
      الوقوع بالنسبة للإله والمخلوقات على الســـواء .

4 ـ  أن القول بوجود ثلاثة أقانيم ( متميزة ) يسوق حتما إلى القول بتعدد الآلهة لأن ( التميز ) يعنــــــــــى
      ( المغايرة ) و ( الانفصال ) و ( اختلاف الشىء عن شيء آخر وانفصاله عنه ) .  فلا يمكن أن يستقيم
      القول بأن الأقانيم الثلاثة إله واحد .

5 ـ  تتضمن العقيدة أن المسيح هو ( الابن الوحيد للرب وولده البكر ) . .. بينما تناقض كتب المســــيحيين
      وأسفارهم هذه العقيدة ...  وفيما يلى بعض الأمثلة :
      أ  ـ  ورد فى انجيل لوقا بالاصحاح الثالث أن آدم ( ابن الله ) .
     ب ـ  ورد فى العهد القديم ( التوراة ) عن النبى يعقوب :  ((  هكذا يقول الرب: اسرائيل ابنى البكر  )) .
     ج ـ  ورد فى التوراة ـ المزمور التاسع والثلاثين : ((  يقول الله عن داود: هو يدعوننى أبا وأنا أيضا
           أجعله ابنى  )) ... ثم يترنم داود فرحا بهذه البنوة فيقول : ( قال لى أنت ابنى ، أنا اليوم ولدتك ) .
      د ـ  جاء فى أخبار الأيام الأولى  على لسان الله عز وجل عن سليمان : ( هو يكون لى ابنا وأنا له أبا ) .
    هـ ـ  أطلق لوقا الاسم نفسه على الملائكة فقال :  ( لأنهم مثل الملائكة وهم أبناء الله ) .
     و ـ  فى سفر التثنية بالتوراة أطلق هذا الاسم على البشر جميعا فقال : ( أنتم أولاد للرب إلهكم ) .
           فكيف ـ إذن ـ يطلق على المســيح ـ بعد هذا كله ـ أنه ( ابن الله الوحيد ) و ( ابن الله البكر ) بينمـا
       له كل هؤلاء الأشـــقاء والإخوة من الأنبياء والبشر والملائكــــة ؟؟؟

6 ـ  تنص العقيدة على أن الأقانيم الثلاثة ( لا يسبق أحدها الآخر فى الزمن ) .. كما تنص أن  ( الأقنـــــوم
     الأول وهو أقنوم الأب فكر في لاهوته فتولد من ذلك التفكير أقنوم الابن ، ثم أحب الاله الممتزج مــــن
     الأقنومين ذاته فتولد من هيجان الحب أقنوم روح القدس ) . ولو قارنا النصين لوصلنا حتما الـــــــــى
     وجود سابق لأقنوم الأب على أقنوم الابن ، لأن معنى العقيدة أن أقنوم الأب كان قبل وجود أقنوم الابن
     الذى نتج عن تفكير أقنوم الأب فى ذاته ...  فكيف يمكن القول بأن أيا منهما لا يسبق الآخر فى الزمن ؟
     وكذلك الحال فى أقنوم روح القدس الذى كان نتاجا لمحبة الأقنومين الأول والثاني ، إذ يؤدى ذلك إلى
     القول بأن الأقنوم الثالث صدر بعد وجود الأقنومين الآخرين وإلا لما كان نتاجا لهما .
        وبمعنى آخر :  كيف يمكن إطلاق اسم ( الأب ) على أقنوم بينما هو موجود في نفس اللحظة التي
      وجد فيها أقنوم ( الابن ) ووجد فيها أقنوم ( روح القدس ) ؟؟؟

7 ـ  ان التفسير السابق فى كيفية وجود الأقانيم يستلزم أن تكون مرتبة الأب أعلى من مرتبة الإبن وذلــــك
      يستدعى أن يكون الأقنوم الثانى ( أثرا ) للأقنوم الأول . فمن يطلع على كتب المسيحيين يرى أنهــــــم
      يجمعون على أن الأب ( ينبوع ) الابن وأن الابن صادر عن تفكير الأب فيكون بالتالى  ( أثر إلـــــــه )
      حــــــتما .
         وخلاصــــة القــــول  :  إذا وجدت ثلاثة حقائق قائمة بنفسها مجردة عن المادة أزلا ، وكل واحـــــد
      منها تقتضى ذاته الوجود فلا معنى لهـــذا إلا (  وجود ثلاثة آلهـــة كاملـــة )  لأن الذى ذاته تقتضـــى
      الوجود يكون إلهـــا كاملا من جميع الوجوه . ومتى ثبت أن هذه الصفات يجب أن تكون كاملة فإنـــــه
      يستحيل اتحـــادها لأن معنى الاتحــاد فناء إحـــدى الصفات فى الأخرى ...  والعقيدة تقول بغير ذلك .

8 ـ  ان لفظة ( الثالوث ) لم ترد فى الأناجيل عدا انجيل متى ، كما لم ترد آية واحدة فى التوراة تصــــــرح
      بالثالوث ، وإنما وردت هذه الكلمة فى مؤلفات المسيحيين الأولين مما يدل على أنهم فهموا الأناجــيل
      من هذه الحيثية . كما أن بعض هذه الآيات قابلة لتفاسير مختلفة . وقد ابتدأ الجدال فى اللاهوت فــــى
      العصر الرسولى وأول من استعمل كلمة ( الثالوث ) هو ترتليانوس . والغريب أن يسلم المســـيحيون
       بأن المسيح لم يقل لهم أنه إلـــه أو إبن إلــــه ولم يبين لهم هذه العقيدة .
          والحقيقة أنالأبيونيون كانوا يعتقدون أن المســـيح إنســـان محض .  والســـابليون كانوا يعتقدون
       أن الأب والابن والروح القدس صور مختلفة أعلن اللـــه بها نفسه للناس . والأريوسيون كـــــــانوا
       يعتقدون أن الابن ليس أزليا كالأب بل هو مخلوق منه وهو دون الأب .  والمكدونيون أنكروا كـــــون

      روح القدس أقنوما . ثم جـــاء المجمع النيقاوى سنة 325 للميلاد ومجمع القسطنطينية ســنة 381
      وقررا العقيدة الحالية للمســـيحيين .فالمسألة ليست مســـالة كتاب مقدس وإنما هى مسألة جمـاعة
      يقررون مايشـــاءون ويحكمون بما يريدون  .
          والســـؤال هو :  هل مسائل الوحى الذى من عند الله تفصل فى أمره المجتمعات كما تفصـــل فى
      الأمور السياسية ؟
       
9 ـ  فى كل الأديان السماوية يعبد الانسان الله دون أن يراه ، ورغم ذلك فهو يؤمن إيمانا جازما بوجـوده
      رغم أن حواس الانسان كلها لا تدركه إلا أن دلالات وجوده مؤكدة بلا أدنى شك .
         فإذا كانت عبادة الله سبحانه وتعالى منذ خلق الله آدم عبادة غيبية ، فكيف تكون هذه العبـــــادة إذا
      كانت مصحوبة برؤيته رأى العين؟... لاشك أن أسلوب العبادة سوف يختلف نظرا لوجود الخـــــالق
      العظيم بين خلقه ( ومحال حدوث ذلك ) . ومما لاشك فيه أن الأمر سيكون معروفا لدى كل الخلق بأن
      خالقهم يعيش بينهم ...   ...   ولنا أن نتصور كيف يتصرف العباد فى هذا الوقت .  أليس من أبســط
      الأمور أن يسجدوا ليل نهار لله الذى يقف أمامهم ويعيش بينهم ؟ ... أليس من أبسط الأمور أن تتناقل
      الأخبار بين كل الأمم والشعوب فى كل بقاع الأرض بأن الله خالقهم قد نزل إلى هذا الكوكب فتنقــــلب
      الدنيا ويأتى الخلق من كل فج لرؤية خالقهم  وتتواتر الأخبار عن عبادته عبادة مباشرة لا عبــــــادة
      غيبيــــــة  ؟؟ . ورغم أن كل هذا بديهى ومنطقى ولا يمكن حدوث سواه فلم يرد فى الأناجيل أو فــــى
       الآثار المنقولة مايفيد حدوث مثل هذا الأمر الجلل ، كما لم يرد فيها أن أحدا ـ حتى حواريو عيســـى
      وهم الفئة المقربة إليه وكانت تعيش معه على الدوام ـ قد عبده عبادة مباشرة وعلى أى صورة .
          وهذا يؤكد ماورد فى البند السابق من أن بداية إضفاء الألوهية على عيسى بدأت بعد رفعه ولــــم
      تكن موجودة وقت وجوده ، وقد أضيفت إلى العقيدة بعد أكثر من ثلاثمائة عام على رفعه .

10 ـ يؤكد ماسبق ( صورة الحكم الجنائى الذى صدر ضد المسيح من المحكمة الرومانية التى حاكمته بناء
       على طلب اليهود ) . وقد عثرت على هذه الوثيقة بعثة خاصة من الجيش الفرنسى أثناء حمــــــــــلة
      نابليون على الشـــام وعكا وهى مكتوبة باللغة العبرية على صفحة من البرونز ضمن وعاء من الرخام
      الأبيض ، وقد عثر عليها فى دير ( الكابوشيين ) بضواحى مدينة القدس .

      وهــــــذا هـــو نـــص الحكــــم  :

     ((  بيلاطس البنطى حاكم الجليل الأدنى، المتسنم رئاسة مجلس الشـــيوخ  ...
          يحكم على ( يســـوع الناصرى )  بالموت على الصليب  ( بين لصين )  للأســــباب الآتية :
          أولا  :  أن يسوع مضلل.
          ثانيا  :  أنه عدو للشريعة.
          ثالثا  :  أنه يدعى نبوة اللــــه باطلا.
          رابعا :  أنه ضــــــال.
          خامسا :  أنه يدعى ملك إسرائيل باطلا.
          سادسا :  أنه دخل الهيكل والجموع تتبعه بسعف النخل.
          وبناء عليه : فإن بيلاطس يأمر ( كرينوس ) قائد المائة أن يقود المجرم إلى مكان العقاب . ويحظر
          على أى شخص أن يسترحم السلطة بشأن هذا العقاب  )).

          ويدل هذا النص وحيثياته على أن جريمة المسيح الكبرى فى نظر اليهود والمحكمة هي مايلي :
         أولا  :  أنه يدعى ملك اسرائيل .
         ثانيا  :  أنه يدعى  النبـــوة .
         وبداهة لو كانت هناك اتهامات أخرى لوردت فى حيثيات الحكم التى كانت تتصيد كل شبهة .
         وإذا كان ادعاء النبوة يستحق القتل والصلب ، فماذا يستحق ادعاء الألوهــــية  ؟؟؟ وهل كان الحكم
         سيتجاهل ادعاء الألوهية لو صدر عن عيســــى ؟؟؟                               
            ان المسيح عليه السلام لم يقل بـ ( ألوهيته ) مطلقا ولم يحد عن دعوى ( النبوة ) مثقـــــــــــال ذرة واحـــــدة .
11 ـ  تبين عقيدة الثالوث أن الله مركب من ثلاثة أقانيم ( متحدة ) وهى فى مجموعها إله واحد . والسؤال
        هو :  مادامت هذه الأقانيم متحدة فكيف يمكن القول بأن أقنوم الابن قد انفصــــل عن الأقنومــــــــين
        الآخرين وحل فى جسد عيسى ؟ . وبمعنى آخر :  كيف يمكن الجمع بين ( الاتحاد ) و ( الانفصـــــال
        للحـــلول ) فى نفس الوقت رغم التعارض الكامل بينهما ؟؟؟  ...   اللهم إلا إذا سلمنا بأنه نظرا لعدم
        قابلية الانفصال فإن الحلول يكون حاصلا من الأقانيم الثلاثة وذلك يوجب بالبداهة أن الاله المتحد
        بجسم عيسى بأقانيمه الثلاثة قد مات فى حال صلبه أى تعطلت روحه عن العمل .وحيث أن العقيـــدة
        تقول بأن المسيح ( أى الله ) قد أدخل نفسه جهنم ثلاثة أيام لتكفير خطايا البشر ( خلقه وعبـــــاده )
        فيكون بالتالى هذا الكون المتسع واللانهائى بلا رب يرعاه وبلا أيد قادرة تمسكه وتحفظه من الزوال
        لأن الإله خالقه يعذب نفسه فى جهنم من أجل تكفير خطايا خلقه   ... أليست هذه نتائج العقيدة ؟؟
12 ـ  ان مصطلح ( الله والابن والروح القدس ) لم يرد بهذا الشكل إلا فى انجيل واحد فقط من الأناجيــــــل
        الأربعة هو انجيل متى . وعبارة ( من رأى الابن رأى الأب ) وعبارة ( الأب والابن واحد ) لا نجـدها
        إلا فى انجيل يوحنا فقط . فلماذا لا تتكرر هذه العبارات بين صفحات الأناجيل الأخرى وهى الأســـاس
        فى العقيدة المسيحية  ؟؟  وإذا كان يوحنا هو الشاهد الوحيد ( كما يعترف المسيحيون ) بين كتبــــــة
        الأناجيل على ماجرى فى زمن المسيح باعتباره تلميذا له ... فلماذا لم ينص على هذه العقيدة صراحة
        فى انجيله وعلى لسان المسيح نفسه ؟؟
           إن تناقض الأقوال فى الأناجيل فى صلب العقيدة أو غموضها دليل قاطع على عدم إلهامية هـــــــذه
        الكتب ، لأنها لو كانت من عند الله ماكان فيها تناقض لأن كلام الله لا يتناقض . وإذا تناقض إنجيـــلان
        وقلنا باحتمال إلهامية الأول وعدم إلهامية الثانى فمادمنا لا نعرف الالهامى منهما فالشك ينسحب على
        الاثنين . وإذا سلمنا بعدم الهامية الأناجيل فإن العقيدة التى تقوم عليها تكون باطلة لأنها ليست مـــــن
        عند الله بل من عند البشر ، والبشر غير مؤهلين ولا مفوضين من قبل الله للقيام بهذه المهمة.
مراجع هذا البحث :
1 ـ   كتاب حوار صريح بين عبد الله وعبد المسيح    للدكتور عبد الودود شلبى    طبعة 1993
2 ـ   كتاب أدلة اليقين       عبد الرحمن الجزيرى    طبعة 1934
3 ـ   كتاب الأناجيل ـ دراسة مقارنة     أحمد طـــاهر     طبعة 1991

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..