الصفحات

الأربعاء، 11 أبريل 2012

رسالة شكر وامتنان، وشهادة تقدير وعرفان إلى المناضلين العظيمين الدكتور سفر الحوالي، والدكتور سلمان العودة

رسالة شكر وامتنان، وشهادة تقدير وعرفان إلى المناضلين العظيمين الدكتور سفر الحوالي، والدكتور سلمان العودة


تحية النضال والثورة على الأغلال من أجل الحرية والحقوق والمساواة! هذه كلمات نرفعها إليكم ـ أيها المناضلون العظماء ـ لنسجِّل للناس جميعًا، وللأجيال القادمة؛ شكرنا وامتناننا وتقديرنا
للإنجازات العظيمة التي تمكنتم من تحقيقها، فقد كسرتم بابًا مغلقًا عجز غيركم عن فتحه أو كسره، وسلكتم طريقًا خطرًا جبنَ غيركم عن طَرقه، وزلزلتُم بنيانًا متماسكًا يئس الناس من هدْمِه، فحُقَّ لألسنة الشرفاء أن تجهر بالثناء عليكم، وتُخلِّد ذكركم، وتعترف بسابقتكم وفضلكم.

والقصة يعرفها الجميع؛ فقبل قرنٍ من الزمان جدَّد الملك عبد العزيز حكم آل سعود على منهج آبائه القائمِ على التحالف بينهم وبين رجال الدين الذي ينهجون منهجًا سلفيًّا متزمتًا، يعتبر (التوحيد) الغايةَ الكبرى، والمقصد الأعلى؛ من هذه الحياة، وبالتالي يجعل أهم وظائف الدولة: حمايته، ونشره، وتنشئة الأجيال عليه، والدفاع عنه، الأمرُ الذي نتج عنه قيام آل سعود بفرض فكر رجال الدين على الجماهير في جميع نواحي الحياة، وبمصادرة الحريات، والانغلاق التام على رؤية نصوصية تفسر حركة الكون والإنسان والحياة تفسيرًا كليًّا واحدًا يتلخص في أن التوحيد، وإخلاص العبادة لله، والتمسك بدينه؛ هو الحقيقة المطلقة التي يجب أن تخضع لها العقول والأفكار والنظريات والممارسات. كانت السلطة الدينية تعرِف جيدًا أنها لن تستطيع فرض رؤيتها الرجعية على الجماهير إلا بقوة السلطة السياسية؛ لهذا جعلت من إستراتيجيتها المحافظة على تحالفها معها، بحيث أنها جعلت الإقرار بشرعيتها، والالتزام بذلك؛ جزءًا لا يتجزَّأ من مقولاتها الدينيَّة، وهكذا صار من يطالب الحكومة بالحقوق والحريات المدنية؛ يصطدم بالسلطة الدينية، التي جعلت من مهماتها توظيف نصوصها التراثية في الدفاع عن الدولة، وهي في الحقيقة تدافع عن نفسها، لأن قدرتها على فرض مذهبها الديني رهنٌ بقوة الدولة التي تحالفت معها. وهكذا ـ أيضًا ـ صار من يعارض السلطة الدينية، ويطالب بحرية الدين والفكر؛ يصطدم بالسلطة السياسية التي جعلت من مهماتها الدفاع عن رجال الدين، والتمكين لهم، وفرض احترامهم على المجتمع، وهي في حقيقة الأمر إنما تدافع بذلك عن كيانها ووجودها، لأن شرعيتها رهنٌ بتأييد رجال الدين لها. ورغم أن عبد العزيز وأبناءَه قد أدخلوا على الدولة والمجتمع كثيرًا من التحديث، ودخلوا في أمورٍ يعتبرها رجال الدين من المحرَّمات؛ فإن التحالف بين الطرفين بقي قويًّا ومتماسكًا، لأنَّ الدولة بقيت في خطها العام تقوم بالوظيفة الأهم التي على أساسها قام التحالف: (التوحيد والشريعة). كان هذا العمل مبرَّرًا من الطرفين بنصوص تراثية كثيرة تجعل وظيفة (العلماء) نشر الدعوة، ووظيفة (الأمراء) فرضها على المجتمع، والتماسك بين الطرفين مبنيٌّ أساسًا على الخطة الإستراتيجية التي وضعها نبيُّهم محمد، وتمسك بها أتباعه، وتتلخَّص في ضرورة فرض الرؤية الدينية ومصادرة حريات الآخرين؛ وإن أدَّى ذلك إلى خسارة مادية، وتضحيات دنيوية، وكما قال محمد: ((اسمع وأطع؛ وإن أخذ مالك، وجلد ظهركَ))؛ فإن الصبر على هذه الحال خيرٌ ـ عند أولئك المتدينين ـ من تضييع (الغاية من هذه الحياة) وهي ـ كما يزعمون ـ: (التوحيد الذي هو حق الله على العبيد)!!

ومنذ سنوات طويلة ناضل الشرفاء في جزيرة العرب من أجل نيل حقوقهم وحرياتهم الدينية والمدنية؛ لكنهم وجدوا السلطتين الدينية والسياسية صفًّا واحدًا ضدَّهم، ولم يتمكن الشرفاء من إحداث فتق بينها، وكلما حاولوا مواجهة واحدةٍ منهما؛ وجدوا الأخرى تبادر إلى مواجهتهم أيضًا. ومرَّت السنوات العجاف، وكاد أن يدخل علينا اليأس والإحباط؛ لولاكما، أيها المناضلون الشرفاء!

لقد كانت صدمة قوية للسلطتين أن تَخرجا ـ أيها العظيمان ـ من عباءة رجال الدين؛ وقد درستما العلوم الشرعية، وتخرجتما من المدارس والجامعات الدينية، وحصلتما على أعلى الشهادات فيها، ونلتما ثناء وإعجاب أشهر المرجعيات الدينية، لكنكما فاجأتما الجميع بمواجهة السلطتين: الدينية والسياسية معًا. إنَّ ألسنتنا لتعجز عن التعبير عن إعجابنا وانبهارنا بعبقريتكم وذكائكم الذي ظهر في تلك المواجهة. فقد استطعتم من إشغال السلطتين وإرباكهما في وقتٍ واحدٍ. فالدينية: بإسقاط هيبتها واحترامها أمام الجماهير، والطعن في ديانتها وعلميتها، وفي أمانتها ونزاهتها، وفي قدرتها على القيام بدورها، وباتِّهامها بعدم فقه الواقع. والسياسية: بتكفيرها تارةً، واتهامها بالفساد والظلم تارة أخرى، وثالثة: بمطالبتها بالحقوق وإطلاق الحريات، وإقامة المجتمع المدنـي. وهكذا دخل الخلل في تحالف السلطتين، خاصة بعد أن عجز رجال الدين عن مواجهتكم، أو معالجة مشكلتكم، لأنكم ـ في الظاهر ـ من أتباعهم، وخريجي مدرستهم، ولأول مرة شعر آل سعود أن العلماء قد خذلوهم، وبدؤوا في حل المشكلة بأنفسهم، فلم يجدوا بُدًّا ـ خاصة مع وجود الضغوط الخارجية ـ من إطلاق بعض الحريات، وإقرار مبدإ الحوار والاستماع إلى الرأي الآخر بدلاً من مصادرته، ومنح الآخرين شيئًا من الاعتبار في المجتمع، وصار بإمكان الواحد منَّا أن يكون له حضور في المجتمع، وصارت الدعوة إلى الحرية والتعددية والانفتاح أمرًا مقبولاً إلى حدٍّ ما، والأهم من هذا كله صار انتقاد رجال الدين وتسفيه مقولاتهم مشاعًا لكلِّ أحدٍ.

إن هذا الإنجاز التاريخي العظيم الذي تحقق على أيديكم؛ هو الأساس القوي الذي سيزيل الأُحادية الدينية، ويسقط سلطتها، ويفسح المجال لإطلاق الحريات الدينية والمدنية، وإن الجماهير والأجيال القادمة لن تنسَ لكما فضلكما وعملكما المتفرِّد، وعندما يتحقق لها حلمها الكبير؛ فإنَّها ستبادر إلى صنع تمثال عظيم لكلِّ واحدٍ منكما، ينصبُ في بُريدة وجدة، لتتذكر الشعوب المقهورة أعمال المناضلين من أجلها. دمتم، ودامت الحرية وإرادة الشعوب!

التــوقـــيـع: لفيف من رفاقكم من الليبراليين والعلمانيين واليساريين وشيعة أهل البيت
بقلم  : عبدالحق التركماني


بالطبع لا أوافق على كثير مما ينشر في المجموعة ولكنه رصد الحراك في الساحة الفكرية السعودية.. ومن حق محبي الشيخين يحفظهما الله الرد والتصويب.. عبدالعزيز قاسم


أخي أبا أسامة ، برجاء نشر هذه الرسالة من باب تعدد الرأي في هذه المجموعة المباركة.. مخلص


1477

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..