الصفحات

الثلاثاء، 3 أبريل 2012

الكبيسي يقلد غلمان فارس في نقده لمعاوية رضي الله عنه

ردا على افتراءات الكبيسي
استمعت إلى الكلام القبيح الذي فاء به الكبيسي عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه وأرضاه ، وساءني مافيه من مجافة للإنصاف ، وولوغ في عرض معاوية بظلم وإجحاف . وجهل بالتاريخ ووقائعه ، وتعالم فجّ من رجل كنّا نحسن الظنّ فيه ، فإذا هو

يهوي في مهاوي الجاهلية ، ويجدّد أحقادا قد تناستها الأمة ، وطوت أخبارها بما فيها .

ووجدته يقلّد في ذلك غلمان فارس الذين ساءهم ضياع حلمهم الكسروي على يد خير أمة أخرجت للناس . فشانوا تاريخنا بالكذب ، وربوا صبيانهم على الحقد .. فخرج دينهم للوجود مزورا فسادا ، لا تُوارى سوأته ، ولا تُستر عورته .
ولي مع ما قاله وقفات :

1-زعم الكبيسي أن معاوية ارتدّ يوم حنين !

 وسأرد على هذه الفرية من وجوه :

أولاها : ما مصدر هذا الخبر ، ومن صححه من الأئمة ؟

ثانيها: هل يصح عقلا ودينا أن يرتد معاوية ولم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بإقامة الحدّ عليه ، بعد أن أظفره الله على المشركين يوم حنين .

وإن لم يتمكّن منه النبي صلى الله عليه وسلم كيف يصح أن يتركه أصحابه بعد أن استتبّ لهم الأمر ؟ ودالت لهم دولة كسرى والروم ؟
ووقائع التاريخ تكذّب هذه الردة المزعومة التي لا يردّدها ولا يؤمن بها إلا أجهل العالمين كالشعية . فمعاوية قد أبلى بلاء حسنا في قتال أهل الردة ، ثم في فتوحات الشام ، حتى ولاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه إمرة الشام . وهو المُحدَّث المُلهم الخبير بمعادن الرجال ، والمعروف بشدته في الدين . فهل يصح عقلا أن يجهل عمر ردة معاوية ثم يوليه على الأرض المقدسة وهي ثغر من ثغور الإسلام ؟

لا يصح ذلك إلا عند الراوفض المبغضين لعمر بن الخطاب . ولا أظن أن الكبيسي منهم .
وكذلك أقره عثمان على ولاية الشام ولم يخلعه عنها .
والذي يدحض هذه الحجة ويبيّن ضعفها وتهافتها ، وقلة عقل من يرددها – مبايعة الحسن بن علي بن أبي طالب لمعاوية رضي الله عنهم، وتنازله عن الخلافة له . ولم يكن السبط ليتنازل عن الخلافة ويعطيها لرجل مرتد من الكافرين ، وإلّا لاتهمنا الحسن في إيمانه ، وحاشا الحسن ومعاوية من الكفر والردة .
وقد أثنى النبي صلى الله عليه وسلم على هذا الصلح قبل أن يقع فقال كما في صحيح البخاري : إن ابني هذا سيد ، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين .

وهذا من دلائل نبوءته عليه الصلاة والسلام.فإن الحسن بن علي هو من أصلح الله به بين الفئتين العظيمتين من المسلمين بتنازله عن الخلافة لمعاوية . والحديث يُثبّت أن الشرع محب لهذا الصلح ومثنٍ عليه. فيا تُرى هل ترضى الشريعة  أن يقود الأمة مرتد ؟ أخبرني يا كبيسي ؟

ثم إنه في الحديث نصّ على أنهم فئتان عظيمتان من المسلمين ، فشهد لهم كلهم بالإسلام مع خلافهم واختلافهم . والذي يحكم على معاوية وجيشه بالردة بعد معرفته لهذا الحديث متهم في دينه وعقله .

ثالثها: لم يثبت عن علي رضي الله عنه تكفيره لمعاوية ، بل الثابت عنه أنه يشهد بأن الطائفتين مؤمنتان وإن حصل بينهم الاختلاف والاقتتال، وهذا مما تواتر عنه . وكذلك ثبّت عنه أنه تندّم على قتالهم لمِا رأى فيه من إهراق لدماء المسلمين .. فهل ترى عليا يتندّم على قتال مرتد ؟ بالله عليك أجبني يا كبيسي .
رابعاً: ومما يثبت كذب هذه الفرية اعتزال خيار الصحابة رضي الله عنهم عن القتال والمشاركة فيه ، كما ثبت ذلك عن سعد بن أبي وقاص وهو من العشرة المبشرين بالجنة ، وابن عمر وهو الفقيه الورع ، وأبي بكرة .. وغيرهم . حتى قال ابن سيرين : هاجت الفتنة وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة آلاف فما حضرها منهم مائة بل لم يبلغوا ثلاثين.

وهل يصح عقلا ودينا أن يترك الصحابة قتال المرتدين كما يزعم الكبيسي وهم الذين قاتلوا مانعي الزكاة مع أبي بكر واتهموهم بالردة ؟

والسؤال: لماذا يتركون قتال معاوية إن لم يكونوا موقنين بإسلامه ، وأن قتال المسلمين فيما بينهم مبني على اجتهاد ظني ، ليس عليه دليل صحيح صريح .

2- قال الكبيسي : إن ابن عمر أخبر معاوية أن لا توبة له !

والجواب على هذا الكلام المضحك من وجوه :

أولاها: مطالبته بإثبات النقل ؟ وأنى له ذلك ، بل هذا الأثر ظاهر عليه الكذب والاختلاق، وسأبيّن ذلك في الوجوه التالية :

ثانيها:مما تواترت به الأخبار ، وعلمه الجاهل فضلا عن العالم من نصوص الشريعة أن باب التوبة مفتوح مالم تغرر الروح .أو تطلع الشمس من حيث الغروب . ولا يُحجّر في باب التوبة أحد إلا جاهل بالشرع . وحاشا ابن عمر أن يكون كذلك .

بل القرآن بعد أن يورد عقائد النصارى المخزية ، كادعائهم الولد لله -تعالى الله- ، وأن له صاحبة .. يقول سبحانه : أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه ؟ والله غفور رحيم .
أترى أن باب التوبة مفتوح لكل أحد ومغلق عن معاوية بالذات ؟ أجبني يا كبيسي بإنصاف .

ثالثها : ذكر في الأثر الذي أورده أن معاوية قال : اللهم إن هذا – يعني ابن عمر- يقنطني في رحمتك وأنا أشهد بأنه لا إله إلا الله . وهذا النص يدل على إيمان معاوية ، ويؤكد على تناقض الرافضة والمقلد لهم كالكبيسي ، فإن الرافضة أجهل الناس ولا علم لهم بالأخبار . فأين ثبوت الردة في رجل يطلب التوبة ، ويشهد أن لا إله إلا الله ، وينكر على ابن عمر قوله .. ويخبره أن رحمة الله أوسع ؟ !


3- يزعم الكبيسي أنه لا يجتمع حب علي ومن قاتله وسبّه . وللرد على ذلك أقول:

هذه قاعدة جاهلة ، وحجة ساقطة ، وهي إحدى قواعد وحجج الرافضة التي يعتمدون عليها .. وإن كان الكبيسي متأثرا بأقوالهم إلا أني أراه ليس منهم .

و معلوم أن من الذين قاتلوا علياً رضي الله عنه عائشة أم المؤمنين ، والزبير بن العوام ، وطلحة بن عبيد الله رضي الله عنهم أجمعين. فهل يجب علينا أن نحب حزبا منهم ونبغض الآخر لوقوع القتال بينهم اجتهاداً؟

أم نسلك طريق المنصفين من أهل السنة المحبين للصحابة المثنين عليهم خيرا ، ونقول : فتنة عصم الله سيوفنا منها ، أفلا يسعنا أن نعصم ألسنتنا منها ؟

فعائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة ، والزبير في الجنة وطلحة في الجنة وتجب علينا محبتهم وموالاتهم وإن قاتلوا عليا .

وأقول :نعم .. ثم نعم .. ثم نعم تجتمع في القلوب السليمة الخالية من أدواء الشبهات محبتهم ومحبة أفضلهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه أجمعين .
وقد قال تعالى : وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما .. إلى أن قال: إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم .

فانظر كيف أثبت لهم الأخوّة الإيمانية مع اقتتالهم ، وأمرنا بالإصلاح بينهم والقسط ..ولم يأمرنا ببغضهم وادعاء أن المحبة لا تجتمع في القلب للطائفتين كما يزعم الكبيسي . ، بل هم إخواننا المؤمنون وإن اقتتلوا ، والصحابة كلهم ساداتنا وإن احتربوا . ومن سار على درب أهل السنة لم يزِل ولن يضِل ، وقد تقرر في مذهبهم الثناء على جميع الأصحاب ، وكفّ الألسن عن الوقيعة في أعراضهم . فإنّ الفتن التي وقعت بينهم لم نشاهدها ولم نحضرها ، وما نُقل إلينا من أخبار عنها نجزم بأن فيه كذبا كثيرا ، وما كان منه صحيح فهو من الأخطاء الاجتهادية ، وللصحابة سابقة الإسلام ، وقد أثنى عليهم القرآن ، وهو أصح الكتب فالزم مافيه تنجُ من ظلمات الفتن ، ويسلم قلبك من ضغائن الأحقاد .

 نسأل الله أن يحشرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وأن يعيذنا من شرور الفتن ما ظهر منها وما بطن .

هذا ما أردت التعليق عليه بإيجاز .
والله سبحانه أعلى وأعلم .

كتبه: الشريف عبد الله الحسني .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..