الصفحات

الاثنين، 14 مايو 2012

ثوب المرحوم (واقعية)

لا ادري لماذا قررت ان أبوح لكم بهذا السر المبكي والثقيل على قلبي ؟ ولا اعلم لماذا تتردد ذاكرتي كثيرا الى هذه اللحظة الحزينة في حياتي ؟
كلما تجولت فيما مضى اجد نفسي ازور هذا المكان بالذات فأحاول ان اهرب من هذه اللحظة ولكنها تطاردني ويطاردني شبح المرحوم واحيانا احتضن خياله وأقول : سامحهم ، سامحهم فقط يا صديقي فلم يعلموا حينها انهم يظلموك سامحهم يا حبيبي فهم من الداخل كانوا يحبونك فقط سامحهم يا حبيبي لأنهم لم يعهدوا منك الا السماح
حتى ابتسامة والدك التي حرمتها في حياتك وكنت تتمنى ان تراها لم تظهر الا حين موتك يا صديقي
أتعلم يا حبيبي انه مات بعدك بأيام ولكنه لم يعلم برحيلك المفاجئ فقد رحمه الله بغياب عن الوعي فلم يستطع حتى ان يبكيك
أتذكر دوما يا حبيبي تلك المشية المرهقة التي لم تمنعك من مشاركتنا تلك الفرحة
ومازلت اذكر تلك العمامة في اخر عيد حضرته معنا في بيتنا بالفعل كانت اخر اعيادي ياحبيبي فكل اعيادي بعدك هي دموع اذرفها على ذكرى فراقك
مازلت اذكر قصة الثوب التي رويتها لي في اخر محادثة بيننا
ذلك الثوب الذي كان يهديك إياه جدي كلما نجحت في سنة دراسية وكيف كنت تجتهد وتنجح ثم تحمل شهادتك الى جدي لانها هي ثمن الثوب الجديد ولان ثوب جدي هو الحافز وهو فرحتك أيها اليتيم
ذلك الثوب الذي يمنحك دفئا من برد الوحدة فلم تذق في حياتك طعم كلمة أمي ودفء حضنها
ترن في أذني تلك المقولة يا حبيبي حينما قلت لي : أنا احبك يا منصور وكنت اتمنى اكون مثلك ولكن مات جدك يا حبيبي وانا في الصف الرابع وحينما نجحت في الصف الخامس لم اجد جدي فشعرت حينها أني يتيم ماذا لو اشترى لي احد ما ثوبا حينها صدقني سأواصل النجاح وسأصبح مثلك أستاذا ولي مكانة اجتماعية لكن للأسف لم اجد ثوبا و توقفت عن النجاح
رحلت يا حبيبي و بقي ثوبك الصغير يخيفني
نعم يخيفني يا حبيبي ، أخاف الا اشتري لمن حولي ثوب النجاح ويتكرر المشهد أمامي مرة اخرى أخاف الا اعطي من حولي الحب والتقدير ثم افقده كما فقدتك واندم
لكن يا حبيبي ربي وربك الرحيم اختار لك طريقا للموت يغفر فيه كل ذنوبك حتى في يوم وفاتك يا حبيبي كنت أنا اول من علم بهذا
كنت نائما يا حبيبي ورأيتك في المنام تروي لابي ولابيك ولعمي قصة زواجك من حسناء جميلة ثم توقفت عن الكلام واستيقظت وانا ابكي وحينما اتصلت بأخيك لم يكن يعلم بشيء الا ان جاءنا خبر وفاتك من طبيبك في المستشفى بعد صلاة الفجرفي يوم الجمعة الخامس عشر من شهر رمضان في نفس اللحظة التي توقفت فيها عن الكلام في منامي
كان المنظر مبكيا يا حبيبي الكل يبكيك من احبك في حياتك ومن كنت تزعجه ولكنهم كانوا فرحين لما وهبك الله إياه من فضل ان تموت مصليا صائما وقد رددت الشهادة التي نطقها والدك بعدك ايام العيد

أتعرف يا حبيبي من هو المسجى في القبر المجاور لك انه والدك لتكملا الرحلة الى جنات الخلد

سامحني يا حبيبي

اما انتم يا احبابي فقط تلفتوا حولكم وقدروا احبابكم وامنحوهم الحب و الابتسامة و قدموا لهم المعروف حتى لا يتحولوا الى ذكرى تشعركم بالذنب

منصور الحارثي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..