الصفحات

الأربعاء، 2 مايو 2012

ما الذي يحدث يا مصر؟

كيفما حاولت تجميع قصة الجيزاوي في السعودية، تكتشف أنها غير منطقية وأن ثمة من يسعى لاستغلالها والتسبب في أزمة بين القاهرة والرياض.
قضية المحامي احمد الجيزاوي لا أظنها إلا مرحلة من مراحل الصراع السياسي في مصر، ولها خلفياتها التي يجب أن
توضح.

استوقفني في هذه القضية بضعة نقاط، سأسردها على عجالة:

النقطة الأولى: احمد الجيزاوي تقدم بطلب تأشيرة "عمرة" للسفارة، ولو كان محكوما (فرضا) لما منح التأشيرة، فهو ليس أول شخص في العالم يشتم المملكة أو نظام الحكم في المملكة، وليس له من الأهمية التي تجعل المملكة تحتال لإحضاره.

النقطة الثانية: هو من تقدم بطلب التأشيرة، وهو من ركب الطائرة، فالاحتيال عليه غير وارد، فهو وكما يقال ناشط سياسي ومحامي مسجل في النقابة، فليس من الغباء ان يحتال عليه احدهم ويجعله يتقدم بطلب تأشيرة دخول.

النقطة الثالثة: انتشار "إشاعة" الحكم عليه غيابيا في المملكة، ولا اعلم كيف يحكم على شخص غير سعودي، وليس مقيما في المملكة؟ فهذا مخالف لأبسط القواعد القانونية المتبعة في المملكة وشواهد ذلك كثيرة، وكيف تناول الإعلام هذه الإشاعة ونشرها بحيث أصبحت في حكم الخبر المؤكد لدى الكثير. ولو كل من سب الحكومة السعودية حكم عليه، لأصبح لدينا ألوف من المحكومين.

النقطة الرابعة: من المعلوم أن المدعى عليه يبلغ في مكان سكنه عن القضية المرفوعة ضده، أو تبلغ سفارته أو ينشر في الصحف إذا كان مجهول السكن، ولكن كل هذا لم يظهر، مما يضعف مرة أخرى إشاعة الحكم الغيابي.

النقطة الخامسة: لو كانت حكومة المملكة ترغب في التخلص من هذا الشخص او غيره، فلماذا لم تتخذ أساليب أخرى، اقل ضوضاء وهي كثيرة، ولماذا تختار حكومة محافظة مثل حكومة المملكة هذا الأسلوب الذي إن صح يدل على جهل كبير.

النقطة السادسة: احمد الجيزاوي وصل إلى مطار جده وهو غير محرم "أي لا يرتدي ملابس الإحرام"، ومعلوم أن من نوى العمرة من إخواننا المصريين يجب عليهم الإحرام من الطائرة قبل الوصول الى جدة، وينزل مطار جدة وهو محرم لأنه تعدى الميقات. وهذا يعلن عنه وينبه عليه في الطائرات أثناء الرحلة وقبل تجاوز الميقات، فلذا ما يقال انه قادم للعمرة غير صحيح، وحتى إن كانت تأشيرة دخوله للعمرة.

النقطة السابعة: مهما صرح السفير المصري في الرياض، القنصل المصري في جدة، والقانونيون المصريون في السعودية، من أنهم التقوا احمد الجيزاوي وأعترف لهم بجلب حبوب مخدرة (جاهلا العلم بأنها ممنوعة) فالإعلام ما زال يكرر الشائعة القديمة بأنه سب الملك. ولذا حوكم.

النقطة الثامنة: هل هنالك سابقة عبر التاريخ أن هناك من سب الملك من خارج المملكة وتم عليه الحكم؟ لا أظن أن هنالك أي واقعة حدثت سابقا.

دعوني اذكر القصة كما أراها، شخص مصري معادي لنظام الحكم في المملكة، يتقدم بتأشيرة للعمرة، ويركب الطائرة دون أن يحرم، ولم يحرم في الطائرة، إذن هو لم يقدم إلى المملكة بغرض العمرة. فما الذي قدم لأجله؟

• هل اعترافه بجلب كمية كبيرة من الحبوب المخدرة تعني انه قدم للكسب وليس للعمرة؟

• هل قدم للمملكة كوسيلة لضرب العلاقات المتوترة بين السعودية ومصر في وقت حساس وهو الانتخابات الرئاسية؟

• لماذا روج الإعلام لشائعة حكم الجلد والسجن الغيابي. ومن أطلق هذه الشائعة؟

• لماذا تخرج بعض الشخصيات العامة تهدد وتتوعد المملكة، وهي تعلم أن تهديدها ووعيدها لا يمكن أن يقع؟

أسئلة كثيرة، ولكن ما حدث في هذه الأزمة يثبت أن الشارع العربي والإعلام العربي للأسف يتأثر كثيرا بالشائعات، وأن صوت العقل لا يسمع في الإعلام أو الشارع العربي كثيرا.

وأذكّر بالأزمة التي حدثت بين الجزائر ومصر، وبين قطر ومصر، وبين السعودية ومصر الآن، هل كلها تنبع من معين واحد؟

اكتب هذا وأنا أشهد الله بأن كل قطر عربي لديّ بأهمية وطني، فكلنا في مركب واحد، ولن نصل إلا إذا حكمنا العقل.



 بقلم: صالح بن عبدالله السليمان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..