الصفحات

الاثنين، 14 مايو 2012

تركي السديري كاتب من الدرجة الثانية

06-22-1433 03:44
محمد عبد الله الهويمل :
بعيداً عن أزمته مع العبيكان والظاهرة العبيكانية ,والمفاجأة الكاسرة المكسورة التي ضربت في معنويات ناشدي التغيير, ينهض تركي السديري ليعلق في
بضعة أسطر على حوار استغرق ساعة كاملة.


يدخل هذا الخطاب العبيكاني في الوعي الجديد للسعوديين بوصفه نصاً أدبياً يتعين حصره بقوسين منطويا على لفظ ومعنى ودلالة ,ومحمولا على طاقة تأثيرية ذات قدر معين ,أو هو نص ثقافي مكتوب بلفظ ذي معنى. وفي الحالتين نتعاطى معه كلغة محددة .وما سلف يطرد في ما ذكره العبيكان.

لست بصدد التعليق على محتوى العبيكان ,لأني لم أنتدب نفسي لهذه المهمة ,بل على ردة فعل لم تتعامل مع الفعل قط ,ولا تكاد تعي بدايته ونهايته ومتنه, وكأن الفعل بلغة والرد بلغة أخرى .

العبيكان كان يتحدث عن (خلل) ,ولن أضيف أي عبارة تفسيرية أو أمد ظلالاً لها .وتحدث بلغة بين فصحى وسعودية دارجة , تنطوي في مادتها على إدلاء بشهادة ,وهو القاضي الذي يتماس في مهنته مع الشهادة والشهود ومحددات صدقيتها .

نضجت المادة الثقافية لدى الشيخ وقدمها بكل شروطها الثقافية والأدبية مرتجلاً ,لم يصطنع له القلم ديباجة فاخرة ,بل انطلق على سجيته ,والأهم أنه على الصعيد المعرفي أتى بجديد ,لم نألفه منه حتى لو لم يكن إبداعياً ,ولن أخوض أكثر في متن العبيكان فكل من سيهتم بالقراءة لي سيكون تابع المتن وردود الفعل.

السديري نهض باكراً للرد , يدفعه يقين أنه بحجم العبيكان بين المثقفين ,وأنه قيادي أوحد تتطلع الحركة الليبرالية إلى ردّه , ليس لأنه رئيس تحرير يملأ فراغ مادة صحافية بصحن السمينة لكل محب وشانئ.

المقدمة بسطت نفوذها على نصف المقال ,ربما لأن السديري متورط بمتن المقال ومناقشة العبيكان في احتجاجاته وتفاصيلها المؤكدة بالتكرار, وفي الآن ذاته لا بد له أن يرد ,و يتفادى كلام العبيكان بشأن الفساد ,ولا بد أن يثير الغبار حول شكوى العبيكان ,ويصرف النظر عنها إلى جزئية طفيفة عن المرأة جاءت عرضاً في كلام العبيكان ,وفي سياق توضيح موقفه الشرعي بشأن الاختلاط وتغريبها مبقيا المرأة مصونة على صعيد اللغة بدمجها في ثنائيتها مع الرجل ,كما هي إرادة الله ودستوره في الطبيعة وكرامتهما معا.

الصدمة بلغت أشدها عند السديري ,فهو إزاء مهمة صعبة تتمثل في أن العبيكان تكلم ساعة ,ومس محاور يقف السديري دونها وقوفاً عنترياً ,ما اضطره إلى اختزال الموضوع برمته في مقدمة كمقدمة البطن (كرش المقال), تضيف فضلة على جسد لا تضفي وقاراً كما بقية الكروش.

كلمة (المدعو) هي أكثر الكلمات إثارة للغبار على مقال السديري .وهي تحيل إلى قضية الشيخ الجبرين رحمه الله قبل 20 عاماً ,ليجمع السديري بين غبار القلق ,وغبار التاريخ ,ليشغل الرأي العام عما طرحه العبيكان ,وانطلت على أكثر من ذوق ووعي, فتمحورت بعض الكتابات على هذه المفردة الحاسمة! ,ونجح السديري جزئياً في صرف النظر عن كارثة تحول العبيكان وكارثة ما أدلى به.

ويمتد اضطراب السديري إلى الإغراق في كلام مكرور عن المرأة , لأنها المجال الوحيد الذي يمكن أن يختزل السديري ردة فعله على قضايا كثيرة أثارها العبيكان . ويتجلى اضطراب السديري في محور المرأة مثلاً في (عنز) و(ماعز) ,وهذا من أقبح زلاته ,إذ إنّ الدفاع عن المرأة بإقحامها في ثنائية مع الـ (عنز) يهبط من قدرها حتى لو كانت في سياق دفاع وتنزيه. وهذا ما لم يند عن العبيكان لا هجوماً ولا دفعاً ,وعندها تكون لغة العبيكان أكثر صوناً لكرامة المرأة من السديري .وهكذا هي اللغة وهكذا هي لعبتها ,فعندما تنتقد أحداً بقولك (إنه غبي) ,فهذا ذم ,وعندما يدافع عنه أحدهم بقوله : (إنه ليس حمار) ,فهذا دفاع ينطوي على ذم أفدح ما يشي بغياب الحس الجمالي الأدبي عند السديري ,فما أقبح ما قلته عن المرأة يا تركي ,وليتك لم تدافع عنها ولاسيما أن أحداً لم يتهمها.

ليت تركي يفرق بين (عنز) و(ماعز) . تركي مرتبك ومع الارتباك يأتي القلم بالعجائب.

مناقشة العبيكان علمياً يكون بتكذيبه علمياً من خلال رصد هفواته ,وزجه إلى مواجهة الحقيقة الماثلة ,لا بالمراوغات من كل ما قاله في مقال يفتقر إلى تماسك مقدمته مع خاتمته إذ لا يوجد متن.

إنه مقال من الدرجة الثانية لكاتب لا يحسن اختيار عنوان عربي (منطق براهين تخلف) وكأنه تركيب أوردي لا يمت للعربية بصلة.
لو تأخر تركي في كتابة مقاله لأتى بأفضل ,ولكن (الربكة) ألحت عليه بالمجازفة بهذا المقال ومعادلته : عنوان أوردي+ المقدمة الكرش + أزمة العنز والماعز + غبار حول ما قال العبيكان + تهاتف البناء+ لعبة (المدعو) + خاتمة شعاراتية استخدمت يوماً للثناء على العبيكان = كاتب من الدرجة الثانية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..