الصفحات

الخميس، 17 مايو 2012

كفاكم تشويها إنها بلادنا كما هي بلادكم

في الوقت الذي تدور فيه المشاورات لمناقشة مشروع الوحدة الخليجية , لما لها من أهمية في جمع الصفوف وتقوية الصلات بين هذا الخليج المتأزم , الذي يعاني من عنتريات إيرانية متتابعة , تُصدر أزماتها لدول المنطقة لتجعلها
في حالة من الشتات والذبذبة والغليان المستمر, يأتينا من يحاول شق الصفوف من أبناء هذا الوطن .
تصعد منال الشريف منصة أوسلو فتتحدث عن دولتنا, بأنها دولة صدرت الإرهاب , وطمست معالم وجوه النساء وقيدتهن وأخرت تعليمهن , دولة تحرم الغناء بدليل أن معظم المطربين والملحنين والشعراء الغنائيين منها .


دولة قتلت الأمريكان في 11 سبتمبر الورقة التي يلوح بها بعض "الماشطين والماشطات في بلادي" بين فترة وأخرى , وليعذرني القارئ الكريم فقد استبدلت كلمة "ناشط" بــ "ماشط" لأنها الأنسب في الوصف .

لا أعلم كيف تخرج كل هذه السلبيات من وطني في أوقات معلومة؟ هل يعقل أن الرجال السعوديون كلهم متخلفون ورجعيون ولا يفكرون , تفكيرهم فقط في التفجير والإرهاب , أو وأد النساء بمنعهن من قيادة السيارة ؟

كان هذا التصوير الدرامي للفيلم الهندي وبطلته منال غير متقن, لأن هذا الشعب المتخلف يفهم جيدا كيف تكون دموع التماسيح , التي اختنقت بها منال وهي ترى من يقذف بنفسه من برج التجارة .

لم نرى هذه العبرات تخنقها وهي ترى هدى الفلسطينية تبكي على مقتل والديها من القصف اليهودي , أو حتى دموع أطفال العراق الأبرياء أو جثثهم الطاهرة التي سقطت بصواريخ أمريكية .

هل الأمريكي عنصر نقي نتباكى عليه ونذرف الدموع تملقا حتى يرضى علينا ويقبلنا ؟
والعربي المسلم لا بواكي له لأنه إرهابي يقاتل التنين ليحرر أرضه من ظلم المحتل؟

دموع نخبوية لا تُذرف إلا على الماركات العالمية ,,,

لا أحد يرضى أن يُقتل شعبهم الآمن , فلماذا هذه المثالية المقيتة من منال التي صورتنا مجموعة من مصاصي الدماء, "فنحن تعلمنا الكراهية من محمد بن عبدالوهاب رحمه الله , وهي تعلمت المحبة من بلفور هل هذا حل المعادلة الأوسلوية" ؟

أن تعيش منال حياتها كما تريد هذا شأنها , لكن تتركنا نعيش مثلما نريد , فلا نريد أن تسخر من طريقة حجابنا لأنها لا تحبه أو لا تلبسه , ولا تكذب على العالم وتشوه صورتنا وكأننا في زنزانة كبيرة من الألم والتخلف !

لم يطمس الحجاب معالم وجه أمي وجدتي بل زادها نورا وإشراقا , لم يعيق الحجاب عالماتنا ونساءنا المميزات بل تميزوا به فرفعهم .

سرد أحداث مضت , وتزييف بعض الوقائع لا يسبب فقط الصدمة للآخر, فلا يهمنا أن تكون صورتنا مميزة في عيونهم , لأننا نعلم جيدا أننا حتى لو غيرنا أثوابنا وأقنعتنا فلن يرضوا عنا إنها سنة إلهية .

كل ما يهمنا هو وطننا فلا نريد مزيدا من الانقسامات والصراعات , تذهب لأوسلو لتنتقم من المتدينين بذكر الإرهاب وربطه بالصحوة , وهذا أسلوب عفا عليه الزمن , أسلوب لم يعد مستخدما في عصر التكنولوجيا والقرية الصغيرة .

بعد أن واجهت سيلا من الانتقادات قالت "المضحك أن كل المعلومات التاريخية في الخطاب من كتب الغرب نفسه ..يعني هم دارين بالسالفة قبلنا"  ما دام أن الخطاب من كتبهم وبتوجيهاتهم لماذا اتعبت نفسك بالشرح وذرف الدموع وعمل فيلم بعنوان "يا قلب لا تحزن أنت في بوليود"؟

فما داموا يعرفون بالسالفة فلماذا تكررينها عليهم ؟ لتذكيرهم مثلا ؟ أم لجذب الأضواء والشهرة والدعم اللوجستي للحصول على مزيد من الضغط ؟
تكلمت عن قيادة السيارة , عن التعليم الذي لم يختلط إلى الآن, عن الحجاب , لم يبقى إلا أن تنفينا خارج حدود الوطن ليخلوا لك الجو , حتى لا يزعج عينيك السواد .

طفح الكيل بهؤلاء , فما يقومون به لا يشوه الصورة لبلادنا فقط , بل يزيد من دائرة الخلاف ويوسعها , فإن كانت 1000 امرأة تويد ما قالته منال فهناك ملايين النساء يرفضنه , وإن كانت منال تربت في بيئة متشددة حبستها في قمقم وضيقت عليها فخرج منها هذا الكلام , فهناك من تمارس حياتها بشكل طبيعي . وإن كانت تعتقد أنها بشهادتها البسيطة قد نالت أعلى المراتب ووصلت للعالمية لأنهم أشفقوا عليها , فهناك من تملك شهادة أكبر من شهادتها ومن قدمت لوطنها إنجازات ورفعت علمه عاليا ولم تتباكى أو تتملق لأحد , ووصلت للعالمية بعملها وجدها وليس عن طريق التسول لإعلام غربي أو مجموعات حقوقية .

كفاكم تشويها لنا في كل محفل وفي كل دولة , نعم دولتنا ليست كاملة وبها من العيوب الكثير لكنها ليست متنفسا لتفريغ غضب الشعوب بها , فحتى أقذر الحكومات وأكثرها فسادا تتحدث عن وطننا مما تسمعه من أصداء بكائياتكم , فجعلته وسيلة انتقام وإشغال للعالم بنا ليغض الطرف عنها وعن جرائمها .

حان الوقت للالتفات لوحدة الداخل , بتجنيبنا من يعبث ببلادنا بحجة الإصلاح , فالإصلاح لا يكون باتهام بلدي بالتخلف والإرهاب لتأليب العالم عليها . لن تموت المرأة السعودية من قطعة قماش تلفها وتحميها, ولن تمرض إذا ما داست أقدامها على دواسة البنزين , ولن تكون أمية إذا لم يكن بقربها طالب يشجعها على النجاح والمثابرة .

إنها عقليات خلطت بين لندن والرياض / وجدة ونيورك / وعرعر وبيونس آيرس/ وأبها وباريس / فاعتقدت أنها تستطيع أن تستنسخنا كما استنسخوا "النعجة دولي" لكن هيهات أن يتغير من شرب من صافي العقيدة والعادات الأصيلة .

خذوا من الغرب أفضل ما عندهم , واتركوا لنا أفضل ما عندنا , ولا تجعلونا أضحوكة العالم لأن مجموعة من الصغار تستمتع بذلك.


 بقلم / ليلى الشهراني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..