الصفحات

الجمعة، 29 يونيو 2012

كفانا تطاولاً على أبي ذر!

تروي كتب التاريخ أن أبا ذر رضي الله عنه قد فهم الآية “والذين يكنزون الذهب والفضة… الآية” فهما ظاهريا جانب الصواب فيه عندما رأى تكاثر الناس بالأموال، واعتقد أنه لا يحل لمسلمٍ أن يكنز ما يزيد على قوت
يومه!
وهكذا نردد نحن -معشر أهل السنة والجماعة- ولا نشعر بعظم الكلام الذي نردده بكل سهولة (أبو ذر أخطأ في فهم الآية)!
فقبل أن يُخطّأ صحابي كأبي ذر حقيق بنا أن نستعرض سيرته العظيمة، فهو خامس رجل دخل الإسلام، وأول من ألقى تحية الإسلام على الرسول عليه الصلاة والسلام، وعدّه ابن سعد في طبقاته من أهل العلم والفتوى من صحابة رسول الله، وكما جاء في سيرته فقد كان “يفتي في خلافة أبي بكر وعمر وعثمان…” وروى عنه عدد من الصحابة والتابعين، وروي عن المصطفى عدداً من الأحاديث التي تذكر فضله رضي الله عنه.
هذه باختصار لمحة سريعة عن الصحابي الذي تخطّئ كتب التاريخ فهمه للآية! تعالوا إذن لنتتبع خيوط هذه القصة، في التاريخ يقال إنه وحسب فهمه للآية “لا يستجيز ادخار النقدين”، أي أن ادخار المال في فقه أبي ذر حرام! وأبو ذر فضلا عن كونه من أهل العلم والفتوى، فقد عاصر النبي وأبا بكر وعمر ولم يرو عنه مطلقا أنه تحدث بمثل هذا أو نكّر على أحد الأغنياء، بالرغم من وجود أغنياء الصحابة في زمنهم! وهذه الآية نزلت على الرسول بعد غزوة تبوك التي شهدها أبو ذر، وكان بعد غزوة الخندق جاء إلى المدينة من قومه بعد أن أرسله المصطفى ليبلغهم الإسلام وظل في المدينة حتى وفاة الرسول عليه السلام.
ومع تتبع سيرته نجد أنه قد استشهد بهذه الآية في فترة معينة، وموجها خطابه لفئة معينة، فالزمن كان في خلافة عثمان والفئة المعينة كانت الولاة ولاسيما معاوية رضي الله عنه، أي أنه كان يقصد المال العام، فقد كان جل خطابه موجها للولاة ولم يكن موجها للتجار أو الأغنياء من الناس، وحتى حول المال العام لم يكن قد بدر منه أي تحفظ زمن خلافة عمر الذي بدأ فيه تدفق المال، وهو كما ذكر يحيى بن أبي كثير: “كان لأبي ذر ثلاثون فرسا يحمل عليها”.
لكن في زمن خلافة عثمان رضي الله عنه تحفظ أبو ذر على سياسة توزيع المال العام ولاسيما على معاوية ومروان بن الحكم! وحتى تتضح لنا الصورة أكثر ذكر ابن سعد أن النبي قال: يا أبا ذر كيف أنت إذا كانت عليك أمراء يستأثرون بالفيء؟ فقال: إذاً أضرب بسيفي حتى ألحق به. فقال النبي: أفلا أدلك على ما هو خير من ذلك؟ اصبر حتى تلقاني”. فأمام هذه المعطيات المثبتة يعد من التطاول على مقام أبي ذر أن يقال إنه فهم الآية فهماً خاطِئاً.
فايد العليوي


------------------------------

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..