الصفحات

الخميس، 7 يونيو 2012

كيسنجر: الربيع العربي يخل بالنظام العالمي

كتب هنري كيسنجر -وزير الخارجية الأميركي الأسبق في عهد الرئيس الأميركي الراحل ريتشارد نيكسون- أن المطالبات المتكررة للشعوب العربية بالتدخل الخارجي لحل أزماتها الداخلية يتعارض ويهدد النظام السياسي العالمي الحديث الذي أقر بمعاهدة سلام ويستفاليا عام 1648 والتي
أرست مفهوم الدول الحديثة المستقلة ذات السيادة، وهو مفهوم يقوم على عنصرين الأول: السيادة على التراب الوطني، والثاني: غياب أي دور خارجي في شؤون البلاد الداخلية.

ويرى كيسنجر أن أسس وقيم معاهدة ويستفاليا لم تطبق أبدا بشكل كامل على دول العالم العربي، حيث تم التلاعب بحدود الكثير من الدول العربية في المعاهدات التي فرضتها القوى الأوروبية المنتصرة في الحرب العالمية الأولى. ولم تعط تلك القوى الاهتمام الكافي للتنوع العرقي والمذهبي عندما رسمت حدود دول المشرق العربي. وقد تعرضت هذه الحدود -الجديدة نسبيا- بالنتيجة إلى تحديات متعددة أغلبها عسكري الطابع.

إن الدبلوماسية التي أفرزتها ثورات الربيع العربي الأخيرة، تزيح تفاصيل مبادئ ويستفاليا التي تنص على أن يكون هناك توازن في العمل السياسي يضمن فرصا متساوية لجميع الأطراف المتنافسة، وتضع بدلها قوانين ذات صفات فضفاضة قائمة على التدخل الخارجي لأسباب إنسانية.
ونتيجة لذلك -يقول الكاتب- تنظر القوى الدولية إلى النزاعات الداخلية من منظور الديمقراطية والتخوفات المذهبية، فتقوم تلك القوى بمطالبة الحكومات التي في السلطة بالتفاوض مع المعارضين للتوصل إلى اتفاق لنقل السلطة. ولكن وبالنظر إلى أن القضية في النهاية قضية حياة أو موت فإن الدعوات للتفاوض تذهب في العادة أدراج الرياح.
ويحذر الكاتب من تبني سياسة استقدام التدخل الخارجي، ويقول إن هذه الظاهرة تفرض أسئلة إستراتيجية على نطاق أوسع وخاصة بالنسبة للولايات المتحدة. هل الولايات المتحدة تعتبر نفسها ملزمة بدعم أي انتفاضة شعبية ضد أي نظام غير ديمقراطي حتى لو كان ذلك النظام حجر أساس في استقرار النظام العالمي بشكل عام؟
ويضرب كيسنجر مثالا على ذلك بالقول "هل المملكة العربية السعودية هي حليف للويلات المتحدة حتى تقوم فيها انتفاضة فيكون أمر آخر؟ هل نحن مستعدون لإعطاء شيك على بياض يجير للدول الأخرى ويعطيها الحق في التدخل في أي مكان نيابة عن أخ في الدين أو الدم؟".http://www.aljazeera.net/App_Themes/SharedImages/top-page.gif
http://www.aljazeera.net/file/getcustom/98b05cb3-9d89-473a-8fe7-e93ed78eb37b/3f8d3525-d31a-4b4d-8b80-7def7a5301d4
التدخل العسكري يجب أن يتحقق له الإجماع وضمان نجاح الوضع الجديد
(غيتي إيميجز)
الفراغ في السلطة يفجر الفوضى ويقتل سيادة القانون كما حدث في اليمن والصومال وشمالي مالي وشمالي غربي باكستان، وربما سوريا في قادم الأيام. إن انهيار الدولة يمكن أن يحول ترابها إلى مرتع للإرهاب وقناة لتهريب الأسلحة للقتال ضد الدول المجاورة.
في سوريا، تطل المطالبات بتدخل دولي في بلد يقع في قلب العالم الإسلامي، ومن هي سوريا بشار الأسد؟ يسأل الكاتب.
إنها دولة ساعدت إيران بشكل إستراتيجي في منطقة بلاد الشام والبحر الأبيض المتوسط، ودعمت حماس، الحركة التي لا تعترف بدولة إسرائيل، وحزب الله الذي يقف حجر عثرة في وجه وحدة لبنان.
إن للولايات المتحدة مصلحة إستراتيجية وأسبابا إنسانية تجعلها تفضل سقوط الأسد، وأن تعمل على تشجيع الدبلوماسية الدولية في هذا الاتجاه، ولكن من جهة أخرى، هل كل مصلحة إستراتيجية تصلح لأن تكون سببا كافيا للذهاب إلى الحرب؟ إلا إذا لم يبق أي فرصة للدبلوماسية.
ويطرح الكاتب مزيدا من الأسئلة عن احتمالات وفرص التدخل الأميركي في سوريا ويقول إن بلاده سحبت قواتها من العراق المجاور لسوريا، وبصدد سحبها من أفغانستان أيضا، فكيف سيتم تبرير تدخل آخر يتسم بنفس التحديات التي برزت في التدخل في البلدين الآنفي الذكر؟ هل ستكون المبررات الجديدة كافية لحل المعضلات التي برزت في التدخلين السابقين والتي نتج عنها انقسام أميركا على نفسها بين مؤيد ومعارض للتدخلات العسكرية في العراق وأفغانستان؟
وفيما يتعلق بالهدف الذي يتم من أجله التدخل، يتساءل كيسنجر "من الذي سيحل محل السلطة المزاحة على الحكم؟ وماذا نعلم عن السلطة الجديدة؟ وهل سيكون الوضع الجديد كفيلا بإنهاء الأزمة الإنسانية التي تدخلنا عسكريا من أجل إنهائها؟ أم هل نريد تكرار تجربة طالبان الأفغانية التي سلحتها أميركا لمحاربة الاتحاد السوفياتي الغازي وتحولت فيما بعد إلى تحد أمني لنا؟
وهنا يأتي الفرق بين التدخل الإنساني والتدخل الإستراتيجي، يقول كيسنجر. يشترط النظام العالمي وجود إجماع لإقرار التدخل الإنساني، وهو الأمر الذي يصعب إنجازه وعدم تحقيق الإجماع يعرقل مهمة التدخل. من جهة أخرى، إذا تم اللجوء إلى حلف الراغبين (على شاكلة التدخل في العراق) فإن ذلك سيولد معارضة قوية من دول تخشى أن يتم حشدها مثل هذا التحالف في يوم من الأيام، ناهيك عن الصعوبات التي تعتري تحقيق إجماع داخلي على هذا النوع من التحالف في المنطقة المستهدفة.
وينتهي كيسنجر إلى تحديد شرطين أساسيين للتدخل العسكري سواء كان تدخلا إستراتيجيا أم تدخلا إنسانيا وهما: الإجماع، وضمان نجاح الوضع الجديد الذي سيفرضه التدخل.
المصدر:واشنطن بوست





http://www.aljazeera.net/news/pages/d1c881e3-cebc-444c-8775-f1c03ba32380

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..