الصفحات

الخميس، 5 يوليو 2012

الرهن العقاري .. وتكرار كارثة سوق الأسهم !

إقرار نظام الرهن العقاري الجديد يعيد إلى الأذهان ما مارسته البنوك والشركات قبل كارثة سوق الأسهم من تسهيل في برامج الإقراض ، وتوسيع في عمليات التمويل ، حتى شجع ذلك المواطنين من متوسطي الدخل إلى
المغامرة وبيع أملاكهم ورهن رواتبهم للاقتراض من البنوك والدخول في سوق الأسهم ، فارتفع  السوق على أثر ذلك ارتفاعا جنونيا من مستوى 10 آلاف حتى جاوز 20 ألف نقطة ، وصحب ذلك تضليل إعلامي اقتصادي ، تولى كبره كثير من وسائل الإعلام ، و بعض المحللين الاقتصاديين ، فكانت نتيجة ذلك التضليل الاقتصادي هي حدوث كارثة الانهيار التي كان أسعد الخاسرين فيها من خسر أرباحه وسلم رأس ماله ، وأتعسهم من خسر قيمة أملاكه التي باعها ، وخسر راتبه الذي بات حبيس القروض سنين عديدة  ، وهذه الفئة هي الأعم الأغلب ممن دخل سوق الأسهم من المواطنين ، أما الرابح الأكبر بعد الكارثة  فكان فئة التجار والبنوك  والشركات وصناديق الدولة ، فهذه الفئة لها النصيب الأكبر من حصة سوق الأسهم وهي من حصد ثمرة الارتفاع ، وهي من علمت بنهاية ذروة دورة سوق الأسهم ، وهي من خرجت قبل وقوع الكارثة وجيوبها ملأى بأموال المواطنين ، لتتجه بعد ذلك إلى سوق العقار لاستثمار تلك الأموال ، وكان سوق العقار - إذ ذاك - يشهد ركودا اقتصاديا نتيجة كثرة عروض البيع من أجل الدخول في سوق الأسهم ، فأوقدت تلك الفئة اللاعبة باقتصاد الدولة بتلك الاستثمارات نار الدورة الجديدة لسوق العقار ، وكنت في تلك الأيام أقضي في العاصمة الرياض أواخر المرحلة الجامعية  ، وكنت أشاهد المساحات الشاسعة من الأراضي الفارغة في أحياء الرياض الشمالية وحواشيها الشرقية ، وبعد أن رحلت عن العاصمة بعد التخرج عام 2008م ثم عدت إليها بعد سنتين هالني ما رأيته من ثورة عقارية تجارية ، ضاقت بها فراغات الأحياء ، حتى تغيرت علي معالم تلك الأحياء ، مع أني لم أغب عنها إلا مدة قصيرة ..
 وها هي الدورة الاقتصادية للعقار تبلغ اليوم ذروتها في الارتفاع الفاحش ، وهاهي الشريحة العريضة من المواطنين من متوسطي الدخل على وشك الانتهاء من تبعات قروض الأسهم بعد مضي أربع سنوات ، وها هو الوطن يعاني معضلة السكن نتيجة سيطرة تلك الفئة ( القارونية ) على سوق العقار واحتكارها لاستثماراته ، حتى لقد سعت تلك الفئة إلى محاربة جميع المساعي لحل هذه المعضلة من خلال عرقلة استثمارات شركات البيوت الجاهزة ذات التكاليف المنخفضة ، والاحتماء الماكر بالشرع في رفض فرض الرسوم على الأراضي الخالية ؛ لأن تلك الفئة ( القارونية ) المسيطرة على سوق العقار لن تقبل بمعالجة تلك المعضلة الاقتصادية الاجتماعية الأمنية إلا بأعلى الأرباح ولو كان ذلك على حساب مصلحة الوطن، كما فعلت ذلك قبيل انهيار سوق الأسهم ، لكن ذلك لن يتأتى إلا بسيولة نقدية كبيرة، وتلك السيولة لا تتوفر لدى الكثير من متوسطي الدخل ، فكانت الحيلة الذكية من قبل تلك الفئة اللاعبة باقتصاد الدولة هي تشجيع الدولة على إقرار نظام الرهن العقاري الجديد، حتى تتمكن البنوك والشركات من خفض فائدة الربح في الإقراض ، ورفع مبالغ القروض ، ليزداد الإقبال على الاقتراض، من أجل شراء البيوت المرهونة ، فترتفع على أثر ذلك أسعار العقار ، وبعدئذ يغرق المواطن في الديون، ويعجز عن السداد ، فتبيع البنوك والشركات بيته المرهون لتسترد أرباحها ، كما باعت من قبل محفظته الاستثمارية في سوق الأسهم لاسترداد قيمة قروضها ، وحينئذ ستحدث كارثة عقارية كما حصل من قبل في أمريكا ، لكن " المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين" .

سلطان بن مترك الخضاري
وادي الدواسر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..