الصفحات

الاثنين، 8 أكتوبر 2012

دروس في فقه الجنايات والحدود 1

 بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
    هذه سلسة من الدروس الخاصة بفقه الجريمة والعقوبة في الإسلام بعنوان
    "فقه الجنايات والحدود"
    استخلصتها من كتاب

    (التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي)
    لعبد القادر عودة
    ومن مذكرات الدكتور يوسف الشبيلي
    (فقه الجنايات) و(فقه الحدود)
    المنشورة على موقع فضيلته على الانترنت
    وسوف أقوم بنشرها في حلقات متتالية حتى يسهل على طالب العلم استيعابها والاستفسار عما أشكل عليه، وليقوم المتخصصون من أهل العلم بالتعليق والإثراء.
    ولن أخوض في دقائق المسائل ولا في الخلافات الفقهية، وإنما سأكتفي بأصول المسائل المتفق عليها بين أهل العلم قدر الإمكان.

    أسال الله العلي العظيم أن تكون هذه الدروس واضحة ومفيدة لمن يقرأها أو يطلع عليها.
    وأن يكتب الأجر والمثوبة لمن قام بكتابتها وترتيبها.

    ـــــــــــــــــــــــــــ


    دروس في فقه الجنايات والحدود (1)

        الصورة الأولى من صور القتل العمد : القتل بالمحدد :

            المسألة الأولى : تعريف المحدد :


        المحدد : هو كل ماله مَور في البدن ، أي نفوذ وتفريق للأجزاء
        فالقتل ﺑﻬذه الأدوات من القتل العمد باتفاق الفقهاء .
        ولا خلاف بين أهل العلم على أنه إذا أحدث جرحًا كبيرًا ﺑﻬذه الأدوات فمات به فهو قتل عمد .
        أما إن أحدث جرحًا صغيرة كالوخز بالإبرة ، أو بالشوكة ، فيفرق بين حالين :
        الحال الأولى : أن يكون الجرح الصغير في مَقتَل بفتح التاء أي مكان قاتل فهذا عمد باتفاق الفقهاء ، مثل إدخال إبرة في القلب ، لأن هذا يقتل في الغالب .
        الحال الثانية : أن يكون الجرح في غير مقتل ، كما لو وخزه بإبرة في فخذه فمات منها ، فهنا اختلف الفقهاء على قولين :
        القول الأول : أنه قتل شبه عمد ، وهذا مذهب الحنفية ، وأحد الوجهين في المذهب .
        والقول الثاني : أنه قتل عمد، وهذا قول الجمهور ، وعليه المذهب.
        وتتأكد صورة العمدية على هذا القول فيما إذا بقي اﻟﻤﺠني عليه ضَمِنًا حتى مات لأن الظاهر أنه مات به.

            وسبب الخلاف في هذه المسألة:


        أن الأحناف يرون أن كون الأداة المستخدمة في القتلة من المحدد لا يعد ذلك كافيًا لتحقق العمدية ، بل لا بد من أن تكون الجناية على وجه يغلب على الظن حصول الموت ﺑﻬا ، فمناط الحكم عندهم هو غلبة الظن بحصول الموت به.
        بينما يرى الجمهور أن مناط الحكم هو كونه محددًا ، بغض النظر عن حجم الجرح الذي أحدثه ، فعندهم أن الطعن بالمحدد بذاته يفيد غلبة الظن بحصول الموت به ، لأن ربط الحكم بغلبة الظن غير منضبط بخلاف ربطه بالمحدد فإنه منضبط .
        استدل أصحاب القول الأول :
        1 - بأن الإبرة ونحوها لا تستعمل في القتل عادة ، وهذه الجناية لا تقتل في الغالب ، وكونه مات بسبب الإبرة مستبعد ، وإنما حصل موته اتفاقًا
        2 - ولأن هذه شبهة يدرأ ﺑﻬا القصاص ، لأن القصاص يدرأ بالشبهات .
        واستدل أصحاب القول الثاني:
        1 - بأن الظاهر من هذه الصورة أنه قصد القتل ، إذ الطعن بالمحدد يقتل غالبًا فيكون قتل عمد ولو كان بإبرة صغيرة .
        2- ولأن المحدد لا يعتبر فيه غلبة الظن في حصول القتل به , بدليل ما لو قطع شحمة أذنه , أو قطع أنملته" اه من المغني
        3 - ولأنه لما لم يمكن إدارة الحكم , وضبطه بغلبة الظن , وجب ربطه بكونه محددا , ولا يعتبر ظهور الحكمة في آحاد صور المظنة , بل يكفي احتمال الحكمة , ولذلك ثبت الحكم به فيما إذا بقي ضمنا , مع أن العمد لا يختلف مع اتحاد الآلة والفعل , بسرعة الإفضاء وإبطائه .اه من المغني
        4 - ولأن في البدن مقاتل خفية , وهذا له سراية ومور , فأشبه الجرح الكبير" اه من المغني
        والراجح والله أعلم: أنه إذا بقي ضمنًا حتى مات ففيه القود لأن الظاهر أنه مات به ، أما إذا مات في الحال فالراجح هو قول الأحناف ( القول الأول ) ، لأن الآلة المستخدمة لا تقتل في الغالب ، والظاهر أنه لم يمت منه وإنما حصل موته اتفاقًا.

            المسألة الثانية :


        لو تمكن الجريح من آلة حادة قاتلة من مداواة نفسه ولكنه لم يفعل فمات، فهل الجناية قتل عمد ؟
        الصحيح أﻧﻬا قتل عمد لأن تقصير اﻟﻤﺠني عليه في التداوي لا يعفي الجاني ، إذ الأداة قاتلة وقصد القتل موجود ، والمداواة ليست
        طريقًا محققًا للشفاء ، وهذا لا يعفي اﻟﻤﺠني عليه أيضًا من الإثم .

            المسألة الثالثة :


        لو قطع عضوًا من أعضائه فمات فهو قتل عمد ، حتى ولو كان العضو زائدًا لأنه قتل بمحدد ، ما لم يقطع العضو الزائد بإذن صاحبه أو قطعه حاكم من صغير أو وليه ، فمات ، فلا يكون قتلا عمدًا لأن له فعل ذلك ، وقد فعله لمصلحته فأشبه ما لو ختنه.

            الصورة الثانية : القتل بالمثقل :
            المثقل : هو ما يقتل لثقله وأثره على الجسد لا لنفوذه ، مثل إلقاء صخرة كبيرة أو الضرب بعصا كبيرة ، أو الدعس بالسيارة ، ونحوها

                وقد اختلف الفقهاء في القتل بالمثقل على قولين :


            القول الأول : أنه شبه عمد إلا إذا كان بحديد وهذا مذهب أبي حنيفة .
            واستدل بما يلي :
            الدليل الأول : عن عبدالله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( ألا إن قتيل الخطأ شبه العمد قتيل السوط أو العصا فيه مائة من الإبل منها أربعون في بطوﻧﻬا أولادها. ) رواه الخمسة إلا الترمذي .
            ووجه الدلالة : أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل قتيل السوط والعصا والحجر من القتل شبه العمد ولم يفرق بين الصغير منها والكبير .
            الدليل الثاني : عن النعمان بن بشير مرفوعا { كل شيء خطأ إلا السيف ولكل خطأ أرش } . وفي لفظ { كل شيء سوى الحديدة خطأ ولكل خطأ أرش } أخرجه البيهقي .
            وأجيب :
            بأن الحديث مداره على جابر الجعفي وقيس بن الربيع , ولا يحتج ﺑﻬما .

            الدليل الثالث: أن المثقل لا يستخدم في القتل عادة ولو كان كبيرًا .
            أما دليلهم على استثناء الحديد فقالوا : إن الحديد وصفه الله تعالى بأن فيه بأسًا شديدًا في قوله سبحانه " وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد " ، وهو يستخدم للقتال في الجهاد فهو أداة معدة للقتل .

            القول الثاني: الضابط عند هؤلاء أن ننظر إلى صورة القتل بالمثقل هل هي تقتل غالبًا أم لا ؟ فإن كانت تقتل غالبًا لكبر الآلة أو لطريقة الجناية فعمد وإلا فشبه عمد .
            استدل أصحاب هذا القول على أن القتل بالمثقل من القتل العمد بما يلي :
            1- الدليل الأول : عن أنس رضي الله عنه : ( أن يهوديا رض رأس جارية بين حجرين فقيل لها من فعل بك هذا فلان أو فلان حتى سمي اليهودي: فأومأت برأسها فجيء به فاعترف فأمر به النبي صلى الله عليه وآله وسلم فرض رأسه بحجرين. ) رواه الجماعة.
            قال ابن القيم : ( وليس هذا قتلا لنقضه العهد ; لأن ناقض العهد إنما يقتل بالسيف في العنق )
            2- الدليل الثاني : عن أبي شريح الخزاعي: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "فمن قتل له قتيل فهو بخير النظرين القود أو الدية " متفق عليه.
            ووجه الدلالة :عموم الحديث فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يشترط في الأداة أن تكون محددة فسواء كان القتل بمحدد أو بمثقل ففيه القود .
            3- الدليل الثالث : أن المقصود بالقصاص صيانة الدماء من الإهدار , والقتل بالمثقل كالقتل بالمحدد في إتلاف النفوس , فلو لم يجب به القصاص كان ذلك ذريعة إلى إزهاق الأرواح.
            ورد الجمهور على استدلال الأحناف بحديث " ألا إن قتيل الخطأ شبه العمد .. " بأن الحديث محمول على الحجر والعصا الصغيرين لاقترانه بالسوط ، والسوط صغير ، كما أن الغالب على العصا أن تكون صغيرة فيحمل الحديث على الحجر والعصا غير القاتل ، ومما يؤيد هذا المعنى حديث أنس المتقدم في الجارية التي رض رأسها بحجر ، ولا سبيل إلى الجمع إلا بأن يحمل حديث أنس على الحجر الكبير الذي يقتل غالبًا ، وحديث عبدالله بن عمرو على الحجر الصغير الذي لا يقتل في الغالب .
            ************************* *********************
            تنبيه :
            غني عن البيان أن جميع ماذكر من القتل بالمثقل هو من القتل العمد عند المالكية ، لأﻧﻬم لا يشترطون في الآلة أي شرط فجميع الصور السابقة واللاحقة من القتل العمد عندهم .

                الصورة الثالثة : الإلقاء في مهلكة :
                فمن صور القتل العمد عند الشافعية والحنابلة : أن يلقيه في مهلكة يغلب على الظن موته ﺑﻬا.
                أما لو كتفه وألقاه في أرض آمنة فجاء أسد فافترسه أو حية فنهشته فهذا شبه عمد ، لأنه تعمد الجناية بشيء لا يقتل غالبًا ، ولكنه مات بسببها .
                واستثنى الشافعية والقاضي من الحنابلة مما تقدم : ما إذا ألقاه مكتوفا بين يدي الأسد , أو النمر , في فضاء , فأكله أو جمع بينه وبين حية في مكان ضيق , فنهشته فقتلته , فلا ضمان عليه في الصورتين:
                1- لأن الأسد والحية يهربان من الآدمي.
                2- ولأن هذا سبب غير ملجئ .
                والصحيح أن عليه القود:
                لأ ن هذا يقتل غالبا , فكان عمدا محضا , كسائر الصور .
                وقولهم : إﻧﻬما يهربان . غير صحيح:
                فإن الأسد يأخذ الآدمي المطلق , فكيف يهرب من مكتوف ألقي إليه ليأكله , والحية إنما ﺗﻬرب في مكان واسع , أما إذا ضاق المكان , فالغالب أﻧﻬا تدفع عن نفسها بالنهش , على ما هو العادة.

                    الصورة الرابعة : التغريق والتحريق :
                    اختلف العلماء في التغريق والتحريق على ثلاثة أقوال :
                    القول الأول :
                    يرى الشافعية والحنابلة: أن من صور القتل العمد أن يلقيه في نار أو ماء يغرقه ولا يمكنه التخلص منه إما لكثرة الماء أو النار وإما لعجزه عن التخلص لمرض أو صغر أو كونه مربوطا أو منعه الخروج أو كونه في حفرة لا يقدر على الصعود منها ونحو هذا أو ألقاه في بئر ذات نَفس أي رائحة متغيرة - فمات به عالما بذلك فهذا كله عمد لأنه يقتل غالبا .
                    وإن ألقاه في ماء يسير يقدر على الخروج منه فلبث فيه اختيارا حتى ما ت فلا قود فيه ولا دية لأن هذا الفعل لم يقتله وإنما حصل موته بلبثه فيه وهو فعل نفسه فلم يضمنه غيره .
                    وإن تركه في نار يمكنه التخلص منها لقلتها أو كونه في طرف منها يمكنه الخروج بأدنى حركة فلم يخرج حتى مات فلا قود لأن هذا لا يقتل غالبا لكنه قتل شبه عمد يوجب الضمان فقط .
                    والفرق بين الماء والنار: أن الماء لا يهلك بنفسه ولهذا يدخله الناس للغسل والسباحة والصيد وأما النار فيسيرها يهلك
                    فإن قيل : مالفرق بين من ألقي في ماء أو نار يسيرين وهو يستطيع الخروج فلم يخرج فلا قود على الجاني ، وبين ما إذا طعنه بمحدد وهو يستطيع التداوي فتركه حتى مات ففيه القود ؟
                    فالجواب: أن التخلص من النار والماء اليسيرين طريق محقق للسلامة في حين أن التداوي ليس طريقًا محققًا للشفاء ، فقد يتداوى ولا يشفى ، فالجاني في مسألة الماء والنار اليسيرين ليس قاتلا في الحقيقة بل اﻟﻤﺠني عليه هو الذي قتل نفسه ببقائه.
                    القول الثاني:
                    يفرق الأحناف بين التغريق والتحريق ، لأﻧﻬم يلحقون التحريق بالسلاح إذ يعمل عمله فيفرق أجزاء الجسد ، ومن ثم فالنار عندهم معدة للقتل ، فإن كانت كثيرة تقتل غالبًا فعمد ، وإن كانت صغيرة لا ﺗﻬلك غالبًا فشبه عمد .
                    وعلى هذا فالأحناف يتفقون مع الشافعية والحنابلة في التحريق .
                    أما التغريق: فهو شبه عمد دائمًا عند الأحناف لأنه يلحق بالمثقل ، وهو وإن قتل غالبًا إلا أنه غير معد للقتل .
                    القول الثالث :
                    أن التحريق والتغريق عمد مطلقًا ولو كان يسيرًا
                    وهذا قول المالكية بناء على أﻧﻬم لا يرون القتل شبه العمد .
                    والراجح هو القول الأول.

                        الصورة الخامسة : الخنق :
                        والمقصود: أن يمنع خروج نفسه بأي وسيلة كان فهذا إن فعل به ذلك مدة يموت في مثلها غالبا فمات فهو عمد فيه القصاص ، وإن فعله في مدة لا يموت في مثلها غالبا فمات فهو شبه عمد.
                        ويلحق بالخنق: أن يعصر خصيتيه عصرًا شديدًا في وقت يموت فيه الإنسان غالبًا.
                        وإن خنقه وتركه مثلا حتى مات ففيه القود لأنه مات من سراية جنايته فهو كالميت من سراية الجرح وإن تنفس وصح ثم مات فلا قود لأن الظاهر أنه لم يمت منه فأشبه ما لو اندمل الجرح ثم مات .
                        والأحناف: يرون أن القتل بالخنق شبه عمد دائمًا بناء على قاعدﺗﻬم بأن العمد لابد بأن يكون بآلة معدة للقتل .
                        بينما المالكية: يرون أنه عمد مطلقًا لأﻧﻬم لا يعترفون بالقتل شبه العمد أساسًا .
                        والراجح هو القول الأول.


                            الصورة السادسة : حبسه ومنع الطعام والشراب عنه :
                            ويلحق بمنع الطعام والشراب منع وسائل التدفئة أو التبريد .
                            ويشترط لهذه الصورة شرطان :
                            الشرط الأول : أن يحبسه مدة يموت فيها غالبًا ، وهذه المدة تختلف باختلاف الناس والزمان والأحوال، وإن كان في مدة لا يموت في مثلها غالبا فهو عمد الخطأ .
                            وإن شككنا فيها لم يجب القود لأننا شككنا في السبب ولا يثبت الحكم مع الشك في سببه لاسيما القصاص الذي يسقط بالشبهات .
                            الشرط الثاني : أن لايستطيع المحبوس الاستغاثة أو الطلب فإن كان قادرًا على الاستغاثة والطلب فلم يفعل حتى مات فدمه هدر .
                            وذهب الحنفية:إلى أن الحابس لاشيء عليه لأن الموت حدث بالجوع لا بالحبس ، والحبس ليس أداة معدة للقتل عادة .
                            أما المالكية: فيرون أنه عمد مطلقًا .

                                مسألة:يلحق ﺑﻬذه الصورة أيضًا ما إذا أخذ من شخص طعامه وشرابه في مفازة وليس حوله أحد يستنجد به ، أو أخذ دابته وظل يمشي على قدميه حتى مات فهو قتل عمد .


                                    الصورة السابعة : القتل بالسم :
                                    وللقتل بالسَم- بفتح السين في الأصح خمس صور :
                                    1- الصورة الأولى: أن يسقيه سَمَّا إكراهًا أو يطعمه شيئا قاتلا فيموت به فهو عمد موجب للقود إذا كان مثله يقتل غالبا.
                                    2- الصورة الثانية: أو يخلطه بطعام ويقدمه إليه فيأكله أو يهديه إليه ، ففيه القود.
                                    3- الصورة الثالثة: أو يخلطه بطعامه الذي يأكله في العادة دون أن يقدمه إليه ،ولم يعلم بذلك الآكل ،
                                    فاختلف الفقهاء في هذه الصورة على قولين :
                                    القول الأول : قال الشافعي في المشهور:لا قود عليه.وحججهم :
                                    أ- لأن أنس بن مالك روى أن يهودية أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة مسمومة فأكل منها النبي صلى الله عليه وسلم ولم يقتلها النبي صلى الله عليه وسلم.
                                    ب- ولأنه أكله مختارا فأشبه ما لو قدم إليه سكينا فطعن ﺑﻬا نفسه.
                                    والقول الثاني: عليه القود، وهذا مذهب الحنابلة.وحججهم:
                                    1- لأن أبا سلمة قال في آخر حديث اليهودية: ( فمات بشر بن البراء فأمر ﺑﻬا النبي صلى الله عليه وسلم فقتلت. ) أخرجه أبو داود.
                                    2- ولأن هذا يقتل غالبا ويتخذ طريقا إلى القتل كثيرا فأوجب القصاص كما لو أكرهه على شربه.
                                    وأجابوا عن أدلة الشافعية:
                                    -أما حديث أنس: فيجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم لم يقتلها قبل أن يموت بشر بن البراء فلما مات أرسل إليها النبي صلى الله عليه وسلم فسألها فاعترفت فقتلها فنقل أنس صدر القصة دون آخرها ويتعين حمله عليه جمعا بين الخبرين .
                                    -وفارق تقديم السكين: لأﻧﻬا لا تقدم إلى إنسان ليقتل ﺑﻬا نفسه إنما تقدم إليه لينتفع ﺑﻬا وهو عالم بمضرﺗﻬا ونفعها فأشبه ما لو قدم إليه السم وهو عالم به .

                                    4- الصورة الرابعة: أن يخلط السم بطعام نفسه ويتركه في مترله فيدخل إنسان فيأكله فينظر :
                                    أ- فإن كان قد دخل بغير إذنه: فليسعليه ضمان بقصاص ولا دية لأنه لم يقتله وإنما الداخل قتل نفسه فأشبه ما لو حفر في داره بئرا فدخل رجل فوقع فيها وسواء قصد بذلك قتل الآكل مثل أن يعلم ظالما يريد هجوم داره فترك السم في الطعام ليقتله فهو كما لو حفر بئرا في داره ليقع فيها اللص إذا دخل ليسرق منها .
                                    (فائدة) : يمكن أن يستنبط مما ذكره الفقهاء هنا ما لو أدار حول سور بيته أسلاكًا كهربائية لحماية البيت من اللصوص ، فتسببت في قتل شخص تسلق السور بغير إذنه فلا ضمان على صاحب البيت سواء كان المتسلق سارقًا أو متطفلا.
                                    ب- أما إن دخل الدار بإذنه فأكل الطعام المسموم بغير إذنه: فهذا من القتل بالتسبب ، أي من الخطأ ، وفيه الدية مخففة إن كان صاحب الدار قد فرط في حفظ الطعام عنه ، أما إن لم يقع منه تفريط فلا ضمان.

                                    5- الصورة الخامسة: أن يخلطه بطعام رجل أو يقدم إليه طعاما مسموما و يخبره بسمه فأكله لم يضمنه لأنه أكله عالما بحاله فأشبه ما لو قدم إليه سكينا فوجأ ﺑﻬا نفسه.

                                    مسألة :
                                    إن سقى إنسانا سما أو خلطه بطعامه فأكله ولم يعلم به وكان مما لا يقتل مثله غالبا فمات فهو شبه عمد ، وإن ثبت أنه قاتل ، فقال لم أعلم أنه قاتل فعليه القود لأن السم من جنس ما يقتل به غالبا فأشبه ما لو جرحه وقال لم أعلم أنه يموت منه .
                                    وذهب الحنفية: إلى أن القتل بالسم شبه عمد مطلقًا.
                                    أما المالكية: فيرون أنه عمد مطلقًا .
                                    والصحيح: قول الشافعية والحنابلة .

                                        الصورة الثامنة: القتل بالتسبب:
                                        فإذا تسبب في قتل معصوم بشيء يقتل غالبا ففيه القود.
                                        وللقتل بالتسبب عدة صور:
                                        1- الصورة الأولى من حالات اللقتل بالتسبب:
                                        إذا شهدت عليه بينة بما يوجب قتله من زنا محصن أو ردة لا تقبل معها التوبة أو قتل عمد ثم رجعوا أي الشهود بعد قتله، وقالوا: عمدنا قتله، فيقاد بهذا كله ونحوه.
                                        ومثال الردة التي لا تقبل معها التوبة:
                                        الزنديق والساحر على إحدى الروايتين في مذهب أحمد.
                                        أما إن شهدت البينة بردة تقبل معها التوبة قضاء فلا قصاص إذ بإمكان المتهم أن يتوب ويدرأ عن نفسه الحد.
                                        والأدلة على ذلك:
                                        1-دليل من الأثر:
                                        ما روى القاسم بن عبد الرحمن أن رجلين شهدا عند علي رضي الله عنه على رجل أنه سرق فقطعه ثم رجعا على شهادتهما، فقال عليه: "لو أعلم أنكما تعمدتما لقطعت أيديكما" وغرمهما دية يده."
                                        1-دليل من النظر:
                                        لأنهم توصلوا إلى قتله بما يقتل غالبا فوجب عليهم القصاص كالقتل بالمحدد.
                                        وهذا هو قول الجمهور.
                                        والقول الثاني لأبي حنيفة:
                                        لا قود؛ لأنه بسبب غير ملجئ فلا يوجب القصاص كحفر البئر.
                                        والصحيح ما ذهب إليه للجمهور للأدلة السابقة.

                                        مسألة:ما الحكم لو كان القاضي عالما أيضاً بكذب البينة؟
                                        وكذا لو كان ولي الدم أو الوكيل بالقتل عالما أيضا بكذبها، فممن يقتص؟
                                        الجواب:
                                        ذكر أهل العلم قاعدة في هذا الباب فقالوا:
                                        "ويختص بالقصاص مباشر للقتل عالم بأنه ظلم ثم ولي عالم بذلك، وبينة وحاكم علموا".
                                        فعندنا أربعة أطراف:
                                        1- الوكيل بالقتل "السياف".
                                        2- ولي الدم "ورثة القتيل".
                                        3- القاضي.
                                        4- البينة.
                                        وعلى هذا:
                                        - فالوكيل أو ولي الدم أيهما باشر القتل:
                                        فعليه القصاص دون البقية بإجماع أهل العلم.
                                        - فإذا باشر الولي القتل بنفسه وهو عالم بكذب البينة:
                                        فعليه القصاص وحده حتى ولو كان القاضي والبينة يعلمون أنه يقتل ظلما.
                                        - ولو وكل الولي شخصا ليتولى القتل وهو عالم بكذب البينة:
                                        فعليه القصاص دون البقية (الولي والقاضي والبينة حتى وإن كانوا يعلمون أيضا)
                                        والقاعدة عند أهل العلم:
                                        "أنه متى اجتمع مباشر ومتسبب وأمكن تضمين المباشر فإن المباشرة تقطع حكم التسبب، ويجب أن يعزر البقية".
                                        - فإن كان المباشر للقتل لا يعلم:
                                        فيقتص من جميع من تسبب في القتل دون المباشر.
                                        - فلو كان المباشر هو ولي الدم وهو لا يعلم بكذب البينة:

                                        فينظر:
                                        1- فإن تبين أن القاضي والشهود كانوا يعلمون أنه يقتل ظلما:
                                        فيقتص من القاضي والشهود جميعا لأن البينة بدون حكم القاضي لا توجب القتل، وحكم القاضي لا يمكن أن يصدر بدون بينة.
                                        2- ولو وكل ولي الدم شخصا بالقتل وكان الوكيل (السياف) لا يعلم بكذب البينة:

                                        فينظر:
                                        أ‌- فإن كان ولي الدم والقاضي والشهود يعلمون أنه يقتل ظلما فيقتص منهم جميعا – أي ما عدا السياف – لأنهم اشتركوا في قتله، أما القاضي والشهود فلما سبق، وأما ولي الدم فلأن القصاص وقع بطلبه.
                                        ب‌- وإن كان بعضهم يعلم دون البعض فيقتص من العالم منهم دون كان جاهلا.
                                        2- الصورة الثانية من حالات القتل بالتسبب:
                                        الإكراه.

                                        3- الصورة الثالثة من حالات القتل بالتسبب:
                                        الأمر بالقتل:
                                        وسيأتي الحديث عن هاتين الحالتين بمشيئة الله تعالى في مبحث الاشتراك في الجناية.


                                            الصورة التاسعة : القتل بالسحر:
                                            إذا وضع لشخص سحرا في طعام أو شراب أو عقد له عقدا فمات المسحور بسببه فهو قتل عمد لأنه شيء يقتل غالبا.
                                            وفي القتل بالسحر عدة مسائل:
                                            1- المسألة الأولى: تعريف السحر:
                                            السحر لغة: كل ما لطف وخفي سببه.
                                            وشرعاً: يقول ابن قدامة: السحر عقد ورقى وكلام يتكلم به أو يكتبه أو يعمل شيئا في بدن المسحور أو قلبه أو عقله من غير مباشرة له، وله حقيقة فمنه ما يقتل ومنه ما يمرض ومنه ما يأخذ الرجل عن امرأته فيمنعه وطئها ومنه ما يفرق بين المرء وزوجه وما يبغض أحدهما إلى الآخر أو يحبب بين اثنين.

                                            2- المسألة الثانية : ثبوته:
                                            السحر ثابت في القرآن والسنة.....
                                            من القرآن:
                                            1- قول الله تعالى:"واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما ُأنزل على الملكين..".
                                            2- قوله تعالى في قصة موسى:"وجاءُوا بسحر عظيم"
                                            ومن السنة:
                                            1- ما ثبت في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال:"اجتنبوا السبع الموبقات" وذكر منها السحر.
                                            2- ما جاء في الصحيحين من أنه صلى الله عليه وسلم: " ُأصيب بالسحر".

                                            3- المسألة الثالثة: طرق تحضير الساحر للجني:
                                            الساحر يحضر الجان ليؤذي بهم ابن آدم، ولهذا فإن كثيرا من الأمراض النفسية والعضوية بما يكون سببها من أذية الجن لبني آدم عن طريق السحر أو غيره.
                                            وقد جاء عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال في دم الاستحاضة: "أكثر ما يموت من أمتي من الطعن والطاعون
                                            قالو: الطاعون نعرفه فما الطعن؟
                                            قال: طعن أعدائكم من الجن."
                                            ومن طرق تحضير الجان التي ذكرها من لهم خبرة في ذلك:
                                            - الإقسام بالجني.
                                            - الذبح للجني.
                                            - الطريقة السفلية، وهي أن يطلب الجني من الساحر أن يكتب آيات الله في حذائه ويلبسه لكي يكفر بالله.....
                                            - طريقة النجاسة......
                                            ومن العلامات التي يعرف بها الساحر ما يلي:
                                            1- أن يسأل المريض عن اسمه واسم أمه.
                                            2- أن يطلب الساحر أن يأخذ أثرا من آثار المريض مثل شعره أو ملابسه.
                                            3- أن يطلب حيوانا ليذبحه.
                                            4- كتابة الطلاسم.
                                            5- أن يعطي المريض أشياء ليدفنها بيده.
                                            6- أن يعطي الساحر المريض أوراقا ليحرقها بيده.

                                            4- المسألة الرابعة:حكم السحر:
                                            ذهب جمهور أهل العلم:
                                            إلى أن الساحر كافر مطلقا أيا كان سحره ويقتل ردة، وقد ثبت عن ثلاثة من الصحابة قتل الساحر من غير استفصال.
                                            القول الثاني: هو رأي الشافعي رحمه الله:
                                            وهو أن السحر إن كان بأشياء كفرية فهذا كفر يقتل به الساحر ردة، أما إذا لم يكن بأشياء كفرية مثل أن يكون بأدوية ونحو ذلك فهذا لا يكفر، فإذا لم يقتل بسحره أحد فلا يقتل، أما إذا قتل بسحره أحدا فإنه يقتل قصاصا.
                                            الراجح والله أعلم:
                                            قول الجمهور أن الساحر كافر مطلقا لأنه لا يتصور أن يفعل الساحر ما يفعل إلا بالتقرب إلى الشياطين.

                                            5- المسألة الخامسة: حكم حل السحر عن المسحور:
                                            حل السحر بسحر مثله محرم لما ثبت في الحديث: "النشرة من عمل الشيطان".
                                            حل السحر بالرقية والتعويذات والدعوات المباحة...فهذا حكمه جائز.

                                            6- المسألة السادسة: القتل بالسحر:
                                            تقدم أن من صور القتل العمد عند الجمهور القتل بالسحر.
                                            فإذا قتل الساحر بسحره شخصا فهل يقتل الساحر حدا أم قصاصا؟
                                            ذلك أنه اجتمع في هذه الصورة حقان: حق الله وهو قتله ردة، وحق الآدمي وهو قتله قصاصا، فأيهما يغلب: حق الله أم حق الآدمي؟
                                            والفرق بينهما:
                                            أنه إن قيل: إنه يقتل حدا فإنه يقتل بالسيف، ولا يمكن أولياء القتيل من قتله، أما لو قلنا: يقتل قصاصا فإن تمكن أولياء القتيل من الاستيفاء بأنفسهم فإنهم يمكنون من ذلك.
                                            والصحيح هو التفصيل:
                                            1- فإن طلب أولياء المقتول القصاص فإنه يقدم حق الآدمي فيقتل قصاصا لا حدا لأمرين:
                                            الأول: لأن حقوق الآدميين مبنية على المشاحة بخلاف حقوق الله فإنها مبنية على المسامحة.
                                            الثاني: ولأن في قتله قصاصا استيفاء لحق الله ولحق أولياء المقتول، ذلك أن قتله قصاصا لا يفضي إلى تفويت حق الله لأن حق الله يتضمن أمرين: وهما العقوبة الدنيوية وهي إزهاق النفس والجزاء الآخروي، فإقامة القصاص عليه تؤدي الحق الدنيوي، ولا يؤدي إلى تفويت الحق الآخروي، وهذا بخلاف ما لو قتل ردة فإنه يؤدي إلى تفويت حق أولياء المقتول.
                                            ولكن يلاحظ في هذه الحال:
                                            بأنه وإن كان الواجب في القصاص هو المماثلة بأن يقتل الجاني بنفس الطريقة التي قتل بها المجني عليه إلا أنه في هذه الصورة لا يقتل بنفس الطريقة التي قتل بها المسحور لأنه كما يقول ابن القيم لا يمكن أن يقتص منه بمثل ما فعل لكونه محرما لحق الله فهو كما لو قتله باللواط وتجريع الخمر فإنه يقتص منه بالسيف.
                                            2- وإن طلب أولياء المقتول الدية فإنه يقتل ردة ويعطى أولياء المقتول الدية، فيجتمع على الجاني العقوبة من وجهين لأن قتله ردة لا يبطل حق الأولياء في الدية.


                                            مسألة: القتل بالعين:
                                            العين حق ولها تأثير على الإنسان فمنها ما يقتل ومنها ما يمرض ومنها ما يمنع عن الإنسان الخير أو يوقعه في البلاء.
                                            ومن الأدلة على العين:
                                            قوله تعالى: {و إن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر" أي يحسدونك بأبصارهم}
                                            قال غير واحد من المفسرين في تفسير هذه الآية:
                                            إنه الإصابة بالعين فأرادوا أن يصيبوا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظر إليه قوم من العائنين وقالوا: ما رأينا مثله ولا مثل حجته.
                                            وكان طائفة منهم تمر به الناقة والبقرة السمينة فيعينها ثم يقول لخادمه: خذ المكتل والدرهم وآتنا بشيء من لحمها فما تبرح حتى تقع.
                                            وقالت طائفة أخرى منهم ابن قتيبة:
                                            ليس المراد أنهم يصيبونك بالعين كما يصيب العائن بعينه ما يعجبه وإنما أراد أنهم ينظرون إليك إذا قرأت القرآن الكريم نظرا شديدا بالعداواة والبغضاء يكاد يسقطك .
                                            قال:
                                            ويدل على صحة هذا المعنى أنه قرن هذا النظر بسماع القرآن الكريم، وهم كانوا يكرهون ذلك أشد الكراهة فيحدون إليه النظر بالبغضاء.
                                            ولا مانع من حمل الآية على كلا المعنيين إذ العين كما يكون سببها الإعجاب قد يكون سببها الحسد، فالكفار كانوا ينظرون إليه نظر حاسد شديد العداوة فهو نظر يكاد يزلقه لولا حفظ الله وعصمته فهذا أشد من نظر العائن بل هو جنس نظر العائن.

                                                اختلف الناس في حقيقة العين على مذاهب متعددة:

                                            1- فأبطلت طائفة أمر العين وقالوا: إنما ذلك أوهام لا حقيقة لها، يقول ابن القيم: وهؤلاء من أجهل الناس بالسمع والعقل ومن أغلظهم حجابا وأكثفهم طباعا وأبعدهم معرفة عن الأرواح والنفوس وصفاتها وتأثيراتها.
                                            2- وقالت طائفة: إن العائن إذا تكيف نفسه بالكيفية الرديئة انبعث من عينه قوة سمية تتصل بالمعين فيتضرر قالوا: ولا يستنكر هذا كما لا يستنكر انبعاث قوة سمية من الأفعى تتصل بالإنسان فيهلك.
                                            3- وقالت فرقة أخرى: قد أجرى الله العادة بخلق ما يشاء من الضرر عند مقابلة عين العائن من غير أن يكون منه قوة ولا سبب ولا تأثير أصلا وهذا مذهب منكري الأسباب والتأثيرات.
                                            4- وقال ابن القيم: إن هذا التأثير بواسطة تأثير الأرواح ولشدة ارتباطها بالعين ينسب الفعل إليها، وليست هي الفاعلة وإنما التأثير للروح والأرواح مختلفة في طبائعها وقواها وخواصها فروح الحاسد مؤذية للمحسود أذى بينا ولهذا أمر الله سبحانه ورسوله أن يستعيذ من شره وتأثير الحاسد في أذى المحسود أمر لا ينكره إلا من هو خارج عن حقيقة الإنسانية وهو أصل الإصابة بالعين فإن النفس الخبيثة الحاسدة تتكيف بكيفية خبيثة وتقابل المحسود فتؤثر فيه بتلك الخاصية وأشبه الأشياء بهذا الأفعى فإن السم كامن فيها بالقوة فإذا قابلت عدوها انبعث منها قوة غضبية وتكيفت بكيفية خبيثة مؤذية فمنها ما تشتد كيفيتها وتقوى حتى تؤثر في إسقاط الجنين ومنها ما تؤثر في طمس البصر كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الأبتر ذي الطيفتين من الحيات إنهما يلتمسان البصر ويسقطان....
                                            ونفس العائن لا يتوقف تأثيرها على الرؤية بل قد يكون أعمى فيوصف له الشيء فتؤثر نفسه فيه وإن لم يره.

                                                أنواع العين:

                                            1- العين المعجبة: وهذه لا يكاد يسلم منها أحد، لأنها تصدر بسبب الإعجاب ولهذا شرع التبريك إذا رأى الإنسان ما يعحبه.
                                            2- العين الحاسدة: وهذه لا تصدر إلا من ضعيف الإيمان ومن نفس خبيثة.
                                            قال ابن القيم:
                                            إذا عرف الرجل بالأذى بالعين ساغ بل وجب حبسه وإفراده عن الناس ويطعم ويسقى حتى يموت . ذكر ذلك غير واحد من الفقهاء، ولا ينبغي أن يكون في ذلك خلاف لأن هذا من نصيحة المسلمين ودفع الأذى عنهم."
                                            فإن لم يندفع أذاه بالسجن وظل يقذف بشره خارج السجن فللإمام أن يقتله تعزيراً.

                                                علاج العين:

                                            - الاستقامة على طاعة الله.
                                            - المحافظة على الأوراد الشرعية.
                                            - الرقية الشرعية لمن أصابته العين.
                                            - التبريك وقول: ما شاء الله.
                                            - أخذ أثر من العائن : فيؤمر بغسل مغابنه وأطرافه وداخلة إزاره واختلف فيه فقيل: إنه فرجه وقيل: إنه طرف إزاره الداخل الذي يلي جسده.
                                            - ستر محاسن من يخاف عليه العين بما يردها عنه:
                                            ذكر البغوي في شرح السنة: أن عثمان رضي الله عنه رأى صبيا مليحا فقال: دسموا نونته لئلا تصيبه العين.
                                            ثم قال في تفسيره: ومعنى دسموا نونته: أي سودوا نونته ، والنونة النقرة التي تكون في ذن الصبي الصغير. أراد سودوا ذلك الموضع من ذقنه ليرد العين.

                                                مسألة :

                                            هل القتل بالعين يوجب القصاص؟
                                            اختلف أهل العلم في ذلك، وسبب اختلافهم:
                                            أن القتل بالعين أمر خفي، فقد يكون موت المعيون وقع اتفاقا وليس بسبب العين، وعلى أقل الأحوال فالأمر محتمل وليس ثمت يقين.
                                            وأصح الأقوال في المسألة:
                                            ما ذهب إليه جمع من محققي أهل العلم منهم شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم:
                                            وهو التفصيل بين ما إذا كان العائن قاصدا مختارا للقتل وهو يعلم أن عينه تقتل، وبين من حصلت منه الجناية بالعين من غير قصد ولا اختيار.
                                            فالأولى فيها القصاص دون الثانية.
                                            يقول ابن القيم رحمه الله:
                                            "إن كان ذلك بغير اختياره بل غلب على نفسه لم يقتص منه وعليه الدية وإن تعمد وقدر على رده وعلم أنه يقتل به ساغ للوالي أن يقتله بمثل ما قتل به فيعينه إن شاء كما عان هو المقتول ، وسألت شيخنا أبا العباس ابن تيمية قدس الله روحه عن القتل بالحال هل يوجب القصاص، فقال: للولي أن يقتله بالحال، كما قتل به.
                                            فإن قيل:
                                            فما الفرق بين القتل بهذا وبين القتل بالسحر حيث توجبون القصاص به بالسيف؟
                                            قلنا :
                                            الفرق من وجهين:
                                            أحدهما : أن السحر الذي يقتل به هو السحر الذي يقتل مثله غالباً ولا ريب أن هذا كثير في السحر وفيه مقالات وأبواب معروفة للقتل عند أربابه.
                                            الثاني: أنه لا يمكن أن يقتص منه بمثل ما فعل لكونه محرماً لحق الله ، فهو كما لو قتله باللواط وتجريع الخمر فإنه يقتص منه بالسيف" .

                                                مسألة :

                                            القصاص من العائن:
                                            فالمشروع في القصاص كما سيأتي هو المماثلة، فهل ينسحب هذا الحكم على القتل بالعين أيضاً.
                                            فذهب بعض أهل العلم إلى أنه يقتل بالسيف ، وهذا القول ضعيف ، والصحيح أنه يقتل بمثل ما قتل به ما أمكن ذلك، فيؤتى بعائن مثله، ويطلب منه أن يعينه ، وهذا اختيار ابن تيمية وابن القيم.
                                            يقول شيخ الإسلام ابن تيمية عن الولي والصوفي: "إذا قتل معصوما بحالهما المحرمة فعليهما القود بمثل حالهما كقتل العائن بعين مثله".
                                            ************************* ************************* *****************

                                            انتهينا من النوع الأول من أنواع القتل
                                            وفي الدرس التالي سوف نتحدث عن النوع الثاني وهو: (القتل شبه العمد)













                                    النوع الثاني: القتل شبه العمد:

                                    القتل شبه العمد: هو أن يقصد من يعلمه آدميا معصوما فيجني عليه بآلة لا تقتل غالباً.
                                    ويكون ذلك:
                                    1- إما بقصد العدوان عليه.
                                    2- أو لقصد تأديبه فيسرف فيه.
                                    ويكون ذلك إما بقصد العدوان عليه ، أو لقصد تأديبه فيسرف فيه ،كالضرب بالسوط والعصا والحجر الصغير والوكز باليد ،
                                    وسائر مالا يقتل غالبًا إذا قتل ، فكل هذا شبه عمد لأنه قصد الضرب دون القتل.
                                    ويسمى : عمد الخطأ، وخطأ العمد فإنه عمد الاعتداء وأخطأ في القتل.
                                    فهذا لا قود فيه وديته مغلظة.
                                    أوجه الشبه والاختلاف بينه وبين القتل العمد:
                                    القتل شبه العمد يشبه القتل العمد في أمر ويختلف عنه في أمرين:
                                    فهو يشبهه في:
                                    أن الجاني فيهما كليهما قصد العدوان.
                                    ويختلف عنه في:
                                    1- نوع القصد: ففي القتل العمد لا بد أن يقصد الجاني القتل، أما في شبه العمد فيقصد مجرد الاعتداء.
                                    2- الآلة: فالآلة المستخدمة في القتل العمد تقتل غالبا، أما المستخدمة في القتل شبه العمد فهي لا تقتل غالباً.

                                    أوجه الشبه والاختلاف بينه وبين القتل الخطأ:
                                    القتل شبه العمد يشبه الخطأ في أمر ويختلف عنه في أمرين:
                                    فهو يشبه القتل الخطأ في:
                                    أن الجاني فيهما كليهما لم يقصد القتل.
                                    ويختلف عنه في:
                                    1- القصد: فلا بد في القتل شبه العمد من قصد العدوان، بخلاف القتل الخطأ.
                                    2- الآلة: فالآلة المستخدمة في القتل شبه العمد لا بد أن تكون غير قاتلة، أما الآلة المستخدمة في القتل الخطأ فقد تكون قاتلة كالبندقية يقتل بها شخصا خطأ وقد تكون غير قاتلة.

                                    أمثلة للأداة في القتل شيه العمد :
                                    1- قد يكون بغير أداة كاللطم ، والرفس واللكم اليسير في غير مقتل ، والعض .
                                    2- وقد يكون بأداة مادية كالحجر الصغير والعصا .
                                    3- وقد يكون بأثر نفسي، كأن يشهر عليه سيفًا أو يصوب عليه بندقية دون أن يرميه ، فيموت رعبًا ، أو يصيح
                                    بغافل فيموت ، أو أن يدليه من شاهق أو يفزع امرأة حاملاً .
                                    4- وقد يكون الجاني متسببًا كأن يطلب إنسانًا بسيف ونحوه فيسقط ويموت .
                                    5- وقد يكون بالترك مثل من يحبس شخصًا مدة لا تقتل غالبًا .

                                    الخلاف فيه:
                                    اختلف أهل العلم في القتل شبه العمد على قولين:
                                    1- قول المالكية:
                                    قالوا: إن القتل إما عمد أو خطأ وليس ثمت شبه عمد، وجعلوا حالات شبه العمد عمدا أوجبوا فيها القصاص.
                                    أدلتهم:
                                    قالوا: إن الله لم يذكر في كتابه إلا العمد والخطأ: "وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطئاً.....ومن يقتل مؤمنا متعمدا ....."
                                    فمن زاد قسما ثالثاً فقد زاد في النص.
                                    ودليلهم من النظر:
                                    إن القاتل في القتل شبه العمد قصد الجناية فهو إذا عمد.
                                    ونوقش:
                                    بأنه إنما يشبه من ناحية قصد الجناية كما أنه يشبه الخطأ من ناحية أنه لم يقصد القتل، فليس إلحاقه بأي النوعين بأولى من الآخر.

                                    2- قول الجمهور:
                                    الأحناف والشافعية والحنابلة ذهبوا إلى إثبات القتل شبه العمد.
                                    الأدلة:
                                    1- الدليل الأول:
                                    عن أبي هريرة رضي الله قال: اقتتلت امرأتان من هذيل فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها،
                                    فاختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقضى أن دية جنينها غرة عبد أو وليدة وقضى بدية المرأة على عاقلتها. متفق عليه.
                                    غرة عبد: قيمة عدل وهي خمس من الإبل.
                                    عاقلتها: عصبتها.
                                    أوجه الدلالة:
                                    1- أن النبي صلى الله عليه وسلم أوجب فيه الدية ولو كان عمدا كما يقول المالكية لذكر القصاص.
                                    2- أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بدية المرأة على عاقلتها، والعاقلة لا تحمل عمدا بإجماع العلماء.

                                    2- الدليل الثاني:
                                    عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "عقل شبه العمد مغلظ مثل قتل العمد ولا يقتل صاحبه" رواه أحمد وأبو داود.
                                    عقل: أي دية.
                                    وهو يدل على القتل شبه العمد من عدة أوجه:
                                    الوجه الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم سماه شبه العمد ولم يسمه عمدا ولا خطأ.
                                    الوجه الثاني: أنه بين أن ديته مغلظة مثل دية العمد فدل على أنه قسم ثالث غير العمد.
                                    الوجه الثالث: أنه قال: "ولا يقتل صاحبه" والقتل العمد يقتل صاحبه بالإجماع.

                                    3- الدليل الثالث:
                                    عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
                                    (ألا إن قتيل الخطأ شبه العمد ( وفي رواية ) عمد الخطأ (وفي رواية) خطأ العمد،
                                    قتيل السوط أو العصا فيه مائة من الإبل منها أربعون في بطونها أولادها) رواه الخمسة إلا الترمذي.
                                    أجاب المالكية:
                                    بأن الحديث ضعيف، قال الباجي: "هذا الحديث غير ثابت رواه علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف عن القاسم وابن ربيعة عن ابن عمر ، ولم يلق القاسم ابن عمر."
                                    ورد:
                                    بأن الحديث بشواهده ومتابعاته يرتقي إلى رتبة الاحتجاج ، ولهذا قال ابن القطان: هو صحيح ولا يضره الاختلاف، وصححه ابن حبان كذلك.

                                    4- الدليل الرابع:
                                    الآثار المروية عن جمع من الصحابة بإثباته كعمر وابن عمر وابن مسعود وعبد الله بن عمرو وزيد بن ثابت وغيرهم، وقول الصحابة حجة ما لم يخالف.


                                    ومن هذه الأدلة يتبين أن القول الراجح هو إثبات القتل شبه العمد كما هو رأي الجمهور.



                                    النوع الثالث: القتل الخطأ

                                    تعريف القتل الخطأ: أن يفعل ما له فعله فيصيب آدميا معصوما لم يقصده فيقتله.

                                    أدلته:
                                    - قوله تعالى: {وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطئا}
                                    - ومن السنة عن محمود بن لبيد قال: {اختلفت سيوف المسلمين على اليمان أبي حذيفة يوم أحد ولا يعرفونه فقتلوه فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يديه فتصدق حذيفة بديته على المسلمين}. رواه أحمد.
                                    - وقد أجمعت الأمة: على ثبوت القتل الخطأ من حيث الجملة.

                                    حكمه:
                                    القتل الخطأ لا قود فيه باتفاق الفقهاء، وإنما فيه الدية المخففة والكفارة:
                                    والأصل في وجوب الدية والكفارة قوله تعالى: {ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا}
                                    وسواء كان المقتول مسلما أو كافرا له عهد لقول الله تعالى: {وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة}
                                    وأما كونه لا قصاص فيه:
                                    1- فلأن الله تعالى أوجب به الدية، ولم يذكر قصاصا.
                                    2- ولما روى ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه} رواه ابن ماجه وابن حبان والحاكم، وهو حديث حسن .
                                    3- ولأنه لم يوجب القصاص في عمد الخطأ ففي الخطأ أولى.

                                    أنواع القتل الخطأ:
                                    بعض الفقهاء كالأحناف وبعض الحنابلة يقسمون القتل الخطأ إلى قسمين:
                                    1- قتل خطأ محض.
                                    2- قتل في معنى القتل الخطأ، أي يجري مجرى الخطأ.

                                    النوع الأول: الخطأ المحض: وهو ما قصد فيه الجاني الفعل دون الشخص، ولكنه أخطأ في فعله أو في ظنه.
                                    فمثال الخطأ في الفعل: يرمي صيدا فيخطئه ويصيب آدمياً.
                                    قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن هذا من الخطأ.
                                    ومثال الخطأ في الظن: أن يرمي شخصا على ظن أنه مهدر الدم فإذا هو معصوم، أو يرمي ما يحسبه حيوانا فإذا هو معصوم، ومن هذا النوع أيضاً: أن يقتل مسلما في دار الحرب يظن أنه كافر.
                                    وقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة – الأخيرة – على قولين، وفيما يأتي بيانهما:

                                    مسألة: إذا قتل مسلماً في دار الحرب ظاناً أنه كافر:
                                    أو يرمي إلى صف الكفار ويصيب مسلما أو يتترس الكفار بسلم ويخاف على المسلمين إن لم يرمهم فيرميهم فيقتل المسلم.
                                    فقد اتفق أهل العلم على أن هذا خطأ، لا يوجب قصاصا؛ لأنه لم يقصد قتل مسلم فأشبه ما لو ظنه صيد فبان آدمياً.
                                    واتفقوا على أن فيه الكفارة على القاتل.
                                    ثم اختلفوا في وجوب الدية على قولين:
                                    القول الأول:
                                    أن هذا القتل تجب به الدية والكفارة، وهو قول مالك والشافعي ورواية في مذهب أحمد.
                                    الأدلة:
                                    1- قوله تعالى: { ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله }
                                    2- وقال عليه الصلاة والسلام: ( ألا إن في قتيل خطأ العمد ، قتيل السوط والعصا مائة من الإبل ).
                                    3- ولأنه قتل مسلما خطأ فوجبت ديته، كما لو كان في دار الإسلام.
                                    القول الثاني:
                                    أن هذا القتل لا تجب به دية، وإنما يجب فيه الكفارة فقط.
                                    وروي هذا عن ابن عباس ، وبه قال عطاء وعكرمة وقتادة والأوزاعي والثوري وأبو ثور وأبو حنيفة، وهو المذهب عند الحنابلة.
                                    الأدلة:
                                    1- قال تعالى:{فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة} ولم يذكر دية وهذا ظاهر في أنها غير واجبة، وهذا يدل أنه لا يدخل في عموم الآية التي احتج بها الفريق الأول، ويخص بها عموم الخبر الذي رووه.
                                    2- في صحيح مسلم عن أسامة بن زيد رضي الله عنه: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية فصبحنا الحرقات من جهينة فأدركت رجلا من المشركين فلما رفعت عليه السيف قال: لا إله إلا الله، فقتلته ، فوقع ذلك في نفسي، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: قال: لا إله إلا الله وقتلته؟ فقلت: إنما قالها خوفا من السلاح، فقال: أفلا شققت عن قلبه لتنظر أقالها أم لا؟ فلم يزل يرددها علي تمنيت أني أسلمت يومئذ.
                                    وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يد القتيل.
                                    -------------------
                                    النوع الثاني: القتل الذي يجري مجرى الخطأ: وهو ما لا قصد فيه إلى الفعل ولا إلى الشخص.
                                    وهذا قد يكون مباشرة أو تسببا ، فالأول كالنائم ينقلب على طفل بجواره فيقتله، والثاني كمن يحفر بئرا أو يترك حائطه المائل دون إصلاح ، أو يريق ماءً في الطريق فيموت بذلك معصوم.
                                    فحكم هذا القتل كحكم النوع الأول فلا قصاص فيه وفيه الدية المخففة والكفارة.

                                    ومما سبق يتبين أن القتل الخطأ ينقسم باعتبارات مختلفة:
                                    - فقد يكون خطأ محظا.
                                    - وقد يكون مما يجري مجرى الخطأ المحض.
                                    - وقد يكون مباشرة.
                                    - وقد يكون تسببا.
                                    - وقد يكون فعلا كما سبق.
                                    - وقد يكون تركا مثل أن يترك كلبا عقوراً فيقتل معصوماً.
                                    - وقد يكون بوسيلة :
                                    أ‌- مادية كما سبق.
                                    ب‌- أو معنوية كما لو صاح بحيوان ففزع عاقل فمات.
                                    ------------------------------
                                    مسائل في القتل الخطأ:
                                    - المسألة الأولى: عمد الصبي والمجنون خطأ:
                                    الأدلة على ذلك:
                                    1- قوله عليه الصلاة والسلام: "رفع القلم عن ثلاثة...."رواه أحمد وأبو داود.
                                    2- الإجماع: قال ابن قدامة: "لا خلاف بين أهل العلم في أنه لا قصاص على صبي ولا مجنون، وكذلك كل زائل العقل بسبب يعذر فيه كالنائم والمغمى عليه."
                                    3- ولأنهم ليس لهم قصد صحيح.

                                    - المسألة الثانية: ليس كل خطأ يتسبب به الإنسان يتحمل مسؤوليته. فالقتل الخطأ لا يترتب عليه أثره ولا يتحمل الإنسان مسؤوليته إلا إذا فرط أو تعدى:
                                    والتفريط: هو أن يترك أمرا كان عليه فعله شرعا أو عرفا.
                                    والتعدي: أن يفعل محظورا يحرم عليه إتيانه شرعا أو عرفا.
                                    وهذا هو الأصل العام في هذا الباب، وهاهنا قاعدتان تبنيان هذا الأصل:
                                    القاعدة الأولى: إذا كان الفعل غير مأذون فيه شرعا وأتاه الفاعل دون ضرورة ملجئة فهو تعد من غير ضرورة وما تولد منه يسأل عنه الفاعل سواء أكان مما يمكن التحرز عنه أو لا يمكن.
                                    القاعدة الثانية: كل ما يلحق ضررا بالغير يسأل عنه فاعله أو المتسبب فيه إذا كان يمكن التحرز عنه ، ويعتبر أنه تحرز إذا لم يهمل أو يفرط في الاحتياط والتبصر فإذا كان لا يمكن التحرز إطلاقا فلا مسؤولية.

                                    وتتضح هاتان القاعدتان بالأمثلة:
                                    1- لو أن سيارة تمشي في الطريق حاملة حديدا فسقطت من السيارة على إنسان فقتلته ، فالسائق مسؤول عن قتله لأنه يستطيع أن يتحرز ويحتاط، ولكن الغبار والحصى الذي يثيره مشي السيارة في الطريق إذا جاء في عين إنسان فأتلفها فلا يسأل عنها السائق لأن إثارة الغبار والحصى مما يمكن التحرز منه.
                                    2- إذا سرق سيارة أو قادها بدون رخصة أو بدون أوراق الملكية أو كانت سنه دون السن القانونية ونحو ذلك فاصطدم بآخر فقتله فيتحمل مسؤولية قتله حتى وإن كان الجاني جميع أسباب السلامة في القيادة وسار بسرعة قانونية متبعا للأنظمة ، والسبب أنه تعدى بقيادته دون ضرورة ، أما لو كان ثمة ضرورة لتلك القيادة مثل أن يضطر لإيصال شخص للمستشفى عاجلا ولا يحمل رخصة القيادة فهو غير متعد حينئذ.
                                    3- ذكر الفقهاء أن الأضرار التي تحدثها الدابة يتحملها قائدها مثلما لو وطئت إنسانا أو كدمته أو صدمته أما الأضرار التي تحدثها في مؤخرتها فلا يتحمل القائد مسؤولياتها مثلما لو نفخت برجلها أو ذنبها إنسانا فمات، لأن هذا لا يمكن التحرز منه بخلاف ما في المقدمة.
                                    والدليل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "والعجماء جبار" أي نفخ الدابة برجلها جبار لا مسؤولية في حقه، ويقاس على ذلك ما تقضي به عامة الأنظمة الوضعية من أن الحوادث التي تلحق السيارة من المؤخرة يتحملها قائد السيارة الخلفية وهذا موافق للرأي الشرعي.
                                    4- من أوقف سيارته في مكان ممنوع فتسبب في مقتل إنسان فإن صاحب السيارة يتحمل مسؤولية ذلك ، أما لو أوقفها في مكان مسموح فلا مسؤولية عليه.
                                    5- من أحدث شيئا غير مأذون له كمن أخرج جناحا أو شرفة فعثر به عاثر فمات ، أو رش ماء في الطريق فزلق به إنسان فمات فعليه المسؤولية ، وكذا لو قصر في إزالة شيء يجب عليه إزالته فوقع فيه إنسان فمات فعليه الضمان، مثل أن يقصر في إزالة الثلج من عتبة داره إذا كان النظام يلزمه ذلك أو يكون جداره مائلا فيتمادى في إصلاحه، أو تكون أسلاك الكهرباء مكشوفة ونحو ذلك.
                                    6- إذا اعترضه وهو يقود سيارته شخص فمات، فينظر:
                                    أ‌- إن كان قائد السيارة متعديا أو مقصرا في قيادته فعليه الضمان مطلقا، مثل أن يقود السيارة من غير تصريح أو يكون مسرعا في قيادته أو كانت مكابح السيارة ضعيفة.
                                    ب‌- فإن كان يقول السيارة بصورة نظامية ، فإن كان اعتراض القتيل بعيد بحيث يتمكن القائد من إيقاف السيارة فلم يوقفها فعليه المسؤولية.
                                    ت‌- أما إن كانت المسافة يسيرة لا يتمكن من إيقاف السيارة فليس عليه المسؤولية.
                                    7- إذا انقلبت سيارة بركابها فهلكوا فعلى قائد السيارة المسؤولية إن كان قد فرط مثل أن تكون الإطارات قديمة أو تعدى مثل أن يكون مسرعا، فإن لم يكن كذلك فليس عليه مسؤولية.

                                    - المسألة الثالثة: من قصد فعلا محرما فقتل آدمياًً:
                                    وصورة ذلك أن يقصد قتل بهيمة محترمة أو آدميا معصوما فيصيب غيره فيقتله.
                                    وهذا القتل قد يكون ناتجا عن خطأ في شخص المجني عليه أو عن خطأ في شخصيته:
                                    فمثال الخطأ في شخصه: أن يقصد الجاني قتل شخص معين فيصيب غيره (فهذا خطأ في الفعل)
                                    ومثال الخطأ في شخصيته: أن يقصد الجاني قتل شخص على أنه زيد وهو معصوم فتبين أنه عمرو. فهذا خطأ في الظن.
                                    وقد اختلف الفقهاء في هذه المسألة على قولين:
                                    القول الأول: أن هذا من الخطأ لأنه لم يقصد قتله.
                                    وهذا مذهب أبي حنيفة والشافعي وأحد القولين في مذهب أحمد ، وهو الذي قدمه في المغني وهو مقتضى كلام صاحب المحرر.
                                    القول الثاني:أن هذا عمد لكونه قصد فعلا محرما قتل به إنسانا.
                                    وهذا مذهب المالكية ، قال في الإنصاف: وهو منصوص الإمام أحمد رحمه الله قاله القاضي في روايتيه. وهو ظاهر كلام الخرقي ...."
                                    والأرجح والله أعلم:
                                    التفصيل:
                                    فإن كانت حرمة نفس القتيل في نفس درجة حرمة المقصود بالقتل ، كما لو كان كلاهما مسلما معصوم الدم فالجناية عمد لأنه لا فرق بين أن تقع الجناية على زيد أو على عمرو.
                                    أما إن كانت نفس القتيل أقل حرمة من المقصود بالقتل كما لو استهدف شاة أو نصرانيا فأصاب مسلما فقتله الجناية شبه عمد لأن الجاني قصد الاعتداء ولم يقصد القتل ولوجود الشبهة الدارئة لثبوت القصاص.
                                    ------------------------------------------------


                                    والآن انتهينا من أنواع الجناية على النفس
                                    وسوف ننتقل للحديث عن "العقوبات المقدرة على الجناية على النفس"






                                        العقوبات المقدرة على الجناية على النفس

                                        العقوبات المقدرة على القتل العمد:
                                        وهذه العقوبات هي:
                                        1. القصاص
                                        2. الدية
                                        3. الكفارة - على رأي بعض الفقهاء -
                                        4. التعزيز
                                        5. الحرمان من الوصية
                                        6. الحرمان من الميراث
                                        أولاً: القصاص:

                                        1: الحكمة من مشروعية القصاص:
                                        شرع الله القصاص لحكم عظيمة ومقاصد سامية ومن أهم حكم القصاص :
                                        1. حماية المجتمعات من الجريمة ، وردع كل من تسول له نفسه الاعتداء على الآخرين.
                                        2. تحقيق العدل والانتصار للمظلوم ، بتمكين ورثة القتيل من أن يفعلوا بالقاتل مثل ما فعل بمورثهم .
                                        3. التوبة على القاتل ، وتطهيره من الذنب الذي اقترفه ، فإن القصاص والحدود عامة كفارة لأهلها وإن لم يتوبوا من الذنب.

                                        2: أدلة مشروعية القصاص في الأنفس:
                                        من الكتاب :
                                        قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى .. } وقوله تعالى : { وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس ..} الآية .
                                        ومن السنة :
                                        عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { من قتل له قتيل فهو بخير النظرين : إما أن يفتدي وإما أن يقتل } رواه الجماعة لكن لفظ الترمذي : " إما أن يعفو وإما أن يقتل "
                                        وعن أبي شريح الخزاعي قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { من أصيب بدم أو خبل (والخبل : الجراح) فهو بالخيار بين إحدى ثلاث : إما أن يقتص أو يأخذ العقل أو يعفو فإن أراد رابعة فخذوا على يديه } رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه.

                                        3- شروط وجوب القصاص:
                                        يشترط لوجوب القصاص أربعة شروط:
                                        الشرط الأول: أن تكون الجناية عمدا محضا:
                                        قال ابن قدامة: "أجمع العلماء على أن القود لا يجب إلا في العمد."

                                        الشرط الثاني: عصمة المقتول:
                                        فإن كان مهدر الدم كالحربي والمرتد والزاني المحصن والمحارب الذي تحتم قتلها فلا قصاص على القاتل ولا دية ولا كفارة سواء أكان مسلما أو ذميا.
                                        وحكى بعض الشافعية وجها:
                                        أن على القاتل القود لأن قتله إلى الإمام فيجب القود على على من قتله كمن عليه القصاص إذا قتله غير مستحق.
                                        ===========
                                        مسألة: إذا قتل القاتلَ شخصٌ آخر، فيأتي أجنبي فيقتص من القاتل بغير إذن؟
                                        قولان:
                                        الأول:
                                        أنه يقتص منه وهذا قول الجمهور.
                                        وأدلتهم:
                                        1- أن المقتول لم يتحتم قتله لاحتمال عفو أحد الأولياء عن القصاص فشرط القصاص اتفاق الأولياء على الأخذ به.
                                        2- أن دمه مستحق لأولياء القتيل الأول فلم يبح دمه لغيرهم، وهو شيء يستحقونه على سبيل المعاوضة أي عوضا عن قتيلهم، فهذا كما لو كان له دين فاستوفاه غيره!
                                        القول الثاني:
                                        أنه لا قصاص على القاتل الثاني، وهو مروي عن قتادة.
                                        وحجته:
                                        القياس على قتل الزاني المحصن والمرتد، بجامع أن القتيل في كل منهما مباح الدم.
                                        ويرد هذا القياس بأنه قياس مع الفارق، لأن الزاني والمرتد ونحوهم متحتم قتلهم بخلاف القاتل فإنه غير متحتم.
                                        والراجح هو القول الأول.
                                        =================
                                        مسألة: لو طلب أولياء القتيل الأول بالدية فهل لهم ذلك؟
                                        فيه خلاف:
                                        فالشافعية والحنابلة:
                                        يرون أنهم يستحقون الدية لأن الواجب في القتل أحد شيئين:
                                        1- القصاص.
                                        2- أو الدية.
                                        فإذا تعذر أحدهما لفوات محله وجب الآخر.
                                        وقال الأحناف:
                                        ليس للورثة حق الدية لفوات المحل.
                                        وقال المالكية:
                                        من قتل رجلا فعدا عليه أجنبي فقتله عمدا، فدمه لأولياء القتيل الأول، ويقال لأولياء القتيل الثاني: أرضوا أولياء القتيل الأول، وشأنكم بقاتل وليكم في العفو أو القتل، فإن لم يرضوهم فلأولياء القتيل الأول قتله أو العفو عنه.
                                        والراجح:
                                        هو قول المالكية لما فيه من العدل حيث لم يجتمع على شخص واحد عقوبتان ولم يهدر حق أي منهم.
                                        =================



                                            الشرط الثالث: التكليف:
                                            فلا قصاص على مجنون أو صبي.
                                            مسألة: جناية السكران:
                                            اختلف العلماء في حكم إقامة القصاص على من قتل عمدا حال سكره على قولين:
                                            القول الأول: أنه يقتص منه وهو مذهب الجمهور.
                                            واستدلوا:
                                            1- أن الصحابة رضوان الله عليهم أقاموا سكره مقام قذفه، فأوجبوا عليه حد القذف، فلولا أن قذفه موجب للحد عليه لما وجب الحد بمظنته، فقد جاء في الموطأ أن عمر رضي الله عنه استشار الناس في شأن شارب الخمر فقال علي رضي الله عنه: يا أمير المؤمنين إن الشارب إذا سكر هذى وإذا هذى افترى، وحد المفتري ثمانون جلدة، أرى أن تجلده ثمانين، فأعجب ذلك عمر وجعل عقوبته ثمانين جلدة.
                                            فإذا وجب حد القذف على الشارب فالقصاص المتمحض حق آدمي أولى.
                                            2- ولأن في ذلك سدا للذريعة إذ لو لم يجب القصاص والحد لأفضى إلى أن من أراد أن يعصي الله شرب ما يسكره ثم قتل وزنى وسرق ولا يلزمه عقوبة ، فيصير عصيانه سببا لسقوط العقوبة عنه.

                                            القول الثاني: أنه لا يقتص منه وهو وجه في مذهب الحنابلة:
                                            واستدلوا:
                                            1- بالقياس على المجنون فإن كلا منهما زائل العقل.
                                            ويناقش:
                                            بأن هذا قياس مع الفارق فإن السكران فقد عقله باختياره بخلاف المجنون.
                                            2- وبالقياس على الطلاق فإن السكران لا يقع طلاقه.
                                            ويناقش:
                                            بأن القتل يفارق الطلاق:
                                            أ‌- فإنه قول والقتل فعل.
                                            ب‌- ولأن الطلاق يمكن إلغاؤه بخلاف القتل.
                                            ت‌- ولأن إلزامه بالطلاق يترتب عليه إلحاق الضرر بمن لم يرتكب المعصية وهو الزوجة والأولاد.
                                            3- ولما ثبت في البخاري أن حمزة رضي الله عنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم وهو ثمل: وهل أنتم إلا عبيد أبي، ولم يقم النبي صلى الله عليه وسلم عليه حد الردة.
                                            ويناقش:
                                            بأن هذا كان قبل تحريم الخمر فلا يصح الاستدلال به. وبأنه قول والقتل فعل، والفعل أشد.
                                            والراجح: هو القول الأول لقوة أدلته.
                                            فأما إن تناول شيئا يزيل العقل على وجه مباح كالبنج فقتل فلا قصاص عليه لأنه معذور، حكمه حكم المجنون، فهو قتل خطأ.



                                            الشرط الرابع: التكافؤ بين المقتول وقاتله حال الجناية:
                                            ومعنى التكافؤ:
                                            أن يتساوى الجاني والمجني عليه في الدين والحرية أو الرق، فيقتل الحر المسلم بالحر المسلم ذكرا كان أو أنثى.
                                            صور عدم التكافؤ:
                                            1- الصورة الأولى: قتل المسلم بالكافر:
                                            لا خلاف بين أهل العلم أن الكافر يقتل بالمسلم لأن النبي صلى الله عليه وسلم قتل اليهودي الذي رض رأس جارية من الأنصار على أوضاح لها، ولأنه إذا قتل بمثله فبمن هو فوقه أولى.
                                            واختلفوا في قتل المسلم بالكافر على قولين:
                                            القول الأول:
                                            للجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة: أن المسلم لا يقتل بالكافر.
                                            استدلوا بما يلي:
                                            1- ما روى البخاري عن أبي جحيفة قال: "قلت لعلي: هل عندكم شيء من الوحي غير القرآن؟
                                            قال: لا ، والذي خلق الحبة وبرأ النسمة إلا فهما يعطيه الله رجلا من القرآن، وما في هذه الصحيفة. قلت: وما في هذه الصحيفة؟
                                            قال: العقل وفكاك الأسير، وأن لا يقتل مسلم بكافر".
                                            2- وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي من وجه آخر عن علي رضي الله عنه مرفوعا:
                                            "المؤمنون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم، ولا يقتل مؤمن بكافر، ولا ذو عهد بعهده"
                                            وهو في المسند وسنن أبي داود من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
                                            ووجه الدلالة في أمرين:
                                            1- قوله "المؤمنون تتكافأ دماؤهم" فمفهوم أن الكافر لا يكافئ المسلم فلا يقتل به.
                                            2- قوله: "ولا يقتل مؤمن بكافر". ========================= ======
                                            القول الثاني:
                                            يقتل المسلم بالذمي خاصة. وهذا رأي النخعي والشعبي والأحناف
                                            واستدلوا لذلك:
                                            1- بالعمومات الدالة أن النفس تقتل بالنفس.
                                            2- ما روى الدارقطني والبيهقي عن ابن البيلماني مرسلا:
                                            " أن النبي صلى الله عليه وسلم أقاد مسلما بذمي، وقال: "أنا أحق من وفى بذمته".
                                            3- وبقوله في حديث علي وعمرو بن شعيب: "ولا ذو عهد في عهده" ووجهه أنه معطوف على قوله "مؤمن" فيكون التقدير: ولا ذو عهد في عهده بكافر كما في المعطوف عليه.
                                            والمراد بالكافر المذكور في المعطوف هو الحربي فقط بدليل جعله مقابلا للمعاهد، لأن المعاهد يقتل بمن كان معاهدا مثله من الذميين إجماعا فيلزم أن يقيد الكافر في المعطوف عليه بالحربي كما قيد في المعطوف، لأن الصفة بعد متعدد ترجع إلى الجميع اتفاقا، فيكون التقدير: لا يقتل مؤمن بكافر حربي ولا ذو عهد في عهده بكافر حربي، وهو يدل بمفهومه على أن المسلم يقتل بالكافر الذمي.
                                            4- وبما أخرجه الطبراني: "أن عليا أتي برجل من المسلمين قتل رجلا من أهل الذمة، فقامت عليه البينة، فأمر بقتله، فجاء أخوه فقال: إني قد عفوت، قال: فلعلهم هددوك وفرقوك وقرعوك، قال: لا، ولكن قتله لا يرد علي أخي، وعرضوا عليه ورضيت، قال: أنت أعلم، من كان في ذمتنا فدمه كدمنا وديته كديتنا".
                                            5- ولأن الذمي معصوم الدم عصمة مؤبدة فيقتل به قاتله كالمسلم.
                                            6- ولأن المسلم يقطع إن سرق من مال الذمي، والمستأمن، فقتله بهما أولى؛ لأن الدم أعظم حرمة من المال.
                                            والراجح القول الأول لقوة أدلته وصراحتها.
                                            أما ما استدل به أصحاب القول الثاني فيجاب عنه بما يلي:
                                            1- أما العمومات فهي مخصوصة بأحاديث الفريق الأول.
                                            2- أما حديث ابن البيلماني فهو ضعيف جدا، قال الإمام أحمد: ليس له إسناد. وقال الدراقطني: يرويه ابن البيلماني، وهو ضعيف إذا أسند فكيف إذا أرسل.
                                            3-وأما دليلهم الثالث فيجاب عنه من عدة أوجه:
                                            الوجه الأول:
                                            بأن هذا مفهوم صفة، والخلاف في العمل به مشهور بين أئمة الأصول، ومن جملة القائلين بعدم العمل به الحنفية فكيف يصح احتجاجهم به.
                                            الوجه الثاني:
                                            بأن الجملة المعطوفة، وهي قوله "ولا ذو عهد في عهده" لمجرد النهي عن قتل المعاهد فلا تقدير فيها أصلا. الوجه الثالث:
                                            بأن الصحيح عند المحققين من النحاة أن مقتضى العطف مطلق الاشتراك لا الاشتراك من كل وجه فلا يلزم اشتراك المعطوف والمعطوف عليه إلا في الحكم الذي لأجله وقع العطف وهو هنا النهي عن القتل مطلقا من غير نظر إلى كونه قصاصا أو غير قصاص فلا يستلزم كون إحدى الجملتين في القصاص أن تكون الأخرى مثلها حتى يثبت ذلك التقدير المذكور.
                                            4- وأما دليلهم الرابع فمع كونه قول صحابي ففي إسناده أبو الجنوب الأسدي وهو ضعيف الحديث كما قال الدارقطني.
                                            وقد روي عن علي رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :[ أنه لا يقتل مسلم بكافر ] كما في حديث الباب، والحجة إنما هي روايته.
                                            وروي عن الشافعي في هذه القضية أنه قال: ما دلكم أن عليا يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم شيئا ويقول بخلافه.
                                            5 - وأما كون الذمي معصوما فلا يلزم منه مكافأته للمسلم، وقياسه على المسلم غير صحيح لثلاثة أمور:
                                            الأول: أنه قياس في مقابلة النص فهو قياس فاسد الاعتبار.
                                            الثاني: أن قياس الذمي على المسلم ليس أولى من قياسه على الحربي بل إن قياسه على الحربي أقرب بجامع أن كليهما كافر مخلد في النار.
                                            الثالث: أن الله تعالى فرق بينهما، كما قال تعالى: {أفنجعل المسلمين كالمجرمين}{لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة} وقال: فكيف نصح بعد ذلك أن نكافأ بينهما؟

                                            فائدة : يقتل الذمي بالذمي سواءً اتفقت أدياﻧﻬم أو اختلفت ، فيقتل النصراني باليهودي واﻟﻤﺠوسي ، لأﻧﻬم متكافئون في العصمة بالذمة ونقيصة الكفر فجرى مجرى القصاص بينهما كما لو تساوى دينهما.





                                                2- الصورة الثانية: قتل الحر بالعبد:
                                                اختلف الفقهاء في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:
                                                القول الأول:
                                                أن الحر لا يقتل بالعبد مطلقا، سواء كان في ملكه، أو في ملك غيره.
                                                وهذا مذهب الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة.
                                                واستدلوا:
                                                1- أولاً: قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ ...}[البقرة/178]
                                                فمفهوم الآية أن الحر لا يقتل بالعبد.
                                                نوقش هذا الاستدلال من وجهين:
                                                أ‌- بأنه استدلال بالمفهوم، والنصوص الدالة على قتل الحر بالعبد استدلال بالمنطوق مثل قوله تعالى: {النفس بالنفس}
                                                والقاعدة عند الأصوليين أن المنطوق مقدم على المفهوم.
                                                ب‌- أنه لو صح هذا الاستدلال فإنه يلزم ألا يقتل الذكر بالأنثى ولا العكس، وهو خلاف الإجماع.
                                                2- ثانياً:ما روي عن علي رضي الله عنه أنه قال: "من السنة ألا يقتل حر بعبد"
                                                وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يقتل حر بعبد" رواه الدارقطني.
                                                نوقش هذا الاستدلال بما يلي:
                                                بأن هذه الأحاديث ضعيفة لا تنهض للاحتجاج بها، أما حديث علي ففيه جابر الجعفي وهو متروك، وحديث ابن عباس فيه جويبر وغيره من المتروكين، قاله ابن حجر في تلخيص الحبير.
                                                3- ثالثاً: الإجماع على أن الحر لا يقطع طرفه بطرف العبد مع التساوي في السلامة فيقاس على ذلك قتل النفس.
                                                ويناقش هذا الاستدلال:
                                                بعدم التسليم بصحة الإجماع فقد روي عن ابن أبي ليلى أن القصاص واجب بين الحر والعبد في جميع الجراحات التي نستطيع فيها القصاص.
                                                4- رابعاً: أن العبد لا يكافئ الحر فإنه منقوص بالرق، بدليل أن دية الحر كاملة، أما دية العبد ففي قيمته.
                                                ويناقش هذا الاستدلال من وجهين:
                                                أ‌- أن هذا قياس في مقابلة النص فهو فاسد الاعتبار.
                                                ب‌- أن دية المرأة على النصف من دية الرجل ومع ذلك فإنه يقتل بها.
                                                ========================= ==============
                                                القول الثاني:
                                                أن الحر يقتل بالعبد مطلقا سواء كان في ملكه أو ملك غيره، وهذا هو رأي النخعي وداود الظاهري.
                                                استدلوا بما يلي:
                                                1- أولاً:بعموم النصوص القاضية بأن النفس تقتل بالنفس مطلقا....
                                                نوقش هذا الاستدلال:
                                                بأن هذه النصوص مخصوصة بأدلة الفريق الأول.
                                                ويجاب عن ذلك:
                                                بأن أدلة التخصيص غير ثابتة كما تقدم فيبقى الحكم على عمومه.
                                                2- ثانياً:{ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب} فأخبر تعالى أنه وجب القصاص لأن فيه حياة لنا، وذلك شامل للحر والعبد لأن صفة أولي الألباب تشملهم جميعا، فإذا كانت العلة موجودة في الجميع لم يجز الاقتصار بحكمها على بعض دون بعض.
                                                3- ثالثاً: ما روى الحسن عن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قتل عبده قتلناه، ومن جدعه جدعناه." رواه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه.
                                                نوقش هذا الدليل من وجهين:
                                                1- بأن الحديث ضعيف لأن الحسن لم يسمع من سمرة إلا ثلاثة أحاديث وليس هذا منها، فهو حديث منقطع ومما يؤيد ذلك أن الحسن كان يفتي بخلافه فإنه يقول: "لا يقتل الحر بالعبد".
                                                ويجاب عن هذا:
                                                1- بأن رواية الحسن عن سمرة مختلف فيها، وقد قال علي بن المديني: إن سماعه منه صحيح، والحديث حسنه الترمذي.
                                                2- قال ابن القيم: إن كان حديث الحسن عن سمرة محفوظا، وقد سمعه الحسن منه كان قتله تعزيرا إلى الإمام بحسب ما يراه من المصلحة.
                                                ويجاب عن ذلك:
                                                3- بأن هذا خلاف ظاهر الحديث، فإن ظاهره أن قتله قصاص لا تعزير بدليل قوله: "ومن جدع جدعناه"، وزاد النسائي: "ومن خصى عبده خصيناه".
                                                4- رابعاً: ولأن العبد آدمي معصوم فيقتل بالحر كقتل الحر بالحر.
                                                ========================= ===========
                                                القول الثالث:
                                                أن السيد لا يقتل بعبده ويقتل الحر بعبد غيره. وهذا مذهب الأحناف.
                                                واستدلوا على قتل الحر بالعبد بأدلة الفريق الثاني، واستدلوا على استثناء بما في ملكه بما يلي:
                                                1- ما روي عن عمر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يقاد المملوك من مولاه، والوالد من ولده". رواه الدارقطني.
                                                ويجاب عن ذلك:
                                                بأنه حديث ضعيف بل منكر فإن في إسناده عمر بن عيسى الأسلمي وهو منكر.
                                                2- وعن علي أن رجلا قتل عبدا فجلده النبي صلى الله عليه وسلم مائة ونفاه عاما ومحا اسمه من المسلمين ولم يقده به.
                                                ويجاب عنه أيضا:
                                                بأنه حديث ضعيف، قال أحمد: ليس بشيء ، وضعفه أبو حاتم وابن حجر.
                                                3- ما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما قالا: من قتل عبده جلد مائة وحرم سهمه من المسلمين. وفي رواية : أنهما كان لا يقتلان الحر بالعبد.
                                                والراجح – والله أعلم – أن الحر يقتل بالعبد مطلقا لقوة أدلة الفريق الثاني.





                                                مسائل:
                                                * المسألة الأولى: القصاص بين العبيد في النفس:
                                                لأهل العلم في ذلك ثلاثة أقوال:
                                                القول الأول: أنه يجري بينهم القصاص مطلقا
                                                وهذا قول أكثر أهل العلم منهم مالك والشافعي وأبو حنيفة والمشهور عند الحنابلة.
                                                القول الثاني: أن من شرط القصاص تساوي قيمتهم، وإن اختلفت قيمتهم لم يجر بينهم القصاص.
                                                وهو مروي عن أحمد، قال ابن قدامة: وينبغي أن يختص هذا بما إذا كانت قيمة القاتل أكثر فإن كانت أقل فلا. وهذا قول عطاء.
                                                القول الثالث: ليس بين العبيد قصاص في نفس ولا جرح لأنهم أموال:
                                                وهو مروي عن ابن عباس.
                                                والصحيح ما عليه الجمهور .

                                                والأدلة:
                                                1- قوله تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ ...} [البقرة/178]
                                                وهذا نص من الكتاب فلا يجوز خلافه.
                                                2- ولأن تفاوت القيمة كتفاوت الدية والفضائل، فلا يمنع القصاص كالعلم والشرف، والذكورية والأنوثية.

                                                * المسألة الثانية: القصاص بينهم فيما دون النفس:
                                                لأهل العلم في ذلك قولان:
                                                القول الأول: أنه يجري بينهم القصاص فيما دون النفس،
                                                وبه قال عمر بن عبد العزيز، وسالم والزهري وقتادة ومالك والشافعي وأبو ثور وابن المنذر، وهو المشهور من مذهب أحمد.
                                                والأدلة:
                                                1- قوله تعالى: {وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين} الآية.
                                                2- ولأنه أحد نوعي القصاص فيجري بين العبيد كالقصاص في النفس.

                                                القول الثاني: لا يجري القصاص بينهم فيما دون النفس،

                                                وهو رواية عن أحمد وقول الشعبي والنخعي والثوري وأبي حنيفة:
                                                1- لأن الأطراف يسلك بها مسلك الأموال فينعدم التماثل بالتفاوت في القيمة فلا يجري القصاص فيها كالبهائم
                                                2- ولأن التساوي في الأطراف معتبر في جريان القصاص، بدليل أنا لا نأخذ الصحيحة بالشلاء، وكاملة الأصابع بالناقصة، وأطراف العبيد لا تتساوى.
                                                والصحيح هو القول الأول لعموم الآية.
                                                وإذا وجب القصاص في طرف العبد وجب للعبد وله استيفاؤه والعفو عنه.

                                                * المسألة الثالثة: يقتل العبد بالحر، ويقتل بسيده:
                                                لأنه إذا قتل بمثله، فبمن هو أكمل منه أولى، مع عموم النصوص الواردة في ذلك.

                                                * المسألة الرابعة: لا يقطع طرف الحر بطرف العبد:
                                                بغير خلاف بين أهل العلم

                                                * المسألة الخامسة (أرش جناية العبد):
                                                متى وجب القصاص على العبد، فعفا عنه ولي الجناية إلى المال فله ذلك، ويتعلق أرشها برقبته، لأنه موجب جنايته فتعلق برقبته، كالقصاص، وعلى هذا فلسيده أن يختار الأقل من ثلاثة أمور:
                                                1- فإن شاء سلمه إلى ولي الجناية، ولا يلزمه أكثر من ذلك؛ لأنه سلم إليه ما تعلق حقه به.
                                                2- وإن شاء باعه ودفع قيمته إلى ولي الجناية.
                                                3- وإن شاء دفع للمجني عليه أرش الجناية.





                                                الصورة الثالثة من صور المكافئة: قتل الذكر بالأنثى والعكس:

                                                لا خلاف بين الفقهاء على أن الذكر يقتل بالأنثى وتقتل الأنثى بالذكر .
                                                والأدلة على ذلك:
                                                1- عموم النصوص الدالة على قتل النفس بالنفس...."المؤمنون تتكافأ دماؤهم"....
                                                2- ما ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قتل يهوديا رض رأس جارية من الأنصار بين حجرين فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم أن يرض رأسه بين حجرين.
                                                3- وفي كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى عمرو بن حزم: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن بكتاب فيه الفرائض والسنن، وفيه: أن الرجل يقتل بالمرأة". أخرجه النسائي.
                                                قال ابن قدامة: "وهو كتاب مشهور عند أهل العلم فتلقي بالقبول عندهم."
                                                4- الإجماع على ذلك.
                                                5- ولأنهما شخصان يحد كل واحد منهما بقذف صاحبه فيقتل به.

                                                ومع إجماع أهل العلم على أن الرجل يقتل بالمرأة إلا أنهم اختلفوا:
                                                فروي عن علي أنه قال: "يقتل الرجل بالمرأة ويعطى أولياؤه نصف الدية". وروي مثل ذلك عن الحسن وعطاء.
                                                وعامة أهل العلم:
                                                على أن الواجب القصاص فقط، وهو الصحيح للأدلة المتقدمة، ولأن اختلاف الأبدال (أي الديات) لا عبرة به في القصاص بدليل أن الجماعة يقتلون بالواحد ويقتل العبد بالعبد مع اختلاف قيمتهما.
                                                ===================
                                                مسائل:
                                                * المسألة الأولى:
                                                لا يشترط في القصاص المماثلة في الصفات والفضائل.
                                                قال ابن قدامة:
                                                "وأجمع أهل العلم على أن الحر المسلم يقاد به قاتله وإن كان مجدع الأطراف معدوم الحواس، والقاتل صحيح سوي الخلق أو كان بالعكس، وكذلك إن تفاوتا في العلم والشرف والغنى والفقر والصحة والمرض والقوة والضعف والكبر والصغر ونحو ذلك لا يمنع القصاص بالاتفاق، وقد دلت عليه العمومات التي تلوناها وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "المؤمنون تتكافأ دماؤهم"
                                                ولأن اعتبار التساوي في الصفات والفضائل يفضي إلى إسقاط القصاص بالكلية وفوات حكمة الردع والزجر" انتهى كلامه رحمه الله.
                                                ========================= =
                                                * المسألة الثانية:
                                                قاعدة: المعتبر في المكافئة في القصاص هو حال وقوع الجناية لا حال زهوق الروح، أما المعتبر في الدية فهو حال استقرار الجناية أي حال زهوق الروح.
                                                وبناء عليه:
                                                أ‌- لو قتل ذمي ذميا أو جرحه ثم أسلم الجارح ومات المجروح، أو قتل عبد عبدا أو جرحه ثم عتق القاتل أو الجارح ومات المجروح، وجب القصاص لأنهما متكافئان حال الجناية، ولأن القصاص قد وجب فلا يسقط بما طرأ.
                                                ب‌- ولو جرح مسلم كافرا وأسلم المجروح ثم مات مسلما بذلك الجرح لم يقتل به قاتله لعدم التكافؤ حال الجناية، ولكن عليه دية مسلم، لأن اعتبار الأرش حال استقرار بحال استقرار الجناية، بدليل ما لو قطع يدي رجل ورجليه فسرى إلى نفسه ففيه دية واحدة، ولو اعتبرنا حال الحناية لكان فيه دينا نفس.
                                                ت‌- لو جرح صبي معصوما ثم مات بعد بلوغ الصبي فلا قصاص لأن المعتبر هو حال الجناية.
                                                ث‌- ولو قطع مسلم أو ذمي يد مرتد أو حربي فأسلم ثم مات فلا شيء على القاطع لأنه لم يجن على معصوم، فتصرفه مأذون فيه شرعا.
                                                =======================
                                                * المسألة الثالثة:
                                                القصاص بين الولاة والعمال.
                                                قال ابن قدامة:
                                                "يجري القصاص بين الولاة والعمال وبين رعيتهم، لعموم الآيات والأخبار ولأن المؤمنين تتكافأ دماؤهم، ولا نعلم في هذا خلافا، وثبت عن أبي أبي بكر رضي الله عنه، أنه قال لرجل شكا إليه عاملا أنه قطع يده ظلما: لئن كان صادقا ، لأقيدنك به.
                                                وثبت عن عمر رضي الله عنه كان يقيد من نفسه.
                                                وروى أبو داود فقال: إني لم أبعث عمالي ليضربوا أبشاركم، ولا ليأخذوا أموالكم، فمن فعل به ذلك، فليرفعه إلي، أقصه منه.
                                                فقال عمرو بن العاص: لو أن رجلا أدب بعض رعيته، أتقصه منه؟ قال: أي والذي نفسي بيده أقصه منه، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أقص من نفسه.
                                                ولأن المؤمنين تتكافأ دماؤهم، وهذان حران مسلمان، ليس بينهما إيلاد، فيجري القصاص بينهما، كسائر الرعية." انتهى كلامه رحمه الله.




                                                : موانع القصاص
                                                ﺍﳌﺎﻧﻊ ﻫﻮ : ﻣﺎ ﻳﻠﺰﻡ ﻣﻦ ﻭﺟﻮﺩﻩ ﺍﻟﻌﺪﻡ ، ﻭﻻ ﻳﻠﺰﻡ ﻣﻦ ﻋﺪﻣﻪ ﻭﺟﻮﺩ ﻭﻻ ﻋﺪﻡ ﻟﺬﺍﺗﻪ .
                                                وموانع القصاص ﺍﻟﱵ ﺳﻨﺪﺭﺳﻬﺎ هنا ﲬﺴﺔ :
                                                المانع الأول: الأبوة:
                                                اختلف أهل العلم في وجوب القصاص من الوالد لولده على ثلاثة أقوال:
                                                القول الأول: أن الوالد (سواء كان أبا أو أما) لا يقتل بولده وإن سفل، وسواء في ذلك أولاد البنين وأولاد البنات.
                                                وهذا مذهب الجمهور من الحنفية والشافعية والحنابلة.
                                                واستدلوا بما يلي:
                                                1- الدليل الأول: ما روى عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يقتل الوالد بالولد". رواه أحمد والترمذي وابن ماجه، وصححه ابن الجارود والبيهقي.
                                                وقال الشافعي:
                                                "حفظت عن عدد من أهل العلم لقيتهم: {ألا يقتل الوالد بالولد}"
                                                وقال ابن عبد البر:
                                                "هو حديث مشهور عند أهل العلم بالحجاز والعراق مستفيض عندهم يستغنى بشهرته وقبوله والعمل به عن الإسناد فيه حتى يكون الإسناد في مثله مع شهرته تكلفا."
                                                ونوقش:
                                                بأن الحديث ضعيف، فقد ضعفه الترمذي. وقال عبد الحق الإشبيلي: "هذه الأحاديث كلها معلولة لا يصح منها شيء".
                                                وكون الحديث مشهورا لا يلزم صحته فكم من حديث متداول في كتب أهل العلم وهو ضعيف.

                                                2- الدليل الثاني:
                                                ما روى ابن ماجه عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
                                                "أنت ومالك لأبيك" . وقضية هذه الإضافة تمليكه إياه فإذا لم تثبت حقيقة الملكية تثبت الإضافة شبهة في درء القصاص، لأن القصاص يدرأ بالشبهات.

                                                3- الدليل الثالث:
                                                ولأنه سبب إيجاده فلا ينبغي أن يكون الولد سبب إعدامه.
                                                نوقش:
                                                1- بأن الولد ليس هو سبب الإعدام ، وإنما ارتكاب الجريمة هو سبب الإعدام.
                                                2- أن الأب إذا زنى بابنته رجم اتفاقا، فتكون سبب إعدامه.

                                                القول الثاني: أن الوالد يقتل بولده مطلقا، وهذا رأي ابن نافع وابن عبد الحكم وابن المنذر.
                                                وحجتهم:
                                                عموم النصوص الموجبة للقصاص، ولأنهما مسلمان من أهل القصاص فوجب أن يقتل كل واحد منهما بصاحبه كالأجنبيين.

                                                القول الثالث:
                                                يرى الإمام مالك:
                                                أن الوالد يقتل بولده إذا انتفت الشبهة في أنه أراد تأديبه، أي إذا ثبت ثبوتا قاطعا أنه أراد قتله، فلو أضجعه فذبحه أو شق بطنه أو قطع أعضاءه فقد تحقق أنه أراد قتله، وانتفت شبهة أنه أراد من الفعل تأديبه، ومن ثم يقتل به، أما إذا ضربه ضربا مؤدبا أو حذفه ولو بسيف أو حذفه بحديدة أو ما أشبه ذلك فلا يقتص منه لأن شفقة الوالد على ولده وطبيعة حبه له تدعو دائما إلى الشك في أنه قصد قتله، وهذا الشك يكفى لدرء الحد عنه.
                                                والراجح والله أعلم:
                                                هو القول الثاني لقوة أدلته، وأما تفرقة المالكية فلا دليل عليها، وأما أدلة الجمهور فهي ضعيفة كما تقدم.
                                                ========================= ============
                                                مسائل مبنية على القول بانتفاء القصاص عن الأب:
                                                * المسألة الأولى:
                                                الجد وإن علا كالأب في هذا الحكم ، وسواء كان من قبل الأب أو من قبل الأم في قول أكثر مسقطي القصاص عن الأب:
                                                1- لأنه والد فيدخل في عموم النص.
                                                2- ولأن ذلك حكم يتعلق بالولادة فاستوى فيه القريب والبعيد كالمحرمية والعتق إذا ملكه...
                                                وخالف في ذلك:
                                                الحسن بن حي فأوجب القصاص على الجد دون الأب وهذه التفرقة لا دليل عليها.
                                                ======================
                                                * المسألة الثانية:
                                                والأم في ذلك كالأب على الصحيح من المذهب، وعليه العمل عند مسقطي القصاص عن الأب، وروي عن أحمد رحمه الله ما يدل على أنه لا يسقط عن الأم.
                                                وعلى فرض صحة انتفاء القصاص عن الأب:
                                                فالصحيح في هذه المسألة القول الأول:
                                                1- لحديث {لا يقتل والد بولده}
                                                2- ولأنها أحد الوالدين، فأشبهت الأم.
                                                3- ولأنها أولى بالبر، فكانت أولى بنفي القصاص عنها.
                                                والجدة وإن علت في ذلك كالأم، وسواء في ذلك من قبل الأب، أو من قبل الأم لما سبق في الجد.
                                                =========================
                                                * المسألة الثالثة:
                                                يستوي على المذهب ما إذا كان الوالد مساويا للولد في الدين والحرية، أو مخالفا له في ذلك لأن انتفاء القصاص لشرف الأبوة، وهو موجود في كل حال، فلو قتل الكافر ولده المسلم، أو قتل المسلم أباه الكافر، أو قتل العبد ولده الحر، أو قتل الحر ولده العبد، لم يجب القصاص لشرف الأبوة فيما إذا قتل ولده وانتفاء المكافأة فيما إذا قتل والده.
                                                =========================
                                                * المسألة الرابعة:
                                                ﻳﻘﺘﻞ ﺍﻟﻮﻟﺪ ﺑﻜﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻷﺑﻮﻳﻦ ﰲ ﻗﻮﻝ ﻋﺎﻣﺔ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ، ﻟﻌﻤﻮﻡ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ، ﻭﻷﻥ ﺍﻷﺏ ﺃﻋﻈﻢ ﺣﺮﻣﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﺟﻨﱯ ﻓﺈﺫﺍ ﻗﺘﻞ ﺑﺎﻷﺟﻨﱯ ﻓﺒﺎﻷﺏ ﺃﻭﱃ.
                                                ========================= ============



                                                ﺍﳌﺎﻧﻊ ﺍﻟﺜﺎﱐ : ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻙ ﰲ ﺍﳉﺮﳝﺔ :
                                                ﻭﻓﻴﻪ ﻣﺴﺎﺋﻞ:
                                                1- المسألة الأولى: قتل الجماعة بالواحد:
                                                فيه ثلاثة أقوال:
                                                القول الأول:
                                                أن الجماعة تقتل بالواحد ، إذا كان كل فعل كل واحد منهم يصلح لقتله
                                                أي أنه لو انفرد أوجب القصاص عليه فإن لم يصلح فعل أي منهم لقتله فلا قصاص على أي منهم، وإن صلح فعل بعضهم دون البعض فيجب القصاص على الآخرين أي الذين يصلح فعل كل واحد منهم لقتله.
                                                وهذا القول إجماع الصحابة ، وقال به الأئمة الاربعة.
                                                الأدلة:
                                                1- ما روى سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب: قتل سبعة من أهل صنعاء قتلوا رجلا ، وقال: لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم جميعا. أخرجه البخاري بلفظ: أنه قتل جماعة.
                                                وعن علي رضي الله عنه: أنه قتل ثلاثة قتلوا رجلا.
                                                وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه قتل جماعة بواحد.
                                                فهذه أقوال الصحابة ولا يعرف لهم مخالف فكانت إجماعا، وقد حكى الإجماع على ذلك ابن قدامة وابن القيم وغيرهما.
                                                2- القياس على القذف: فإن القصاص عقوبة مقدرة تجب للواحد على الواحد فوجبت للواحد على الجماعة كحد القذف، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه حد مجموعة من الصحابة قذفوا عائشة رضي الله عنها وعن أبيها.
                                                3- أن القصاص لو سقط بالاشتراك فإنه يؤدي إلى اتخاذه ذريعة إلى القتل ومن ثم الأمن من الاقتصاص ، فكان قتل الجماعة بالواحد مناسبا للحكمة من مشروعية القصاص، وسدا لذريعة انتشار القتل.
                                                القول الثاني:
                                                أن الجماعة لا تقتل بالواحد، وإنما تجب عليهم دية واحدة وهذا رأي ابن الزبيروالزهري وابن سيرين والظاهرية وهو رواية عن الإمام أحمد.
                                                الأدلة:
                                                1- قوله تعالى : {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد} الآية، وقوله تعالى: {وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس}
                                                ومقتضى هاتين الآيتين أنه لا يؤخذ بالنفس أكثر من نفس واحدة.
                                                ونوقش هذا الاستدلال:
                                                بأن كلمة (نفس، حر) في الآيتين جنس يشمل الواحد والجماعة فلا حجة فيها.
                                                2- أن التفاوت في الأوصاف يمنع بدليل أن الحر لا يؤخذ بالعبد ، فالتفاوت في العدد أولى.
                                                ويناقش:
                                                بأننا نمنع أصلا أن التفاوت في الأوصاف يمنع إذ الصحيح وجوب الاقتصاص من الحر للعبد، ومن الذكر للأنثى، وأن المكافأة هي في الدين فقط.
                                                وعلى فرض صحة ذلك:
                                                فإن هذا قياس في مقابلة الإجماع السابق فهو مردود، وأدلة الجمهور مقدمة على هذا الاستدلال لاسيما أنه لو قيل بهذا القول لأدى إلى التسارع في القتل.
                                                القول الثالث:
                                                أنه يقتل منهم شحص واحد ويؤخذ من الباقين حصصهم من الدية ، وهو مروي عن معاذ وابن الزبير والزهري.
                                                وحجة هذا القول:
                                                أن كل واحد منهم مكافئ للمقتول فلا يستوفى أبدالا ببدل واحد كما لا تجب ديات إلا لمقتول واحد.
                                                وهذا القول ضعيف جداً إذ كيف سيحدد الشخص المستحق للقتل، وكيف يشترك جماعة في جريمة واحدة وتختلف عقوباتهم؟!
                                                والراجح من هذه الأقوال:
                                                هو القول الأول لقوة أدلته ولأنه إجماع الصحابة. ﻭﻋﻠﻴﻪ ﻓﺘﻘﺘﻞ الجماعة ﺑﺎﻟﻮﺍﺣﺪ ﺑﺸﺮﻁ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻌﻞ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﻟﻮ ﺍﺳﺘﻘﻞ موجباً ﻟﻠﻘﺼﺎﺹ ، ﺃﻣﺎ ﺇﻥ ﱂ ﻳﻜﻦ موجباً ﻟﻠﻘﺼﺎﺹ ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﺿﺮﺑﻪ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻢ ﺑﺂﻟﺔ ﻻ ﺗﻘﺘﻞ غالباً – ﻛﺎﳊﺠﺮ ﺍﻟﺼﻐﲑ مثلاً – ﻓﻨﻨﻈﺮ : ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﺗﻮﺍﻃﺆ ﻋﻠﻰ ﻗﺘﻠﻪ بهذه ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻓﻤﺎﺕ ﻣﻦ ﳎﻤﻮﻉ ﺍﻟﻀﺮﺑﺎﺕ ﻓﻴﺠﺐ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﲨﻴﻌﺎﹰ، ﺃﻣﺎ ﺇﻥ ﱂ ﻳﻜﻦ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﺗﻮﺍﻃﺆ ﻓﻼ ﻗﺼﺎﺹ.





                                                المسألة الثانية:
                                                لا يعتبر في وجوب القصاص على المشتركين التساوي في سببه، فلو جرحه أحدهما جرحا والآخر مئة أو أوضحه أحدهما وشجه الآخر آمة فمات، كانا سواء في القصاص والدية لما يلي:
                                                1- لأن اعتبار التساوي يفضي إلى سقوط القصاص عن المشتركين إذ لا يكاد جرحان يتساويان من كل وجه.
                                                2- ولأن الجرح الواحد يحتمل أن يموت منه دون المائة كما يحتمل أن يموت من الموضحة دون الآمة.
                                                3- ولأن الجراح إذا صارت نفسا سقط اعتبارها فكان حكم الجماعة كحكم الواحد ألا ترى أنه لو قطع أطرافه كلها فمات وجبت دية واحدة كما لو قطع طرفه فمات.
                                                ========================= ==
                                                المسألة الثالثة:
                                                إذا اشترك جماعة في قتل واحد فأحب الولي أن يقتل أحدهم ويأخذ من الباقين نصيبهم فله ذلك.
                                                مثل:
                                                أن يشترك ثلاثة فيعفو الولي عن اثنين فيأخذ منهما ثلثي الدية ويقتص من أحدهم، أو يعفو عن واحد فيأخذ ثلث الدية ويقتص من الآخرين.
                                                ومثل ذلك:
                                                لو اشترك في الجناية شخصان لا يجب القصاص على أحدهما كما لو اشترك مسلم وكافر في قتل كافر، أو عاقل ومجنون في قتل شخص ، فللولي أن يقتل الكافر أو العاقل ويأخذ من الآخر نصف الدية.
                                                ========================
                                                ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ :
                                                لو اشترك في القتل اثنان أو أكثر لا يجب القصاص على أحدهم كما لو اشترك مسلم وكافر في قتل كافر ، أو الأب وأجنبي في قتل الولد، أو حر وعبد في قتل عبد، أو اشترك مجنون وعاقل أو صغير وبالغ أو مخطئ وعامد.
                                                ففي المسألة ثلاثة أقوال:
                                                القول الأول: الأحناف ورواية عن أحمد:
                                                إنه لا قصاص على واحد منهم.
                                                وحجتهم: لأنه قتل تركب على موجب وغير موجب فينتفي القصاص عنهما جميعا.
                                                القول الثاني: الشافعية والمشهور عن الحنابلة:
                                                التفصيل بين ما إذا كان امتناع القصاص في أحدهما لوجود مانع أو لقصور في السبب:
                                                1- فإن كان امتناع القصاص في حق أحدهما لوجود مانع فيه: أي لمعنى فيه من غير قصور في السبب (الفعل) فيجب القصاص على شريكه، كما لو اشترك مسلم وكافر في قتل كافر، أو الأب وأجنبي في قتل الولد، أو حر وعبد في قتل عبد، فِإن القصاص لا يجب على المسلم والأب والحر، ويجب على الذمي والأجنبي والعبد، لأن امتناع القصاص عن المسلم لإسلامه وعن الأب لأبوته وعن الحر لحريته وانتفاء مكافأة المقتول له، وهذا المعنى لا يتعدى إلى فعله، ولا إلى شريكه فلم يسقط القصاص عنه.
                                                2- أما إذا كان امتناع القصاص في أحدهما لمعنى في فعله: أي لقصور في السبب كما لو اشترك كبير وصغير أو عاقل ومجنون أو عامد ومخطئ فالصحيح في المذهب أنه لا قصاص عليه لأنه شارك من لا مأثم عليه في فعله فلم يلزمه قصاص.
                                                القول الثالث: المالكية:
                                                يجب القصاص على من تحققت فيه شروط وجوب القصاص لأنه شارك في القتل العمد العدوان فيمن يقتل به لو انفرد بقتله فوجب عليه القصاص، ولأن القصاص عقوبة تجب عليه جزاء لفعله، فمتى كان فعله عمدا عدوانا وجب القصاص عليه ولا ننظر إلى فعل شريكه بحال.
                                                وهذا القول هو الصحيح:لأنه شارك في القتل عمدا عدوانا فوجب عليه القصاص لأن الإنسان إنما يؤخذ بفعله لا بفعل غيره.
                                                =======================
                                                ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﺍﳋﺎﻣﺴﺔ :
                                                ﻟﻮ ﺍﺷﺘﺮﻙ ﲨﺎﻋﺔ ﰲ ﺟﺮﳝﺔ ﺗﻮﺟﺐ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻓﻴﻤﺎ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻨﻔﺲ ، ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﺍﺷﺘﺮﻛﻮﺍ ﰲ ﻗﻄﻊ ﻋﻀﻮ ﺃﻭ ﺟﺮﺡ ﻣﻮﺟﺐ ﻟﻠﻘﺼﺎﺹ ، ﻓﺤﻜﻢ ﺫﻟﻚ ﻛﺎﻻﺷﺘﺮﺍﻙ ﰲ ﺍﻟﻘﺘﻞ ، ﺃﻱ ﻓﻴﺠﺐ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﲨﻴﻌﺎﹰ.
                                                وذلك ﻟﻸﺩﻟﺔ ﺍﳌﺘﻘﺪﻣﺔ ﰲ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻗﺘﻞ ﺍﳉﻤﺎﻋﺔ ﺑﺎﻟﻮﺍﺣﺪ ،
                                                ﻭﳌﺎ ﺛﺒﺖ ﻋﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﰊ ﻃﺎﻟﺐ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﺃﻥ ﺭﺟﻠﲔ ﺷﻬﺪﺍ ﻋﻠﻰ ﺭﺟﻞ ﺑﺎﻟﺴﺮﻗﺔ ﻓﻘﻄﻊ ﻋﻠﻰ ﻳﺪﻩ ، ﰒ ﺭﺟﻌﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﺪ ، ﻓﻘﺎﻻ: ﺃﺧﻄﺄﻧﺎ ﻳﺎ ﺃﻣﲑ ﺍﳌﺆﻣﻨﲔ ، ﻓﻐﺮﻣﻬﻤﺎ ﺩﻳﺔ ﻳﺪﻩ ﻭﻗﺎﻝ : ﻭﺍﷲ ﻟﻮ ﺃﻋﻠﻢ ﺃﻧﻜﻤﺎ ﺗﻌﻤﺪﲤﺎ ﻟﻘﻄﻌﺖ ﺃﻳﺪﻳﻜﻤﺎ .
                                                ﻭﻳﺸﺘﺮﻁ ﻟﻮﺟﻮﺏ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺃﻥ ﻳﺸﺘﺮﻛﻮﺍ ﻓﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﻻﻳﺘﻤﻴﺰ ﻓﻌﻞ ﺃﺣﺪﻫﻢ ﻋﻦ ﻓﻌﻞ ﺍﻵﺧﺮ ، ﺇﻣﺎ ﺑﺄﻥ ﻳﺸﻬﺪﻭﺍ ﻋﻠﻴﻪ ﲟﺎ ﻳﻮﺟﺐ ﻗﻄﻌﻪ ﻛ ﺬ ﺑ ﺎﹰ ، ﺃﻭ ﻳﻠﻘﻮﺍ ﻋﻠﻴﻪ ﺻﺨﺮﺓ ﻓﺘﻘﻄﻊ ﻳﺪﻩ ﺃﻭ ﺭﺟﻠﻪ ﺃﻭ ﻳﻀﺮﺑﻮﻩ ﺑﺴﻜﲔ ﺿﺮﺑﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺃﻣﺎ ﺇﻥ ﻗﻄﻊ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ ، ﺃﻭ ﺿﺮﺏ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﺿﺮﺑﺔ ﻓﺎﻧﻘﻄﻌﺖ ﻳﺪﻩ ﲟﺠﻤﻮﻉ ﺍﻟﻀﺮﺑﺎﺕ
                                                ﻓﻼ ﻗﺼﺎﺹ ﻷﻥ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﱂ ﻳﻘﻄﻊ ﺍﻟﻴﺪ ، ﻭﻟﻜﻦ ﻟﻮ ﻋﻠﻤﻨﺎ ﺑﺘﻮﺍﻃﺆﻫﻢ ، ﻓﺈﻬﻢ ﻳﻘﻄﻌﻮﻥ ﲨﻴﻌﺎ.


                                                المسألة السادسة:
                                                إذا أمسك إنسان إنسانا ليقتله فلا خلاف في وجوب القصاص على القاتل.
                                                وأما الممسك فإن لم يعلم أن القاتل يقتله فلا شيء عليه، لأنه متسبب والقاتل مباشر فيسقط حكم المتسبب.
                                                وإن أمسكه ليقتله، فقد اختلف أهل العلم على ثلاثة أقوال:
                                                القول الأول: أبو حنيفة والشافعي وابن المنذر:
                                                لا قصاص على الممسك لأنه غير قاتل ولأن الإمساك سبب غير ملجئ فإذا اجتمعت معه المباشرة كان الضمان على المباشر.
                                                القول الثاني:مالك ورواية عن أحمد:
                                                القصاص عليهما جميعا، لأنه لو لم يمسكه ما قدر على قتله، وبإمساكه تمكن من قتله، فالقتل حاصل بفعلهما فيكونان شريكان فيه.
                                                وهذا القول هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية فقد سئل رحمه الله عن رجلين قبض أحدهما على واحد والآخر ضربه فشلت يده؟ فأجاب : الحمد لله. هذا فيه نزاع. الأظهر أنه يجب على الاثنين القود إن وجب وإلا فالدية عليهما.
                                                القول الثالث: المشهور في مذهب أحمد وقول عطاء وربيعة:
                                                أن القاتل يقتل ويمسك الممسك حتى يموت. وهو من مفردات المذهب.
                                                لحديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم: قال: (إذا أمسك الرجل الرجل وقتله الآخر يقتل الذي قتل ويحبس الذي أمسك) . رواه الدارقطني موصولا ومرسلا، وصححه ابن القطان، ورجاله ثقات إلا أن البيهقي رجح المرسل.
                                                والراجح التفصيل:
                                                فإن كان بينهما مواطأة على قتله فيقتلان جميعا، وأما إذا أمسكه أحدهما عدوانا لا بنية القتل فجاء الآخر فقتله قصدا، ثم ادعى الممسك أنه لم يقصد قتله ولم يعلم بنية القاتل فجنايته تعد شبه عمد لأنه قصد الاعتداء دون القتل ويعاقب تعزيرا بالحبس ، وأما الحديث فلا يصح ، وعلى فرض ثبوته فيمكن توجيهه بما ذكر، والله أعلم.
                                                ======================
                                                المسألة السابعة:
                                                إذا دل غيره على شخص ليقتله وهو يعلم أنه سيقتله فلا قصاص على الدال وإنما عليه التعزير فقط لأنه أعان على الجريمة.
                                                ======================
                                                المسألة الثامنة:
                                                ﺇﺫﺍ ﺍﺷﺘﺮﻙ ﺍﺛﻨﺎﻥ ﰲ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﻭﻛﺎﻥ ﻓﻌﻞ ﺃﺣﺪﳘﺎ ﻻ ﺗﺒﻘﻰ ﻣﻌﻪ ﺍﳊﻴﺎﺓ ، ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻗﻄﻊ ﺣﺸﻮﺗﻪ ( ﺃﻱ ﺍﳌﻌﺪﺓ ) ﺃﻭ ﻣﺮﺑﻴﻪ ﺃﻭ ﻭﺩﺟﻴﻪ ﰒ ﺿﺮﺏ ﻋﻨﻘﻪ ﺍﻵﺧﺮ، ﻓﺎﻟﻘﺎﺗﻞ ﻫﻮ ﺍﻷﻭﻝ ﻭﻻ ﻗﺼﺎﺹ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻭﺇﳕﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺘﻌﺰﻳﺮ، ﻷﻥ ﻓﻌﻞ ﺍﻷﻭﻝ ﺃﺧﺮﺟﻪ ﻣﻦ ﺣﻜﻢ ﺍﳊﻴﺎﺓ ، ﻭﻣﺜﻞ ﺫﻟﻚ ﻣﺎ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺟﺮﺡ ﺍﻷﻭﻝ ﺗﺒﻘﻰ ﻣﻌﻪ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﻣﺜﻞ ﺷﻖ ﺍﻟﺒﻄﻦ ﻣﻦ ﻏﲑ ﺇﺑﺎﻧﺔ ﺍﳊﺸﻮﺓ ﰒ ﺿﺮﺏ ﻋﻨﻘﻪ ﺍﻵﺧﺮ ﻓﺎﻟﺜﺎﱐ ﻫﻮ ﺍﻟﻘﺎﺗﻞ ﻷﻧﻪ ﱂ ﳜﺮﺝ ﲜﺮﺡ ﺍﻷﻭﻝ ﻋﻦ ﺣﻜﻢ ﺍﳊﻴﺎﺓ ، ﻓﻴﻜﻮﻥ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻫﻮ ﺍﳌﻔﻮﺕ ﳍﺎ ﻓﻌﻠﻴﻪ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ .
                                                ======================
                                                المسألة التاسعة:
                                                قتل الواحد بالجماعة:
                                                اختلف أهل العلم فيما إذا قتل واحد جماعة على ثلاثة أقوال:
                                                القول الأول: (لأبي حنيفة ومالك) يقتل بالجماعة ليس لهم إلا ذلك وإن طلب بعضهم الدية فليس له وإن بادر أحدهم فقتله، سقط حق الباقين.
                                                وحجتهم:
                                                أن الجماعة لو قتلوا واحدا قتلوا به، فكذلك واحد قتل، كالواحد بالواحد.
                                                القول الثاني: (للشافعي) لا يقتل إلا بواحد، سواء اتفقوا على طلب القصاص أو لم يتفقوا.
                                                واحتجوا بأمرين:
                                                الأول:بأنه إذا كان لكل واحد استيفاء القصاص، فاشتراكهم في المطالبة لا يوجب تداخل حقوقهم، كسائر الحقوق.
                                                أجيب:
                                                بأنه محل تعلق به حقان، لا يتسع لهما معا، رضي المستحقان به عنهما، فيكتفي به، ولأنهما رضيا بدون حقيهما فجاز، كما لو رضي صاحب الصحيحة بالشلاء.
                                                والثاني: القياس على القتل الخطأ، إذ تتعدد فيه الديات بتعدد الأنفس، ولا تتداخل.
                                                أجيب:
                                                بأن موجب الجناية في القتل الخطأ متعلق بالذمة، والذمة تتسع لحقوق كثيرة.
                                                القول الثالث: (لأحمد) التفصيل، فإذا قتل واحد بجماعة فلا يخلو الأمر:
                                                1- إما أن يطالب الأولياء كلهم بالقصاص فيقتل بهم جميعا.
                                                2-وإما أن يطلبوا كلهم الدية فيلزمهم ديات بعددهم.
                                                3- وإما أن يطلب أولياء بعضهم القصاص والبعض الدية، فيقتل بمن طلب القصاص، وتلزمه ديات من طلب الدية.
                                                ومثل ذلك:
                                                القصاص فيما دون النفس كما لو قطع رجل بيميني رجلين فإن اتفق هذان الشخصان على طلب القصاص فتقطع يمناه لهما معا، وإن طلبا الدية فتلزمه ديتان، وإن طلب أحدهما القصاص دون الآخر فتقطع يمناه بمن طلب القصاص وتلزمه دية الآخر.
                                                وحجتهم:
                                                1- حديث أبي شريح الخزاعي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( فمن قتل له قتيل ، فأهله بين خيرتين، إن أحبوا قتلوا، وإن أحبوا أخذوا العقل) رواه أبو داود والنسائي.
                                                فظاهر هذا أن أهل كل قتيل يستحقون ما اختاروه من القتل أو الدية، فإذا اتفقوا على القتل وجب لهم، وإن اختار بعضهم الدية وجب له بظاهر الخبر.
                                                2-وقياسا على القتل الخطأ والجناية على الأطراف فإن موجبهما من الديات لا يتداخل بتعدد الأنفس المزهقة إذ يجب ديات بعدد الأنفس بالاتفاق.
                                                3- ولأنه إذا علم أن القصاص واجب عليه بقتل واحد، وأن قتل الثاني والثالث لا يزداد عليه حق، بادر إلى قتل من يريد قتله، وفعل ما يشتهي فعله، فيصير هذا كإسقاط القصاص عنه ابتداء مع الدية.
                                                ========================


                                                ﺍﳌﺎﻧﻊ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ : ﺍﻹﻛﺮﺍﻩ :
                                                ﺇﺫﺍ ﺃﻛﺮﻩ ﻣﻜﻠﻒ مكلفاً ﺁﺧﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺼﻮﻡ ﻓﻘﺘﻠﻪ، ﻓﻠﻠﻌﻠﻤﺎﺀ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻗﻮﺍﻝ:
                                                ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻷﻭﻝ: ( ﻣﺎﻟﻚ ﻭﺃﲪﺪ ﻭ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻣﻦ ﻣﺬﻫﺐ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ )
                                                ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﳚﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻜﺮﹺﻩ ﻭﺍﳌﻜﺮﻩ معاً ﻷﻥ ﺍﳊﺎﻣﻞ ﺃﻱ ﺍﳌﻜﺮﹺﻩ ﺗﺴﺒﺐ ﰲ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﲟﻌﲎ ﻳﻔﻀﻲ ﺇﻟﻴﻪ غالباً ، ﻭﻷﻥ ﺍﳌﺒﺎﺷﺮ ﺃﻱ ﺍﳌﻜﺮﻩ ﻗﺘﻞ ﺍﺠﲏ ﻋﻠﻴﻪ ظلماً ﻻﺳﺘﺒﻘﺎﺀ ﻧﻔﺴﻪ، ﻓﺄﺷﺒﻪ ﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﺍﺿﻄﺮ ﻟﻸﻛﻞ ﻓﻘﺘﻠﻪ ﻟﻴﺄﻛﻠﻪ، ﻭﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﺄﻧﻪ ﻣﻠﺠﺄ ﻏﲑ ﺻﺤﻴﺢ ﻷﻧﻪ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﳝﺘﻨﻊ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﻭﻟﻜﻨﻪﱂ ﻳﻔﻌﻞ إبقاءً ﻟﻨﻔﺴﻪ .
                                                ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺜﺎﱐ : ( ﺃﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ )
                                                ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﳚﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﺎﻣﻞ ﺩﻭﻥ ﺍﳌﺒﺎﺷﺮ ﻟﻘﻮﻟﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : (( ﺭﻓﻊ ﻋﻦ ﺃﻣﱵ ﺍﳋﻄﺄ ﻭﺍﻟﻨﺴﻴﺎﻥ ﻭﻣﺎ ﺍﺳﺘﻜﺮﻫﻮﺍ ﻋﻠﻴﻪ)) ، ﻭﻷﻥ ﺍﳊﺎﻣﻞ ﻫﻮ ﺍﻟﻘﺎﺗﻞ ﻣﻌﲎ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﳌﺒﺎﺷﺮ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺘﻞ ﺻﻮﺭﺓ ﻷﻧﻪ ﲟﱰﻟﺔ ﺍﻵﻟﺔ .
                                                ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ :( ﺯﻓﺮ )
                                                ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺒﺎﺷﺮ – ﺃﻱ ﺍﳌﻜﺮﻩ – ﻓﻘﻂ ﻷﻧﻪ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﺎﺷﺮ ﺍﻟﻘﺘﻞ ، ﻭﺍﳌﺒﺎﺷﺮﺓ ﺗﻘﻄﻊ ﺣﻜﻢ ﺍﻟﺘﺴﺒﺐ .
                                                ﻭﺍﻟﺮﺍﺟﺢ ﻫﻮ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻷﻭﻝ ﻟﻘﻮﺓ ﺃﺩﻟﺘﻪ،
                                                ﻭﻗﻮﻝ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺜﺎﱐ : ﺇﻥ ﺍﳌﻜﺮﻩ ﲟﱰﻟﺔ ﺍﻵﻟﺔ ﻏﲑ ﺻﺤﻴﺢ ﻓﺈﻥ ﺍﻵﻟﺔ ﻻ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﳍﺎ ﻭﻻ ﺗﺄﰒ ﲞﻼﻑ ﺍﳌﻜﺮﻩ .
                                                ﻭﺑﻨﺎﺀً ﻋﻠﻴﻪ ﻓﺘﺄﺧﺬ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﺣﻜﻢ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻙ ﰲ ﺍﳉﺮﳝﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻋﻔﻮ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﻋﻦ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﺃﻭ ﻋﻦ ﺍﳉﻤﻴﻊ ﺃﻭ ﺍﳌﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﺎﻟﻘﺼﺎﺹ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﲨﻴﻌﺎﹰ.
                                                ﻭﻣﺜﻞ ﺫﻟﻚ: ﻣﺎ ﻟﻮ ﺃﻛﺮﻫﻪ ﻋﻠﻰ ﻗﺘﻞ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻘﺘﻠﻬﺎ ، ﻓﻬﻮ ﻗﺎﺗﻞ ﻟﻨﻔﺴﻪ ، ﻭﳚﺐ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻜﺮﹺﻩ ﳌﺎ ﺗﻘﺪﻡ .
                                                ========================= =
                                                ﺍﳌﺎﻧﻊ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ : ﺍﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻘﺘﻞ :
                                                ﺇﺫﺍ ﺃﻣﺮ ﺷﺨﺺ ﺁﺧﺮ ﺑﻘﺘﻞ ﺇﻧﺴﺎﻥ، ﻓﻬﻞ ﳚﺐ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻋﻠﻰ ﺍﻵﻣﺮ ﺃﻡ ﺍﳌﺄﻣﻮﺭ ﺃﻡ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ معاً ؟
                                                ﳍﺬﻩ ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﺗﻔﺼﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺤﻮ ﺍﻵﰐ :
                                                * ﺍﳊﺎلة ﺍﻷﻭﱃ: ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳌﺄﻣﻮﺭ كبيراً عاقلاً عالماً ﺑﺘﺤﺮﱘ ﺍﻟﻘﺘﻞ .
                                                ﻓﺎﻟﻘﺼﺎﺹ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺎﺗﻞ ﺑﻼ ﺧﻼﻑ ﻷﻧﻪ ﻗﺎﺗﻞ ظلماً ﻓﻮﺟﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﱂ ﻳﺆﻣﺮ .

                                                * الحالة ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ : ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳌﺄﻣﻮﺭ صغيراً ﺃﻭ ﳎﻨﻮﻧﺎﹰ ﺃﻭ جاهلاً ﻻ ﻳﻌﻠﻢ ﺑﺘﺤﺮﱘ ﺍﻟﻘﺘﻞ:
                                                (ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ناشئاً ﰲ ﻏﲑ ﺑﻼﺩ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻪ ﺇﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﻣﺒﺘﺪﻉ ﺃﻭ ﻇﺎﱂ ﻣﺴﺘﻮﺟﺐ ﻟﻠﻘﺘﻞ ﻓﺎﺫﻫﺐ ﻓﺎﻗﺘﻠﻪ).
                                                ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﺜﻠﻪ ﻻ ﳚﻬﻞ ﲢﺮﱘ ﺫﻟﻚ ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ناشئاً ﰲ ﺑﻼﺩ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻓﻬﺬا ﻣﻦ ﺍﳊﺎﻟﺔ ﺍﻷﻭﱃ.
                                                أما في حالة أمر الصبي والمجنون والجاهل فالقصاص ﻋﻠﻰ ﺍﻵﻣﺮ ﻷﻧﻪ ﺗﻮﺻﻞ ﺇﱃ ﻗﺘﻠﻪ ﺑﺸﻲﺀ ﻳﻘﺘﻞ غالباً، ﻭﺍﻟﺼﱯ والمجنون ﻭﺍﳉﺎﻫﻞ ﲟﱰﻟﺔ ﺍﻵﻟﺔ .
                                                ﻓﺈﻥ ﺩﻓﻊ ﺇﱃ ﺻﱯ ﺃﻭ ﳎﻨﻮﻥ ﺁﻟﺔ ﺗﻘﺘﻞ غالباً ﻭﻻ ﺗﻌﻄﻰ ﳌﺜﻠﻪ ﻋﺎﺩﺓ ﻭﱂ ﻳﺄﻣﺮﻩ ﺑﻘﺘﻞ ﺃﺣﺪ ﻓﻬﻮ ﻗﺘﻞ ﺧﻄﺄ ﲡﺐ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻭﺍﻟﻜﻔﺎﺭﺓ ، ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ﲨﻴﻌﺎﹰ.

                                                * ﺍﳊﺎﻝ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ : ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻵﻣﺮ ﻫﻮ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ،
                                                ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﳌﺄﻣﻮﺭ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﺍﳌﺄﻣﻮﺭ ﺑﻘﺘﻠﻪ ﻻ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﻓﺎﻟﻘﺼﺎﺹ ﻋﻠﻴﻪ ﻷﻧﻪ ﻏﲑ ﻣﻌﺬﻭﺭ ﰲ ﻓﻌﻠﻪ ﻷﻥ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ : (( ﺇﳕﺎ ﺍﻟﻄﺎﻋﺔ ﰲ ﺍﳌﻌﺮﻭﻑ )).
                                                ﻭﺇﻥ ﱂ ﻳﻌﻠﻢ ﺫﻟﻚ ﻓﺎﻟﻘﺼﺎﺹ ﻋﻠﻰ ﺍﻵﻣﺮ ﺩﻭﻥ ﺍﳌﺄﻣﻮﺭ ﻷﻥ ﺍﳌﺄﻣﻮﺭ ﻣﻌﺬﻭﺭ ﻟﻮﺟﻮﺏ ﻃﺎﻋﺔ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﰲ ﻏﲑ ﺍﳌﻌﺼﻴﺔ ، ﻭﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﺄﻣﺮ ﺇﻻ ﺑﺎﳊﻖ .
                                                ﻭﺍﺧﺘﺎﺭ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﺎﻝ ﻭﺟﻮﺏ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ﲨﻴﻌﺎﹰ ﻷﻥ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻻ ﻳﻄﺎﻉ ﺣﱴ ﻳﻌﻠﻢ ﺟﻮﺍﺯ ﻣﺎ ﺃﻣﺮ ﺑﻪ ، ﻭﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﳛﻤﻞ ﻛﻼﻣﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻹﻣﺎﻡ معروفاً ﺑﺎﻟﻈﻠﻢ ﻭﺍﻹﻓﺴﺎﺩ ﰲ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﻋﺪﻡ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﺷﺮﻉ ﺍﷲ ، ﻓﻼ ﳚﻮﺯ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﺃﻣﺮﻩ ﰲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﺎﻟﺔ ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﻋﺮﻑ ﺍﳌﺄﻣﻮﺭ ﺟﻮﺍﺯ ﻣﺎ ﺃﻣﺮ ﺑﻪ . ﻭﺍﷲ ﺃﻋﻠﻢ .
                                                ========================
                                                ﺍﳌﺎﻧﻊ ﺍﳋﺎﻣﺲ : ﺍﻟﺴﻜﺮ :
                                                ﺍﺧﺘﻠﻒ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﰲ ﺣﻜﻢ ﺇﻗﺎﻣﺔ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻗﺘﻞ ﻣﺘﻌﻤﺪﺍﹰ ﺣﺎﻝ ﺳﻜﺮﻩ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻟﲔ :
                                                * ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻷﻭﻝ : ﺃﻧﻪ ﻳﻘﺘﺺ ﻣﻨﻪ، ﻭﻫﻮ ﻣﺬﻫﺐ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ .
                                                ﺍﺳﺘﺪﻟﻮﺍ:
                                                1. ﺃﻥ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺭﺿﻮﺍﻥ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺃﻗﺎﻣﻮﺍ ﺳﻜﺮﻩ ﻣﻘﺎﻡ ﻗﺬﻓﻪ ﻓﺄﻭﺟﺒﻮﺍ ﻋﻠﻴﻪ ﺣﺪ ﺍﻟﻘﺬﻑ ، ﻓﻠﻮﻻ ﺃﻥ ﻗﺬﻓﻪ ﻣﻮﺟﺐ ﻟﻠﺤﺪ ﻋﻠﻴﻪ ﳌﺎ ﻭﺟﺐ ﺍﳊﺪ ﲟﻈﻨﺘﻪ ، ﻓﻘﺪ ﺛﺒﺖ ﺃﻥ ﻋﻤﺮ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﺍﺳﺘﺸﺎﺭ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﰲ ﺷﺄﻥ ﺷﺎﺭﺏ ﺍﳋﻤﺮ، ﻓﻘﺎﻝ ﻋﻠﻲ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ: ﻳﺎ ﺃﻣﲑ ﺍﳌﺆﻣﻨﲔ ﺇﻥ ﺍﻟﺸﺎﺭﺏ ﺇﺫﺍ ﺳﻜﺮ ﻫﺬﻯ، ﻭﺇﺫﺍ ﻫﺬﻯ ﺍﻓﺘﺮﻯ ﻭﺣﺪ ﺍﳌﻔﺘﺮﻱ ﲦﺎﻧﻮﻥ ﺟﻠﺪﺓ، ﺃﺭﻯ ﺃﻥ ﲡﻠﺪﻩ ﲦﺎﻧﲔ ، ﻓﺄﻋﺠﺐ ﺫﻟﻚ ﻋﻤﺮ ﻭﺟﻌﻞ ﻋﻘﻮﺑﺘﻪ ﲦﺎﻧﲔ ﺟﻠﺪﺓ ، ﻓﺈﺫﺍ ﻭﺟﺐ ﺣﺪ ﺍﻟﻘﺬﻑ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﺎﺭﺏ ﻓﺎﻟﻘﺼﺎﺹ ﺍﳌﺘﻤﺤﺾ ﺣﻖ ﺁﺩﻣﻲ ﺃﻭﱃ.
                                                2. ﻭﻷﻥ ﰲ ﺫﻟﻚ سداً ﻟﻠﺬﺭﻳﻌﺔ ﺇﺫ ﻟﻮ ﱂ ﳚﺐ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻭﺍﳊﺪ ﻷﻓﻀﻰ ﺇﱃ ﺃﻥ ﻣﻦ ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻳﻌﺼﻲ ﺍﷲ ﺷﺮﺏ ﻣﺎ ﻳﺴﻜﺮﻩ ﰒ ﻗﺘﻞ ﻭﺯﱏ ﻭﺳﺮﻕ ﻭﻻ ﻳﻠﺰﻣﻪ ﻋﻘﻮﺑﺔ ، ﻓﻴﺼﲑ ﻋﺼﻴﺎﻧﻪ ﺳﺒﺒﺎﹰ ﻟﺴﻘﻮﻁ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ﻋﻨﻪ.
                                                * ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺜﺎﱐ: ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﻘﺘﺺ ﻣﻨﻪ ، ﻭﻫﻮ ﻭﺟﻪ ﰲ ﻣﺬﻫﺐ ﺍﳊﻨﺎﺑﻠﺔ.
                                                ﻭﺍﺳﺘﺪﻟﻮﺍ:
                                                1. ﺑﺎﻟﻘﻴﺎﺱ ﻋﻠﻰ المجنون ﻓﺈﻥ كلاً ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺯﺍﺋﻞ ﺍﻟﻌﻘﻞ .
                                                ﻭﻳﻨﺎﻗﺶ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﺳﺘﺪﻻﻝ: ﺑﺄﻥ ﻫﺬﺍ ﻗﻴﺎﺱ ﻣﻊ ﺍﻟﻔﺎﺭﻕ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺴﻜﺮﺍﻥ ﻓﻘﺪ ﻋﻘﻠﻪ ﺑﺎﺧﺘﻴﺎﺭﻩ ﻋﺼﻴﺎﻧﺎﹰ ﲞﻼﻑ ﺍﺠﻨﻮﻥ .
                                                2. ﻭﺑﺎﻟﻘﻴﺎﺱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﻼﻕ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺴﻜﺮﺍﻥ ﻻ ﻳﻘﻊ ﻃﻼﻗﻪ .
                                                ﻭﻳﻨﺎﻗﺶ: ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﻟﻔﺎﺭﻕ ﺍﻟﻄﻼﻕ ﻭﻷﻥ ﺍﻟﻄﻼﻕ ﳝﻜﻦ ﺇﻟﻐﺎﺅﻩ ﲞﻼﻑ ﺍﻟﻘﺘﻞ ، ﻭﻷﻥ ﺇﻟﺰﺍﻣﻪ ﺑﺎﻟﻄﻼﻕ ﻳﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺇﳊﺎﻕ ﺍﻟﻀﺮﺭ ﲟﻦ ﱂ ﻳﺮﺗﻜﺐ ﺍﳌﻌﺼﻴﺔ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺰﻭﺟﺔ ﻭﺍﻷﻭﻻﺩ .
                                                3. ﻭﳌﺎ ﺛﺒﺖ ﰲ ﺻﺤﻴﺢ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﺃﻥ ﲪﺰﺓ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﻗﺎﻝ ﻟﻠﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﻫﻮ ﲦﻞ : ﻭﻫﻞ ﺃﻧﺘﻢ ﺇﻻ ﻋﺒﻴﺪ ﺃﰊ ، ﻭﱂ ﻳﻘﻢ ﺍﻟﻨﱯ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﺣﺪ ﺍﻟﺮﺩﺓ .
                                                ﻭﻳﻨﺎﻗﺶ : ﺑﺄﻥ ﻫﺬﺍ ﻛﺎﻥ ﻗﺒﻞ ﲢﺮﱘ ﺍﳋﻤﺮ ﻓﻼ ﻳﺼﺢ ﺍﻻﺳﺘﺪﻻﻝ ﺑﻪ .
                                                ﻭﺍﻟﺮﺍﺟﺢ ﻫﻮ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻷﻭﻝ ﻟﻘﻮﺓ ﺃﺩﻟﺘﻪ .
                                                ﻓﺄﻣﺎ ﺇﻥ ﺗﻨﺎﻭﻝ ﺷﻴﺌﺎﹰ ﻳﺰﻳﻞ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﻣﺒﺎﺡ ﻛﺎﻟﺒﻨﺞ مثلاً ﻓﻘﺘﻞ ﻓﻼ ﻗﺼﺎﺹ ﻋﻠﻴﻪ ﻷﻧﻪ ﻣﻌﺬﻭﺭ، ﻭﺣﻜﻤﻪ ﺣﻜﻢ المجنون ، ﻓﻬﻮ ﻗﺘﻞ ﺧﻄﺄ .


                                                5- ﺍﺳﺘﻴﻔﺎﺀ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ
                                                ﺗﻌﺮﻳﻔﻪ:المقصود ﺑﺎﺳﺘﻴﻔﺎﺀ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﺃﻱ ﺗﻨﻔﻴﺬﻩ والمطالبة ﺑﻪ .

                                                شروط استيفاء القصاص:
                                                يشترط له ثلاثة شروط:

                                                الشرط الأول: أن يكون مستحق القصاص ( أي ولي الدم ) مكلفاً:
                                                أي بالغا وعاقلا.
                                                وقد اختلف أهل العلم في مسألتين:

                                                    المسألة الأولى: إذا كان مستحق القصاص صبيا أو مجنونا:

                                                فلأهل العلم في ذلك قولان:
                                                القول الأول:
                                                أن الجاني يحبس حتى يبلغ الصبي القصاص ويفيق المجنون، وليس للأب ولا للوصي ولا للحاكم استيفاؤه، وهذا مذهب الشافعي وأحمد في الرواية المشهورة.
                                                استدلوا:
                                                1- أن معاوية حبس هدبة بن خشرم في قصاص حتى بلغ ابن القتيل، وبذل الحسن والحسين وسعيد بن العاص سبع ديات لابن القتيل فلم يقبلها، وكان ذلك بمحضر من الصحابة فلم ينكر فكان إجماعا سكوتيا.
                                                2- ولأن القصاص ثبت لما فيه من التشفي والانتقام، ولا يحصل ذلك لمستحقه باستيفاء غيره.
                                                القول الثاني:
                                                أن للأب اسيفاء القصاص نيابة عن الصغير والمجنون، وكذلك الحكم في الوصي والحاكم في الطرف دون النفس، وهذا مذهب الحنفية والمالكية.
                                                وعن أحمد في الرواية الأخرى أنه يجوز للأب فقط استيفاؤه.
                                                واستدلوا:
                                                1- بأن القصاص أحد بدلي النفس، فكان للأب استيفاؤه كالدية.
                                                إذ من المعلوم أن للأب أن يستوفي للابن نصيبه من الدية ويحتفظ له به حتى يبلغ.
                                                نوقش:
                                                1- بأن القصاص يخالف الدية، فإن الغرض من الدية يحصل باستيفاء الأب بخلاف القصاص فإن الغرض منه التشفي.
                                                2- وكذلك فإن الدية إنما يملك استيفاءها إذا تعينت، والقصاص لم يتعين بعد لاحتمال أن يعفو الابن.
                                                والراجح هو القول الأول:
                                                وعليه فإن الجاني يحبس حتى يبلغ الصبي أو يفيق المجنون، ويستثنى من ذلك ما إذا كان مستحق القصاص مجنونا واحتاج إلى النفقة فللولي العفو إلى الدية، وهذا هو المشهور من المذهب لأنه ليس له حالة معتادة ينتظر فيها إفاقته بخلاف الصبي، فإن كان صغيرا أو مجنونا لا يحتاج إلى نفقة فليس للولي العفو إلى الدية وكذلك ليس له حق المطالبة بالقصاص مطلقا، ولا العفو مطلقا إلى غير مال، وإنما استثني العفو إلى الدية لأن في ذلك مصلحة محضة لمستحق القصاص (المجنون) وللجاني.
                                                أما إن كان مستحق القصاص صغيرا محتاجا إلى النفقة ففيه وجهان:
                                                أحدهما: أن لوليه العفو إلى الدية، وصححه في المغني وصوبه في الإنصاف.
                                                والوجه الآخر وهو المشهور في المذهب: ليس لوليه ذلك لأن له غاية ينتظر فيها ونفقته في بيت المال وهذا هو الأقرب، والله أعلم.
                                                ========================= =

                                                    المسألة الثانية: إذا كان بعض مستحقي القصاص غائبا أو غير مكلف:

                                                إذا كان ورثة القتيل أكثر من واحد، لم يجز لبعضهم استيفاء القود إلا بإذن الباقين، فإن كان بعضهم غائبا ، انتظر قدومه، ولم يجز للحاضر الاستقلال بالاستيفاء، بغير خلاف بين أهل العلم.
                                                    وإن كان بعضهم صغيرا أو مجنونا، فاختلف أهل العلم:
                                                القول الأول:
                                                ليس لغيرهما الاستيفاء، حتى يبلغ الصغير ويفيق المجنون.
                                                وبهذا قال الشافعي وأبو يوسف وإسحاق وهو ظاهر مذهب أحمد.
                                                واستدلوا:
                                                1- أنه قصاص غير متحتم ، ثبت لجماعة متعينين، فلم يجز لأحدهم استيفاؤه استقلالا، كما لو كان بين حاضر وغائب.
                                                2- ولأنه أحد بدلي النفس، فلم ينفرد به كالدية.
                                                والقول الثاني:
                                                للكبار العقلاء استيفاؤه.
                                                وبه قال أبو حنيفة ومالك ورواية عن أحمد.
                                                واختار شيخ الإسلام ابن تيمية هذا القول: حيث قال: "إذا اشتركوا في قتله وجب القود على جميعهم باتفاق الأئمة الأربعة وللورثة أن يقتلوا ولهم أن يعفو.
                                                فإذا اتفق الكبار من الورثة على قتلهم فلهم ذلك عند أكثر العلماء: كأبي حنيفة ومالك وأحمد في إحدى الروايتين.
                                                وكذا إذا وافق ولي الصغار الحاكم أو غيره على القتل مع الكبار فيقتلون".
                                                واستدلوا بما يأتي:
                                                1-أن الحسن بن علي رضي الله عنهما قتل ابن ملجم قصاصا، وفي الورثة صغار، فلم ينكر ذلك.
                                                2- ولأن اسيتفاء القصاص نوع ولاية، والصغير ليس له ولاية.
                                                والصحيح هو القول الأول ويجاب عن أدلة الفريق الثاني بما يأتي:
                                                أ‌- أما ابن ملجم فقد قيل:
                                                إنه قتله بكفره لأنه قتل عليا مستحلا لدمه معتقدا كفره متقربا بذلك إلى الله تعالى.
                                                وقيل قتله لسعيه في الأرض بالفساد، وإظهار السلاح، فيكون كقاطع الطريق إذا قتل، وقتله متحتم، وهو الإمام، والحسن هو الإمام ، ولذلك لم ينتظر الغائبين من الورثة، ولا خلاف في وجوب انتظارهم، وإن قدر أنه قتله قصاصا فقد اتفق الفريقان على خلافه، فكيف يصح الاحتجاج به.
                                                ب‌- أما قولهم إنه ليس للصغير ولاية فقد أجاب عنه ابن قدامة بقوله:
                                                "الدليل على أن للصغير والمجنون فيه حقا أربعة أمور:
                                                أحدها: أنه لو كان منفردا لاستحقه، ولو نافاه الصغر مع غيره لنافاه مفردا، كولاية النكاح.
                                                والثاني: أنه لو بلغ لاستحق، ولو لم يكن مستحقا عند الموت لم يكن مستحقا بعده، كالرقيق إذا عتق بعد موت أبيه.
                                                والثالث: أنه لو صار الأمر إلى المال، لاستحق، ولو لم يكن مستحقا للقصاص لما استحق بدله، كالأجنبي.
                                                والرابع: أنه لو مات الصغير لاستحقه ورثته، ولو لم يكن حقا لم يرثه، كسائر ما لم يستحقه".
                                                ========================= =
                                                مسألة:
                                                كل موضع يجب تأخير الاستيفاء فيه فإن القاتل يحبس حتى يلغ الصبي ويفيق المجنون لفعل معاوية رضي الله عنه بهدبة، وكان ذلك بمحضر من الصحابة.
                                                فإن قيل:
                                                فلم لا يخلى سبيله كالمعسر بالدين؟
                                                فالجواب:
                                                أن في تخليته تضييعا للحق لأنه لا يؤمن هربه.
                                                والفرق بينه وبين المعسر من أوجه:
                                                الأول: أن قضاء الدين لا يجب مع الإعسار، فلا يحبس بما لا يجب، والقصاص هنا واجب.
                                                الثاني: أن المعسر إذا حبسناه تعذر الكسب لقضاء الدين فلا يفيد بل يضر الجانبين، وهاهنا الحق نفسه يفوت بالتخلية.
                                                الثالث: أنه قد استحق قتله، وفيه تفويت نفسه ونفعه، فإذا تعذر تفويت نفسه جاز تفويت نفعه لإمكانه.
                                                فإن أقام القاتل كفيلا بنفسه ليخلى سبيله لم يجز، لأن الكفالة لا تصح في القصاص فإن فائدتها استيفاء الحق من الكفيل فإن تعذر إحضار المكفول به فلا يمكن استيفاؤه من غير القاتل فلم تصح الكفالة به كالحد.




                                                ﺍﻟﺸﺮﻁ ﺍﻟﺜﺎﱐ : ﺍﺗﻔﺎﻕ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﳌﺸﺘﺮﻛﲔ ﻓﻴﻪ :
                                                ﻭﻓﻴﻪ ﻣﺴﺎﺋﻞ :
                                                ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﺍﻷﻭﱃ :ﻣﻦ ﻫﻢ ﺃﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﻟﺪﻡ :
                                                ﺍﺧﺘﻠﻒ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﰲ ﲢﺪﻳﺪ ﺃﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﻟﺪﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﺃﻗﻮﺍﻝ :
                                                * ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻷﻭﻝ:
                                                ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﺣﻖ ﳉﻤﻴﻊ ﺍﻟﻮﺭﺛﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﻭﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ، ﻭﺍﻟﻜﺒﺎﺭ ﻭﺍﻟﺼﻐﺎﺭ .
                                                ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺬﻫﺐ ﲨﻬﻮﺭ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻣﻦ ﺍﳊﻨﻔﻴﺔ ﻭﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ ﻭﺍﳊﻨﺎﺑﻠﺔ .
                                                ﻭﺍﺳﺘﺪﻟﻮﺍ ﲟﺎ ﻳﻠﻲ :
                                                أولاً: ﻣﺎ ﺭﻭﻯ ﺃﺑﻮ ﺷﺮﻳﺢ ﺍﳋﺰﺍﻋﻲ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ : (( ﻓﻤﻦ ﻗﺘﻞ ﻟﻪ ﻗﺘﻴﻞ ﺑﻌﺪ ﻣﻘﺎﻟﱵ ﻫﺬﻩ ﻓﺄﻫﻠﻪ ﺑﲔ ﺧﲑﺗﲔ : ﺇﻣﺎ ﺃﻥ ﻳﺄﺧﺬﻭﺍ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺃﻭ ﻳﻘﺘﻠﻮﺍ )) ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺑﻮ ﺩﺍﻭﺩ ﻭﺍﻟﻨﺴﺎﺋﻲ ﻭﺃﺻﻠﻪ ﰲ ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﲔ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ ﺃﰊ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﲟﻌﻨﺎﻩ .
                                                (( ﻓﺄﻫﻠﻪ )) ﻳﺸﻤﻞ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﻭﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﻭﻣﻨﻬﻢ ﺍﳌﺮﺃﺓ ، ﻭﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺰﻭﺟﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﻫﻞ ﻣﺎ ﺛﺒﺖ ﰲ ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﲔ ﰲ ﻗﺼﺔ ﺍﻹﻓﻚ ﰲ ﻗﻮﻟﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ : (( ﻣﻦ ﻳﻌﺬﺭﱐ ﻣﻦ ﺭﺟﻞ ﺑﻠﻎ ﺃﺫﺍﻩ ﰲ ﺃﻫﻠﻲ ﻭﻣﺎ ﻋﻠﻤﺖ ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻠﻲ ﺇﻻ ﺧ ﲑ ﺍﹰ ، ﻭﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﺪﺧﻞ ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻠﻲ ﺇﻻ ﻣﻌﻲ )) ﻳﺮﻳﺪ ﻋﺎﺋﺸﺔ ، ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻪ ﺃﺳﺎﻣﺔ : ﺃﻫﻠﻚ ﻭﻻ ﻧﻌﻠﻢ ﺇﻻ خيراً.
                                                ثانياً: ﻣﺎ ﺭﻭﻯ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺯﺍﻕ ﰲ ﻣﺼﻨﻔﻪ ﺑﺈﺳﻨﺎﺩ ﺻﺤﻴﺢ: ﻋﻦ ﺯﻳﺪ ﺑﻦ ﻭﻫﺐ ﺃﻥ ﻋﻤﺮ ﺃﰐ ﺑﺮﺟﻞ ﻗﺘﻞ قتيلاً ﻓﺠﺎﺀ ﻭﺭﺛﺔ ﺍﳌﻘﺘﻮﻝ ﻟﻴﻘﺘﻠﻮﻩ ﻓﻘﺎﻟﺖ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﺍﳌﻘﺘﻮﻝ ، ﻭﻫﻲ ﺃﺧﺖ ﺍﻟﻘﺎﺗﻞ : ﻗﺪ ﻋﻔﻮﺕ ﻋﻦ ﺣﻘﻲ ، ﻓﻘﺎﻝ ﻋﻤﺮ : ﺍﷲ ﺃﻛﱪ ﻋﺘﻖ ﺍﻟﻘﺘﻴﻞ )) .
                                                ثالثاً: ﻭﻷﻥ ﻣﻦ ﻭﺭﺙ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻭﺭﺙ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ، ﻭﺯﻭﺍﻝ ﺍﻟﺰﻭﺟﻴﺔ ﻻ ﳝﻨﻊ ﺍﺳﺘﺤﻘﺎﻕ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻛﻤﺎ ﱂ ﳝﻨﻊ ﺍﺳﺘﺤﻘﺎﻕ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻭﺳﺎﺋﺮ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﳌﻮﺭﻭﺛﺔ.
                                                =========================
                                                * ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺜﺎﱐ :
                                                ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﺣﻖ ﻟﻠﻌﺼﺒﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻛﻮﺭ ﻓﻘﻂ. ﻓﻼ ﺩﺧﻞ ﻓﻴﻪ ﻟﻠﻨﺴﺎﺀ مطلقاً، ﻭﻻ ﻟﺰﻭﺝ ﻭﻻ لأخٍ ﻷﻡ ﺃﻭ جدٍ ﻷﻡ .
                                                ﻭﺍﻟﻌﺼﺒﺔ ﻫﻢ : ﺍﻻﺑﻦ ﻭﺍﺑﻦ ﺍﻻﺑﻦ ﻭﺇﻥ ﻧﺰﻝ ، ﻭﺍﻷﺏ ﻭﺍﳉﺪ ﻭﺇﻥ ﻋﻼ ، ﻭﺍﻷﺥ ﺍﻟﺸﻘﻴﻖ ﻭﺍﺑﻦ ﺍﻷﺥ ﺍﻟﺸﻘﻴﻖ ﻭﺇﻥ ﻧﺰﻝ ، ﻭﺍﻷﺥ ﻷﺏ ﻭﺍﺑﻦ ﺍﻷﺥ ﻷﺏ ﻭﺇﻥ ﻧﺰﻝ ، ﻭﺍﻟﻌﻢ ﺍﻟﺸﻘﻴﻖ ﻭﺇﻥ ﻋﻼ ﻭﺍﻟﻌﻢ ﻷﺏ ﻭﺇﻥ ﻋﻼ. ﻭﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﺑﺎﻟﻌﺼﺒﺔ ﻫﻨﺎ ﺍﻟﻌﺼﺒﺔ ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ ﻓﻼ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﻋﺎﺻﺐ ﺑﺎﻟﻐﲑ ﻭﻻﻣﻊ ﺍﻟﻐﲑ ﻻﺷﺘﺮﺍﻁ ﺍﻟﺬﻛﻮﺭﺓ ﻓﻴﻪ .
                                                ﻭﻫﺬﺍ ﺍﳌﺸﻬﻮﺭ ﻣﻦ ﻣﺬﻫﺐ ﺍﳌﺎﻟﻜﻴﺔ،[ ﻋﻠﻰ ﺗﻔﺼﻴﻞ ﳍﻢ ﰲ ﺫﻟﻚ فإنهم ﻳﻮﺭﺛﻮﻥ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﺣﻖ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﺑﺜﻼﺛﺔ ﺷﺮﻭﻁ ﻋﻨﺪﻫﻢ ]
                                                ﻭﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ .
                                                ﻭﺣﺠﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ :
                                                1. ﻷﻥ ﺍﻟﻌﺼﺒﺔ ﺗﻌﻘﻞ ﻋﻨﻪ ﺟﻨﺎﻳﺘﻪ، ﻓﺘﺴﺘﺤﻖ ﺩﻣﻪ ﺇﺫﺍ ﺟﲏ ﻋﻠﻴﻪ، ﻷﻥ ﺍﻟﻐﻨﻢ ﺑﺎﻟﻐﺮﻡ.
                                                ﻭﻳﻨﺎﻗﺶ:
                                                ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻌﺼﺒﺔ ﺗﻌﻘﻞ ﻋﻨﻪ ﺟﻨﺎﻳﺘﻪ ﰲ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﺍﳋﻄﺄ، ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻌﻤﺪ ﻓﻼ ﺗﺘﺤﻤﻠﻬﺎ ﺍﻟﻌﺎﻗﻠﺔ ﺑﺎﻹﲨﺎﻉ، ﻭﻣﻮﺟﺐ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﺍﳋﻄﺄ –ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺪﻳﺔ- ﻣﺴﺘﺤﻖ ﻟﻠﻮﺭﺛﺔ ﻻ ﻟﻠﻌﺼﺒﺔ اتفاقاً، ﻓﺈﺫﺍﱂ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺍﻟﻌﺼﺒﺔ ﺩﻳﺔ ﺍﳋﻄﺄ ﻣﻊ ﻛﻮﻬﻢ ﻳﻌﻘﻠﻮﻥ ﻋﻨﻪ ﺧﻄﺄﻩ ﻓﻸﻥ ﻻ ﻳﺴﺘﺤﻘﻮﺍ ﺩﻣﻪ ﰲ ﺟﻨﺎﻳﺔ ﺍﻟﻌﻤﺪ ﺍﻟﱵ ﻻ ﻳﻌﻘﻠﻮﻬﺎ ﻋﻨﻪ ﻣﻦ ﺑﺎﺏ ﺃﻭﱃ.
                                                ﻭﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻣﻦ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻏﲑ ﻣﻦ ﻳﺘﺤﻤﻞ ﺍﻟﻌﺎﻗﻠﺔ ﺣﺪﻳﺚ ﺃﰊ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﻗﺎﻝ: { ﻗﻀﻰ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﰲ ﺟﻨﲔ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﻣﻦ ﺑﲏ ﳊﻴﺎﻥ ﺳﻘﻂ ﻣﻴﺘﺎ ﺑﻐﺮﺓ ﻋﺒﺪ ﺃﻭ ﺃﻣﺔ , ﰒ ﺇﻥ ﺍﳌﺮﺃﺓ ﺍﻟﱵ ﻗﻀﻰ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺎﻟﻐﺮﺓ ﺗﻮﻓﻴﺖ، ﻓﻘﻀﻰ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑﺄﻥ ﻣﲑﺍﺛﻬﺎ ﻟﺒﻨﻴﻬﺎ ﻭﺯﻭﺟﻬﺎ ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻋﻠﻰ ﻋﺼﺒﺘﻬﺎ }. ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ.
                                                2. ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﰲ ﺍﻟﻨﻜﺎﺡ ﻓﺈﻬﺎ ﻟﻠﻌﺼﺒﺔ .
                                                ﻧﻮﻗﺶ:
                                                ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﻋﻠﻰ ﻭﻻﻳﺔ ﺍﻟﻨﻜﺎﺡ ﻏﲑ ﺻﺤﻴﺢ ﻷﻥ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﰲ ﺍﻟﻨﻜﺎﺡ ﺛﺒﺘﺖ ﺑﺄﺩﻟﺔ ﺧﺎﺻﺔ.
                                                3. ﻭﻷﻥ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﺛﺒﺖ ﻟﺪﻓﻊ ﺍﻟﻌﺎﺭ ﻭﺍﻟﺜﺄﺭ ﻓﺎﺧﺘﺺ ﺑﻪ ﺍﻟﻌﺼﺒﺎﺕ .
                                                ﻭﻳﻨﺎﻗﺶ:
                                                ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻟﺘﺴﻠﻴﻢ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﺛﺒﺖ ﺠﺮﺩ ﺩﻓﻊ ﺍﻟﻌﺎﺭ.
                                                ========================= =
                                                * ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ:
                                                ﺃﻥ ﻭﻻﻳﺔ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺬﻛﻮﺭ ﺍﻟﻮﺍﺭﺛﲔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﺍﺑﺔ ﺃﻭ ﺫﻭﻱ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ .
                                                ﻓﻴﺪﺧﻞ هذا ﺍﻟﺰﻭﺝ ﻭﺍﻹﺧﻮﺓ ﻷﻡ ﻭﺍﳉﺪ ﻷﻡ .
                                                ﻭﺣﺠﺘﻬﻢ : ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﺛﺒﺖ ﻟﺪﻓﻊ ﺍﻟﻌﺎﺭ ﻓﺎﺧﺘﺺ ﺑﻪ ﺍﻟﺬﻛﻮﺭ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ .
                                                ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺬﻫﺐ ﺍﻟﻠﻴﺚ ﻭﺍﻷﻭﺯﺍﻋﻲ .
                                                ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺿﻌﻴﻒ ﻷﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﻔﺮﻗﺔ ﻻ ﺩﻟﻴﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ ، ﻭﻻ ﻳﺴﻠﻢ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﺷﺮﻉ لمجرد ﺩﻓﻊ ﺍﻟﻌﺎﺭ .
                                                =========================
                                                * ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ : ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﺣﻖ ﻟﺬﻭﻱ ﺍﻷﻧﺴﺎﺏ ( ﺃﻱ ﺍﻷﻗﺎﺭﺏ ) ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﻭﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺰﻭﺟﲔ. ﻭﻫﺬﺍ ﺃﺣﺪ ﺍﻷﻗﻮﺍﻝ ﰲ ﺍﳌﺬﻫﺐ ﺍﳌﺎﻟﻜﻲ .
                                                وﺍﺳﺘﺪﻟﻮﺍ ﺑﻘﻮﻟﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ – ﰲ ﺣﺪﻳﺚ ﺃﰊ ﺷﺮﻳﺢ ﺍﳌﺘﻘﺪﻡ -:(( ﻓﺄﻫﻠﻪ )) ﻗﺎﻟﻮﺍ : ﻭﺃﻫﻠﻪ ﺫﻭﻭ ﺭﲪﺔ .
                                                ﻭﻗﺪ ﺳﺒﻖ ﺍﻟﺮﺩ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻭﺑﻴﺎﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﺰﻭﺟﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﻫﻞ .
                                                =========================
                                                ﻣﺴﺄﻟﺔ:
                                                ﺇﺫﺍ قُتِل ﻣﻦ ﻻ ﻭﺍﺭﺙ ﻟﻪ، ﻛﺎﳌﺴﻠﻢ ﺍﳉﺪﻳﺪ، ﻓﺎﻷﻣﺮ ﺇﱃ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ; ﻭﺍﺧﺘﻴﺎﺭﻩ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﻣﺼﻠﺤﺔ ﻻ ﺗﺸﻬﻲ ، ﻓﺈﻥ ﺍﺧﺘﺎﺭ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻓﻠﻪ ﺫﻟﻚ , ﻭﺇﻥ ﺍﺧﺘﺎﺭ ﺍﻟﻌﻔﻮ ﻋﻠﻰ ﻣﺎﻝ ﻓﻠﻪ ﺫﻟﻚ , ﻭﺇﻥ ﺃﺣﺐ ﺍﻟﻌﻔﻮ ﺇﱃ ﻏﲑ ﻣﺎﻝ ﱂ ﳝﻠﻜﻪ ; ﻷﻥ ﺫﻟﻚ ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﲔ ﻭﻻ ﺣﻆ ﳍﻢ ﰲ ﻫﺬﺍ .
                                                -----------------------
                                                ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ :
                                                ﻫﻞ ﻣﻦ ﺷﺮﻁ ﺍﺳﺘﻴﻔﺎﺀ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﺍﺗﻔﺎﻕ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﺃﻡ ﺃﻧﻪ ﺇﺫﺍ ﻃﺎﻟﺐ ﺑﻪ ﺃﺣﺪﻫﻢ ﺃﻭ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻧﻔﺬ؟
                                                ﺍﺧﺘﻠﻒ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻟﲔ:
                                                * ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻷﻭﻝ :
                                                ﺫﻫﺐ ﻋﺎﻣﺔ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺇﱃ ﺃﻥ ﻣﻦ ﺷﺮﻁ ﺍﺳﺘﻴﻔﺎﺀ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﺍﺗﻔﺎﻕ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﳌﺸﺘﺮﻛﲔ ﻓﻴﻪ .
                                                ﻗﺎﻝ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ: " ﺇﺫﺍ ﻋﻔﺎ ﺑﻌﺾ ﺍﳌﺴﺘﺤﻖ ﻟﻠﻘﻮﺩ ﺳﻘﻂ ﻭﻛﺎﻥ ﺣﻖ ﺍﻟﺒﺎﻗﲔ ﰲ ﺍﻟﺪﻳﺔ".
                                                ﻭﺍﻷﺩﻟﺔ :
                                                1. ﳌﺎ ﺭﻭﻯ ﺍﺑﻦ ﺃﰊ ﺷﻴﺒﺔ ﺃﻥ ﻋﻤﺮ ﺭﻓﻊ ﺇﻟﻴﻪ ﺭﺟﻞ ﻗﺘﻞ رجلاً ﻓﺠﺎﺀ ﺃﻭﻻﺩ ﺍﳌﻘﺘﻮﻝ ﻭﻗﺪ ﻋﻔﺎ ﺑﻌﻀﻬﻢ ، ﻓﻘﺎﻝ ﻋﻤﺮ ﻻﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ : ﻣﺎ ﺗﻘﻮﻝ ؟ ﻓﻘﺎﻝ : ﺇﻧﻪ ﻗﺪ ﺃﺣﺮﺯ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﻓﻀﺮﺏ ﻋﻠﻰ ﻛﺘﻔﻪ ﻭﻗﺎﻝ : ﻛﻨﻴﻒ ﻣﻞﺀ علماً. ﻭﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﲟﺤﻀﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻭﱂ ﻳﻨﻜﺮ .
                                                ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻷﺛﺮ ﻓﻴﻪ ﺿﻌﻒ، ﻭﺍﻷﺻﺢ ﻣﻨﻪ ﺍﻷﺛﺮ ﺍﳌﺘﻘﺪﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺧﺮﺟﻪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺯﺍﻕ ﰲ ﻣﺼﻨﻔﻪ ﺑﺈﺳﻨﺎﺩ ﺻﺤﻴﺢ ﻋﻦ ﺯﻳﺪ ﺑﻦ ﻭﻫﺐ: (( ﺃﻥ ﻋﻤﺮ ﺃﰐ ﺑﺮﺟﻞ ﻗﺘﻞ قتيلاً ﻓﺠﺎﺀ ﻭﺭﺛﺔ ﺍﳌﻘﺘﻮﻝ ﻟﻴﻘﺘﻠﻮﻩ ﻓﻘﺎﻟﺖ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﺍﳌﻘﺘﻮﻝ ، ﻭﻫﻲ ﺃﺧﺖ ﺍﻟﻘﺎﺗﻞ : ﻗﺪ ﻋﻔﻮﺕ
                                                ﻋﻦ ﺣﻘﻲ ، ﻓﻘﺎﻝ ﻋﻤﺮ : ﺍﷲ ﺃﻛﱪ ﻋﺘﻖ ﺍﻟﻘﺘﻴﻞ )).
                                                2. ﻭﻷﻥ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﺣﻖ ﻣﺸﺘﺮﻙ ﻻ ﻳﺘﺒﻌﺾ ﻓﺈﺫﺍ ﺃﺳﻘﻄﻪ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺳﺮﻯ ﺇﱃ ﺍﻟﺒﺎﻗﻲ ﻛﺎﻟﻄﻼﻕ ﻭﺍﻟﻌﺘﺎﻕ .
                                                3. ﻭﻷﻥ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﺣﻖ ﻣﺸﺘﺮﻙ ﻣﺒﻨﺎﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﺭﺀ ﻭﺍﻹﺳﻘﺎﻁ ، ﻓﺈﺫﺍ ﺃﺳﻘﻄﻪ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺳﺮﻯ ﺇﱃ ﺍﻟﺒﺎﻗﻲ.
                                                * ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺜﺎﱐ:
                                                ﻭﺫﻫﺐ ﺑﻌﺾ ﺃﻫﻞ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ، ﻭﺍﻟﻈﺎﻫﺮﻳﺔ، ﻭﺍﻹﻣﺎﻡ ﻣﺎﻟﻚ ﰲ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﺎﺳﻢ ﻋﻨﻪ، ﻭﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻋﻨﺪ ﺍﳌﻐﺎﺭﺑﺔ ، ﻭﻫﻲ ﺧﻼﻑ ﺍﳌﺸﻬﻮﺭ ﰲ ﺍﳌﺬﻫﺐ ﺍﳌﺎﻟﻜﻲ، ﺇﱃ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻻ ﻳﺴﻘﻂ ﺑﻌﻔﻮ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺸﺮﻛﺎﺀ.
                                                ﻭﺣﺠﺘﻬﻢ:
                                                ﻷﻥ ﺣﻖ ﻏﲑ ﺍﻟﻌﺎﰲ ﱂ ﻳﺮﺽ ﺑﺈﺳﻘﺎﻃﻪ ، ﻭﻗﺪ ﺗﺆﺧﺬ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺑﺒﻌﺾ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺑﺪﻟﻴﻞ ﻗﺘﻞ ﺍﳉﻤﺎﻋﺔ ﺑﺎﻟﻮﺍﺣﺪ .
                                                ﻭﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻫﻮ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻷﻭﻝ ﻟﻘﻮﺓ ﺃﺩﻟﺘﻪ ، ﻭﻻ ﻳﺼﺢ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﻋﻠﻰ ﻗﺘﻞ ﺍﳉﻤﺎﻋﺔ ﺑﺎﻟﻮﺍﺣﺪ ﻷﻥ ﻣﻦ ﺷﺮﻁ ﻗﺘﻠﻬﻢ ﺑﻪ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻌﻞ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﺻ ﺎ ﳊ ﺎﹰ ﻟﻠﻘﺘﻞ ﻛﻤﺎ ﺗﻘﺪﻡ .
                                                ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﻓﺈﺫﺍ ﻋﻔﺎ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﻓﻠﻠﺒﺎﻗﲔ ﺣﻘﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﺎﱐ ﺑﻐﲑ ﺧﻼﻑ ﳑﻦ ﻗﺎﻝ ﺑﺴﻘﻮﻁ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ.
                                                --------------------------
                                                ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ : ﻣﺎ ﺍﳊﻜﻢ ﺇﺫﺍ ﺍﻧﻔﺮﺩ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﺃﻭ ﺃﺣﺪﻫﻢ ﺑﺎﺳﺘﻴﻔﺎﺀ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺒﻘﻴﺔ ؟
                                                ﳍﺬﻩ ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﺛﻼﺙ ﺣﺎﻻﺕ:
                                                ﺍﳊﺎﻝ ﺍﻷﻭﱃ: ﺃﻥ ﻳﻨﻔﺮﺩ ﺃﺣﺪﻫﻢ ﺑﻘﺘﻠﻪ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻳﺘﻔﻖ ﲨﻴﻊ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻗﺘﻠﻪ :
                                                ﻓﺎﺧﺘﻠﻒ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻟﲔ :
                                                ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻷﻭﻝ : ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ.
                                                ﻭﻫﻮ ﺃﺣﺪ ﻗﻮﱄ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ.
                                                ﻭﺣﺠﺠﻬﻢ :
                                                1-ﻷﻧﻪ متعدٍ ﺑﻘﺘﻠﻪ ﻓﻬﻮ ﳑﻨﻮﻉ ﻣﻨﻪ ﻗﺘﻠﻪ..
                                                2- ﻭﻷﻥ ﺑﻌﻀﻪ ﻏﲑ ﻣﺴﺘﺤﻖ ﻟﻪ، ﻭﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻗﺪ ﳚﺐ ﺑﺈﺗﻼﻑ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻨﻔﺲ, ﺑﺪﻟﻴﻞ ﻣﺎ ﻟﻮ ﺍﺷﺘﺮﻙ ﺍﳉﻤﺎﻋﺔ ﰲ ﻗﺘﻞ ﻭﺍﺣﺪ.
                                                ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺜﺎﱐ : ﻻﻗﺼﺎﺹ ﻋﻠﻴﻪ.
                                                وبهذا ﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻭﺃﲪﺪ , ﻭﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻵﺧﺮ ﻟﻠﺸﺎﻓﻌﻲ .
                                                ﻭﺣﺠﺠﻬﻢ :
                                                1- ﻷﻥ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﻭﺍﻓﻖ ﳏﻠﻪ.
                                                2-ﻭﻷﻧﻪ ﻗﺘﻞ نفساً ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻓﻠﻢ ﳚﺐ ﻗﺘﻠﻪ ﻬﺎ ﻷﻥ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻻ ﺗﺆﺧﺬ ﺑﺒﻌﺾ ﻧﻔﺲ.
                                                3-ﻭﻷﻧﻪ ﻣﺸﺎﺭﻙ ﰲ ﺍﺳﺘﺤﻘﺎﻕ ﺍﻟﻘﺘﻞ, ﻓﻠﻢ ﳚﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ , ﻷﻥ ﻟﻪ ﺷﺒﻬﺔ ﻓﻴﻪ، ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻣﺸﺎﺭﻛﺎ ﰲ ﻣﻠﻚ ﺍﳉﺎﺭﻳﺔ ﻭﻭﻃﺌﻬﺎ .
                                                ﻭﻳﻔﺎﺭﻕ ﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﻗﺘﻞ ﺍﳉﻤﺎﻋﺔ ﻭﺍﺣﺪﺍ, ﻓﺈﻧﻪ ﻻﳚﺐ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﺑﻘﺘﻞ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻨﻔﺲ , ﻭﺇﳕﺎ ﳚﻌﻞ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﻗﺎﺗﻼ ﳉﻤﻴﻌﻬﺎ، ﻷﻥ ﻣﻦ ﺷﺮﻁ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﰲ ﻗﺘﻞ ﺍﳉﻤﺎﻋﺔ ﺑﺎﻟﻮﺍﺣﺪ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ موجباً ﻟﻠﻘﺼﺎﺹ ﻟﻮ ﺍﻧﻔﺮﺩ.
                                                ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻫﻮ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ . ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﻓﻴﻌﺰﺭﻻﻓﺘﻴﺎﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻭﺗﻌﺪﻳﻪ ، ﻭﻻ ﻳﻘﺘﺺ ﻣﻨﻪ. ﻭﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﺎﻝ ﳚﺐ ﻟﻠﻮﱄ ﺍﻟﺬﻱ ﱂ ﻳﻘﺘﻞ ﻗﺴﻄﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻷﻥ ﺣﻘﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﺳﻘﻂ ﺑﻐﲑ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭﻩ.
                                                ----------------------
                                                ﻭﻫﻞ ﳚﺐ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﺗﻞ ﺍﳉﺎﱐ ﺃﻭ ﰲ ﺗﺮﻛﺔ ﺍﳉﺎﱐ ؟
                                                ﻓﻴﻪ ﻭﺟﻬﺎﻥ ﰲ ﺍﳌﺬﻫﺐ . ﻭﻟﻠﺸﺎﻓﻌﻲ ﻗﻮﻻﻥ :
                                                ﺃﺣﺪﳘﺎ : ﻳﺮﺟﻊ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﺗﻞ ﺍﳉﺎﱐ ; ﻷﻧﻪ ﺃﺗﻠﻒ ﳏﻞ ﺣﻘﻪ , ﻓﻜﺎﻥ ﺍﻟﺮﺟﻮﻉ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻌﻮﺽ ﻧﺼﻴﺒﻪ.
                                                ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ : ﻳﺮﺟﻊ ﰲ ﺗﺮﻛﺔ ﺍﳉﺎﱐ , ﻭﻳﺮﺟﻊ ﻭﺭﺛﺔ ﺍﳉﺎﱐ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﺗﻠﻪ ﺑﺪﻳﺔ ﻣﻮﺭﻭﺛﻬﻢ ﺇﻻ ﻗﺪﺭ ﺣﻘﻪ ﻣﻨﻬﺎ. ﻭﻫﺬﺍ ﺍﳌﺬﻫﺐ.
                                                ﻭﻳﻈﻬﺮ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﲔ ﺍﻟﻘﻮﻟﲔ :
                                                1- ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺍﳉﺎﱐ ﺃﻗﻞ ﺩﻳﺔ ﻣﻦ ﻗﺎﺗﻠﻪ , ﻣﺜﻞ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﻗﺘﻠﺖ ﺭﺟﻼ ﻟﻪ ﺍﺑﻨﺎﻥ , ﻓﻘﺘﻠﻬﺎ ﺃﺣﺪﳘﺎ ﺑﻐﲑ ﺇﺫﻥ ﺍﻵﺧﺮ , ﻓﻌﻠﻰ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﺜﺎﱐ : ﻟﻶﺧﺮ ﻧﺼﻒ ﺩﻳﺔ ﺃﺑﻴﻪ ﰲ ﺗﺮﻛﺔ ﺍﳌﺮﺃﺓ ﺍﻟﱵ ﻗﺘﻠﺘﻪ , ﻭﻳﺮﺟﻊ ﻭﺭﺛﺘﻬﺎ ﺑﻨﺼﻒ ﺩﻳﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﺗﻠﻬﺎ , ﻭﻫﻮ ﺭﺑﻊ ﺩﻳﺔ ﺍﻟﺮﺟﻞ . ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻷﻭﻝ , ﻳﺮﺟﻊ ﺍﻻﺑﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﱂ ﻳﻘﺘﻞ ﻋﻠﻰ ﺃﺧﻴﻪ ﺑﻨﺼﻒ ﺩﻳﺔ ﺍﳌﺮﺃﺓ ; ﻷﻧﻪ ﱂ ﻳﻔﻮﺕ ﻋﻠﻰ ﺃﺧﻴﻪ ﺇﻻ ﻧﺼﻒ ﺍﳌﺮﺃﺓ , ﻭﻻ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺮﺟﻊ ﻋﻠﻰ ﻭﺭﺛﺔ ﺍﳌﺮﺃﺓ ﺑﺸﻲﺀ ; ﻷﻥ ﺃﺧﺎﻩ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺘﻠﻬﺎ ﺃﺗﻠﻒ ﲨﻴﻊ ﺍﳊﻖ.
                                                2- ﺻﺤﺔ ﺇﺑﺮﺍﺀ ﻣﻦ ﺣﻜﻢ ﺍﻟﺮﺟﻮﻉ ﻋﻠﻴﻪ , ﻭﻣﻠﻚ ﻣﻄﺎﻟﺒﺘﻪ , ﻓﺈﻥ ﻗﻴﻞ : ﻳﺮﺟﻊ ﻋﻠﻰ ﺗﺮﻛﺔ ﺍﳉﺎﱐ . ﻭﻟﻪ ﺗﺮﻛﺔ , ﻓﻠﻪ ﺍﻷﺧﺬ ﻣﻨﻬﺎ , ﺳﻮﺍﺀ ﺃﻣﻜﻦ ﻭﺭﺛﺘﻪ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﻮﻓﻮﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮﻳﻚ , ﺃﻭ ﱂ ﳝﻜﻨﻬﻢ . ﻭﺇﻥ ﻗﻴﻞ : ﻳﺮﺟﻊ ﻋﻠﻰ ﺷﺮﻳﻜﻪ . ﱂ ﻳﻜﻦ ﻟﻪ ﻣﻄﺎﻟﺒﺔ ﻭﺭﺛﺔ ﺍﳉﺎﱐ , ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻥ ﺷﺮﻳﻜﻪ ﻣﻮﺳﺮﺍ ﺃﻭ ﻣﻌﺴﺮﺍ .
                                                ﻭﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﰲ ﺫﻟﻚ: ﺃﻧﻪ ﳚﺐ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﺗﻞ ﺍﳉﺎﱐ ﻷﻧﻪ ﺗﻌﺪﻯ ﺑﻔﻌﻠﻪ، ﻭﻟﺌﻼ ﲡﺘﻤﻊ ﻋﻘﻮﺑﺘﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻞ ﻭﺍﺣﺪ. ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﻓﲑﺟﻊ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﺗﻞ ﺍﳉﺎﱐ ﺑﺎﻷﻗﻞ ﻣﻦ: ﻧﺼﻴﺒﻪ ﰲ ﺩﻳﺔ ﻣﻮﺭﺛﻪ، ﺃﻭ ﻧﺼﻴﺒﻪ ﰲ ﺩﻳﺔ ﺍﳉﺎﱐ.
                                                ========================
                                                ﺍﳊﺎﻝ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ: ﺃﻥ ﻳﻘﺘﻠﻪ ﺍﻟﺸﺮﻳﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﱂ ﻳﻌﻒ ﺑﻌﺪ ﻋﻠﻤﻪ ﺑﻌﻔﻮ ﺷﺮﻳﻜﻪ :
                                                ﻓﻌﻠﻴﻪ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﺳﻮﺍﺀ ﺣﻜﻢ ﺑﻪ ﺣﺎﻛﻢ ﺃﻭ ﱂ ﳛﻜﻢ ، ﻷﻧﻪ ﻗﺘﻞ معصوماً مكافئاً ﻟﻪ ﻋﻤﺪﺍﹰ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﻻ ﺣﻖ ﻟﻪ ﻓﻴﻪ . ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﲨﺎﻫﲑ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ.
                                                ﻭﻗﻴﻞ : ﻻ ﳚﺐ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻷﻥ ﻟﻪ ﻓﻴﻪ ﺷﺒﻬﺔ ﻟﻮﻗﻮﻉ ﺍﳋﻼﻑ ﻓﻴﻪ ، ﻭﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻷﻭﻝ ، ﻷﻥ ﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﻻ ﻳﺴﻘﻂ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ، ﻓﺈﻧﻪ ﻟﻮ ﻗﺘﻞ مسلماً ﺑﻜﺎﻓﺮ ﻗﺘﻞ ﺑﻪ ﻣﻊ ﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﰲ ﻗﺘﻠﻪ.
                                                ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻘﺎﺗﻞ ﻫﻮ ﺍﻟﻌﺎﰲ , ﻓﻌﻠﻴﻪ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﺳﻮﺍﺀ ﻋﻔﺎ ﻣﻄﻠﻘﺎ ﺃﻭ ﺇﱃ ﻣﺎﻝ . وبهذا ﻗﺎﻝ ﲨﺎﻫﲑ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ .
                                                ﻭﺭﻭﻱ ﻋﻦ ﺍﳊﺴﻦ : ﺗﺆﺧﺬ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﺪﻳﺔ، ﻭﻻ ﻳﻘﺘﻞ .
                                                ﻭﻗﺎﻝ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ : ﺍﳊﻜﻢ ﻓﻴﻪ ﺇﱃ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ .
                                                ﻭﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﺃﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ، ﻭﺍﻷﺩﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ:
                                                1- ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ : { ﻓﻤﻦ ﺍﻋﺘﺪﻯ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻓﻠﻪ ﻋﺬﺍﺏ ﺃﻟﻴﻢ } . ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ , ﻭﻋﻄﺎﺀ , ﻭﺍﳊﺴﻦ , ﻭﻗﺘﺎﺩﺓ ﰲ ﺗﻔﺴﲑﻫﺎ : ﺃﻱ ﺑﻌﺪ ﺃﺧﺬﻩ ﺍﻟﺪﻳﺔ .
                                                2- ﻭﻋﻦ ﺍﳊﺴﻦ ﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ , ﻗﺎﻝ : ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : { ﻻ ﺃﻋﻔﻲ ﻣﻦ ﻗﺘﻞ ﺑﻌﺪ ﺃﺧﺬﻩ ﺍﻟﺪﻳﺔ }.
                                                ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻛﺜﲑ : " ﺃﻱ ﻻ ﺃﻗﺒﻞ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﺪﻳﺔ" .
                                                3- ﻭﻷﻧﻪ ﻗﺘﻞ ﻣﻌﺼﻮﻣﺎ ﻣﻜﺎﻓﺌﺎ , ﻓﻮﺟﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ , ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻗﺘﻞ .
                                                ========================= =====
                                                ﺍﳊﺎﻝ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ: ﺃﻥ ﻳﻘﺘﻠﻪ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﻌﻔﻮ :
                                                ﻓﻘﺪ ﺍﺧﺘﻠﻒ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻗﻮﺍﻝ:
                                                ﺍﻷﻭﻝ : ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ مطلقاً، ﻭﻻ ﻓﺮﻕ ﺑﲔ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﻗﺪ ﺣﻜﻢ ﺑﺎﻟﻌﻔﻮ ﺃﻭ ﱂ ﳛﻜﻢ ﺑﻪ ، ﻷﻧﻪ ﻗﺘﻞ ﻋﻤﺪ ﻋﺪﻭﺍﻥ ﳌﻦ ﻻ ﺣﻖ ﻟﻪ ﰲ ﻗﺘﻠﻪ .
                                                ﻭﻫﺬﺍ ﺃﺣﺪ ﻗﻮﱄ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ.
                                                ﺍﻟﺜﺎﱐ: ﻣﱴ ﻗﺘﻠﻪ ﺑﻌﺪ ﺣﻜﻢ ﺍﳊﺎﻛﻢ , ﻟﺰﻣﻪ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ , ﻋﻠﻢ ﺑﺎﻟﻌﻔﻮ ﺃﻭ ﱂ ﻳﻌﻠﻢ ، ﺃﻣﺎ ﻗﺒﻞ ﺣﻜﻢ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﻓﻼ ﻗﺼﺎﺹ.
                                                ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﳌﺸﻬﻮﺭ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ.
                                                ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ: ﻻ ﻗﺼﺎﺹ ﻋﻠﻴﻪ ، ﻭﺇﳕﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺪﻳﺔ ، ﻭﻻ ﻓﺮﻕ ﺑﲔ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﻗﺪ ﺣﻜﻢ ﺑﺎﻟﻌﻔﻮ ﺃﻭ ﱂ ﳛﻜﻢ ﺑﻪ . ﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﻟﺸﺒﻬﺔ ، ﻭﻷﻧﻪ ﻣﻌﺘﻘﺪ ﺑﺜﺒﻮﺕ ﺣﻘﻪ ﻓﻴﻪ ﻭﺍﻷﺻﻞ ﺑﻘﺎﺅﻩ ، ﻛﺎﻟﻮﻛﻴﻞ ﺇﺫﺍ ﻗﺘﻞ ﺑﻌﺪ ﻋﻔﻮ ﺍﳌﻮﻛﻞ ﻗﺒﻞ ﻋﻠﻤﻪ ﺑﻌﻔﻮﻩ .
                                                ﻭﻫﺬﺍ ﻗﻮﻝ ﺍﻷﺣﻨﺎﻑ ﻭﺍﳊﻨﺎﺑﻠﺔ.
                                                ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻫﻮ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ، ﻭﻟﻺﻣﺎﻡ ﺗﻌﺰﻳﺮﻩ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ.
                                                ﻭﻣﱴ ﺣﻜﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻮﺟﻮﺏ ﺍﻟﺪﻳﺔ ; ﺇﻣﺎ ﻟﻜﻮﻧﻪ ﻣﻌﺬﻭﺭﺍ, ﻭﺇﻣﺎ ﻟﻠﻌﻔﻮ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ , ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺴﻘﻂ ﻋﻨﻪ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻗﺎﺑﻞ ﺣﻘﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺎﺗﻞ ﻗﺼﺎﺻﺎ، ﻭﳚﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺒﺎﻗﻲ، ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻮﱄ ﻋﻔﺎ ﺇﱃ ﻏﲑ ﻣﺎﻝ، ﻓﺎﻟﻮﺍﺟﺐ ﻟﻮﺭﺛﺔ ﺍﻟﻘﺎﺗﻞ، ﻭﻻ ﺷﻲﺀ ﻋﻠﻴﻬﻢ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻋﻔﺎ ﺇﱃ ﺍﻟﺪﻳﺔ, ﻓﺎﻟﻮﺍﺟﺐ ﻟﻮﺭﺛﺔ ﺍﻟﻘﺎﺗﻞ, ﻭﻋﻠﻴﻬﻢ ﻧﺼﻴﺐ ﺍﻟﻌﺎﰲ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻳﺔ.


                                                ﺍﻟﺸﺮﻁ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ : ﺃﻥ ﻳﺆﻣﻦ ﰲ ﺍﻻﺳﺘﻴﻔﺎﺀ ﺃﻥ ﻳﺘﻌﺪﻯ ﺍﳉﺎﱐ ﺇﱃ ﻏﲑﻩ :
                                                ﻭﺍﻷﺩﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ :
                                                1. ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ: (( ﻓﻼ ﻳﺴﺮﻑ ﰲ ﺍﻟﻘﺘﻞ )) ﻭﺇﺫﺍ ﺃﻓﻀﻰ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﻌﺪﻱ ﻓﻔﻴﻪ ﺇﺳﺮﺍﻑ.
                                                2. ﻣﺎ ﺭﻭﻯ ﺍﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ: (( ﺇﺫﺍ ﻗﺘﻠﺖ ﺍﳌﺮﺃﺓ ﻋﻤﺪﺍﹰﱂ ﺗﻘﺘﻞ ﺣﱴ ﺗﻀﻊ ﻣﺎ ﰲ ﺑﻄﻨﻬﺎ ﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ حاملاً، ﻭﺣﱴ ﺗﻜﻔﻞ ﻭﻟﺪﻫﺎ، ﻭﺇﻥ ﺯﻧﺖ ﱂ ﺗﺮﺟﻢ ﺣﱴ ﺗﻀﻊ ﻣﺎ ﰲ ﺑﻄﻨﻬﺎ ﻭﺣﱴ ﺗﻜﻔﻞ ﻭﻟﺪﻫﺎ )) ﻭﺇﺳﻨﺎﺩﻩ ﺿﻌﻴﻒ .
                                                3. ﻭﺛﺒﺖ ﰲ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ ﻟﻠﻐﺎﻣﺪﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﺯﻧﺖ: (( ﺍﺭﺟﻌﻲ ﺣﱴ ﺗﻀﻌﻲ ﻣﺎ ﰲ ﺑﻄﻨﻚ – ﰒ ﻗﺎﻝ ﳍﺎ : ﺍﺭﺟﻌﻲ ﺣﱴ ﺗﺮﺿﻌﻴﻪ )) ﻭﰲ ﺭﻭﺍﻳﺔ: (( ﺣﱴ ﺗﻔﻄﻤﻴﻪ )) .
                                                4. ﻭﻷﻥ ﻫﺬﺍ ﺇﲨﺎﻉ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ، ﻭﳑﻦ ﺣﻜﻰ ﺍﻹﲨﺎﻉ ﺍﺑﻦ ﻗﺪﺍﻣﺔ ﻭﺍﺑﻦ ﺣﺰﻡ.
                                                وبناءً ﻋﻠﻴﻪ ﻗﺎﻝ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ : ﺇﺫﺍ ﻭﺟﺐ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻋﻠﻰ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﺣﺎﻣﻞ ﺃﻭ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﺣﺎﺋﻞ ﻓﺤﻤﻠﺖ ﱂ ﺗﻘﺘﻞ ﺣﱴ ﺗﻀﻊ ﺍﻟﻮﻟﺪ ﻭﺗﺴﻘﻴﻪ ﺍﻟﻠﺒﺄ. ( ﻭﺍﻟﻠﺒﺄ : ﺃﻭﻝ ﺍﻟﻠﱭ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻮﻻﺩﺓ ﻭﻫﻮ ﻣﻔﻴﺪ ﻟﻠﻄﻔﻞ )، ﰒ ﺇﻥ ﻭﺟﺪ ﻣﻦ ﻳﺮﺿﻌﻪ ﺃﻋﻄﻲ ﺍﻟﻮﻟﺪ ﳌﻦ ﻳﺮﺿﻌﻪ ﻭﻗﺘﻠﺖ ﻷﻥ ﻏﲑﻫﺎ ﻳﻘﻮﻡ ﻣﻘﺎﻣﻬﺎ ﰲ ﺇﺭﺿﺎﻋﻪ ﻭﺇﻥ ﱂ ﻳﻮﺟﺪ ﻣﻦ ﻳﺮﺿﻌﻪ ﺗﺮﻛﺖ ﺣﱴ ﺗﻔﻄﻤﻪ ﳊﻮﻟﲔ.
                                                ﻭﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻣﻦ ﺍﳊﺎﻣﻞ ﻓﻴﻤﺎ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻛﺎﻟﻘﺼﺎﺹ ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ ﻓﻼ ﻳﻘﺘﺺ ﻣﻨﻬﺎ ﺣﱴ ﺗﻀﻊ ﺣﺎﻣﻠﻬﺎ ، ﻭﺍﳊﺪ ﺑﺎﻟﺮﺟﻢ ﻛﺎﻟﻘﺼﺎﺹ .
                                                ﻭﺇﻥ ﺍﻗﺘﺺ ﻣﻦ ﺣﺎﻣﻞ ﻓﻘﺪ ﺃﺧﻄﺄ, ﻭﺃﺧﻄﺄ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﻜﻨﻪ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﻴﻔﺎﺀ , ﻭﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ﺍﻹﰒ ﺇﻥ ﻛﺎﻧﺎ ﻋﺎﳌﲔ , ﺃﻭ ﻛﺎﻥ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺗﻔﺮﻳﻂ , ﻭﺇﻥ ﻋﻠﻢ ﺃﺣﺪﳘﺎ ﺃﻭ ﻓﺮﻁ , ﻓﺎﻹﰒ ﻋﻠﻴﻪ , ﰒ ﻧﻨﻈﺮ ; ﻓﺈﻥ ﱂ ﺗﻠﻖ ﺍﻟﻮﻟﺪ , ﻓﻼ ﺿﻤﺎﻥ ﻓﻴﻪ ; ﻷﻧﺎ ﱂ ﻧﺘﺤﻘﻖ ﻭﺟﻮﺩﻩ ﻭﺣﻴﺎﺗﻪ. ﻭﺇﻥ ﺍﻧﻔﺼﻞ ﻣﻴﺘﺎ ﺃﻭ ﺣﻴﺎ ﻟﻮﻗﺖ ﻻ ﻳﻌﻴﺶ ﰲ ﻣﺜﻠﻪ , ﻓﻔﻴﻪ ﻏﺮﺓ , ﻭﺇﻥ ﺍﻧﻔﺼﻞ ﺣﻴﺎ ﻟﻮﻗﺖ ﻳﻌﻴﺶ ﻣﺜﻠﻪ , ﰒ ﻣﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ , ﻭﺟﺒﺖ ﻓﻴﻪ ﺩﻳﺔ . ﻭﻳﺮﺟﻊ ﰲ ﲢﺪﻳﺪ ﺍﻟﻀﺎﻣﻦ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺇﱃ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﰲ ﺍﺟﺘﻤﺎﻉ ﺍﳌﺒﺎﺷﺮ ﻭﺍﳌﺘﺴﺒﺐ.



                                                    ﻣﺴﺎﺋﻞ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺘﻨﻔﻴﺬ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ
                                                    ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﺍﻷﻭﱃ:ﻻ ﻳﺴﺘﻮﰱ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﺇﻻ ﺑﺈﺫﻥ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺃﻭ ﻧﺎﺋﺒﻪ:
                                                    ﻭﻫﺬﺍ ﺑﺈﲨﺎﻉ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ، ﻻﻓﺘﻘﺎﺭﻩ ﺇﱃ ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ، ﻭﻻ ﻳﺆﻣﻦ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﳊﻴﻒ ﻓﻘﺪ ﻳﻘﺘﻞ ﻣﻦ ﻻ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺍﻟﻘﺘﻞ ، ﻓﻠﻮ ﺗﻌﺪﻯ ﻭﱄ ﺍﻟﺪﻡ ﻭﻗﺘﻞ ﺑﺪﻭﻥ ﺇﺫﻥ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻓﻌﻠﻴﻪ ﺍﻟﺘﻌﺰﻳﺮ ﻻﻓﺘﻴﺎﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﻭﱄ الأمر.
                                                    ﻭﻟﻜﻦ ﻫﻞ ﳚﺐ ﺣﻀﻮﺭ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﻭ ﻧﺎﺋﺒﻪ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬ:
                                                    ﰲ ﻫﺬﺍ ﺧﻼﻑ :
                                                    ﻓﺬﻫﺐ ﺑﻌﺾ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ( ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ ﻭﺍﳊﻨﺎﺑﻠﺔ ) ﺇﱃ ﺃﻧﻪ ﳚﺐ ﺣﻀﻮﺭ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﻭ ﻧﺎﺋﺒﻪ ﻷﻧﻪ ﺃﻣﺮ ﻳﻔﺘﻘﺮ ﺇﱃ ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﻭﳛﺮﻡ ﺍﳊﻴﻒ ﻓﻴﻪ ﻓﻼ ﻳﺆﻣﻦ ﺍﳊﻴﻒ ﻣﻊ ﻗﺼﺪ ﺍﻟﺘﺸﻔﻲ .
                                                    ﻭﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺜﺎﱐ: ( ﺍﳊﻨﻔﻴﺔ ﻭﺍﳌﺎﻟﻜﻴﺔ ﻭﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ) ﺃﻧﻪ ﻻ ﳚﺐ.
                                                    ﻭﺍﺳﺘﺪﻟﻮﺍ:
                                                    ﺃ. ﲟﺎ ﺭﻭﻯ ﻣﺴﻠﻢ ﰲ ﺻﺤﻴﺤﻪ ﺃﻥ رجلاً ﺃﺗﻰ ﺇﱃ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑﺮﺟﻞ ﻳﻘﻮﺩﻩ ﺑﻨﺴﻌﺘﻪ ، ﻓﻘﺎﻝ: ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﻗﺘﻞ ﺃﺧﻲ ﻓﺎﻋﺘﺮﻑ ﺑﻘﺘﻠﻪ ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : (( ﺍﺫﻫﺐ ﻓﺎﻗﺘﻠﻪ)).
                                                    ﺏ. ﻭﻷﻥ ﺍﺷﺘﺮﺍﻁ ﺣﻀﻮﺭﻩ ﻻ ﻳﺜﺒﺖ ﺇﻻ ﺑﺪﻟﻴﻞ ﻭﻻ ﺩﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ .
                                                    ﻭﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻫﻮ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻷﻭﻝ، ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﺆﻣﻦ ﻣﻦ ﺍﳊﻴﻒ ﻣﻊ ﻗﺼﺪ ﺍﻟﺘﺸﻔﻲ ، ﻭﺃﻣﺎ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻓﻠﻴﺲ صريحاً ﰲ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﻓﺈﻥ ﰲ ﺁﺧﺮﻩ ﺃﻥ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﳌﺎ ﻭﱃ ﻗﺎﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ : (( ﺇﻥ ﻗﺘﻠﻪ ﻓﻬﻮ ﻣﺜﻠﻪ )) ﻓﺎﻹﺫﻥ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﱯ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﻟﻴﺲ ﻋﻠﻰ ﻇﺎﻫﺮﻩ ، ﻭﳍﺬﺍ ﺧﻠﻰ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺳﺒﻴﻠﻪ ﻭﱂ ﻳﻘﺘﻠﻪ .
                                                    ========================= =
                                                    ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ : ﻫﻞ ﳝﻜﻦ ﻭﱄ ﺍﻟﺪﻡ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﻴﻔﺎﺀ ﺑﻨﻔﺴﻪ ؟
                                                    - ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻮﱄ ﳛﺴﻦ ﺍﻻﺳﺘﻴﻔﺎﺀ ﻭﻳﻘﺪﺭ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺎﻟﻘﻮﺓ ﻭﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﻓﺈﻧﻪ ﳝﻜﻦ ﻣﻨﻪ ﻟﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ : (( ﻭﻣﻦ ﻗﺘﻞ مظلوماً ﻓﻘﺪ ﺟﻌﻠﻨﺎ ﻟﻮﻟﻴﻪ سلطاناً )) ، ﻭﻗﺎﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ : (( ﻣﻦ ﻗﺘﻞ ﻟﻪ ﻗﺘﻴﻞ ﻓﺄﻫﻠﻪ ﺑﲔ ﺧﲑﺗﲔ ﺇﻥ ﺃﺣﺒﻮﺍ ﻗﺘﻠﻮﺍ ﻭﺇﻥ ﺃﺣﺒﻮﺍ ﺃﺧﺬﻭﺍ ﺍﻟﺪﻳﺔ )) ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺑﻮﺩﺍﻭﺩ ، ﻭﻷﻥ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﺘﺸﻔﻲ ﻭﲤﻜﻴﻨﻪ ﻣﻨﻪ ﺃﺑﻠﻎ ﰲ ﺫﻟﻚ.
                                                    - ﻭﺇﻥ ﱂ ﻳﻜﻦ ﳛﺴﻦ ﺍﻻﺳﺘﻴﻔﺎﺀ ﻓﻴﻨﻈﺮ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺷﺨﺺ ﻣﻌﲔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺘﻮﱃ ﺇﻗﺎﻣﺘﻪ، ﻭﺇﻥ ﱂ ﻳﻮﺟﺪ ﻓﻴﺆﻣﺮ ﺍﻟﻮﱄ ﺑﺘﻮﻛﻴﻞ ﻣﻦ ﳛﺴﻦ ﺍﻻﺳﺘﻴﻔﺎﺀ ، ﻭﺗﻜﻮﻥ ﺃﺟﺮﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﱄ ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻮﱄ ﻻ ﳛﺴﻦ ﺍﻻﺳﺘﻴﻔﺎﺀ ﻭﺍﺩﻋﻰ ﺃﻧﻪ ﳛﺴﻨﻪ ﻓﻤﻜﻨﻪ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﻓﻀﺮﺑﻪ ﺑﺎﻟﺴﻴﻒ ﰲ ﻏﲑ ﻋﻨﻘﻪ ، ﻓﺈﻥ ﺃﻗﺮ ﺃﻧﻪ ﻓﻌﻞ ﺫﻟﻚ متعمداً ﻋﺰﺭ، ﻭﺇﻥ ﻗﺎﻝ ﺃﺧﻄﺄﺕ ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻀﺮﺑﺔ ﻗﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻨﻖ ﻗﺒﻞ ﻗﻮﻟﻪ ﻣﻊ ﳝﻴﻨﻪ ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ بعيداًﱂ ﻳﻘﺒﻞ ﻓﻼ ﳝﻜﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻮﺩ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ .
                                                    - ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺃﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﻟﺪﻡ ﲨﺎﻋﺔ ﺃﻣﺮﻭﺍ ﺑﺘﻮﻛﻴﻞ ﺃﺣﺪﻫﻢ ﻭﱂ ﳚﺰ ﺃﻥ ﻳﺘﻮﻻﻩ ﲨﻴﻌﻬﻢ ﳌﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺗﻌﺬﻳﺐ ﺍﳉﺎﱐ ، ﻓﺈﻥ ﺗﺸﺎﺣﻮﺍ ﻭﻛﺎﻥ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﳛﺴﻦ ﺍﻻﺳﺘﻴﻔﺎﺀ ﺃﻗﺮﻉ ﺑﻴﻨﻬﻢ .
                                                    ========================= ==
                                                    ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ : ﳚﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻻﺳﺘﻴﻔﺎﺀ ﺑﺂﻟﺔ ﻣﺎﺿﻴﺔ:
                                                    ﻟﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ: (( ﻓﻼ ﻳﺴﺮﻑ ﰲ ﺍﻟﻘﺘﻞ )) ﻭﺍﻟﻘﺘﻞ ﺑﺂﻟﺔ ﻛﺎﻟﺔ ﺇﺳﺮﺍﻑ ﳌﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺗﻌﺬﻳﺐ ﺍﳉﺎﱐ .
                                                    ﻭﻟﻘﻮﻟﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ: (( ﺇﻥ ﺍﷲ ﻛﺘﺐ ﺍﻹﺣﺴﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻓﺈﺫﺍ ﻗﺘﻠﺘﻢ ﻓﺄﺣﺴﻨﻮﺍ ﺍﻟﻘﺘﻠﺔ، ﻭﺇﺫﺍ ﺫﲝﺘﻢ ﻓﺄﺣﺴﻨﻮﺍ ﺍﻟﺬﲝﺔ، ﻭﻟﻴﺤﺪ ﺃﺣﺪﻛﻢ ﺷﻔﺮﺗﻪ ﻭﻟﲑﺡ ﺫﺑﻴﺤﺘﻪ )) ﺭﻭﺍﻩ ﻣﺴﻠﻢ ﻓﺈﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ واجباً ﰲ ﺍﻟﺒﻬﻴﻤﺔ ﻓﻔﻲ ﺍﻵﺩﻣﻲ ﺃﻭﱃ .
                                                    ========================= ==
                                                    ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ: ﰲ ﺍﻵﻟﺔ ﺍﳌﺴﺘﺨﺪﻣﺔ ﰲ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ:
                                                    ﺍﺧﺘﻠﻒ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻟﲔ :
                                                    ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻷﻭﻝ :
                                                    ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﺴﺘﻮﰱ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﰲ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺇﻻ ﺑﻀﺮﺏ ﺍﻟﻌﻨﻖ ﺑﺴﻴﻒ ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺍﳉﺎﱐ ﻗﺘﻠﻪ ﺑﻐﲑه . ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺬﻫﺐ ﺍﳊﻨﻔﻴﺔ ﻭﺍﳌﺸﻬﻮﺭ ﻣﻦ ﻣﺬﻫﺐ ﺍﳊﻨﺎﺑﻠﺔ .
                                                    ﺍﺳﺘﺪﻟﻮﺍ ﲟﺎ ﻳﻠﻲ :
                                                    1.ﻗﻮﻟﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ : (( ﻻ ﻗﻮﺩ ﺇﻻ ﺑﺎﻟﺴﻴﻒ )) ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺍﺑﻦ ﻣﺎﺟﻪ ﻭﺍﻟﺪﺍﺭﻗﻄﲏ ﻭﺍﻟﺒﻴﻬﻘﻲ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ ﺃﰊ ﺑﻜﺮﺓ .
                                                    2.ﻭﻷﻥ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﺃﺣﺪ ﺑﺪﱄ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻓﺪﺧﻞ ﺍﻟﻄﺮﻑ ﰲ ﺣﻜﻢ ﺍﳉﻤﻠﺔ ﻛﺎﻟﺪﻳﺔ، ﻓﺈﻧﻪ ﻟﻮ ﺻﺎﺭ ﺍﻷﻣﺮ ﺇﱃ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﱂ ﳚﺐ ﺇﻻ ﺩﻳﺔ ﺍﻟﻨﻔﺲ.
                                                    3.ﻭﻷﻥ ﺍﻟﻘﺼﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﰲ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺗﻌﻄﻴﻞ ﻭﺇﺗﻼﻑ ﺍﳉﻤﻠﺔ ، ﻭﻗﺪ ﺃﻣﻜﻦ ﻫﺬﺍ ﺑﻀﺮﺏ ﺍﻟﻌﻨﻖ.
                                                    القول الثاني:
                                                    ﺃﻧﻪ ﻳﻔﻌﻞ ﺑﺎﳉﺎﱐ ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻞ، ﻓﻠﻮ ﻗﻄﻊ ﻳﺪﻳﻪ ﰒ ﻗﺘﻠﻪ ﻓﻌﻞ ﺑﻪ ﻛﺬﻟﻚ، ﻭﺇﻥ ﻗﺘﻠﻪ ﲝﺠﺮ ﺃﻭ ﻏﺮﻗﻪ ﺃﻭ ﻏﲑ ﺫﻟﻚ ﻓﻌﻞ ﺑﻪ ﻣﺜﻞ ﻓﻌﻠﻪ .
                                                    ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺬﻫﺐ ﺍﳌﺎﻟﻜﻴﺔ ﻭﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ ﻭﺭﻭﺍﻳﺔ ﻋﻦ ﺍﳊﻨﺎﺑﻠﺔ ﺍﺧﺘﺎﺭﻫﺎ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻭﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ .
                                                    ﺍﺳﺘﺪﻟﻮﺍ :
                                                    1. ﺑﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ : (( ﻭﺇﻥ ﻋﺎﻗﺒﺘﻢ ﻓﻌﺎﻗﺒﻮﺍ ﲟﺜﻞ ﻣﺎ ﻋﻮﻗﺒﺘﻢ به)).
                                                    2. ﻭﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ : (( ﻓﻤﻦ ﺍﻋﺘﺪﻯ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻓﺎﻋﺘﺪﻭﺍ ﻋﻠﻴﻪ ﲟﺜﻞ ﻣﺎ ﺍﻋﺘﺪﻯ ﻋﻠﻴﻜﻢ))
                                                    3. ﻭﻷﻥ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: ﺭﺽ ﺭﺃﺱ ﻳﻬﻮﺩﻱ ﻟﺮﺿﻪ ﺭﺃﺱ ﺟﺎﺭﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ ﲝﺠﺮﻳﻦ . ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ .
                                                    4. ﻭﻷﻥ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ قال: (( ﻭﺍﻟﻌﲔ ﺑﺎﻟﻌﲔ )) ﻭﻫﺬﺍ ﻗﺪ ﻗﻠﻊ ﻋﻴﻨﻪ ﻓﻴﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﻘﻠﻊ ﻋﻴﻨﻪ .
                                                    5. ﻭﻷﻥ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻤﺎﺛﻠﺔ ﻭﻟﻔﻈﻪ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﻪ ﻓﻴﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﻮﰲ ﻣﻨﻪ ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﻓﻌﻞ .
                                                    ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻫﻮ الصحيح.
                                                    - ﻭﺃﻣﺎ ﺣﺪﻳﺚ : (( ﻻ ﻗﻮﺩ .. )) ﻓﻬﻮ ﺿﻌﻴﻒ ، ﺿﻌﻔﻪ ﺃﲪﺪ ﻭﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺣﺎﰎ : ﺣﺪﻳﺚ ﻣﻨﻜﺮ ﻭﻗﺎﻝ ﻋﺒﺪ ﺍﳊﻖ ﻭﺍﺑﻦ ﺍﳉﻮﺯﻱ : ﻃﺮﻗﻪ ﻛﻠﻬﺎ ﺿﻌﻴﻔﺔ
                                                    - ﻭﻻ ﻳﺼﺢ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻐﺮﺽ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﺍﻟﺘﻌﻮﻳﺾ ﲞﻼﻑ ﺍﻟﻐﺮﺽ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻓﺈﻧﻪ ﺍﻟﺘﺸﻔﻲ ﻭﺍﻟﺘﻨﻜﻴﻞ ﺑﺎﳉﺎﱐ ﲟﺜﻞ ﻣﺎ ﻓﻌﻞ ﺑﺎﺠﲏ ﻋﻠﻴﻪ ، - ﻭﻻ ﻳﺼﺢ ﻗﻮﳍﻢ : ﺇﻥ ﺍﻟﻘﺼﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﺗﻌﻄﻴﻞ ﻭﺇﺗﻼﻑ ﺍﳉﻤﻠﺔ ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻘﺼﺪ ﻣﻨﻪ ﻣﻌﺎﻗﺒﺔ ﺍﳉﺎﱐ ﲟﺜﻞ ﻣﺎ ﻋﻤﻞ ﺑﺎﺠﲏ ﻋﻠﻴﻪ .
                                                    ﻭﺇﺫﺍ ﻗﻠﻨﺎ ﻟﻠﻮﱄ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﻮﰲ ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﻓﻌﻞ ﺑﻮﻟﻴﻪ ﻓﺄﺣﺐ ﺃﻥ ﻳﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﺏ ﻋﻨﻘﻪ ﻓﻠﻪ ﺫﻟﻚ.
                                                    ﻭﻳﺴﺘﺜﲎ ﻣﻦ ﺟﻮﺍﺯ ﺍﻻﺳﺘﻴﻔﺎﺀ ﲟﺜﻞ ﺁﻟﺔ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ ﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﻗﺘﻠﻪ ﲟﺤﺮﻡ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ ﻛﺘﺠﺮﻳﻊ ﺍﳋﻤﺮ ﻭﺍﻟﻠﻮﺍﻁ ﻭﺍﻟﺴﺤﺮ ﻭﳓﻮﻩ ﻓﻼ ﻳﻘﺘﻞ ﲟﺜﻠﻪ ﺍﺗﻔﺎﻗﺎ، ﻭﻳﻌﺪﻝ ﺇﱃ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﺑﺎﻟﺴﻴﻒ . ﻭﻗﻴﻞ: ﺇﻧﻪ ﻳﺪﺧﻞ ﰲ ﺩﺑﺮﻩ ﺧﺸﺒﺔ ﻳﻘﺘﻠﻪ بها , ﻭﳚﺮﻋﻪ ﺍﳌﺎﺀ ﺣﱴ ﳝﻮﺕ .
                                                    ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﻖ ﻓﻔﻴﻪ ﻗﻮﻻﻥ:
                                                    ﺍﻷﻭﻝ: ﻻ ﳛﺮﻕ ; ﻷﻥ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﻖ ﳏﺮﻡ ﳊﻖ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ; ﳊﺪﻳﺚ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ ﻗﺎﻝ: ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : { ﻻ ﻳﻌﺬﺏ ﺑﺎﻟﻨﺎﺭ ﺇﻻ ﺭﺏ ﺍﻟﻨﺎﺭ } .ﺭﻭﺍﻩ ﺃﺑﻮﺩﺍﻭﺩ ، ﻭﻫﻮ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﺑﻠﻔﻆ " ﻻ ﺗﻌﺬﺑﻮﺍ ﺑﻌﺬﺍﺏ ﺍﷲ". ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺬﻫﺐ ﺃﰊ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻭﺃﲪﺪ .
                                                    ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ: ﳛﺮﻕ . ﻭﻫﻮ ﻣﺬﻫﺐ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻭﺭﻭﺍﻳﺔ ﻋﻦ ﺃﲪﺪ ; ﳌﺎ ﺭﻭﻯ ﺍﻟﱪﺍﺀ ﺑﻦ ﻋﺎﺯﺏ , ﺃﻥ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ : {ﻣﻦ ﻏﺮﺽ- ﺃﻱ ﺍﲣﺬﻩ غرضاً ﻟﻠﺴﻬﺎﻡ- ﻏﺮﺿﻨﺎ ﻟﻪ ﻭﻣﻦ ﺣﺮﻕ ﺣﺮﻗﻨﺎﻩ، ﻭﻣﻦ ﻏﺮﻕ ﻏﺮﻗﻨﺎﻩ } .ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺒﻴﻬﻘﻲ ﻭﻗﺎﻝ : ﰲ ﺇﺳﻨﺎﺩﻩ ﺑﻌﺾ ﻣﻦ ﳚﻬﻞ.
                                                    ﻭﲪﻠﻮﺍ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺍﻷﻭﻝ ﻋﻠﻰ ﻏﲑ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ.
                                                    ﻭﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻫﻮ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻷﻭﻝ ، ﻟﻌﻤﻮﻡ ﺍﻟﻨﺺ ، ﻭﺃﻣﺎ ﺣﺪﻳﺚ ﺍﻟﱪﺍﺀ ﻓﻀﻌﻴﻒ
                                                    ========================
                                                    ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﺍﳋﺎﻣﺴﺔ:
                                                    ﺇﺫﺍ ﺻﺎﺭ ﺍﻷﻣﺮ ﺇﱃ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﺇﻣﺎ ﺑﻌﻔﻮ ﺍﻟﻮﱄ ﺃﻭ ﻛﻮﻥ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺧﻄﺄ ﺃﻭ ﺷﺒﻪ ﻋﻤﺪ، ﻓﺎﻟﻮﺍﺟﺐ ﺩﻳﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ، ﻓﻠﻮ ﻗﻄﻊ ﻳﺪﻳﻪ ﻭﺭﺟﻠﻴﻪ ﰒ ﻗﺘﻠﻪ ﻓﻼ ﲡﺐ ﺇﻻ ﺩﻳﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ، ﻭﻗﻴﻞ ﲡﺐ ﺩﻳﺔ ﺍﻷﻃﺮﺍﻑ ﺍﳌﻘﻄﻮﻋﺔ ﻭﺩﻳﺔ ﺍﻟﻨﻔﺲ ، ﻭﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻫﻮ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻷﻭﻝ ﻷﻥ ﺃﺭﺵ ﺍﳉﺮﺍﺣﺔ ﺩﺧﻞ ﰲ ﺃﺭﺵ ﺍﻟﻨﻔﺲ.
                                                    ========================
                                                    ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺴﺎﺩﺳﺔ:
                                                    ﺇﺫﺍ ﺗﻌﺬﺭ ﺍﺳﺘﻴﻔﺎﺀ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻣﻦ ﺍﳉﺎﱐ، ﻓﻠﻺﻣﺎﻡ ﺃﻥ ﻳﻌﺰﺭﻩ ﲟﺎ ﻳﺮﺍﻩ ﻣﻨﺎﺳﺒﺎﹰ، ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻥ ﺗﻌﺬﺭ ﺍﻻﺳﺘﻴﻔﺎﺀ:
                                                    1- ﻟﻌﺪﻡ ﺍﳌﻜﺎﻓﺄﺓ ﺑﲔ ﺍﳉﺎﱐ ﻭﺍﺠﲏ ﻋﻠﻴﻪ : ﳌﺎ ﺭﻭﻯ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺯﺍﻕ ﻋﻦ ﻣﻌﻤﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﺰﻫﺮﻱ ﻋﻦ ﺳﺎﱂ ﻋﻦ ﺃﺑﻴﻪ " ﺃﻥ ﻣﺴﻠﻤﺎ ﻗﺘﻞ ﺭﺟﻼ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺬﻣﺔ ﻓﺮﻓﻊ ﺇﱃ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﻓﻠﻢ ﻳﻘﺘﻠﻪ ﻭﻏﻠﻆ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺪﻳﺔ".
                                                    2- ﺃﻭ ﻟﻌﺪﻡ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﺎﱐ: ﳌﺎ ﺭﻭﻯ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺷﻌﻴﺐ ﻋﻦ ﺃﺑﻴﻪ ﻋﻦ ﺟﺪﻩ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﻗﺎﻝ : { ﺟﺎﺀ ﺭﺟﻞ ﺇﱃ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺻﺎﺭﺧﺎ , ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ : ﻣﺎﻟﻚ ﻗﺎﻝ : ﺳﻴﺪﻱ ﺭﺁﱐ ﺃﻗﺒﻞ ﺟﺎﺭﻳﺔ ﻟﻪ ﻓﺠﺐ ﻣﺬﺍﻛﲑﻱ , ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : ﻋﻠﻲ ﺑﺎﻟﺮﺟﻞ , ﻓﻄﻠﺐ ﻓﻠﻢ ﻳﻘﺪﺭ ﻋﻠﻴﻪ , ﻓﻘﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : ﺍﺫﻫﺐ ﻓﺄﻧﺖ ﺣﺮ } ﺭﻭﺍﻩ ﺃﲪﺪ ﻭﺃﺑﻮ ﺩﺍﻭﺩ ﻭﺍﺑﻦ ماجة.
                                                    3- ﺃﻭ ﻟﻮﺟﻮﺩ ﺷﺒﻬﺔ ﲤﻨﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ: ﳊﺪﻳﺚ ﺍﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﻋﻨﺪ ﻣﺴﻠﻢ ﻭﺃﰊ ﺩﺍﻭﺩ ﻗﺎﻝ: ﲰﻌﺖ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﻘﻮﻝ : { ﻣﻦ ﻟﻄﻢ ﳑﻠﻮﻛﻪ ﺃﻭ ﺿﺮﺑﻪ ﻓﻜﻔﺎﺭﺗﻪ ﺃﻥ ﻳﻌﺘﻘﻪ }. ﻓﺄﻭﺟﺐ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭﺓ ﰲ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻠﻄﻤﺔ ﻭﺍﻟﻀﺮﺑﺔ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻷﻥ ﺍﻟﻌﺘﻖ ﺃﻓﻀﻞ ﻟﻠﻤﺠﲏ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ، ﻭﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ﻳﺘﺸﻮﻑ ﺇﱃ ﺍﻟﻌﺘﻖ. ﻓ ﻀ ﻼﹰ ﻋﻦ ﻭﺟﻮﺩ ﺷﺒﻬﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺇﳕﺎ ﺃﺭﺍﺩ ﺗﺄﺩﻳﺐ ﻋﺒﺪﻩ، ﻭﱂ ﻳﻘﺼﺪ ﺿﺮﺑﻪ ﺃﻭ ﻟﻄﻤﻪ ﻋﺪﻭﺍﻧاً
                                                    4- ﺃﻭ ﻟﻌﻔﻮ ﻭﱄ ﺍﻟﺪﻡ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ. ﺃﻭ ﻟﻐﲑ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ.



                                                    6- ﺍﻟﻌﻔﻮ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ
                                                    أولاً: ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺍﻟﻌﻔﻮ :
                                                    ﺍﻟﻌﻔﻮ ﻟﻐﺔ : ﺍﶈﻮ ﻭﺍﻟﺘﺠﺎﻭﺯ ﻭﺍﻹﺳﻘﺎﻁ .
                                                    واصطلاحاً : ﺍﻟﺘﻨﺎﺯﻝ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﺇﱃ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺼﻠﺢ ﺃﻭ ﺇﱃ ﻏﲑ ﺷﻲﺀ .
                                                    ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺸﺮﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﻌﻔﻮ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﲣﻔﻴﻔﺎﹰ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺔ ﻭﺭﲪﺔ ﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﱃ : (( ﻓﻤﻦ ﻋﻔﻲ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺃﺧﻴﻪ ﺷﻲﺀ ﻓﺎﺗﺒﺎﻉ ﺑﺎﳌﻌﺮﻭﻑ ﻭﺃﺩﺍﺀ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﺈﺣﺴﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﲣﻔﻴﻒ ﻣﻦ ﺭﺑﻜﻢ ﻭﺭﲪﺔ )) ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ حتماً ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﻭﳏﺮﻡ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﻌﻔﻮ ﻭﺍﻟﺪﻳﺔ ، ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺪﻳﺔ حتماً ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺼﺎﺭﻯ ﻭﺣﺮﺍﻡ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻓﺨﲑﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺔ ﲣﻔﻴﻔﺎﹰ ﻭﺭﲪﺔ.

                                                    ثانياً : ﺃﺩﻟﺔ ﻣﺸﺮﻭﻋﻴﺘﻪ :
                                                    ﺍﻷﺻﻞ ﰲ ﻣﺸﺮﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﻌﻔﻮ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﺍﻹﲨﺎﻉ .
                                                    ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻓﻔﻲ ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ : (( ﻓﻤﻦ ﻋﻔﻲ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺃﺧﻴﻪ ﺷﻲﺀ – ﺍﻵﻳﺔ )) .
                                                    ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻓﻔﻲ ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻟﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ : (( ﻓﻤﻦ ﻗﺘﻞ ﻟﻪ ﻗﺘﻴﻞ ﻓﺄﻫﻠﻪ ﺑﲔ ﺧﲑﺗﲔ .. ﺍﳊﺪﻳﺚ )) .
                                                    ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻹﲨﺎﻉ ﻓﻘﺪ ﺃﲨﻌﺖ ﺍﻷﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺟﻮﺍﺯﻩ .

                                                    ثالثاً: ﺣﻜﻢ ﺍﻟﻌﻔﻮ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ:
                                                    ﺍﻟﻌﻔﻮ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻣﺴﺘﺤﺐ ﺑﺸﺮﻃﻪ ، ﻭﺷﺮﻃﻪ ﺃﻻ ﳛﺼﻞ ﺑﺎﻟﻌﻔﻮ ﺿﺮﺭ ﻛﺄﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳉﺎﱐ سفاكاً ﻟﻠﺪﻣﺎﺀ ﻓﺎﻷﺻﻠﺢ ﰲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﺎﻝ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ، ﻭﳍﺬﺍ ﻗﻴﺪ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﺍﻟﻌﻔﻮ ﺑﺎﻹﺻﻼﺡ ﻓﻘﺎﻝ : (( ﻓﻤﻦ ﻋﻔﺎ ﻭﺃﺻﻠﺢ ﻓﺄﺟﺮﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﷲ )) ﻭﺃﺛﲎ ﺍﷲ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎﺩﻩ ﺍﳌﺆﻣﻨﲔ بأنهم ﺇﺫﺍ أصابهم ﺍﻟﺒﻐﻲ ﻫﻢ ﻳﻨﺘﺼﺮﻭﻥ ﻓﻘﺎﻝ : (( ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﺇﺫﺍ أصابهم ﺍﻟﺒﻐﻲ ﻫﻢ ﻳﻨﺘﺼﺮﻭﻥ )). ﻭﻫﺬﺍ – ﻭﺍﷲ ﺃﻋﻠﻢ – ﳏﻤﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﳉﺎﱐ ظالماً سفاكاً ﻟﻠﺪﻣﺎﺀ ﻓﻴﺴﺘﺤﺐ ﺍﻻﻧﺘﺼﺎﺭ ﻣﻨﻪ ﻟﺘﻘﻄﻊ ﺷﺮﻩ ﻋﻦ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ .
                                                    ﻭﻗﺎﻝ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ: (( ﺍﺳﺘﻴﻔﺎﺀ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺣﻘﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻡ ﻋﺪﻝ ، ﻭﺍﻟﻌﻔﻮ ﻋﻨﻪ ﺇﺣﺴﺎﻥ ﻭﺍﻹﺣﺴﺎﻥ ﻫﻨﺎ ﺃﻓﻀﻞ ، ﻟﻜﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﺣﺴﺎﻥ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ إحساناً ﺇﻻ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻌﺪﻝ ، ﻭﻫﻮ ﺃﻥ ﻻ ﳛﺼﻞ ﺑﺎﻟﻌﻔﻮ ﺿﺮﺭ ، ﻭ ﺇﻻ ﻛﺎﻥ ﻇ ﻠ ﻤ ﺎﹰ ﺇﻣﺎ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﻭﺇﻣﺎ ﻟﻐﲑﻩ )). ﻗﺎﻝ ﰲ ﺍﻹﻧﺼﺎﻑ : (( ﻭﻫﻮ ﻋﲔ ﺍﻟﺼﻮﺍﺏ )) .

                                                    ﻭﺍﻷﺩﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﺤﺒﺎﺏ ﺍﻟﻌﻔﻮ ﻛﺜﲑﺓ ﻣﻨﻬﺎ :
                                                    1. ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ : (( ﻭﳌﻦ ﺻﱪ ﻭﻏﻔﺮ ﺇﻥ ﺫﻟﻚ ﳌﻦ ﻋﺰﻡ ﺍﻷﻣﻮﺭ )) .
                                                    2. ﻭﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ : (( ﻭﺟﺰﺍﺀ ﺳﻴﺌﺔ ﺳﻴﺌﺔ ﻣﺜﻠﻬﺎ ﻓﻤﻦ ﻋﻔﺎ ﻭﺃﺻﻠﺢ ﻓﺄﺟﺮﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﷲ)).
                                                    3. ﻭﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ : (( ﻭﻛﺘﺒﻨﺎ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ )) ﺇﱃ ﻗﻮﻟﻪ (( ﻓﻤﻦ ﺗﺼﺪﻕ ﺑﻪ ﻓﻬﻮ ﻛﻔﺎﺭﺓ ﻟﻪ )) ﺃﻱ ﻣﻦ ﺗﺼﺪﻕ ﺑﺎﻟﻌﻔﻮ ﻓﻬﻮ ﻛﻔﺎﺭﺓ ﻟﻠﺠﺎﱐ ( ﺍﳌﻌﻔﻮ ﻋﻨﻪ) ﻭﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﻟﺪﻡ ( ﺍﻟﻌﺎﰲ ) .
                                                    4. ﻭﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ : (( ﻭﻣﻦ ﺃﺣﻴﺎﻫﺎ ﻓﻜﺄﳕﺎ ﺃﺣﻴﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ جميعاً )) ﻗﻴﻞ ﰲ ﺗﻔﺴﲑﻫﺎ : ﻣﻦ ﺃﺣﻴﺎﻫﺎ ﺑﺎﻟﻌﻔﻮ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﺎﺗﻞ.
                                                    ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺴﻨﺔ:
                                                    5. ﻋﻦ ﺃﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﻗﺎﻝ: (( ﻣﺎ ﺭﺃﻳﺖ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺭﻓﻊ ﺇﻟﻴﻪ ﺷﻲﺀ ﰲ ﻗﺼﺎﺹ ﺇﻻ ﺃﻣﺮ ﻓﻴﻪ ﺑﺎﻟﻌﻔﻮ )). ﺭﻭﺍﻩ ﺃﲪﺪ ﻭﺃﺑﻮ ﺩﺍﻭﺩ .
                                                    6. ﻭﳌﺎ ﺃﻧﺰﻝ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻋﻠﻰ ﻧﺒﻴﻪ (( ﺧﺬ ﺍﻟﻌﻔﻮ ﻭﺃﻣﺮ ﺑﺎﻟﻌﺮﻑ ﻭﺃﻋﺮﺽ ﻋﻦ ﺍﳉﺎﻫﻠﲔ )) ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : ﻣﺎ ﻫﺬﺍ ﻳﺎ ﺟﱪﻳﻞ ؟ ﻗﺎﻝ : ﺇﻥ ﺍﷲ ﺃﻣﺮﻙ ﺃﻥ ﺗﻌﻔﻮ ﻋﻤﻦ ﻇﻠﻤﻚ ﻭﺗﻌﻄﻲ ﻣﻦ ﺣﺮﻣﻚ ﻭﺗﺼﻞ ﻣﻦ ﻗﻄﻌﻚ )) ﺭﻭﺍﻩ
                                                    ﺍﺑﻦ ﺟﺮﻳﺮ ﻭﺍﺑﻦ ﺃﰊ ﺣﺎﰎ ﻭﻟﻪ ﺷﻮﺍﻫﺪ ﻣﺘﻌﺪﺩﺓ .
                                                    7. ﻭﻗﺎﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ : (( ﻣﺎ ﻧﻘﺼﺖ ﺻﺪﻗﺔ ﻣﻦ ﻣﺎﻝ ﻭﻣﺎ ﺯﺍﺩ ﺍﷲ عبداً ﺑﻌﻔﻮ ﺇﻻ عزاً ﻭﻣﺎ ﺗﻮﺍﺿﻊ ﺃﺣﺪ ﷲ ﺇﻻ ﺭﻓﻌﻪ )).

                                                    رابعاً: ﻣﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﺑﻘﺘﻞ ﺍﻟﻌﻤﺪ ؟
                                                    ﺍﺧﺘﻠﻒ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﰲ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﺑﺎﻟﻘﺘﻞ ﺍﻟﻌﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻟﲔ:
                                                    ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻷﻭﻝ:
                                                    ﳚﺐ ﺑﺎﻟﻘﺘﻞ ﺍﻟﻌﻤﺪ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ عيناً. ﻭﻋﻠﻴﻪ ﻓﻠﻴﺲ ﻟﻸﻭﻟﻴﺎﺀ ﺇﻻ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻳﺼﻄﻠﺤﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﺑﺮﺿﺎ ﺍﳉﺎﱐ ، ﻓﻠﻮ ﺭﻓﺾ ﺍﳉﺎﱐ ﺍﻟﻌﻔﻮ ﺇﱃ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻓﻠﻴﺲ ﳍﻢ ﺳﻮﻯ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﻔﻮ مجاناً.
                                                    ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺬﻫﺐ ﺍﳊﻨﻔﻴﺔ ﻭﺍﳌﺎﻟﻜﻴﺔ ﻭﺭﻭﺍﻳﺔ ﻋﻦ ﺃﲪﺪ.
                                                    ﻭﺍﺳﺘﺪﻟﻮﺍ :
                                                    1- ﺑﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ : { ﻛﺘﺐ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ } . ﻭﺍﳌﻜﺘﻮﺏ ﻻ ﻳﺘﺨﲑ ﻓﻴﻪ
                                                    2- ﻭﺑﻘﻮﻟﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ : (( ﻣﻦ ﻗﺘﻞ ﻋﻤﺪﺍﹰ ﻓﻬﻮ ﻗﻮﺩ )) ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺑﻮﺩﺍﻭﺩ ﻭﺍﻟﻨﺴﺎﺋﻲ ﻭﺍﺑﻦ ﻣﺎﺟﻪ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ ، ﻭﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺣﺠﺮ: " ﺇﺳﻨﺎﺩﻩ ﻗﻮﻱ".
                                                    ﺃﺟﻴﺐ ﻋﻦ ﻫﺬﻳﻦ ﺍﻟﺪﻟﻴﻠﲔ :
                                                    ﺑﺄﻥ ﺍﳌﺮﺍﺩ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻭﺟﻮﺏ ﺍﻟﻘﻮﺩ ، ﻭﻫﺬﺍ ﻻ ﻧﺰﺍﻉ ﻓﻴﻪ.
                                                    3- ﻭﻷﻧﻪ ﻣﺘﻠﻒ ﳚﺐ ﺑﻪ ﺍﻟﺒﺪﻝ، ﻓﻜﺎﻥ ﺑﺪﻟﻪ ﻣﻌﻴﻨﺎ، ﻛﺴﺎﺋﺮ ﺃﺑﺪﺍﻝ ﺍﳌﺘﻠﻔﺎﺕ .
                                                    ﺃﺟﻴﺐ :
                                                    أنه ﳜﺎﻟﻒ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﳌﺘﻠﻔﺎﺕ، ﻷﻥ ﺑﺪﳍﺎ ﳚﺐ ﻣﻦ ﺟﻨﺴﻬﺎ، ﻭﻫﺎ ﻫﻨﺎ ﳚﺐ ﰲ ﺍﳋﻄﺄ ﻭﻋﻤﺪ ﺍﳋﻄﺄ ﻣﻦ ﻏﲑ ﺍﳉﻨﺲ , ﻓﺈﺫﺍ ﺭﺿﻲ ﰲ ﺍﻟﻌﻤﺪ ﺑﺒﺪﻝ ﺍﳋﻄﺄ , ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﺫﻟﻚ ; ﻷﻧﻪ ﺃﺳﻘﻂ ﺑﻌﺾ ﺣﻘﻪ.
                                                    =========================
                                                    ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺜﺎﱐ :
                                                    ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﺑﺎﻟﻘﺘﻞ ﺍﻟﻌﻤﺪ ﺃﺣﺪ ﺷﻴﺌﲔ ﺍﻟﻘﻮﺩ ﺃﻭ ﺍﻟﺪﻳﺔ ، ﻭﺍﳋﲑﺓ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺇﱃ ﺍﻟﻮﱄ ﺇﻥ ﺷﺎﺀ ﺍﻗﺘﺺ ﻭﺇﻥ ﺷﺎﺀ ﺃﺧﺬ ﺍﻟﺪﻳﺔ، ﻭﺇﻥ ﺷﺎﺀ ﻗﺘﻞ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻘﺎﺗﻠﻮﻥ ﲨﺎﻋﺔ.
                                                    ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺬﻫﺐ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻭﺭﻭﺍﻳﺔ ﻋﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﻭﺍﳌﺸﻬﻮﺭ ﰲ ﻣﺬﻫﺐ ﺃﲪﺪ.
                                                    ﻭﺍﺳﺘﺪﻟﻮﺍ:
                                                    1-ﺑﻘﻮﻝ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ: { ﻓﻤﻦ ﻋﻔﻲ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺃﺧﻴﻪ ﺷﻲﺀ ﻓﺎﺗﺒﺎﻉ ﺑﺎﳌﻌﺮﻭﻑ ﻭﺃﺩﺍﺀ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﺈﺣﺴﺎﻥ }. ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ : ﻛﺎﻥ ﰲ ﺑﲏ ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻞ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ، ﻭﱂ ﻳﻜﻦ ﻓﻴﻬﻢ ﺍﻟﺪﻳﺔ , ﻓﺄﻧﺰﻝ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ: { ﻛﺘﺐ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﰲ ﺍﻟﻘﺘﻠﻰ } . ﺍﻵﻳﺔ،{ﻓﻤﻦ ﻋﻔﻲ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺃﺧﻴﻪ ﺷﻲﺀ }. ﻓﺎﻟﻌﻔﻮ ﺃﻥ ﺗﻘﺒﻞ ﰲ ﺍﻟﻌﻤﺪ ﺍﻟﺪﻳﺔ {ﻓﺎﺗﺒﺎﻉ ﺑﺎﳌﻌﺮﻭﻑ} ﻳﺘﺒﻊ ﺍﻟﻄﺎﻟﺐ ﺑﺎﳌﻌﺮﻭﻑ , ﻭﻳﺆﺩﻱ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﳌﻄﻠﻮﺏ { ﺑﺈﺣﺴﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﲣﻔﻴﻒ ﻣﻦ ﺭﺑﻜﻢ ﻭﺭﲪﺔ }. ﳑﺎ ﻛﺘﺐ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻜﻢ. ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ .
                                                    2-ﻭﲟﺎ ﺭﻭﻯ ﺃﺑﻮ ﻫﺮﻳﺮﺓ , ﻗﺎﻝ : ﻗﺎﻡ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻘﺎﻝ : { ﻣﻦ ﻗﺘﻞ ﻟﻪ ﻗﺘﻴﻞ , ﻓﻬﻮ ﲞﲑ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﻦ , ﺇﻣﺎ ﺃﻥ ﻳﻮﺩﻯ، ﻭﺇﻣﺎ ﻳﻘﺎﺩ } ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ .
                                                    3-ﻭﲟﺎ ﺭﻭﻯ ﺃﺑﻮ ﺷﺮﻳﺢ، ﺃﻥ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ : { ﰒ ﺃﻧﺘﻢ ﻳﺎ ﺧﺰﺍﻋﺔ , ﻗﺪ ﻗﺘﻠﺘﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺘﻴﻞ , ﻭﺃﻧﺎ ﻭﺍﷲ ﻋﺎﻗﻠﻪ , ﻓﻤﻦ ﻗﺘﻞ ﺑﻌﺪﻩ ﻗﺘﻴﻼ ﻓﺄﻫﻠﻪ ﺑﲔ ﺧﲑﺗﲔ ; ﺇﻥ ﺃﺣﺒﻮﺍ ﻗﺘﻠﻮﺍ , ﻭﺇﻥ ﺃﺣﺒﻮﺍ ﺃﺧﺬﻭﺍ ﺍﻟﺪﻳﺔ } ﺭﻭﺍﻩ ﺃﺑﻮ ﺩﺍﻭﺩ , ﻭﻏﲑﻩ .
                                                    4-ﻭﻷﻥ ﺍﻟﻘﺎﺗﻞ ﺃﻣﻜﻨﻪ ﺇﺣﻴﺎﺀ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺒﺬﻝ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻓﻠﺰﻣﻪ .
                                                    ========================
                                                    ﻭﻳﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﳋﻼﻑ ﻣﺴﺎﺋﻞ ، ﻣﻨﻬﺎ :
                                                    ﺍﻷﻭﱃ: ﺇﺫﺍ ﻋﻔﺎ مطلقاً:
                                                    ﻓﻌﻠﻰ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻷﻭﻝ : ﺇﺫﺍ ﻋﻔﺎ مطلقاً ﱂ ﳚﺐ ﺷﻲﺀ ، ﻭﺇﻥ ﻋﻔﺎ ﺇﱃ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻓﻠﻪ ﺍﻟﺪﻳﺔ.
                                                    ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺜﺎﱐ :
                                                    • ﺇﺫﺍ ﻋﻔﺎ مطلقاً ﻓﻠﻪ ﺍﻟﺪﻳﺔ ، ﻓﺈﻥ ﻋﻔﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻭﺍﻟﺪﻳﺔ ﻓﻼ ﺷﻲﺀ ﻟﻪ .
                                                    • ﻭﺇﺫﺍ ﺍﺧﺘﺎﺭ ﻭﱄ ﺍﻟﺪﻡ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﰒ ﺍﺧﺘﺎﺭ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻌﻔﻮ ﺇﱃ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻓﻠﻪ ﺫﻟﻚ ﻷﻥ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﺃﻋﻠﻰ ﻓﻜﺎﻥ ﻟﻪ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻝ ﺇﱃ ﺍﻷﺩﱏ ، ﻭﻳﻜﻮﻥ بدلاً ﻋﻦ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ .
                                                    • ﺃﻣﺎ ﺇﻥ ﺍﺧﺘﺎﺭ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﺃﻭﻋﻔﺎ مجاناً ﻓﻠﻴﺲ ﻟﻪ ﺍﳌﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﺎﻟﻘﺼﺎﺹ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ، ﻷﻧﻪ ﺍﻧﺘﻘﺎﻝ ﻣﻦ ﺍﻷﺩﱏ ﺇﱃ ﺍﻷﻋﻠﻰ ، ﻭﻷﻧﻪ ﺃﺳﻘﻂ ﺣﻘﻪ ، ﻭﺍﻟﺴﺎﻗﻂ ﻻ ﻳﻌﻮﺩ .
                                                    -------------------------
                                                    ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ : ﻋﻔﻮ ﺍﳌﻔﻠﺲ ﻭﺍﶈﺠﻮﺭ ﻋﻠﻴﻪ:
                                                    ﻓﻴﺼﺢ ﻋﻔﻮ ﺍﳌﻔﻠﺲ ﻭﺍﶈﺠﻮﺭ ﻋﻠﻴﻪ ﻟﺴﻔﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ; ﻷﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﲟﺎﻝ. ﻭﺇﻥ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﳌﻔﻠﺲ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ , ﱂ ﻳﻜﻦ ﻟﻐﺮﻣﺎﺋﻪ ﺇﺟﺒﺎﺭﻩ ﻋﻠﻰ ﺗﺮﻛﻪ . ﻭﺇﻥ ﺃﺣﺐ ﺍﻟﻌﻔﻮ ﻋﻨﻪ ﺇﱃ ﻣﺎﻝ , ﻓﻠﻪ ﺫﻟﻚ ; ﻷﻥ ﻓﻴﻪ ﺣﻈﺎ ﻟﻠﻐﺮﻣﺎﺀ .
                                                    ﻭﺇﻥ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﻟﻌﻔﻮ ﻋﻠﻰ ﻏﲑ ﻣﺎﻝ , ﺍﻧﺒﲎ ﻋﻠﻰ ﺍﳋﻼﻑ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ:
                                                    • ﻓﺈﻥ ﻗﻠﻨﺎ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ , ﻓﻠﻪ ﺫﻟﻚ ; ﻷﻧﻪ ﱂ ﻳﺜﺒﺖ ﻟﻪ ﻣﺎﻝ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻪ ﺣﻖ ﺍﻟﻐﺮﻣﺎﺀ .
                                                    • ﻭﺇﻥ ﻗﻠﻨﺎ : ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﺃﺣﺪ ﺷﻴﺌﲔ . ﱂ ﳝﻠﻚ ; ﻷﻥ ﺍﳌﺎﻝ ﳚﺐ ﺑﻘﻮﻟﻪ : ﻋﻔﻮﺕ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ . ﻓﻘﻮﻟﻪ : ﻋﻠﻰ ﻏﲑ ﻣﺎﻝ، ﺇﺳﻘﺎﻁ ﻟﻪ ﺑﻌﺪ ﻭﺟﻮﺑﻪ ﻭﺗﻌﻴﻴﻨﻪ , ﻭﻻ ﳝﻠﻚ ﺫﻟﻚ.
                                                    ========================= ====

                                                    خامساً: ﺇﺫﺍ ﻗﺘﻞ ﺍﻟﻮﱄ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻌﻔﻮ ﺃﻭ ﺃﺧﺬ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻓﻤﺎ ﺍﳊﻜﻢ ؟
                                                    - ﻻ ﺧﻼﻑ ﺑﲔ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻣﺴﺘﺤﻖ ﻟﻠﻘﺼﺎﺹ ﻷﻧﻪ ﻗﺘﻞ ﻋﻤﺪ ﻋﺪﻭﺍﻥ ، ﻭﻗﺪ ﺗﻮﻋﺪﻩ ﺍﷲ ﺑﺎﻟﻌﺬﺍﺏ ﺍﻷﻟﻴﻢ ﻓﻘﺎﻝ: (( ﻓﻤﻦ ﻋﻔﻲ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺃﺧﻴﻪ ﻓﺎﺗﺒﺎﻉ ﺑﺎﳌﻌﺮﻭﻑ )) ﺇﱃ ﻗﻮﻟﻪ: ((ﻓﻤﻦ ﺍﻋﺘﺪﻯ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻓﻠﻪ ﻋﺬﺍﺏ ﺃﻟﻴﻢ )) ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ : ﺃﻱ ﺑﻌﺪ ﺃﺧﺬ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻭﺇﺳﻘﺎﻁ ﺣﻘﻪ ﰲ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ .
                                                    - ﻭﺇﳕﺎ ﺍﺧﺘﻠﻔﻮﺍ ﻫﻞ ﻳﻘﺘﻞ قصاصاً ﲝﻴﺚ ﻳﻜﻮﻥ ﺩﻣﻪ ﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﳉﺎﱐ ﺍﻷﻭﻝ ﺃﻡ ﻳﻘﺘﻞ حداً ﻓﻠﻴﺲ ﻟﻸﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﻟﻌﻔﻮ ﻋﻨﻪ ؟ ﻭﳍﻢ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻗﻮﻻﻥ :
                                                    ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻷﻭﻝ :
                                                    ﺃﻧﻪ ﻳﻘﺘﻞ حداً ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎﻝ ﻭﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﻣﺮﻩ ﺇﱃ ﺃﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﳌﻘﺘﻮﻝ . ﻭﻫﺬﺍ ﻗﻮﻝ ﻟﺒﻌﺾ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ .
                                                    ﺍﺳﺘﺪﻟﻮﺍ ﺑﻘﻮﻟﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ : (( ﻻ ﺃﻋﻔﻲ – ﺃﻱ ﻻ ﺃﺩﻉ ﻭﻻ ﺃﺗﺮﻙ – ﻣﻦ ﻗﺘﻞ ﺑﻌﺪ ﺃﺧﺬ ﺍﻟﺪﻳﺔ )) ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﲪﺪ ﻭﺃﺑﻮ ﺩﺍﻭﺩ .
                                                    ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺜﺎﱐ :
                                                    ﺃﻧﻪ ﻳﻘﺘﻞ قصاصاً ﺑﺸﺮﻭﻃﻪ ، ﻭﻫﺬﺍ ﻗﻮﻝ ﻋﺎﻣﺔ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ .
                                                    ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﺼﻮﺍﺏ ﻟﻌﻤﻮﻡ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩﺓ ﰲ ﻭﺟﻮﺏ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻗﺘﻞ نفساً ، ﻭﺃﻣﺎ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻓﺎﳌﻘﺼﻮﺩ ﺑﻪ ﺃﻧﻪ ﻏﲑ ﻣﻌﺬﻭﺭ ﻟﻘﺘﻠﻪ .
                                                    ========================= ====
                                                    سادساً: ﺣﻜﻢ ﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﻫﻠﻚ ﺍﳉﺎﱐ:
                                                    ﺇﺫﺍ ﻫﻠﻚ ﺍﳉﺎﱐ ﻭﺟﺒﺖ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﰲ ﺗﺮﻛﺘﻪ ، ﻟﺘﻌﺬﺭ ﺍﺳﺘﻴﻔﺎﺀ ﺍﻟﻘﻮﺩ ، ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﺗﻌﺬﺭ ﰲ ﻃﺮﻓﻪ ، ﻓﺈﻥ ﱂ ﳜﻠﻒ ﺟﺎﻥ عمداً ﺗﺮﻛﺔ ﺿﺎﻉ ﺣﻖ ﺍﺠﲏ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻻ ﲢﻤﻠﻪ ﺍﻟﻌﺎﻗﻠﺔ ﻷﻬﺎ ﻻ ﲢﻤﻞ ﺍﻟﻌﻤﺪ ﺍﶈﺾ .
                                                    ﻭﺍﺧﺘﺎﺭ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ : ﺃﻥ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﺗﺴﻘﻂ ﲟﻮﺕ ﺍﳉﺎﱐ ﻭﻗﺘﻠﻪ ، ﻭﺧﺮﺟﻪ ﻭﺟﻬﺎﹰ ﰲ ﺍﳌﺬﻫﺐ ، ﺳﺎﺀ ﻛﺎﻥ معسراً أو موسراً، ﻭﺳﻮﺍﺀ ﻗﻠﻨﺎ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻋﻴﻨﺎﹰ ﺃﻭ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﺃﺣﺪ ﺷﻴﺌﲔ.
                                                    سابعاً: ﺳﺮﺍﻳﺔ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻌﻔﻮ ﻋﻨﻬﺎ:
                                                    ﺇﺫﺍ ﺟﲎ ﻋﻠﻰ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﻓﻴﻤﺎ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺟﻨﺎﻳﺔ ﺗﻮﺟﺐ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻛﺎﻹﺻﺒﻊ ﰒ ﻋﻔﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﰒ ﺳﺮﺕ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻓﻤﺎﺕﱂ ﳚﺐ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﻱ ﲨﻬﻮﺭ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ خلافاً ﻟﻠﻤﺎﻟﻜﻴﺔ ، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ، ﻷﻧﻪ ﻳﺘﻌﺬﺭ ﺍﺳﺘﻴﻔﺎﺀ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﰲ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺩﻭﻥ ﻣﺎ ﻋﻔﺎ ﻋﻨﻪ ﻓﺴﻘﻂ ﰲ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻋﻔﺎ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ .
                                                    ﰒ ﻳﻨﻈﺮ :
                                                    ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﻋﻔﺎ ﺇﱃ ﻣﺎﻝ ﻓﻠﻪ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ، ﺃﻱ ﲤﺎﻡ ﺍﻟﺪﻳﺔ .
                                                    ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻌﻔﻮ ﻋﻠﻰ ﻏﲑ ﻣﺎﻝ :
                                                    ﻓﻈﺎﻫﺮ ﻛﻼﻡ ﺃﲪﺪ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﺮﺍﻳﺔ ﻫﺪﺭ ﻷﻧﻪ ﱂ ﳚﺐ ﺑﺎﳉﻨﺎﻳﺔ ﺷﻲﺀ ﻓﺴﺮﺍﻳﺘﻬﺎ ﺃﻭﱃ .
                                                    ﻭﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮﺣﻨﻴﻔﺔ : ﲡﺐ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻷﻥ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ ﺻﺎﺭﺕ نفساً.
                                                    ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻭﻫﻮﺍﳌﻌﺘﻤﺪ ﰲ ﺍﳌﺬﻫﺐ ﺍﳊﻨﺒﻠﻲ: إنها ﲡﺐ ﺩﻳﺔ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺇﻻ ﺃﺭﺵ ﺍﳉﺮﺡ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﻔﺎ ﻋﻨﻪ ، ﻷﻥ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ ﺻﺎﺭﺕ نفساً ، ﻭﺣﻘﻪ ﰲ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻻ ﻓﻴﻤﺎ ﻋﻔﺎ ﻋﻨﻪ .ﻭﻫﺬﺍ ﺃﺻﺢ ﺍﻷﻗﻮﺍﻝ.
                                                    ﻭﻣﺜﻞ ﺍﻟﺴﺮﺍﻳﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍﻟﺴﺮﺍﻳﺔ ﺇﱃ ﻋﻀﻮ ﻣﻦ ﺍﻷﻋﻀﺎﺀ ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﺟﲎ ﻋﻠﻰ إﺻﺒﻌﻪ ﻓﻌﻔﻰ ﻋﻨﻪ ﰒ ﺳﺮﻯ ﺍﳉﺮﺡ ﺇﱃ ﻛﻔﻪ ، ﻓﺎﳊﻜﻢ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﻜﻢ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ .

                                                    ثامناً: ﺇﺫﺍ ﻋﻔﺎ ﺍﺠﺮﻭﺡ ﻋﻦ ﻗﻮﺩ ﻧﻔﺴﻪ ﺃﻭ ﺩﻳﺘﻬﺎ ﻗﺒﻞ ﻣﻮﺗﻪ، ﺃﻭ ﻃﺎﻟﺐ ﺑﺎﻟﻘﺼﺎﺹ ﻓﻬﻞ ﻟﻪ ﺫﻟﻚ ؟
                                                    ﺍﺧﺘﻠﻒ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻗﻮﺍﻝ :
                                                    ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻷﻭﻝ :
                                                    ﺃﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﺣﻖ ﰲ ﺍﻟﻌﻔﻮ ﻭﻻ ﰲ ﺍﳌﻄﺎﻟﺒﺔ ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺬﻫﺐ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﻳﺔ ، ﺃﺧﺬﺍ ﺑﻈﺎﻫﺮ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﺍﻟﱵ ﺗﻔﻴﺪ ﺑﺄﻥ ﺍﳊﻖ ﻟﻸﻭﻟﻴﺎﺀ .
                                                    ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺜﺎﱐ :
                                                    ﺃﻥ ﻟﻪ ﺣﻖ ﺍﻟﻌﻔﻮ ﻭﺍﳌﻄﺎﻟﺒﺔ ، ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺬﻫﺐ ﺍﳌﺎﻟﻜﻴﺔ ﻭﺍﳊﻨﺎﺑﻠﺔ ﻭﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ، ﻓﺈﺫﺍ ﻃﺎﻟﺐ ﺍﳌﻘﺘﻮﻝ ﺑﺎﻟﻘﺼﺎﺹ ﺃﻭﺟﺐ ﲢﺘﻤﻪ ﻓﻼ ﳝﻜﻦ ﺍﻟﻮﺭﺛﺔ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻔﻮ ، ﻭﺇﺫﺍ ﻋﻔﺎ ﺇﱃ ﻣﺎﻝ ﻓﻠﻴﺲ ﻟﻠﻮﺭﺛﺔ ﺍﳌﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﺎﻟﻘﺼﺎﺹ ، ﻭﺇﺫﺍ ﻋﻔﺎ ﳎ ﺎ ﻧ ﺎﹰ ﻓﻠﻴﺲ ﳍﻢ ﺍﳌﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﺎﻟﺪﻳﺔ ﻭﻻ ﺑﺎﻟﻘﺼﺎﺹ ﺳﻮﺍﺀ ﻋﻔﺎ ﺑﻠﻔﻆ ﺍﻟﻌﻔﻮ ﺃﻭ ﺍﻟﻮﺻﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻹﺑﺮﺍﺀ ﺃﻭ ﻏﲑ ﺫﻟﻚ .
                                                    ﻭﺣﺠﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺃﻥ ﺍﳊﻖ ﻟﻪ ﻓﻠﻪ ﺇﺳﻘﺎﻃﻪ ﺃﻭ ﺍﳌﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﻪ ، ﻭﻷﻧﻪ ﺃﺳﻘﻂ ﺣﻘﻪ ﺑﻌﺪ ﺍﻧﻌﻘﺎﺩ ﺳﺒﺒﻪ ﻓﺴﻘﻂ ﻭﺳﺒﺐ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻫﻮ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ ، ﻓﺈﺳﻘﺎﻁ ﺍﳊﻖ ﻛﺎﻥ ﺑﻌﺪ ﻭﺟﻮﺩ ﺳﺒﺒﻪ ، ﻭﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﻋﻨﺪ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﳚﻮﺯ ﺇﺳﻘﺎﻁ ﺍﳊﻖ ﻗﺒﻞ ﻭﺟﻮﺩ ﺷﺮﻁ ﻭﺟﻮﺑﻪ ﻭﺑﻌﺪ ﻭﺟﻮﺩ ﺳﺒﺒﻪ ، ﻓﺎﻟﻘﺼﺎﺹ ﻭﺍﻟﺪﻳﺔ ﺳﺒﺒﻬﻤﺎ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ ﻭﺷﺮﻃﻬﻤﺎ ﺍﳌﻮﺕ ، ﻓﻴﺠﻮﺯ ﺇﺳﻘﺎﻃﻬﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ ﻭﻗﺒﻞ ﺍﳌﻮﺕ ، ﻭﻻ ﻳﺼﺢ ﺇﺳﻘﺎﻃﻬﻤﺎ ﻗﺒﻞ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ .
                                                    ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ :
                                                    ﺃﻧﻪ ﻳﺼﺢ ﻋﻔﻮ ﺍﺠﲏ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻻ ﻳﺼﺢ ﻣﻄﺎﻟﺒﺘﻪ ﺑﺎﻟﻘﺼﺎﺹ ، ﻭﻫﻮ ﻗﻮﻝ ﻟﺒﻌﺾ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ.
                                                    ﻭﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻫﻮ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻟﻘﻮﺓ ﺃﺩﻟﺘﻪ .
                                                    ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﻓﺈﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ ﻋﻤﺪﺍﹰ , ﻓﻌﻔﺎ ﻋﻦ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ ﻭﻣﺎ ﳛﺪﺙ ﻣﻨﻬﺎ ، ﻓﻼ ﻓﺮﻕ ﺑﲔ ﺃﻥ ﳜﺮﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﺜﻠﺚ ﺃﻭ ﱂ ﳜﺮﺝ ; ﻷﻥ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﱂ ﺗﺘﻌﲔ , ﻭﻻ ﺗﻌﻴﻨﺖ ﺍﻟﻮﺻﻴﺔ ﲟﺎﻝ; ﻭﻟﺬﻟﻚ ﺻﺢ ﺍﻟﻌﻔﻮ ﻣﻦ ﺍﳌﻔﻠﺲ ﺇﱃ ﻏﲑ ﻣﺎﻝ . ﻭﺃﻣﺎ ﺟﻨﺎﻳﺔ ﺍﳋﻄﺄ , ﻓﺈﺫﺍ ﻋﻔﺎ ﻋﻨﻬﺎ
                                                    ﻭﻋﻤﺎ ﳛﺪﺙ ﻣﻨﻬﺎ , ﻓﺎﳌﺬﻫﺐ ﺃﻧﻪ ﻳﻌﺘﱪ ﺧﺮﻭﺟﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺜﻠﺚ , ﻓﺈﻥ ﺧﺮﺟﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﺜﻠﺚ , ﺻﺢ ﻋﻔﻮﻩ ﰲ ﺍﳉﻤﻴﻊ , ﻭﺇﻥ ﱂ ﲣﺮﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﺜﻠﺚ , ﺳﻘﻂ ﻋﻨﻪ ﻣﻦ ﺩﻳﺘﻬﺎ ﻣﺎ ﺍﺣﺘﻤﻠﻪ ﺍﻟﺜﻠﺚ . ﻭﺍﻟﺼﺤﻴﺢ أنها ﺗﺴﻘﻂ مطلقاً لأنهاﱂ ﺗﺘﻌﲔ ﻓﻴﺼﺢ ﻋﻔﻮﻩ ﻋﻨﻬﺎ ﻛﻠﻬﺎ.

                                                    تاسعاً:ﺣﻜﻢ ﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﻭﻛﻞ رجلاً ﰲ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﰒ ﻋﻔﺎ ﻭﱂ ﻳﻌﻠﻢ ﺍﻟﻮﻛﻴﻞ ﺣﱴ ﺍﻗﺘﺺ:
                                                    ﻻ ﺧﻼﻑ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻗﺼﺎﺹ ﻋﻠﻰ ﺃﻱ ﻣﻨﻬﻤﺎ .
                                                    ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻀﻤﺎﻥ ﻓﻤﺤﻞ ﻧﻈﺮ:
                                                    ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻮﻛﻴﻞ ﻓﺎﻟﺼﺤﻴﺢ ﺃﻧﻪ ﻻ ﺿﻤﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ; ﻷﻧﻪ ﻻ ﺗﻔﺮﻳﻂ ﻣﻨﻪ , ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻌﻔﻮ ﺣﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﻻ ﳝﻜﻨﻪ ﺍﺳﺘﺪﺭﺍﻛﻪ , ﻓﻠﻢ ﻳﻠﺰﻣﻪ ﺿﻤﺎﻥ , ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻋﻔﺎ ﺑﻌﺪ ﻣﺎ ﺭﻣﺎﻩ .
                                                    ﻭﺃﻣﺎ ﺍﳌﻮﻛﻞ ﻓﻔﻴﻪ ﻗﻮﻻﻥ :
                                                    ﺃﺣﺪﳘﺎ : ﻻ ﺿﻤﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ; ﻷﻥ ﻋﻔﻮﻩ ﻏﲑ ﺻﺤﻴﺢ , ﻟﻮﻗﻮﻋﻪ ﰲ ﺣﺎﻝ ﻻ ﳝﻜﻨﻪ ﺍﺳﺘﺪﺭﺍﻙ ﺍﻟﻔﻌﻞ , ﻓﻮﻗﻊ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﻣﺴﺘﺤﻘﺎ ﻟﻪ , ﻓﻠﻢ ﻳﻠﺰﻣﻪ ﺿﻤﺎﻥ ; ﻭﻷﻥ ﺍﻟﻌﻔﻮ ﺇﺣﺴﺎﻥ, ﻓﻼ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﻭﺟﻮﺏ ﺍﻟﻀﻤﺎﻥ .
                                                    ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ: ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻀﻤﺎﻥ ; ﻷﻥ ﻗﺘﻞ ﺍﳌﻌﻔﻮ ﻋﻨﻪ ﺣﺼﻞ ﺑﺄﻣﺮﻩ ﻭﺗﺴﻠﻴﻄﻪ , ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﻻ ﺫﻧﺐ ﻟﻠﻤﺒﺎﺷﺮ ﻓﻴﻪ , ﻓﻜﺎﻥ ﺍﻟﻀﻤﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻵﻣﺮ.
                                                    ﻭﻗﻴﻞ : ﰲ ﺻﺤﺔ ﺍﻟﻌﻔﻮ ﻭﺟﻬﺎﻥ ; ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺘﲔ ﰲ ﺍﻟﻮﻛﻴﻞ , ﻫﻞ ﻳﻨﻌﺰﻝ ﺑﻌﺰﻝ ﺍﳌﻮﻛﻞ ﺃﻭ ﻻ ؟.
                                                    ﻓﺎﻟﺼﺤﻴﺢ ﻣﻦ ﺍﳌﺬﻫﺐ ﺃﻧﻪ ﻳﻨﻌﺰﻝ، ﻭﺍﻟﺼﻮﺍﺏ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﻨﻌﺰﻝ. ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﻓﻼ ﺿﻤﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﻱ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﳌﻮﻛﻞ ﻗﺪ ﻓﺮﻁ ﰲ ﺇﻋﻼﻡ ﺍﻟﻮﻛﻴﻞ ﺑﺎﻟﻌﻔﻮ ﻓﻴﻜﻮﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻀﻤﺎﻥ ﻟﺘﻔﺮﻳﻄﻪ ، ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﻋﻔﺎ ﺇﱃ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻓﺘﺜﺒﺖ ﻟﻪ ﺩﻳﺔ ﺍﻟﻌﻤﺪ ﰲ ﺗﺮﻛﺔ ﺍﻟﻘﺎﺗﻞ ، ﻭﻋﻠﻴﻪ ﺩﻳﺔ ﺍﳋﻄﺄ ﻟﻪ.


                                                    ثانياً : ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻟﻠﻘﺘﻞ ﺍﻟﻌﻤﺪ (ﺍﻟﻜﻔﺎﺭﺓ ):
                                                    - ﺍﻷﺻﻞ ﰲ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭﺓ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ : (( ﻭﻣﻦ ﻗﺘﻞ مؤمناً خطأً ﻓﺘﺤﺮﻳﺮ ﺭﻗﺒﺔ ﻣﺆﻣﻨﺔ – ﺍﻵﻳﺔ )) .
                                                    - ﻭﻻﺧﻼﻑ ﺑﲔ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﻋﻠﻰ وجوبها ﰲ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﺍﳋﻄﺄ .
                                                    - ﻭﻗﺪ ﺍﺧﺘﻠﻒ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﰲ ﻭﺟﻮﺏ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭﺓ ﰲ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﺍﻟﻌﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻟﲔ :
                                                    ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻷﻭﻝ :
                                                    ﻳﺮﻯ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ ﻭﺭﻭﺍﻳﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﳊﻨﺎﺑﻠﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭﺓ ﻭﺍﺟﺒﺔ ﰲ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﺍﻟﻌﻤﺪ :
                                                    ﻭﺍﺳﺘﺪﻟﻮﺍ ﲟﺎ ﻳﻠﻲ :
                                                    1. ﻣﺎ ﺭﻭﻯ ﻭﺍﺗﻠﺔ ﺑﻦ ﺍﻷﺳﻘﻊ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﻗﺎﻝ : ﺃﺗﻴﻨﺎ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑﺼﺎﺣﺐ ﻟﻨﺎ ﻗﺪ ﺃﻭﺟﺐ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﻓﻘﺎﻝ : (( ﺍﻋﺘﻘﻮﺍ ﻋﻨﻪ ﺭﻗﺒﺔ ﻳﻌﺘﻖ ﺍﷲ ﺑﻜﻞ ﻋﻀﻮ ﻣﻨﻬﺎ عضواً ﻣﻨﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺭ )) ﺭﻭﺍﻩ ﺃﲪﺪ ﻭﺃﺑﻮ ﺩﺍﻭﺩ ﻭﺍﻟﻨﺴﺎﺋﻲ .
                                                    2. ولأنها ﺇﺫﺍ ﻭﺟﺒﺖ ﰲ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﺍﳋﻄﺄ ﻓﻔﻲ ﺍﻟﻌﻤﺪ ﺃﻭﱃ ﻷﻧﻪ ﺃﻋﻈﻢ جرماً، ﻭﺣﺎﺟﺘﻪ ﺇﱃ ﺗﻜﻔﲑ ﺫﻧﺒﻪ ﺃﻋﻈﻢ .
                                                    ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺜﺎﱐ :
                                                    ﻳﺮﻯ ﲨﻬﻮﺭ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻣﻦ ﺍﳊﻨﻔﻴﺔ ﻭﺍﳌﺎﻟﻜﻴﺔ ﻭﺍﳌﺸﻬﻮﺭ ﻣﻦ ﻣﺬﻫﺐ ﺍﳊﻨﺎﺑﻠﺔ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻛﻔﺎﺭﺓ ﰲ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﺍﻟﻌﻤﺪ .
                                                    ﻭﺍﺳﺘﺪﻟﻮﺍ ﲟﺎ ﻳﻠﻲ :
                                                    1. ﻣﻔﻬﻮﻡ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ : (( ﻭﻣﻦ ﻗﺘﻞ مؤمناً خطأً ﻓﺘﺤﺮﻳﺮ ﺭﻗﺒﺔ ﻣﺆﻣﻨﺔ )) ﰒ ﺫﻛﺮ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﺍﻟﻌﻤﺪ ﻓﻠﻢ ﻳﻮﺟﺐ ﻓﻴﻪ ﻛﻔﺎﺭﺓ ، ﻭﺟﻌﻞ ﺟﺰﺍﺀﻩ ﺟﻬﻨﻢ ﻓﻤﻔﻬﻮﻣﻪ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻛﻔﺎﺭﺓ ﻓﻴﻪ.
                                                    2. ﻭﻷﻧﻪ ﻓﻌﻞ ﻳﻮﺟﺐ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﻓﻼ ﻳﻮﺟﺐ ﻛﻔﺎﺭﺓ ﻛﺰﻧﺎ ﺍﶈﺼﻦ .
                                                    3. ﻭﻷﻥ ﺍﻟﺬﻧﺐ ﰲ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﺍﻟﻌﻤﺪ ﺃﺷﻨﻊ ﻭﺃﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺗﻜﻔﺮﻩ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭﺓ ﲞﻼﻑ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﺍﳋﻄﺄ ﻭﺷﺒﻬﻪ ﻓﻼ ﻳﺼﺢ ﻗﻴﺎﺱ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﺍﻟﻌﻤﺪ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ، ﻭﻫﺬﺍ ﻛﺎﻟﻴﻤﲔ ﺍﻟﻐﻤﻮﺱ ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﻛﻔﺎﺭﺓ ﻓﻴﻬﺎ، ﻷﻥ ﺇﲦﻬﺎ ﺃﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻔﺮ ﺑﺎﻟﻜﻔﺎﺭﺓ.
                                                    ﻭﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻫﻮ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻟﻨﺺ ﺍﻵﻳﺔ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﺍﻷﺻﻞ ﰲ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭﺓ ، ﻭﺃﻣﺎ ﺣﺪﻳﺚ ﻭﺍﺛﻠﺔ ﻓﻬﻮ ﻟﻴﺲ ﺑﺼﺮﻳﺢ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ، ﻷﻧﻪ ﳛﺘﻤﻞ ﺃﻧﻪ ﺃﻣﺮﻫﻢ ﺑﺎﻻﻋﺘﺎﻕ ﺗﱪﻋﺎﹰ، ﻭﳛﺘﻤﻞ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﺧﻄﺄ ﺃﻭ ﺷﺒﻪ ﻋﻤﺪ ، ﻷﻥ ﻟﻔﻆ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻋﻨﺪ ﺃﲪﺪ ﻭﺃﰊ ﺩﺍﻭﺩ ﻭﺍﻟﻨﺴﺎﺋﻲ ﻭﺍﺑﻦ ﺣﺒﺎﻥ ﻭﺍﳊﺎﻛﻢ ﻗﺎﻝ : (( ﻗﺪ ﺍﺳﺘﻮﺟﺐ )) ﻭﱂ ﻳﻘﻞ : ﺍﺳﺘﻮﺟﺐ ﺍﻟﻘﺘﻞ .
                                                    ========================= ==

                                                    ثالثاً : ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ (ﺍﻟﺪﻳﺔ):
                                                    ﺍﻟﺪﻳﺔ ﰲ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﺍﻟﻌﻤﺪﻟﻴﺴﺖ ﻋﻘﻮﺑﺔ ﺃﺻﻠﻴﺔ ، ﻭﺇﳕﺎ ﻫﻲ ﻋﻘﻮﺑﺔ ﺑﺪﻟﻴﺔ ، ﻗﺮﺭﺕ بدلاً ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ﺍﻷﺻﻠﻴﺔ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ، ﻭﲢﻞ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﳏﻞ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻛﻠﻤﺎ ﺍﻣﺘﻨﻊ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﺃﻭ ﺳﻘﻂ ﺑﺴﺒﺐ ﻣﻦ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺍﻻﻣﺘﻨﺎﻉ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣﻊ ﻣﺮﺍﻋﺎﺓ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺣﺎﻻﺕ ﻳﺴﻘﻂ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻭﻻ ﲢﻞ ﳏﻠﻪ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻛﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻌﻔﻮ مجاناً.
                                                    ﻭﺍﻷﺻﻞ ﰲ ﻭﺟﻮﺏ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﰲ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﺍﻟﻌﻤﺪ ﻗﻮﻟﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ : (( ﻓﻤﻦ ﻗﺘﻞ ﻟﻪ ﻗﺘﻴﻞ ﻓﺄﻫﻠﻪ ﺑﲔ ﺧﲑﺗﲔ ﺇﻥ ﺃﺣﺒﻮ ﻗﺘﻠﻮﺍ ﻭﺇﻥ ﺃﺣﺒﻮﺍ ﺃﺧﺬﻭﺍ ﺍﻟﺪﻳﺔ )) .
                                                    ﻭﻗﺪ ﺃﲨﻌﺖ ﺍﻷﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺮﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻛﻌﻘﻮﺑﺔ ﺑﺪﻟﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﺍﻟﻌﻤﺪ .
                                                    ﻭﺳﻴﺄﰐ ﺗﻔﺼﻴﻞ ﻣﻘﺎﺩﻳﺮ ﺍﻟﺪﻳﺎﺕ ﺑﻌﺪ ﺍﺳﺘﻜﻤﺎﻝ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺎﺕ ﺇﻥ ﺷﺎﺀ ﺍﷲ .
                                                    ========================= ===

                                                    ﺭﺍﺑﻌﺎﹰ : ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ : (ﺍﻟﺘﻌﺰﻳﺮ) :
                                                    ﻳﻌﺪ ﺍﻟﺘﻌﺰﻳﺮ ﻋﻘﻮﺑﺔ ﺑﺪﻟﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﺍﻟﻌﻤﺪ، ﻭﻳﻮﺟﺐ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻣﺎﻟﻚ ﻣﻌﺎﻗﺒﺔ ﺍﻟﻘﺎﺗﻞ ﺗﻌﺰﻳﺮﺍﹰ ﻛﻠﻤﺎ ﺍﻣﺘﻨﻊ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﺃﻭ ﺳﻘﻂ ﻋﻨﻪ ﺑﺴﺒﺐ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ، سواءً ﺑﻘﻴﺖ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﺃﻡ ﺳﻘﻄﺖ ﻫﻲ ﺍﻷﺧﺮﻯ .
                                                    ﻭﻧﻘﻞ ﺍﺑﻦ ﺭﺷﺪ ﻋﻦ ﺃﰊ ﺛﻮﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺎﺗﻞ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ معروفاً ﺑﺎﻟﺸﺮ ﻭﺳﻘﻂ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻋﻨﻪ ﺑﺴﺒﺐ ﻋﻔﻮ ﻭﱄ ﺍﻟﺪﻡ ﻓﺈﻥ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻳﺆﺩﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﺭ ﻣﺎ ﻳﺮﻯ .
                                                    ﻭﺍﻷﺋﻤﺔ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﻻ ﻳﻮﺟﺒﻮﻥ ﻋﻘﻮﺑﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺎﺗﻞ ﺇﺫﺍ ﺳﻘﻂ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﺃﻭ ﻋﻔﻲ ﻋﻨﻪ ، ﻭﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻣﺎ ﳝﻨﻊ ﻣﻦ ﻋﻘﺎﺏ ﺍﻟﻘﺎﺗﻞ ﻋﻘﻮﺑﺔ ﺗﻌﺰﻳﺮﻳﺔ .
                                                    ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﻓﺎﻟﺼﺤﻴﺢ ﺃﻥ ﺗﻘﺪﻳﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﺇﱃ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻓﺈﻥ ﺭﺃﻯ ﺗﻌﺰﻳﺮ ﺍﻟﻘﺎﺗﻞ ﻻﻧﺘﻬﺎﻛﻪ ﺍﳊﻖ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻜﻮﻧﻪ معروفاً بالشر مثلاً، ﺃﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﺟﻨﺎﻳﺘﻪ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻔﺰﻉ ، ﻭﻋﻔﺎ ﺃﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﻟﺪﻡ ﻓﻠﻺﻣﺎﻡ ﺗﻌﺰﻳﺮﻩ ، ﻷﻥ ﺳﻘﻮﻁ ﺍﳊﻖ ﺍﳋﺎﺹ ﻻ ﻳﻠﺰﻡ ﺳﻘﻮﻁ ﺍﳊﻖ ﺍﻟﻌﺎﻡ.
                                                    ﻭﻗﺪ ﺳﺒﻖ ﺑﻴﺎﻥ ﺍﻷﺩﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺮﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺘﻌﺰﻳﺮ ﰲ ﺣﺎﻝ ﺗﻌﺬﺭ ﺍﺳﺘﻴﻔﺎﺀ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ.
                                                    ========================= ===

                                                    خامساً : العقوبة الخامسة: (ﺍﳊﺮﻣﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺻﻴﺔ )
                                                    ﻭﺍﻷﺻﻞ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻗﻮﻟﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ : (( ﻟﻴﺲ ﻟﻠﻘﺎﺗﻞ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺍﳌﲑﺍﺙ )) ﻭﻗﻮﻟﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ : (( ﻟﻴﺲ ﻟﻠﻘﺎﺗﻞ ﻭﺻﻴﺔ )) ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺪﺍﺭﻗﻄﲏ ﻭﺍﻟﺒﻴﻬﻘﻲ ﻭﻫﻮ ﺿﻌﻴﻒ جداً، ﻭﻷﻥ ﺍﻟﻮﺻﻴﺔ ﺃﺟﺮﻳﺖ ﳎﺮﻯ ﺍﳌﲑﺍﺙ ﻓﻴﻤﻨﻌﻬﺎ ﻣﺎ ﳝﻨﻌﻪ .
                                                    - ﻭﻗﺪ ﺍﺧﺘﻠﻒ ﺍﻷﺋﻤﺔ ﰲ ﲢﺪﻳﺪ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﺍﳌﺎﻧﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺻﻴﺔ ﻭﺍﳌﲑﺍﺙ :
                                                    1- ﻓﺎﳌﺎﻟﻜﻴﺔ ﻳﺮﻭﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﺍﳌﺎﻧﻊ ﻫﻮ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﺍﻟﻌﻤﺪ ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻥ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﺃﻭ ﺗﺴﺒﺒﺎﹰ ( ﻣﻊ ﻣﻼﺣﻈﺔ ﺃﻥ ﺍﳌﺎﻟﻜﻴﺔ ﻳﺪﺭﺟﻮﻥ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﺷﺒﻪ ﺍﻟﻌﻤﺪ ﰲ ﺍﻟﻌﻤﺪ )، ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﺧﻄﺄ ﻓﻼ ﳛﺮﻡ ﺍﻟﻘﺎﺗﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺻﻴﺔ ﻭﺍﳌﲑﺍﺙ ﻭﺇﳕﺎ ﳛﺮﻣﻪ ﻣﻦ ﻧﺼﻴﺒﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﻭﺟﺒﺖ ﺑﺎﻟﻘﺘﻞ .
                                                    2- ﻭﺍﻷﺣﻨﺎﻑ ﻳﺮﻭﻥ ﺣﺮﻣﺎﻥ ﺍﻟﻘﺎﺗﻞ ﰲ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﺍﻟﻌﻤﺪ ﺍﻟﻌﺪﻭﺍﱐ ﻭﺷﺒﻪ ﺍﻟﻌﻤﺪ ﺍﻟﻌﺪﻭﺍﱐ ﻭﺍﳋﻄﺄ ﻭﻣﺎ ﺟﺮﻯ ﳎﺮﻯ ﺍﳋﻄﺄ ﺑﺸﺮﻁ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﻻ ﺗﺴﺒﺒﺎﹰ ﻭﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻘﺎﺗﻞ بالغاً عاقلاً.
                                                    3- ﻭﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ ﻭﺍﳊﻨﺎﺑﻠﺔ ﻳﺮﻭﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﺍﳌﻀﻤﻮﻥ ﻫﻮ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﺍﳌﺎﻧﻊ ﻣﻦ ﺍﳌﲑﺍﺙ ﻭﺍﻟﻮﺻﻴﺔ ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻥ ﻋﻤﺪﺍﹰ ﺃﻭ ﺷﺒﻪ ﻋﻨﺪ ﺃﻭ ﺧﻄﺄ ﻭﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻥ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﺃﻭ ﺗﺴﺒﺒﺎﹰ ﻭﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺻﻐﲑ ﺃﻭ ﳎﻨﻮﻥ ﺃﻭ ﻣﻦ ﺑﺎﻟﻎ ﻋﺎﻗﻞ ، ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﻏﲑ ﺍﳌﻀﻤﻮﻥ ﻓﻼ ﳝﻨﻊ ﻣﻦ ﺍﳌﲑﺍﺙ ﻛﺎﻟﻘﺘﻞ دفاعاً ﻋﻦ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﺍﻟﻘﺘﻞ قصاصاً .
                                                    ﻭﳏﻞ ﺗﻔﺼﻴﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﻫﻮ ﰲ ﻓﻘﻪ ﺍﻟﻮﺻﺎﻳﺎ ﻭﺍﳌﻮﺍﺭﻳﺚ .
                                                    ﻭﺍﻷﺭﺟﺢ ﻭﺍﷲ ﺃﻋﻠﻢ ﻫﻮ ﻣﺎﺫﻫﺐ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﳌﺎﻟﻜﻴﺔ ، ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺎﺗﻞ خطأً ﻻ ﳛﺮﻡ ﻣﻦ ﺍﳌﲑﺍﺙ ﺃﻭ ﺍﻟﻮﺻﻴﺔ ﻭﺇﳕﺎ ﳛﺮﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻓﻘﻂ ، ﺃﻱ ﳛﺮﻡ ﻣﻦ ﺗﻼﺩ ﻣﺎﻝ ﺍﻟﻘﺘﻴﻞ ﺩﻭﻥ ﺣﺪﻳﺜﻪ.
                                                    ========================= ==
                                                    وبهذا ﻳﺘﺒﲔ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺎﺕ ﺍﳌﻘﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﺍﻟﻌﻤﺪ ﲬﺴﺔ ، ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﺃﺻﻠﻴﺔ ﻭﺍﺛﻨﺘﺎﻥ ﺑﺪﻟﻴﺘﺎﻥ :
                                                    ﺃﻣﺎ ﺍﻷﺻﻠﻴﺔ ﻓﻬﻲ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ، ﻭﺍﳊﺮﻣﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺻﻴﺔ ، ﻭﺍﳊﺮﻣﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﳌﲑﺍﺙ .
                                                    ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﺒﺪﻟﻴﺔ ﻓﻬﻲ : ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻭ ﺍﻟﺘﻌﺰﻳﺮ .
                                                    ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭﺓ ﻓﻘﺪ ﺳﺒﻖ ﺃﻥ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻫﻮ ﻋﺪﻡ وجوبها ﰲ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﺍﻟﻌﻤﺪ .
                                                    ========================= ========
                                                    وبهذا نكون قد انتهينا من الحديث عن النوع الأول من القصاص [القصاص في النفس]، وفي الدرس التالي من هذه السلسلة المباركة سوف ننتقل إلى النوع الثاني [القصاص فيما دون النفس].
                                                  
 (والله المعين وهو الهادي إلى سواء السبيل)


ثانياً: ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻓﻴﻤﺎ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻨﻔﺲ
1- ﻣﺸﺮﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻓﻴﻤﺎ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻨﻔﺲ:
ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻓﻴﻤﺎ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﺑﺎﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﺍﻹﲨﺎﻉ ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﺱ.
ﻓﻤﻦ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ
:ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎلى((ﻭﻛﺘﺒﻨﺎ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ ﻭﺍﻟﻌﲔ ﺑﺎﻟﻌﲔ ﻭﺍﻷﻧﻒ ﺑﺎﻷﻧﻒ ﻭﺍﻷﺫﻥ ﺑﺎﻷﺫﻥ ﻭﺍﻟﺴﻦ ﺑﺎﻟﺴﻦ ﻭﺍﳉﺮﻭﺡ ﻗﺼﺎﺹ )).
ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺴﻨﺔ
: ﻣﺎ ﺭﻭﻯ ﺍﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﺃﻥ الربيع ﺑﻨﺖ ﺍﻟﻨﻀﺮ ﻛﺴﺮﺕ ﺛﻨﻴﺔ ﺟﺎﺭﻳﺔ ، ﻓﻌﺮﺿﻮﺍ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻷﺭﺵ ﻓﺄﺑﻮﺍ ﺇﻻ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ،ﻓﺠﺎﺀ ﺃﺧﻮﻫﺎ ﺃﻧﺲ ﺑﻦ ﺍﻟﻨﻀﺮ ، ﻭﻗﺎﻝ : ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺗﻜﺴﺮ ﺛﻨﻴﺔ ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ ؟ ﻭﺍﻟﺬﻱ ﺑﻌﺜﻚ ﺑﺎﳊﻖ ﻻ ﺗﻜﺴﺮ ﺛﻨﻴﺘﻬﺎ، ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ)) :ﻳﺎ ﺃﻧﺲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﷲ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ((ﻗﺎﻝ : ﻓﻌﻔﺎ ﺍﻟﻘﻮﻡ ، ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ:((ﺇﻥ ﻣﻦ ﻋﺒﺎﺩ ﺍﷲ ﻣﻦ ﻟﻮ ﺃﻗﺴﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﷲ ﻷﺑﺮﻩ (( ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ.
ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻹﲨﺎﻉ
: ﻓﻘﺪ ﺃﲨﻊ ﺍﳌﺴﻠﻤﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺟﺮﻳﺎﻥ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻓﻴﻤﺎ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺇﺫﺍ ﺃﻣﻜﻦ.
ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ
: ﻓﻸﻥ ﻣﺎ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻛﺎﻟﻨﻔﺲ ﰲ ﺍﳊﺎﺟﺔ ﺇﱃ ﺣﻔﻈﻪ ﺑﺎﻟﻘﺼﺎﺹ ﻓﻜﺎﻥ ﻛﺎﻟﻨﻔﺲ ﰲ ﻭﺟﻮﺑﻪ .
2- ﺷﺮﻭﻁ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻓﻴﻤﺎ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻨﻔﺲ:
ﻳﺸﺘﺮﻁ ﻟﻠﻘﺼﺎﺹ ﻓﻴﻤﺎ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ ﺍﳌﺘﻘﺪﻣﺔ ﰲ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻔﺲ ، ﻭﻫﻲ :
ﺍﻟﺸﺮﻁ ﺍﻷﻭﻝ: ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ ﻋﻤﺪﺍ محضاً:

ﻓﺄﻣﺎ ﺍﳋﻄﺄ ﻓﻼ ﻗﺼﺎﺹ ﻓﻴﻪ ﺇﲨﺎﻋﺎ, ﻷﻥ ﺍﳋﻄﺄ ﻻ ﻳﻮﺟﺐ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﰲ ﺍﻟﻨﻔﺲ , ﻭﻫﻲ ﺍﻷﺻﻞ , ﻓﻔﻴﻤﺎ دونها ﺃﻭﱃ .
ﻭﻻ ﳚﺐ ﺑﻌﻤﺪ
ﺍﳋﻄﺄ , ﻭﻫﻮ ﺃﻥ ﻳﻘﺼﺪ ﺿﺮﺑﻪ ﲟﺎ ﻻ ﻳﻔﻀﻲ ﺇﱃ ﺫﻟﻚ ﻏﺎﻟﺒﺎ , ﻣﺜﻞ ﺃﻥ ﻳﻀﺮﺑﻪ ﲝﺼﺎﺓ ﻻ ﻳﻮﺿﺢ ﻣﺜﻠﻬﺎ , ﻓﺘﻮﺿﺤﻪ , ﻓﻼ ﳚﺐ ﺑﻪ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ; ﻷﻧﻪ ﺷﺒﻪ ﺍﻟﻌﻤﺪ, ﻭﻻ ﳚﺐ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﺇﻻ ﺑﺎﻟﻌﻤﺪ ﺍﶈﺾ.
ﻭﺍﳌﺬﻫﺐ ﺃﻥ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻳﺘﺼﻮﺭ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺷﺒﻪ ﻋﻤﺪ، ﺑﺄﻥ ﻳﻀﺮﺑﻪ ﺑﺂﻟﺔ ﻻ ﺗﻔﻀﻲ ﺇﱃ ﺇﺗﻼﻑ ﺍﻟﻌﻀﻮ ﰲ ﺍﻟﻐﺎﻟﺐ، ﻓﻴﺘﻠﻒ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ، ﻭﻫﺬﺍ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔﺃﻳﻀﺎ.ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻓﻼ ﳚﺐ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﰲ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ ﺷﺒﻪ ﺍﻟﻌﻤﺪ ﻭﺇﳕﺎ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﺍﳌﻐﻠﻈﺔ.
ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻷﺣﻨﺎﻑ ﻓﲑﻭﻥ ﺃﻥ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺇﻣﺎ ﻋﻤﺪ ﺃﻭ ﺧﻄﺄ، ﻭﻟﻴﺲ ﲦﺖ ﺷﺒﻪ ﻋﻤﺪ.
ﻗﺎﻝ ﰲ ﺍﳍﺪﺍﻳﺔ: "ﻭﻟﻴﺲ ﻓﻴﻤﺎ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺷﺒﻪ ﻋﻤﺪ ﺇﳕﺎﻫﻮ ﻋﻤﺪ ﺃﻭ ﺧﻄﺄ ؛ ﻷﻥ ﺷﺒﻪ ﺍﻟﻌﻤﺪ ﻳﻌﻮﺩ ﺇﱃ ﺍﻵﻟﺔ , ﻭﺍﻟﻘﺘﻞ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﳜﺘﻠﻒ ﺑﺎﺧﺘﻼﻓﻬﺎﺩﻭﻥ ﻣﺎ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻷﻧﻪ ﻻ ﳜﺘﻠﻒ ﺇﺗﻼﻓﻪ ﺑﺎﺧﺘﻼﻑ ﺍﻵﻟﺔ ﻓﻠﻢ ﻳﺒﻖ ﺇﻻ ﺍﻟﻌﻤﺪ ﻭﺍﳋﻄﺄ ".

ﺍﻟﺸﺮﻁ ﺍﻟﺜﺎﱐ:ﺍﻟﺘﻜﺎﻓﺆ ﺑﲔ ﺍﳉﺎﱐ ﻭﺍﺠﲏ ﻋﻠﻴﻪ:

ﻭﻗﺪ ﺫﻛﺮ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻗﺎﻋﺪﺓ، ﻭﻫﻲ: " ﺃﻥ ﻣﻦ ﺃﻗﻴﺪ ﺑﺄﺣﺪ ﰲ ﺍﻟﻨﻔﺲ، ﺃﻗﻴﺪ ﺑﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﻣﻦ ﻻ ﻓﻼ ".
ﻭﺑﻌﺒﺎﺭﺓ ﺃﺧﺮﻯ:" ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﰲ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻗﺼﺎﺹ , ﻓﻬﻮ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﰲ ﺍﳉﺮﺍﺡ. "
ﻷﻥ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺃﻋﻠﻰ ، ﻓﺈﺫﺍ ﺃﻗﻴﺪ ﰲ ﺍﻷﻋﻠﻰ ، ﻓﻔﻲ ﺍﻷﺩﱏ ﺑﻄﺮﻳﻖ ﺍﻷﻭﱃ.
ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻗﺪﺍﻣﺔ: " ﻛﻞ ﺷﺨﺼﲔ ﺟﺮﻯ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﰲ ﺍﻟﻨﻔﺲ , ﺟﺮﻯ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﰲ ﺍﻷﻃﺮﺍﻑ , ﻓﻴﻘﻄﻊ ﺍﳊﺮ ﺍﳌﺴﻠﻢ ﺑﺎﳊﺮ ﺍﳌﺴﻠﻢ , ﻭﺍﻟﻌﺒﺪ ﺑﺎﻟﻌﺒﺪ , ﻭﺍﻟﺬﻣﻲ ﺑﺎﻟﺬﻣﻲ , ﻭﺍﻟﺬﻛﺮ ﺑﺎﻷﻧﺜﻰ , ﻭﺍﻷﻧﺜﻰ ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ , ﻭﻳﻘﻄﻊ ﺍﻟﻨﺎﻗﺺ ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ , ﻛﺎﻟﻌﺒﺪ ﺑﺎﳊﺮ , ﻭﺍﻟﻜﺎﻓﺮ ﺑﺎﳌﺴﻠﻢ . ﻭﻣﻦ ﻻ ﻳﻘﺘﻞ ﺑﻘﺘﻠﻪ , ﻻ ﻳﻘﻄﻊ ﻃﺮﻓﻪ ﺑﻄﺮﻓﻪ , ﻓﻼ ﻳﻘﻄﻊ ﻣﺴﻠﻢ ﺑﻜﺎﻓﺮ , ﻭﻻ ﺣﺮ ﺑﻌﺒﺪ , ﻭﻻ ﻭﺍﻟﺪ ﺑﻮﻟﺪ . وبهذا ﻗﺎﻝ ﻣﺎﻟﻚ , ﻭﺍﻟﺜﻮﺭﻱ , ﻭﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ , ﻭﺃﺑﻮ ﺛﻮﺭ , ﻭﺇﺳﺤﺎﻕ , ﻭﺍﺑﻦ ﺍﳌﻨﺬﺭ.
ﻭﺧﺎﻟﻒ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺍﻷﺣﻨﺎﻑ ؛ ﺇﺫ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﰲ ﺍﳌﺬﻫﺐ ﺍﳊﻨﻔﻲ (ﺃﻥ ﺍﻷﻃﺮﺍﻑ ﻳﺴﻠﻚ بها ﻣﺴﻠﻚ ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ. (
ﻭبناءً ﻋﻠﻴﻪ
:
ﻻ ﻗﺼﺎﺹ – ﻋﻨﺪﻫﻢ - ﰲ ﺍﻟﻄﺮﻑ ﺑﲔ ﳐﺘﻠﻔﻲ ﺍﻟﺒﺪﻝ ( ﺃﻱ ﺍﻷﺭﺵ) , ﻓﻼ ﻳﻘﻄﻊ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﺑﺎﻟﻨﺎﻗﺺ , ﻭﻻ ﺍﻟﻨﺎﻗﺺ ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ , ﻭﻻ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺑﺎﳌﺮﺃﺓ , ﻭﻻ ﺍﳌﺮﺃﺓ ﺑﺎﻟﺮﺟﻞ , ﻭﻻ ﺍﳊﺮ ﺑﺎﻟﻌﺒﺪ , ﻭﻻ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺑﺎﳊﺮ , ﻭﻳﻘﻄﻊ ﺍﳌﺴﻠﻢ ﺑﺎﻟﻜﺎﻓﺮ , ﻭﺍﻟﻜﺎﻓﺮ ﺑﺎﳌﺴﻠﻢ - ﻻﺳﺘﻮﺍﺋﻬﻤﺎ ﰲ ﺍﻷﺭﺵ - ، ﻷﻥ ﺍﻷﻃﺮﺍﻑ ﻳﺴﻠﻚ بها ﻣﺴﻠﻚ ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ، ﻭﻷﻥ ﺍﻟﺘﻜﺎﻓﺆ ﻣﻌﺘﱪ ﰲ ﺍﻷﻃﺮﺍﻑ ﲞﻼﻑ ﺍﻷﻧﻔﺲ, ﺑﺪﻟﻴﻞ ﺃﻥ ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﺔ ﻻ ﺗﺆﺧﺬ ﺑﺎﻟﺸﻼﺀ , ﻭﻻ ﺍﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﺑﺎﻟﻨﺎﻗﺼﺔ , ﻓﻜﺬﺍ ﻻ ﻳﺆﺧﺬ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺑﻄﺮﻑ ﺍﳌﺮﺃﺓ , ﻭﻻ ﻳﺆﺧﺬ ﻃﺮﻓﻬﺎ ﺑﻄﺮﻓﻪ , ﻛﻤﺎ ﻻ ﺗﺆﺧﺬ ﺍﻟﻴﺴﺮﻯ ﺑﺎﻟﻴﻤﲎ
.
ﻭﺑﲎ ﺍﻷﺣﻨﺎﻑ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻋﺪﺓ ﻣﺴﺎﺋﻞ ، ﻣﻨﻬﺎ:
1- ﻻ ﻗﺼﺎﺹ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺸﺘﺮﻛﲔ ﻓﻴﻤﺎ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻨﻔﺲ.
2- ﻭﻻ ﻗﺼﺎﺹ ﺑﲔ ﺍﻟﻌﺒﻴﺪ ﻓﻴﻤﺎ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻨﻔﺲ.
3- ﻭ ﻻﻗﺼﺎﺹ ﻓﻴﻤﺎ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺑﲔ ﳐﺘﻠﻔﻲ ﺍﻷﺭﺵ ﻛﻤﺎ ﺗﻘﺪﻡ.
ﻣﻊ أنهم ﻳﺮﻭﻥ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﰲ ﲨﻴﻊ ﺍﳌﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﺜﻼﺙ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ ﰲ ﺍﻟﻨﻔﺲ.
ﻭﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻫﻮ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻷﻭﻝ ، ﻟﻌﻤﻮﻡ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩﺓ.
ﻭﺃﻣﺎ ﻗﻮﻝ ﺃﰊ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻓﻬﻮ ﻣﻨﻘﻮﺽ ﺑﻌﺪﺓ ﺃﻣﻮﺭ
:
ﺍﻷﻭﻝ : ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﰲ ﺍﻟﻨﻔﺲ ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺘﻜﺎﻓﺆ ﻓﻴﻪ ﻣﻌﺘﱪ , ﺑﺪﻟﻴﻞ ﺃﻥ ﺍﳌﺴﻠﻢ ﻻ ﻳﻘﺘﻞ ﺑﺎﳌﺴﺘﺄﻣﻦ اتفاقاً, ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﳚﺮﻱ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﰲ ﺍﻷﻧﻔﺲ ﻣﻊ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﺩﻳﺎﻬﺎ.
ﺍﻟﺜﺎﱐ: ﺃﻧﻪ ﻳﻠﺰﻣﻪ ﺃﻥ ﻳﺄﺧﺬ ﺍﻟﻨﺎﻗﺼﺔ ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ; ﻷﻥ ﺍﳌﻤﺎﺛﻠﺔ ﻗﺪ ﻭﺟﺪﺕ ﻭﺯﻳﺎﺩﺓ , ﻓﻮﺟﺐ ﺃﺧﺬﻫﺎ بها ﺇﺫﺍ ﺭﺿﻲ ﺍﳌﺴﺘﺤﻖ , ﻛﻤﺎ ﺗﺆﺧﺬ ﻧﺎﻗﺼﺔ ﺍﻷﺻﺎﺑﻊ ﺑﻜﺎﻣﻠﺔ ﺍﻷﺻﺎﺑﻊ.
ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ: ﻭﻷﻥ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭ ﻻ ﺗﺆﺧﺬ ﺑﺎﻟﻴﻤﲔ ﻣﻊ ﺍﺳﺘﻮﺍﺀ ﺑﺪﻟﻴﻬﻤﺎ, ﻓﻌﻠﻢ أنها ﻟﻴﺴﺖ ﻧﺎﻗﺼﺔ ﻋﻨﻬﺎ ﺷﺮﻋﺎ , ﻭﺃﻥ ﻋﻠﺔ ﺍﳌﻨﻊ ﻣﻦ ﻭﻗﻮﻉ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﺍﻟﺘﻔﺎﻭﺕ ﰲ ﺍﻷﺭش.

ﺍﻟﺸﺮﻁ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ:ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳉﺎﱐ ﻣﻜﻠﻔﺎ:



* ﻓﻬﺬﻩ ﻫﻲ ﺷﺮﻭﻁ ﻭﺟﻮﺏ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﰲ ﺍﳉﻨﺎﻳﺎﺕ عموماً ﺳﻮﺍﺀ ﺃﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺃﻡ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻨﻔﺲ ، ﺇﻻ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻓﻴﻤﺎ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻳﺰﻳﺪ ﺷﺮﻭﻃﺎ ﺃﺧﺮﻯ ﲝﺴﺐ ﻧﻮﻉ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ ، ﺇﺫ ﺇﻥ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻓﻴﻤﺎ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻧﻮﻋﺎﻥ:
ﺃ- ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﰲ ﺍﻷﻃﺮﺍﻑ ، ﻣﺜﻞ : ﺍﻟﺴﻦ ، ﺍﻟﻌﲔ ، ﻭﺍﻷﻧﻒ ، ﻭﺍﻷﺫﻥ ، ﻭﺍﳉﻔﻦ ، ﻭﺍﻟﺸﻔﺔ ، ﻭﺍﻟﻴﺪ ، ﻭﺍﻟﺮﺟﻞ ، ﻭﺍﻹﺻﺒﻊ ، ﻭﺍﻟﻜﻒ ، ﻭﺍﳌﺮﻓﻖ ، ﻭﺍﻟﺬﻛﺮ ، ﻭﺍﻷﻟﻴﺔ ، ﻭﺍﳋﺼﻴﺔ ، ﻓﻴﻘﺘﺺ ﻟﻜﻞ ﻃﺮﻑ ﲟﺜﻠﻪ .
ﺏ- ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﰲ ﺍﳉﺮﻭﺡ : ﻛﺎﳌﻮﺿﺤﺔ ﻭﺍﳍﺎﴰﺔ ﻭﺍﳌﻨﻘﻠﺔ.
ﻭﻓﻴﻤﺎ ﻳﺄﰐ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﺑﻜﻞ ﻧﻮﻉ:
أولاً: ﺷﺮﻭﻁ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﰲ ﺍﻷﻃﺮﺍﻑ :
ﻳﺸﺘﺮﻁ ﻟﻠﻘﺼﺎﺹ ﰲ ﺍﻷﻃﺮﺍﻑ (( ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﰲ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻔﺲ )) ﺛﻼﺛﺔ ﺷﺮﻭﻁ :

ﺍﻟﺸﺮﻁ ﺍﻷﻭﻝ: ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺍﻻﺳﺘﻴﻔﺎﺀ ﺑﻼ ﺣﻴﻒ :
ﻭﻗﺪ ﺟﻌﻞ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﺿﺎﺑﻄﺎ ﻟﺬﻟﻚ ﻭﻫﻮ : (ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻘﻄﻊ ﻣﻦ ﻣﻔﺼﻞ ، ﺃﻭ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﺣﺪﻳﻨﺘﻬﻲ ﺇﻟﻴﻪ) ، ﻛﺄﻥ ﻳﻘﻄﻊ ﺭﺟﻠﻪ ﻣﻦ ﻣﻔﺼﻞ ﺍﻟﻘﺪﻡ ، ﺃﻭ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻛﺒﻪ ،ﺃﻭ ﻳﻘﻄﻊ ﺇﺻﺒﻌﻪ ﻣﻦ ﺍﳌﻔﺼﻞ، ﺃﻭ ﻳﺪﻩ ﻣﻦ ﻣﻔﺼﻞ ﺍﻟﻜﻒ ﺃﻭ ﻣﻦ ﺍﳌﺮﻓﻖ ﺃﻭ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺘﻒ .
ﻭﻣﺜﻞ ﺫﻟﻚ ﻟﻮ ﻗﻄﻌﻪ ﻣﻦ ﻣﺎﺭﻥ ﺍﻷﻧﻒ ( ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻻﻥ ﻣﻨﻪ ( ﺍﻟﻐﻀﺮﻭﻑ) ﻓﺈﻥ ﻟﻪ ﺣﺪﺍ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺇﻟﻴﻪ.
ﺃﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻣﻦ ﻣﻔﺼﻞ ﻭﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﺣﺪ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺇﻟﻴﻪ ﻓﻼ ﻗﺼﺎﺹ ﻭﺇﳕﺎ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺪﻳﺔ.
ﻭﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻀﺎﺑﻂ ﻗﺎﻝ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ

-
ﻻ ﻗﺼﺎﺹ ﰲ ﺟﺎﺋﻔﺔ : ﻭﻫﻲ ﺍﳉﺮﺡ ﺍﻟﻮﺍﺻﻞ ﺍﱃ ﺍﳉﻮﻑ ﺳﻮﺍﺀ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﺒﻄﻦ ﺍﻭ ﺍﻟﻈﻬﺮ ﺍﻭ ﺍﳋﺼﺮ ﻷﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﺣﺪ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺍﻟﻘﻄﻊ ﺇﻟﻴﻪ.
-
ﻭﻻ ﰲ ﻛﺴﺮ ﻋﻈﻢ ﻏﲑ ﺳﻦ : ﻻﻥ ﺍﳌﻤﺎﺛﻠﺔ ﻏﲑ ﳑﻜﻨﺔ ﻭﻻ ﻳﺆﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﻮﰱ ﺍﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺍﳊﻖ ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺴﻦ ﻓﻤﻦ ﺍﳌﻤﻜﻦ ﺑﺮﺩ ﺳﻦ ﺍﳉﺎﱐ.
-
ﻭﻻ ﰲ ﻗﺼﺒﺔ ﺍﻷﻧﻒ : ﻭﻫﻲ ﻋﻈﻢ ﺍﻷﻧﻒ لأنها ﻟﻴﺲ ﳍﺎ ﺣﺪ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺍﻟﻘﻄﻊ ﺍﻟﻴﻪ.
ﻭﻋﻦ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﲪﺪ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺃﺧﺮﻯ : ﺃﻥ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺍﳉﺮﺍﺡ ﻭﺍﻟﻜﺴﺮ , ﻳﻘﺪﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺹ , ﻳﻘﺘﺺ ﻣﻨﻪ ﻟﻸﺧﺒﺎﺭ, ﻭﺍﺧﺘﺎﺭ ﺫﻟﻚ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ , ﻭﻗﺎﻝ : ﺛﺒﺖ ﺫﻟﻚ ﻋﻦ ﺍﳋﻠﻔﺎﺀ ﺍﻟﺮﺍﺷﺪﻳﻦ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻢ . ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻫﻮ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ.
ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻀﺎﺑﻂ ﺍﻟﺬﻱ ﺫﻛﺮﻩ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﰲ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﻣﻦ ﺗﻌﺬﺭ ﺍﳌﻤﺎﺛﻠﺔ ﰲ ﺍﻟﻜﺴﻮﺭ ﺃﻣﺎ ﺍﻵﻥ ﻓﺈﺫﺍ ﺃﻣﻜﻦ ﻃﺒﻴﺎ ﻛﺴﺮ ﻋﻈﻢ ﺍﳉﺎﱐ ﺍﻭ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻣﻦ ﺟﺎﺋﻔﺔ ﻭﳓﻮ ﺫﻟﻚ ﺩﻭﻥ ﺣﻴﻒ ﻓﻴﺠﺐ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻷﻥ ﺍﻟﻌﻠﺔ ﻫﻲ ﺍﻷﻣﻦ ﺍﳊﻴﻒ ﻓﺈﺫﺍ ﺃﻣﻜﻦ ﺫﻟﻚ ﻭﺟﺐ ﺗﻨﻔﻴﺬﻩ.
ﻓﺈﺫﺍ ﺃﻣﻦ ﺍﳊﻴﻒ ﻓﻼ ﺧﻼﻑ ﺑﲔ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﺏ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﰲ ﺍﻷﻋﻀﺎﺀ ، ﻭﻣﻦ ﺫﻟﻚ:
1- ﺗﻘﻠﻊ ﺍﻟﻌﲔ ﺑﺎﻟﻌﲔ :
ﻟﻘﻮﻝ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ : { ﻭﺍﻟﻌﲔ ﺑﺎﻟﻌﲔ } . ولأنها ﺗﻨﺘﻬﻲ ﺇﱃ ﻣﻔﺼﻞ , ﻓﺠﺮﻯ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻓﻴﻬﺎ ﻛﺎﻟﻴﺪ .
ﻭﺗﺆﺧﺬ ﻋﲔ ﺍﻟﺸﺎﺏ ﺑﻌﲔ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﳌﺮﻳﻀﺔ , ﻭﻋﲔ ﺍﻟﻜﺒﲑ ﺑﻌﲔ ﺍﻟﺼﻐﲑ ﻭﺍﻷﻋﻤﺶ.
ﻓﺈﻥ ﻗﻠﻊ ﻋﻴﻨﻪ ﺑﺈﺻﺒﻌﻪ , ﱂ ﳚﺰ ﺃﻥ ﻳﻘﺘﺺ ﺑﺈﺻﺒﻌﻪ ; ﻟﺘﻌﺬﺭ ﺍﳌﻤﺎﺛﻠﺔ ﻓﻴﻪ .
ﻭﺇﻥ ﻟﻄﻤﻪ ﻓﺬﻫﺐ ﺿﻮﺀ ﻋﻴﻨﻪ ﻓﺎﳌﺬﻫﺐ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﻘﺘﺺ ﻣﻨﻪ ﺑﺎﻟﻠﻄﻤﺔ ; ﻷﻥ ﺍﳌﻤﺎﺛﻠﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﻏﲑ ﳑﻜﻨﺔ، ﻭﳚﺐ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﰲ ﺍﻟﺒﺼﺮ , ﻓﻴﻌﺎﰿ ﲟﺎ ﻳﺬﻫﺐ ﺑﺒﺼﺮﻩ ﻣﻦ ﻏﲑ ﺃﻥ ﻳﻘﻠﻊ ﻋﻴﻨﻪ، ﻭﺫﻛﺮ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺃﻧﻪ ﻳﻘﺘﺺ ﻣﻨﻪ ﺑﺎﻟﻠﻄﻤﺔ ﺑﺸﺮﻃﻪ, ﻓﻴﻠﻄﻤﻪ ﺍﺠﲏ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺜﻞ ﻟﻄﻤﺘﻪ ,ﻓﺈﻥ ﺫﻫﺐ ﺿﻮﺀ ﻋﻴﻨﻪ , ﻭﺇﻻ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﺃﻥ ﻳﺬﻫﺒﻪ ﺑﺎﳌﻌﺎﳉﺔ . ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺬﻫﺐ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ . ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ. ﻭﺷﺮﻁ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﰲ ﺍﻟﻠﻄﻤﺔ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﻠﻄﻤﺔ ﺗﺬﻫﺐ ﺑﺎﻟﺒﺼﺮ ﻏﺎﻟﺒﺎ , ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻻ ﺗﺬﻫﺐ ﺑﻪ ﻏﺎﻟﺒﺎ ﻓﺬﻫﺐ , ﻓﻬﻮ ﺷﺒﻪ ﻋﻤﺪ ﻻ ﻗﺼﺎﺹ ﻓﻴﻪ ; ﻷﻧﻪ ﻓﻌﻞ ﻻ
ﻳﻔﻀﻲ ﺇﱃ ﺍﻟﻔﻮﺍﺕ ﻏﺎﻟﺒﺎ , ﻓﻠﻢ ﳚﺐ ﺑﻪ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ , ﻛﺸﺒﻪ ﺍﻟﻌﻤﺪ ﰲ ﺍﻟﻨﻔﺲ.
2- ﻭﻳﺆﺧﺬ ﺍﻟﺴﻦ ﺑﺎﻟﺴﻦ :
ﺑﺈﲨﺎﻉ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻟﻶﻳﺔ ﻭﺣﺪﻳﺚ ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ , ﻭﻷﻥ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻓﻴﻬﺎ ﳑﻜﻦ , ﻷﻬﺎ ﳏﺪﻭﺩﺓ ﰲ ﻧﻔﺴﻬﺎ , ﻓﻮﺟﺐ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻛﺎﻟﻌﲔ . ﻭﺗﺆﺧﺬ ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﺔ ﺑﺎﻟﺼﺤﻴﺤﺔ , ﻭﺗﺆﺧﺬ ﺍﳌﻜﺴﻮﺭﺓ ﺑﺎﻟﺼﺤﻴﺤﺔ , ﻷﻧﻪ ﻳﺄﺧﺬ ﺑﻌﺾ ﺣﻘﻪ , ﻭﻳﺄﺧﺬ ﻣﻊ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﺃﺭﺵ ﺍﻟﺒﺎﻗﻲ.
ﻭﻻ ﻳﻘﺘﺺ ﺇﻻ ﻣﻦ ﺳﻦ ﻣﻦ أَثغَر, ﺃﻱ ﺳﻘﻄﺖ ﺭﻭﺍﺿﻌﻪ , ﰒ ﻧﺒﺘﺖ , ﻳﻘﺎﻝ ﳌﻦ ﺳﻘﻄﺖ ﺭﻭﺍﺿﻌﻪ : ﺛﹸﻐِﺮَ , ﻓﻬﻮ ﻣﺜﻐﻮﺭ , ﻓﺈﺫﺍ ﻧﺒﺘﺖ ﻗﻴﻞ : ﺃﹶﺛ ﻐَﺮ ﻭﺍﺛﱠﻐَﺮ . ﻟﻐﺘﺎﻥ , ﻭﺇﻥ ﻗﻠﻊ ﺳﻦ ﻣﻦ ﱂ ﻳﺜﻐﺮ , ﱂ ﻳﻘﺘﺺ ﻣﻦ ﺍﳉﺎﱐ ﰲ ﺍﳊﺎﻝ , ﻋﻨﺪ ﻋﺎﻣﺔ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ , ﻷﻬﺎ ﺗﻌﻮﺩ ﲝﻜﻢ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ , ﻓﻼ ﻳﻘﺘﺺ ﻣﻨﻬﺎ ﻛﺎﻟﺸﻌﺮ , ﰒ ﺇﻥ ﻋﺎﺩ ﺑﺪﻝ ﺍﻟﺴﻦ ﰲ ﳏﻠﻬﺎ ﻣﺜﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺻﻔﺘﻬﺎ , ﻓﻼ ﺷﻲﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﺎﱐ , ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻗﻠﻊ ﺷﻌﺮﺓ ﰒ ﻧﺒﺘﺖ , ﻭﺇﻥ ﻋﺎﺩﺕ ﻣﺎﺋﻠﺔ ﻋﻦ ﳏﻠﻬﺎ , ﺃﻭ ﻣﺘﻐﲑﺓ ﻋﻦ ﺻﻔﺘﻬﺎ , ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺣﻜﻮﻣﺔ , ﻷﻬﺎ ﻟﻮ ﱂ ﺗﻌﺪ ﺿﻤﻦ ﺍﻟﺴﻦ , ﻓﺈﺫﺍ ﻋﺎﺩﺕ ﻧﺎﻗﺼﺔ ﺿﻤﻦ ﻣﺎ ﻧﻘﺺ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺎﳊﺴﺎﺏ , ﻓﻔﻲ ﺛﻠﺜﻬﺎ ﺛﻠﺚ ﺩﻳﺘﻬﺎ , ﻭﰲ ﺭﺑﻌﻬﺎ ﺭﺑﻌﻬﺎ ﻭﻫﻜﺬﺍ. ﻭﺇﻥ ﻣﻀﻰ ﺯﻣﻦ ﻋﻮﺩﻫﺎ ﻭﱂ ﺗﻌﺪ , ﺳﺌﻞ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﻄﺐ , ﻓﺈﻥ ﻗﺎﻟﻮﺍ : ﻗﺪ ﻳﺌﺲ ﻣﻦ ﻋﻮﺩﻫﺎ . ﻓﺎﺠﲏ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺎﳋﻴﺎﺭ ﺑﲔ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﺃﻭ ﺩﻳﺔ ﺍﻟﺴﻦ.
ﻓﺄﻣﺎ ﺇﻥ ﻗﻠﻊ ﺳﻦ ﻣﻦ ﻗﺪ ﺃﺛﻐﺮ , ﻭﺟﺐ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻟﻪ ﰲ ﺍﳊﺎﻝ , ﻷﻥ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﻋﺪﻡ ﻋﻮﺩﻫﺎ , ﻭﻫﺬﺍ ﻗﻮﻝ ﺑﻌﺾ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ,
ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ : ﻳﺴﺄﻝ ﺃﻫﻞ ﺍﳋﱪﺓ , ﻓﺈﻥ ﻗﺎﻟﻮﺍ : ﻻ ﺗﻌﻮﺩ , ﻓﻠﻪ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﰲ ﺍﳊﺎﻝ , ﻭﺇﻥ ﻗﺎﻟﻮﺍ : ﻳﺮﺟﻰ ﻋﻮﺩﻫﺎ ﺇﱃ ﻭﻗﺖ ﺫﻛﺮﻭﻩ , ﱂ ﻳﻘﺘﺺ ﺣﱴ ﻳﺄﰐ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻮﻗﺖ ؛ﻷﻬﺎ ﲢﺘﻤﻞ ﺍﻟﻌﻮﺩ.

ﻣﺴﺄﻟﺔ: ﳚﺐ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﰲ ﺑﻌﺾ السن:

ﻷﻥ ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ ﻛﺴﺮﺕ ﺳﻦ ﺟﺎﺭﻳﺔ , ﻓﺄﻣﺮ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑﺎﻟﻘﺼﺎﺹ ; ﻭﻷﻥ ﻣﺎ ﺟﺮﻯ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﰲ ﲨﻠﺘﻪ , ﺟﺮﻯ ﰲ ﺑﻌﻀﻪ ﺇﺫﺍ ﺃﻣﻜﻦ ﻛﺎﻷﺫﻥ , ﻓﻴﻘﺪﺭ ﺫﻟﻚ ﺑﺎﻷﺟﺰﺍﺀ , ﻓﻴﺆﺧﺬ ﺍﻟﻨﺼﻒ ﺑﺎﻟﻨﺼﻒ ﻭﺍﻟﺜﻠﺚ ﺑﺎﻟﺜﻠﺚ , ﻭﻛﻞ ﺟﺰﺀ ﲟﺜﻠﻪ , ﻭﻻ ﻳﺆﺧﺬ ﺫﻟﻚ ﺑﺎﳌﺴﺎﺣﺔ , ﻛﻲ ﻻ ﻳﻔﻀﻲ ﺇﱃ ﺃﺧﺬ ﲨﻴﻊ ﺳﻦ ﺍﳉﺎﱐ ﺑﺒﻌﺾ ﺳﻦ ﺍﺠﲏ ﻋﻠﻴﻪ , ﻭﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﺑﺎﳌﱪﺩ , ﻟﻴﺆﻣﻦ ﺃﺧﺬ ﺍﻟﺰﻳﺎﺩﺓ , ﻓﺈﻧﺎ ﻟﻮ ﺃﺧﺬﻧﺎﻫﺎ ﺑﺎﻟﻜﺴﺮ , ﱂ ﻧﺄﻣﻦ ﺃﻥ ﺗﻨﺼﺪﻉ , ﺃﻭ ﺗﻨﻘﻠﻊ , ﺃﻭ ﺗﻨﻜﺴﺮ ﻣﻦ ﻏﲑ ﻣﻮﺿﻊ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ , ﻭﻻ ﻳﻘﺘﺺ ﺣﱴ ﻳﻘﻮﻝ ﺃﻫﻞ ﺍﳋﱪﺓ : ﺇﻧﻪ ﻳﺆﻣﻦ ﺍﻧﻘﻼﻋﻬﺎ , ﺃﻭ ﺍﻟﺴﻮﺍﺩ ﻓﻴﻬﺎ.
3- ﻭﺗﺆﺧﺬ ﺍﻟﺸﻔﺔ ﺑﺎﻟﺸﻔﺔ :
ﻭﻫﻲ ﻣﺎ ﺟﺎﻭﺯ ﺍﻟﺬﻗﻦ ﻭﺍﳋﺪﻳﻦ ﻋﻠﻮﺍ ﻭﺳﻔﻼ ; ﻟﻘﻮﻝ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ:{ ﻭﺍﳉﺮﻭﺡ ﻗﺼﺎﺹ} . ﻭﻷﻥ ﻟﻪ ﺣﺪﺍ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺇﻟﻴﻪ, ﳝﻜﻦ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻣﻨﻪ ﻓﻮﺟﺐ , ﻛﺎﻟﻴﺪﻳﻦ .
4- ﻭﻳﺆﺧﺬ ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ ﺑﺎﻟﻠﺴﺎﻥ :
ﺑﺈﲨﺎﻉ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ، ﻟﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ : { ﻭﺍﳉﺮﻭﺡ ﻗﺼﺎﺹ } . ﻭﻷﻥ ﻟﻪ ﺣﺪﺍ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺇﻟﻴﻪ , ﻓﺎﻗﺘﺺ ﻣﻨﻪ ﻛﺎﻟﻌﲔ , ﻭﻻ ﻳﺆﺧﺬ ﻟﺴﺎﻥ ﻧﺎﻃﻖ ﺑﻠﺴﺎﻥ ﺃﺧﺮﺱ , ﻷﻧﻪ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻨﻪ , ﻭﻳﺆﺧﺬ ﺍﻷﺧﺮﺱ ﺑﺎﻟﻨﺎﻃﻖ , ﻷﻧﻪ ﺑﻌﺾ ﺣﻘﻪ , ﻭﻳﺆﺧﺬ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ ﺑﺒﻌﺾ , ﻷﻧﻪ ﺃﻣﻜﻦ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﰲ ﲨﻴﻌﻪ , ﻓﺄﻣﻜﻦ ﰲ ﺑﻌﻀﻪ , ﻛﺎﻟﺴﻦ , ﻭﻳﻘﺪﺭ ﺫﻟﻚ ﺑﺎﻷﺟﺰﺍﺀ , ﻭﻳﺆﺧﺬ ﻣﻨﻪ بالحساب.
5- ﻭﻳﺆﺧﺬ ﺍﳉﻔﻦ ﺑﺎﳉﻔﻦ:

ﻟﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ { ﻭﺍﳉﺮﻭﺡ ﻗﺼﺎﺹ } ﻭﻷﻧﻪ ﳝﻜﻦ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻓﻴﻪ , ﻻﻧﺘﻬﺎﺋﻪ ﺇﱃ ﻣﻔﺼﻞ. ﻭﻳﺆﺧﺬ ﺟﻔﻦ ﺍﻟﺒﺼﲑ ﲜﻔﻦ ﺍﻟﺒﺼﲑ ﻭﺍﻟﻀﺮﻳﺮ , ﻭﺟﻔﻦ ﺍﻟﻀﺮﻳﺮ , ﺑﻜﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ , ﻷﻬﻤﺎ ﺗﺴﺎﻭﻳﺎ ﰲ ﺍﻟﺴﻼﻣﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻘﺺ , ﻭﻋﺪﻡ ﺍﻟﺒﺼﺮ ﻧﻘﺺ ﰲ ﻏﲑﻩ , ﻻ ﳝﻨﻊ ﺃﺧﺬ ﺃﺣﺪﳘﺎ ﺑﺎﻵﺧﺮ ﻛﺎﻷﺫﻥ ﺇﺫﺍ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﺴﻤﻊ ﻣﻨﻬﺎ.
6- ﻭﺗﻘﻄﻊ ﺍﻷﺫﻥ ﺑﺎﻷﺫﻥ:
ﺑﺈﲨﺎﻉ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ، ﻟﻘﻮﻝ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ : { ﻭﺍﻷﺫﻥ ﺑﺎﻷﺫﻥ } . ﻭﻷﻬﺎ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﺇﱃ ﺣﺪ ﻓﺎﺻﻞ , ﻓﺄﺷﺒﻬﺖ ﺍﻟﻴﺪ . ﻭﺗﺆﺧﺬ ﺍﻟﻜﺒﲑﺓ ﺑﺎﻟﺼﻐﲑﺓ , ﻭﺃﺫﻥ ﺍﻟﺴﻤﻴﻊ ﺑﺄﺫﻥ ﺍﻟﺴﻤﻴﻊ , ﻭﺃﺫﻥ ﺍﻷﺻﻢ ﺑﻜﻞ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻨﻬﻤﺎ ; ﻟﺘﺴﺎﻭﻳﻬﻤﺎ , ﻓﺈﻥ ﺫﻫﺎﺏ ﺍﻟﺴﻤﻊ ﻧﻘﺺ ﰲ ﺍﻟﺮﺃﺱ , ﻷﻧﻪ ﳏﻠﻪ , ﻭﻟﻴﺲ ﺑﻨﻘﺺ ﻓﻴﻬﻤﺎ . ﻭﺗﺆﺧﺬ ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﺔ ﺑﺎﳌﺜﻘﻮﺑﺔ ; ﻷﻥ ﺍﻟﺜﻘﺐ ﻟﻴﺲ ﺑﻌﻴﺐ , ﻭﺇﳕﺎ ﻳﻔﻌﻞ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ﻟﻠﻘﺮﻁ ﻭﺍﻟﺘﺰﻳﻦ ﺑﻪ , ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺜﻘﺐ ﰲ ﻏﲑ ﳏﻠﻪ , ﺃﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﳐﺮﻭﻣﺔ , ﺃﺧﺬﺕ ﺑﺎﻟﺼﺤﻴﺤﺔ , ﻭﱂ ﺗﺆﺧﺬ ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﺔ بها; ﻷﻥ ﺍﻟﺜﻘﺐ ﺇﺫﺍ ﺍﳔﺮﻡ ﺻﺎﺭ ﻧﻘﺼﺎ ﻓﻴﻬﺎ , ﻭﺍﻟﺜﻘﺐ ﰲ ﻏﲑ ﳏﻠﻪ ﻋﻴﺐ.
ﻭﺇﻥ ﻗﻄﻌﺖ ﺑﻌﺾ ﺃﺫﻧﻪ , ﻓﻠﻪ ﺃﻥ ﻳﻘﺘﺺ ﻣﻦ ﺃﺫﻥ ﺍﳉﺎﱐ ﻭﺗﻘﺪﻳﺮ ﺫﻟﻚ ﺑﺎﻷﺟﺰﺍﺀ , ﻓﻴﺆﺧﺬ ﺍﻟﻨﺼﻒ ﺑﺎﻟﻨﺼﻒ , ﻭﺍﻟﺜﻠﺚ ﺑﺎﻟﺜﻠﺚ ,ﻭﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎﺏ ﺫﻟﻚ.
ﻭﺇﻥ ﻗﻄﻊ ﺃﺫﻧﻪ ﻓﺄﺑﺎﻬﺎ , ﻓﺄﻟﺼﻘﻬﺎ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ ﻓﺎﻟﺘﺼﻘﺖ ﻭﺛﺒﺘﺖ , ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ : ﳚﺐ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ . ﻭﻫﻮ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ; ﻷﻧﻪ ﻭﺟﺐ ﺑﺎﻹﺑﺎﻧﺔ , ﻭﻗﺪ ﻭﺟﺪﺕ ﺍﻹﺑﺎﻧﺔ . ﻭﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ : ﻻ ﻗﺼﺎﺹ ﻓﻴﻬﺎ . ﻭﻫﻮ ﻗﻮﻝ ﻣﺎﻟﻚ ; ﻷﻬﺎ ﱂ ﺗﱭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻭﺍﻡ , ﻓﻠﻢ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺇﺑﺎﻧﺔ ﺃﺫﻥ ﺍﳉﺎﱐ ﺩﻭﺍﻣﺎ.
ﻭﺇﻥ ﻗﻄﻊ ﺃﺫﻥ ﺇﻧﺴﺎﻥ , ﻓﺎﺳﺘﻮﰲ ﻣﻨﻪ , ﻓﺄﻟﺼﻖ ﺍﳉﺎﱐ ﺃﺫﻧﻪ ﻓﺎﻟﺘﺼﻘﺖ , ﻭﻃﻠﺐ ﺍﺠﲏ ﻋﻠﻴﻪ ﺇﺑﺎﻧﺘﻬﺎ , ﱂ ﻳﻜﻦ ﻟﻪ ﺫﻟﻚ ; ﻷﻥ ﺍﻹﺑﺎﻧﺔ ﻗﺪ ﺣﺼﻠﺖ , ﻭﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻗﺪ ﺍﺳﺘﻮﰲ , ﻓﻠﻢ ﻳﺒﻖ ﻟﻪ ﻗﺒﻠﻪ ﺣﻖ .
ﻣﺴﺄﻟﺔ: ﻣﻦ ﺃﻟﺼﻖ ﺃﺫﻧﻪ ﺑﻌﺪ ﺇﺑﺎﻧﺘﻬﺎ , ﺃﻭ ﺳﻨﻪ ﱂ ﺗﻠﺰﻣﻪ ﺇﺯﺍﻟﺘﻬﺎ ؛ ﻷﻬﺎ ﺟﺰﺀ ﺁﺩﻣﻲ ﻃﺎﻫﺮ ﰲ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻭﻣﻮﺗﻪ , ﻓﻜﺎﻥ ﻃﺎﻫﺮﺍ ﻛﺤﺎﻝ ﺍﺗﺼﺎﻟﻪ.
7- ﻭﻳﺆﺧﺬ ﺍﻷﻧﻒ ﺑﺎﻷﻧﻒ:
إجماعاً ; ﻟﻶﻳﺔ ﻭﺍﳌﻌﲎ . ﻭﻳﺆﺧﺬ ﺍﻟﻜﺒﲑ ﺑﺎﻟﺼﻐﲑ , ﻭﺍﻷﻗﲎ ﺑﺎﻷﻓﻄﺲ , ﻭﺃﻧﻒ ﺍﻷﺷﻢ ﺑﺄﻧﻒ ﺍﻷﺧﺸﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﺸﻢ ; ﻷﻥ ﺫﻟﻚ ﻟﻌﻠﺔ ﰲ ﺍﻟﺪﻣﺎﻍ ﻭﺍﻷﻧﻒ ﺻﺤﻴﺢ .
ﻭﺍﻟﺬﻱ ﳚﺐ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﺃﻭ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻫﻮ ﺍﳌﺎﺭﻥ , ﻭﻫﻮ ﻣﺎﻻﻥ ﻣﻨﻪ , ﺩﻭﻥ ﻗﺼﺒﺔ ﺍﻷﻧﻒ ; ﻷﻥ ﺫﻟﻚ ﺣﺪ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺇﻟﻴﻪ , ﻓﻬﻮ ﻛﺎﻟﻴﺪ , ﳚﺐ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻓﻴﻤﺎ ﺍﻧﺘﻬﻰ ﺇﱃ ﺍﻟﻜﻮﻉ . ﻭﺇﻥ ﻗﻄﻊ ﺍﻷﻧﻒ ﻛﻠﻪ ﻣﻊ ﺍﻟﻘﺼﺒﺔ , ﻓﻌﻠﻴﻪ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﰲ ﺍﳌﺎﺭﻥ , ﻭﺣﻜﻮﻣﺔ ﻟﻠﻘﺼﺒﺔ .
ﻭﺇﻥ ﻗﻄﻊ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﻧﻒ , ﻗﺪﺭ ﺑﺎﻷﺟﺰﺍﺀ , ﻭﺃﺧﺬ ﻣﻨﻪ ﺑﻘﺪﺭ ﺫﻟﻚ , ﻛﺎﻷﺫﻥ , ﻭﻻ ﻳﺆﺧﺬ ﺑﺎﳌﺴﺎﺣﺔ , ﻟﺌﻼ ﻳﻔﻀﻲ ﺇﱃ ﻗﻄﻊ ﲨﻴﻊ ﺃﻧﻒ ﺍﳉﺎﱐ ﻟﺼﻐﺮﻩ ﺑﺒﻌﺾ ﺃﻧﻒ ﺍﺠﲏ ﻋﻠﻴﻪ ﻟﻜﱪﻩ , ﻭﻳﺆﺧﺬ ﺍﳌﻨﺨﺮ ﺍﻷﳝﻦ ﺑﺎﻷﳝﻦ , ﻭﺍﻷﻳﺴﺮ ﺑﺎﻷﻳﺴﺮ , ﻭﻻ ﻳﺆﺧﺬ ﺃﳝﻦ ﺑﺄﻳﺴﺮ , ﻭﻻ ﺃﻳﺴﺮ ﺑﺄﳝﻦ , ﻭﻳﺆﺧﺬ ﺍﳊﺎﺟﺰ ﺑﺎﳊﺎﺟﺰ ; ﻷﻧﻪ ﳝﻜﻦ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻓﻴﻪ , ﻻﻧﺘﻬﺎﺋﻪ ﺇﱃ ﺣﺪ .
8- ﻭﻳﺆﺧﺬ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ :
إجماعاً ; ﻟﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ : { ﻭﺍﳉﺮﻭﺡ ﻗﺼﺎﺹ } . ﻭﻷﻥ ﻟﻪ ﺣﺪﺍ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺇﻟﻴﻪ , ﻭﳝﻜﻦ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﻏﲑ ﺣﻴﻒ , ﻓﻮﺟﺐ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ , ﻛﺎﻷﻧﻒ . ﻭﻳﺴﺘﻮﻱ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺫﻛﺮ ﺍﻟﺼﻐﲑ ﻭﺍﻟﻜﺒﲑ , ﻭﺍﻟﺸﻴﺦ ﻭﺍﻟﺸﺎﺏ , ﻭﺍﻟﺬﻛﺮ ﺍﻟﻜﺒﲑ ﻭﺍﻟﺼﻐﲑ , ﻭﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻭﺍﳌﺮﻳﺾ ; ﻷﻥ ﻣﺎ ﻭﺟﺐ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻣﻦ ﺍﻷﻃﺮﺍﻑ ﱂ ﳜﺘﻠﻒ ﻬﺬﻩ ﺍﳌﻌﺎﱐ , ﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺬﻛﺮ .
ﻭﺃﻣﺎ ﺫﻛﺮ ﺍﳋﺼﻲ ﻭﺍﻟﻌﻨﲔ , ﻓﻔﻲ ﺍﳌﺬﻫﺐ ﻭﺟﻬﺎﻥ
:
ﺍﻷﻭﻝ: ﺃﻥ ﻏﲑﳘﺎ ﻻ ﻳﺆﺧﺬ ﻬﻤﺎ . ﻭﻫﻮ ﻗﻮﻝ ﻣﺎﻟﻚ ; ﻷﻧﻪ ﻻ ﻣﻨﻔﻌﺔ ﻓﻴﻬﻤﺎ , ﻷﻥ ﺍﻟﻌﻨﲔ ﻻ ﻳﻄﺄ ﻭﻻ ﻳﱰﻝ , ﻭﺍﳋﺼﻲ ﻻ ﻳﻮﻟﺪ ﻟﻪ ﻭﻻ ﻳﱰﻝ , ﻭﻻ ﻳﻜﺎﺩ ﻳﻘﺪﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﻁﺀ , ﻓﻬﻤﺎ ﻛﺎﻷﺷﻞ , ﻭﻷﻥ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻧﺎﻗﺺ , ﻓﻼ ﻳﺆﺧﺬ ﺑﻪ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ , ﻛﺎﻟﻴﺪ ﺍﻟﻨﺎﻗﺼﺔ ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻠﺔ .
ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ: ﻳﺆﺧﺬ ﻏﲑﳘﺎ ﻬﻤﺎ. ﻭﻫﻮ ﻣﺬﻫﺐ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ; ﻷﻬﻤﺎ ﻋﻀﻮﺍﻥ ﺻﺤﻴﺤﺎﻥ , ﻳﻨﻘﺒﻀﺎﻥ ﻭﻳﻨﺒﺴﻄﺎﻥ, ﻭﺇﳕﺎ ﻋﺪﻡ ﺍﻹﻧﺰﺍﻝ ﻟﺬﻫﺎﺏ ﺍﳋﺼﻴﺔ , ﻭﺍﻟﻌﻨﺔ ﻟﻌﻠﺔ ﰲ ﺍﻟﻈﻬﺮ , ﻓﻠﻢ ﳝﻨﻊ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻬﻤﺎ , ﻛﺄﺫﻥ ﺍﻷﺻﻢ ﻭﺃﻧﻒ ﺍﻷﺧﺸﻢ .
ﻭﻳﺆﺧﺬ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﳋﺼﻲ ﻭﺍﻟﻌﻨﲔ ﲟﺜﻠﻪ ; ﻟﺘﺴﺎﻭﻳﻬﻤﺎ.
ﻭﻳﺆﺧﺬ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﺑﺒﻌﻀﻪ , ﻭﻳﻌﺘﱪ ﺫﻟﻚ ﺑﺎﻷﺟﺰﺍﺀ ﺩﻭﻥ ﺍﳌﺴﺎﺣﺔ , ﻓﻴﺆﺧﺬ ﺍﻟﻨﺼﻒ ﺑﺎﻟﻨﺼﻒ , ﻭﺍﻟﺮﺑﻊ ﺑﺎﻟﺮﺑﻊ , ﻭﻣﺎ ﺯﺍﺩ ﺃﻭ ﻧﻘﺺ ﻓﺒﺤﺴﺐ ﺫﻟﻚ , ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﰲ ﺍﻷﻧﻒ ﻭﺍﻷﺫﻥ.
9- ﻭﺍﻷﻧﺜﻴﺎﻥ ﺑﺎﻷﻧﺜﻴﲔ :
ﺑﻐﲑ ﺧﻼﻑ ﺑﲔ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ; ﻟﻠﻨﺺ ﻭﺍﳌﻌﲎ . ﻓﺈﻥ ﻗﻄﻊ ﺇﺣﺪﺍﳘﺎ , ﻭﻗﺎﻝ ﺃﻫﻞ ﺍﳋﱪﺓ , ﺇﻧﻪ ﳑﻜﻦ ﺃﺧﺬﻫﺎ ﻣﻊ ﺳﻼﻣﺔ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺟﺎﺯ . ﻓﺈﻥ ﻗﺎﻟﻮﺍ : ﻻ ﻳﺆﻣﻦ ﺗﻠﻒ ﺍﻷﺧﺮﻯ . ﱂ ﺗﺆﺧﺬ ﺧﺸﻴﺔ ﺍﳊﻴﻒ , ﻭﻳﻜﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﻧﺼﻒ ﺍﻟﺪﻳﺔ . ﻭﺇﻥ ﺃﻣﻦ ﺗﻠﻒ ﺍﻷﺧﺮﻯ , ﺃﺧﺬﺕ ﺍﻟﻴﻤﲎ ﺑﺎﻟﻴﻤﲎ , ﻭﺍﻟﻴﺴﺮﻯ ﺑﺎﻟﻴﺴﺮﻯ
10- ﻭﰲ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﰲ ﺷﻔﺮﻱ ﺍﳌﺮﺃﺓ
ﻭﺟﻬﺎﻥ ﰲ ﺍﳌﺬﻫﺐ ; ﺃﺻﺤﻬﻤﺎ: ﻓﻴﻬﻤﺎ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ; ﻷﻥ ﺍﻧﺘﻬﺎﺀﳘﺎ ﻣﻌﺮﻭﻑ , ﻓﺄﺷﺒﻬﺎ ﺍﻟﺸﻔﺘﲔ ﻭﺟﻔﲏ ﺍﻟﻌﲔ. ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ : ﻻ ﻗﺼﺎﺹ ﻓﻴﻬﻤﺎ ; ﻷﻧﻪ ﳊﻢ ﻻ ﻣﻔﺼﻞ ﻟﻪ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺇﻟﻴﻪ , ﻓﻠﻢ ﳚﺐ ﻓﻴﻪ ﻗﺼﺎﺹ , ﻛﻠﺤﻢ ﺍﻟﻔﺨﺬﻳﻦ
11- ﻭﺍﻷﻟﻴﺔ ﺑﺎﻷﻟﻴﺔ:

ﰲ ﻇﺎﻫﺮ ﺍﳌﺬﻫﺐ ، ﻟﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ : { ﻭﺍﳉﺮﻭﺡ ﻗﺼﺎﺹ } . ﻭﻷﻥ ﳍﻤﺎ ﺣﺪﺍ ﻳﻨﺘﻬﻴﺎﻥ ﺇﻟﻴﻪ.
12- ﻭﺗﺆﺧﺬ ﺍﻟﻴﺪ ﺑﺎﻟﻴﺪ :
ﺑﺈﲨﺎﻉ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ، ﻟﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ : " ﻭﺍﳉﺮﻭﺡ ﻗﺼﺎﺹ "
ﻭﳏﻞ ﺫﻟﻚ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻘﻄﻊ ﻣﻦ ﻣﻔﺼﻞ ، ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻗﻄﻊ ﺍﻷﺻﺎﺑﻊ ﻣﻦ ﻣﻔﺎﺻﻠﻬﺎ , ﺃﻭ ﻗﻄﻊ ﻳﺪﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻮﻉ , ﺃﻭ ﻣﻦ ﺍﳌﺮﻓﻖ ، ﺃﻭ ﻣﻦ ﺍﳌﻨﻜﺐ ، ﻓﻠﻪ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﰲ ﲨﻴﻊ ﺫﻟﻚ .
ﺃﻣﺎ ﺇﻥ ﺧﻠﻊ ﻋﻈﻢ ﺍﳌﻨﻜﺐ -ﻭﻳﻘﺎﻝ ﻟﻪ : ﻣﺸﻂ ﺍﻟﻜﺘﻒ - ﻓﲑﺟﻊ ﻓﻴﻪ ﺇﱃ ﺍﺛﻨﲔ ﻣﻦ ﺛﻘﺎﺕ ﺃﻫﻞ ﺍﳋﱪﺓ , ﻓﺈﻥ ﻗﺎﻟﻮﺍ : ﳝﻜﻦ ﺍﻻﺳﺘﻴﻔﺎﺀ ﻣﻦ ﻏﲑ ﺃﻥ ﺗﺼﲑ ﺟﺎﺋﻔﺔ ﺍﺳﺘﻮﰲ , ﻭﺇﻻ ﺻﺎﺭ ﺍﻷﻣﺮ ﺇﱃ ﺍﻟﺪﻳﺔ.
13- ﻭﺗﺆﺧﺬ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺑﺎﻟﺮﺟﻞ :
ﺑﺈﲨﺎﻉ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ، ﻭﻫﻲ ﰲ ﺃﺣﻜﺎﻣﻬﺎ ﻛﺎﻟﻴﺪ, ﻭﺍﻟﺴﺎﻕ ﻛﺎﻟﺬﺭﺍﻉ , ﻭﺍﻟﻔﺨﺬ ﻛﺎﻟﻌﻀﺪ , ﻭﺍﻟﻮﺭﻙ ﻛﻌﻈﻢ ﺍﻟﻜﺘﻒ , ﻭﺍﻟﻘﺪﻡ ﻛﺎﻟﻜﻒ.
ﻣﺴﺄﻟﺘﺎﻥ :
ﺍﻷﻭﱃ:
ﺇﺫﺍ ﺃﻣﻜﻦ ﺍﺳﺘﻴﻔﺎﺀ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻣﻦ ﻣﻮﺿﻊ ﻓﻠﻴﺲ ﻟﻠﻤﺠﲏ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﻮﰲ ﻣﻦ ﻣﻮﺿﻊ ﺩﻭﻧﻪ ، ﻭﻟﻮ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻄﺮﻓﺎﻥ ﺑﺬﻟﻚ ، ﺳﻮﺍﺀ ﺃﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺑﺄﺭﺵ ﻳﺪﻓﻌﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﺒﺎﻗﻲ ﺃﻡ ﺑﺪﻭﻥ ﺃﺭﺵ ، ﻷﻧﻪ ﻏﲑ ﳏﻞ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ ، ﻓﻼ ﻳﺴﺘﻮﰲ ﻣﻨﻪ ﻣﻊ ﺇﻣﻜﺎﻥ ﺍﻻﺳﺘﻴﻔﺎﺀ ﻣﻦ ﳏﻠﻬﺎ. ﻓﻠﻮ ﻗﻄﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻮﻉ ﻓﻠﻴﺲ ﻟﻪ ﻗﻄﻊ ﺍﻷﺻﺎﺑﻊ ، ﻭﻟﻮ ﻗﻄﻊ ﻣﻦ ﺍﳌﺮﻓﻖ ﻓﻠﻴﺲ ﻟﻪ ﺍﻟﻘﻄﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻮﻉ ﺃﻭ ﻣﻦ ﺍﻷﺻﺎﺑﻊ . ﻭﻫﻜﺬﺍ ﰲ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﻷﻋﻀﺎﺀ.
ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ :
ﺇﺫﺍ ﺗﻌﺬﺭ ﺍﺳﺘﻴﻔﺎﺀ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﰲ ﻣﻮﺿﻊ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ ﻟﻌﺪﻡ ﺍﻷﻣﻦ ﻣﻦ ﺍﳊﻴﻒ ﻓﻬﻞ ﻟﻪ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﻮﰲ ﺩﻭﻥ ﺣﻘﻪ ؟
ﻳﻔﺮﻕ ﺑﲔ ﺣﺎﻟﺘﲔ:
ﺍﳊﺎﻝ ﺍﻷﻭﱃ:

ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻳﻀﻊ ﺍﻟﺴﻜﲔ ﰲ ﻣﻮﺿﻊ ﻭﺿﻌﻬﺎ ﺍﳉﺎﱐ ﻓﻴﻪ ، ﻓﻠﻪ ﺃﻥ ﻳﻘﺘﺺ قولاً واحداً ﰲ ﺍﳌﺬﻫﺐ.
ﻭﻫﻞ ﻟﻪ ﺃﺭﺵ ﺍﻟﺒﺎﻗﻲ؟
ﻭﺟﻬﺎﻥ ﰲ ﺍﳌﺬﻫﺐ :
ﺃﺣﺪﳘﺎ : ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﺫﻟﻚ . ﻭﻫﻮ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﺃﰊ ﺑﻜﺮ ﻋﺒﺪﺍﻟﻌﺰﻳﺰ .
ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ – ﻭﻫﻮ ﺍﳌﺬﻫﺐ-: ﻟﻪ ﺫﻟﻚ , ﺍﺧﺘﺎﺭﻩ ﺍﺑﻦ ﺣﺎﻣﺪ , ﻭﻫﻮ ﻣﺬﻫﺐ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ.
ﺍﳊﺎﻝ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ:
ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻳﻀﻊ ﺍﻟﺴﻜﲔ ﰲ ﻏﲑ ﺍﳌﻮﺿﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺿﻌﻬﺎ ﺍﳉﺎﱐ ﻓﻴﻪ ﻓﻔﻴﻪ ﻭﺟﻬﺎﻥ:
ﺍﻷﻭﻝ: ﻭﻫﻮ ﺍﳌﺬﻫﺐ -: ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ; ﻷﻧﻪ ﻳﻘﺘﺺ ﻣﻦ ﻏﲑ ﻣﻮﺿﻊ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ , ﻓﻠﻢ ﳚﺰ , ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻘﻄﻊ ﻣﻦ ﻣﻔﺼﻞ.ﻭﻫﻮ ﻗﻮﻝ ﺃﰊ ﺑﻜﺮ.
ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ : ﻟﻪ ﺫﻟﻚ ; ﻷﻧﻪ ﻳﺄﺧﺬ ﺩﻭﻥ ﺣﻘﻪ ﻟﻌﺠﺰﻩ ﻋﻦ ﺍﺳﺘﻴﻔﺎﺀ ﺣﻘﻪ. ﻭﻫﺬﺍ ﻗﻮﻝ ﺍﺑﻦ ﺣﺎﻣﺪ ، ﻭﻣﺬﻫﺐ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ. ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ؛ ﻷﻧﻪ ﺃﻗﺮﺏ ﺇﱃ ﲢﻘﻴﻖ ﺍﳌﻤﺎﺛﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻷﻭﻝ.
ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺇﺫﺍ ﺍﻗﺘﺺ ﻓﻬﻞ ﻟﻪ ﺃﺭﺵ ﺍﻟﺒﺎﻗﻲ ؟
ﻭﺟﻬﺎﻥ ﰲ ﺍﳌﺬﻫﺐ أيضاً:
ﺍﻷﻭﻝ : ﻟﻪ ﺃﺭﺵ ﺍﻟﺒﺎﻗﻲ ، ﻷﻧﻪ ﺣﻖ ﻟﻪ ﺗﻌﺬﺭ ﺍﺳﺘﻴﻔﺎﺅﻩ . ﻭﻫﻮ ﻗﻮﻝ ﺍﺑﻦ ﺣﺎﻣﺪ ﻭﻣﺬﻫﺐ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ.
ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ: ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﺫﻟﻚ ; ﻷﻧﻪ ﳚﻤﻊ ﺑﲔ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻭﺍﻷﺭﺵ ﰲ ﻋﻀﻮ ﻭﺍﺣﺪ.
-----------------------
ﻣﺜﺎﻝ ﺍﳊﺎﻝ ﺍﻷﻭﱃ:
ﻟﻮ ﺷﺠﻪ ﻓﻮﻕ ﺍﳌﻮﺿﺤﺔ , ﻓﺄﺣﺐ ﺃﻥ ﻳﻘﺘﺺ ﻣﻮﺿﺤﺔ , ﺟﺎﺯ ﺫﻟﻚ ﺑﻐﲑ ﺧﻼﻑ ﺑﲔ ﺍﻷﺻﺤﺎﺏ . ﻭﻫﻮ ﻣﺬﻫﺐ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ; ﻷﻧﻪ ﻳﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﺣﻘﻪ , ﻭﻳﻘﺘﺺ ﻣﻦ ﳏﻞ ﺟﻨﺎﻳﺘﻪ , ﻓﺈﻧﻪ ﺇﳕﺎ ﻳﻀﻊ ﺍﻟﺴﻜﲔ ﰲ ﻣﻮﺿﻊ ﻭﺿﻌﻬﺎ ﺍﳉﺎﱐ ; ﻷﻥ ﺳﻜﲔ ﺍﳉﺎﱐ ﻭﺻﻠﺖ ﺇﱃ ﺍﻟﻌﻈﻢ , ﰒ ﲡﺎﻭﺯﺗﻪ , ﲞﻼﻑ ﻗﺎﻃﻊ ﺍﻟﺴﺎﻋﺪ , ﻓﺈﻧﻪ ﱂ ﻳﻀﻊ ﺳﻜﻴﻨﻪ ﰲ ﺍﻟﻜﻮﻉ . ﻭﻫﻞ ﻟﻪ ﺃﺭﺵ ﻣﺎ ﺯﺍﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻮﺿﺤﺔ ؟ ﻓﻴﻪ ﻭﺟﻬﺎﻥ : ﺃﺣﺪﳘﺎ : ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﺫﻟﻚ . ﻭﻫﻮ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﺃﰊ ﺑﻜﺮ . ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ : ﻟﻪ ﺃﺭﺵ ﻣﺎ ﺯﺍﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻮﺿﺤﺔ , ﺍﺧﺘﺎﺭﻩ ﺍﺑﻦ ﺣﺎﻣﺪ , ﻭﻫﻮ ﻣﺬﻫﺐ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ; ﻷﻧﻪ ﺗﻌﺬﺭ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻓﻴﻪ , ﻓﺎﻧﺘﻘﻞ ﺇﱃ ﺍﻟﺒﺪﻝ.
ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﻓﺈﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ ﻫﺎﴰﺔ ، ﻓﻠﻪ ﺃﻥ ﻳﻘﺘﺺ ﻣﻮﺿﺤﺔ ﺯﺍﺋﺪﺍ ﲬﺲ ﻣﻦ ﺍﻻﺑﻞ
= = = ﻣﻨﻘﻠﺔ ، = = = = = = = = = = ﻋﺸﺮ ﻣﻦ ﺍﻻﺑﻞ
= = = ﻣﺄﻣﻮﻣﻪ ، = = = = = = = = = = = ﲦﺎﻧﻴﺔ ﻭﻋﺸﺮﻳﻦ ﻭﺛﻠﺚ.
(ملاحظة:
ﺩﻳﺔ ﺍﳌﻮﺿﺤﻪ : 5 ﺃﺑﻌﺮﺓ
ﺩﻳﺔ ﺍﳍﺎﴰﺔ : 10 ﺃﺑﻌﺮﺓ
ﺩﻳﺔ ﺍﳌﻨﻘﻠﺔ : 15 ﺑ ﻌ ﲑ ﺍﹰ
ﺩﻳﺔ ﺍﳌﺄﻣﻮﻣﻪ 33ﻭﺛﻠﺚ ﺑﻌﲑ)
-----------------------
ﻭﻣﻦ ﺃﻣﺜﻠﺔ ﺍﳊﺎﻝ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ:
ﻟﻮ ﻗﻄﻊ ﺍﻷﻧﻒ ﻛﻠﻪ ﻣﻊ ﺍﻟﻘﺼﺒﺔ , ﺃﻭ ﻗﻄﻊ ﻳﺪﻩ ﻣﻦ ﻧﺼﻒ ﺍﻟﻜﻒ ﺃﻭ ﺍﻟﺴﺎﻋﺪ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﻀﺪ ، ﺃﻭ ﻗﻄﻊ ﺭﺟﻠﻪ ﻣﻦ ﻧﺼﻒ ﺍﻟﻘﺪﻡ ﺃﻭ ﺍﻟﺴﺎﻕ ﺃﻭ ﺍﻟﻮﺭﻙ ، ﻓﻼ ﻗﺼﺎﺹ ﰲ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﻮﺟﻬﲔ . ﻭﻫﻮ ﺍﳌﺬﻫﺐ. ﻭﰲ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻵﺧﺮ : ﻳﻘﺘﺺ ﻣﻦ ﺣﺪ ﺍﳌﺎﺭﻥ , ﻭﻣﻦ ﺍﻷﺻﺎﺑﻊ
ﻭﺍﻟﻜﻮﻉ ﻭﺍﳌﺮﻓﻖ , ﻭﺃﺻﺎﺑﻊ ﺍﻟﻘﺪﻡ ﻭﺍﻟﻜﻌﺐ ﻭﺍﻟﺮﻛﺒﺔ. ﻭﻫﻞ ﳚﺐ ﻟﻪ ﺃﺭﺵ ﺍﻟﺒﺎﻗﻲ ؟ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻬﲔ أيضاً:
ﺃﺣﺪﳘﺎ : ﻻ ﳚﺐ ﻟﻪ ﺃﺭﺵ ,ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺰﺭﻛﺸﻲ : ﻫﺬﺍ ﺃﺷﻬﺮ ﺍﻟﻮﺟﻬﲔ.
ﻭﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﺜﺎﱐ : ﻟﻪ ﺍﻷﺭﺵ , ﺍﺧﺘﺎﺭﻩ ﺍﺑﻦ ﺣﺎﻣﺪ .
ﺗﻨﺒﻴﻪ : ﻗﺎﻝ ﰲ ﺍﻹﻧﺼﺎﻑ : " ﺍﳋﻼﻑ ﰲ ﻭﺟﻮﺏ ﺍﻷﺭﺵ ﻫﻨﺎ ﻳﻌﻮﺩ ﻋﻠﻰ ﻛﻼ ﺍﻟﻮﺟﻬﲔ . ﻳﻌﲏ ﺳﻮﺍﺀ ﻗﻴﻞ : ﻳﻘﺘﺺ , ﺃﻭ ﻻ ﻳﻘﺘﺺ . ﻗﺎﻝ ﰲ ﺍﻟﻔﺮﻭﻉ : ﻭﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ﰲ ﺃﺭﺵ ﺍﻟﺒﺎﻗﻲ -ﻭﻟﻮ ﺧﻄﺄ- : ﻭﺟﻬﺎﻥ ".ﺍﻫـ.
ﻭﺍﳌﺬﻫﺐ : ﻋﺪﻡ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻭﻋﺪﻡ ﻭﺟﻮﺏ ﺍﻷﺭﺵ ﰲ ﺍﻟﺰﺍﺋﺪ ، ﺑﻞ ﲡﺐ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻓﻘﻂ ، ﻗﺎﻝ ﰲ ﻛﺸﺎﻑ ﺍﻟﻘﻨﺎﻉ : " ﻓﺈﻥ ﻗﻄﻊ ﺍﻟﻘﺼﺒﺔ - ﺃﻱ ﻗﺼﺒﺔ ﺍﻷﻧﻒ - ﺃﻭ ﻗﻄﻊ ﻣﻦ ﻧﺼﻒ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺎﻋﺪ ﺃﻭ ﺍﻟﻜﻒ ﺃﻭ ﺍﻟﺴﺎﻕ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﻀﺪ ﺃﻭ ﺍﻟﻮﺭﻙ ﺃﻭ ﻗﻄﻊ ﻳﺪﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻮﻉ ﰒ ﺗﺂﻛﻠﺖ ﺇﱃ ﻧﺼﻒ ﺍﻟﺬﺭﺍﻉ ﻓﻼ ﻗﺼﺎﺹ , ﻭﻟﻪ ﺍﻟﺪﻳﺔ ، ﻭﻻ ﺃﺭﺵ ﻟﻠﺒﺎﻗﻲ ، ﺃﻱ ﻻ ﳚﺐ ﺳﻮﻯ ﺩﻳﺔ ﻳﺪ ﺃﻭ ﺭﺟﻞ ﻟﺌﻼ ﳚﻤﻊ ﰲ ﻋﻀﻮ ﻭﺍﺣﺪ ﺑﲔ ﺩﻳﺔ ﻭﺣﻜﻮﻣﺔ" .ﺍﻫـ
ﻭﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﰲ ﲨﻴﻊ ﻣﺎ ﺗﻘﺪﻡ ﺃﻥ ﻟﻪ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ، ﻭﻟﻪ ﺃﺭﺵ ﺍﻟﺰﺍﺋﺪ ﻷﻥ ﺫﻟﻚ ﺃﻗﺮﺏ ﺇﱃ ﲢﻘﻴﻖ ﺍﳌﻤﺎﺛﻠﺔ ، ﻭﺍﷲ ﺃﻋﻠﻢ.


ﺷﺮﻭﻁ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﰲ ﺍﻷﻃﺮﺍﻑ (تابع) :
ﺍﻟﺸﺮﻁ ﺍﻟﺜﺎﱐ: ﺍﳌﻤﺎﺛﻠﺔ ﰲ ﺍﻻﺳﻢ ﻭﺍﳌﻮﺿﻊ :
ﻓﻼ ﺗﺆﺧﺬ ﳝﲔ ﺑﻴﺴﺎﺭ ﻭﻻ ﻳﺴﺎﺭ ﺑﻴﻤﲔ ، ﻭﻻ ﺧﻨﺼﺮ ﺑﺒﻨﺼﺮ ﻭﻻ ﺧﻨﺼﺮ ﻳﺴﺮﻯ ﲞﻨﺼﺮ ﳝﲎ ، ﻭﻻ ﺃﺻﻠﻰ ﺑﺰﺍﺋﺪ ﻭﻻ ﺯﺍﺋﺪ ﺑﺄﺻﻠﻲ ، ﻭﻻ ﺗﺆﺧﺬ ﺍﻟﺸﻔﺔ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ ﺑﺎﻟﺴﻔﻠﻰ ﻭﻻ ﺍﳉﻔﻦ ﺍﻷﻋﻠﻰ ﺑﺎﻷﺳﻔﻞ. ﻭﰲ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺗﻘﺪﻡ ﻻ ﻗﺼﺎﺹ ﻭﻟﻮ ﺗﺮﺍﺿﻴﺎ ﻟﻌﺪﻡ ﺍﳌﻤﺎﺛﻠﺔ ، ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﻗﻮﻝ ﺃﻛﺜﺮ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ.
ﻭﺣﻜﻲ ﻋﻦ ﺍﺑﻦ ﺳﲑﻳﻦ ﻭﺷﺮﻳﻚ ﻣﺸﺮﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻻﺳﺘﻮﺍﺋﻬﻤﺎ ﰲ ﺍﳋﻠﻘﺔ ﻭﺍﳌﻨﻔﻌﺔ ، ﻭﻫﻮ ﻗﻮﻝ ﺿﻌﻴﻒ ﻻﻧﺘﻔﺎﺀ ﺍﳌﻤﺎﺛﻠﺔ ، ﻭﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﰲ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﺍﳌﻤﺎﺛﻠﺔ.
------------------------
ﺍﻟﺸﺮﻁ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ : ﺍﺳﺘﻮﺍﺀ ﺍﻟﻄﺮﻓﲔ ﰲ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﻭﺍﻟﻜﻤﺎﻝ :
ﻓﻼ ﺗﺆﺧﺬ ﻳﺪ ﺃﻭ ﺭﺟﻞ ﺻﺤﻴﺤﺔ ﺑﻴﺪ ﺃﻭ ﺭﺟﻞ ﺷﻼﺀ ﻭﻻ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﺍﻻﺻﺎﺑﻊ ﺑﻨﺎﻗﺼﺘﻬﺎ ﻭﻻ ﺗﺆﺧﺬ ﻋﲔ ﺻﺤﻴﺤﺔ ﺑﻌﲔ ﻗﺎﺋﻤﺔ ( ﻭﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﺑﻴﺎﺿﻬﺎ ﻭﺳﻮﺍﺩﻫﺎ ﺻﺎﻓﻴﺎﻥ ﻏﲑ ﺃﻥ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ ﻻ ﻳﺒﺼﺮ ) ﻭﻻ ﻟﺴﺎﻥ ﻧﺎﻃﻖ ﺑﺄﺧﺮﺱ ، ﻭﻻ ﺫﻛﺮ ﺻﺤﻴﺢ ﺑﺄﺷﻞ ،ﻭﻟﻮ ﺗﺮﺍﺿﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ؛ ﻟﻨﻘﺺ ﺫﻟﻚ ، ﻭﻷﻥ ﺍﻟﺪﻣﺎﺀ ﻻ ﺗﺴﺘﺒﺎﺡ ﺑﺎﻹﺑﺎﺣﺔ ﻭﺍﻟﺒﺬﻝ. ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﻗﻮﻝ ﻋﺎﻣﺔ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ .
ﻭﺣﻜﻲ ﻋﻦ ﺩﺍﻭﺩ ﺃﻧﻪ ﺃﻭﺟﺐ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﰲ ﺫﻟﻚ ; ﻷﻥ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻣﺴﻤﻰ ﺑﺎﺳﻢ ﺻﺎﺣﺒﻪ , ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺿﻌﻴﻒ ، ﻻﻧﺘﻔﺎﺀ ﺍﳌﻤﺎﺛﻠﺔ ، ﻭﻷﻥ ﺍﻟﺸﻼﺀ ﻻ ﻧﻔﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﺳﻮﻯ ﺍﳉﻤﺎﻝ , ﻓﻼ ﻳﺆﺧﺬ ﻬﺎ ﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﻧﻔﻊ.
ﻭﻳﺸﺮﻉ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﰲ ﻋﻜﺲ ﺫﻟﻚ:
ﻓﻴﺆﺧﺬ ﺍﳌﻌﻴﺐ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻛﻠﻪ ﺑﺎﻟﺼﺤﻴﺢ ، ﻓﺘﺆﺧﺬ ﺍﻟﺸﻼﺀ ﻭﻧﺎﻗﺼﺔ ﺍﻷﺻﺎﺑﻊ ﻭﺍﻟﻌﲔ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﺑﺎﻟﺼﺤﻴﺤﺔ ، ﺇﺫﺍ ﺃﻣﻦ ﻣﻦ ﻗﻄﻊ ﺍﻟﺸﻼﺀ ﺍﻟﺘﻠﻒ.
ﻭﻫﻞ ﻟﻪ – ﻣﻊ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ- ﺍﻷﺭﺵ ؟
ﻭﺟﻬﺎﻥ ﰲ ﺍﳌﺬﻫﺐ:
ﺍﻷﻭﻝ: – ﻭﻫﻮ ﺍﳌﺬﻫﺐ-: ﻻ ﺃﺭﺵ ﻟﻪ ؛ ﻷﻥ ﺍﳌﻌﻴﺐ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻛﺎﻟﺼﺤﻴﺢ ﰲ ﺍﳋﻠﻘﺔ ﻭﺇﳕﺎ ﻧﻘﺺ ﰲ ﺍﻟﺼﻔﺔ .
ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ: ﻟﻪ ﺍﻷﺭﺵ ، ﻭﻫﻮ ﻗﻮﻝ ﺃﰊ ﺍﳋﻄﺎﺏ ، ﻷﻧﻪ ﺃﺧﺬ ﺍﻟﻨﺎﻗﺺ ﺑﺎﻟﺰﺍﺋﺪ. ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺃﺻﺢ.
---------------------------

ﻣﺴﺎﺋﻞ:
ﺍﻷﻭﱃ: ﺗﺆﺧﺬ ﺃﺫﻥ ﲰﻴﻊ ﺑﺄﺫﻥ ﺃﺻﻢ ﺷﻼﺀ ، ﻭﻣﺎﺭﻥ ﺍﻷﺷﻢ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﲟﺎﺭﻥ ﺍﻷﺧﺸﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﳚﺪ ﺭﺍﺋﺤﺔ ، ﻷﻥ ﺫﻟﻚ ﻻ ﻟﻌﻠﺔ ﰲ ﺍﻟﻌﻀﻮ ﻭﺇﳕﺎ ﻟﻌﻠﺔ ﺍﻟﺪﻣﺎﻍ.
ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ: ﻳﺆﺧﺬ ﺍﻟﻄﺮﻑ ﺍﳌﻌﻴﺐ ﲟﺜﻠﻪ ﻓﺘﺆﺧﺬ ﺍﻟﺸﻼﺀ ﺑﺎﻟﺸﻼﺀ ﻭﺍﻟﻨﺎﻗﺼﺔ ﺑﺎﻟﻨﺎﻗﺼﺔ.
ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ: ﺇﻥ ﻗﻄﻊ ﺑﻌﺾ ﻟﺴﺎﻧﻪ ﺃﻭ ﻣﺎﺭﻧﻪ ﺃﻭ ﺷﻔﺘﻪ ﺃﻭ ﺣﺸﻔﺘﻪ ﺃﻭ ﺃﺫﻧﻪ ﺃﻭ ﺳﻨﻪ ، ﺃﺧﺬ ﻣﺜﻠﻪ ، ﻳﻘﺪﺭ ﺑﺎﻷﺟﺰﺍﺀ ﻛﺎﻟﻨﺼﻒ ﻭﺍﻟﺜﻠﺚ ﻭﺍﻟﺮﺑﻊ، ﻭﻻ ﻳﺆﺧﺬ ﺑﺎﳌﺴﺎﺣﺔ ؛ ﻷﻧﻪ ﻳﻔﻀﻲ ﺇﱃ ﺃﺧﺬ ﻋﻀﻮ ﺍﳉﺎﱐ ﲨﻴﻌﻪ ﺑﺒﻌﺾ ﻋﻀﻮ ﺍﺠﲏ ﻋﻠﻴﻪ.
ﺛﺎﻧﻴﺎ : ﺷﺮﻭﻁ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﰲ ﺍﳉﺮﺍﺡ:
* ﺍﳉﺮﺍﺡ ﺍﻟﱵ ﺗﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﻭﺍﻟﺮﺃﺱ ﺗﺴﻤﻰ ﺷﺠﺎﺟﺎ.
ﺍﻷﺻﻞ ﰲ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﰲ ﺍﳉﺮﺍﺡ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ: " ﻭﺍﳉﺮﻭﺡ ﻗﺼﺎﺹ " .
ﻭﻳﺸﺘﺮﻁ ﻟﻠﻘﺼﺎﺹ ﰲ ﺍﳉﺮﺍﺡ -( ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﰲ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ )- ﺷﺮﻁ ﻭﺍﺣﺪ ﻭﻫﻮ :
(ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳉﺮﺡ ﻣﻨﺘﻬﻴﺎﹰ ﺍﱃ ﻋﻈﻢ)
ﻫﺬﺍ ﻣﺎﺫﻛﺮﻩ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ؛ ﻹﻣﻜﺎﻥ ﺍﻻﺳﺘﻴﻔﺎﺀ ﻣﻦ ﻏﲑ ﺣﻴﻒ ﻭﻻ ﺯﻳﺎﺩﺓ.
ﻭﳍﺬﺍ ﻗﺎﻟﻮﺍ :
ﻳﻘﺘﺺ ﰲ ﺍﳌﻮﺿﺤﺔ - ﻭﻫﻲ ﻛﻞ ﺟﺮﺡ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺇﱃ ﻋﻈﻢ ﰲ ﺍﻟﺮﺃﺱ ﻭﺍﻟﻮﺟﻪ- ﺑﺈﲨﺎﻉ ﺍﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ .
ﻭﰲ ﻣﻌﲎ ﺍﳌﻮﺿﺤﺔ : ﻛﻞ ﺟﺮﺡ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺇﱃ ﻋﻈﻢ ﻓﻴﻤﺎ ﺳﻮﻯ ﺍﻟﺮﺃﺱ ﻭﺍﻟﻮﺟﻪ ، ﻛﺠﺮﺡ ﺍﻟﺴﺎﻋﺪ ، ﻭﺍﻟﻌﻀﺪ ، ﻭﺍﻟﺴﺎﻕ ، ﻭﺍﻟﻔﺨﺬ ، ﻭﺍﻟﻘﺪﻡ ، ﺇﺫﺍ ﺑﻠﻎ ﺍﳉﺮﺡ ﺍﱃ ﺍﻟﻌﻈﻢ .
ﻗﺎﻟﻮﺍ : ﻭﻓﻴﻤﺎ ﻋﺪﺍ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺠﺎﺝ ﻭﺍﳉﺮﻭﺡ ﻓﻼ ﻗﺼﺎﺹ ﻓﻴﻬﺎ ﺳﻮﺍﺀ ﱂ ﺗﺼﻞ ﺍﻟﻌﻈﻢ ، ﺃﻭ ﲡﺎﻭﺯﺕ ﺍﻟﻌﻈﻢ ﻓﻜﺴﺮﺗﻪ ﺃﻭﻧﻘﻠﺘﻪ .
ﻓﻌﻠﻰ ﺭﺃﻱ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ﻻ ﻗﺼﺎﺹ ﰲ ﺍﻟﺸﺠﺎﺝ ﻭﺍﳉﺮﺍﺡ ﺍﻵﺗﻴﺔ:
1- ﲨﻴﻊ ﺍﻟﺸﺠﺎﺡ ﺍﻟﱵ ﺩﻭﻥ ﺍﳌﻮﺿﺤﺔ :ﻛﺎﻟﺪﺍﻣﻴﺔ ﻭﺍﻟﺒﺎﺿﻌﺔ ﻭﺍﻟﺴﻤﺤﺎﻕ ، خلافاً ﳌﺎﻟﻚ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ، ﻓﺈﻧﻪ ﺃﻭﺟﺐ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻓﻴﻤﺎ ﺩﻭﻥ ﺍﳌﻮﺿﺤﺔ.
2- ﻭﻻ ﰲ ﺍﻟﺸﺠﺎﺝ ﺍﻟﱵ ﻓﻮﻕ ﺍﳌﻮﺿﺤﺔ : ( ﻭﻫﻲ ﺍﳍﺎﴰﺔ –ﻭﻫﻲ ﺍﻟﱵ تهشم ﺍﻟﻌﻈﻢ- ، ﻭﺍﳌﻨﻘﻠﺔ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﺗﻨﻘﻞ ﺍﻟﻌﻈﻢ ﻣﻦ ﻣﻜﺎﻧﻪ، ﻭﺍﳌﺄﻣﻮﻣﺔ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﺗﺼﻞ ﺍﱃ ﺟﻠﺪ ﺍﻟﺪﻣﺎﻍ) , ﺇﻻ ﻣﺎ ﻳﺮﻭﻯ ﻋﻦ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺰﺑﲑ ﺃﻧﻪ ﺃﻗﺺ ﻣﻦ ﺍﳌﺄﻣﻮﻣﺔ.
3- ﻭﻻ ﰲ ﺍﳉﺎﺋﻔﺔ : ﻭﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﺗﻨﻔﺬ ﺍﱃ ﺍﳉﻮﻑ ، ﻛﺒﻄﻦ ﻭﺻﺪﺭ ﻭﺛﻐﺮ ﻭﳓﺮ ﻭﺧﺎﺻﺮﺓ .
ﻭﺍﻟﻌﻠﺔ ﰲ ﺫﻟﻚ : ﻋﺪﻡ ﺍﻷﻣﻦ ﻣﻦ ﺍﳊﻴﻒ ﻭﺍﻟﺰﻳﺎﺩﺓ ﻭﳌﺎ ﺭﻭﻯ ﺍﺑﻦ ﻣﺎﺟﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ (( ﻻ ﻗﻮﺩ ﰲ ﺍﳌﺄﻣﻮﻣﺔ ﻭﻻ ﰲ ﺍﳉﺎﺋﻔﺔ ﻭﻻ ﰲ ﺍﳌﻨﻘﻠﺔ )).ﻭﻫﻮ ﺣﺪﻳﺚ ﺿﻌﻴﻒ.
4- ﻭﻻ ﰲ ﺍﻟﻜﺴﻮﺭ ﻏﲑ ﻛﺴﻦ ﺳﻦ : ﻟﻌﺪﻡ ﺍﻷﻣﻦ ﻣﻦ ﺍﳊﻴﻒ ﰲ ﺍﻟﻜﺴﻮﺭ.
ﻭﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺣﺰﻡ : ﳚﺐ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﰲ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﳉﺮﻭﺡ ﻭﺍﻟﺸﺠﺎﺝ ، تمسكاً ﺑﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ: { ﻭﺍﳉﺮﻭﺡ ﻗﺼﺎﺹ }.
ﻭﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻛﻠﻪ :
ﺃﻧﻪ ﳚﺐ ﺍﻟﻘﻮﺩ ﰲ ﻛﻞ ﺍﻟﺸﺠﺎﺝ ﻭﺍﳉﺮﻭﺡ ﺇﺫﺍ ﺃﻣﻦ ﺍﳊﻴﻒ ﻭﺍﻟﺰﻳﺎﺩﺓ ، ﻓﺎﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﻣﻨﻌﻮﺍ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻟﻌﺪﻡ ﺍﻷﻣﻦ ﻣﻦ ﺍﳊﻴﻒ ﺃﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﺃﻣﻜﻦ ﻃﺒﻴﺎ ﺇﻳﻘﺎﻉ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﺑﺎﳉﺎﱐ ﲟﺜﻞ ﺟﻨﺎﻳﺘﻪ ﲤﺎﻣﺎ ﻓﻴﺠﺐ ﺍﻟﻘﻮﺩ ، ﻭﻻ ﻓﺮﻕ ﺑﲔ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳉﺮﺡ ﻣﻨﺘﻬﻴﺎﹰ ﺍﱃ ﺍﻟﻌﻈﻢ ﺃﻭ ﱂ ﻳﺒﻠﻎ ﺍﻟﻌﻈﻢ ﺃﻭ ﺃﺣﺪﺙ ﻛﺴﺮﺍ ﺃﻭ ﻧﻘﻼ ﻓﻴﻪ ، ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﻳﺪﻝ ﻛﻼﻡ ﺷﻴﺦ ﺍﻻﺳﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ، ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﰲ ﻛﻞ ﺷﻲ ﻣﻦ ﺍﳉﺮﺍﺡ ﻭﺍﻟﻜﺴﺮ ﻳﻘﺪﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻣﻨﻪ ﻟﻸﺧﺒﺎﺭ .
------------------------
ﻣﺴﺎﺋﻞ:
ﺍﻷﻭﱃ: ﻳﺴﺘﺜﲎ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺎﺑﻂ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﻱ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ – ﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﺷﺠﻪ ﻓﻮﻕ ﺍﳌﻮﺿﺤﻪ ﻛﺎﳍﺎﴰﺔ ﻭﺍﳌﻨﻘﻠﺔ ﻭﺍﳌﺄﻣﻮﻣﺔ ، ﻓﻠﻪ ﺃﻥ ﻳﻘﺘﺺ ﻣﻮﺿﺤﺔ ، ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﺒﻘﺖ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﺇﻟﻴﻪ.
ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ: ﺇﺫﺍ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﻻﺳﺘﻴﻔﺎﺀ ﻣﻦ ﻣﻮﺿﺤﺔ ﻭﺷﺒﻬﻬﺎ ، ﻓﺎﻟﻮﺍﺟﺐ ﺍﳌﺴﺎﻭﺍﺓ ﰲ ﺍﳌﺴﺎﺣﺔ ﺃﻱ ﰲ ﺍﻟﻄﻮﻝ ﻭﺍﻟﻌﺮﺽ , ﻭﻻ ﻳﺮﺍﻋﻰ ﺍﻟﻌﻤﻖ ; ﻷﻥ ﺣﺪﻩ ﺍﻟﻌﻈﻢ , ﻭﻟﻮ ﺭﻭﻋﻲ ﺍﻟﻌﻤﻖ ﻟﺘﻌﺬﺭ ﺍﻻﺳﺘﻴﻔﺎﺀ ; ﻷﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﳜﺘﻠﻔﻮﻥ ﰲ ﻗﻠﺔ ﺍﻟﻠﺤﻢ ﻭﻛﺜﺮﺗﻪ , ﻭﻫﺬﺍ ﻛﻤﺎ ﻳﺴﺘﻮﰱ ﰲ ﺍﻟﻄﺮﻑ ﻣﺜﻠﻪ ﻭﺇﻥ ﺍﺧﺘﻠﻔﺎ ﰲ ﺍﻟﺼﻐﺮ ﻭﺍﻟﻜﱪ , ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﺭﺃﺱ ﺍﻟﺸﺎﺝ ﻭﺍﳌﺸﺠﻮﺝ ﺳﻮﺍﺀ , ﺍﺳﺘﻮﰲ ﻗﺪﺭ ﺍﻟﺸﺠﺔ , ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺭﺃﺱ ﺍﻟﺸﺎﺝ ﺃﺻﻐﺮ , ﻟﻜﻨﻪ ﻳﺘﺴﻊ ﻟﻠﺸﺠﺔ , ﺍﺳﺘﻮﻓﻴﺖ ﻭﺇﻥ ﺍﺳﺘﻮﻋﺐ ﺭﺃﺱ ﺍﻟﺸﺎﺝ ﻛﻠﻪ , ﻭﻫﻲ ﺑﻌﺾ ﺭﺃﺱ ﺍﳌﺸﺠﻮﺝ ; ﻷﻧﻪ ﺍﺳﺘﻮﻓﺎﻫﺎ ﺑﺎﳌﺴﺎﺣﺔ , ﻭﻻ ﳝﻨﻊ ﺍﻻﺳﺘﻴﻔﺎﺀ ﺯﻳﺎﺩﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺿﻌﻬﺎ ﻣﻦ ﺭﺃﺱ ﺍﳉﺎﱐ ; ﻷﻥ ﺍﳉﻤﻴﻊ ﺭﺃﺳﻪ .
ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻗﺪﺭ ﺍﻟﺸﺠﺔ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺱ ﺍﳉﺎﱐ , ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺴﺘﻮﰲ ﺍﻟﺸﺠﺔ ﻣﻦ ﲨﻴﻊ ﺭﺃﺱ ﺍﻟﺸﺎﺝ , ﻭﻻ ﳚﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﱰﻝ ﺇﱃ ﺟﺒﻬﺘﻪ ; ﻭﻻ ﺇﱃ ﻗﻔﺎﻩ ، ﻭﻻ ﻳﺴﺘﻮﰲ ﺑﻘﻴﺔ ﺍﻟﺸﺠﺔ ﰲ ﻣﻮﺿﻊ ﺁﺧﺮ ﻣﻦ ﺭﺃﺳﻪ ; ﻷﻧﻪ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺴﺘﻮﻓﻴﺎ ﳌﻮﺿﺤﺘﲔ ، ﻭﻫﻞ ﻟﻪ ﺍﻷﺭﺵ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻘﻲ ؟ ﻳﺘﺨﺮﺝ ﺍﻟﻮﺟﻬﺎﻥ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺎﻥ ﰲ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺗﻌﺬﺭ ﺍﻻﺳﺘﻴﻔﺎﺀ ، ﻭﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﺃﻥ ﻟﻪ ﺃﺭﺵ ﻣﺎ ﺑﻘﻲ . ﻭﻫﻮ ﻗﻮﻝ ﺍﺑﻦ ﺣﺎﻣﺪ ﻭﻣﺬﻫﺐ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ; ﻷﻧﻪ ﺗﻌﺬﺭ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻓﻴﻤﺎ ﺟﲎ ﻋﻠﻴﻪ , ﻓﻜﺎﻥ ﻟﻪ ﺃﺭﺷﻪ , ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﺗﻌﺬﺭ ﰲ ﺍﳉﻤﻴﻊ .
ﻭﺇﻥ ﺃﻭﺿﺤﻪ ﰲ ﲨﻴﻊ ﺭﺃﺳﻪ , ﻭﺭﺃﺱ ﺍﳉﺎﱐ ﺃﻛﱪ , ﻓﻠﻠﻤﺠﲏ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻥ ﻳﻮﺿﺢ ﻣﻨﻪ ﺑﻘﺪﺭ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﻣﻮﺿﺤﺘﻪ ﻣﻦ ﺃﻱ ﺍﻟﻄﺮﻓﲔ ﺷﺎﺀ ; ﻷﻧﻪ ﺟﲎ ﻋﻠﻴﻪ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺍﳌﻮﺿﻊ ﻛﻠﻪ .

ثالثاً: ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﰲ ﺍﻟﻠﻄﻤﺔ ﻭﺍﻟﻮﻛﺰﺓ ﻭﺍﻟﻀﺮﺑﺔ ﻭﺍﻟﺸﺠﺔ ﺩﻭﻥ ﺍﳌﻮﺿﺤﺔ :
ﺍﺧﺘﻠﻒ ﺍﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻟﲔ :
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻻﻭﻝ :
ﺫﻫﺐ ﻋﺎﻣﺔ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻣﻦ ﺍﳊﻨﻴﻔﺔ ﻭﺍﳌﺎﻟﻜﻴﺔ ﻭﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ ﻭﺍﳊﻨﺎﺑﻠﺔ ﺍﱃ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻗﻮﺩ ﰲ ﺍﻟﻠﻄﻤﺔ ﻭﺍﻟﻀﺮﺑﺔ ﻭﺍﻟﻮﻛﺰﺓ ﻭﳓﻮ ﺫﻟﻚ ﻭﺇﳕﺎ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺘﻌﺰﻳﺮ.
ﺍﺳﺘﺪﻟﻮﺍ :
ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﰲ ﺍﻟﻠﻄﻤﺔ ﻭﺍﻟﻀﺮﺑﺔ ﻻ ﻳﺆﻣﻦ ﻣﻌﻪ ﺍﳊﻴﻒ ﺇﺫ ﺇﻬﺎ ﲣﺘﻠﻒ ﻗﻮﺓ ﻭﺿﻌﻔﺎ ﻭﻛﱪﺍ ﻭﺻﻐﺮﺍ .
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺜﺎﱐ :
ﻭﻫﻮ ﻗﻮﻝ ﻟﺒﻌﺾ ﺍﳌﺎﻟﻜﻴﺔ ﻭﺭﻭﺍﻳﺔ ﻋﻦ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﲪﺪ ﺍﺧﺘﺎﺭﻫﺎ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻭﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﻭﻫﻮ ﺃﻥ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ .
ﺍﺳﺘﺪﻟﻮﺍ ﲟﺎ ﻳﺄﰐ:
ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﺍﻷﻭﻝ:
ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ: (( ﻭﺇﻥ ﻋﺎﻗﺒﺘﻢ ﻓﻌﺎﻗﺒﻮﺍ ﲟﺜﻞ ﻣﺎ ﻋﻮﻗﺒﺘﻢ ﺑﻪ )) ﻓﺎﻟﻮﺍﺟﺐ ﻟﻠﻤﻠﻄﻮﻡ ﺍﻥ ﻳﻔﻌﻞ ﺑﺎﳉﺎﱐ ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻞ ﺑﻪ.
ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﺍﻟﺜﺎﱐ :
ﻋﻦ ﺃﰊ ﺳﻌﻴﺪ ﺍﳋﺪﺭﻱ ﻗﺎﻝ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﻘﺴﻢ ﻗﺴﻤﺎ أﻗﺒﻞ ﺭﺟﻞ ﻓﺄﻛﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻄﻌﻨﻪ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑﻌﺮﺟﻮﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﻌﻪ ﻓﺠﺮﺡ ﻭﺟﻬﻪ ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : ((ﺗﻌﺎﻝ ﻓﺎﺳﺘﻘﺪ، ﻓﻘﺎﻝ ﺑﻞ ﻋﻔﻮﺕ ﻳﺎﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ )) ﺍﺧﺮﺟﻪ ﺍﺑﻮ ﺩﺍﻭﻭﺩ ﻭﺍﻟﻨﺴﺎﺋﻲ ﻭﻗﺪ ﺣﺼﻞ ﻗﺮﻳﺐ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻟﺴﻮﺍﺩ ﺑﻦ ﻏﺰﻳﺔ ﰲ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﺑﺪﺭ .
ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ:
ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﺎ ﺍﻥ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: (( ﺑﻌﺚ ﺃﺑﺎ ﺟﻬﻢ ﺑﻦ ﺣﺬﻳﻔﺔ ﻣﺼﺪﻗﺎ ﻓﻼﺣﺎﻩ ﺭﺟﻞ ﰲ ﺻﺪﻗﺘﻪ ﻓﻀﺮﺑﻪ ﺃﺑﻮ ﺟﻬﻢ ﻓﺸﺠﻪ ﻓﺄﺗﻮﺍ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ ﺍﻟﻘﻮﺩ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻟﻜﻢ ﻛﺬﺍ ﻭﻛﺬﺍ ﻓﻠﻢ ﻳﺮﺿﻮﺍ ، ﻓﻘﺎﻝ : ﻟﻜﻢ ﻛﺬﺍ ﻭﻛﺬﺍ ﻓﺮﺿﻮﺍ ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : ﺇﱐ ﺧﺎﻃﺐ ﺍﻟﻌﺸﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﳐﱪﻫﻢ ﺑﺮﺿﺎﻛﻢ ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ : ﻧﻌﻢ ﻓﺨﻄﺐ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻘﺎﻝ : ﺇﻥ ﻫﺆﻻﺀ ﺃﺗﻮﱐ ﻳﺮﻳﺪﻭﻥ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻓﻌﺮﺿﺖ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻛﺬﺍ ﻭﻛﺬﺍ ، ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﺮﺿﻮﺍ ، أﺭﺿﻴﺘﻢ ؟ ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ : ﻻ ، ﻓﻬﻢ ﺍﳌﻬﺎﺟﺮﻭﻥ ﻬﻢ ، ﻓﺄﻣﺮﻫﻢ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺍﻥ ﻳﻜﻔﻮﺍ ﻋﻨﻬﻢ ، ﻓﻜﻔﻮﺍ ﻋﻨﻬﻢ ، ﰒ ﺩﻋﺎﻫﻢ ﻓﺰﺍﺩﻫﻢ ، ﻓﻘﺎﻝ : ﺃﺭﺿﻴﺘﻢ ؟ ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ : ﻧﻌﻢ ﻓﻘﺎﻝ : ﺇﱐ ﺧﺎﻃﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﳐﱪﻫﻢ ﺑﺮﺿﺎﻛﻢ ، ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ : ﻧﻌﻢ ﻓﺨﻄﺐ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻘﺎﻝ ﺍﺭﺿﻴﺘﻢ ؟ ﻗﺎﻟﻮﺍ ﻧﻌﻢ )) ﺭﻭﺍﻩ ﺍﺑﻮ ﺩﺍﻭﻭﺩ ﻭﺍﻟﻨﺴﺎﺋﻲ ﻭﺍﺑﻦ ﻣﺎﺟﻪ.
ﻭﻣﻦ ﻓﻘﻪ ﻫﺬﺍ ﺍﳊﺪﻳﺚ :
ﺃ- ﺟﻮﺍﺯ ﺍﳌﺼﺎﳊﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﺭﺵ ﺍﳌﻘﺪﺭ ﰲ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻨﻔﺲ .
ﺏ- ﻣﺸﺮﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﻘﻮﺩ ﰲ ﺍﻟﺸﺠﺔ ، ﻭﳍﺬﺍ ﺻﻮﳊﻮﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﺩ ﻣﺮﺓ ﺑﻌﺪ ﻣﺮﺓ ﺣﱴ ﺭﺿﻮﺍ ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﺍﻷﺭﺵ ﻓﻘﻂ ﻟﻘﺎﻝ ﳍﻢ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺣﲔ ﻃﻠﺒﻮﺍ ﺍﻟﻘﻮﺩ : ﺇﻧﻪ ﻻ ﺣﻖ ﻟﻜﻢ ﻓﻴﻪ.
ﻭﻳﻨﺎﻗﺶ ﺍﻻﺳﺘﺪﻻﻝ بهذا ﺍﳊﺪﻳﺚ ﲟﺎ ﺫﻛﺮﻩ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻲ ﰲ ﻃﺮﺡ ﺍﻟﺘﺜﺮﻳﺐ ، ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻝ : "ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻝ ﺍﻷﻛﺜﺮﻳﻦ – ﺃﻱ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ- ﻳﺘﻌﲔ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﺠﺔ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻮﺿﺤﺔ ؛ﻷﻧﻪ ﻻ ﻗﺼﺎﺹ ﻓﻴﻤﺎ ﺳﻮﺍﻫﺎ , ﻭﻋﻠﻰ ﻗﻮﻝ ﻏﲑﻫﻢ ﻻ ﻳﺘﻌﲔ ﺫﻟﻚ , ﻭﻻ ﳝﻜﻦ
ﺍﻻﺳﺘﺪﻻﻝ ﺑﺎﳊﺪﻳﺚ ﻷﺣﺪ ﺍﻟﺸﻘﲔ لأنها ﻭﺍﻗﻌﺔ ﻋﲔ ﳏﺘﻤﻠﺔ ﻓﻼ ﺍﺳﺘﺪﻻﻝ بها"
.
أﻫـ
ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ :
ﻭﺛﺒﺖ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﰲ ﺍﻟﻠﻄﻤﺔ ﻋﻦ ﺃﰊ ﺑﻜﺮ ﻭﻋﻤﺮ ﻭﻋﺜﻤﺎﻥ ﻭﻋﻠﻰ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻢ ﻭﰲ ﻣﺴﻨﺪ ﺍﳉﻮﺯﺟﺎﱐ ، ﺃﻥ ﻋﻤﺮ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﺧﻄﺐ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻗﺎﻝ : ﺇﱐ ﱂ ﺍﺑﻌﺚ ﻋﻤﺎﱄ ﺍﻟﻴﻜﻢ ﻟﻴﻀﺮﺑﻮﺍ ﺍﺑﺸﺎﺭﻛﻢ ﻭﻻ ﻟﻴﺎﺧﺬﻭﺍ ﺍﻣﻮﺍﻟﻜﻢ ﻭﻟﻜﻦ ﺍﳕﺎ ﺑﻌﺜﺘﻬﻢ ﻟﻴﺒﻠﻐﻮﺍ ﺩﻳﻨﻜﻢ ﻭﺳﻨﺔ ﻧﺒﻴﻜﻢ ﻭﻳﻘﺴﻤﻮﺍ ﻓﻴﻜﻢ ﻓﻴﺌﻜﻢ ، ﻓﻤﻦ ﻓﻌﻞ ﺑﻪ ﻏﲑ ﺫﻟﻚ ﻓﻠﲑ ﻓﻌﻪ ﺍﱄ ﻓﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﻔﺲ ﻋﻤﺮ ﺑﻴﺪﻩ ﻻﻗﺼﻨﻪ ﻣﻨﻪ ﻓﻘﺎﻡ ﺍﻟﻴﻪ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺍﻟﻌﺎﺹ ﻓﻘﺎﻝ : ﻳﺎ ﺃﻣﲑ ﺍﳌﺆﻣﻨﲔ : ﺍﻥ ﻛﺎﻥ ﺭﺟﻞ ﻣﻦ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻋﻠﻰ ﺭﻋﻴﺘﻪ ﻓﺄﺩﺏ ﺭﻋﻴﺘﻪ ﻟﺘﻘﺼﻨﻪ ﻣﻨﻪ ﻓﻘﺎﻝ ﻋﻤﺮ : ﻭﻣﺎﱄ ﻻ ﺍﻗﺼﻪ ﻣﻨﻪ ﻭﻗﺪ ﺭأﻳﺖ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﻘﺺ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻪ .
ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﺍﳋﺎﻣﺲ :
ﺃﻥ ﻣﻌﺎﻗﺒﺘﻪ ﺑﺎﻟﻘﺼﺎﺹ ﺃﻗﺮﺏ ﺇﱃ ﺍﳌﻤﺎﺛﻠﺔ ﻭﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﺍﳌﺄﻣﻮﺭ بها ﺣﺴﺎً ﻭﺷﺮﻋﺎً ﻣﻦ ﺗﻌﺰﻳﺮﻩ بها ﺑﻐﲑ ﺟﻨﺲ ﺍﻋﺘﺪﺍﺋﻪ ﻭﻗﺪﺭﻩ ﻭﺻﻔﺘﻪ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ : (( ﻭﺍﻷﻣﺜﻞ ﻫﻮ ﺍﳌﺄﻣﻮﺭ ﺑﻪ ، ﻓﻬﺬﺍ ﺍﳌﻠﻄﻮﻡ ﺍﳌﻀﺮﻭﺏ ﻗﺪ ﺍﻋﺘﺪﻯ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﺎﻟﻮﺍﺟﺐ ﺍﻥ ﻳﻔﻌﻞ ﺑﺎﳌﻌﺘﺪﻱ ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻞ ﺑﻪ ﻓﺎﻥ ﱂ ﳝﻜﻦ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﻣﺎﻫﻮ ﺍﻻﻗﺮﺏ ﻭﺍﻻﻣﺜﻞ ﻭﺳﻘﻂ ﻣﺎﻋﺠﺰ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻣﻦ ﺍﳌﺴﺎﻭﺍﺓ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻭﺟﻪ ﻭﻻ ﺭﻳﺐ ﺍﻥ ﻟﻄﻤﺔ ﺑﻠﻄﻤﺔ ﻭﺿﺮﺑﺔ ﺑﻀﺮﺑﺔ ﰲ ﳏﻠﻬﺎ ﺑﺎﻵﻟﺔ ﺍﻟﱵ ﻟﻄﻢ ﻬﺎ ﺍﻭ ﲟﺜﻠﻬﺎ ﺍﻗﺮﺏ ﺍﱃ ﺍﳌﻤﺎﺛﻠﺔ ...ﻣﻦ ﺗﻐﺰﻳﺮﻩ ﻬﺎ ﺑﻐﲑ ﺧﻨﺲ ﺍﻋﺘﺪﺍﺋﻪ ﻭﻗﺪﺭﻩ ﻭﺻﻔﺘﻪ )).
ﻭﻗﺎﻝ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ : " ﻭﳍﺬﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻣﺸﺮﻭﻋﺎ ﺇﺫﺍ ﺃﻣﻜﻦ ﺍﺳﺘﻴﻔﺎﺅﻩ ﻣﻦ ﻏﲑ ﺟﻨﻒ ، ﻓﺈﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﳉﻨﻒ ﻭﺍﻗﻌﺎ ﰲ ﺍﻻﺳﺘﻴﻔﺎﺀ ﻋﺪﻝ ﺇﱃ ﺑﺪﻟﻪ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺪﻳﺔ ، ﻷﻧﻪ ﺃﺷﺒﻪ ﺑﺎﻟﻌﺪﻝ ﻣﻦ ﺇﺗﻼﻑ ﺯﻳﺎﺩﺓ ﰲ ﺍﳌﻘﺘﺺ ﻣﻨﻪ ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﰲ ﺍﻟﻀﺮﺑﺔ ﻭﺍﻟﻠﻄﻤﺔ ﻭﳓﻮ ﺫﻟﻚ ﻋﺪﻝ ﻋﻨﻪ ﻃﺎﺋﻔﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﻌﺰﻳﺮ ، ﻟﻌﺪﻡ ﺇﻣﻜﺎﻥ ﺍﳌﻤﺎﺛﻠﺔ ﻓﻴﻪ، ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﳋﻠﻔﺎﺀ ﺍﻟﺮﺍﺷﺪﻭﻥ ﻭﻏﲑﻫﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻭﻫﻮ ﻣﻨﺼﻮﺹ ﺃﲪﺪ : ﻣﺎ ﺟﺎﺀﺕ ﺑﻪ ﺳﻨﺔ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻣﻦ ﺛﺒﻮﺕ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﺑﻪ ; ﻷﻥ ﺫﻟﻚ ﺃﻗﺮﺏ ﺇﱃ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﺍﳌﻤﺎﺛﻠﺔ . ﻓﺈﻧﺎ ﺇﺫﺍ ﲢﺮﻳﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﻔﻌﻞ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺟﻨﺲ ﻓﻌﻠﻪ ﻭﻧﻘﺮﺏ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺃﻣﺜﻞ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻧﺄﰐ ﲜﻨﺲ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ﲣﺎﻟﻒ ﻋﻘﻮﺑﺘﻪ ﺟﻨﺴﺎ ﻭﻗﺪﺭﺍ ﻭﺻﻔﺔ " .
-------------------------------------------------
رابعاً: ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻙ ﰲ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎﺩﻭﻥ ﺍﻟﻨﻔﺲ :
ﺗﻨﻄﺒﻖ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﰲ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻔﺲ ، ﻋﻠﻰ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎﺩﻭﻥ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻓﺎﺫﺍ ﻗﻄﻊ ﲨﺎﻋﺔ ﻃﺮﻓﺎ ﻳﻮﺟﺐ ﻗﻮﺩﺍ ، ﺃﻭ ﺟﺮﺣﻮﺍ
ﺟﺮﺣﺎ ﻳﻮﺟﺐ ﻗﻮﺩﺍ ﻭﱂ ﺗﺘﻤﻴﺰ ﺍﻓﻌﺎﳍﻢ ، ﻛﺄﻥ ﻭﺿﻌﻮﺍ ﺣﺪﻳﺪﺓ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﻭﲢﺎﻣﻠﻮﺍ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺣﱴ ﺑﺎﻧﺖ ﻓﻌﻠﻴﻬﻢ ﲨﻴﻌﺎ ﺍﻟﻘﻮﺩ ، ﳌﺎ ﻭﺭﺩ ﻋﻦ
ﻋﻠﻰ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﺍﻧﻪ ﺷﻬﺪ ﻋﻨﺪﻩ ﺷﺎﻫﺪﺍﻥ ﻋﻠﻰ ﺭﺟﻞ ﺑﺴﺮﻗﺔ ﻓﻘﻄﻊ ﻳﺪﻩ ﰒ ﺟﺎﺀﺍ ﺑﺂﺧﺮ ﻓﻘﺎﻝ : ((ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﺴﺎﺭﻕ ﻭﺍﺧﻄﺄﻧﺎ ﰲ ﺍﻷﻭﻝ
، ﻓﺮﺩ ﺷﻬﺎﺩﻬﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺜﺎﱐ ، ﻭﻏﺮﻣﻬﻤﺎ ﺩﻳﺔ ﻳﺪ ﺍﻷﻭﻝ ﻭﻗﺎﻝ : ﻟﻮ ﻋﻠﻤﺖ ﺃﻧﻜﻤﺎ ﺗﻌﻤﺪﲤﺎ ﻟﻘﻄﻌﺘﻜﻤﺎ))
ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ .
ﻭﻗﺪ ﺳﺒﻖ ﺫﻛﺮ ﺍﳋﻼﻑ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ.
ﻣﺴﺄﻟﺔ :
ﺍﳌﻤﺎﺛﻠﺔ، ﺑﻞ ﳚﺐ ﺃﻥ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﻨﻔﺲ ﺍﻷﱂ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻭﻗﻌﻪ ﺑﺎﺠﲏ ﻋﻠﻴﻪ ، ﻭﻫﺬﺍ ﲞﻼﻑ ﻗﻄﻊ ﺍﻟﻴﺪ ﰲ ﺍﻟﺴﺮﻗﺔ ﻓﺈﻧﻪ ﳚﻮﺯ ﺗﺒﻨﻴﺞ ﺍﻟﺴﺎﺭﻕ
ﻋﻨﺪ ﻗﻄﻌﻬﺎ ﻷﻥ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﻫﻮ ﻗﻄﻌﻬﺎ ﻭﻟﻴﺲ ﺇﻳﻼﻣﻪ
، ﻭﳍﺬﺍ ﻻ ﳚﻮﺯ ﺃﻥ ﺗﻌﺎﺩ ﻳﺪ ﺍﻟﺴﺎﺭﻕ ﺑﻌﻤﻠﻴﺔ ﺟﺮﺍﺣﻴﺔ ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﲡﻮﺯ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﻳﺪ
ﺍﳉﺎﱐ ﺍﳌﻘﻄﻮﻋﺔ ﻷﻥ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻗﺪ ﲢﻘﻖ .
--------------------------------

خامساً: ﺳﺮﺍﻳﺔ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ ﻭﺳﺮﺍﻳﺔ ﺍﻟﻘﻮﺩ:
ﺍﻟﺴﺮﺍﻳﺔ : ﺗﻌﺪﻱ ﺍﳉﺮﺡ ﺍﱃ ﻣﻮﺿﻊ ﺍﺧﺮ.
ﻭﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﻋﻨﺪ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺃﻥ "ﺳﺮﺍﻳﺔ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ ﻣﻀﻤﻮﻧﻪ ، ﻭﺳﺮﺍﻳﺔ ﺍﻟﻘﻮﺩ ﻣﻬﺪﺭﺓ".
ﺃﻣﺎ ﻛﻮﻥ ﺳﺮﺍﻳﺔ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ ﻣﻀﻤﻮﻧﻪ :
ﺃ- فلأنها ﺃﺛﺮ ﺟﻨﺎﻳﺔ ، ﻭﺍﳉﻨﺎﻳﺔ ﻣﻀﻤﻮﻧﺔ ﻓﻜﺬﺍ ﺃﺛﺮﻫﺎ.
ﺏ- ﻭﻹﲨﺎﻉ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ.
ﻭﳜﺘﻠﻒ ﺍﻟﻀﻤﺎﻥ ﲝﺴﺐ ﻧﻮﻉ ﺍﻟﺴﺮﺍﻳﺔ:
ﻓﺈﻥ ﺳﺮﺕ ﺇﱃ ﺍﻟﻨﻔﺲ , ﻓﻔﻴﻪ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﺑﻐﲑ ﺧﻼﻑ.
ﻭﺇﻥ ﺳﺮﺕ ﺇﱃ ﻣﺎ ﻻ ﳝﻜﻦ ﻣﺒﺎﺷﺮﺗﻪ ﺑﺎﻹﺗﻼﻑ , ﻣﺜﻞ ﺃﻥ ﻳﻬﺸﻤﻪ ﰲ ﺭﺃﺳﻪ ﻓﻴﺬﻫﺐ ﺿﻮﺀ ﻋﻴﻨﻴﻪ , ﻭﺟﺐ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻓﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻝ
ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ.
ﻭﺇﻥ ﺳﺮﺕ ﺇﱃ ﻣﺎ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﳑﺎ ﳝﻜﻦ ﻣﺒﺎﺷﺮﺗﻪ ﺑﺎﻹﺗﻼﻑ , ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﻟﻮ ﻗﻄﻊ ﺇﺻﺒﻌﺎ , ﻓﺘﺂﻛﻠﺖ ﺃﺧﺮﻯ ﻭﺳﻘﻄﺖ ﻣﻦ ﻣﻔﺼﻞ ,
ﻓﺎﺧﺘﻠﻒ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻟﲔ:
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻷﻭﻝ: ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﺃﻳﻀﺎ , ﻭﻫﻮ ﻣﻦ ﻣﻔﺮﺩﺍﺕ ﺍﳌﺬﻫﺐ . ﻭﻗﺎﻝ ﺑﻪ أيضاً ﺃﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻭﳏﻤﺪ ﺑﻦ ﺍﳊﺴﻦ ؛ ﻷﻥ ﻣﺎ ﻭﺟﺐ ﻓﻴﻪ
ﺍﻟﻘﻮﺩ ﺑﺎﳉﻨﺎﻳﺔ ﻭﺟﺐ ﺑﺎﻟﺴﺮﺍﻳﺔ , ﻛﺎﻟﻨﻔﺲ ﻭﺿﻮﺀ ﺍﻟﻌﲔ.
ﻭﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺜﺎﱐ: ﻻ ﻗﺼﺎﺹ ﰲ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ , ﻭﲡﺐ ﺩﻳﺘﻬﺎ . ﻭﻫﻮ ﻗﻮﻝ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ; ﻷﻥ ﻣﺎ ﺃﻣﻜﻦ ﻣﺒﺎﺷﺮﺗﻪ ﺑﺎﳉﻨﺎﻳﺔ ﻻ ﳚﺐ ﺍﻟﻘﻮﺩ ﻓﻴﻪ
ﺑﺎﻟﺴﺮﺍﻳﺔ , ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﺭﻣﻰ ﺳﻬﻤﺎ ﻓﻤﺮﻕ ﻣﻨﻪ ﺇﱃ ﺁﺧﺮ.
ﻭﺃﻣﺎ ﻛﻮﻥ ﺳﺮﺍﻳﺔ ﺍﻟﻘﻮﺩ ( ﺃﻱ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ) ﻣﻬﺪﺭﺓ :
ﻓﻤﻌﻨﺎﻩ ﺃﻧﻪ ﺇﺫﺍ ﻗﻄﻊ ﻃﺮﻓﺎ ﳚﺐ ﺍﻟﻘﻮﺩ ﻓﻴﻪ ﻓﺎﺳﺘﻮﰱ ﻣﻨﻪ ﺍﺠﲏ ﻋﻠﻴﻪ , ﻣﻦ ﻏﲑ تعدٍ ﻭﻻ ﺗﻔﺮﻳﻂ ، ﰒ ﻣﺎﺕ ﺍﳉﺎﱐ ﺑﺴﺮﺍﻳﺔ ﺍﻻﺳﺘﻴﻔﺎﺀ , ﺃﻭ
ﺳﺮﺕ ﺇﱃ ﻋﻀﻮ ﺁﺧﺮ ،ﱂ ﻳﻠﺰﻡ ﺍﳌﺴﺘﻮﰲ ﺷﻲﺀ , وبهذا ﻗﺎﻝ ﲨﻬﻮﺭ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻣﻦ ﺍﳌﺎﻟﻜﻴﺔ ﻭﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ ﻭﺍﳊﻨﺎﺑﻠﺔ.
ﻭﺧﺎﻟﻒ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺍﻷﺣﻨﺎﻑ ﻓﺄﻭﺟﺒﻮﺍ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻀﻤﺎﻥ ، ﻭﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻗﻮﻝ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ؛ ﳌﺎ ﻳﻠﻲ :
1- ﻣﺎ ﺭﻭﻯ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺯﺍﻕ ﺃﻥ ﻋﻤﺮ ﻭﻋﻠﻴﺎ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻤﺎ , ﻗﺎﻻ : ﻣﻦ ﻣﺎﺕ ﰲ ﺣﺪ ﺃﻭ ﻗﺼﺎﺹ ﻻ ﺩﻳﺔ ﻟﻪ , ﺍﳊﻖ ﻗﺘﻠﻪ .
2- ﻭﻷﻧﻪ ﻗﻄﻊ ﲝﻖ ، ﻓﻜﻤﺎ ﺃﻧﻪ ﻏﲑ ﻣﻀﻤﻮﻥ ﻓﻜﺬﺍ ﺳﺮﺍﻳﺘﻪ ، ﻭﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﻋﻨﺪ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ
ﺃﻥ ﻣﺎ ﺗﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺄﺫﻭﻥ فليس ﲟﻀﻤﻮﻥ.
--------------------------------

سادساً: ﻻ ﻳﻘﺘﺺ ﻣﻦ ﻋﻀﻮ ﻭﺟﺮﺡ ﻗﺒﻞ ﺑﺮﺋﻪ
ﻓﻼ ﳚﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﻘﺘﺺ ﻟﻠﻤﺠﲏ ﻋﻠﻴﻪ ﺣﱴ ﻳﱪﺃ ﺟﺮﺣﻪ ، ﻷﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﳉﺮﺡ ﻗﺪ ﻳﺴﺮﻱ ﺇﱃ ﻋﻀﻮ ﺁﺧﺮ.
ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ :
1- ﻣﺎ ﺭﻭﻯ ﺟﺎﺑﺮ : { ﺃﻥ ﺭﺟﻼ ﺟﺮﺡ ﻓﺄﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﻘﻴﺪ ﻓﻨﻬﻰ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﻘﺎﺩ ﻣﻦ ﺍﳉﺎﺭﺡ ﺣﱴ ﻳﱪﺃ الجروح} ﺭﻭﺍﻩ ﺃﲪﺪ ﻭﺍﻟﺪﺍﺭﻗﻄﲏ . ﻭﺻﺤﺤﻪ ﺍﻷﻟﺒﺎﱐ.
2- ﻭﻋﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺷﻌﻴﺐ ﻋﻦ ﺃﺑﻴﻪ ﻋﻦ ﺟﺪﻩ : { ﺃﻥ ﺭﺟﻼ ﻃﻌﻦ ﺭﺟﻼ ﺑﻘﺮﻥ ﰲ ﺭﻛﺒﺘﻪ ﻓﺠﺎﺀ ﺇﱃ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ وسلم، ﻓﻘﺎﻝ : ﺃﻗﺪﱐ ﻓﻘﺎﻝ : ﺣﱴ ﺗﱪﺃ ﰒ ﺟﺎﺀ ﺇﻟﻴﻪ ﻓﻘﺎﻝ ﺃﻗﺪﱐ ﻓﺄﻗﺎﺩﻩ ﰒ ﺟﺎﺀ ﺇﻟﻴﻪ ﻓﻘﺎﻝ : ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﻋﺮﺟﺖ ﻗﺎﻝ : ﻗﺪ ﻬﻴﺘﻚ ﻓﻌﺼﻴﺘﲏ ﻓﺄﺑﻌﺪﻙ ﺍﷲ ﻭﺑﻄﻞ ﻋﺮﺟﻚ ﰒ نهى ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻥ ﻳﻘﺘﺺ ﻣﻦ ﺟﺮﺡ ﺣﱴ ﻳﱪﺃ ﺻﺎﺣﺒﻪ } ﺭﻭﺍﻩ ﺃﲪﺪ ﻭﺍﻟﺪﺍﺭﻗﻄﲏ.ﻭﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺣﺠﺮ : ﺃﻋﻞ ﺑﺎﻹﺭﺳﺎﻝ ، ﻳﻘﺼﺪ ﻟﻜﻮﻧﻪ ﻣﻦ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺷﻌﻴﺐ ﻭﺍﻟﻜﻼﻡ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻌﺮﻭﻑ.
ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ : ﺗﻀﻤﻨﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺃﻧﻪ ﻻ ﳚﻮﺯ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺹ ﻣﻦ ﺍﳉﺮﺡ ﺣﱴ ﻳﺴﺘﻘﺮ ﺃﻣﺮﻩ ﺇﻣﺎ ﺑﺎﻧﺪﻣﺎﻝ ﺃﻭ ﺑﺴﺮﺍﻳﺔ ، ﻭﺃﻥ ﺳﺮﺍﻳﺔ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ ﻣﻀﻤﻮﻧﺔ ﺑﺎﻟﻘﻮﺩ ، ﻭﺟﻮﺍﺯ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﰲ ﺍﻟﻀﺮﺑﺔ ﻭﺍﻟﻌﺼﺎ ﻭﳓﻮﻫﺎ.ﺍﻫـ .
ﻭﻣﺜﻞ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ: ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻓﻼ ﺗﻄﻠﺐ ﺩﻳﺔ ﻟﻠﻌﻀﻮ ﺃﻭ ﺍﳉﺮﺡ ﻗﺒﻞ ﺍﻧﺪﻣﺎﻟﻪ ﻭﺑﺮﺋﻪ ﻻﺣﺘﻤﺎﻝ ﺍﻟﺴﺮﺍﻳﺔ.
ﻓﺈﻥ ﺍﻗﺘﺺ ﻗﺒﻞ ﺑﺮﺉ ﺍﳉﺮﺡ ﻓﺎﻟﺴﺮﺍﻳﺔ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻫﺪﺭ ﺳﻮﺍﺀ ﺳﺮﺕ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺃﻭ ﺇﱃ ﻋﻀﻮ ﺁﺧﺮ ﳊﺪﻳﺚ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺷﻌﻴﺐ ﺍﳌﺘﻘﺪﻡ ، ﻭﻷﻧﻪ ﺍﺳﺘﻌﺠﻞ ﻣﺎ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻟﻪ ﺍﺳﺘﻌﺠﺎﻟﻪ ﻓﺒﻄﻞ ﺣﻘﻪ ﻭﻋﻮﻗﺐ ﲝﺮﻣﺎﻧﻪ .
ثالثاً: ﺩﻳﺔ ﺍﻟﻨﻔﺲ
1- ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺍﻟﺪﻳﺔ :
ﺍﻟﺪﻳﺔ ﰲ ﺍﻟﻠﻐﺔ : ﻣﺼﺪﺭ ﻣﺴﻤﻰ ﺑﻪ ﺍﳌﺎﻝ ﺍﳌﺆﺩﻯ ﻭﺃﺻﻠﻬﺎ : ﻭﺩﻱ ، ﻛﺎﻟﻌﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻋﺪ.
ﻭﺍﺻﻄﻼﺣﺎ : ﺍﳌﺎﻝ ﺍﳌﺆﺩﻯ ﺍﱃ ﺍﺠﲏ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻭ ﻭﻟﻴﻪ ﺑﺴﺒﺐ ﺟﻨﺎﻳﺔ .
ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﻳﺸﻤﻞ ﺩﻳﺔ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﺩﻳﺔ ﺍﻷﻋﻀﺎﺀ ﻭﺍﳌﻨﺎﻓﻊ.
ﺷﺮﺡ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ :
ﳎﲏ ﻋﻠﻴﻪ : ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻜﻮﻥ ﰲ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎﺩﻭﻥ ﺍﻟﻨﻔﺲ
ﺃﻭ ﻭﻟﻴﻪ : ﰲ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻔﺲ
ﺑﺴﺒﺐ ﺟﻨﺎﻳﺔ : ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ خطأً ﺃﻭ ﺷﺒﻪ ﻋﻤﺪ ﺃﻭ ﻋﻤﺪ ﻋﻔﻲ ﻓﻴﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﺇﱃ ﺍﻟﺪﻳﺔ ، ﻭﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻧﺖ ﺟﻨﺎﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺃﻭ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺩﻭﻬﺎ
2- ﻣﺸﺮﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺪﻳﺔ :
ﺍﻷﺻﻞ ﰲ ﻭﺟﻮﺏ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﺍﻹﲨﺎﻉ :
ﺃ – ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ :
- ﻓﻤﻨﻪ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ : (( ﻓﻤﻦ ﻋﻔﻲ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺃﺧﻴﻪ ﺷﻲﺀ ﻓﺎﺗﺒﺎﻉ ﺑﺎﳌﻌﺮﻭﻑ ﻭﺃﺩﺍﺀ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﺈﺣﺴﺎﻥ )) ﻓﻬﺬﺍ ﰲ ﺍﳋﺒﺎﻳﺔ ﺍﻟﻌﻤﺪﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻔﺲ .
- ﻭﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ : (( ﻭﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﳌﺆﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﻘﺘﻞ مؤمناً ﺇﻻ خطأً ، ﻭﻣﻦ ﻗﺘﻞ مؤمناً خطأً ﻓﺘﺤﺮﻳﺮ ﺭﻗﺒﺔ ﻣﺆﻣﻨﺔ ﻭﺩﻳﺔ ﻣﺴﻠﻤﺔ ﺇﱃ ﺃﻫﻠﻪ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻳﺼﺪﻗﻮﺍ )) ، ﻓﻬﺬﺍ ﰲ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ ﺍﳋﻄﺄ ﻭﺷﺒﻪ ﺍﻟﻌﻤﺪ ، ﻓﺄﻭﺟﺐ ﺍﷲ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺎﺗﻞ ﻭﻧﺪﺏ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻘﺘﻴﻞ ﺇﱃ ﺍﻟﻌﻔﻮ ﻋﻨﻬﺎ ، ﺣﻴﺚ ﲰﻲ ﺍﻟﻌﻔﻮ ﺻﺪﻗﺔ .
ﺏ- ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻨﺔ :
- ﻗﻮﻟﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ : (( ﻓﻤﻦ ﻗﺘﻞ ﻟﻪ ﻗﺘﻴﻞ ﻓﻬﻮ ﲞﲑ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﻦ – ﺍﳊﺪﻳﺚ)) ﻭﻗﺪ ﺗﻘﺪﻡ مراراً ، ﻓﻬﺬﺍ ﰲ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﺍﻟﻌﻤﺪ .
- ﻭﰲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺇﱃ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺣﺰﻡ ﰲ ﻣﻘﺎﺩﻳﺮ ﺍﻟﺪﻳﺎﺕ ﻗﺎﻝ : (( ﻭﰲ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻣﺎﺋﺔ ﻣﻦ ﺍﻹﺑﻞ )) ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺑﻮ ﺩﺍﻭﺩ ﰲ ﺍﳌﺮﺍﺳﻴﻞ ﻭﺍﻟﻨﺴﺎﺋﻲ ﻭﺍﺑﻦ ﺧﺰﳝﺔ ﻭﺍﺑﻦ ﺍﳉﺎﺭﻭﺩ ﻭﺍﺑﻦ ﺣﺒﺎﻥ ﻭﺃﲪﺪ ﻭﻫﺬﺍ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻫﻮ ﺍﻷﺻﻞ ﰲ ﻣﻘﺎﺩﻳﺮ ﺍﻟﺪﻳﺎﺕ ، ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺣﺠﺮ : ﺍﺧﺘﻠﻔﻮﺍ ﰲ ﺻﺤﺘﻪ ، ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ : ﱂ ﻳﻘﺒﻠﻮﺍ ﻫﺬﺍ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺣﱴ ﺛﺒﺖ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺃﻧﻪ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ، ﻭﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﱪ : ﻫﺬﺍ
ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻣﺸﻬﻮﺭ ﻋﻨﺪ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻳﺴﺘﻐﲏ ﺑﺸﻬﺪﻬﺎ ﻋﻦ ﺍﻹﺳﻨﺎﺩ ، ﻷﻧﻪ ﺃﺷﺒﻪ ﺍﳌﺘﻮﺍﺗﺮ ﻟﺘﻠﻘﻲ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻟﻪ ﺑﺎﻟﻘﺒﻮﻝ . ﺃﻫـ
ﺟـ - ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻹﲨﺎﻉ :
ﻓﻘﺪ ﺃﲨﻌﺖ ﺍﻷﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺮﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﰲ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍﳌﻌﺼﻮﻣﺔ .

3- ثالثاً:
ﻛﻞ ﻣﻦ ﺃﺗﻠﻒ إنساناً ﲟﺒﺎﺷﺮﺓ ﺃﻭ ﺗﺴﺒﺐ ﻭﻛﺎﻥ مفرطاً أو متعدياً ﻓﻌﻠﻴﻪ ﺿﻤﺎﻧﻪ ﻭﺇﻻ ﻓﻼ :

ﻭﻗﺪ ﺳﺒﻖ ﺑﻴﺎﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﻣﻔﺼﻠﺔ ﰲ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﺍﳋﻄﺄ ، ﻭﺃﻥ ﺍﳌﺮﺟﻊ ﰲ ﲢﺪﻳﺪ ﺍﻟﺘﻌﺪﻱ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﻔﺮﻳﻂ ﺍﱃ ﺍﻟﻌﺮﻑ ، ﻭﺳﺒﻖ ﺫﻛﺮ ﺍﻷﻣﺜﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ، ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻥ المجني ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺴﻠﻤﺎ ﺃﻭ ﺫﻣﻴﺎ ﺃﻭ ﻣﺴﺘﺄﻣﻨﺎ ﺃﻭ ﻣﻌﺎﻫﺪﺍ ، ﻟﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ (( ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﻗﻮﻡ ﺑﻴﻨﻜﻢ ﻭﺑﻴﻨﻬﻢ ﻣﻴﺜﺎﻕ ﻓﺪﻳﺔ ﻣﺴﻠﻤﺔ ﺍﱃ ﺃﻫﻠﻪ )) ﻓﻌﱪ ﺗﻌﺎﱃ ﻋﻦ ﺍﻟﺬﻣﺔ ﺑﺎﳌﻴﺜﺎﻕ .
-------------------------------
3- ﺗﻄﺒﻴﻘﺎﺕ ﺫﻛﺮﻫﺎ ﺍﻷﺻﺤﺎﺏ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ:
ﺍﻟﻔﺮﻉ ﺍﻷﻭﻝ : ﺍﻟﻀﻤﺎﻥ ﺑﺎﻟﺘﺴﺒﺐ
ﳚﺐ ﺍﻟﻀﻤﺎﻥ ﺑﺎﻟﺴﺒﺐ ﻛﻤﺎ ﳚﺐ ﺑﺎﳌﺒﺎﺷﺮﺓ , ﻭﻗﺪ ﺫﻛﺮ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﺃﻣﺜﻠﺔ ﻟﺬﻟﻚ:
1- ﺍﻟﺘﺮﻭﻳﻊ:
ﻭﻣﻦ ﺃﺣﻜﺎﻡ ﺫﻟﻚ:
1- ﻟﻮ ﻃﻠﺐ ﺇﻧﺴﺎﻧﺎ ﺑﺴﻴﻒ ﻣﺸﻬﻮﺭ , ﻓﻬﺮﺏ ﻣﻨﻪ , ﻓﺘﻠﻒ ﰲ ﻫﺮﺑﻪ , ﺿﻤﻨﻪ , ﺳﻮﺍﺀ ﻭﻗﻊ ﻣﻦ ﺷﺎﻫﻖ , ﺃﻭ ﺍﳔﺴﻒ ﺑﻪ ﺳﻘﻒ , ﺃﻭ ﺧﺮ ﰲ ﺑﺌﺮ , ﺃﻭ ﻟﻘﻴﻪ ﺳﺒﻊ ﻓﺎﻓﺘﺮﺳﻪ , ﺃﻭ ﻏﺮﻕ ﰲ ﻣﺎﺀ , ﺃﻭ ﺍﺣﺘﺮﻕ ﺑﻨﺎﺭ , ﻭﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻥ ﺍﳌﻄﻠﻮﺏ ﺻﺒﻴﺎ ﺃﻭ ﻛﺒﲑﺍ , ﺃﻋﻤﻰ ﺃﻭ ﺑﺼﲑﺍ , ﻋﺎﻗﻼ ﺃﻭ ﳎﻨﻮﻧﺎ .
2- ﻭﻟﻮ ﺷﻬﺮ ﺳﻴﻔﺎ ﰲ ﻭﺟﻪ ﺇﻧﺴﺎﻥ , ﺃﻭ ﺩﻻﻩ ﻣﻦ ﺷﺎﻫﻖ , ﻓﻤﺎﺕ ﻣﻦ ﺭﻭﻋﺘﻪ , ﺃﻭ ﺫﻫﺐ ﻋﻘﻠﻪ , ﻓﻌﻠﻴﻪ ﺩﻳﺘﻪ . ﻭﺇﻥ ﺻﺎﺡ ﺑﺼﱯ ﺃﻭ ﳎﻨﻮﻥ ﺻﻴﺤﺔ ﺷﺪﻳﺪﺓ , ﻓﺨﺮ ﻣﻦ ﺳﻄﺢ ﺃﻭ ﳓﻮﻩ , ﻓﻤﺎﺕ , ﺃﻭ ﺫﻫﺐ ﻋﻘﻠﻪ , ﺃﻭ ﺗﻐﻔﻞ ﻋﺎﻗﻼ ﻓﺼﺎﺡ ﺑﻪ , ﻓﺄﺻﺎﺑﻪ ﺫﻟﻚ , ﻓﻌﻠﻴﻪ ﺩﻳﺘﻪ , ﲢﻤﻠﻬﺎ ﺍﻟﻌﺎﻗﻠﺔ . ﻓﺈﻥ ﻓﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﻋﻤﺪﺍ , ﻓﻬﻮ ﺷﺒﻪ ﻋﻤﺪ , ﻭﺇﻻ ﻓﻬﻮ ﺧﻄﺄ .
3- ﺇﺫﺍ ﺑﻌﺚ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺇﱃ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﻟﻴﺤﻀﺮﻫﺎ، ﻓﺄﺳﻘﻄﺖ ﺟﻨﻴﻨﺎ ﻣﻴﺘﺎ، ﺿﻤﻨﻪ ﺑﻐﺮﺓ ; ﳌﺎ ﺭﻭﻱ ﺃﻥ ﻋﻤﺮ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﺑﻌﺚ ﺇﱃ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﻣﻐﻴﺒﺔ، ﻛﺎﻥ ﻳﺪﺧﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ , ﻓﻘﺎﻟﺖ : ﻳﺎ ﻭﻳﻠﻬﺎ , ﻣﺎﳍﺎ ﻭﻟﻌﻤﺮ ﻓﺒﻴﻨﻤﺎ ﻫﻲ ﰲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺇﺫ ﻓﺰﻋﺖ , فضربها ﺍﻟﻄﻠﻖ , ﻓﺄﻟﻘﺖ ﻭﻟﺪﺍ , ﻓﺼﺎﺡ ﺍﻟﺼﱯ ﺻﻴﺤﺘﲔ , ﰒ ﻣﺎﺕ , ﻓﺎﺳﺘﺸﺎﺭ ﻋﻤﺮ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﺄﺷﺎﺭ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺃﻥ ﻟﻴﺲ ﻋﻠﻴﻚ ﺷﻲﺀ , ﺇﳕﺎ ﺃﻧﺖ ﻭﺍﻝ ﻭﻣﺆﺩﺏ .
ﻭﺻﻤﺖ ﻋﻠﻲ ﻓﺄﻗﺒﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﻋﻤﺮ , ﻓﻘﺎﻝ : ﻣﺎ ﺗﻘﻮﻝ ﻳﺎ ﺃﺑﺎ ﺍﳊﺴﻦ ؟ ﻓﻘﺎﻝ : ﺇﻥ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻗﺎﻟﻮﺍ ﺑﺮﺃﻳﻬﻢ ﻓﻘﺪ ﺃﺧﻄﺄ ﺭﺃﻳﻬﻢ , ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻗﺎﻟﻮﺍ ﰲ ﻫﻮﺍﻙ ﻓﻠﻢ ﻳﻨﺼﺤﻮﺍ ﻟﻚ, ﺇﻥ ﺩﻳﺘﻪ ﻋﻠﻴﻚ ; ﻷﻧﻚ ﺃﻓﺰﻋﺘﻬﺎ ﻓﺄﻟﻘﺘﻪ . ﻓﻘﺎﻝ ﻋﻤﺮ : ﺃﻗﺴﻤﺖ ﻋﻠﻴﻚ ﺃﻥ ﻻ ﺗﱪﺡ ﺣﱴ ﺗﻘﺴﻤﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻣﻚ . ﻭﻟﻮ ﻓﺰﻋﺖ ﺍﳌﺮﺃﺓ ﻓﻤﺎﺗﺖ , ﻟﻮﺟﺒﺖ ﺩﻳﺘﻬﺎ ﺃﻳﻀﺎ.
ﻭﻭﺍﻓﻖ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﰲ ﺿﻤﺎﻥ ﺍﳉﻨﲔ , ﻭﻗﺎﻝ : ﻻ ﺗﻀﻤﻦ ﺍﳌﺮﺃﺓ ; ﻷﻥ ﺫﻟﻚ ﻟﻴﺲ ﺑﺴﺒﺐ ﺇﱃ ﻫﻼﻛﻬﺎ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ .
-----------------------

2-ﺍﺟﺘﻤﺎﻉ ﻣﺒﺎﺷﺮ ﻭﻣﺘﺴﺒﺐ :
ﺇﻥ ﻭﺿﻊ ﺭﺟﻞ ﺣﺠﺮﺍ , ﻭﺣﻔﺮ ﺁﺧﺮ ﺑﺌﺮﺍ , ﺃﻭ ﻧﺼﺐ ﺳﻜﻴﻨﺎ , ﻓﻌﺜﺮ ﺑﺎﳊﺠﺮ , ﻓﻮﻗﻊ ﰲ ﺍﻟﺒﺌﺮ , ﺃﻭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻜﲔ , ﻓﻬﻠﻚ , ﻓﺎﻟﻀﻤﺎﻥ ﻋﻠﻰ – ﺍﳌﺬﻫﺐ – ﻋﻠﻰ ﻭﺍﺿﻊ ﺍﳊﺠﺮ ﺩﻭﻥ ﺍﳊﺎﻓﺮ ﻭﻧﺎﺻﺐ ﺍﻟﺴﻜﲔ ، ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﺇﺫﺍ ﱂ ﻳﻜﻦ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺗﻮﺍﻃﺆ ; ﻷﻥ ﻭﺍﺿﻊ ﺍﳊﺠﺮ ﻛﺎﻟﺪﺍﻓﻊ ﻟﻪ , ﻭﺇﺫﺍ ﺍﺟﺘﻤﻊ ﺍﳊﺎﻓﺮ ﻭﺍﻟﺪﺍﻓﻊ ﻓﺎﻟﻀﻤﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﺍﻓﻊ ﻭﺣﺪﻩ .
ﻭﻟﻮ ﻭﺿﻊ ﺭﺟﻞ ﺣﺠﺮﺍ , ﰒ ﺣﻔﺮ ﻋﻨﺪﻩ ﺁﺧﺮ ﺑﺌﺮﺍ , ﺃﻭ ﻧﺼﺐ ﺳﻜﻴﻨﺎ , ﻓﻌﺜﺮ ﺑﺎﳊﺠﺮ , ﻓﺴﻘﻂ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ , ﻓﻬﻠﻚ , ﻓﻴﻀﻤﻦ ﺍﳊﺎﻓﺮ ﻭﻧﺎﺻﺐ ﺍﻟﺴﻜﲔ ; ﻷﻥ ﻓﻌﻠﻬﻤﺎ ﻣﺘﺄﺧﺮ ﻋﻦ ﻓﻌﻠﻪ , ﻓﺄﺷﺒﻪ ﻣﺎ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺯﻕ ﻓﻴﻪ ﻣﺎﺋﻊ ﻭﻫﻮ ﻭﺍﻗﻒ , ﻓﺤﻞ ﻭﻛﺎﺀﻩ ﺇﻧﺴﺎﻥ , ﻭﺃﻣﺎﻟﻪ ﺁﺧﺮ , ﻓﺴﺎﻝ ﻣﺎ ﻓﻴﻪ , ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻀﻤﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻵﺧﺮ ﻣﻨﻬﻤﺎ .
-----------------------
3- ﻣﺴﺎﺋﻞ ﺍﳊﻔﺮ:
ﻭﻣﻦ ﺃﺣﻜﺎﻡ ﺍﳊﻔﺮ :
1-ﺇﺫﺍ ﺣﻔﺮ ﺑﺌﺮﺍ ﰲ ﻃﺮﻳﻖ ﻟﻐﲑ ﻣﺼﻠﺤﺔ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ , ﺃﻭ ﰲ ﻣﻠﻚ ﻏﲑﻩ ﺑﻐﲑ ﺇﺫﻧﻪ , ﺃﻭ ﻭﺿﻊ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺣﺠﺮﺍ ﺃﻭ ﺣﺪﻳﺪﺓ , ﺃﻭ ﺻﺐ ﻓﻴﻪ ﻣﺎﺀ , ﺃﻭ ﻭﺿﻊ ﻓﻴﻪ ﻗﺸﺮ ﺑﻄﻴﺦ ﺃﻭ ﳓﻮﻩ , ﻭﻫﻠﻚ ﻓﻴﻪ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﺃﻭ ﺩﺍﺑﺔ , ﺿﻤﻨﻪ ; ﻷﻧﻪ ﺗﻠﻒ ﺑﻌﺪﻭﺍﻧﻪ ﻓﻀﻤﻨﻪ , ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﺟﲎ ﻋﻠﻴﻪ . ﺭﻭﻱ ﻋﻦ ﺷﺮﻳﺢ , ﺃﻧﻪ ﺿﻤﻦ ﺭﺟﻼ ﺣﻔﺮ ﺑﺌﺮﺍ , ﻓﻮﻗﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﺭﺟﻞ ﻓﻤﺎﺕ . ﻭﺭﻭﻱ ﺫﻟﻚ ﻋﻦ ﻋﻠﻲ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ.
2- ﻭﺇﻥ ﻭﺿﻊ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﺣﺠﺮﺍ ﺃﻭ ﺣﺪﻳﺪﺓ ﰲ ﻣﻠﻜﻪ , ﺃﻭ ﺣﻔﺮ ﻓﻴﻪ ﺑﺌﺮﺍ , ﻓﺪﺧﻞ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﺑﻐﲑ ﺇﺫﻧﻪ , ﻓﻬﻠﻚ ﺑﻪ , ﻓﻼ ﺿﻤﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺎﻟﻚ ; ﻷﻧﻪ ﱂ ﻳﺘﻌﺪ , ﻭﺇﳕﺎ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ﻫﻠﻚ ﺑﻌﺪﻭﺍﻥ ﻧﻔﺴﻪ , ﻭﺇﻥ ﻭﺿﻊ ﺣﺠﺮﺍ ﰲ ﻣﻠﻜﻪ , ﻭﻧﺼﺐ ﺃﺟﻨﱯ ﻓﻴﻪ ﺳﻜﻴﻨﺎ , ﺃﻭ ﺣﻔﺮ ﺑﺌﺮﺍ ﺑﻐﲑ ﺇﺫﻧﻪ , ﻓﻌﺜﺮ ﺭﺟﻞ ﺑﺎﳊﺠﺮ , ﻓﻮﻗﻊ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻜﲔ ﺃﻭ ﰲ ﺍﻟﺒﺌﺮ , ﻓﺎﻟﻀﻤﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﺎﻓﺮ ﻭﻧﺎﺻﺐ ﺍﻟﺴﻜﲔ , ﻟﺘﻌﺪﻳﻬﻤﺎ , ﺇﺫﺍ ﱂ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺍﻟﻀﻤﺎﻥ ﺑﻮﺍﺿﻊ ﺍﳊﺠﺮ ;
ﻻﻧﺘﻔﺎﺀ ﻋﺪﻭﺍﻧﻪ . ﻭﺇﻥ ﺍﺷﺘﺮﻙ ﲨﺎﻋﺔ ﰲ ﻋﺪﻭﺍﻥ ﺗﻠﻒ ﺑﻪ ﺷﻲﺀ , ﻓﺎﻟﻀﻤﺎﻥ ﻋﻠﻴﻬﻢ .
3- ﻭﺇﻥ ﺣﻔﺮ ﺑﺌﺮﺍ ﰲ ﻣﻠﻚ ﻧﻔﺴﻪ , ﺃﻭ ﰲ ﻣﻠﻚ ﻏﲑﻩ ﺑﺈﺫﻧﻪ , ﻓﻼ ﺿﻤﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ; ﻷﻧﻪ ﻏﲑ ﻣﺘﻌﺪ ﲝﻔﺮﻫﺎ . ﻭﺇﻥ ﺣﻔﺮﻫﺎ ﰲ ﻣﻮﺍﺕ , ﱂ ﻳﻀﻤﻦ ; ﻷﻧﻪ ﻏﲑ ﻣﺘﻌﺪ ﲝﻔﺮﻫﺎ . ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺇﻥ ﻭﺿﻊ ﺣﺠﺮﺍ , ﺃﻭ ﻧﺼﺐ ﺷﺮﻛﺎ , ﺃﻭ ﺷﺒﻜﺔ , ﺃﻭ ﻣﻨﺠﻼ , ﻟﻴﺼﻴﺪ ﻬﺎ .
4- ﻭﺇﻥ ﺣﻔﺮ بئراً ﰲ ﻃﺮﻳﻖ ﻓﻔﻴﻪ ﺗﻔﺼﻴﻞ :
i. ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﰲ ﻃﺮﻳﻖ ﺿﻴﻖ , ﻓﻌﻠﻴﻪ ﺿﻤﺎﻥ ﻣﻦ ﻫﻠﻚ ﺑﻪ ; ﻷﻧﻪ ﻣﺘﻌﺪ . ﻭﺳﻮﺍﺀ ﺃﺫﻥ ﻟﻪ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻓﻴﻪ , ﺃﻭ ﱂ ﻳﺄﺫﻥ ; ﻓﺈﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻟﻺﻣﺎﻡ ﺍﻹﺫﻥ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻀﺮ ﺑﺎﳌﺴﻠﻤﲔ , ﻭﻟﻮ ﻓﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻟﻀﻤﻦ ﻣﺎ ﺗﻠﻒ ﺑﻪ ; ﻟﺘﻌﺪﻳﻪ .
Ii. ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻭﺍﺳﻌﺎ , ﻓﻴﻨﻈﺮ:
ﺃ- ﻓﺈﻥ ﺣﻔﺮ ﰲ ﻣﻜﺎﻥ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﻀﺮ ﺑﺎﳌﺴﻠﻤﲔ , ﻓﻌﻠﻴﻪ ﺍﻟﻀﻤﺎﻥ ; ﻛﺬﻟﻚ .
ﺏ- ﻭﺇﻥ ﺣﻔﺮ ﰲ ﻣﻮﺿﻊ ﻻ ﺿﺮﺭ ﻓﻴﻪ , ﻧﻈﺮﻧﺎ :
1) ﻓﺈﻥ ﺣﻔﺮﻫﺎ ﻟﻨﻔﺴﻪ , ﻓﺎﳌﺬﻫﺐ ﺃﻧﻪ ﻳﻀﻤﻦ ﻣﺎ ﺗﻠﻒ بها مطلقاً, ﺳﻮﺍﺀ ﺣﻔﺮﻫﺎ ﺑﺈﺫﻥ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﻭ ﻏﲑ ﺇﺫﻧﻪ .
ﻭﻗﺎﻝ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ : ﺇﻥ ﺣﻔﺮﻫﺎ ﺑﺈﺫﻥ ﺍﻹﻣﺎﻡ , ﱂ ﻳﻀﻤﻦ ; ﻷﻥ ﻟﻺﻣﺎﻡ ﺃﻥ ﻳﺄﺫﻥ ﰲ ﺍﻻﻧﺘﻔﺎﻉ ﲟﺎ ﻻ ﺿﺮﺭ ﻓﻴﻪ , ﺑﺪﻟﻴﻞ ﺃﻧﻪ ﳚﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﺄﺫﻥ ﰲ ﺍﻟﻘﻌﻮﺩ ﻓﻴﻪ , ﻭﻳﻘﻄﻌﻪ ﳌﻦ ﻳﺒﻴﻊ ﻓﻴﻪ . ﻭﻗﻮﻝ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ ﻫﻮ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ.
2) ﻭﺇﻥ ﺣﻔﺮ ﺍﻟﺒﺌﺮ ﻟﻨﻔﻊ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ , ﻣﺜﻞ ﺃﻥ ﳛﻔﺮﻩ ﻟﻴﱰﻝ ﻓﻴﻪ ﻣﺎﺀ ﺍﳌﻄﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ , ﺃﻭ ﻟﺘﺸﺮﺏ ﻣﻨﻪ ﺍﳌﺎﺭﺓ , ﻭﳓﻮﻫﺎ , ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﺑﺈﺫﻥ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻓﻼ ﺿﻤﺎﻥ ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺑﻐﲑ ﺇﺫﻧﻪ ﻓﺎﳌﺬﻫﺐ ﺃﻧﻪ ﻻ ﺿﻤﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺃ ﻳ ﻀ ﺎﹰ ; ﻷﻧﻪ ﳏﺴﻦ ﺑﻔﻌﻠﻪ , ﻏﲑ ﻣﺘﻌﺪ ﲝﻔﺮﻩ , ﻓﺄﺷﺒﻪ ﺑﺎﺳﻂ ﺍﳊﺼﲑ ﰲ ﺍﳌﺴﺠﺪ . ﻭﻋﻦ ﺃﲪﺪ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺃﻧﻪ ﻳﻀﻤﻦ ;
ﻷﻧﻪ ﺍﻓﺘﺄﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻣﺎﻡ . ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻫﻮ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ.
ﻭﺧﻼﺻﺔ ﻣﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﳌﺬﻫﺐ ﰲ ﺍﳊﻔﺮ ﺃﻧﻪ ﻣﱴ ﺣﻔﺮ ﺣﻔﺮﺓ ﺗﻀﺮ ; ﺇﻣﺎ ﻟﻜﻮﻬﺎ ﰲ ﻃﺮﻳﻖ ﺿﻴﻖ , ﺃﻭ ﰲ ﻭﺍﺳﻊ ﺗﻀﺮ ﺑﺎﳌﺎﺭﺓ , ﺃﻭ ﺣﻔﺮ ﻟﻨﻔﺴﻪ , ﻓﻘﺪ ﺗﻌﺪﻯ . ﻭﺍﻟﺮﺍﺟﺢ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﻀﻤﻦ ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﰲ ﻃﺮﻳﻖ ﺿﻴﻖ ، ﺃﻭ ﰲ ﻭﺍﺳﻊ ﺗﻀﺮ ﺑﺎﳌﺎﺭﺓ ، ﺃﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﻐﲑ ﺇﺫﻥ ﺍﻹﻣﺎﻡ، ﻭﻫﻮ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ.
5-ﻭﺇﺫﺍ ﺣﻔﺮ ﺑﺌﺮﺍ ﰲ ﻣﻠﻚ ﺇﻧﺴﺎﻥ , ﺃﻭ ﻭﺿﻊ ﻓﻴﻪ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻪ ﺍﻟﻀﻤﺎﻥ , ﻓﺄﺑﺮﺃﻩ ﺍﳌﺎﻟﻚ ﻣﻦ ﺿﻤﺎﻥ ﻣﺎ ﻳﺘﻠﻒ ﺑﻪ , ﻓﻔﻴﻪ ﻭﺟﻬﺎﻥ ;
ﺃﺻﺤﻬﻤﺎ: ﻳﱪﺃ ; ﻷﻥ ﺍﳌﺎﻟﻚ ﻟﻮ ﺃﺫﻥ ﻓﻴﻪ ﺍﺑﺘﺪﺍﺀ ﱂ ﻳﻀﻤﻦ ﻣﺎ ﺗﻠﻒ ﺑﻪ , ﻓﺈﺫﺍ ﺃﺑﺮﺃﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﻤﺎﻥ , ﻭﺃﺫﻥ ﻓﻴﻪ , ﺯﺍﻝ ﻋﻨﻪ ﺍﻟﻀﻤﺎﻥ , ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﺍﻗﺘﺮﻥ ﺍﻹﺫﻥ ﺑﺎﳊﻔﺮ.
6-ﻭﺇﻥ ﺣﻔﺮ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﰲ ﻣﻠﻜﻪ ﺑﺌﺮﺍ , ﻓﻮﻗﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﺃﻭ ﺩﺍﺑﺔ , ﻓﻬﻠﻚ ﺑﻪ , ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ﺩﺧﻞ ﺑﻐﲑ ﺇﺫﻧﻪ , ﻓﻼ ﺿﻤﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﺎﻓﺮ ; ﻷﻧﻪ ﻻ ﻋﺪﻭﺍﻥ ﻣﻨﻪ . ﻭﺇﻥ ﺩﺧﻞ ﺑﺈﺫﻧﻪ , ﻭﺍﻟﺒﺌﺮ ﺑﻴﻨﺔ ﻣﻜﺸﻮﻓﺔ , ﻭﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ﺑﺼﲑ ﻳﺒﺼﺮﻫﺎ , ﻓﻼ ﺿﻤﺎﻥ ﺃﻳﻀﺎ ; ﻷﻥ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻫﻠﻚ ﻧﻔﺴﻪ , ﻓﺄﺷﺒﻪ ﻣﺎ ﻟﻮ ﻗﺪﻡ ﺇﻟﻴﻪ ﺳﻴﻒ , ﻓﻘﺘﻞ ﺑﻪ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ﺃﻋﻤﻰ , ﺃﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﰲ ﻇﻠﻤﺔ ﻻ ﻳﺒﺼﺮﻫﺎ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ , ﺃﻭ ﻏﻄﻰ ﺭﺃﺳﻬﺎ , ﻓﻠﻢ ﻳﻌﻠﻢ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ﻬﺎ ﺣﱴ ﻭﻗﻊ ﻓﻴﻬﺎ , ﻓﻌﻠﻴﻪ ﺿﻤﺎﻧﻪ .
-------------------------
4- ﻣﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ:
ﻭﻣﻦ ﺃﺣﻜﺎﻣﻪ:
1- ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﰲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺣﻜﻤﻪ ﻛﺤﻜﻢ ﺍﳊﻔﺮ ﻓﻴﻬﺎ , ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﻭﺍﳋﻼﻑ , ﻓﺎﳌﺬﻫﺐ ﺃﻧﻪ ﻣﱴ ﺑﲎ ﺑﻨﺎﺀ ﻳﻀﺮ ; ﺇﻣﺎ ﻟﻜﻮﻧﻪ ﰲ ﻃﺮﻳﻖ ﺿﻴﻖ , ﺃﻭ ﰲ ﻭﺍﺳﻊ ﻳﻀﺮ ﺑﺎﳌﺎﺭﺓ , ﺃﻭ ﺑﲎ ﻟﻨﻔﺴﻪ , ﻓﻘﺪ ﺗﻌﺪﻯ , ﻭﻳﻀﻤﻦ ﻣﺎ ﺗﻠﻒ ﺑﻪ , ﻭﺇﻥ ﺑﲎ ﰲ ﻃﺮﻳﻖ ﻭﺍﺳﻊ , ﰲ ﻣﻮﺿﻊ ﻻ ﻳﻀﺮ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﻓﻴﻪ , ﻟﻨﻔﻊ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ , ﻛﺒﻨﺎﺀ ﻣﺴﺠﺪ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﻟﻴﻪ ﻟﻠﺼﻼﺓ ﻓﻴﻪ ﰲ ﺯﺍﻭﻳﺔ ﻭﳓﻮﻫﺎ , ﻓﻼ ﺿﻤﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ , ﻭﺳﻮﺍﺀ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻛﻠﻪ ﺃﺫﻥ
ﻓﻴﻪ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﻭ ﱂ ﻳﺄﺫﻥ . ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺮﺍﺟﺢ ﻻ ﻳﻀﻤﻦ ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﰲ ﻃﺮﻳﻖ ﺿﻴﻖ ﺃﻭ ﻭﺍﺳﻊ ﻳﻀﺮ ﺑﺎﳌﺎﺭﺓ، ﺃﻭ ﻛﺎﻥ ﺑﻐﲑ ﺇﺫﻥ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺳﻮﺍﺀ ﺑﲎ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﺃﻭ ﻟﻌﻤﻮﻡ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ.
2- ﺇﺫﺍ ﺃﺧﺮﺝ ﺇﱃ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﻨﺎﻓﺬ ﺟﻨﺎﺣﺎ , ﺃﻭ ﺳﺎﺑﺎﻃﺎ , ﺃﻭ ميزاباً ، ﻓﺴﻘﻂ , ﺃﻭ ﺷﻲﺀ ﻣﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﺷﻲﺀ , ﻓﺄﺗﻠﻔﻪ , ﻓﻌﻠﻰ ﺍﳌﺨﺮﺝ ﺿﻤﺎﻧﻪ .
3- ﻟﻮ ﻭﺿﻊ ﺟﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺳﻄﺤﻪ ﺃﻭ ﺣﺎﺋﻄﻪ , ﺃﻭ ﺣﺠﺮﺍ , ﻓﺮﻣﺘﻪ ﺍﻟﺮﻳﺢ ﻋﻠﻰ ﺇﻧﺴﺎﻥ , ﻓﻘﺘﻠﻪ , ﺃﻭ ﺷﻲﺀ ﺃﺗﻠﻔﻪ , ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻀﻤﻦ ﺇﺫﺍ ﻭﺿﻌﻬﺎ ﻣﺘﻄﺮﻓﺔ ; ﻷﻧﻪ ﻧﺴﺐ ﺇﱃ ﺇﻟﻘﺎﺋﻬﺎ , ﻭﺗﻌﺪﻯ ﺑﻮﺿﻌﻬﺎ , ﻓﺄﺷﺒﻪ ﻣﻦ ﺑﲎ ﺣﺎﺋﻄﻪ ﻣﺎﺋﻼ .
------------------------
5- ﺿﻤﺎﻥ ﺍﳌﺴﺘﺄﺟﺮ ﻭﺍﻷﺟﲑ:
ﻭﻣﻦ ﺃﺣﻜﺎﻣﻪ:
1- ﺇﻥ ﺍﺳﺘﺄﺟﺮ ﺃﺟﲑﺍ , ﻓﺤﻔﺮ ﰲ ﻣﻠﻚ ﻏﲑﻩ ﺑﻐﲑ ﺇﺫﻧﻪ , ﻭﻋﻠﻢ ﺍﻷﺟﲑ ﺫﻟﻚ , ﻓﺎﻟﻀﻤﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺣﺪﻩ ; ﻷﻧﻪ ﻣﺘﻌﺪ ﺑﺎﳊﻔﺮ , ﻭﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﻓﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﺑﺄﺟﺮﺓ ﻭﻻ ﻏﲑﻫﺎ , ﻓﺘﻌﻠﻖ ﺍﻟﻀﻤﺎﻥ ﺑﻪ , ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﺃﻣﺮﻩ ﻏﲑﻩ ﺑﺎﻟﻘﺘﻞ ﻓﻘﺘﻞ . ﻭﺇﻥ ﱂ ﻳﻌﻠﻢ , ﻓﺎﻟﻀﻤﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺴﺘﺄﺟﺮ ; ﻷﻧﻪ ﻏﺮﻩ , ﻓﺘﻌﻠﻖ ﺍﻟﻀﻤﺎﻥ ﺑﻪ, ﻛﺎﻹﰒ , ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﳊﻜﻢ ﰲ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﻭﳓﻮﻩ.
2- ﻭﺇﻥ ﺍﺳﺘﺄﺟﺮ ﺃﺟﲑﺍ ﻟﻴﺤﻔﺮ ﻟﻪ ﰲ ﻣﻠﻜﻪ ﺑﺌﺮﺍ , ﺃﻭ ﻟﻴﺒﲏ ﻟﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﻨﺎﺀ , ﻓﺘﻠﻒ ﺍﻷﺟﲑ ﺑﺬﻟﻚ , ﱂ ﻳﻀﻤﻨﻪ ﺍﳌﺴﺘﺄﺟﺮ ; ﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : { ﺍﻟﺒﺌﺮ ﺟﺒﺎﺭ } . ﻭﻷﻧﻪ ﱂ ﻳﺘﻠﻔﻪ , ﻭﺇﳕﺎ ﻓﻌﻞ ﺍﻷﺟﲑ ﺑﺎﺧﺘﻴﺎﺭ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻌﻼ ﺃﻓﻀﻰ ﺇﱃ ﺗﻠﻔﻪ , ﻓﺄﺷﺒﻪ ﻣﺎ ﻟﻮ ﻓﻌﻠﻪ ﺗﱪﻋﺎ ﻣﻦ ﻋﻨﺪ ﻧﻔﺴﻪ , ﺇﻻ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻷﺟﲑ ﺻﺒﻴﺎ ﺑﻐﲑ ﺇﺫﻥ ﻭﻟﻴﻪ , ﻓﻴﻀﻤﻨﻪ ; ﻷﻧﻪ ﻣﺘﻌﺪ ﺑﺎﺳﺘﻌﻤﺎﻟﻪ , ﻣﺘﺴﺒﺐ ﺇﱃ ﺇﺗﻼﻑ ﺣﻖ ﻏﲑﻩ .
3- ﻭﺇﻥ ﺳﻠﻢ ﻭﻟﺪﻩ ﺍﻟﺼﻐﲑ ﺇﱃ ﺍﻟﺴﺎﺑﺢ , ﻟﻴﻌﻠﻤﻪ ﺍﻟﺴﺒﺎﺣﺔ , ﻓﻐﺮﻕ , ﻓﻘﻴﻞ : ﺍﻟﻀﻤﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﺢ ; ﻷﻧﻪ ﺳﻠﻤﻪ ﺇﻟﻴﻪ ﻟﻴﺤﺘﺎﻁ ﰲ ﺣﻔﻈﻪ , ﻓﺈﺫﺍ ﻏﺮﻕ ﻧﺴﺐ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﻔﺮﻳﻂ ﰲ ﺣﻔﻈﻪ . ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ : ﻗﻴﺎﺱ ﺍﳌﺬﻫﺐ ﺃﻥ ﻻ ﻳﻀﻤﻨﻪ ; ﻷﻧﻪ ﻓﻌﻞ ﻣﺎ ﺟﺮﺕ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ﺑﻪ ﳌﺼﻠﺤﺘﻪ , ﻓﻠﻢ ﻳﻀﻤﻦ ﻣﺎ ﺗﻠﻒ ﺑﻪ , ﻛﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﺿﺮﺏ ﺍﳌﻌﻠﻢ ﺍﻟﺼﱯ ﺿﺮﺑﺎ ﻣﻌﺘﺎﺩﺍ , ﻓﺘﻠﻒ ﺑﻪ . ﻓﺄﻣﺎ ﺍﻟﻜﺒﲑ ﺇﺫﺍ ﻏﺮﻕ , ﻓﻠﻴﺲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﺎﺑﺢ ﺷﻲﺀ ﺇﺫﺍ ﱂ ﻳﻔﺮﻁ , ﻷﻥ ﺍﻟﻜﺒﲑ ﰲ ﻳﺪ ﻧﻔﺴﻪ , ﻻ ﻳﻨﺴﺐ ﺍﻟﺘﻔﺮﻳﻂ ﰲ ﻫﻼﻛﻪ ﺇﱃ ﻏﲑﻩ .
-------------------------
6- ﺍﻟﺘﻬﺪﻳﻒ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺼﻮﻡ:
ﺇﻥ ﻗﺪﻡ ﺇﻧﺴﺎﻧﺎ ﺇﱃ ﻫﺪﻑ ﻳﺮﻣﻴﻪ ﺍﻟﻨﺎﺱ , ﻓﺄﺻﺎﺑﻪ ﺳﻬﻢ ﻣﻦ ﻏﲑ ﺗﻌﻤﺪ , ﻓﻀﻤﺎﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪﻣﻪ ; ﻷﻥ ﺍﻟﺮﺍﻣﻲ ﻛﺎﳊﺎﻓﺮ , ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪﻣﻪ ﻛﺎﻟﺪﺍﻓﻊ , ﻓﻜﺎﻥ ﺍﻟﻀﻤﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺘﻪ . ﻭﺇﻥ ﻋﻤﺪ ﺍﻟﺮﺍﻣﻲ ﺭﻣﻴﻪ , ﻓﺎﻟﻀﻤﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ; ﻷﻧﻪ ﻣﺒﺎﺷﺮ , ﻭﺫﺍﻙ ﻣﺘﺴﺒﺐ , ﻓﺄﺷﺒﻪ ﺍﳌﻤﺴﻚ ﻭﺍﻟﻘﺎﺗﻞ . ﻭﺇﻥ ﱂ ﻳﻘﺪﻣﻪ ﺃﺣﺪ , ﻓﺎﻟﻀﻤﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺍﻣﻲ , ﻭﲢﻤﻠﻪ ﻋﺎﻗﻠﺘﻪ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺧﻄﺄ ; ﻷﻧﻪ ﻗﺘﻠﻪ .
------------------------

ﺍﻟﻔﺮﻉ ﺍﻟﺜﺎﱐ: ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ ﺑﺎﻟﺴﻠﺐ ﺃﻭ ﺍﻻﻣﺘﻨﺎﻉ:
ﻭﻣﻦ ﺃﺣﻜﺎﻣﻪ:
1- ﻣﻦ ﺃﺧﺬ ﻃﻌﺎﻡ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﺃﻭ ﺷﺮﺍﺑﻪ ﰲ ﺑﺮﻳﺔ , ﺃﻭ ﻣﻜﺎﻥ ﻻ ﻳﻘﺪﺭ ﻓﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﻃﻌﺎﻡ ﻭﺷﺮﺍﺏ , ﻓﻬﻠﻚ ﺑﺬﻟﻚ , ﺃﻭ ﻫﻠﻜﺖ ﻬﻴﻤﺘﻪ , ﻓﻌﻠﻴﻪ ﺿﻤﺎﻥ ﻣﺎ ﺗﻠﻒ ﺑﻪ ; ﻷﻧﻪ ﺳﺒﺐ ﻫﻼﻛﻪ . ﻭﺇﻥ ﺍﺿﻄﺮ ﺇﱃ ﻃﻌﺎﻡ ﻭﺷﺮﺍﺏ ﻟﻐﲑﻩ , ﻓﻄﻠﺒﻪ ﻣﻨﻪ , ﻓﻤﻨﻌﻪ ﺇﻳﺎﻩ ﻣﻊ ﻏﻨﺎﻩ ﻋﻨﻪ ﰲ ﺗﻠﻚ ﺍﳊﺎﻝ , ﻓﻤﺎﺕ ﺑﺬﻟﻚ , ﺿﻤﻨﻪ ﺍﳌﻄﻠﻮﺏ ﻣﻨﻪ ; ﳌﺎ ﺭﻭﻱ ﻋﻦ ﻋﻤﺮ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ , ﺃﻧﻪ ﻗﻀﻰ ﺑﺬﻟﻚ , ﻭﻷﻧﻪ ﺇﺫﺍ ﺍﺿﻄﺮ ﺇﻟﻴﻪ , ﺻﺎﺭ ﺃﺣﻖ ﺑﻪ ﳑﻦ ﻫﻮ ﰲ ﻳﺪﻩ , ﻭﻟﻪ ﺃﺧﺬﻩ ﻗﻬﺮﺍ , ﻓﺈﺫﺍ ﻣﻨﻌﻪ ﺇﻳﺎﻩ , ﺗﺴﺒﺐ ﺇﱃ ﺇﻫﻼﻛﻪ ﲟﻨﻌﻪ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﺤﻘﻪ , ﻓﻠﺰﻣﻪ ﺿﻤﺎﻧﻪ , ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﺃﺧﺬ ﻃﻌﺎﻣﻪ ﻭﺷﺮﺍﺑﻪ ﻓﻬﻠﻚ ﺑﺬﻟﻚ . ﻭﻇﺎﻫﺮ ﻛﻼﻡ ﺃﲪﺪ , ﺃﻥ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﰲ ﻣﺎﻟﻪ ; ﻷﻧﻪ ﺗﻌﻤﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﺘﻞ ﻣﺜﻠﻪ ﻏﺎﻟﺒﺎ . ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ : ﺗﻜﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺘﻪ ;
ﻷﻥ ﻫﺬﺍ ﻻ ﻳﻮﺟﺐ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ , ﻓﻴﻜﻮﻥ ﺷﺒﻪ ﺍﻟﻌﻤﺪ .
2- ﻣﻦ ﺭﺃﻯ ﻏﲑﻩ مضطراً ﺇﱃ ﻃﻌﺎﻡ ﺃﻭ ﺷﺮﺍﺏ ، ﻭﱂ ﻳﻄﻠﺒﻪ ﻣﻨﻪ ،ﱂ ﻳﻀﻤﻨﻪ ; ﻷﻧﻪ ﱂ ﳝﻨﻌﻪ , ﻭﱂ ﻳﻮﺟﺪ ﻣﻨﻪ ﻓﻌﻞ ﺗﺴﺒﺐ ﺑﻪ ﺇﱃ ﻫﻼﻛﻪ . ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺭﺃﻯ ﺇﻧﺴﺎﻧﺎ ﰲ ﻣﻬﻠﻜﺔ , ﻓﻠﻢ ﻳﻨﺠﻪ ﻣﻨﻬﺎ , ﻣﻊ ﻗﺪﺭﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ , ﱂ ﻳﻠﺰﻣﻪ ﺿﻤﺎﻧﻪ , ﻭﻗﺪ ﺃﺳﺎﺀ .
-----------------------------

ﺍﻟﻔﺮﻉ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ: ﺍﻟﻀﺮﺏ ﲟﺎ ﻳﻔﻀﻲ ﺇﱃ ﺍﳊﺪﺙ:
ﻣﻦ ﺿﺮﺏ ﺇﻧﺴﺎﻧﺎ ﺣﱴ ﺃﺣﺪﺙ , ﻓﻼ ﺷﻲﺀ ﻓﻴﻪ ، ﻋﻨﺪ ﺍﻷﺋﻤﺔ ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ ; ﻷﻥ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﺇﳕﺎ ﲡﺐ ﻹﺗﻼﻑ ﻣﻨﻔﻌﺔ ﺃﻭ ﻋﻀﻮ , ﺃﻭ ﺇﺯﺍﻟﺔ ﲨﺎﻝ , ﻭﻟﻴﺲ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ، ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻥ ﺍﳊﺪﺙ ﺭﳛﺎ ﺃﻭ ﻏﺎﺋﻄﺎ ﺃﻭ ﺑﻮﻻ . ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﳊﻜﻢ ﻓﻴﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﺃﻓﺰﻋﻪ ﺣﱴ ﺃﺣﺪﺙ .
ﻭﻋﻦ ﺃﲪﺪ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺃﻥ ﻓﻴﻪ ﺛﻠﺚ ﺍﻟﺪﻳﺔ ، ﳌﺎ ﺭﻭﻱ ﺃﻥ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﻗﻀﻰ ﻓﻴﻪ ﺑﺜﻠﺚ ﺍﻟﺪﻳﺔ . ﻭﻗﺎﻝ ﺃﲪﺪ : ﻻ ﺃﻋﺮﻑ ﺷﻴﺌﺎ ﻳﺪﻓﻌﻪ .
-----------------------------

ﺍﻟﻔﺮﻉ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ : ﺟﻨﺎﻳﺔ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ خطأً:
ﻻ ﺧﻼﻑ ﺃﻧﻪ ﺇﺫﺍ ﻗﺘﻞ ﻧﻔﺴﻪ عمداً ﻓﻬﻮ ﻫﺪﺭ . ﻭﺃﻣﺎ ﺇﻥ ﺟﲎ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ , ﺃﻭ ﻋﻠﻰ ﺃﻃﺮﺍﻓﻪ , خطأً ﺃﻭ ﺷﺒﻪ ﻋﻤﺪ، ﻓﻔﻴﻪ ﻗﻮﻻﻥ:
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻷﻭﻝ : ﺃﻥ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺘﻪ ﺩﻳﺘﻪ ﻟﻮﺭﺛﺘﻪ ﺇﻥ ﻗﺘﻞ ﻧﻔﺴﻪ , ﺃﻭ ﺃﺭﺵ ﺟﺮﺣﻪ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺜﻠﺚ . ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﻋﻦ ﺃﲪﺪ ; ﳌﺎ ﺭﻭﻱ ﺃﻥ ﺭﺟﻼ ﺳﺎﻕ ﲪﺎﺭﺍ ﻓﻀﺮﺑﻪ ﺑﻌﺼﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻌﻪ , ﻓﻄﺎﺭﺕ ﻣﻨﻬﺎ ﺷﻈﻴﺔ , ﻓﺄﺻﺎﺑﺖ ﻋﻴﻨﻪ ﻓﻔﻘﺄﻬﺎ ﻓﺠﻌﻞ ﻋﻤﺮ , ﺩﻳﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺘﻪ , ﻭﻗﺎﻝ : ﻫﻲ ﻳﺪ ﻣﻦ ﺃﻳﺪﻱ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ , ﱂ ﻳﺼﺒﻬﺎ ﺍﻋﺘﺪﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﺃﺣﺪ . ﻓﻌﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ , ﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻌﺎﻗﻠﺔ ﺍﻟﻮﺭﺛﺔ , ﱂ ﳚﺐ ﺷﻲﺀ ; ﻷﻧﻪ ﻻ ﳚﺐ ﻟﻺﻧﺴﺎﻥ ﺷﻲﺀ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ , ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻭﺍﺭﺛﺎ , ﺳﻘﻂ ﻋﻨﻪ ﻣﺎ ﻳﻘﺎﺑﻞ ﻧﺼﻴﺒﻪ , ﻭﻋﻠﻴﻪ ﻣﺎ ﺯﺍﺩ ﻋﻠﻰ ﻧﺼﻴﺒﻪ , ﻭﻟﻪ ﻣﺎ ﺑﻘﻲ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻧﺼﻴﺒﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﻋﻠﻴﻪ .
ﻭﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺜﺎﱐ : ﺟﻨﺎﻳﺘﻪ ﻫﺪﺭ . ﻭﻫﺬﺍ ﻗﻮﻝ ﺃﻛﺜﺮ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ , ﻣﻨﻬﻢ ﺃﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ ، ﻭﻣﺎﻟﻚ , ﻭﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ , ﻭﺃﲪﺪ ﰲ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ﺍﳌﻌﺘﻤﺪﺓ .
ﻭﺍﻷﺩﻟﺔ :
1- ﺃﻥ ﻋﺎﻣﺮ ﺑﻦ ﺍﻷﻛﻮﻉ ﺑﺎﺭﺯ ﻣﺮﺣﺒﺎ ﻳﻮﻡ ﺧﻴﱪ , ﻓﺮﺟﻊ ﺳﻴﻔﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ , ﻓﻤﺎﺕ , ﻭﱂ ﻳﺮﻭ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﻀﻰ ﻓﻴﻪ ﺑﺪﻳﺔ ﻭﻻ ﻏﲑﻫﺎ , ﻭﻟﻮ ﻭﺟﺒﺖ ﻟﺒﻴﻨﻪ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ .
2- ﻭﻷﻥ ﻭﺟﻮﺏ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺎﻗﻠﺔ ﺇﳕﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻮﺍﺳﺎﺓ ﻟﻠﺠﺎﱐ , ﻭﲣﻔﻴﻔﺎ ﻋﻨﻪ , ﻭﻟﻴﺲ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﺎﱐ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﺷﻲﺀ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﱃ ﺍﻹﻋﺎﻧﺔ ﻭﺍﳌﻮﺍﺳﺎﺓ ﻓﻴﻪ , ﻓﻼ ﻭﺟﻪ ﻹﳚﺎﺑﻪ . ﻭﻳﻔﺎﺭﻕ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻏﲑﻩ , ﻓﺈﻧﻪ ﻟﻮ ﱂ ﲢﻤﻠﻪ ﺍﻟﻌﺎﻗﻠﺔ , ﻷﺟﺤﻒ ﺑﻪ ﻭﺟﻮﺏ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻟﻜﺜﺮﻬﺎ .
ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻫﻮ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ.
ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ، ﻓﺈﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻣﻮﺗﻪ ﺑﻔﻌﻠﻪ ﻭﻓﻌﻞ ﻏﲑﻩ ﻓﻴﺴﻘﻂ ﻣﻦ ﺩﻳﺘﻪ ﻣﺎ ﻳﻘﺎﺑﻞ ﻓﻌﻠﻪ .
--------------------------

ﺍﻟﻔﺮﻉ ﺍﳋﺎﻣﺲ: ﺗﺴﺒﺐ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﻊ ﻏﲑﻩ ﰲ ﻗﺘﻞ ﻧﻔﺴﻪ خطأً
ﻭﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ : ﺃﻥ ﻳﻬﻠﻚ ﺷﺨﺺ ﰲ ﺣﺎﺩﺙ ﺳﻴﺎﺭﺓ ﻭﻳﻜﻮﻥ ﺍﳋﻄﺄ مشتركاً ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﲔ ﻏﲑﻩ .
ﻓﺈﺫﺍ ﺗﺴﺒﺐ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﻊ ﻏﲑﻩ ﰲ ﻗﺘﻞ ﻧﻔﺴﻪ ، ﻓﻌﻠﻰ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﳌﺸﺘﺮﻛﲔ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭﺓ ﲟﺎ ﻓﻴﻬﻢ ﺍﳌﻘﺘﻮﻝ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻓﻔﻴﻬﺎ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻭﺟﻪ ﰲ ﺍﳌﺬﻫﺐ ، ﻭﻗﺪ ﺫﻛﺮ ﺍﻷﺻﺤﺎﺏ ﻣﻦ ﺃﻣﺜﻠﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﺮﻉ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺍﳌﻨﺠﻨﻴﻖ ، وصورتها ﻛﺎﻵﰐ :
ﻟﻮ ﺭﻣﻰ ﺛﻼﺛﺔ ﺑﺎﳌﻨﺠﻨﻴﻖ , ﻓﺮﺟﻊ ﺍﳊﺠﺮ , ﻓﺄﺻﺎﺏ ﺭﺟﻼ ﻣﻨﻬﻢ , ﻓﻌﻠﻰ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﻛﻔﺎﺭﺓ , ﻭﻻ ﺗﺴﻘﻂ ﻋﻤﻦ ﺃﺻﺎﺑﻪ ﺍﳊﺠﺮ ; ﻷﻧﻪ ﺷﺎﺭﻙ ﰲ ﻗﺘﻞ ﻧﻔﺲ ﻣﺆﻣﻨﺔ , ﻭﺍﻟﻜﻔﺎﺭﺓ ﺇﳕﺎ ﲡﺐ ﳊﻖ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ , ﻓﻮﺟﺒﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺎﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ , ﻛﻮﺟﻮﻬﺎ ﺑﺎﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﰲ ﻗﺘﻞ ﻏﲑﻩ .
ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﺪﻳﺔ , ﻓﻔﻴﻬﺎ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻭﺟﻪ :
ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻷﻭﻝ: ﺃﻥ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺔ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﺛﻠﺚ ﺩﻳﺘﻪ ﻟﻮﺭﺛﺔ ﺍﳌﻘﺘﻮﻝ ; ﻷﻥ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﻣﺸﺎﺭﻙ ﰲ ﻗﺘﻞ ﻧﻔﺲ ﻣﺆﻣﻨﺔ ﺧﻄﺄ , ﻓﻠﺰﻣﺘﻪ ﺩﻳﺘﻬﺎ , ﻛﺎﻷﺟﺎﻧﺐ . ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻨﺒﲏ ﻋﻠﻰ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺘﲔ , ﰲ ﺃﻥ ﺟﻨﺎﻳﺔ ﺍﳌﺮﺀ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﺃﻭ ﺃﻫﻠﻪ ﺧﻄﺄ ﳛﻤﻞ ﻋﻘﻠﻬﺎ ﻋﺎﻗﻠﺘﻪ .
ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﺜﺎﱐ : ﺃﻥ ﻳﻠﻐﻰ ﻓﻌﻞ ﺍﳌﻘﺘﻮﻝ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ , ﻭﲡﺐ ﺩﻳﺘﻪ ﺑﻜﻤﺎﳍﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺔ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﻧﺼﻔﲔ.
ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ : ﺃﻥ ﻣﺎ ﻗﺎﺑﻞ ﻓﻌﻞ ﺍﳌﻘﺘﻮﻝ ﺳﺎﻗﻂ , ﻻ ﻳﻀﻤﻨﻪ ﺃﺣﺪ ; ﻷﻧﻪ ﺷﺎﺭﻙ ﰲ ﺇﺗﻼﻑ ﺣﻘﻪ , ﻓﻠﻢ ﻳﻀﻤﻦ ﻣﺎ ﻗﺎﺑﻞ ﻓﻌﻠﻪ. ﻭﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺔ ﺻﺎﺣﺒﻴﻪ ﺛﻠﺜﺎ ﺍﻟﺪﻳﺔ .ﻗﺎﻝ ﺍﳌﺮﺩﺍﻭﻱ : ﻭﻫﻮ ﺍﳌﺬﻫﺐ .أﻫـ. ﻭﻫﻮ ﻣﺬﻫﺐ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ أيضاً.
ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺃﺻﺢ ﺍﻷﻭﺟﻪ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ؛ ﻷﻥ ﺍﳌﻘﺘﻮﻝ ﻣﺸﺎﺭﻙ ﰲ ﺍﻟﻘﺘﻞ , ﻓﻠﻢ ﺗﻜﻤﻞ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺷﺮﻳﻜﻴﻪ , ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻗﺘﻠﻮﺍ ﻭﺍﺣﺪﺍ ﻣﻦ ﻏﲑﻫﻢ.
ﻭﺭﺟﺢ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺍﺑﻦ ﻗﺪﺍﻣﺔ أيضاً ﻭﻗﺎﻝ : ﻗﺪ ﺭﻭﻱ ﳓﻮﻩ ﻋﻦ ﻋﻠﻲ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﰲ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﻘﺎﺭﺿﺔ ﻭﺍﻟﻘﺎﺑﻀﺔ ﻭﺍﻟﻮﺍﻗﺼﺔ , ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻌﱯ : ﻭﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺛﻼﺙ ﺟﻮﺍﺭ ﺍﺟﺘﻤﻌﻦ ﻓﺄﺭﻥ , ﻓﺮﻛﺒﺖ ﺇﺣﺪﺍﻫﻦ ﻋﻠﻰ ﻋﻨﻖ ﺃﺧﺮﻯ , ﻭﻗﺮﺻﺖ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﺍﳌﺮﻛﻮﺑﺔ , ﻓﻘﻤﺼﺖ , ﻓﺴﻘﻄﺖ ﺍﻟﺮﺍﻛﺒﺔ , ﻓﻮﻗﺼﺖ ﻋﻨﻘﻬﺎ , ﻓﻤﺎﺗﺖ , ﻓﺮﻓﻊ ﺫﻟﻚ ﺇﱃ ﻋﻠﻲ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﻓﻘﻀﻰ ﺑﺎﻟﺪﻳﺔ ﺃﺛﻼﺛﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﻮﺍﻗﻠﻬﻦ , ﻭﺃﻟﻐﻰ ﺍﻟﺜﻠﺚ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﺑﻞ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻮﺍﻗﺼﺔ ; لأنها ﺃﻋﺎﻧﺖ ﻋﻠﻰ ﻗﺘﻞ ﻧﻔﺴﻬﺎ . ﻭﻫﺬﻩ ﺷﺒﻴﻬﺔ ﲟﺴﺄﻟﺘﻨﺎ. ﺍﻫـ.
ﻭﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻓﺈﺫﺍ ﻫﻠﻚ ﺷﺨﺺ ﰲ ﺣﺎﺩﺙ ﺳﻴﺎﺭﺓ ﻭﻛﺎﻥ ﺍﳋﻄﺄ مشتركاً ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﲔ ﻏﲑﻩ ، ﻓﻴﺴﻘﻂ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻣﺎ ﻳﻘﺎﺑﻞ ﻓﻌﻞ ﻧﻔﺴﻪ ، ﻭﻳﺘﺤﻤﻞ ﺍﻵﺧﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﲟﻘﺪﺍﺭ ﻧﺴﺒﺔ ﺧﻄﺄﻩ ، ﻭﺑﻪ ﻳﻌﻠﻢ ﺻﺤﺔ ﻣﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﰲ ﺃﻧﻈﻤﺔ ﺍﳌﺮﻭﺭ ﻣﻦ ﺗﺒﻌﻴﺾ ﺍﳌﺴﺌﻮﻟﻴﺔ ﰲ ﺍﳊﻮﺍﺩﺙ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺘﺴﺒﺒﲔ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﻨﺴﺒﺔ ﺧﻄﺄ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ.
ﻣﺴﺄﻟﺔ : ﺇﺫﺍ ﺍﺷﺘﺮﻙ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺛﻼﺛﺔ ﰲ ﻗﺘﻞ ﺇﻧﺴﺎﻥ خطأً ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺛﻼﺛﺔ , ﻓﺎﻟﺪﻳﺔ ﺣﺎﻟﺔ ﰲ ﺃﻣﻮﺍﳍﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻮﻝ ، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﰲ ﺍﳌﺬﻫﺐ , ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻥ ﺍﳌﻘﺘﻮﻝ ﻣﻨﻬﻢ ﺃﻭ ﻣﻦ ﻏﲑﻫﻢ , ﺇﻻ ﺃﻧﻪ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻣﻨﻬﻢ , ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻌﻞ ﺍﳌﻘﺘﻮﻝ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ ﻫﺪﺭﺍ ; ﻷﻧﻪ ﻻ ﳚﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﺷﻲﺀ , ﻭﻳﻜﻮﻥ ﺑﺎﻗﻲ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﰲ ﺃﻣﻮﺍﻝ ﺷﺮﻛﺎﺋﻪ ﺣﺎﻻ ; ﻷﻥ ﺍﻟﺘﺄﺟﻴﻞ ﰲ ﺍﻟﺪﻳﺎﺕ ﺇﳕﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻴﻤﺎ ﲢﻤﻠﻪ ﺍﻟﻌﺎﻗﻠﺔ , ﻭﻫﺬﺍ ﻻ ﲢﻤﻠﻪ ﺍﻟﻌﺎﻗﻠﺔ ; لأنها ﻻ ﲢﻤﻞ
ﻣﺎ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺜﻠﺚ , ﻭﺍﻟﻘﺪﺭ ﺍﻟﻼﺯﻡ ﻟﻜﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺜﻠﺚ .
---------------------------

ﺍﻟﻔﺮﻉ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ: ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺴﻘﻮﻁ:
ﺇﺫﺍ ﺳﻘﻂ ﺭﺟﻞ ﰲ ﺑﺌﺮ , ﻓﺴﻘﻂ ﻋﻠﻴﻪ ﺁﺧﺮ ﻓﻘﺘﻠﻪ , ﻓﻌﻠﻴﻪ ﺿﻤﺎﻧﻪ ; ﻷﻧﻪ ﻗﺘﻠﻪ ﻓﻀﻤﻨﻪ , ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﺭﻣﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺣﺠﺮﺍ , ﰒ ﻳﻨﻈﺮ ; ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﻋﻤﺪ ﺭﻣﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻠﻴﻪ , ﻭﻫﻮ ﳑﺎ ﻳﻘﺘﻞ ﻏﺎﻟﺒﺎ , ﻓﻌﻠﻴﻪ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ , ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﳑﺎ ﻻ ﻳﻘﺘﻞ ﻏﺎﻟﺒﺎ , ﻓﻬﻮ ﺷﺒﻪ ﻋﻤﺪ , ﻭﺇﻥ ﻭﻗﻊ ﺧﻄﺄ , ﻓﺎﻟﺪﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺘﻪ ﳐﻔﻔﺔ . ﻭﺇﻥ ﻣﺎﺕ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﺑﻮﻗﻮﻋﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻭﻝ , ﻓﺪﻣﻪ ﻫﺪﺭ ; ﻷﻧﻪ ﻣﺎﺕ ﺑﻔﻌﻠﻪ .
ﻭﻗﺪ ﺭﻭﻯ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺭﺑﺎﺡ ﺍﻟﻠﺨﻤﻲ , ﺃﻥ ﺭﺟﻼ ﻛﺎﻥ ﻳﻘﻮﺩ ﺃﻋﻤﻰ , ﻓﻮﻗﻌﺎ ﰲ ﺑﺌﺮ ; ﺧﺮ ﺍﻟﺒﺼﲑ , ﻭﻭﻗﻊ ﺍﻷﻋﻤﻰ ﻓﻮﻕ ﺍﻟﺒﺼﲑ , ﻓﻘﺘﻠﻪ , ﻓﻘﻀﻰ ﻋﻤﺮ ﺑﻌﻘﻞ ﺍﻟﺒﺼﲑ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻋﻤﻰ , ﻓﻜﺎﻥ ﺍﻷﻋﻤﻰ ﻳﻨﺸﺪ ﰲ ﺍﳌﻮﺳﻢ : ﻳﺎ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻟﻘﻴﺖ ﻣﻨﻜﺮﺍ ﻫﻞ ﻳﻌﻘﻞ
ﺍﻷﻋﻤﻰ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﺍﳌﺒﺼﺮﺍ ﺧﺮﺍ ﻣﻌﺎ ﻛﻼﳘﺎ ﺗﻜﺴﺮﺍ .

ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻗﺪﺍﻣﺔ: ﻭﻟﻮ ﻗﺎﻝ ﻗﺎﺋﻞ : ﻟﻴﺲ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻋﻤﻰ ﺿﻤﺎﻥ ﺍﻟﺒﺼﲑ ; ﻷﻧﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﺩﻩ ﺇﱃ ﺍﳌﻜﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﻗﻌﺎ ﻓﻴﻪ , ﻭﻛﺎﻥ ﺳﺒﺐ ﻭﻗﻮﻋﻪ ﻋﻠﻴﻪ , ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻟﻮ ﻓﻌﻠﻪ ﻗﺼﺪﺍ ﱂ ﻳﻀﻤﻨﻪ , ﺑﻐﲑ ﺧﻼﻑ , ﻭﻛﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺿﻤﺎﻥ ﺍﻷﻋﻤﻰ , ﻭﻟﻮ ﱂ ﻳﻜﻦ ﺳﺒﺒﺎ ﱂ ﻳﻠﺰﻣﻪ ﺿﻤﺎﻥ ﺑﻘﺼﺪﻩ . ﻟﻜﺎﻥ ﻟﻪ ﻭﺟﻪ , ﺇﻻ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﳎﻤﻌﺎ ﻋﻠﻴﻪ , ﻓﻼ ﲡﻮﺯ ﳐﺎﻟﻔﺔ ﺍﻹﲨﺎﻉ .
ﻭﳛﺘﻤﻞ ﺃﻧﻪ ﺇﳕﺎ ﱂ ﳚﺐ ﺍﻟﻀﻤﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺎﺋﺪ ﻷﻣﺮﻳﻦ :
ﺃﺣﺪﳘﺎ : ﺃﻧﻪ ﻣﺄﺫﻭﻥ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺍﻷﻋﻤﻰ , ﻓﻠﻢ ﻳﻀﻤﻦ ﻣﺎ ﺗﻠﻒ ﺑﻪ , ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﺣﻔﺮ ﻟﻪ ﺑﺌﺮﺍ ﰲ ﺩﺍﺭﻩ ﺑﺈﺫﻧﻪ , ﻓﺘﻠﻒ ﻬﺎ .
ﺍﻟﺜﺎﱐ : ﺃﻧﻪ ﻓﻌﻞ ﻣﻨﺪﻭﺏ ﺇﻟﻴﻪ , ﻣﺄﻣﻮﺭ ﺑﻪ , ﻓﺄﺷﺒﻪ ﻣﺎ ﻟﻮ ﺣﻔﺮ ﺑﺌﺮﺍ ﰲ ﺳﺎﺑﻠﺔ ﻳﻨﺘﻔﻊ ﻬﺎ ﺍﳌﺴﻠﻤﻮﻥ , ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﻳﻀﻤﻦ ﻣﺎ ﺗﻠﻒ ﻬﺎ .
------------------------------

ﺍﻟﻔﺮﻉ ﺍﻟﺴﺎﺑﻊ: ﻣﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﺘﺘﺎﺑﻊ ﰲ ﺍﻟﺴﻘﻮﻁ :
ﻭﻫﻲ ﺃﻥ ﻳﻘﻊ ﻋﺪﺓ ﺃﺷﺨﺎﺹ ﰲ ﺑﺌﺮ ، ﺃﻭ ﺯﺑﻴﺔ ﺃﺳﺪ ﻭﳓﻮ ﺫﻟﻚ ﻓﻴﻬﻠﻜﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ جميعاً، ﻭﳍﺎ ﻋﺪﺓ ﺣﺎﻻﺕ :
ﺍﳊﺎﻝ ﺍﻷﻭﱃ :
ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻮﻬﻢ ﺑﻐﲑ ﻭﻗﻮﻉ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ , ﻭﺑﺪﻭﻥ ﺃﻥ ﳚﺬﺏ ﺑﻌﻀﻬﻢ بعضاً ﻣﺜﻞ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺒﺌﺮ ﻋﻤﻴﻘﺎ ﳝﻮﺕ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻓﻴﻪ ﺑﻨﻔﺲ ﺍﻟﻮﻗﻮﻉ , ﺃﻭ ﻛﺎﻥ ﻓﻴﻪ ﻣﺎﺀ ﻳﻐﺮﻕ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻓﻴﻘﺘﻠﻪ , ﺃﻭ ﺃﺳﺪ ﻳﺄﻛﻠﻬﻢ , ﻓﻠﻴﺲ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺿﻤﺎﻥ ﺑﻌﺾ ; ﻟﻌﺪﻡ ﺗﺄﺛﲑ ﻓﻌﻞ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﰲ ﻫﻼﻙ ﺑﻌﺾ , ﻭﺇﻥ ﺷﻜﻜﻨﺎ ﰲ ﺫﻟﻚ , ﱂ ﻳﻀﻤﻦ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺑﻌﻀﺎ ; ﻷﻥ ﺍﻷﺻﻞ ﺑﺮﺍﺀﺓ ﺍﻟﺬﻣﺔ ﻓﻼ ﻧﺸﻐﻠﻬﺎ ﺑﺎﻟﺸﻚ .
ﺍﳊﺎﻝ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ :
ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ موتهم ﺑﻮﻗﻮﻉ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ , ﻭﻟﻜﻦ ﺑﺪﻭﻥ ﺃﻥ ﳚﺬﺏ ﺑﻌﻀﻬﻢ بعضاً، ﻓﻠﻮ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﺃﺭﺑﻌﺔ ، ﻓﺪﻡ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﻫﺪﺭ ; ﻷﻥ ﻏﲑﻩ ﱂ ﻳﻔﻌﻞ ﻓﻴﻪ ﺷﻴﺌﺎ , ﻭﺇﳕﺎ ﻫﻠﻚ ﺑﻔﻌﻠﻪ , ﻭﻋﻠﻴﻪ ﺩﻳﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ; ﻷﻧﻪ ﻗﺘﻠﻪ ﺑﻮﻗﻮﻋﻪ ﻋﻠﻴﻪ , ﻭﺩﻳﺔ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻧﺼﻔﲔ , ﻭﺩﻳﺔ ﺍﻷﻭﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﺃﺛﻼﺛﺎ . ﻭﻗﺪ ﺗﻘﺪﻡ ﺑﻴﺎﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﺎﻝ ﰲ ﺍﻟﻔﺮﻉ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ.
ﺍﳊﺎﻝ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ :
ﺃﻥ ﳚﺬﺏ ﺑﻌﻀﻬﻢ بعضاً ، ﻭﻳﻜﻮﻥ موتهم ﺑﺴﺒﺐ ﺳﻘﻮﻁ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ، ﻭﺗﻔﺼﻴﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﺎﻝ :
ﺃﻧﻪ ﺇﺫﺍ ﺳﻘﻂ ﺭﺟﻞ ﰲ ﺑﺌﺮ , ﻓﺘﻌﻠﻖ ﺑﺂﺧﺮ , ﻓﻮﻗﻌﺎ ﻣﻌﺎ , ﻓﺪﻡ ﺍﻷﻭﻝ ﻫﺪﺭ ; ﻷﻧﻪ ﻣﺎﺕ ﻣﻦ ﻓﻌﻠﻪ , ﻭﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺘﻪ ﺩﻳﺔ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﺇﻥ ﻣﺎﺕ ; ﻷﻧﻪ ﻗﺘﻠﻪ ﲜﺬﺑﺘﻪ . ﻓﺈﻥ ﺗﻌﻠﻖ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﺑﺜﺎﻟﺚ , ﻓﻤﺎﺗﻮﺍ ﲨﻴﻌﺎ , ﻓﻼ ﺷﻲﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ، ﻭﺃﻣﺎ ﺩﻳﺘﻪ – ﺃﻱ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ – ﻓﻔﻴﻬﺎ ﻭﺟﻬﺎﻥ:
ﺍﻷﻭﻝ – ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺮﺍﺟﺢ -: أنها ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺔ ﺍﻟﺜﺎﱐ ; ﻷﻧﻪ ﺟﺬﺑﻪ ﻭﺑﺎﺷﺮﻩ ﺑﺎﳉﺬﺏ , ﻭﺍﳌﺒﺎﺷﺮﺓ ﺗﻘﻄﻊ ﺣﻜﻢ ﺍﻟﺴﺒﺐ , ﻛﺎﳊﺎﻓﺮ ﻣﻊ ﺍﻟﺪﺍﻓﻊ.
ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ – ﻭﻫﻮ ﺍﳌﺮﺟﻮﺡ -: ﺃﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺔ ﺍﻷﻭﻝ ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ ﻧﺼﻔﲔ ; ﻷﻥ ﺍﻷﻭﻝ ﺟﺬﺏ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﺍﳉﺎﺫﺏ ﻟﻠﺜﺎﻟﺚ , ﻓﺼﺎﺭ ﻣﺸﺎﺭﻛﺎ ﻟﻠﺜﺎﱐ ﰲ ﺇﺗﻼﻓﻪ .
ﻭﺃﻣﺎ ﺩﻳﺔ ﺍﻟﺜﺎﱐ ، ﻓﻴﻨﻈﺮ : ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﻫﻠﻚ ﲜﺬﺑﺔ ﺍﻷﻭﻝ ﻓﻬﻲ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺔ ﺍﻷﻭﻝ ; ﻷﻧﻪ ﻫﻠﻚ ﲜﺬﺑﺘﻪ , ﻭﺇﻥ ﻫﻠﻚ ﺑﺴﻘﻮﻁ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻋﻠﻴﻪ , ﻓﻘﺪ ﻫﻠﻚ ﲜﺬﺑﺔ ﺍﻷﻭﻝ ﻭﺟﺬﺑﺔ ﻧﻔﺴﻪ ﻟﻠﺜﺎﻟﺚ , ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﻓﻔﻴﻬﺎ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻭﺟﻪ:
ﺍﻷﻭﻝ : ﺃﻥ ﻳﺴﻘﻂ ﻓﻌﻞ ﻧﻔﺴﻪ , ﻛﺎﳌﺼﻄﺪﻣﲔ , ﻭﲡﺐ ﺩﻳﺘﻪ ﺑﻜﻤﺎﳍﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻭﻝ .
ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ –ﻭﻫﻮ ﺃﺭﺟﺤﻬﺎ-: ﳚﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻭﻝ ﻧﺼﻒ ﺩﻳﺘﻪ , ﻭﻳﻬﺪﺭ ﻧﺼﻔﻬﺎ ﰲ ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ ﻓﻌﻞ ﻧﻔﺴﻪ . ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺬﻫﺐ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ .
ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺚ :ﻭﺟﻮﺏ ﻧﺼﻒ ﺩﻳﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺘﻪ ﻟﻮﺭﺛﺘﻪ . ﻛﻤﺎ ﺳﻴﺄﰐ ﰲ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺍﳌﻨﺠﻨﻴﻖ .
ﻭﺃﻣﺎ ﺩﻳﺔ ﺍﻷﻭﻝ ﺇﺫﺍ ﻣﺎﺕ ﺑﻮﻗﻮﻋﻬﻤﺎ ﻋﻠﻴﻪ , ﻓﻔﻴﻬﺎ ﺍﻷﻭﺟﻪ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ; ﻷﻧﻪ ﻣﺎﺕ ﻣﻦ ﺟﺬﺑﺘﻪ ﻭﺟﺬﺑﺔ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻟﻠﺜﺎﻟﺚ , ﻓﺘﺠﺐ ﺩﻳﺘﻪ ﻛﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺔ ﺍﻟﺜﺎﱐ : ﻭﻳﻠﻐﻰ ﻓﻌﻞ ﻧﻔﺴﻪ , ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻷﻭﻝ . ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺜﺎﱐ : ﻳﻬﺪﺭ ﻧﺼﻒ ﺩﻳﺘﻪ ﺍﳌﻘﺎﺑﻞ ﻟﻔﻌﻞ ﻧﻔﺴﻪ , ﻭﳚﺐ ﻧﺼﻔﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺜﺎﱐ : ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ , ﳚﺐ ﻧﺼﻔﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺘﻪ ﻟﻮﺭﺛﺘﻪ .
ﺇﻥ ﺟﺬﺏ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺭﺍﺑﻌﺎ , ﻓﻤﺎﺕ ﲨﻴﻌﻬﻢ ﺑﻮﻗﻮﻉ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ , ﻓﻼ ﺷﻲﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ; ﻷﻧﻪ ﱂ ﻳﻔﻌﻞ ﺷﻴﺌﺎ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﻻ ﻏﲑﻩ ,
ﻭﰲ ﺩﻳﺘﻪ ﻭﺟﻬﺎﻥ ; ﺃﺻﺤﻬﻤﺎ ; ﺃﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺍﳌﺒﺎﺷﺮ ﳉﺬﺑﻪ . ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ : ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺔ ﺍﻷﻭﻝ ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ; ﻷﻧﻪ ﻣﺎﺕ ﻣﻦ ﺟﺬﺏ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ , ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺩﻳﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻋﻮﺍﻗﻠﻬﻢ . ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻷﻭﻝ ﻓﻘﺪ ﻣﺎﺕ ﲜﺬﺑﺘﻪ ﻭﺟﺬﺑﺔ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻭﺟﺬﺑﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ , ﻓﻔﻴﻪ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻭﺟﻪ ; ﺃﺣﺪﻫﺎ , ﺃﻧﻪ ﻳﻠﻐﻰ ﻓﻌﻞ ﻧﻔﺴﻪ , ﻭﲡﺐ ﺩﻳﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺔ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻧﺼﻔﲔ . ﺍﻟﺜﺎﱐ – ﻭﻫﻮ ﺃﺻﺤﻬﺎ- : ﳚﺐ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺘﻬﻤﺎ ﺛﻠﺜﺎﻫﺎ , ﻭﻳﺴﻘﻂ ﻣﺎ ﻗﺎﺑﻞ ﻓﻌﻞ ﻧﻔﺴﻪ , ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ : ﳚﺐ ﺛﻠﺜﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺘﻪ ﻟﻮﺭﺛﺘﻪ . ﻭﺃﻣﺎ ﺍﳉﺎﺫﺏ ﺍﻟﺜﺎﱐ : ﻓﻘﺪ ﻣﺎﺕ ﺑﺎﻷﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ , ﻭﻓﻴﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻭﺟﻪ ﺍﳌﺬﻛﻮﺭﺓ ﰲ ﺍﻷﻭﻝ ﺳﻮﺍﺀ . ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ : ﻓﻔﻴﻪ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻭﺟﻪ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ , ﻭﻭﺟﻪ ﺭﺍﺑﻊ , ﺃﻥ ﺩﻳﺘﻪ ﺑﻜﻤﺎﳍﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺜﺎﱐ ; ﻷﻧﻪ ﺍﳌﺒﺎﺷﺮ ﳉﺬﺑﻪ , ﻓﺴﻘﻂ ﻓﻌﻞ ﻏﲑﻩ ﺑﻔﻌﻠﻪ . ﻭﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﳋﺎﻣﺲ – ﻭﻫﻮ ﺃﺻﺤﻬﺎ - ، ﺃﻥ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺔ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻧﺼﻔﻬﺎ , ﻭﻳﺴﻘﻂ ﺍﻟﻨﺼﻒ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﰲ ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ فعله ﰲ ﻧﻔﺴﻪ .
ﻭﺧﻼﺻﺔ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺮﺍﺟﺢ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﺎﻝ : ﺃﻥ ﺍﻷﺧﲑ ﺩﻳﺘﻪ ﺑﺄﻛﻤﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺑﺎﺷﺮ ﺟﺬﺑﻪ ، ﻭﺃﻣﺎ ﻣﻦ ﻋﺪﺍﻩ ﻓﻴﻨﻈﺮ : ﻓﻤﻦ ﻣﺎﺕ ﻣﻨﻬﻢ ﺑﺴﺒﺐ ﺟﺬﺏ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﻟﻪ ﻓﺪﻳﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ . ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﻮﺕ ﺃﺣﺪﻫﻢ ﺑﺴﺒﺐ ﺳﻘﻮﻁ ﺍﻟﺘﺎﱄ ﻭﻣﻦ ﺑﻌﺪﻩ ﻋﻠﻴﻪ ، ﺃﻱ ﺑﺴﺒﺐ ﺟﺬﺑﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﻟﻪ ﻭﺟﺬﺑﺔ ﻧﻔﺴﻪ ﻟﻠﺘﺎﱄ ﻭﺟﺬﺏ ﺍﻟﺘﺎﱄ ﳌﻦ ﺑﻌﺪﻩ ، ﻓﺘﻘﺴﻢ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﺑﻌﺪﺩ ﺗﻠﻚ ﺍﳉﺬﺑﺎﺕ ﺍﳌﻀﻤﻮﻧﺔ ﻭﻳﻬﺪﺭ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﻘﺎﺑﻞ ﻓﻌﻞ ﻧﻔﺴﻪ ، ﻭﻳﺘﺤﻤﻞ ﺍﻟﺒﻘﻴﺔ ﻣﺎ ﺗﺒﻘﻰ ﻣﻨﻬﺎ .
ﻓﻠﻮ ﻛﺎﻥ ﻋﺪﺩ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﲔ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﻓﻘﺪ ﻣﺎﺕ ﺍﻷﻭﻝ ﲜﺬﺑﺘﻪ ﻭﺟﺬﺑﺔ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻭﺟﺬﺑﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ، ﻓﻴﺠﺐ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺘﻬﻤﺎ ﺛﻠﺜﺎﻫﺎ ﻭﻳﺴﻘﻂ ﻣﺎ ﻗﺎﺑﻞ ﻓﻌﻞ ﻧﻔﺴﻪ. ﻭﻣﺎﺕ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﲜﺬﺑﺔ ﺍﻷﻭﻝ ﻟﻪ ، ﻭﺟﺬﺑﺘﻪ ، ﻭﺟﺬﺑﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﳌﻦ ﺑﻌﺪﻩ ﻓﻴﺠﺐ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺔ ﺍﻷﻭﻝ ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺛﻠﺜﺎ ﺍﻟﺪﻳﺔ ، ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻓﻤﺎﺕ ﲜﺬﺑﺘﻪ ﻟﻠﺮﺍﺑﻊ ، ﻭﺟﺬﺑﺔ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻟﻪ ﻓﻨﺼﻒ ﺩﻳﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺔ ﺍﻟﺜﺎﱐ , ﻭﻳﺴﻘﻂ ﺍﻟﻨﺼﻒ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﰲ ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ ﻓﻌﻠﻪ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻭﺍﷲ ﺃﻋﻠﻢ.
ﺍﳊﺎﻝ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ ( ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺰﺑﻴﺔ ):
ﺃﻥ ﳚﺬﺏ ﺑﻌﻀﻬﻢ بعضاً، ﻭﻳﻜﻮﻥ موتهم ﺑﻐﲑ ﻭﻗﻮﻉ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ , ﻭﺇﳕﺎ ﻷﻣﺮ ﰲ ﺍﻟﺒﺌﺮ , ﻛﺄﺳﺪ ﻭﳓﻮﻩ , ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻭﻗﻊ ﺃﺭﺑﻌﺔ ، ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻷﻭﻝ ﺟﺬﺏ ﺍﻟﺜﺎﱐ , ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ ﺟﺬﺏ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ , ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺟﺬﺏ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ , ﻓﻘﺘﻠﻬﻢ ﺍﻷﺳﺪ , ﻓﻼ ﺷﻲﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ , ﻭﺩﻳﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ , ﰲ ﺃﺭﺟﺢ ﺍﻟﻮﺟﻬﲔ , ﻭﰲ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﺍﳌﺮﺟﻮﺡ : ﻋﻠﻰ ﻋﻮﺍﻗﻞ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﺃﺛﻼﺛﺎ , ﻭﺃﻣﺎ ﺩﻳﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ , ﻓﻌﻠﻰ ﺍﻟﺜﺎﱐ : ﰲ ﺃﺭﺟﺢ ﺍﻟﻮﺟﻬﲔ , ﻭﰲ ﺍﻵﺧﺮ , ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻭﻝ ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ ﻧﺼﻔﲔ .ﻭﺩﻡ ﺍﻷﻭﻝ ﻫﺪﺭ , ﻭﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺘﻪ ﺩﻳﺔ ﺍﻟﺜﺎﱐ .
ﻭﻫﺬﻩ ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﺗﺴﻤﻰ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺰﺑﻴﺔ , ﻭﻗﺪ ﺭﻭﻯ ﻋﻦ ﺣﻨﺶ ﺑﻦ ﺍﳌﻌﺘﻤﺮ ﻋﻦ ﻋﻠﻲ ﺭﺿﻮﺍﻥ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻗﺎﻝ: {ﺑﻌﺜﲏ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺇﱃ ﺍﻟﻴﻤﻦ ﻓﺎﻧﺘﻬﻴﻨﺎ ﺇﱃ ﻗﻮﻡ ﻗﺪ ﺑﻨﻮﺍ ﺯﺑﻴﺔ ﻟﻸﺳﺪ ﻓﺒﻴﻨﻤﺎ ﻫﻢ ﻛﺬﻟﻚ ﻳﺘﺪﺍﻓﻌﻮﻥ ﺇﺫ ﺳﻘﻂ ﺭﺟﻞ ﻓﺘﻌﻠﻖ ﺑﺂﺧﺮ , ﰒ ﺗﻌﻠﻖ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺑﺂﺧﺮ ﺣﱴ ﺻﺎﺭﻭﺍ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﺭﺑﻌﺔ , ﻓﺠﺮﺣﻬﻢ ﺍﻷﺳﺪ ﻓﺎﻧﺘﺪﺏ ﻟﻪ ﺭﺟﻞ ﲝﺮﺑﺔ ﻓﻘﺘﻠﻪ ﻭﻣﺎﺗﻮﺍ ﻣﻦ ﺟﺮﺍﺣﺘﻬﻢ ﻛﻠﻬﻢ , ﻓﻘﺎﻡ ﺃﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﻷﻭﻝ ﺇﱃ ﺃﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﻵﺧﺮ ﻓﺄﺧﺮﺟﻮﺍ ﺍﻟﺴﻼﺡ ﻟﻴﻘﺘﺘﻠﻮﺍ , ﻓﺄﺗﺎﻫﻢ ﻋﻠﻲ ﺭﺿﻮﺍﻥ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﺗﻔﺌﺔ ﺫﻟﻚ , ﻓﻘﺎﻝ : ﺗﺮﻳﺪﻭﻥ ﺃﻥ ﺗﻘﺘﺘﻠﻮﺍ ﻭﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺣﻲ ؟ ﺇﱐ ﺃﻗﻀﻲ ﺑﻴﻨﻜﻢ ﻗﻀﺎﺀ ﺇﻥ ﺭﺿﻴﺘﻢ ﺑﻪ ﻓﻬﻮ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ , ﻭﺇﻻ ﺣﺠﺮ ﺑﻌﻀﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﺣﱴ ﺗﺄﺗﻮﺍ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻴﻜﻮﻥ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﻀﻲ ﺑﻴﻨﻜﻢ , ﻓﻤﻦ ﻋﺪﺍ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻓﻼ ﺣﻖ ﻟﻪ , ﺍﲨﻌﻮﺍ ﻣﻦ ﻗﺒﺎﺋﻞ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺣﻀﺮﻭﺍ ﺍﻟﺒﺌﺮ ﺭﺑﻊ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻭﺛﻠﺚ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻭﻧﺼﻒ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻭﺍﻟﺪﻳﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻓﻠﻸﻭﻝ ﺭﺑﻊ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻷﻧﻪ ﻫﻠﻚ ﻣﻦ ﻓﻮﻗﻪ ﺛﻼﺛﺔ , ﻭﻟﻠﺜﺎﱐ ﺛﻠﺚ ﺍﻟﺪﻳﺔ , ﻭﻟﻠﺜﺎﻟﺚ ﻧﺼﻒ ﺍﻟﺪﻳﺔ , ﻭﻟﻠﺮﺍﺑﻊ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻓﺄﺑﻮﺍ ﺃﻥ ﻳﺮﺿﻮﺍ ﻓﺄﺗﻮﺍ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﻫﻮ ﻋﻨﺪ ﻣﻘﺎﻡ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻓﻘﺼﻮﺍ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻘﺼﺔ , ﻓﺄﺟﺎﺯﻩ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ } ﺭﻭﺍﻩ ﺃﲪﺪ. ﻭﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﻳﻀﺎ ﺍﻟﺒﻴﻬﻘﻲ ﻭﺍﻟﺒﺰﺍﺭ , ﻗﺎﻝ : ﻭﻻ ﻧﻌﻠﻤﻪ ﻳﺮﻭﻯ ﺇﻻ ﻋﻦ ﻋﻠﻲ ﻭﻻ ﻧﻌﻠﻢ ﻟﻪ ﺇﻻ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻭﺣﻨﺶ ﺿﻌﻴﻒ , ﻭﻗﺪ ﻭﺛﻘﻪ ﺃﺑﻮ ﺩﺍﻭﺩ , ﻗﺎﻝ ﰲ ﳎﻤﻊ ﺍﻟﺰﻭﺍﺋﺪ : ﻭﺑﻘﻴﺔ ﺭﺟﺎﻟﻪ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ .
ﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺍﳋﻄﺎﺏ : ﻓﺬﻫﺐ ﺃﲪﺪ ﺇﱃ ﺫﻟﻚ ﺗﻮﻗﻴﻔﺎ ﻋﻠﻰ ﺧﻼﻑ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ .
ﻭﺍﻷﺻﺢ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﻭﺃﻣﺎ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻓﻬﻮ ﺿﻌﻴﻒ.
-----------------------------

ﺍﻟﻔﺮﻉ ﺍﻟﺜﺎﻣﻦ : ﺿﻤﺎﻥ ﺍﻟﻐﺎﺻﺐ:
ﻣﻦ ﻏﺼﺐ صغيراً ﻓﻤﺎﺕ ﺑﻔﻌﻞ ﻏﲑﻩ ، ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﳌﺒﺎﺷﺮ ﻟﻠﻘﺘﻞ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻀﻤﺎﻥ ﻓﻌﻠﻴﻪ ﺍﻟﻀﻤﺎﻥ ، ﻭﺇﻻ ﻓﺎﻟﻀﻤﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻐﺎﺻﺐ ؛ ﻷﻧﻪ ﺗﻠﻒ ﰲ ﻳﺪﻩ ﺍﻟﻌﺎﺩﻳﺔ ، ﻣﺜﻞ ﻟﻮ ﻬﺸﺘﻪ ﺣﻴﺔ ﺃﻭ ﺃﺻﺎﻳﺘﻪ ﺻﺎﻋﻘﺔ ﺃﻭ ﻣﺎﺕ ﲟﺮﺽ ، ﻭﳓﻮ ﺫﻟﻚ.
----------------------------

ﺍﻟﻔﺮﻉ ﺍﻟﺘﺎﺳﻊ: ﺿﻤﺎﻥ ﻣﺎ ﺗﺘﻠﻔﻪ ﺍﻟﺪﻭﺍﺏ
ﻭﻓﻴﻪ ﻋﺪﺓ ﻣﺴﺎﺋﻞ:
ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﺍﻷﻭﱃ: ﺿﻤﺎﻥ ﻣﺎ ﺗﺘﻠﻔﻪ ﺍﻟﺒﻬﺎﺋﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﺭﻉ :
ﺍﺧﺘﻠﻒ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻓﻴﻤﺎ ﺗﺘﻠﻔﻪ ﺍﻟﺒﻬﺎﺋﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﺭﻉ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻟﲔ :
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻷﻭﻝ : ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ ﻣﻌﻬﺎ ﺃﻭ ﻏﲑﻩ , ﻓﻌﻠﻰ ﻣﻦ ﻳﺪﻩ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺿﻤﺎﻥ ﻣﺎ ﺃﺗﻠﻔﺘﻪ ; ﻣﻦ ﻧﻔﺲ ﺃﻭ ﻣﺎﻝ . ﻭﺇﻥ ﱂ ﺗﻜﻦ ﻳﺪ ﺃﺣﺪ ﻋﻠﻴﻬﺎ , ﻓﻌﻠﻰ ﻣﺎﻟﻜﻬﺎ ﺿﻤﺎﻥ ﻣﺎ ﺃﻓﺴﺪﺗﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﺭﻉ , ﻟﻴﻼ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ . ﻭﻫﺬﺍ ﻗﻮﻝ ﻣﺎﻟﻚ , ﻭﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ , ﻭﺃﲪﺪ ، ﻭﺃﻛﺜﺮ ﻓﻘﻬﺎﺀ ﺍﳊﺠﺎﺯ .
ﺍﺳﺘﺪﻝ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ :
1- ﲟﺎ ﺭﻭﻯ ﻣﺎﻟﻚ , ﻋﻦ ﺍﻟﺰﻫﺮﻱ , ﻋﻦ ﺣﺮﺍﻡ ﺑﻦ ﺳﻌﺪ ﺑﻦ ﳏﻴﺼﺔ , ﺃﻥ ﻧﺎﻗﺔ ﻟﻠﱪﺍﺀ ﺩﺧﻠﺖ ﺣﺎﺋﻂ ﻗﻮﻡ , ﻓﺄﻓﺴﺪﺕ , ﻓﻘﻀﻰ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻞ ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ ﺣﻔﻈﻬﺎ ﺑﺎﻟﻨﻬﺎﺭ , ﻭﻣﺎ ﺃﻓﺴﺪﺕ ﺑﺎﻟﻠﻴﻞ ﻓﻬﻮ ﻣﻀﻤﻮﻥ ﻋﻠﻴﻬﻢ . ﺭﻭﺍﻩ ﺃﲪﺪ ﻭﺃﺑﻮ ﺩﺍﻭﺩ , ﻭﺍﻟﻨﺴﺎﺋﻲ ﻭﺍﺑﻦ ﻣﺎﺟﻪ ﻭﺍﻟﺪﺍﺭﻗﻄﲏ ﻭﺍﺑﻦ ﺣﺒﺎﻥ ﻭﺍﳊﺎﻛﻢ ﻭﺍﻟﺒﻴﻬﻘﻲ , ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ : ﺃﺧﺬﻧﺎ ﺑﻪ ﻟﺜﺒﻮﺗﻪ ﻭﺍﺗﺼﺎﻟﻪ , ﻭﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﱪ : ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﻣﺮﺳﻼ , ﻓﻬﻮ ﻣﺸﻬﻮﺭ ﺣﺪﺙ ﺑﻪ ﺍﻷﺋﻤﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﺕ , ﻭﺗﻠﻘﺎﻩ ﻓﻘﻬﺎﺀ ﺍﳊﺠﺎﺯ ﺑﺎﻟﻘﺒﻮﻝ .
2- ﻭﻷﻥ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﳌﻮﺍﺷﻲ ﺇﺭﺳﺎﳍﺎ ﰲ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﻟﻠﺮﻋﻲ , ﻭﺣﻔﻈﻬﺎ ﻟﻴﻼ , ﻭﻋﺎﺩﺓ ﺃﻫﻞ ﺍﳊﻮﺍﺋﻂ ﺣﻔﻈﻬﺎ ﻬﺎﺭﺍ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻠﻴﻞ , ﻓﺈﺫﺍ ﺫﻫﺒﺖ ﻟﻴﻼ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﻔﺮﻳﻂ ﻣﻦ ﺃﻫﻠﻬﺎ ﺑﺘﺮﻛﻬﻢ ﺣﻔﻈﻬﺎ ﰲ ﻭﻗﺖ ﻋﺎﺩﺓ ﺍﳊﻔﻆ , ﻭﺇﻥ ﺃﺗﻠﻔﺖ ﻬﺎﺭﺍ , ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﻔﺮﻳﻂ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺰﺭﻉ , ﻓﻜﺎﻥ ﻋﻠﻴﻬﻢ , ﻭﻗﺪ ﻓﺮﻕ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ , ﻭﻗﻀﻰ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﺑﺎﳊﻔﻆ ﰲ ﻭﻗﺖ ﻋﺎﺩﺗﻪ .
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺜﺎﱐ: ﻻ ﺿﻤﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﲝﺎﻝ .
ﻭﻫﺬﺍ ﻗﻮﻝ ﺃﰊ ﺣﻨﻴﻔﺔ .
ﻭﺣﺠﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ :
ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﰲ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺍﳌﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ:{ ﺍﻟﻌﺠﻤﺎﺀ ﺟﺮﺣﻬﺎ ﺟﺒﺎﺭ } . ﻳﻌﲏ ﻫﺪﺭﺍ .
ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ:ﻣﻦ ﺍﻗﺘﲎ ﻛﻠﺒﺎ ﻋﻘﻮﺭﺍ ,
ﻓﺄﻃﻠﻘﻪ , ﻓﻌﻘﺮ ﺇﻧﺴﺎﻧﺎ , ﺃﻭ ﺩﺍﺑﺔ , ﻟﻴﻼ ﺃﻭ ﻬﺎﺭﺍ , ﺃﻭ ﺧﺮﻕ ﺛﻮﺏ ﺇﻧﺴﺎﻥ , ﻓﻌﻠﻰ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﺿﻤﺎﻥ ﻣﺎ ﺃﺗﻠﻔﻪ ; ﻷﻧﻪ ﻣﻔﺮﻁ ﺑﺎﻗﺘﻨﺎﺋﻪ , ﺇﻻ ﺃﻥ ﻳﺪﺧﻞ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﺩﺍﺭﻩ ﺑﻐﲑ ﺇﺫﻧﻪ , ﻓﻼ ﺿﻤﺎﻥ ﻓﻴﻪ ; ﻷﻧﻪ ﻣﺘﻌﺪ ﺑﺎﻟﺪﺧﻮﻝ , ﻣﺘﺴﺒﺐ ﺑﻌﺪﻭﺍﻧﻪ ﺇﱃ ﻋﻘﺮ ﺍﻟﻜﻠﺐ ﻟﻪ . ﻭﺇﻥ ﺩﺧﻞ ﺑﺈﺫﻥ ﺍﳌﺎﻟﻚ , ﻓﻌﻠﻴﻪ ﺿﻤﺎﻧﻪ ; ﻷﻧﻪ ﺗﺴﺒﺐ ﺇﱃ ﺇﺗﻼﻓﻪ . ﻭﺇﻥ ﺃﺗﻠﻒ ﺍﻟﻜﻠﺐ ﺑﻐﲑ ﺍﻟﻌﻘﺮ , ﻣﺜﻞ ﺃﻥ ﻭﻟﻎ ﰲ ﺇﻧﺎﺀ ﺇﻧﺴﺎﻥ , ﺃﻭ ﺑﺎﻝ , ﱂ ﻳﻀﻤﻨﻪ ﻣﻘﺘﻨﻴﻪ ; ﻷﻥ ﻫﺬﺍ ﻻ
ﳜﺘﺺ ﺑﻪ ﺍﻟﻜﻠﺐ ﺍﻟﻌﻘﻮﺭ .
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ : ﻭﺇﻥ ﺍﻗﺘﲎ ﺳﻨﻮﺭﺍ ﻳﺄﻛﻞ ﺃﻓﺮﺍﺥ ﺍﻟﻨﺎﺱ , ﺿﻤﻦ ﻣﺎ ﺃﺗﻠﻔﻪ , ﻛﻤﺎ ﻳﻀﻤﻦ ﻣﺎ ﺃﺗﻠﻔﻪ ﺍﻟﻜﻠﺐ ﺍﻟﻌﻘﻮﺭ , ﻭﻻ ﻓﺮﻕ ﺑﲔ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻭﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﻭﺇﻥ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻟﻪ ﻋﺎﺩﺓ ﺑﺬﻟﻚ , ﱂ ﻳﻀﻤﻦ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﺟﻨﺎﻳﺘﻪ , ﻛﺎﻟﻜﻠﺐ ﺇﺫﺍ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻋﻘﻮﺭﺍ . ﻭﻟﻮ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﻠﺐ ﺍﻟﻌﻘﻮﺭ ﺃﻭ ﺍﻟﺴﻨﻮﺭ ﺣﺼﻞ ﻋﻨﺪ ﺇﻧﺴﺎﻥ , ﻣﻦ ﻏﲑ ﺍﻗﺘﻨﺎﺋﻪ ﻭﻻ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭﻩ , ﻓﺄﻓﺴﺪ , ﱂ ﻳﻀﻤﻨﻪ ; ﻷﻧﻪ ﱂ ﳛﺼﻞ ﺍﻹﺗﻼﻑ ﺑﺴﺒﺒﻪ .
ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ:ﻣﺎ ﺟﻨﺖ ﺍﻟﺪﺍﺑﺔ ﺑﻴﺪﻫﺎ , ﺿﻤﻦ ﺭﺍﻛﺒﻬﺎ ﻣﺎ ﺃﺻﺎﺑﺖ ﻣﻦ ﻧﻔﺲ , ﺃﻭ ﺟﺮﺡ , ﺃﻭ ﻣﺎﻝ , ﻷﻧﻪ ﳝﻜﻨﻪ ﺣﻔﻈﻬﺎ ﻋﻦ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺭﺍﻛﺒﻬﺎ , ﺃﻭ ﻳﺪﻩ ﻋﻠﻴﻬﺎ , ﲞﻼﻑ ﻣﻦ ﻻ ﻳﺪ ﻟﻪ ﻋﻠﻴﻬﺎ , ﻭﺃﻣﺎ ﺣﺪﻳﺚ: {ﺍﻟﻌﺠﻤﺎﺀ ﺟﺮﺣﻬﺎ ﺟﺒﺎﺭ } ﻓﻬﻮ ﳏﻤﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻻ ﻳﺪ ﻟﻪ ﻋﻠﻴﻬﺎ .
ﻭﻣﺎ ﺟﻨﺖ ﺑﺮﺟﻠﻬﺎ , ﻓﻼ ﺿﻤﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : {ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺟﺒﺎﺭ } . ﻭﻷﻧﻪ ﻻ ﳝﻜﻨﻪ ﺣﻔﻆ ﺭﺟﻠﻬﺎ ﻋﻦ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ , ﻓﻠﻢ ﻳﻀﻤﻨﻬﺎ , ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﱂ ﺗﻜﻦ ﻳﺪﻩ ﻋﻠﻴﻬﺎ .
ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ:
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ : ﺇﺫﺍ ﺑﺎﻟﺖ ﺩﺍﺑﺘﻪ ﰲ ﻃﺮﻳﻖ , ﻓﺰﻟﻖ ﺑﻪ ﺣﻴﻮﺍﻥ , ﻓﻤﺎﺕ ﺑﻪ , ﻓﻌﻠﻰ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﺪﺍﺑﺔ ﺍﻟﻀﻤﺎﻥ , ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺭﺍﻛﺒﺎ ﳍﺎ , ﺃﻭ ﻗﺎﺋﺪﺍ , ﺃﻭ ﺳﺎﺋﻘﺎ ﳍﺎ ; ﻷﻧﻪ ﺗﻠﻒ ﺣﺼﻞ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺩﺍﺑﺘﻪ ﺍﻟﱵ ﻳﺪﻩ ﻋﻠﻴﻬﺎ , ﻓﺄﺷﺒﻪ ﻣﺎ ﻟﻮ ﺟﻨﺖ ﺑﻴﺪﻫﺎ ﺃﻭ ﻓﻤﻬﺎ . ﻭﻣﺜﻞ ﺫﻟﻚ ﻟﻮ ﺗﺴﺮﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺓ ﺯﻳﺘﻬﺎ ﻓﺘﺴﺒﺐ ﰲ ﻫﻠﻜﺔ ﺷﺨﺺ ، ﻓﺎﻟﻀﻤﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺓ .
-------------------------------

ﺍﻟﻔﺮﻉ ﺍﻟﻌﺎﺷﺮ: ﺳﺮﺍﻳﺔ ﺍﻟﺘﺼﺮﻑ ﺍﳌﺄﺫﻭﻥ:
من ﺃﺩﺏ ﻭﻟﺪﻩ ، ﺃﻭ ﺍﻣﺮﺃﺗﻪ ﰲ ﺍﻟﻨﺸﻮﺯ ، ﺃﻭ ﺍﳌﻌﻠﻢ ﺻﺒﻴﻪ ، ﺃﻭ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺭﻋﻴﺘﻪ ، ﻭﱂ ﻳﺴﺮﻑ ﻓﺄﻓﻀﻰ ﺇﱃ ﺗﻠﻔﻪ ، ﱂ ﻳﻀﻤﻨﻪ ، ﻷﻧﻪ ﺃﺩﺏ ﻣﺄﺫﻭﻥ ﻓﻴﻪ ﺷﺮﻋﺎﹰ .
-------------------------------

ﺍﻟﻔﺮﻉ ﺍﳊﺎﺩﻱ ﻋﺸﺮ: ﻣﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﺘﺼﺎﺩﻡ:
ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﺍﻷﻭﱃ: ﺇﺫﺍ ﺗﺼﺎﺩﻡ ﺭﺍﻛﺒﺎﻥ , ﻓﻤﺎﺗﺎ , ﻭﻛﺎﻥ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ مسؤولاً ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﳊﺎﺩﺙ ، ﻓﺎﺧﺘﻠﻒ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﰲ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺗﻮﺯﻳﻊ ﺩﻳﺘﻬﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻟﲔ :
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻷﻭﻝ: ﺃﻥ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺔ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺩﻳﺔ ﺍﻵﺧﺮ .
ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺬﻫﺐ ﺍﻷﺣﻨﺎﻑ ﻭﺍﳊﻨﺎﺑﻠﺔ.
ﺇﻻ ﺃﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻻ ﺗﻘﺎﺹ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﰲ ﺍﻟﻀﻤﺎﻥ ; ﻷﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﻏﲑ ﻣﻦ ﻟﻪ ﺍﳊﻖ ; ﻟﻜﻮﻥ ﺍﻟﻀﻤﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺔ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ . ﻭﺇﻥ ﺍﺗﻔﻖ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻀﻤﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻟﻪ ﺍﳊﻖ , ﻣﺜﻞ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﻌﺎﻗﻠﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﻮﺍﺭﺛﺔ , ﺃﻭ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻀﻤﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺘﺼﺎﺩﻣﲔ , ﺗﻘﺎﺻﺎ.
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺜﺎﱐ :
ﺃﻥ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺔ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻧﺼﻒ ﺩﻳﺔ ﺍﻵﺧﺮ.
ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺬﻫﺐ ﺍﳌﺎﻟﻜﻴﺔ ﻭﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ.
ﻭﺣﺠﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ : ﺃﻥ ﻣﻮﺕ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺣﺼﻞ ﺑﻔﻌﻠﻬﻤﺎ ﲨ ﻴ ﻌ ﺎﹰ , ﻓﻜﺎﻥ ﺍﻟﻀﻤﺎﻥ ﻣﻨﻘﺴﻤﺎ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ , ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﺟﺮﺡ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﻧﻔﺴﻪ , ﻭﺟﺮﺣﻪ ﻏﲑﻩ , ﻓﻤﺎﺕ ﻣﻨﻬﻤﺎ.
ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻫﻮ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ، ﻭﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﰲ ﺗﻮﺯﻳﻊ ﺍﳌﺴﺌﻮﻟﻴﺔ ﰲ ﺍﳊﻮﺍﺩﺙ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺘﺼﺎﺩﻣﲔ ﲝﺴﺐ ﺧﻄﺄ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ.
ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ :ﺍﺧﺘﻠﻒ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻓﻴﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﺍﺻﻄﺪﻡ ﺭﺍﻛﺒﺎﻥ ﻓﺄﺗﻠﻒ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺩﺍﺑﺔ ﺍﻵﺧﺮ ، ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻟﲔ- ﻛﺎﻟﻘﻮﻟﲔ ﰲ ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ -:
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻷﻭﻝ: ﺃﻥ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺿﻤﺎﻥ ﻣﺎ ﺗﻠﻒ ﻣﻦ ﺍﻵﺧﺮ , ﻣﻦ ﺩﺍﺑﺔ , ﺃﻭ ﻣﺎﻝ, ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻧﺎ ﻣﻘﺒﻠﲔ , ﺃﻭ ﻣﺪﺑﺮﻳﻦ . ﻷﻥ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻣﺎﺕ ﻣﻦ ﺻﺪﻣﺔ ﺻﺎﺣﺒﻪ, ﻓﻠﺰﻡ ﺍﻵﺧﺮ ﺿﻤﺎﻬﺎ , ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﻴﻤﺔ ﺍﻟﺪﺍﺑﺘﲔ ﻣﺘﺴﺎﻭﻳﺘﲔ , ﺗﻘﺎﺻﺘﺎ ﻭﺳﻘﻄﺘﺎ , ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺇﺣﺪﺍﳘﺎ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﺧﺮﻯ , ﻓﻠﺼﺎﺣﺒﻬﺎ ﺍﻟﺰﻳﺎﺩﺓ , ﻭﺇﻥ ﺗﻠﻔﺖ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﺪﺍﺑﺘﲔ , ﻓﻌﻠﻰ ﺍﻵﺧﺮ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ , ﻭﺇﻥ ﻧﻘﺼﺖ ﻓﻌﻠﻴﻪ ﻧﻘﺼﻬﺎ .
ﻭﻫﺬﺍ ﻗﻮﻝ ﺍﻷﺣﻨﺎﻑ ﻭﺍﳊﻨﺎﺑﻠﺔ.
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺜﺎﱐ : ﺃﻥ ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻧﺼﻒ ﻗﻴﻤﺔ ﻣﺎ ﺗﻠﻒ ﻣﻦ ﺍﻵﺧﺮ ; ﻷﻥ ﺍﻟﺘﻠﻒ ﺣﺼﻞ ﺑﻔﻌﻠﻬﻤﺎ , ﻓﻜﺎﻥ ﺍﻟﻀﻤﺎﻥ ﻣﻨﻘﺴﻤﺎ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ .
ﻭﻫﺬﺍ ﻗﻮﻝ ﺍﳌﺎﻟﻜﻴﺔ ﻭﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ . ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ .
ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ: ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺃﺣﺪﳘﺎ ﻳﺴﲑ, ﻭﺍﻵﺧﺮ ﻭﺍﻗﻔﺎ , ﻓﻌﻠﻰ ﺍﻟﺴﺎﺋﺮ ﻗﻴﻤﺔ ﺩﺍﺑﺔ ﺍﻟﻮﺍﻗﻒ ; ﻷﻥ ﺍﻟﺴﺎﺋﺮ ﻫﻮ ﺍﻟﺼﺎﺩﻡ ﺍﳌﺘﻠﻒ , ﻓﻜﺎﻥ ﺍﻟﻀﻤﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ . ﻭﺇﻥ ﻣﺎﺕ ﻫﻮ ﺃﻭ ﺩﺍﺑﺘﻪ , ﻓﻬﻮ ﻫﺪﺭ ; ﻷﻧﻪ ﺃﺗﻠﻒ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﺩﺍﺑﺘﻪ . ﻭﺇﻥ ﺍﳓﺮﻑ ﺍﻟﻮﺍﻗﻒ , ﻓﺼﺎﺩﻓﺖ ﺍﻟﺼﺪﻣﺔ ﺍﳓﺮﺍﻓﻪ , ﻓﻬﻤﺎ ﻛﺎﻟﺴﺎﺋﺮﻳﻦ ; ﻷﻥ ﺍﻟﺘﻠﻒ ﺣﺼﻞ ﻣﻦ ﻓﻌﻠﻬﻤﺎ . ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻮﺍﻗﻒ ﻣﺘﻌﺪﻳﺎ ﺑﻮﻗﻮﻓﻪ , ﻣﺜﻞ ﺃﻥ ﻳﻘﻒ ﰲ ﻃﺮﻳﻖ ﺿﻴﻖ , ﻓﺎﻟﻀﻤﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺴﺎﺋﺮ ; ﻷﻥ ﺍﻟﺘﻠﻒ ﺣﺼﻞ ﺑﺘﻌﺪﻳﻪ , ﻓﻜﺎﻥ ﺍﻟﻀﻤﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ , ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻭﺿﻊ ﺣﺠﺮﺍ ﰲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ , ﺃﻭ ﺟﻠﺲ ﰲ ﻃﺮﻳﻖ ﺿﻴﻖ , ﻓﻌﺜﺮ ﺑﻪ ﺇﻧﺴﺎﻥ .
ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ: ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺃﺣﺪﳘﺎ ﻳﺴﲑ ﺑﲔ ﻳﺪﻱ ﺍﻵﺧﺮ , ﻓﺄﺩﺭﻛﻪ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻓﺼﺪﻣﻪ , ﻓﺘﻠﻔﺖ ﺍﻟﺪﺍﺑﺘﺎﻥ , ﺃﻭ ﺇﺣﺪﺍﳘﺎ , ﻓﺎﻟﻀﻤﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻼﺣﻖ ; ﻷﻧﻪ ﺍﻟﺼﺎﺩﻡ ﻭﺍﻵﺧﺮ ﻣﺼﺪﻭﻡ , ﻓﻬﻮ ﲟﱰﻟﺔ ﺍﻟﻮﺍﻗﻒ.
---------------------------------------------------------
وللمزيد فيما يخص حوادث السير وأحكامها يمكن الرجوع إلى الموضوع التالي:
بحث ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻟﺪﺍﺋﻤﺔ ﻟﻺﻓﺘﺎﺀ بالمملكة ﺑﺸﺄﻥ ﺣﻮﺩﺙ السير

4- ﻣﻘﺎﺩﻳﺮ ﺩﻳﺎﺕ ﺍﻟﻨﻔﺲ:
ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﺍﻷﻭﱃ : ﺩﻳﺔ ﺍﳊﺮ ﺍﳌﺴﻠﻢ ﻣﺎﺋﺔ ﻣﻦ ﺍﻹﺑﻞ :
ﺃﲨﻊ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺩﻳﺔ ﺍﳊﺮ ﺍﳌﺴﻠﻢ ﻣﺎﺋﺔ ﻣﻦ ﺍﻹﺑﻞ ، ﻻ ﻓﺮﻕ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺑﲔ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﺍﻟﻌﻤﺪ ، ﻭﺷﺒﻪ ﺍﻟﻌﻤﺪ ، ﻭﺍﳋﻄﺄ، ﻭﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻣﺎﻭﺭﺩ ﰲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺇﱃ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺣﺰﻡ ﰲ ﺍﻟﺪﻳﺎﺕ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ: ((ﺃﻻ ﺇﻥ ﰲ ﻗﺘﻴﻞ ﺧﻄﺄ ﺍﻟﻌﻤﺪ ﻗﺘﻴﻞ ﺍﻟﺴﻮﻁ ﻭﺍﻟﻌﺼﺎ ﻣﺎﺋﺔ ﻣﻦ ﺍﻹﺑﻞ - ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻭﻗﺪ ﺗﻘﺪﻡ )).
ﺇﻻ أنها ﲣﺘﻠﻒ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﺘﻐﻠﻴﻆ ﻭﺍﻟﺘﺨﻔﻴﻒ :

ﻓﺪﻳﺔ ﺍﻟﻌﻤﺪ ﻣﻐﻠﻈﺔ ﻣﻦ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻭﺟﻪ ، ﻭﺩﻳﺔ ﺷﺒﻪ ﺍﻟﻌﻤﺪ ﻣﻐﻠﻈﺔ ﻣﻦ ﻭﺟﻪ ﻭﺍﺣﺪ ﻭ ﳐﻔﻔﺔ ﻣﻦ ﻭﺟﻬﲔ ، ﻭﺩﻳﺔ ﺍﳋﻄﺄ ﳐﻔﻔﺔ ﻣﻦ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻭﺟﻪ، ﻭﺑﻴﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻛﺎﻟﺘﺎﱄ :
ﺃ- ﺃﻭﺟﻪ ﺍﻟﺘﻐﻠﻴﻆ ﰲ ﺩﻳﺔ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﺍﻟﻌﻤﺪ :
ﺃﻭﻻ – ﺃﺎ ﲡﺐ ﰲ ﻣﺎﻝ ﺍﻟﻘﺎﺗﻞ، ﻭﻻ ﲢﻤﻠﻬﺎ ﺍﻟﻌﺎﻗﻠﺔ:
ﻭ ﺍﻷﺩﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ :
1. ﻋﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺍﻷﺣﻮﺹ { ﺃﻧﻪ ﺷﻬﺪ ﺣﺠﺔ ﺍﻟﻮﺩﺍﻉ ﻣﻊ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ , ﻓﻘﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : ﻻ ﳚﲏ ﺟﺎﻥ ﺇﻻ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ , ﻻ ﳚﲏ ﻭﺍﻟﺪ ﻋﻠﻰ ﻭﻟﺪﻩ , ﻭﻻ ﻣﻮﻟﻮﺩ ﻋﻠﻰ ﻭﺍﻟﺪﻩ } . ﺭﻭﺍﻩ ﺃﲪﺪ ﻭﺍﺑﻦ ﻣﺎﺟﻪ ﻭﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻭﺻﺤﺤﻪ.
2. ﻭﻋﻦ ﺃﰊ ﺭﻣﺜﺔ ﻗﺎﻝ : { ﺃﺗﻴﺖ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﻣﻌﻲ ﺍﺑﲏ , ﻓﻘﺎﻝ : ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ؟ ﻓﻘﻠﺖ : ﺍﺑﲏ ﻭﺃﺷﻬﺪ ﺑﻪ , ﻓﻘﺎﻝ : ﺃﻣﺎ ﺇﻧﻪ ﻻ ﳚﲏ ﻋﻠﻴﻚ , ﻭﻻ ﲡﲏ ﻋﻠﻴﻪ } . ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﻨﺴﺎﺋﻲ ﻭﺃﺑﻮ ﺩﺍﻭﺩ , ﻭﺻﺤﺤﻪ ﺍﺑﻦ ﺧﺰﳝﺔ ﻭﺍﺑﻦ ﺍﳉﺎﺭﻭﺩ.
3. ﻭ ﻗﺪ ﺃﲨﻊ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ ﻣﻮﺟﺒﺔ ﻟﻠﻘﺼﺎﺹ. ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻗﺪﺍﻣﺔ : " ﺃﲨﻊ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺩﻳﺔ ﺍﻟﻌﻤﺪ ﲡﺐ ﰲ ﻣﺎﻝ ﺍﻟﻘﺎﺗﻞ , ﻻ ﲢﻤﻠﻬﺎ ﺍﻟﻌﺎﻗﻠﺔ ".
4. ﻭﻷﻥ ﻫﺬﺍ ﻳﻘﺘﻀﻴﻪ ﺍﻷﺻﻞ ﻭﻫﻮ ﺃﻥ ﺑﺪﻝ ﺍﳌﺘﻠﻒ ﳚﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺘﻠِﻒ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﺇﳕﺎ ﺧﻮﻟﻒ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺻﻞ ﰲ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﺍﳌﻌﺬﻭﺭ ﻓﻴﻪ –ﻭﻫﻮ ﻗﺘﻞ ﺍﳋﻄﺄ ﻭﺷﺒﻪ ﺍﻟﻌﻤﺪ- ﲣﻔﻴﻔﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﺎﱐ ﻟﻜﺜﺮﺓ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ، ﻭﻋﺠﺰ ﺍﳉﺎﱐ ﰲ ﺍﻟﻐﺎﻟﺐ ﻋﻦ ﲢﻤﻠﻪ ، ﻣﻊ ﻭﺟﻮﺏ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭﺓ ﻋﻠﻴﻪ ، ﻭﻗﻴﺎﻡ ﻋﺬﺭﻩ ، ﲣﻔﻴﻔﺎ ﻋﻨﻪ ، ﻭﺭﻓﻘﺎ ﺑﻪ ، ﻭﺍﻟﻌﺎﻣﺪ ﻻ ﻋﺬﺭ ﻟﻪ ، ﻓﻼ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺍﻟﺘﺨﻔﻴﻒ ، ﻭﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﻓﻴﻪ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﳌﻘﺘﻀﻲ ﻟﻠﻤﻮﺍﺳﺎﺓ ﰲ ﺍﳋﻄﺄ .
ﺛﺎﻧﻴﺎ – ﺃﺎ ﲡﺐ ﺣﺎﻟﺔ ﻏﲑ ﻣﺆﺟﻠﺔ :
ﻋﻨﺪ ﲨﻬﻮﺭ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ( ﺍﳌﺎﻟﻜﻴﺔ ﻭﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ ﻭﺍﳊﻨﺎﺑﻠﺔ ) ، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﳌﺎ ﻳﻠﻲ:
1- ﻷﻥ ﻣﺎ ﻭﺟﺐ ﺑﺎﻟﻌﻤﺪ ﺍﶈﺾ ﻛﺎﻥ حالاً ﻛﺎﻟﻘﺼﺎﺹ ﻭﺃﺭﻭﺵ ﺍﳉﻨﺎﻳﺎﺕ.
2- ﻭﻷﻥ ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻷﺻﻞ ﰲ ﺑﺪﻝ ﺍﳌﺘﻠﻔﺎﺕ.
ﺛﺎﻟﺜﺎ – ﺃﺎ ﻣﻐﻠﻈﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﺴﻦ :
ﻭﻗﺪ ﺍﺧﺘﻠﻒ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﰲ ﺃﺳﻨﺎﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻟﲔ:
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻷﻭﻝ: أنها ﲡﺐ ﺃﺭﺑﺎﻋﺎ ، ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺤﻮ ﺍﻵﰐ :
- ﲬﺲ ﻭﻋﺸﺮﻭﻥ ﺑﻨﺖ ﳐﺎﺽ ( ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﰎ ﻟﻪ ﺳﻨﺔ ، ﻭﺩﺧﻞ ﰲ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ، ﲰﻴﺖ ﺑﺬﻟﻚ ﻷﻥ ﺃﻣﻬﺎ ﻣﺎﺧﺾ ﺃﻱ ﺣﺎﻣﻞ ﻭﺍﳌﺮﺍﺩ ﺃﻧﻪ ﻗﺪ ﺩﺧﻞ ﻭﻗﺖ ﲪﻠﻬﺎ ).
- ﻭﲬﺲ ﻭﻋﺸﺮﻭﻥ ﺑﻨﺖ ﻟﺒﻮﻥ : ( ﻭﻫﻮ ﻣﺎﰎ ﻟﻪ ﺳﻨﺘﺎﻥ ، ﲰﻴﺖ ﺑﺬﻟﻚ ﻷﻥ ﺃﻣﻬﺎ ﺻﺎﺭﺕ ﻟﺒﻮﻧﺎﹰ ، ﺃﻱ ﻣﺮﺿﻌﺎ ﺑﻮﺿﻊ ﺍﳊﻤﻞ ) .
- ﻭﲬﺲ ﻭﻋﺸﺮﻭﻥ ﺣﻘﻪ : ( ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﰎ ﻟﻪ ﺛﻼﺙ ﺳﻨﻮﺍﺕ ، ﲰﻴﺖ ﺑﺬﻟﻚ ﻷﻬﺎ ﺍﺳﺘﺤﻘﺖ ﺃﻥ ﻳﻄﺮﻗﻬﺎ ﺍﻟﻔﺤﻞ ).
- ﻭﲬﺲ ﻭﻋﺸﺮﻭﻥ ﺟﺬﻋﺔ : (ﻭﻫﻮ ﻣﺎﰎ ﻟﻪ ﺃﺭﺑﻊ ﺳﻨﻮﺍﺕ ) .
ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﻗﻮﻝ ﺍﻷﺣﻨﺎﻑ ﻭﺍﳌﺎﻟﻜﻴﺔ ﻭﺍﳊﻨﺎﺑﻠﺔ.
ﺍﺳﺘﺪﻝ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﺪﻟﻴﻠﲔ:
1- ﺍﻷﻭﻝ ﻣﺎ ﺭﻭﻯ ﺍﻟﺰﻫﺮﻱ , ﻋﻦ ﺍﻟﺴﺎﺋﺐ ﺑﻦ ﻳﺰﻳﺪ , ﻗﺎﻝ : ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﻬﺪ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﺭﺑﺎﻋﺎ ﲬﺴﺎ ﻭﻋﺸﺮﻳﻦ ﺟﺬﻋﺔ , ﻭﲬﺴﺎ ﻭﻋﺸﺮﻳﻦ ﺣﻘﺔ , ﻭﲬﺴﺎ ﻭﻋﺸﺮﻳﻦ ﺑﻨﺖ ﻟﺒﻮﻥ , ﻭﲬﺴﺎ ﻭﻋﺸﺮﻳﻦ ﺑﻨﺖ ﳐﺎﺽ .
2- ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ ﺑﺄﻥ ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﻗﻮﻝ ﺍﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ.
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺜﺎﱐ: أنها ﲡﺐ ﺃﺛﻼﺛﺎ: ﺛﻼﺛﻮﻥ ﺣﻘﻪ ، ﻭﺛﻼﺛﻮﻥ ﺟﺬﻋﺔ ، ﻭﺃﺭﺑﻌﻮﻥ خَلِفَة ( ﺃﻱ ﺣﺎﻣﻞ ) ﰲ ﺑﻄﻮﻬﺎ ﺃﻭﻻﺩ .
ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ ﻭﺭﻭﺍﻳﺔ ﻋﻦ ﺃﲪﺪ .
واستدل أصحاب هذا القول:
1- ﻋﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺷﻌﻴﺐ , ﻋﻦ ﺃﺑﻴﻪ , ﻋﻦ ﺟﺪﻩ , ﺃﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ ﺇﻥ : { ﻣﻦ ﻗﺘﻞ ﻣﺘﻌﻤﺪﺍ , ﺩﻓﻊ ﺇﱃ ﺃﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﳌﻘﺘﻮﻝ ﻓﺈﻥ ﺷﺎﺀﻭﺍ ﻗﺘﻠﻮﻩ , ﻭﺇﻥ ﺷﺎﺀﻭﺍ ﺃﺧﺬﻭﺍ ﺍﻟﺪﻳﺔ , ﻭﻫﻲ ﺛﻼﺛﻮﻥ ﺣﻘﺔ , ﻭﺛﻼﺛﻮﻥ ﺟﺬﻋﺔ , ﻭﺃﺭﺑﻌﻮﻥ ﺧﻠﻔﺔ , ﻭﻣﺎ ﺻﻮﳊﻮﺍ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻬﻮ ﳍﻢ } . ﻭﺫﻟﻚ ﻟﺘﺸﺪﻳﺪ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ , ﻭﻗﺎﻝ : ﻫﻮ ﺣﺪﻳﺚ ﺣﺴﻦ ﻏﺮﻳﺐ .
2- ﻭﻋﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ , ﺃﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ : { ﺃﻻ ﺇﻥ ﰲ ﻗﺘﻴﻞ ﻋﻤﺪ ﺍﳋﻄﺄ , ﻗﺘﻴﻞ ﺍﻟﺴﻮﻁ ﻭﺍﻟﻌﺼﺎ , ﻣﺎﺋﺔ ﻣﻦ ﺍﻹﺑﻞ , ﻣﻨﻬﺎ ﺃﺭﺑﻌﻮﻥ ﺧﻠﻔﺔ ﰲ ﺑﻄﻮﻬﺎ ﺃﻭﻻﺩﻫﺎ } . ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﲪﺪ , ﻭﺃﺑﻮ ﺩﺍﻭﺩ , ﻭﻏﲑﻫﻢ .
3- ﻭﻋﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺷﻌﻴﺐ , ﺃﻥ ﺭﺟﻼ ﻳﻘﺎﻝ ﻟﻪ : ﻗﺘﺎﺩﺓ ﺣﺬﻑ ﺍﺑﻨﻪ ﺑﺎﻟﺴﻴﻒ , ﻓﻘﺘﻠﻪ ﻓﺄﺧﺬ ﻋﻤﺮ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﺪﻳﺔ ; ﺛﻼﺛﲔ ﺣﻘﺔ , ﻭﺛﻼﺛﲔ ﺟﺬﻋﺔ , ﻭﺃﺭﺑﻌﲔ ﺧﻠﻔﺔ ﺭﻭﺍﻩ ﻣﺎﻟﻚ ﰲ " ﻣﻮﻃﺌﻪ " .
ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻫﻮ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻟﻘﻮﺓ ﺃﺩﻟﺘﻪ.
**********************
ب- ﺃﻭﺟﻪ ﺍﻟﺘﺨﻔﻴﻒ ﰲ ﺩﻳﺔ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﺍﳋﻄﺄ :
ﺩﻳﺔ ﺍﳋﻄﺄ ﳐﻔﻔﺔ ﻣﻦ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻭﺟﻪ :
أولاً: ﺃﺎ ﲡﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺎﻗﻠﺔ:
ﻭﺃﺩﻟﺔ ﺫﻟﻚ:
ﺃ – ﺃﻧﻪ ﺛﺒﺘﺖ ﺍﻷﺧﺒﺎﺭ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻗﻀﻰ ﺑﺪﻳﺔ ﺷﺒﻪ ﺍﻟﻌﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺎﻗﻠﺔ ﻓﺎﳋﻄﺄ ﺃﻭﱃ ﺑﺬﻟﻚ .
ﺏ – ﻭﻹﲨﺎﻉ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ، ﻭﳑﻦ ﺣﻜﻰ ﺍﻹﲨﺎﻉ ﺍﺑﻦ ﺍﳌﻨﺬﺭ ﻭﺍﺑﻦ ﻗﺪﺍﻣﺔ ﻭﻏﲑﻫﻢ .
ﻭﻻ ﻳﻠﺰﻡ ﺍﻟﻘﺎﺗﻞ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻳﺔ . وبهذا ﻗﺎﻝ ﻣﺎﻟﻚ , ﻭﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ . ﻭﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ : ﻫﻮ ﻛﻮﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﻗﻠﺔ ; لآنها ﻭﺟﺒﺖ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺇﻋﺎﻧﺔ ﻟﻪ , ﻓﻼ ﻳﺰﻳﺪﻭﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻴﻬﺎ .
ﻭﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻫﻮ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻷﻭﻝ ؛ ﳌﺎ ﺭﻭﻯ ﺃﺑﻮ ﻫﺮﻳﺮﺓ , ﺃﻥ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ { ﻗﻀﻰ ﺑﺪﻳﺔ ﺍﳌﺮﺃﺓ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺘﻬﺎ} ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ . ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﺃﻧﻪ ﻗﻀﻰ ﲜﻤﻴﻌﻬﺎ ﻋﻠﻴﻬﻢ , ﻭﻷﻥ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭﺓ ﺗﻠﺰﻡ ﺍﻟﻘﺎﺗﻞ ﰲ ﻣﺎﻟﻪ , ﻭﺫﻟﻚ ﻳﻌﺪﻝ ﻗﺴﻄﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻭﺃﻛﺜﺮ ﻣﻨﻪ , ﻓﻼ ﺣﺎﺟﺔ ﺇﱃ ﺇﳚﺎﺏ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻋﻠﻴﻪ .
ثانياً: ﺃﺎ ﻣﺆﺟﻠﺔ ﰲ ﺛﻼﺙ ﺳﻨﻮﺍﺕ :
ﳌﺎ ﻳﻠﻲ :
ﺃ – ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﳌﺮﻭﻱ ﻋﻦ ﻋﻤﺮ ﻭﻋﻠﻲ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﻭﻻ ﻳﻌﺮﻑ ﳍﻤﺎ ﳐﺎﻟﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ .
ﺏ – ﻭﻷﻥ ﻫﺬﺍ ﺇﲨﺎﻉ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﳑﻦ ﺣﻜﻰ ﺍﻹﲨﺎﻉ ﺍﺑﻦ ﺍﳌﻨﺬﺭ ﻭﺍﺑﻦ ﻗﺪﺍﻣﺔ ﻭﻏﲑﻫﻢ.
ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﻓﻴﺠﺐ ﰲ ﺁﺧﺮ ﻛﻞ ﺣﻮﻝ ﺛﻠﺜﻬﺎ، ﻭﻳﻌﺘﱪ ﺍﺑﺘﺪﺍﺀ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻣﻦ ﺣﲔ ﻭﺟﻮﺏ ﺍﻟﺪﻳﺔ .
ﺛﺎﻟﺜﺎ – ﺃﺎ ﳐﻔﻔﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﺴﻦ :
ﻭﻗﺪ ﺍﺧﺘﻠﻒ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﰲ ﺃﺳﻨﺎﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻗﻮﺍﻝ ﺃﺑﺮﺯﻫﺎ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﺃﻗﻮﺍﻝ :
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻷﻭﻝ :
أنها ﲡﺐ ﺃﲬﺎﺳﺎ ، ﻋﺸﺮﻭﻥ ﺑﻨﺖ ﳐﺎﺽ ، ﻭﻋﺸﺮﻭﻥ ﺍﺑﻦ ﳐﺎﺽ ، ﻭﻋﺸﺮﻭﻥ ﺑﻨﺖ ﻟﺒﻮﻥ ، ﻭﻋﺸﺮﻭﻥ ﺣﻘﻪ ، ﻭﻋﺸﺮﻭﻥ ﺟﺬﻋﻪ .
ﻭﻫﺬﺍ ﻗﻮﻝ ﺍﻷﺣﻨﺎﻑ ﻭﺍﳊﻨﺎﺑﻠﺔ.
ﳌﺎ ﺭﻭﻯ ﻋﺒﺪﺍﷲ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ : (( ﰲ ﺩﻳﺔ ﺍﳋﻄﺄ ﻋﺸﺮﻭﻥ ﺣﻘﻪ ، ﻭﻋﺸﺮﻭﻥ ﺟﺬﻋﺔ ، ﻭﻋﺸﺮﻭﻥ ﺑﻨﺖ ﳐﺎﺽ ، ﻭﻋﺸﺮﻭﻥ ﺑﲏ ﳐﺎﺽ ، ﻭﻋﺸﺮﻭﻥ ﺑﻨﺖ ﻟﺒﻮﻥ )) ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺑﻮ ﺩﺍﻭﻭﺩ ﻭﺍﻟﻨﺴﺎﺋﻲ ﻭﺍﺑﻦ ﻣﺎﺟﻪ .
ﻧﻮﻗﺶ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﻣﻦ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻭﺟﻪ:
ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻷﻭﻝ : ﺃﻥ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻻ ﻳﺼﺢ ﻣﺮﻓﻮﻋﺎﹰ ﺇﱃ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ . ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ : ﻻ ﻧﻌﺮﻓﻪ ﻣﺮﻓﻮﻋﺎ ﺇﻻ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺟﻪ. ﻭﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﺃﻧﻪ ﻣﻮﻗﻮﻑ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ
ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﺜﺎﱐ: ﺃﻧﻪ ﺟﺎﺀ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺪﺍﺭﻗﻄﲏ ﻭﻏﲑﻩ ﺑﻠﻔﻆ " ﺑﲏ ﻟﺒﻮﻥ بدلاً ﻣﻦ ﺑﲏ ﳐﺎﺽ" . ﻛﻤﺎ ﺳﻴﺄﰐ ، ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ﺿﻌﻴﻔﺔ أيضاً.
ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ: ﺃﻥ ﻓﻴﻪ ﺑﲏ ﳐﺎﺽ ، ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ : " ﻭﻻ ﻣﺪﺧﻞ ﻟﺒﲏ ﺍﳌﺨﺎﺽ ﰲ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺃﺳﻨﺎﻥ ﺍﻟﺼﺪﻗﺎﺕ . ﻭﻗﺪ ﺭﻭﻱ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﰲ ﻗﺼﺔ ﺍﻟﻘﺴﺎﻣﺔ ﺃﻧﻪ ﻭﺩﻯ ﻗﺘﻴﻞ ﺧﻴﱪ ﲟﺎﺋﺔ ﻣﻦ ﺇﺑﻞ ﺍﻟﺼﺪﻗﺔ , ﻭﻟﻴﺲ ﰲ ﺃﺳﻨﺎﻥ ﺍﻟﺼﺪﻗﺔ ﺍﺑﻦ ﳐﺎﺽ".
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺜﺎﱐ:
ﻫﻲ ﺃﲬﺎﺱ , ﺇﻻ أنهم ﺟﻌﻠﻮﺍ ﻣﻜﺎﻥ ﺑﲏ ﳐﺎﺽ ﺑﲏ ﻟﺒﻮﻥ .
ﻭﻫﺬﺍ ﻗﻮﻝ ﺍﳌﺎﻟﻜﻴﺔ , ﻭﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ.
ﳊﺪﻳﺚ ﺍﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﻓﻘﺪ ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺍﻟﺪﺍﺭﻗﻄﲏ , ﻭﻗﺎﻝ : ﻋﺸﺮﻭﻥ ﺑﲏ ﻟﺒﻮﻥ ﻣﻜﺎﻥ ﻗﻮﻟﻪ ﻋﺸﺮﻭﻥ ﺍﺑﻦ ﳐﺎﺽ . ﻭﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺪﺍﺭﻗﻄﲏ ﻛﺬﻟﻚ ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺃﰊ ﻋﺒﻴﺪﺓ ﻋﻦ ﺃﺑﻴﻪ ﻳﻌﲏ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ ﻣﻮﻗﻮﻓﺎ , ﻭﻗﺎﻝ : ﻫﺬﺍ ﺇﺳﻨﺎﺩ ﺣﺴﻦ.
ﻧﻮﻗﺶ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﻣﻦ ﻭﺟﻬﲔ :
ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻷﻭﻝ : ﺃﻥ ﺍﳌﺮﻓﻮﻉ ﺿﻌﻴﻒ ، ﻭﺃﻣﺎ ﺍﳌﻮﻗﻮﻑ ﻓﻘﺪ ﺭﻭﻱ ﻣﻦ ﺃﻭﺟﻪ ﻣﺘﻌﺪﺩﺓ ﺻﺤﻴﺤﺔ ﻋﻦ ﺍﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ ﻣﺎ ﻳﻮﺍﻓﻖ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻷﻭﻝ .
ﻭﳍﺬﺍ ﻓﻘﺪ ﺗﻌﻘﺐ ﺍﻟﺒﻴﻬﻘﻲ الدارقطني ﻭﻗﺎﻝ : ﻭﻋﻨﺪ ﺍﳉﻤﻴﻊ : ﺑﻨﻮ ﳐﺎﺽ .
ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﺜﺎﱐ: ﺃﻥ ﺍﺑﻦ ﻟﺒﻮﻥ ﳚﺐ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺒﺪﻝ ﻋﻦ ﺍﺑﻨﺔ ﳐﺎﺽ ﰲ ﺍﻟﺰﻛﺎﺓ ﺇﺫﺍ ﱂ ﳚﺪﻫﺎ , ﻓﻼ ﳚﻤﻊ ﺑﲔ ﺍﻟﺒﺪﻝ ﻭﺍﳌﺒﺪﻝ ﰲ ﻭﺍﺟﺐ , ﻭﻷﻥ ﻣﻮﺟﺒﻬﻤﺎ ﻭﺍﺣﺪ , ﻓﻴﺼﲑ ﻛﺄﻧﻪ ﺃﻭﺟﺐ ﺃﺭﺑﻌﲔ ﺍﺑﻨﺔ ﳐﺎﺽ.
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ:
أنها ﺛﻼﺛﻮﻥ ﺣﻘﺔ , ﻭﺛﻼﺛﻮﻥ ﺑﻨﺖ ﻟﺒﻮﻥ , ﻭﺛﻼﺛﻮﻥ ﺑﻨﺖ ﳐﺎﺽ , ﻭﻋﺸﺮ ﺑﲏ ﻟﺒﻮﻥ ﺫﻛﻮﺭ .
ﻭﻳﺮﻭﻯ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻋﻦ ﻃﺎﻭﺱ.
ﳌﺎ ﺭﻭﻯ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺷﻌﻴﺐ , ﻋﻦ ﺃﺑﻴﻪ , ﻋﻦ ﺟﺪﻩ , ﺃﻥ { ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﻀﻰ ﺃﻥ ﻣﻦ ﻗﺘﻞ ﺧﻄﺄ, ﻓﺪﻳﺘﻪ ﻣﻦ ﺍﻹﺑﻞ ﺛﻼﺛﻮﻥ ﺑﻨﺖ ﳐﺎﺽ, ﻭﺛﻼﺛﻮﻥ ﺑﻨﺖ ﻟﺒﻮﻥ, ﻭﺛﻼﺛﻮﻥ ﺣﻘﺔ, ﻭﻋﺸﺮﺓ ﺑﲏ ﻟﺒﻮﻥ ﺫﻛﻮﺭ } . ﺭﻭﺍﻩ ﺍﳋﻤﺴﺔ ﺇﻻ ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ.
ﻧﻮﻗﺶ:
ﺑﺄﻥ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺿﻌﻴﻒ ﻓﺈﻥ ﰲ ﺇﺳﻨﺎﺩﻩ ﳏﻤﺪ ﺑﻦ ﺭﺍﺷﺪ ﺍﳌﻜﺤﻮﱄ , ﻭﻗﺪ ﻭﺛﻘﻪ ﺃﲪﺪ ﻭﺍﺑﻦ ﻣﻌﲔ ﻭﺍﻟﻨﺴﺎﺋﻲ ﻭﺿﻌﻔﻪ ﺍﺑﻦ ﺣﺒﺎﻥ ﻭﺃﺑﻮ ﺯﺭﻋﺔ . ﻗﺎﻝ ﺍﳋﻄﺎﰊ : ﻫﺬﺍ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻻ ﺃﻋﺮﻑ ﺃﺣﺪﺍ ﻗﺎﻝ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ .
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ :
أنها ﺃﺭﺑﺎﻉ : ﲬﺲ ﻭﻋﺸﺮﻭﻥ ﺟﺬﻋﺔ ، ﻭﲬﺲ ﻭﻋﺸﺮﻭﻥ ﺣﻘﺔ ، ﻭﲬﺲ ﻭﻋﺸﺮﻭﻥ ﺑﻨﺖ ﻟﺒﻮﻥ ، ﻭﲬﺲ ﻭﻋﺸﺮﻭﻥ ﺑﻨﺖ ﳐﺎﺽ.
ﺭﻭﻱ ﺫﻟﻚ ﻋﻦ ﻋﻠﻲ ﻭﻫﻮ ﻗﻮﻝ ﺍﳊﺴﻦ ﻭﺍﻟﺸﻌﱯ .
ﳌﺎ ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺑﻮ ﺩﺍﻭﺩ ﻣﻮﻗﻮﻓﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻲ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻋﺎﺻﻢ ﺑﻦ ﺿﻤﺮﺓ ﻗﺎﻝ : { ﺩﻳﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﰲ ﺍﳋﻄﺈ ﲬﺲ ﻭﻋﺸﺮﻭﻥ ﺟﺬﻋﺔ ﻭﲬﺲ ﻭﻋﺸﺮﻭﻥ ﺣﻘﺔ ﻭﲬﺲ ﻭﻋﺸﺮﻭﻥ ﺑﻨﺎﺕ ﻟﺒﻮﻥ ﻭﲬﺲ ﻭﻋﺸﺮﻭﻥ ﺑﻨﺎﺕ ﳐﺎﺽ } . ﻭﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﻳﻀﺎ ﺃﺑﻮ ﺩﺍﻭﺩ ﻋﻦ ﺍﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ ﻣﻮﻗﻮﻓﺎ ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻋﻠﻘﻤﺔ ﻭﺍﻷﺳﻮﺩ ﻗﺎﻻ : ﻗﺎﻝ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ : ﰲ ﺍﳋﻄﺈ ﺷﺒﻪ ﺍﻟﻌﻤﺪ ﲬﺲ ﻭﻋﺸﺮﻭﻥ ﺣﻘﺔ ﻭﲬﺲ ﻭﻋﺸﺮﻭﻥ ﺟﺬﻋﺔ ﻭﲬﺲ ﻭﻋﺸﺮﻭﻥ ﺑﻨﺎﺕ ﻟﺒﻮﻥ ﻭﲬﺲ ﻭﻋﺸﺮﻭﻥ ﺑﻨﺎﺕ ﳐﺎﺽ.
ﻭﺍﻷﻗﺮﺏ – ﻭﺍﷲ ﺃﻋﻠﻢ – ﻫﻮ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻷﻭﻝ ؛ ﻷﻥ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺎﺕ ﻋﻦ ﺍﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ ﺗﻮﺍﻓﻖ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻘﻮﻝ.
************************
ج- ﺃﻭﺟﻪ ﺍﻟﺘﻐﻠﻴﻆ ﻭﺍﻟﺘﺨﻔﻴﻒ ﰲ ﺩﻳﺔ ﺷﺒﻪ ﺍﻟﻌﻤﺪ :
ﺩﻳﺔ ﺷﺒﻪ ﺍﻟﻌﻤﺪ ﻣﻐﻠﻈﺔ ﻣﻦ ﻭﺟﻪ ﻭﺍﺣﺪ ، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺴﻦ ، ﻓﻬﻲ ﲡﺐ ﺃﺛﻼﺛﺎ ﻛﺎﻟﻘﺘﻞ ﺍﻟﻌﻤﺪ ، ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻣﻦ ﺃﻗﻮﻝ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ . ﻟﻘﻮﻟﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ (( ﻋﻘﻞ ﺷﺒﻪ ﺍﻟﻌﻤﺪ ﻣﻐﻠﻆ ﻣﺜﻞ ﻋﻘﻞ ﺍﻟﻌﻤﺪ – ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻭﻗﺪ ﺗﻘﺪﻡ - )) ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺍﻟﺪﺍﺭﻗﻄﲏ ﻭﺿﻌﻔﻪ ، ﻭﳊﺪﻳﺚ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﺍﳌﺘﻘﺪﻡ (( ﺃﻻ ﺇﻥ ﰲ ﻗﺘﻴﻞ ﺧﻄﺄ ﺍﻟﻌﻤﺪ .... ﺍﳊﺪﻳﺚ )).
ﻭﻫﻲ ﳐﻔﻔﺔ ﻣﻦ ﻭﺟﻬﲔ :
ﺍﻷﻭﻝ : أنها ﲡﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺎﻗﻠﺔ ، ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﻣﺬﻫﺐ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﳌﺎ ﻳﻠﻲ:
1- ﻣﺎ ﺭﻭﻯ ﺃﺑﻮ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﻗﺎﻝ : ((ﺍﻗﺘﺘﻠﺖ ﺍﻣﺮﺃﺗﺎﻥ ﻣﻦ ﻫﺬﻳﻞ ، ﻓﺮﻣﺖ ﺇﺣﺪﺍﳘﺎ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﲝﺠﺮ ﻓﻘﺘﻠﺘﻬﺎ ﻭﻣﺎ ﰲ ﺑﻄﻨﻬﺎ ، ﻓﻘﻀﻰ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑﺪﻳﺔ ﺍﳌﺮﺃﺓ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺘﻬﺎ )) ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ .
2- ﻭﻷﻧﻪ ﻧﻮﻉ ﻗﺘﻞ ﻻﻳﻮﺟﺐ قصاصاً ، ﻓﻮﺟﺒﺖ ﺩﻳﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺎﻗﻠﺔ ﻛﺎﳋﻄﺄ.
ﺍﻟﺜﺎﱐ : أنها ﲡﺐ ﻣﺆﺟﻠﺔ ، ﺑﺈﲨﺎﻉ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ، ﻭﳑﻦ ﺣﻜﻰ ﺍﻹﲨﺎﻉ ﺍﺑﻦ ﻗﺪﺍﻣﻪ .
ﻭﺍﳊﻜﻤﺔ ﻣﻦ ﻛﻮﻥ ﺩﻳﺔ ﺍﳋﻄﺄ ﻭﺷﺒﻪ ﺍﻟﻌﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺎﻗﻠﺔ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﳉﻨﺎﻳﺎﺕ ﺗﻜﺜﺮ ، ﻭﺩﻳﺔ ﺍﻵﺩﻣﻲ ﻛﺜﲑﺓ ، ﻓﺈﳚﺎﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﺎﱐ ﰲ ﻣﺎﻟﻪ ﳚﺤﻒ ﺑﻪ ﻓﺎﻗﺘﻀﺖ ﺍﳊﻜﻤﺔ ﺇﳚﺎﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺎﻗﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﳌﻮﺍﺳﺎﺓ ﻟﻠﻘﺎﺗﻞ ﻭﻟﻺﻋﺎﻧﻪ ﻟﻪ ﲣﻔﻴﻒ ﻋﻨﻪ ﺇﺫ ﻛﺎﻥ ﻣﻌﺬﻭﺭ ﰲ ﻓﻌﻠﻪ .
---------------------------------
ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ : ﺍﻷﺻﻞ ﰲ ﺍﻟﺪﻳﺔ :
ﺃﲨﻊ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻹﺑﻞ ﺃﺻﻞ ﰲ ﺍﻟﺪﻳﺔ , ﻭﺃﻥ ﺩﻳﺔ ﺍﳊﺮ ﺍﳌﺴﻠﻢ ﻣﺎﺋﺔ ﻣﻦ ﺍﻹﺑﻞ . ﻭﻗﺪ ﺩﻟﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺚ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩﺓ ; ﻣﻨﻬﺎ ﺣﺪﻳﺚ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺣﺰﻡ , ﻭﺣﺪﻳﺚ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﰲ ﺩﻳﺔ ﺧﻄﺄ ﺍﻟﻌﻤﺪ , ﻭﺣﺪﻳﺚ ﺍﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ ﰲ ﺩﻳﺔ ﺍﳋﻄﺄ .
ﻭﺍﺧﺘﻠﻔﻮﺍ ﰲ ﲢﺪﻳﺪ ﺍﻷﺻﻞ ﰲ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻫﻞ ﻫﻮ ﺍﻹﺑﻞ ﺧﺎﺻﺔ ﻭﻏﲑﻫﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻘﻮﻣﺎ بها؟ ﺃﻡ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺃﺻﻮﻻ ﺃﺧﺮﻯ ﻟﻠﺪﻳﺎﺕ ﻏﲑ ﺍﻹﺑﻞ ؟
ﻭﳍﻢ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻗﻮﻻﻥ :
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻷﻭﻝ :
ﺃﻥ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﲬﺴﺔ : ﻣﺎﺋﺔ ﻣﻦ ﺍﻹﺑﻞ ، ﺃﻭ ﻣﺎﺋﺘﺎ ﺑﻘﺮﺓ ، ﺃﻭ ﺃﻟﻔﺎ ﺷﺎﺓ ، ﺃﻭ ﺃﻟﻒ ﻣﺜﻘﺎﻝ ﺫﻫﺐ ، ﺃﻭ ﺍﺛﻨﺎ ﻋﺸﺮ ﺃﻟﻒ ﺩﺭﻫﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻀﺔ .
ﻓﻬﺬﻩ ﺍﳋﻤﺲ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﺇﺫﺍ ﺃﺣﻀﺮ ﻣﻦ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﻨﻬﺎ ﻟﺰﻡ ﻗﺒﻮﻟﻪ.
ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﺍﻟﺴﺒﻌﺔ ، ﻭﻣﺬﻫﺐ ﺍﳊﻨﺎﺑﻠﺔ .
ﺍﺳﺘﺪﻟﻮﺍ ﲟﺎ ﻳﻠﻲ :
1- ﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﻗﺎﻝ : (( ﻓﺮﺽ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﰲ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻞ ﺍﻹﺑﻞ ﻣﺎﺋﺔ ﻣﻦ ﺍﻹﺑﻞ ، ﻭﻋﻠﻰ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺒﻘﺮ ﻣﺎﺋﱵ ﺑﻘﺮﺓ ﻭﻋﻠﻰ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺸﺎﺀ ﺃﻟﻘﻰ ﺷﺎﺓ )) ﺭﻭﺍﻩ ﺃﺑﻮ ﺩﺍﻭﺩ ، ﻭﻫﻮ ﺣﺪﻳﺚ ﺿﻌﻴﻒ.
2- ﻭﻋﻦ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﺃﻥ ﺭﺟﻼ ﻗﺘﻞ ﻓﺠﻌﻞ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺩﻳﺘﻪ ﺍﺛﲎ ﻋﺸﺮ ﺃﻟﻒ ﺩﺭﻫﻢ )) ﺭﻭﺍﻩ ﺍﺑﻮ ﺩﺍﻭﺩ ﻭﺍﺑﻦ ﻣﺎﺟﻪ ﻭﻫﻮ ﺿﻌﻴﻒ ﺃﻳﻀﺎ.
3- ﻭﰲ ﻛﺘﺎﺏ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺣﺰﻡ - ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ - : (( ﻭﻋﻠﻰ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺬﻫﺐ ﺃﻟﻒ ﺩﻳﻨﺎﺭ )).
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺜﺎﱐ :
ﺃﻥ ﺍﻷﺻﻞ ﰲ ﺍﻟﺪﻳﺎﺕ ﻫﻮ ﺍﻹﺑﻞ ﺧﺎﺻﺔ ﻭﻏﲑﻫﺎ ﻣﺘﻘﻮﻡ بها.
ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﻗﻮﻝ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ، ﻭﻫﻮ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﻪ ﻭﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ .
ﺍﺳﺘﺪﻟﻮﺍ ﲟﺎ ﻳﻠﻲ :
1- ﺣﺪﻳﺚ ﻋﺒﺪﺍﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ – ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ - : (( ﺃﻻ ﺇﻥ ﰲ ﻗﺘﻴﻞ ﻋﻤﺪ ﺍﳋﻄﺄ ﻗﺘﻴﻞ ﺍﻟﺴﻮﻁ ﻭﺍﻟﻌﺼﺎ ﻭﺍﳊﺠﺮ ﻣﺎﺋﺔ ﻣﻦ ﺍﻹﺑﻞ )). ﻓﻨﺺ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺑﻞ ﺧﺎﺻﺔ .
2- ﻭﻋﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺷﻌﻴﺐ ﻋﻦ ﺃﺑﻴﻪ ﻋﻦ ﺟﺪﻩ ﺃﻥ ﻋﻤﺮ ﻗﺎﻡ ﺧﻄﻴﺒﺎ ﻓﻘﺎﻝ : (( ﺍﻻ ﺇﻥ ﺍﻹﺑﻞ ﻗﺪ ﻏﻠﺖ ، ﻗﺎﻝ : ﻓﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺬﻫﺐ ﺃﻟﻒ ﺩﻳﻨﺎﺭ ﻭﻋﻠﻰ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻮﺭﻕ ﺍﺛﲎ ﻋﺸﺮ ﺍﻟﻔﺎ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻫﻞ ﺍﻟﺒﻘﺮ ﻣﺎﺋﱴ ﺑﻘﺮﺓ ﻭﻋﻠﻰ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺸﺎﺀ ﺃﻟﻔﻲ ﺷﺎﺓ ﻭﻋﻠﻰ ﺃﻫﻞ ﺍﳊﻠﻞ ﻣﺎﺋﱴ ﺣﻠﺔ )). ﺭﻭﺍﻩ ﺍﺑﻮ ﺩﺍﻭﻭﺩ ﻭﻫﻮ ﺻﺤﻴﺢ .
ﻭﻭﺟﻪ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻣﻨﻪ ﺃﻧﻪ ﺃﻭﺟﺐ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺬﻛﻮﺭﺍﺕ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﺘﻘﻮﱘ ﻟﻐﻼﺀ ﺍﻹﺑﻞ ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﺻﻮﻻ ﺑﻨﻔﺴﻬﺎ ﱂ ﻳﻜﻦ ﺇيجابها ﺗﻘﻮﳝﺎ ﻟﻺﺑﻞ ، ﻭﻻ ﻛﺎﻥ ﻟﻐﻼﺀ ﺍﻹﺑﻞ أﺛﺮ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻭﻻ ﻟﺬﻛﺮﻩ ﻣﻌﲎ ، ﻭﻗﺪ ﺭﻭﻱ : (( ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﻘﻮﻡ ﺍﻹﺑﻞ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺗﻐﻠﻮﺍ ﺑﺜﻤﺎﻧﻴﺔ ﺍﻻﻑ ﺩﺭﻫﻢ ))
3- ﻭﻷﻥ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﺮﻕ ﺑﲔ ﺩﻳﺔ ﺍﻟﻌﻤﺪ ﻭﺍﳋﻄﺄ ﻓﻐﻠﻆ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻭﺧﻔﻒ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻭﻻ ﻳﺘﺤﻘﻖ ﻫﺬﺍ ﰲ ﻏﲑ ﺍﻹﺑﻞ ﺑﺈﲨﺎﻉ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ .
ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻫﻮ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻭﺃﻣﺎ ﻣﺎ ﺍﺳﺘﺪﻝ ﺑﻪ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻷﻭﻝ ﻓﻬﻲ ﺃﺣﺎﺩﻳﺚ ﺿﻌﻴﻔﺔ ، ﻭﻋﻠﻰ ﻓﺮﺽ ﺛﺒﻮﻬﺎ ﻓﺈﻬﺎ ﲢﺘﻤﻞ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻭﺟﺐ ﺍﻟﻮﺭﻕ ﻭﳓﻮﻫﺎ ﺑﺪﻻ ﻋﻦ ﺍﻹﺑﻞ ﻭﺇﳕﺎ ﺍﳋﻼﻑ ﰲ كونها ﺃﺻﻼ .
الخلاصة:
ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﻓﺪﻳﺔ ﺍﳊﺮ ﺍﳌﺴﻠﻢ ﻣﺎﺋﺔ ﻣﻦ ﺍﻹﺑﻞ ﺃﻭ ﻣﺎ ﻳﺴﺎﻭﻱ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻷﻭﺭﺍﻕ ﺍﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ، ﻭﻗﺪ ﻗﺪﺭﺕ ﰲ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﲟﺎ ﻳﺴﺎﻭﻱ (120 ﺃﻟﻒ ﺭﻳﺎﻝ ) ﰲ ﺍﻟﻌﻤﺪ ﻭﺷﺒﻬﻪ ﻭ (100 ﺃﻟﻒ ﺭﻳﺎﻝ ) ﰲ ﺍﳋﻄﺄ .
ﻭﻫﻲ ﲣﺘﻠﻒ ﻣﻦ ﺳﻨﺔ ﺇﱃ ﺃﺧﺮﻯ ﻭﻣﻦ ﺑﻠﺪ ﺇﱃ ﺁﺧﺮ .
ﻭﺇﺫﺍ ﺃﻋﻮﺯﺕ ﺍﻹﺑﻞ , ﻭﱂ ﺗﻮﺟﺪ ﺇﻻ ﺑﺄﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﲦﻦ ﺍﳌﺜﻞ , ﻓﺘﺠﺐ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ , ﺑﺎﻟﻐﺔ ﻣﺎ ﺑﻠﻐﺖ ; ﻷﻥ ﻣﺎ ﺿﻤﻦ ﺑﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﳌﺎﻝ , ﻭﺟﺒﺖ ﻗﻴﻤﺘﻪ , ﻛﺬﻭﺍﺕ ﺍﻷﻣﺜﺎﻝ , ﻭﻷﻥ ﺍﻹﺑﻞ ﺇﺫﺍ ﺃﺟﺰﺃﺕ ﺇﺫﺍ ﻗﻠﺖ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ , ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﲡﺰﺉ ﻭﺇﻥ ﻛﺜﺮﺕ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ , ﻛﺎﻟﺪﻧﺎﻧﲑ ﺇﺫﺍ ﻏﻠﺖ ﺃﻭ ﺭﺧﺼﺖ .
ﻭﻻ ﺗﻌﺘﱪ ﻗﻴﻤﺔ ﺍﻹﺑﻞ , ﺑﻞ ﻣﱴ ﻭﺟﺪﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﺍﳌﺸﺮﻭﻃﺔ , ﻭﺟﺐ ﺃﺧﺬﻫﺎ , ﻗﻠﺖ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ ﺃﻭ ﻛﺜﺮﺕ , ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻣﻦ ﺃﻗﻮﺍﻝ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ .

************************* **********************


ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ : ﺩﻳﺔ ﺍﳊﺮ ﺍﻟﻜﺘﺎﰊ :
ﺍﺧﺘﻠﻒ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﰲ ﺩﻳﺔ ﺍﳊﺮ ﺍﻟﻜﺘﺎﰊ ﻋﻠﻰ ﺃﻗﻮﺍﻝ ﺃﺑﺮﺯﻫﺎ ﺛﻼﺛﺔ :
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻷﻭﻝ:
ﺃﻥ ﺩﻳﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺼﻒ ﻣﻦ ﺩﻳﺔ ﺍﳌﺴﻠﻢ ، ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻥ ﻣﻌﺎﻫﺪﺍ ﺃﻭ ﻣﺴﺘﺄﻣﻨﺎ ﺃﻭ ﺫﻣﻴﺎ.
ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﻣﺬﻫﺐ ﺍﳌﺎﻟﻜﻴﺔ ﻭﺍﳊﻨﺎﺑﻠﺔ ﻭﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ .
ﻭﺩﻟﻴﻠﻬﻢ :
ﻣﺎ ﺭﻭﻯ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺷﻌﻴﺐ ﻋﻦ ﺃﺑﻴﻪ ﻋﻦ ﺟﺪﻩ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ : (( ﺩﻳﺔ ﺍﳌﻌﺎﻫﺪ ﻧﺼﻒ ﺩﻳﺔ ﺍﳌﺴﻠﻢ )) ﻭﰲ ﻟﻔﻆ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﻀﻰ ﺃﻥ ﻋﻘﻞ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻧﺼﻒ ﻋﻘﻞ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ )) ﺭﻭﺍﻩ ﺃﲪﺪ ﻭﺍﻷﺭﺑﻌﺔ ﻭﺻﺤﺤﻪ ﺍﺑﻦ ﺧﺰﳝﻪ .
ﻗﺎﻝ ﺍﳋﻄﺎﰊ : ﻟﻴﺲ ﰲ ﺩﻳﺔ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺷﻲﺀ ﺃﺑﲔ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﻭﻻ ﺑﺄﺱ ﺑﺈﺳﻨﺎﺩﻩ .
ﻭﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ : " ﻫﺬﺍ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺻﺤﻴﺢ ﺇﱃ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺷﻌﻴﺐ ، ﻭﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ﳛﺘﺠﻮﻥ ﺑﻪ ﰲ ﻏﲑ ﻣﻮﺿﻊ ".
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺜﺎﱐ :
ﺃﻥ ﺩﻳﺔ ﺍﻟﺬﻣﻲ ﻭﺍﳌﻌﺎﻫﺪ ﻭﺍﳌﺴﺘﺄﻣﻦ ﻛﺪﻳﺔ ﺍﳌﺴﻠﻢ ، ﻛﺘﺎﺑﻴﺎﹰ ﻛﺎﻥ ﺃﻭ ﻏﲑ ﻛﺘﺎﰊ.
ﻭﻫﻮ ﻗﻮﻝ ﺍﻷﺣﻨﺎﻑ.
ﻭﺃﺩﻟﺘﻬﻢ:
1- ﻋﻤﻮﻡ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ : { ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﻗﻮﻡ ﺑﻴﻨﻜﻢ ﻭﺑﻴﻨﻬﻢ ﻣﻴﺜﺎﻕ ﻓﺪﻳﺔ ﻣﺴﻠﻤﺔ ﺇﱃ ﺃﻫﻠﻪ } ﻗﺎﻟﻮﺍ : ﻭﺇﻃﻼﻕ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻳﻔﻴﺪ ﺃﻬﺎ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﺍﳌﻌﻬﻮﺩﺓ ﻭﻫﻲ ﺩﻳﺔ ﺍﳌﺴﻠﻢ .
ﻭﳚﺎﺏ ﻋﻨﻪ ﲜﻮﺍﺑﲔ:
ﺍﻷﻭﻝ : ﲟﻨﻊ ﻛﻮﻥ ﺍﳌﻌﻬﻮﺩ ﻫﻬﻨﺎ ﻫﻮ ﺩﻳﺔ ﺍﳌﺴﻠﻢ , ﺑﻞ ﺍﳌﺮﺍﺩ ﺑﺎﻟﺪﻳﺔ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﺍﳌﺘﻌﺎﺭﻓﺔ ﺑﲔ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻷﻫﻞ ﺍﻟﺬﻣﺔ ﻭﺍﳌﻌﺎﻫﺪﻳﻦ .
ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ : ﺑﺄﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻃﻼﻕ ﻣﻘﻴﺪ ﺑﺎﳊﺪﻳﺚ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ.
2- ﻭﲟﺎ ﺭﻭﻯ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ :{ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﺩﻯ ﺍﻟﻌﺎﻣﺮﻳﲔ ﺍﻟﻠﺬﻳﻦ ﻗﺘﻠﻬﻤﺎ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺃﻣﻴﺔ ﺍﻟﻀﻤﺮﻱ ﻭﻛﺎﻥ ﳍﻤﺎ ﻋﻬﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﱂ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﻪ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﺪﻳﺔ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ } . ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻭﻗﺎﻝ : ﻏﺮﻳﺐ .
ﻭﳚﺎﺏ ﻋﻨﻪ : ﺑﺄﻥ ﰲ ﺇﺳﻨﺎﺩﻩ ﺃﺑﺎ ﺳﻌﻴﺪ ﺍﻟﺒﻘﺎﻝ ﻭﺍﲰﻪ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﺍﳌﺮﺯﺑﺎﻥ ﻭﻻ ﳛﺘﺞ ﲝﺪﻳﺜﻪ , ﻭﺍﻟﺮﺍﻭﻱ ﻋﻨﻪ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺑﻦ ﻋﻴﺎﺵ .
3- ﻭﲟﺎ ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺍﻟﺒﻴﻬﻘﻲ ﻋﻦ ﺍﻟﺰﻫﺮﻱ { ﺃﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺩﻳﺔ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻱ ﻭﺍﻟﻨﺼﺮﺍﱐ ﰲ ﺯﻣﻦ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻣﺜﻞ ﺩﻳﺔ ﺍﳌﺴﻠﻢ } , ﻭﰲ ﺯﻣﻦ ﺃﰊ ﺑﻜﺮ ﻭﻋﻤﺮ ﻭﻋﺜﻤﺎﻥ , ﻓﻠﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ ﺃﻋﻄﻰ ﺃﻫﻞ ﺍﳌﻘﺘﻮﻝ ﺍﻟﻨﺼﻒ ﻭﺃﻟﻘﻰ ﺍﻟﻨﺼﻒ ﰲ ﺑﻴﺖ ﺍﳌﺎﻝ . ﻗﺎﻝ : ﰒ ﻗﻀﻰ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﺑﺎﻟﻨﺼﻒ ﻭﺃﻟﻐﻰ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺟﻌﻞ ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ .
ﻭﳚﺎﺏ ﻋﻨﻪ : ﺑﺄﻧﻪ ﺣﺪﻳﺚ ﻣﺮﺳﻞ ، ﻭﻣﺮﺍﺳﻴﻞ ﺍﻟﺰﻫﺮﻱ ﻗﺒﻴﺤﺔ – ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﶈﺪﺛﻮﻥ - ﻷﻧﻪ ﺣﺎﻓﻆ ﻛﺒﲑ ﻻ ﻳﺮﺳﻞ ﺇﻻ ﻟﻌﻠﺔ .
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ :
ﺃﻥ ﺩﻳﺘﻪ ﺛﻠﺚ ﺩﻳﺔ ﺍﳌﺴﻠﻢ ، ﻭﻫﻲ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﺁﻻﻑ ﺩﺭﻫﻢ .
ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ.
ﻭﺃﺩﻟﺘﻬﻢ:
1- ﻋﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺷﻌﻴﺐ ﻋﻦ ﺃﺑﻴﻪ ﻋﻦ ﺟﺪﻩ ﻗﺎﻝ : {ﻛﺎﻧﺖ ﻗﻴﻤﺔ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﻬﺪ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﲦﺎﳕﺎﺋﺔ ﺩﻳﻨﺎﺭ ﻭﲦﺎﻧﻴﺔ ﺁﻻﻑ ﺩﺭﻫﻢ , ﻭﺩﻳﺔ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻳﻮﻣﺌﺬ ﺍﻟﻨﺼﻒ ﻣﻦ ﺩﻳﺔ ﺍﳌﺴﻠﻢ } ﻗﺎﻝ : ﻭﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻛﺬﻟﻚ ﺣﱴ ﺍﺳﺘﺨﻠﻒ ﻋﻤﺮ ﻓﻘﺎﻡ ﺧﻄﻴﺒﺎ , ﻓﻘﺎﻝ : ﺇﻥ ﺍﻹﺑﻞ ﻗﺪ ﻏﻠﺖ , ﻗﺎﻝ ﻓﻔﺮﺿﻬﺎ ﻋﻤﺮ ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺬﻫﺐ ﺃﻟﻒ ﺩﻳﻨﺎﺭ , ﻭﻋﻠﻰ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻮﺭﻕ ﺍﺛﲏ ﻋﺸﺮ ﺃﻟﻔﺎ , ﻭﻋﻠﻰ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺒﻘﺮ ﻣﺎﺋﱵ ﺑﻘﺮﺓ , ﻭﻋﻠﻰ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺸﺎﺓ ﺃﻟﻔﻲ ﺷﺎﺓ , ﻭﻋﻠﻰ ﺃﻫﻞ ﺍﳊﻠﻞ ﻣﺎﺋﱵ ﺣﻠﺔ , ﻗﺎﻝ ﻭﺗﺮﻙ ﺩﻳﺔ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺬﻣﺔ ﱂ ﻳﺮﻓﻌﻬﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﺭﻓﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻳﺔ . ﺭﻭﺍﻩ ﺃﺑﻮ ﺩﺍﻭﺩ .
2- ﻭﻋﻦ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﺍﳌﺴﻴﺐ ﻗﺎﻝ : ﻛﺎﻥ ﻋﻤﺮ ﳚﻌﻞ ﺩﻳﺔ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻱ ﻭﺍﻟﻨﺼﺮﺍﱐ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﺁﻻﻑ ﻭﺍﺠﻮﺳﻲ ﲦﺎﳕﺎﺋﺔ . ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻭﺍﻟﺪﺍﺭﻗﻄﲏ .
ﻭﳚﺎﺏ ﻋﻨﻪ : ﺑﺄﻧﻪ ﻓﻌﻞ ﺻﺤﺎﰊ ﻭﻗﺪ ﺧﺎﻟﻒ ﺍﻟﺜﺎﺑﺖ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻼ ﺣﺠﺔ ﻓﻴﻪ.
ﻭﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﻳﺘﺮﺟﺢ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻷﻭﻝ ﻟﺜﺒﻮﺕ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩ ﰲ ﺫﻟﻚ.
ﻓﺎﺋﺪﺓ : ﺟﺮﺍﺣﺎﺕ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺼﻒ ﻣﻦ ﺟﺮﺍﺣﺎﺕ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ . ﻭﻧﺴﺎﺅﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺼﻒ ﻣﻦ ﺩﻳﺎﻬﻢ ﺑﻼ ﺧﻼﻑ .
**********************
ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ : ﺩﻳﺔ ﻏﲑ ﺍﻟﻜﺘﺎﰊ :
ﺍﺧﺘﻠﻒ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻗﻮﺍﻝ :
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻷﻭﻝ:
ﺫﻫﺐ ﺃﻛﺜﺮ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻣﻦ ﺍﳌﺎﻟﻜﻴﺔ ﻭﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ ﻭﺍﳊﻨﺎﺑﻠﺔ ﺇﱃ ﺃﻥ ﺩﻳﺔ ﻏﲑ ﺍﻟﻜﺘﺎﰊ ﻣﻦ المجوس ﻭﺍﻟﻮﺛﻨﻴﲔ ﻭﺳﺎﺋﺮ ﺍﳌﺸﺮﻛﲔ ﲦﺎﳕﺎﺋﺔ ﺩﺭﻫﻢ ، ﺃﻱ ﺛﻠﺜﺎ ﻋﺸﺮ ﺩﻳﺔ ﺍﳌﺴﻠﻢ .
ﻭﺍﺣﺘﺠﻮﺍ :
1- ﺑﺄﻥ ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﳌﺮﻭﻱ ﻋﻦ ﻋﻤﺮ ﻭﻋﺜﻤﺎﻥ ﻭﺍﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻢ .
2-ﻭﻟﻨﻘﺼﺎﻥ ﺩﻳﻨﻪ ﻓﻼﳚﻮﺯ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﺑﺎﳌﺴﻠﻢ ﻭﻻ ﺑﺎﻟﻜﺘﺎﰊ.
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺜﺎﱐ:
ﺫﻫﺐ ﺍﻷﺣﻨﺎﻑ ﺇﱃ ﺃﻥ ﺩﻳﺘﻪ ﻛﺪﻳﺔ ﺍﳌﺴﻠﻢ .
ﻭﻗﺪ ﺳﺒﻖ ﺑﻴﺎﻥ ﺃﺩﻟﺘﻬﻢ ﰲ ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ، ﻭﻣﻨﺎﻗﺸﺘﻬﺎ.
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ:
ﺃﻥ ﺩﻳﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺼﻒ ﻣﻦ ﺩﻳﺔ ﺍﳌﺴﻠﻢ .
ﻭﺍﺧﺘﺎﺭ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻟﺪﺍﺋﻤﺔ ﻟﻺﻓﺘﺎﺀ.
ﻭﺍﺣﺘﺠﻮﺍ :
ﲝﺪﻳﺚ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺷﻌﻴﺐ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ، ﻓﺈﻥ ﰲ ﺑﻌﺾ ﺃﻟﻔﺎﻇﻪ : " ﻋﻘﻞ ﺍﻟﻜﺎﻓﺮ ﻧﺼﻒ ﻋﻘﻞ ﺍﳌﺴﻠﻢ " ﻭﻫﻮ ﻳﺸﻤﻞ ﺍﻟﻜﺘﺎﰊ ﻭﻏﲑﻩ .
ﻭﳚﺎﺏ ﻋﻨﻪ : ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻣﺒﻴﻨﺔ ﳍﺬﻩ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ، ﻓﺈﻥ ﻓﻴﻬﺎ : " ﻋﻘﻞ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ .." ﻓﺘﺤﻤﻞ ﻫﺬﻩ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ.
************************
ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﺍﳋﺎﻣﺴﺔ : ﺩﻳﺔ ﺍﳌﺮﺃﺓ :
ﺩﻳﺔ ﺍﳌﺮﺃﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺼﻒ ﻣﻦ ﺩﻳﺔ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﳌﺎ ﻳﻠﻲ :
1- ﻣﺎ ﺟﺎﺀ ﰲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺇﱃ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺣﺰﻡ : (( ﺩﻳﺔ ﺍﳌﺮﺃﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺼﻒ ﻣﻦ ﺩﻳﺔ ﺍﻟﺮﺟﻞ )) .
2- ﻭﻹﲨﺎﻉ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ : ﻭﳑﻦ ﺣﻜﻰ ﺍﻹﲨﺎﻉ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﱪ ﻭﺍﺑﻦ ﺍﳌﻨﺬﺭ ﻭﺍﺑﻦ ﻗﺪﺍﻣﺔ.
ﻣﺴﺄﻟﺔ : ﺩﻳﺔ ﺍﳌﺮﺃﺓ ﻓﻴﻤﺎ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻨﻔﺲ:
ﺍﺧﺘﻠﻒ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﰲ ﺩﻳﺔ ﺍﳌﺮﺃﺓ ﻓﻴﻤﺎ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻟﲔ:
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻷﻭﻝ : أنها ﺗﺴﺘﻮﻱ ﻣﻊ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻮﺟﺐ ﺩﻭﻥ ﺛﻠﺚ ﺍﻟﺪﻳﺔ ، ﻓﺈﺫﺍ ﺑﻠﻐﺖ ﺛﻠﺚ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻓﻬﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺼﻒ ﻣﻦ ﺩﻳﺔ ﺍﻟﺮﺟﻞ . ﻭﻫﺬﺍ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﺍﻟﺴﺒﻌﺔ ﻭﺍﳌﺎﻟﻜﻴﺔ ﻭﺍﳊﻨﺎﺑﻠﺔ . ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ : (( ﺇﻧﻪ – ﺃﻱ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻷﻭﻝ – ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﺇﻥ ﺧﺎﻟﻒ ﰲ ﺃﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻭﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ . ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺃﻭﱃ )) ﺃﻫـ .
ﻭﺃﺩﻟﺘﻬﻢ :
1- ﻋﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺷﻌﻴﺐ ﻋﻦ ﺃﺑﻴﻪ ﻋﻦ ﺟﺪﻩ ﻗﺎﻝ : ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: { ﻋﻘﻞ ﺍﳌﺮﺃﺓ ﻣﺜﻞ ﻋﻘﻞ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺣﱴ ﻳﺒﻠﻎ ﺍﻟﺜﻠﺚ ﻣﻦ ﺩﻳﺘﻪ } . ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﻨﺴﺎﺋﻲ ﻭﺍﻟﺪﺍﺭﻗﻄﲏ
2- ﻭﻋﻦ ﺭﺑﻴﻌﺔ ﺑﻦ ﺃﰊ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ ﻟﺴﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﺍﳌﺴﻴﺐ : ﻛﻢ ﰲ ﺃﺻﺒﻊ ﺍﳌﺮﺃﺓ ؟ ﻗﺎﻝ : ﻋﺸﺮ ﻣﻦ ﺍﻹﺑﻞ , ﻗﻠﺖ : ﻛﻢ ﰲ ﺃﺻﺒﻌﲔ ؟ ﻗﺎﻝ : ﻋﺸﺮﻭﻥ ﻣﻦ ﺍﻹﺑﻞ , ﻗﻠﺖ : ﻓﻜﻢ ﰲ ﺛﻼﺙ ﺃﺻﺎﺑﻊ ؟ ﻗﺎﻝ : ﺛﻼﺛﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻹﺑﻞ , ﻗﻠﺖ : ﻓﻜﻢ ﰲ ﺃﺭﺑﻊ ﺃﺻﺎﺑﻊ ؟ ﻗﺎﻝ : ﻋﺸﺮﻭﻥ ﻣﻦ ﺍﻹﺑﻞ , ﻗﻠﺖ : ﺣﲔ ﻋﻈﻢ ﺟﺮﺣﻬﺎ ﻭﺍﺷﺘﺪﺕ ﻣﺼﻴﺒﺘﻬﺎ ﻧﻘﺺ ﻋﻘﻠﻬﺎ , ﻗﺎﻝ ﺳﻌﻴﺪ : ﺃﻋﺮﺍﻗﻲ ﺃﻧﺖ ؟ ﻗﻠﺖ : ﺑﻞ ﻋﺎﱂ ﻣﺘﺜﺒﺖ ﺃﻭ ﺟﺎﻫﻞ ﻣﺘﻌﻠﻢ , ﻗﺎﻝ : ﻫﻲ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻳﺎ ﺍﺑﻦ ﺃﺧﻲ . ﺭﻭﺍﻩ ﻣﺎﻟﻚ ﰲ ﺍﳌﻮﻃﺈ ﻋﻨﻪ.
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺜﺎﱐ :
أنها ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺼﻒ ﻓﻴﻤﺎ ﻗﻞ ﺃﻭ ﻛﺜﺮ .
ﻭﻫﻮ ﻗﻮﻝ ﺃﰊ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻭﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﰲ ﻇﺎﻫﺮ ﻣﺬﻫﺒﻪ.
ﺍﺳﺘﺪﻝ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﻘﻮﻟﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﰲ ﺣﺪﻳﺚ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺣﺰﻡ : (( ﺩﻳﺔ ﺍﳌﺮﺃﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺼﻒ ﻣﻦ ﺩﻳﺔ ﺍﻟﺮﺟﻞ )).
ﻧﻮﻗﺶ ﻣﻦ ﻭﺟﻬﲔ :
ﺍﻷﻭﻝ : ﺃﻥ ﺍﳌﺮﺍﺩ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﺍﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻇﺎﻫﺮ ﺍﻟﻠﻔﻆ . ﻭﺫﻟﻚ ﳎﻤﻊ ﻋﻠﻴﻪ.
ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ : ﻭﻋﻠﻰ ﻓﺮﺽ ﺃﻥ ﻟﻔﻆ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻳﺼﺪﻕ ﻋﻠﻰ ﺩﻳﺔ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﻣﺎ ﺩﻭﻬﺎ ، ﻓﺈﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻤﻮﻡ ﳐﺼﻮﺹ ﲝﺪﻳﺚ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺷﻌﻴﺐ ﺍﳌﺬﻛﻮﺭ ﻓﺘﻜﻮﻥ ﺩﻳﺘﻬﺎ ﻛﻨﺼﻒ ﺩﻳﺔ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻓﻴﻤﺎ ﺟﺎﻭﺯ ﺍﻟﺜﻠﺚ ﻓﻘﻂ.
ﻭﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻫﻮ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻷﻭﻝ . ﻭﺍﳊﻜﻤﺔ ﰲ ﺍﻟﺘﻔﺮﻗﺔ ﺑﲔ ﻣﺎ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺜﻠﺚ ﻭﻣﺎ ﺯﺍﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻥ ﻣﺎ ﺩﻭﻧﻪ ﻗﻠﻴﻞ ( ﺃﻱ ﺩﻳﺘﻪ ﻗﻠﻴﻠﺔ ) ﻓﺠﱪﺕ ﻣﺼﻴﺒﺔ ﺍﳌﺮﺃﺓ ﻓﻴﻪ ﲟﺴﺎﻭﺍﻬﺎ ﻟﻠﺮﺟﻞ ، ﻭﳍﺬﺍ ﺍﺳﺘﻮﻯ ﺍﳉﻨﲔ : ﺍﻟﺬﻛﺮ ﻭﺍﻷﻧﺜﻰ ﰲ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻟﻘﻠﺔ ﺩﻳﺘﻪ ، ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻐﺮﺓ ﻓﱰﻝ ﻣﺎ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺜﻠﺚ ﻣﱰﻟﺔ ﺍﳉﻨﲔ .
ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ :
ﻓﺘﺴﺘﻮﻱ ﺩﻳﺔ ﺍﳌﺮﺃﺓ ﻣﻊ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻮﺟﺐ ﺃﻗﻞ ﻣﻦ ﺛﻠﺚ ﺍﻟﺪﻳﺔ :
ﻓﻔﻲ ﺍﻻﺻﺒﻊ ﻟﻠﺬﻛﺮ 10 ﻣﻦ ﺍﻹﺑﻞ ، ﻭﻟﻸﻧﺜﻰ 10
ﻭﰲ ﺍﻟﺴﻦ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪﺓ ﻟﻠﺬﻛﺮ 5 ﻣﻦ ﺍﻹﺑﻞ ، ﻭﻟﻸﻧﺜﻰ ﻣﺜﻞ ﺫﻟﻚ .
ﻭﰲ ﺍﳌﻮﺿﺤﺔ ﻟﻠﺬﻛﺮ 5 ﻣﻦ ﺍﻹﺑﻞ ، ﻭﻟﻸﻧﺜﻰ ﻣﺜﻞ ﺫﻟﻚ .
ﻭﰲ ﺍﳍﺎﴰﺔ ﻟﻠﺬﻛﺮ 10 ﻭﻟﻸﻧﺜﻰ 10
ﻭﰲ ﺍﳌﻨﻘﻠﺔ ﻟﻠﺬﻛﺮ 15 ﻭﻟﻸﻧﺜﻰ 15
ﻭﰲ ﻛﺴﺮ ﺍﻟﻀﻠﻊ ﺑﻌﲑ ﻭﺍﺣﺪ ﻭﻟﻸﻧﺜﻰ ﻣﺜﻞ ﺫﻟﻚ .
• ﻭﺗﻜﻮﻥ ﺍﳌﺮﺃﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺼﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻓﻴﻤﺎ ﺯﺍﺩ ﻋﻦ ﺛﻠﺚ ﺍﻟﺪﻳﺔ :
ﻓﻔﻲ ﻓﻘﺄ ﺍﻟﻌﲔ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪﺓ ﻟﻠﺬﻛﺮ 50 بعيراً ﻭﻟﻠﻤﺮﺃﺓ 25 .
ﻭﰲ ﻛﺴﺮ 7 ﺃﺳﻨﺎﻥ ﻟﻠﺬﻛﺮ 35 ﻭﻟﻸﻧﺜﻰ 17 ﻭﻧﺼﻒ .
ﻭﰲ ﻗﻄﻊ ﺍﻟﺸﻔﺔ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪﺓ 50 ﻟﻠﺬﻛﺮ ﻭ25 ﻟﻠﻤﺮﺃﺓ .
ﻭﰲ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻟﻠﺬﻛﺮ 100 ﻭﻟﻸﻧﺜﻰ 50

• ﻭﺗﻜﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺼﻒ أيضاً ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻠﻎ ﺍﻟﺜﻠﺚ ﻓﻘﻂ ، ﻟﻠﺤﺪﻳﺚ ﺍﳌﺘﻘﺪﻡ :
ﻓﻔﻲ ﺍﳌﻨﺨﺮ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻟﻠﺮﺟﻞ ﺛﻠﺚ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻭﻫﻮ ﺛﻼﺛﺔ ﻭﺛﻼﺛﻮﻥ بعيراً ﻭﺛﻠﺚ ، ﻭﻟﻠﻤﺮﺃﺓ ﻧﺼﻒ ﺫﻟﻚ .
ﻭﰲ ﺍﳌﺄﻣﻮﻣﺔ = = = = = = = = = =
ﻭﰲ ﺍﳉﺎﺋﻔﺔ = = = = = = = = = =

************************* **
ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺴﺎﺩﺳﺔ : ﺩﻳﺔ ﺍﻟﻘﻦ ( ﺍﻟﻌﺒﺪ ) :
ﺃﲨﻊ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﰲ ﺍﻟﻌﺒﺪ , ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﺗﺒﻠﻎ ﻗﻴﻤﺘﻪ ﺩﻳﺔ ﺍﳊﺮ , ﻗﻴﻤﺘﻪ . ﻭﺇﻥ ﺑﻠﻐﺖ ﻗﻴﻤﺘﻪ ﺩﻳﺔ ﺍﳊﺮ ﺃﻭ ﺯﺍﺩﺕ ﻋﻠﻴﻬﺎ , ﻓﺬﻫﺐ ﻣﺎﻟﻚ ﻭﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ وﺃﲪﺪ , ﺇﱃ ﺃﻥ ﻓﻴﻪ ﻗﻴﻤﺘﻪ , ﺑﺎﻟﻐﺔ ﻣﺎ ﺑﻠﻐﺖ , ﻭﺇﻥ ﺑﻠﻐﺖ ﺩﻳﺎﺕ , ﻋﻤﺪﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﺃﻭ ﺧﻄﺄ ؛ ﻷﻧﻪ ﻣﺎﻝ ﻣﺘﻘﻮﻡ , ﻓﻴﻀﻤﻦ ﺑﻜﻤﺎﻝ ﻗﻴﻤﺘﻪ ﺑﺎﻟﻐﺔ ﻣﺎ ﺑﻠﻐﺖ.
ﻭﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ : ﻻ ﺗﺒﻠﻎ ﺑﻪ ﺩﻳﺔ ﺍﳊﺮ ، ﻭﻫﻮ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﻋﻦ ﺃﲪﺪ ; ﻷﻥ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﳌﺎ ﺃﻭﺟﺐ ﰲ ﺍﳊﺮ ﺩﻳﺔ ﻻ ﺗﺰﻳﺪ , ﻭﻫﻮ ﺃﺷﺮﻑ ﳋﻠﻮﺻﻪ ﻣﻦ ﻧﻘﻴﺼﺔ ﺍﻟﺮﻕ , ﻛﺎﻥ ﺗﻨﺒﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺩﻳﺔ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺍﳌﻨﻘﻮﺹ ﻻ ﻳﺰﺍﺩ ﻋﻠﻴﻬﺎ , ﻓﻨﺠﻌﻞ ﻣﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻣﻌﻴﺎﺭﺍ ﻟﻠﻘﺪﺭ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﻓﻴﻪ , ﻣﺎ ﱂ ﻳﺰﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻳﺔ , ﻓﺈﺫﺍ ﺯﺍﺩ , ﻋﻠﻤﻨﺎ ﺧﻄﺄ ﺫﻟﻚ , ﻓﻨﺮﺩﻩ ﺇﱃ ﺩﻳﺔ ﺍﳊﺮ , ﻛﺄﺭﺵ ﻣﺎ ﺩﻭﻥ ﺍﳌﻮﺿﺤﺔ , ﳚﺐ ﻓﻴﻪ ﻣﺎ ﲣﺮﺟﻪ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ , ﻣﺎ ﱂ ﻳﺰﺩ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﺵ
ﺍﳌﻮﺿﺤﺔ , ﻓﻨﺮﺩﻩ ﺇﻟﻴﻬﺎ .
ﻭﺃﻣﺎ ﺟﺮﺍﺣﻪ ﻓﺈﻥ ﱂ ﻳﻜﻦ مقدراً ﰲ ﺍﳊﺮ ، ﻓﺒﻘﺪﺭ ﻣﺎ ﻧﻘﺺ ﻣﻦ ﻗﻴﻤﺔ ﺍﻟﻌﺒﺪ ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ مقدراً ﰲ ﺍﳊﺮ ، ﻓﻬﻮ ﻣﻘﺪﺭ ﰲ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻣﻦ ﻗﻴﻤﺘﻪ ، ﻓﻔﻲ ﻳﺪﻩ ﻧﺼﻒ ﻗﻴﻤﺘﻪ ، ﻭﰲ ﻣﻮﺿﺤﺘﻪ ﻧﺼﻒ ﻋﺸﺮ ﻗﻴﻤﺘﻪ ، ﻭﻫﻜﺬﺍ.
************************* ***

ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ : ﺩﻳﺔ ﺍﳉﻨﲔ :
أولاً: ﻣﺎ ﻫﻮ ﺍﳉﻨﲔ ؟
ﺍﳉﻨﲔ ﻫﻮ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻃﺮﺣﺘﻪ ﺍﳌﺮﺃﺓ ﳑﺎ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻭﻟﺪ.
ﻭﻗﺪ ﺍﺧﺘﻠﻒ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﰲ ﲢﺪﻳﺪ ﺍﳌﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﱵ ﻳﻌﺘﱪ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﳉﺎﱐ مسؤولاً ﻋﻦ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﻨﲔ :
ﻓﲑﻯ ﺍﳌﺎﻟﻜﻴﺔ: ﺃﻥ ﺍﳉﺎﱐ ﻣﺴﺌﻮﻝ ﻋﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺃﻟﻘﺘﻪ ﺍﳌﺮﺃﺓ ﳑﺎ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﲪﻞ ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻥ ﺗﺎﻡ ﺍﳋﻠﻘﻪ ﺃﻭ ﻛﺎﻥ ﻣﻀﻐﺔ ﺃﻭ ﻋﻠﻘﺔ ﺃﻭ ﺩﻣﺎ .
ﻭﻳﺮﻯ ﺍﻷﺣﻨﺎﻑ ﻭﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ: ﻣﺴﺌﻮﻟﻴﺔ ﺍﳉﺎﱐ ﻋﻤﺎ ﺗﻄﺮﺣﻪ ﺍﳌﺮﺃﺓ ﺇﺫﺍ ﺍﺳﺘﺒﺎﻥ ﺑﻌﺾ ﺧﻠﻘﻪ .
ﻭﻳﺮﻯ ﺍﳊﻨﺎﺑﻠﺔ : ﺃﻥ ﻻ ﻣﺴﺌﻮﻟﻴﺔ ﺣﱴ ﺗﻠﻘﻲ ﺍﳌﺮﺃﺓ ﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﺻﻮﺭ ﺁﺩﻣﻲ.
ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻷﻗﺮﺏ ﻭﺍﷲ ﺃﻋﻠﻢ ، ﻭﻫﻮ ﰲ ﺍﻟﻐﺎﻟﺐ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﻌﺪ ﻣﻀﻲ ﺗﺴﻌﲔ ﻳﻮﻣﺎ ﻣﻦ ﺍﳊﻤﻞ : ( 40 ﻳﻮﻣﺎ ﻧﻄﻔﺔ ، ﰒ ﺃﺭﺑﻌﲔ ﻳﻮﻣﺎ ﻋﻠﻘﺔ ( ﺩﻡ ) ، ﰒ ﺗﺘﻜﻮﻥ ﺍﳌﻀﻐﺔ ( ﺃﻱ ﻗﻄﻌﺔ ﺍﻟﻠﺤﻢ ، ﻭﻻ ﻳﺴﺘﺒﲔ ﺧﻠﻘﻪ ﻏﺎﻟﺒﺎ ﺍﻻ ﺑﻌﺪ ﻣﻀﻰ ﻋﺸﺮﺓ ﺃﻳﺎﻡ ) ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﻓﻠﻮ ﺍﺳﻘﻄﺖ ﻧﻄﻔﺔ ﺃﻭ ﺑﻌﺾ ﺻﻮﺭﺓ ﺁﺩﻣﻲ ﻓﻼ ﺩﻳﺔ ، ﻭﺇﳕﺎ ﺍﻟﺘﻌﺰﻳﺮ ﺇﺫﺍ ﺭﺃﻯ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﺫﻟﻚ
ثانياً: ﻫﻞ ﺍﻧﻔﺼﺎﻝ ﺍﳉﻨﲔ ﺷﺮﻁ ﰲ ﲢﻤﻞ ﺍﳌﺴﺆﻟﻴﺔ ؟
ﰲ ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﻗﻮﻻﻥ :
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻷﻭﻝ :
ﻻﺗﻌﺘﱪ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﻨﲔ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻣﺎﱂ ﻳﻨﻔﺼﻞ ﺍﳉﻨﲔ ﻋﻦ ﺃﻣﻪ ، ﻓﻤﻦ ﺿﺮﺏ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﻋﻠﻰ ﺑﻄﻨﻬﺎ ﺃﻭ ﺃﻋﻄﺎﻫﺎ ﺩﻭﺍﺀ ﻓﺄﺯﺍﻝ ﻣﺎﰲ ﺑﻄﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻧﺘﻔﺎﺥ ﺃﻭ ﺃﺳﻜﻦ ﺣﺮﻛﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺸﻌﺮ ﻬﺎ ﰲ ﺑﻄﻨﻬﺎ ﻓﺈﻧﻪ ﻻﻳﻌﺪ ﺟﺎﻧﻴﺎﹰ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﻨﲔ ﻷﻥ ﺣﻜﻢ ﺍﻟﻮﻟﺪ ﻻ ﻳﺜﺒﺖ ﺇﻻ ﲞﺮﻭﺟﻪ ، ﻭﻷﻥ ﻫﻨﺎﻙشكاً ﰲ ﻭﺟﻮﺩ ﺃﻭ ﻣﻮﺕ ﺍﳉﻨﲔ ، ﻭﻻ ﳚﺐ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﺑﺎﻟﺸﻚ ، ﻭﻋﻠﻴﻪ ﻓﻼ ﺩﻳﺔ ، ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ ﻋﻤﺪ ﺃﻭ ﺧﻄﺄ ، ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺭﺃﻱ ﺍﻷﺋﻤﺔ ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ ﻭ
ﺃﺳﺎﺳﻪ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﻴﻘﲔ ﻣﻦ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﳉﻨﲔ ﺃﻭ ﻣﻮﺗﻪ .
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺜﺎﱐ :
ﺫﻫﺐ ﺍﻟﺰﻫﺮﻱ ﻭﺍﻟﻈﺎﻫﺮﻳﺔ ﺇﱃ ﺃﻥ ﺍﻧﻔﺼﺎﻝ ﺍﳉﻨﲔ ﻟﻴﺲ ﺑﺸﺮﻁ ﰲ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ، ﻟﻌﻤﻮﻡ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩﺓ ﰲ ﺍﺛﺒﺎﺕ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﰲ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﻨﲔ ﻭﻟﻴﺲ ﻓﻴﻬﺎ ﺷﺮﻁ ﺍﻧﻔﺼﺎﻟﻪ.
ﻭﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺑﻪ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻣﻊ ﺗﻘﺪﻡ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﻄﺒﻴﺔ ﺃﻧﻪ ﺍﺫﺍ ﺃﻣﻜﻦ ﻃﺒﻴﺎ ﺍﻟﻘﻄﻊ ﺑﻮﺟﻮﺩ ﺍﳉﻨﲔ ﻭﺃﻥ ﻣﻮﺗﻪ ﺑﻔﻌﻞ ﺍﳉﺎﱐ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ﲡﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﺎﱐ ، ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻻ ﳜﺎﻟﻒ ﻣﺎﺫﻫﺐ ﺍﻟﻴﻪ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ لأنهم ﻣﻨﻌﻮﺍ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﻟﻠﺸﻚ ﻓﺈﺫﺍ ﺯﺍﻝ ﺍﻟﺸﻚ ﻭﺃﻣﻜﻦ ﺍﻟﻘﻄﻊ ، ﻭﺟﺒﺖ ﻋﻘﻮﺑﺘﻪ .
ثالثاً: ﻫﻞ ﻳﺸﺘﺮﻁ ﺍﻧﻔﺼﺎﻟﻪ ﻣﻴﺘﺎﹰ ﰲ ﺣﺎﻝ ﺣﻴﺎﺓ ﺃﻣﻪ ؟
ﺍﺧﺘﻠﻒ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﰲ ﲢﻤﻞ ﺍﳉﺎﱐ ﺍﳌﺴﺌﻮﻟﻴﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﺍﻧﻔﺼﻞ ﺍﳉﻨﲔ ﻋﻦ ﺍﳌﺮﺃﺓ ﻣﻴﺘﺎﹰ ﺑﻌﺪ ﻭﻓﺎﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻟﲔ:
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻷﻭﻝ: ﺃﻥ ﻣﻦ ﺷﺮﻁ ﲢﻤﻠﻪ ﺍﳌﺴﺌﻮﻟﻴﺔ ﺃﻥ ﻳﻨﻔﺼﻞ ﺍﳉﻨﲔ ﻋﻦ ﺃﻣﻪ ﰲ ﺣﺎﻝ ﺣﻴﺎﻬﺎ . ﻭﻫﺬﺍ ﻗﻮﻝ ﺃﰊ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻭﻣﺎﻟﻚ .
ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻓﺈﺫﺍ ﺍﻧﻔﺼﻞ ﺍﳉﻨﲔ ﻋﻦ ﺍﳌﺮﺃﺓ ﻣﻴﺘﺎﹰ ﺑﻌﺪ ﻭﻓﺎﻬﺎ ﻓﻼ ﻳﺴﺄﻝ ﺍﳉﺎﱐ ﻋﻦ ﻗﺘﻠﻪ .
ﻭﺣﺠﺞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ :
1- ﺃﻥ ﻣﻮﺕ ﺍﻷﻡ ﺳﺒﺐ ﻇﺎﻫﺮ ﳌﻮﺗﻪ.
2- ﻭﻷﻧﻪ ﳚﺮﻱ ﳎﺮﻯ ﺃﻋﻀﺎﺋﻬﺎ .
ﺃﺟﻴﺐ:
ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻟﺘﺴﻠﻴﻢ ﺑﺄﻧﻪ ﳚﺮﻱ ﳎﺮﻯ ﺍﻷﻋﻀﺎﺀ ، ﺑﻞ ﻫﻮ ﰲ ﺣﻜﻢ ﺍﳌﻨﻔﺼﻞ ﻋﻦ ﺍﳌﺮﺃﺓ ؛ ﻓﺈﻥ ﻟﻪ نفساً ﻣﻐﺎﻳﺮﺓ ﻟﻨﻔﺴﻬﺎ ، ﻭﺫﻣﺔ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﻋﻨﻬﺎ.
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺜﺎﱐ:
ﺇﻥ ﺍﳉﺎﱐ ﻣﺴﺌﻮﻝ ﺳﻮﺍﺀ ﺍﻧﻔﺼﻞ ﺍﳉﻨﲔ ﺑﻌﺪ ﻭﻓﺎﺓ ﺍﻷﻡ ﺃﻭ ﰲ ﺣﻴﺎﻬﺎ .
ﻭﺑﻪ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻭﺃﲪﺪ.
ﻭﺣﺠﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ:
ﻷﻥ ﺍﳉﻨﲔ ﻫﻠﻚ ﲜﻨﺎﻳﺔ ﺍﳉﺎﱐ .ﻭﺍﻻﻋﺘﺪﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺮﺃﺓ ﺳﺒﺐ ﻇﺎﻫﺮ ﳌﻮﺕ ﺍﳉﻨﲔ.
ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻫﻮ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ.
ﺭﺍﺑﻌﺎً: ﻗﺼﺪ ﺍﳉﺎﱐ :
ﺍﺧﺘﻠﻒ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻓﻴﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﺗﻌﻤﺪ ﺍﳉﺎﱐ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﻤﻞ، ﻓﻤﺎﺕ ﺑﺴﺒﺐ ﺫﻟﻚ ، ﻓﻬﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﻗﺼﺎﺹ ﺑﺴﺒﺐ ﺫﻟﻚ ، ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻟﲔ:
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻷﻭﻝ :
ﻻ ﻗﺼﺎﺹ ﻋﻠﻴﻪ ، ﺳﻮﺍﺀ ﺃﻛﺎﻥ ﺍﳉﺎﱐ ﻫﻮ ﺍﻷﻡ ﺃﻡ ﻏﲑﻫﺎ ، ﻭﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻥ ﻟﺸﺮﺏ ﺩﻭﺍﺀ ﺃﻭ ﺑﻀﺮﺏ ﺃﻭ ﻏﲑﻩ ، ﻭﺳﻮﺍﺀ ﺃﻛﺎﻥ ﻗﺒﻞ ﻧﻔﺦ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﺃﻡ ﺑﻌﺪﻩ ،ﻭﺳﻮﺍﺀ ﺃﺧﺮﺝ ﺍﳉﻨﲔ ﺣﻴﺎ ﰒ ﻣﺎﺕ ﺃﻡ ﺧﺮﺝ ﻣﻴﺘﺎﹰ .
ﻭﺣﺠﺘﻬﻢ :
ﺃﻥ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﳉﻨﲔ ﻏﲑ ﻣﺴﺘﻘﺮﺓ ، ﻭﻷﻥ ﺍﻟﻌﻤﺪ ﺍﶈﺾ ﺑﻌﻴﺪ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﻟﺘﻮﻗﻔﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﻮﺟﻮﺩ ﺍﳉﻨﲔ ﻭﲝﻴﺎﺗﻪ.
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺜﺎﱐ :
ﺃﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ، ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ ﺑﻌﺪ ﻧﻔﺦ ﺍﻟﺮﻭﺡ ، ﻭﻫﺬﺍ ﻗﻮﻝ ﺑﻌﺾ ﺍﳌﺎﻟﻜﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﻳﺔ .
ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺣﺰﻡ : ﻟﻮ ﺷﺮﺑﺖ ﺍﻷﻡ ﺩﻭﺍﺀ ﺑﻘﺼﺪ ﺇﺳﻘﺎﻁ ﺟﻨﻴﻨﻬﺎ ﻓﻌﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ .
ﻭﺣﺠﺘﻬﻢ :
ﺃﻧﻪ ﻗﺘﻞ نفساً ﻣﻌﺼﻮﻣﺔ ﺑﻐﲑ ﺣﻖ .
ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﲦﺔ ﻓﺮﻗﺎ ﰲ ﺍﳌﻮﺟﺐ ﻟﻠﻘﺼﺎﺹ ﻋﻨﺪ ﺍﳌﺎﻟﻜﻴﺔ ﻭﻋﻨﺪ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﻳﺔ ، ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﺧﺘﻼﻓﻬﻢ ﰲ ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﺍﻷﻭﱃ ، ﻭﻫﻲ ﻫﻞ ﺍﻧﻔﺼﺎﻝ ﺍﳉﻨﲔ ﺷﺮﻁ ﰲ ﲢﻤﻞ ﺍﳌﺴﺆﻟﻴﺔ :
ﻓﺎﻟﻘﺎﺋﻠﻮﻥ ﺑﺎﻟﻘﺼﺎﺹ ﻣﻦ ﺍﳌﺎﻟﻜﻴﺔ ﻻ ﻳﻮﺟﺒﻮﻥ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﺇﻻ ﺍﺫﺍ ﻭﻟﺪ ﺍﳉﻨﲔ ﺣﻴﺎ ﰒ ﻣﺎﺕ ، ﻷﻥ ﻣﻦ ﺷﺮﻁ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ﻋﻨﺪﻫﻢ – ﻛﻤﺎﺗﻘﺪﻡ – ﺍﻧﻔﺼﺎﻝ ﺍﳉﻨﲔ .
ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﻳﺔ ﻓﻴﻜﻔﻲ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ ﺑﻌﺪ ﻧﻔﺦ ﺍﻟﺮﻭﺡ ، ﻭﻻ ﻳﻠﺰﻡ ﺍﻧﻔﺼﺎﻝ ﺍﳉﻨﲔ .
ﻭﺍﻟﺮﺍﺟﺢ ﻫﻮ ﻗﻮﻝ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ، ﻭﺃﻧﻪ ﻻ ﻗﺼﺎﺹ ﰲ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﻨﲔ ، ﻓﺈﺫﺍ ﺗﻌﻤﺪ ﺍﳉﺎﱐ ﺇﺳﻘﺎﻃﻪ ﻓﻬﻮ ﺷﺒﻪ ﻋﻤﺪ ، ﺩﻳﺘﻪ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻐﻠﻈﺔ ، ﻭﺇﻥﱂ ﻳﺘﻌﻤﺪ ﺇﺳﻘﺎﻃﻪ ﻓﻬﻮ ﺧﻄﺄ ، ﺩﻳﺘﻪ ﺗﻜﻮﻥ ﳐﻔﻔﻪ.
خامساً: ﻣﻘﺪﺍﺭ ﺩﻳﺔ ﺍﳉﻨﲔ :
ﲣﺘﻠﻒ ﺩﻳﺔ ﺍﳉﻨﲔ ﲝﺴﺐ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻭﺑﻴﺎﻥ ﺫﻟﻚ :
ﺃﻥ ﺍﳉﻨﲔ ﺇﻣﺎ ﺃﻥ ﻳﻨﻔﺼﻞ ﻣﻴﺘﺎ، ﺃﻭ ﻳﻨﻔﺼﻞ ﺣﻴﺎ ﰒ ﳝﻮﺕ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ .
ﻭﻓﻴﻤﺎ ﻳﺄﰐ ﻣﻘﺪﺍﺭ ﺩﻳﺔ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺍﳊﺎﻟﺘﲔ :
ﺍﳊﺎﻝ ﺍﻷﻭﱃ : ﺍﻧﻔﺼﺎﻝ ﺍﳉﻨﲔ ﻋﻦ ﺃﻣﻪ ﻣﻴﺘﺎ :
ﺇﺫﺍ ﺍﻧﻔﺼﻞ ﺍﳉﻨﲔ ﻋﻦ ﺃﻣﻪ ﻣﻴﺘﺎ ﻓﻌﻘﻮﺑﺔ ﺍﳉﺎﱐ ﻫﻲ ﺩﻳﺔ ﺍﳉﻨﲔ ، ﻭﺩﻳﺔ ﺍﳉﻨﲔ ﲬﺲ ﻣﻦ ﺍﻹﺑﻞ ، ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻥ ﺍﳉﻨﲔ ﺫﻛﺮﺍ ﺃﻭ ﺃﻧﺜﻰ ، ﻭﻻ ﻓﺮﻕ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺑﲔ ﺍﻟﻌﻤﺪ ﻭﺍﳋﻄﺄ ، ﺇﻻ ﺃﻬﺎ ﺗﻐﻠﻆ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ﰲ ﺣﺎﻝ ﺍﻟﻌﻤﺪ ، ﻭﲣﻔﻒ ﰲ ﺣﺎﻝ ﺍﳋﻄﺄ .
ﻭﺍﻷﺩﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ :
1- ﻣﺎ ﺟﺎﺀ ﰲ ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﲔ ﰲ ﻗﺼﺔ ﺍﳌﺮﺃﺗﲔ ﺍﳌﻘﺘﺘﻠﲔ ﻣﻦ ﻫﺬﻳﻞ ﻭﻓﻴﻪ (( ﻓﻘﻀﻰ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻥ ﺩﻳﺔ ﺟﻨﺎﻳﺘﻬﺎ ﻏﺮﺓ ﻋﺒﺪ ﺃﻭ ﺃﻣﺔ )) ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ.
2- ﻭﰲ ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﲔ ﺃﻥ ﻋﻤﺮ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﺍﺳﺘﺸﺎﺭ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﰲ ﺇﻣﻼﺹ ﺍﳌﺮﺃﺓ ( ﺃﻱ ﺇﺟﻬﺎﺿﻬﺎ ) ﻓﻘﺎﻝ ﺍﳌﻐﲑﺓ ﺑﻦ ﺷﻌﺒﺔ : ﺷﻬﺪﺕ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﻀﻰ ﻓﻴﻪ ﺑﻐﺮﺓ ﻋﺒﺪ ﺃﻭ ﺃﻣﺔ ، ﻓﻘﺎﻝ : ﻟﺘﺄﺗﲔ ﲟﻦ ﻳﺸﻬﺪ ﻣﻌﻚ ، ﻓﺸﻬﺪ ﻣﻌﻪ ﳏﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺴﻠﻤﺔ .
ﻭﻣﻘﺪﺍﺭ ﺍﻟﻐﺮﺓ : ﲬﺲ ﻣﻦ ﺍﻹﺑﻞ ، ﰲ ﻗﻮﻝ ﻋﺎﻣﺔ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ، ﻭﻫﻮ ﺍﳌﺮﻭﻱ ﻋﻦ ﻋﻤﺮ ﻭﺯﻳﺪ ، ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻤﺎ.
ﺍﳊﺎﻝ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ : ﺍﻧﻔﺼﺎﻝ ﺍﳉﻨﲔ ﻋﻦ ﺃﻣﻪ ﺣﻴﺎ ﻭﻣﻮﺗﻪ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ :
ﺇﺫﺍ ﺍﻧﻔﺼﻞ حياً ﰒ ﻣﺎﺕ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ ﻓﺪﻳﺘﻪ ﻛﺎﻣﻠﺔ ، ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ذكراً ﻓﺪﻳﺔ ﺫﻛﺮ ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺃﻧﺜﻰ ﻓﺪﻳﺔ ﺃﻧﺜﻰ. ﻫﺬﺍ ﻗﻮﻝ ﻋﺎﻣﺔ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ .
ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺍﳌﻨﺬﺭ : ﺃﲨﻊ ﻛﻞ ﻣﻦ ﳓﻔﻆ ﻋﻨﻪ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ , ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﰲ ﺍﳉﻨﲔ , ﻳﺴﻘﻂ ﺣﻴﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﺏ , ﺩﻳﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ , ﻣﻨﻬﻢ ; ﺯﻳﺪ ﺑﻦ ﺛﺎﺑﺖ , ﻭﻋﺮﻭﺓ , ﻭﺍﻟﺰﻫﺮﻱ , ﻭﺍﻟﺸﻌﱯ , ﻭﻗﺘﺎﺩﺓ , ﻭﺍﺑﻦ ﺷﱪﻣﺔ , ﻭﻣﺎﻟﻚ , ﻭﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ , ﻭﺇﺳﺤﺎﻕ , ﻭﺃﺑﻮ ﺛﻮﺭ , ﻭﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺮﺃﻱ ; ﻭﺫﻟﻚ ﻷﻧﻪ ﻣﺎﺕ ﻣﻦ ﺟﻨﺎﻳﺘﻪ ﺑﻌﺪ ﻭﻻﺩﺗﻪ , ﰲ ﻭﻗﺖ ﻳﻌﻴﺶ ﳌﺜﻠﻪ , ﻓﺄﺷﺒﻪ ﻗﺘﻠﻪ ﺑﻌﺪ ﻭﺿﻌﻪ .
ﻭﺇﳕﺎ ﳚﺐ ﺿﻤﺎﻧﻪ ﺇﺫﺍ ﻋﻠﻢ ﻣﻮﺗﻪ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻟﻀﺮﺑﺔ , ﻭﳛﺼﻞ ﺫﻟﻚ ﺑﺴﻘﻮﻃﻪ ﰲ ﺍﳊﺎﻝ ﻭﻣﻮﺗﻪ ﺃﻭ ﺑﻘﺎﺋﻪ , ﻣﺘﺄﳌﺎ ﺇﱃ ﺃﻥ ﳝﻮﺕ , ﺃﻭ ﺑﻘﺎﺀ ﺃﻣﻪ ﻣﺘﺄﳌﺔ ﺇﱃ ﺃﻥ ﺗﺴﻘﻄﻪ , ﻓﻴﻌﻠﻢ ﺑﺬﻟﻚ ﻣﻮﺗﻪ ﺑﺎﳉﻨﺎﻳﺔ , ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﺿﺮﺏ ﺭﺟﻼ ﻓﻤﺎﺕ ﻋﻘﻴﺐ ﺿﺮﺑﻪ , ﺃﻭ ﺑﻘﻲ ﺿﻤﻨﺎ ﺣﱴ ﻣﺎﺕ .
ﻭﺇﻥ ﺃﻟﻘﺘﻪ ﺣﻴﺎ , ﻓﺠﺎﺀ ﺁﺧﺮ ﻓﻘﺘﻠﻪ , ﻭﻛﺎﻥ ﻓﻴﻪ ﺣﻴﺎﺓ ﻣﺴﺘﻘﺮﺓ , ﻓﻌﻠﻰ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻋﻤﺪﺍ , ﺃﻭ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ , ﻭﺇﻥ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻓﻴﻪ ﺣﻴﺎﺓ ﻣﺴﺘﻘﺮﺓ , ﺑﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﺮﻛﺘﻪ ﻛﺤﺮﻛﺔ ﺍﳌﺬﺑﻮﺡ , ﻓﺎﻟﻘﺎﺗﻞ ﻫﻮ ﺍﻷﻭﻝ , ﻭﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ , ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﺍﻷﺩﺏ . ﻭﺇﻥ ﻭﻗﻊ ﺍﳉﻨﲔ ﺣﻴﺎ , ﰒ ﺑﻘﻲ ﺯﻣﻨﺎ ﺳﺎﳌﺎ ﻻ ﺃﱂ ﺑﻪ ﱂ ﻳﻀﻤﻨﻪ ﺍﻟﻀﺎﺭﺏ ; ﻷﻥ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﺃﻧﻪ ﱂ ﳝﺖ ﻣﻦ ﺟﻨﺎﻳﺘﻪ .
ﻣﺴﺄﻟﺔ: ﺗﺘﻌﺪﺩ ﺩﻳﺎﺕ ﺍﳉﻨﲔ ﲝﺴﺐ ﻋﺪﺩ ﺍﻷﺟﻨﺔ ، ﺳﻮﺍﺀ ﺍﻧﻔﺼﻞ ﺣﻴﺎ ﺃﻭ ﻣﻴﺘﺎ ، ﻓﻠﻮ ﺃﻟﻘﺖ ﺍﳊﺎﻣﻞ ﺟﻨﻴﻨﲔ ﻣﻴﺘﲔ ﻓﻌﻠﻰ ﺍﳉﺎﱐ ﻏﺮﺗﺎﻥ ، ﻭﻟﻮ ﺃﻟﻘﺖ ﺫﻛﺮﺍ ﻭﺃﻧﺜﻰ ﺣﻴﲔ ﰒ ﻣﺎﺗﺎ ﻓﻌﻠﻴﻪ ﺩﻳﺔ ﺫﻛﺮ ﻭ ﺃﻧﺜﻰ .
سادساً: ﻛﻴﻒ ﺗﺜﺒﺖ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﳉﻨﲔ ؟
ﺗﺜﺒﺖ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﻳﻜﻞ ﻣﺎﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﻬﻼﻝ – ﺃﻱ ﺍﻟﺼﻴﺎﺡ – ﻭﺍﻟﺮﺿﺎﻉ ﻭﺍﻟﺘﻨﻔﺲ ﻭﺍﻟﻌﻄﺎﺱ ﻭﻏﲑ ﺫﻟﻚ ، ﻭﳎﺮﺩ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﻻﻳﻌﺪ ﺩﻟﻴﻼ ﻗﺎﻃﻌﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﻷﻥ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﻗﺪ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﺧﺘﻼﺝ ﺍﳉﺴﻢ ﺇﺛﺮ ﺧﺮﻭﺟﻪ ﻣﻦ ﺿﻴﻖ .
ﻭﻫﻞ ﻳﺸﺘﺮﻁ ﻟﺜﺒﻮﺕ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﻟﻠﺠﻨﲔ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻧﻔﺼﺎﻟﻪ ﻟﺴﺘﺔ ﺃﺷﻬﺮ ﻓﺼﺎﻋﺪﺍ ؟
ﺍﺧﺘﻠﻒ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﰲ ﺫﻟﻚ :
ﻓﺎﳌﺬﻫﺐ: ﺃﻥ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﺍﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﺇﳕﺎ ﲡﺐ ﻓﻴﻪ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺳﻘﻮﻃﻪ ﻟﺴﺘﺔ ﺃﺷﻬﺮ ﻓﺼﺎﻋﺪﺍ , ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﻟﺪﻭﻥ ﺫﻟﻚ , ﻓﻔﻴﻪ ﻏﺮﺓ.
ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ : ﻓﻴﻪ ﺩﻳﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ; ﻷﻧﻨﺎ ﻋﻠﻤﻨﺎ ﺣﻴﺎﺗﻪ , ﻭﻗﺪ ﺗﻠﻒ ﻣﻦ ﺟﻨﺎﻳﺘﻪ . ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻫﻮ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ.
سابعاً: ﺇﺭﺙ ﺍﻟﺪﻳﺔ :
ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻣﻮﺭﻭﺛﺔ ﻋﻦ ﺍﳉﻨﲔ ﺳﻮﺍﺀ ﺍﻧﻔﺼﻞ ﻣﻴﺘﺎﹰ ﺃﻭ ﺍﻧﻔﺼﻞ ﺣﻴﺎ ﰒ ﻣﺎﺕ ، لأنها ﺩﻳﺔ ﻟﻪ ﻭﺑﺪﻝ ﻋﻨﻪ ﻓﲑﺛﻬﺎ ﻭﺭﺛﺘﻪ ، ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻗﺘﻞ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻮﻻﺩﺓ . وبهذا ﻗﺎﻝ ﻣﺎﻟﻚ , ﻭﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ , ﻭﺃﲪﺪ ، ﻭﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺮﺃﻱ .
ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻴﺚ : ﻻ ﺗﻮﺭﺙ , ﺑﻞ ﺗﻜﻮﻥ ﺑﺪﻟﻪ ﻷﻣﻪ ; ﻷﻧﻪ ﻛﻌﻀﻮ ﻣﻦ ﺃﻋﻀﺎﺋﻬﺎ , ﻓﺄﺷﺒﻪ ﻳﺪﻫﺎ . ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻗﺪﺍﻣﺔ: "ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺿﻌﻴﻒ ، ﻷﻧﻪ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻋﻀﻮﺍ ﻟﺪﺧﻞ ﺑﺪﻟﻪ ﰲ ﺩﻳﺔ ﺃﻣﻪ , ﻛﻴﺪﻫﺎ , ﻭﳌﺎ ﻣﻨﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻣﻦ ﺃﻣﻪ , ﻭﺇﻗﺎﻣﺔ ﺍﳊﺪ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺃﺟﻠﻪ , ﻭﳌﺎ ﻭﺟﺒﺖ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭﺓ ﺑﻘﺘﻠﻪ , ﻭﳌﺎ ﺻﺢ ﻋﺘﻘﻪ دونها , ﻭﻻ ﻋﺘﻘﻬﺎ ﺩﻭﻧﻪ , ﻭﻻ ﺗﺼﻮﺭ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﺑﻌﺪ موتها, ﻭﻷﻥ ﻛﻞ ﻧﻔﺲ ﺗﻀﻤﻦ ﺑﺎﻟﺪﻳﺔ ﺗﻮﺭﺙ , ﻛﺪﻳﺔ ﺍﳊﻲ "ﺍﻫـ.
ثامناً: ﻣﻮﺕ ﺍﳊﻤﻞ ﻣﻊ ﺃﻣﻪ:
ﺍﺫﺍ ﻣﺎﺗﺖ ﺍﻷﻡ ﺍﳊﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﲪﻠﻬﺎ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ ، ﻓﺘﺠﺐ ﺍﻟﺪﻳﺘﺎﻥ ﺩﻳﺔ ﺍﻷﻡ ﻭﺩﻳﺔ ﺍﳊﻤﻞ -. ﻭﲢﻤﻞ ﺍﻟﻌﺎﻗﻠﺔ ﺩﻳﺔ ﺍﳉﻨﲔ ﺇﺫﺍ ﻣﺎﺕ ﻣﻊ ﺃﻣﻪ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺧﻄﺄ ﺃﻭ ﺷﺒﻪ ﻋﻤﺪ ; ﳌﺎ ﺭﻭﻯ ﺍﳌﻐﲑﺓ ﺑﻦ ﺷﻌﺒﺔ , ﺃﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﻀﻰ ﰲ ﺍﳉﻨﲔ ﺑﻐﺮﺓ ﻋﺒﺪ ﺃﻭ ﺃﻣﺔ , ﻋﻠﻰ ﻋﺼﺒﺔ ﺍﻟﻘﺎﺗﻠﺔ .
ﻭﺇﻥ ﻣﺎﺕ ﺍﳉﻨﲔ ﻭﺣﺪﻩ , ﱂ ﲢﻤﻠﻪ ﺍﻟﻌﺎﻗﻠﺔ ، ﻭﻛﺬﺍ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻗﺘﻞ ﺍﻷﻡ ﻋﻤﺪﺍ ,؛ ﻷﻥ ﺩﻳﺔ ﺃﻣﻪ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﺗﻠﻬﺎ , ﻓﻜﺬﻟﻚ ﺩﻳﺘﻪ ; ﻷﻥ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ ﻻ ﳛﻤﻞ ﺑﻌﺾ ﺩﻳﺘﻬﺎ ﺍﳉﺎﱐ ﻭﺑﻌﻀﻬﺎ ﻏﲑﻩ , ﻓﻴﻜﻮﻥ ﺍﳉﻤﻴﻊ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺎﺗﻞ , ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻗﻄﻊ ﻋﻤﺪﺍ , ﻓﺴﺮﺕ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﻨﻔﺲ .
تاسعاً: ﺗﻄﺒﻴﻘﺎﺕ :
1- ﻟﻮ ﺷﺮﺑﺖ ﺍﳌﺮﺃﺓ ﺩﻭﺍﺀ ﻓﺘﺴﺒﺐ ﰲ ﻗﺘﻞ ﺟﻨﻴﻨﻬﺎ ، ﻭﻫﻲ ﻏﲑ ﻗﺎﺻﺪﺓ ، ﻓﻴﻨﻈﺮ : ﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺘﻌﺪﻳﺔ ﺃﻭ ﻣﻔﺮﻃﺔ ﻬﺬﺍ ﺍﻟﺸﺮﺏ ﻓﻌﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﺪﻳﺔ ، ﺇﻥ ﺳﻘﻂ ﺑﻌﺪ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﺧﻠﻘﻪ ، ﻓﺈﻥ ﺧﺮﺝ ﻣﻴﺘﺎ ﻓﺪﻳﺘﻪ ﲬﺲ ﻣﻦ ﺍﻹﺑﻞ ﻭﺇﻥ ﺧﺮﺝ ﺣﻴﺎ ﰒ ﻣﺎﺕ ﻓﺪﻳﺘﻪ ﻛﺎﻣﻠﺔ ، ﻭﻻ ﺗﺮﺙ ﺍﻷﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﺷﻴﺌﺎﹰ ، ﻭﺇﻥ ﺳﻘﻂ ﻗﺒﻞ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﺧﻠﻘﻪ ﻓﻼ ﺩﻳﺔ ﻭﺇﳕﺎ ﻟﻠﺤﺎﻛﻢ ﺗﻌﺰﻳﺮﻫﺎ ﺇﻥ ﺭﺃﻯ ﺫﻟﻚ .
2- ﻟﻮ ﲪﻠﺖ ﺍﳌﺮﺃﺓ ﺷﻴﺌﺎ ثقيلاً ﻟﻴﺲ ﳍﺎ ﲪﻠﻪ ، ﻓﻤﺎﺕ ﺍﳉﻨﲔ ﻓﻌﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻀﻤﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ .
3- ﻟﻮ ﺃﻓﺰﻉ ﺷﺨﺺ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﻓﺄﺳﻘﻄﺖ ﺟﻨﻴﻨﺎ ، ﺃﻭ ﻃﻠﺒﻬﺎ ﺫﻭ ﺷﻮﻛﺔ ( ﻛﺎﻟﺸﺮﻃﻲ ﻣﺜﻼ ) ﻓﻔﺰﻋﺖ ﻓﺄﺳﻘﻄﺖ ﺟﻨﻴﻨﻬﺎ ﻓﻌﻠﻴﻪ ﺿﻤﺎﻧﻪ .
عاشراً: ﺣﻜﻢ ﺇﺟﻬﺎﺽ ﺍﳉﻨﲔ :
ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﺑﺎﻹﺟﻬﺎﺽ : ﺗﻌﻤﺪ ﺇﺳﻘﺎﻁ ﺍﳉﻨﲔ ﺑﻘﺼﺪ ﻫﻼﻛﻪ.
ﻭﻳﻔﺮﻕ ﻛﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﺑﲔ ﺣﻜﻢ ﺍﻹﺟﻬﺎﺽ ﺑﻌﺪ ﻧﻔﺦ ﺍﻟﺮﻭﺡ , ﻭﺣﻜﻤﻪ ﻗﺒﻞ ﺫﻟﻚ ﻭﺑﻌﺪ ﺍﻟﺘﻜﻮﻥ ﰲ ﺍﻟﺮﺣﻢ ﻭﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺭ , ﻭﻓﻴﻤﺎ ﻳﻠﻲ ﺑﻴﺎﻥ ﺫﻟﻚ :
ﺃ - ﺣﻜﻢ ﺍﻹﺟﻬﺎﺽ ﺑﻌﺪ ﻧﻔﺦ ﺍﻟﺮﻭﺡ :
ﻧﻔﺦ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﻌﺪ ﻣﺎﺋﺔ ﻭﻋﺸﺮﻳﻦ ﻳﻮﻣﺎ , ﻛﻤﺎ ﺛﺒﺖ ﰲ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺍﳌﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﻋﻦ ﺍﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ ﻣﺮﻓﻮﻋﺎ : { ﺇﻥ ﺃﺣﺪﻛﻢ ﳚﻤﻊ ﺧﻠﻘﻪ ﰲ ﺑﻄﻦ ﺃﻣﻪ ﺃﺭﺑﻌﲔ ﻳﻮﻣﺎ ﻧﻄﻔﺔ , ﰒ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻠﻘﺔ ﻣﺜﻞ ﺫﻟﻚ , ﰒ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻀﻐﺔ ﻣﺜﻞ ﺫﻟﻚ , ﰒ ﻳﺮﺳﻞ ﺍﳌﻠﻚ ﻓﻴﻨﻔﺦ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺮﻭﺡ } .
ﻭﻻ ﻳﻌﻠﻢ ﺧﻼﻑ ﺑﲔ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﰲ ﲢﺮﱘ ﺍﻹﺟﻬﺎﺽ ﺑﻌﺪ ﻧﻔﺦ ﺍﻟﺮﻭﺡ . ﻓﻘﺪ ﻧﺼﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﺇﺫﺍ ﻧﻔﺨﺖ ﰲ ﺍﳉﻨﲔ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﺣﺮﻡ ﺍﻹﺟﻬﺎﺽ ﺇﲨﺎﻋﺎ . ﻭﻗﺎﻟﻮﺍ ﺇﻧﻪ ﻗﺘﻞ ﻟﻪ , ﺑﻼ ﺧﻼﻑ .
ﻭﳛﺮﻡ ﺍﻹﺟﻬﺎﺽ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﺎﻝ ﺳﻮﺍﺀ ﺧﺸﻲ ﻣﻦ ﻭﻻﺩﺓ ﺍﻻﺑﻦ مشوهاً ، ﺃﻭ ﺑﻪ ﻋﺎﻫﺔ ، ﺃﻡ ﱂ ﳜﺶ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ، ﻭﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻥ ﰲ ﺑﻘﺎﺋﻪ ﺧﻄﺮ ﻋﻠﻰ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻷﻡ ﺃﻡ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻛﺬﻟﻚ ؛ ﻷﻣﺮﻳﻦ :
ﺍﻷﻭﻝ : ﺃﻥ ﰲ ﺇﺟﻬﺎﺿﻪ ﻣﻔﺴﺪﺓ ﻣﺘﻴﻘﻨﺔ ، ﻭﻫﻼﻙ ﺍﻷﻡ ﻣﻔﺴﺪﺓ ﻣﻈﻨﻮﻧﺔ ، ﻭﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺃﻧﻪ ﺇﺫﺍ ﺗﻌﺎﺭﺿﺖ ﻣﻔﺴﺪﺗﺎﻥ ﺇﺣﺪﺍﳘﺎ ﻣﻈﻨﻮﻧﺔ ﻭﺍﻷﺧﺮﻯ ﻣﺘﻴﻘﻨﺔ ﻓﺘﺪﺭﺃ ﺍﳌﺘﻴﻘﻨﺔ ﺑﺎﺭﺗﻜﺎﺏ ﺍﳌﻈﻨﻮﻧﺔ.
ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ: ﺃﻥ ﻧﻔﺲ ﺍﳉﻨﲔ ﻣﻌﺼﻮﻣﺔ ، ﻓﻼ ﳚﻮﺯ ﻗﺘﻠﻬﺎ ﻹﻧﻘﺎﺫ ﻏﲑﻫﺎ.
ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻋﺎﺑﺪﻳﻦ : ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺍﳉﻨﲔ ﺣﻴﺎ , ﻭﳜﺸﻰ ﻋﻠﻰ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻷﻡ ﻣﻦ ﺑﻘﺎﺋﻪ , ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﳚﻮﺯ ﺗﻘﻄﻴﻌﻪ ; ﻷﻥ ﻣﻮﺕ ﺍﻷﻡ ﺑﻪ ﻣﻮﻫﻮﻡ , ﻓﻼ ﳚﻮﺯ ﻗﺘﻞ ﺁﺩﻣﻲ ﻷﻣﺮ ﻣﻮﻫﻮﻡ .
ﻭﻳﺘﻮﺟﻪ ﺧﻼﻑ ﻗﻮﻱ ﰲ ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﺧﺸﻲ ﻣﻦ ﺑﻘﺎﺋﻪ ﻫﻼﻛﻪ ﻭﻫﻼﻙ ﺃﻣﻪ ﻣ ﻌ ﺎﹰ ، ﻓﻘﺪ ﺫﻫﺐ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮﻳﻦ ﺇﱃ ﺟﻮﺍﺯ ﺍﻹﺟﻬﺎﺽ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﺎﻝ ﺧﺎﺻﺔ ، ﻭﺍﷲ ﺃﻋﻠﻢ.
ﺏ - ﺣﻜﻢ ﺍﻹﺟﻬﺎﺽ ﻗﺒﻞ ﻧﻔﺦ ﺍﻟﺮﻭﺡ :
ﰲ ﺣﻜﻢ ﺍﻹﺟﻬﺎﺽ ﻗﺒﻞ ﻧﻔﺦ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﺍﲡﺎﻫﺎﺕ ﳐﺘﻠﻔﺔ ﻭﺃﻗﻮﺍﻝ ﻣﺘﻌﺪﺩﺓ , ﺣﱴ ﰲ ﺍﳌﺬﻫﺐ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ , ﻭﺃﺑﺮﺯ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻗﻮﺍﻝ ﻗﻮﻻﻥ :
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻷﻭﻝ: ﺍﳌﻨﻊ مطلقاً :
ﻭﻫﻮ ﺍﳌﻌﺘﻤﺪ ﻋﻨﺪ ﺍﳌﺎﻟﻜﻴﺔ ﻭ ﺍﻷﻭﺟﻪ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ ; ﻷﻥ ﺍﻟﻨﻄﻔﺔ ﺑﻌﺪ ﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﺁﻳﻠﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﺨﻠﻖ ﻣﻬﻴﺄﺓ ﻟﻨﻔﺦ ﺍﻟﺮﻭﺡ .
ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺪﺭﺩﻳﺮ : ﻻ ﳚﻮﺯ ﺇﺧﺮﺍﺝ ﺍﳌﲏ ﺍﳌﺘﻜﻮﻥ ﰲ ﺍﻟﺮﺣﻢ ﻭﻟﻮ ﻗﺒﻞ ﺍﻷﺭﺑﻌﲔ ﻳﻮﻣﺎ . ﻛﻤﺎ ﻧﻘﻞ ﺍﺑﻦ ﺭﺷﺪ ﺃﻥ ﻣﺎﻟﻜﺎ ﻗﺎﻝ : ﻛﻞ ﻣﺎ ﻃﺮﺣﺘﻪ ﺍﳌﺮﺃﺓ ﺟﻨﺎﻳﺔ , ﻣﻦ ﻣﻀﻐﺔ ﺃﻭ ﻋﻠﻘﺔ , ﳑﺎ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻭﻟﺪ , ﻓﻔﻴﻪ ﺍﻟﻐﺮﺓ ﻭﻗﺎﻝ : ﻭﺍﺳﺘﺤﺴﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭﺓ ﻣﻊ ﺍﻟﻐﺮﺓ.
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺜﺎﱐ: ﺍﳉﻮﺍﺯ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻟﻌﺬﺭ:
ﻭﻫﻮ ﻣﺬﻫﺐ ﺍﳊﻨﻔﻴﺔ ﻭﺍﳊﻨﺎﺑﻠﺔ ؛ ﻷﻥ ﺍﳉﻨﲔ ﻗﺒﻞ ﻧﻔﺦ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﻧﻔﺲ.
ﻭﺍﺧﺘﻠﻔﻮﺍ ﰲ ﲢﺪﻳﺪ ﺍﳌﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﱵ ﳚﻮﺯ ﻓﻴﻬﺎ ﺫﻟﻚ :
ﻓﻘﻴﻞ : ﳚﻮﺯ ﺍﻹﺟﻬﺎﺽ ﳊﺎﺟﺔ ﺃﻭ ﻟﻌﺬﺭ ، ﻣﺎ ﱂ ﻳﺘﺨﻠﻖ ﺍﳉﻨﲔ ، ﺃﻱ ﻣﺎ ﱂ ﳝﺾ ﻋﻠﻴﻪ ﺗﺴﻌﻮﻥ يوماً، ﻓﺈﺫﺍ ﲣﻠﻖ ﱂ ﳚﺰ ﺍﻹﺟﻬﺎﺽ ﺇﻻ ﻟﻀﺮﻭﺭﺓ . ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﺑﻦ ﻋﺜﻴﻤﲔ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ؛ ﻷﻥ ﺍﳉﻨﲔ ﻗﺒﻞ ﲣﻠﻘﻪ ﻟﻴﺲ ﺑﺈﻧﺴﺎﻥ.
ﻭﻗﻴﻞ : ﳚﻮﺯ ﺍﻹﺟﻬﺎﺽ ﳊﺎﺟﺔ ﺃﻭﻟﻌﺬﺭ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻧﻄﻔﺔ ، ﺃﻱ ﰲ ﺍﻷﺭﺑﻌﲔ يوماً ﺍﻷﻭﱃ ﻣﻦ ﺍﳊﻤﻞ ، قياساً ﻋﻠﻰ ﺟﻮﺍﺯ ﺍﻟﻌﺰﻝ ، ﻓﺈﺫﺍ ﻣﻀﺖ ﺃﺭﺑﻌﻮﻥ يوماً ﻓﻼ ﳚﻮﺯ ﺇﻻ ﻟﻀﺮﻭﺭﺓ.
ﻭﻟﻌﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻫﻮ ﺍﻷﺣﻮﻁ .
ﻭﺍﳌﺮﺍﺩ ﺑﺎﳊﺎﺟﺔ : ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﰲ ﺑﻘﺎﺀ ﺍﳉﻨﲔ حرجاً ﺃﻭ ﻣﺸﻘﺔ ، ﻛﻤﺮﺽ ﺍﻷﻡ ، ﻭﺗﻌﺒﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﳊﻤﻞ ، ﺃﻭ ﻟﻜﻮﻥ ﺍﳉﻨﲔ مشوهاً ﻭﳓﻮ ﺫﻟﻚ.
ﻭﺍﳌﺮﺍﺩ ﺑﺎﻟﻀﺮﻭﺭﺓ : ﺃﻥ ﳜﺸﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻡ ﻣﻦ ﺍﳍﻼﻙ ﺇﺫﺍ ﺑﻘﻲ ﺍﳉﻨﲔ ﰲ ﺑﻄﻨﻬﺎ .
************************* ****

ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ الثامنة: ﺣﻜﻢ ﺍﳌﺼﺎﳊﺔ ﰲ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻋﻠﻰ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺩﻳﺔ :
ﺍﺧﺘﻠﻒ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻟﲔ :
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻷﻭﻝ:
ﺫﻫﺐ ﻋﺎﻣﺔ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﺇﱃ ﺟﻮﺍﺯ ﺍﻟﺼﻠﺢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ، ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻳﺴﻘﻂ ﺑﺎﻟﺼﻠﺢ ، ﻭﻳﺼﺢ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺼﻠﺢ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﺑﺄﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻭﺑﻘﺪﺭﻫﺎ ﻭﺑﺄﻗﻞ ﻣﻨﻬﺎ .
ﻭﺍﻷﺩﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ :
1- ﻣﺎ ﺭﻭﻯ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺷﻌﻴﺐ ﻋﻦ ﺃﺑﻴﻪ ﻋﻦ ﺟﺪﻩ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ : (( ﻣﻦ ﻗﺘﻞ ﻋﻤﺪﺍ ﺩﻓﻊ ﺇﱃ ﺃﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﳌﻘﺘﻮﻝ ﻓﺈﻥ ﺷﺎﺀﻭﺍ ﻗﺘﻠﻮﺍ ﻭ ﺇﻥ ﺷﺎﺀﻭﺍ ﺃﺧﺬﻭﺍ ﺍﻟﺪﻳﺔ : ﺛﻼﺛﲔ ﺣﻘﻪ ﻭﺛﻼﺛﲔ ﺟﺬﻋﺔ ﻭﺃﺭﺑﻌﲔ ﺧﻠﻔﺔ ، ﻭﻣﺎ ﺻﻮﳊﻮﺍ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻬﻮ ﳍﻢ )) ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻭﻫﻮ ﺻﺤﻴﺢ.
2- ﻭﰲ ﻋﻬﺪ ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ ﻗﺘﻞ ﻫﺪﺑﺔ ﺑﻦ ﺧﺸﺮﻡ ﻗﺘﻴﻼ ﻓﺒﺬﻝ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﺍﻟﻌﺎﺹ ﻭﺍﳊﺴﻦ ﻭﺍﳊﺴﲔ ﻻﺑﻦ ﺍﳌﻘﺘﻮﻝ ﺳﺒﻊ ﺩﻳﺎﺕ ، ﻟﻴﻌﻔﻮﺍ ﻋﻨﻪ ، ﻓﺄﰉ ﺫﻟﻚ ﻭﻗﺘﻠﻪ .
3- ﻭﻷﻥ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ﻳﺘﺸﻮﻑ ﺍﱃ ﺣﻔﻆ ﺍﻷﻧﻔﺲ ﻭﺣﻘﻦ ﺍﻟﺪﻣﺎﺀ . ﻭﰲ ﺟﻮﺍﺯ ﺍﳌﺼﺎﳊﻪ ﲢﻘﻴﻖ ﳍﺬﺍ ﺍﻟﻘﺼﺪ.
4- ﻭﻷﻥ ﺍﻷﺻﻞ ﰲ ﺍﻟﺼﻠﺢ عموماً ﻫﻮ ﺍﳉﻮﺍﺯ ﻣﺎ ﱂ ﳛﻞ ﺣﺮﺍﻣﺎ ﺃﻭ ﳛﺮﻡ ﺣﺎﻻ ﻟﻘﻮﻟﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ (( ﺍﻟﺼﻠﺢ ﺟﺎﺋﺰ ﺑﲔ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ إلا صلحاً ﺃﺣﻞ ﺣﺮﺍﻣﺎ ﺃﻭ ﺣﺮﻡ ﺣﻼﻝ )) ﺭﻭﺍﻩ ﺃﺑﻮ ﺩﺍﻭﻭﺩ . ﻭﻟﻴﺲ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺼﺎﳊﺔ ﺷﻲ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ، ﻓﻬﻮ ﺻﻠﺢ ﻋﻤﺎ ﻻ ﳚﺮﻱ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺮﺑﺎ ﻓﺄﺷﺒﻪ ﺍﻟﻌﺮﻭﺽ.
5- ﻭﻗﺪ ﺣﻜﻰ ﺍﺑﻦ ﻗﺪﺍﻣﻪ ﺍﻹﲨﺎﻉ ﻋﻠﻰ ﺟﻮﺍﺯ ﺍﻟﺼﻠﺢ ﻋﻦ ﺍﻟﺪﻣﺎﺀ .

ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺜﺎﱐ :
ﺫﻫﺐ ﺑﻌﺾ ﺍﳊﻨﺎﺑﻠﺔ ﺍﱃ ﲢﺮﱘ ﺍﻟﺼﻠﺢ ﰲ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻋﻠﻰ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻳﺔ .
ﻭﺣﺠﺘﻬﻢ :
ﻣﺎ ﺭﻭﻯ ﺃﺑﻮ ﺷﺮﻳﺢ ﺍﳋﺰﺍﻋﻲ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ : (( ﻣﻦ ﺃﺻﻴﺐ ﺑﺪﻡ ﺃﻭ ﺧﺒﻞ ، ﻓﻬﻮ ﺑﺎﳋﻴﺎﺭ ﺑﲔ ﺇﺣﺪﻯ ﺛﻼﺙ : ﺇﻣﺎ ﺃﻥ ﻳﻘﺘﺺ ﺃﻭ ﻳﺄﺧﺬ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺃﻭ ﻳﻌﻔﻮ . ﻓﺈﻥ ﺃﺭﺍﺩ ﺭﺍﺑﻌﺔ ﻓﺨﺬﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﻳﺪﻳﻪ )) ﺭﻭﺍﻩ ﺃﲪﺪ ﻭﺃﺑﻮ ﺩﺍﻭﻭﺩ ﻭﺍﺑﻦ ﻣﺎﺟﻪ .
ﻗﺎﻟﻮﺍ : ﻭﺍﳌﺼﺎﳊﻪ ﺑﺄﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﺭﺍﺑﻊ ﺯﺍﺋﺪ ﻋﻦ ﺍﳋﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﺍﳌﻨﺼﻮﺹ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﰲ ﺍﳊﺪﻳﺚ.
ﻭﺍﳉﻮﺍﺏ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﺳﺘﺪﻻﻝ ﻣﻦ ﻭﺟﻬﲔ :
ﺍﻷﻭﻝ : ﺃﻥ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺿﻌﻴﻒ ؛ ﻓﺈﻥ ﰲ ﺍﺳﻨﺎﺩﻩ ﳏﻤﺪ ﺑﻦ ﺇﺳﺤﺎﻕ ﻭﻗﺪ ﺭﻭﺍﻩ ﻣﻌﻨﻌﻨﺎﹰ ﻭﻫﻮ ﻣﻌﺮﻭﻑ ﺑﺎﻟﺘﺪﻟﻴﺲ.
ﺍﻟﺜﺎﱐ : ﻭﻋﻠﻰ ﻓﺮﺽ ﺛﺒﻮﺗﻪ ﻓﺈﻥ ﺍﳌﺮﺍﺩ ﺑﻘﻮﻟﻪ (( ﻓﺈﻥ ﺃﺭﺍﺩ ﺭﺍﺑﻌﺔ )) : ﺃﻥ ﻳﻘﺘﻞ ﺑﻌﺪ ﺃﺧﺬ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﺃﻭ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻌﻔﻮﺍ ﻓﻴﻜﻮﻥ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﺎﻟﺔ ﻣﺴﺮﻓﺎ ﻗﻲ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﻣﺘﻌﺪﻳﺎ ﻟﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ : (( ﻓﻤﻦ ﺍﻋﺘﺪﻯ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ – ﺃﻱ ﺑﻌﺪ ﺍﺧﺬ ﺍﻟﺪﻳﺔ – ﻓﻠﻪ ﻋﺬﺍﺏ ﺍﻟﻴﻢ )).
************************
ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ التاسعة: ﺗﻐﻠﻴﻆ ﺍﻟﺪﻳﺔ:
ﺫﻛﺮ ﺍﻷﺻﺤﺎﺏ ﺃﻥ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﺗﻐﻠﻆ ﺑﺄﺭﺑﻌﺔ ﺃﺷﻴﺎﺀ: ﺑﺎﳊﺮﻡ , ﻭﺍﻟﺸﻬﻮﺭ ﺍﳊﺮﻡ , ﻭﺇﺫﺍ ﻗﺘﻞ ﳏﺮﻣﺎ ، ﺃﻭ ﺫﺍ ﺭﺣﻢ ﳏﺮﻡ. ﻭﳑﻦ ﺭﻭﻱ ﻋﻨﻪ ﺍﻟﺘﻐﻠﻴﻆ ; ﻋﺜﻤﺎﻥ , ﻭﺍﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ , ﻭﺃﺧﺬ ﺑﻪ إجمالاً ﻣﺎﻟﻚ , ﻭﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ.
ﻭﺍﺧﺘﻠﻒ ﺍﻟﻘﺎﺋﻠﻮﻥ ﺑﺎﻟﺘﻐﻠﻴﻆ ﰲ ﻛﻴﻔﻴﺘﻪ :
ﻓﺎﳌﺬﻫﺐ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻐﻠﻴﻆ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺎﻟﻌﺪﺩ:
ﻓﻴﺰﺍﺩ ﻟﻜﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﳊﺮﻣﺎﺕ ﺍﻷﺭﺑﻊ ﺛﻠﺚ ﺍﻟﺪﻳﺔ , ﻓﺈﺫﺍ ﺍﺟﺘﻤﻌﺖ ﺍﳊﺮﻣﺎﺕ ﺍﻷﺭﺑﻊ , ﻭﺟﺒﺖ ﺩﻳﺘﺎﻥ ﻭﺛﻠﺚ.
ﻭﻳﺮﻯ ﺍﳌﺎﻟﻜﻴﺔ ﻭﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻐﻠﻴﻆ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺎﻟﺼﻔﺔ ﻻ ﺑﺎﻟﻌﺪﺩ:
ﻭﺫﻟﻚ ﺇﳚﺎﺏ ﺩﻳﺔ ﺍﻟﻌﻤﺪ ﰲ ﺍﳋﻄﺄ ﻻ ﻏﲑ , ﻭﻻ ﻳﺘﺼﻮﺭ ﺍﻟﺘﻐﻠﻴﻆ ﰲ ﻏﲑ ﺍﳋﻄﺄ , ﻭﻻ ﳚﻤﻊ ﺑﲔ ﺗﻐﻠﻴﻈﲔ . ﻭﻋﻨﺪ ﻣﺎﻟﻚ ﺗﻐﻠﻆ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺏ ﻭﺍﻷﻡ ﻭﺍﳉﺪ , ﺩﻭﻥ ﻏﲑﻫﻢ .
ﻭﺍﺣﺘﺞ ﺍﻟﻘﺎﺋﻠﻮﻥ ﺑﺎﻟﺘﻐﻠﻴﻆ ﺑﺒﻌﺾ ﺍﻵﺛﺎﺭ ﺍﳌﺮﻭﻳﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ، ﻭﻟﻜﻦ ﱂ ﻳﺜﺒﺖ ﺷﻲﺀ ﻣﻨﻬﺎ ، ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺍﳌﻨﺬﺭ : ﻭﻟﻴﺲ ﺑﺜﺎﺑﺖ ﻣﺎ ﺭﻭﻱ ﻋﻦ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﰲ ﻫﺬﺍ . ﺍﻫـ . ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻗﺪﺍﻣﺔ : ﻭﻟﻮ ﺻﺢ ﻓﻘﻮﻝ ﻋﻤﺮ ﳜﺎﻟﻔﻪ , ﻭﻗﻮﻟﻪ ﺃﻭﱃ ﻣﻦ ﻗﻮﻝ ﻣﻦ ﺧﺎﻟﻔﻪ , ﻭﻫﻮ ﺃﺻﺢ ﰲ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ , ﻣﻊ ﻣﻮﺍﻓﻘﺘﻪ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﺱ .ﺍﻫـ .
ﻳﺸﲑ ﺑﺬﻟﻚ ﺇﱃ ﻣﺎ ﺭﻭﻱ ﻋﻦ ﻋﻤﺮ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﺃﻧﻪ ﺃﺧﺬ ﻣﻦ ﻗﺘﺎﺩﺓ ﺍﳌﺪﳉﻲ ﺩﻳﺔ ﺍﺑﻨﻪ ﺣﲔ ﺣﺬﻓﻪ ﺑﺎﻟﺴﻴﻒ ﺛﻼﺛﲔ ﺣﻘﺔ , ﻭﺛﻼﺛﲔ ﺟﺬﻋﺔ , ﻭﺃﺭﺑﻌﲔ ﺧﻠﻔﺔ , ﻭﱂ ﻳﺰﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﰲ ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺷﻴﺌﺎ . ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﻇﺎﻫﺮ ﺳﻨﺔ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ، ﻭﰲ ﺣﺪﻳﺚ ﺃﰊ ﺷﺮﻳﺢ , ﺃﻥ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ : { ﻭﺃﻧﺘﻢ ﻳﺎ ﺧﺰﺍﻋﺔ ﻗﺪ ﻗﺘﻠﺘﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺘﻴﻞ ﻣﻦ ﻫﺬﻳﻞ , ﻭﺃﻧﺎ ﻭﺍﷲ ﻋﺎﻗﻠﻪ , ﻣﻦ ﻗﺘﻞ ﻟﻪ ﻗﺘﻴﻞ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ , ﻓﺄﻫﻠﻪ ﺑﲔ ﺧﲑﺗﲔ ; ﺇﻥ ﺃﺣﺒﻮﺍ ﻗﺘﻠﻮﺍ , ﻭﺇﻥ ﺃﺣﺒﻮﺍ ﺃﺧﺬﻭﺍ ﺍﻟﺪﻳﺔ } . ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﻛﺎﻥ ﲟﻜﺔ ﰲ ﺣﺮﻡ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ , ﻓﻠﻢ ﻳﺰﺩ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻳﺔ , ﻭﱂ ﻳﻔﺮﻕ ﺑﲔ ﺍﳊﺮﻡ ﻭﻏﲑﻩ , ﻭﻗﻮﻝ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ : { ﻭﻣﻦ ﻗﺘﻞ ﻣﺆﻣﻨﺎ ﺧﻄﺄ ﻓﺘﺤﺮﻳﺮ ﺭﻗﺒﺔ ﻣﺆﻣﻨﺔ ﻭﺩﻳﺔ ﻣﺴﻠﻤﺔ ﺇﱃ ﺃﻫﻠﻪ } ﻳﻘﺘﻀﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﰲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎﻥ , ﻭﰲ ﻛﻞ ﺣﺎﻝ.
ﻭﻟﻜﻦ ﻟﻺﻣﺎﻡ ﺃﻥ ﻳﻌﺰﺭ ﺍﳉﺎﱐ ﺑﺘﻐﻠﻴﻆ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻋﻠﻴﻪ ﰲ ﺣﺎﻝ ﺍﻣﺘﻨﺎﻉ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﰲ ﺣﻘﻪ ، ﻛﻤﺎ ﺛﺒﺖ ﻋﻦ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﺃﻥ مسلماً ﻗﺘﻞ ذمياً ﻓﺮﻓﻊ ﺇﱃ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﻓﻠﻢ ﻳﻘﺘﻠﻪ ﻭﻏﻠﻆ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﺃﻟﻒ ﺩﻳﻨﺎﺭ. ﺭﻭﺍﻩ ﻋﺒﺪﺍﻟﺮﺯﺍﻕ.

رابعاً:ﻛﻔﺎﺭﺓ ﺍﻟﻘﺘﻞ
ﺍﻟﻜﻔﺎﺭﻩ ﻫﻲ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﻪ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﺷﺒﻪ ﺍﻟﻌﻤﺪ ﻭﺍﳋﻄﺄ ﻭﻗﺪ ﺳﺒﻖ ﻣﻌﻨﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﺍﻟﻌﻤﺪ ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻪ ﻛﻔﺎﺭﺓ.
1- ﻣﺸﺮﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭﺓ :
ﺍﻷﺻﻞ ﰲ ﻛﻔﺎﺭﺓ ﺍﻟﻘﺘﻞ: ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﺍﻹﲨﺎﻉ :
ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ: ﻓﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ (( ﻭﻣﻦ ﻗﺘﻞ ﻣﺆﻣﻨﺎ ﺧﻄﺄ ﻓﺘﺤﺮﻳﺮ ﺭﻗﺒﺔ ﻣﺆﻣﻨﺔ ﻭﺩﻳﺔ ﻣﺴﻠﻤﺔ ﺍﱃ ﺍﻫﻠﻪ ﺍﻻ ﺃﻥ ﻳﺼﺪﻗﻮﺍ ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﻗﻮﻡ ﻋﺪﻭ ﻟﻜﻢ ﻭﻫﻮ ﻣﺆﻣﻦ ﻓﺘﺤﺮﻳﺮ ﺭﻗﺒﺔ ﻣﺆﻣﻨﺔ ﻭﺍﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﻗﻮﻡ ﺑﻴﻨﻜﻢ ﻭﺑﻴﻨﻬﻢ ﻣﻴﺜﺎﻕ ﻓﺪﻳﺔ ﻣﺴﻠﻤﺔ ﺍﱃ ﺍﻫﻠﻪ ﻭﲢﺮﻳﺮ ﺭﻗﺒﺔ ﻣﺆﻣﻨﺔ ﻓﻤﻦ ﱂ ﳚﺪ ﻓﺼﻴﺎﻡ ﺷﻬﺮﻳﻦ ﻣﺘﺘﺎﺑﻌﲔ ﺗﻮﺑﺔ ﻣﻦ ﺍﷲ ﻭﻛﺎﻥ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻤﺎ ﺣﻜﻴﻤﺎ )).
ﻭﺃﻣﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻓﻌﻦ ﻭﺍﺛﻠﺔ ﺑﻦ ﺍﻷﺳﻘﻊ ﻗﺎﻝ أﺗﻴﻨﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑﺼﺎﺣﺐ ﻟﻨﺎ ﻗﺪ ﺍﺳﺘﻮﺟﺐ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﻓﻘﺎﻝ (( ﺍﻋﺘﻘﻮﺍ ﻋﻨﻪ ﺭﻗﺒﺔ ﻳﻌﺘﻖ ﺍﷲ ﺑﻜﻞ ﻋﻀﻮ ﻣﻨﻪ ﻋﻀﻮﺍ ﻣﻨﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺭ )) ﺍﺧﺮﺟﻪ ﺍﺑﻮ ﺩﺍﻭﻭﺩ ﻭﺍﻟﻨﺴﺎﺋﻲ.
ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻹﲨﺎﻉ : ﻓﻘﺪ ﺃﲨﻌﺖ ﺍﻷﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺎﺗﻞ ﺧﻄﺄ ﻛﻔﺎﺭﺓ.
************************* *
2- ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﲡﺐ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭﺓ ؟
ﻗﺎﻋﺪﺓ : ﻣﻦ ﻗﺘﻞ نفساً ﳏﺮﻣﺔ ، ﺃﻭ ﺷﺎﺭﻙ ﰲ ﻗﺘﻠﻬﺎ ﺧﻄﺄ ﺃﻭ ﺷﺒﻪ ﻋﻤﺪ ، ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﺃﻭ ﺗﺴﺒﺒﺎ ، ﻓﻌﻠﻴﻪ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭﺓ :
ﺷﺮﺡ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ :
( ﻣﻦ ﻗﺘﻞ ) : ﺩﺧﻞ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻴﺪ ﻛﻞ ﻗﺎﺗﻞ ﺃﻳﺎ ﻛﺎﻥ ، ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻥ صغيراً ﺃﻭ كبيراً، مجنوناً أو عاقلاً ، كافراً أو مسلماً.
ﻭﺍﺧﺘﻠﻒ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻓﻴﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﻗﺘﻞ ﺍﻟﺼﱯ والمجنون ﻭﺍﻟﻜﺎﻓﺮ
ﻓﺬﻫﺐ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ﺇﱃ ﻭﺟﻮﺏ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭﺓ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﰲ ﺃﻣﻮﺍﳍﻢ ؛ لأنها ﺣﻖ ﻣﺎﱄ , ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻘﺘﻞ , ﻓﺘﻌﻠﻘﺖ بهم, ﻛﺎﻟﺪﻳﺔ .
ﻭﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ : ﻻ ﻛﻔﺎﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ ; ﻷﻬﺎ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﳏﻀﺔ , ﲡﺐ ﺑﺎﻟﺸﺮﻉ , ﻓﻼ ﲡﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﱯ ﻭﺍﺠﻨﻮﻥ ﻭﺍﻟﻜﺎﻓﺮ , ﻛﺎﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺼﻴﺎﻡ ﻭﻛﻔﺎﺭﺓ ﺍﻟﻴﻤﲔ.
ﻧﻮﻗﺶ : ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭﺓ ﺗﻔﺎﺭﻕ ﺍﻟﺼﻮﻡ ﻭﺍﻟﺼﻼﺓ ; لأنهما ﻋﺒﺎﺩﺗﺎﻥ ﺑﺪﻧﻴﺘﺎﻥ , ﻭﻫﺬﻩ ﻣﺎﻟﻴﺔ , ﺃﺷﺒﻬﺖ ﻧﻔﻘﺎﺕ ﺍﻷﻗﺎﺭﺏ . ﻭﺃﻣﺎ ﻛﻔﺎﺭﺓ ﺍﻟﻴﻤﲔ , ﻓﻼ ﲡﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﱯ والمجنون; لأنها ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻘﻮﻝ , ﻭﻻ ﻗﻮﻝ ﳍﻤﺎ , ﻭﻫﺬﻩ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ , ﻭﻓﻌﻠﻬﻤﺎ ﻣﺘﺤﻘﻖ ﻗﺪ ﺃﻭﺟﺐ ﺍﻟﻀﻤﺎﻥ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ , ﻭﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻘﻮﻝ . ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻜﺎﻓﺮ ﻓﺘﺠﺐ ﻋﻠﻴﻪ , ﻭﺗﻜﻮﻥ ﻋﻘﻮﺑﺔ ﻋﻠﻴﻪ , ﻛﺎﳊﺪﻭﺩ .
ﻣﺴﺄﻟﺔ: ﺇﺫﺍ ﻗﺘﻞ ﺍﻻﻧﺴﺎﻥ ﻧﻔﺴﻪ خطأً ﻓﺎﻟﺼﺤﻴﺢ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻛﻔﺎﺭﺓ ﰲ ﻣﺎﻟﻪ ، ﻓﺈﻥ ﻋﺎﻣﺮ ﺑﻦ ﺍﻷﻛﻮﻉ ﻗﺘﻞ ﻧﻔﺴﻪ ﺧﻄﺄ ، ﻭﱂ ﻳﺄﻣﺮ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻴﻪ ﺑﻜﻔﺎﺭﺓ .

( ﻧﻔﺴﺎ ﳏﺮﻣﺔ ) : ﺩﺧﻞ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻴﺪ ﻛﻞ ﻧﻔﺲ ﻣﻌﺼﻮﻣﺔ : ﻛﺎﳌﺴﻠﻢ ، ﻭﺍﳌﻌﺎﻫﺪ ، ﻭﺍﻟﺬﻣﻲ ، ﻭﺍﳌﺴﺘﺄﻣﻦ ، ﻭﺍﺠﻨﻮﻥ ، ﻭﺍﻟﺼﻐﲑ .
ﻭﺧﺮﺝ بهذا ﺍﻟﻘﻴﺪ :
(1) ﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻧﻔﺲ ﺍﳌﻘﺘﻮﻝ ﻏﲑ ﳏﺮﻣﺔ ، ﻛﺎﻟﺒﺎﻏﻲ ، ﻭﺍﳌﺮﺗﺪ ، ﻭﺍﻟﻘﺘﻞ قصاصاً ﺃﻭ ﺩﻓﺎﻋﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﻔﺲ ، ﻓﻼ ﻛﻔﺎﺭﺓ.
(2) ﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻓﻼ ﻛﻔﺎﺭﺓ.
ﻭﻗﺪ ﺍﺧﺘﻠﻒ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﰲ ﺛﻼﺙ ﻣﺴﺎﺋﻞ :
ﺍﻷﻭﱃ : ﺍﳉﻨﲔ ، ﻓﺬﻫﺐ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ﺇﱃ ﻭﺟﻮﺏ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭﺓ ﺑﺈﻟﻘﺎﺀ ﺍﳉﻨﲔ ﺍﳌﻴﺖ ، ﻓﻤﱴ ﻭﺟﺒﺖ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﺑﺈﻟﻘﺎﺀ ﺍﳉﻨﲔ، ﻓﺘﺠﺐ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭﺓ.
ﻭﺫﻫﺐ ﺍﻷﺣﻨﺎﻑ ﺇﱃ ﻋﺪﻡ ﻭﺟﻮﺏ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭﺓ ﺑﺈﻟﻘﺎﺀ ﺍﳉﻨﲔ.
ﻭﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻫﻮ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻷﻭﻝ ﻷﻥ ﺍﳉﻨﲔ ﻣﺸﻤﻮﻝ ﺑﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ : " ﻭﻣﻦ ﻗﺘﻞ مؤمناً خطأً ﻓﺘﺤﺮﻳﺮ ﺭﻗﺒﺔ ﻣﺆﻣﻨﺔ ".
ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ : ﻏﲑ ﺍﳌﺴﻠﻢ ، ﻓﺬﻫﺐ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ﺇﱃ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭﺓ ﲡﺐ ﺑﻘﺘﻞ ﺍﻟﻜﺎﻓﺮ ﺍﳌﻀﻤﻮﻥ , ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻥ ﺫﻣﻴﺎ ﺃﻭ ﻣﺴﺘﺄﻣﻨﺎ .
ﻭﻗﺎﻝ ﻣﺎﻟﻚ : ﻻ ﻛﻔﺎﺭﺓ ﻓﻴﻪ ; ﻟﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ : { ﻭﻣﻦ ﻗﺘﻞ ﻣﺆﻣﻨﺎ ﺧﻄﺄ ﻓﺘﺤﺮﻳﺮ ﺭﻗﺒﺔ ﻣﺆﻣﻨﺔ } . ﻓﻤﻔﻬﻮﻣﻪ ﺃﻥ ﻻ ﻛﻔﺎﺭﺓ ﰲ ﻏﲑ ﺍﳌﺆﻣﻦ .
ﻭﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻗﻮﻝ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ﻟﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ : { ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﻗﻮﻡ ﺑﻴﻨﻜﻢ ﻭﺑﻴﻨﻬﻢ ﻣﻴﺜﺎﻕ ﻓﺪﻳﺔ ﻣﺴﻠﻤﺔ ﺇﱃ ﺃﻫﻠﻪ ﻭﲢﺮﻳﺮ ﺭﻗﺒﺔ ﻣﺆﻣﻨﺔ } . ﻭﺍﻟﺬﻣﻲ ﻟﻪ ﻣﻴﺜﺎﻕ , ﻭﻫﺬﺍ ﻣﻨﻄﻮﻕ ﻳﻘﺪﻡ ﻋﻠﻰ ﺩﻟﻴﻞ ﺍﳋﻄﺎﺏ.
ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ: ﻣﻦ ﻗﺘﻞ ﻧﻔﺴﻪ ﺧﻄﺄ , ﻓﺬﻫﺐ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ﺇﱃ ﻭﺟﻮﺏ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭﺓ ﰲ ﻣﺎﻟﻪ ؛ ﻟﻌﻤﻮﻡ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ : { ﻭﻣﻦ ﻗﺘﻞ ﻣﺆﻣﻨﺎ ﺧﻄﺄ ﻓﺘﺤﺮﻳﺮ ﺭﻗﺒﺔ ﻣﺆﻣﻨﺔ }.
ﻭﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ : ﻻ ﲡﺐ ; ﻷﻥ ﺿﻤﺎﻥ ﻧﻔﺴﻪ ﻻ ﳚﺐ , ﻓﻠﻢ ﲡﺐ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭﺓ , ﻭﻷﻥ { ﻋﺎﻣﺮ ﺑﻦ ﺍﻷﻛﻮﻉ , ﻗﺘﻞ ﻧﻔﺴﻪ ﺧﻄﺄ , ﻭﱂ ﻳﺄﻣﺮ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻴﻪ ﺑﻜﻔﺎﺭﺓ } .
ﻗﺎﻟﻮﺍ : ﻭﺃﻣﺎ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ : { ﻭﻣﻦ ﻗﺘﻞ ﻣﺆﻣﻨﺎ ﺧﻄﺄ } ﻓﺎﳌﺮﺍﺩ ﺇﺫﺍ ﻗﺘﻞ ﻏﲑﻩ , ﺑﺪﻟﻴﻞ ﻗﻮﻟﻪ : { ﻭﺩﻳﺔ ﻣﺴﻠﻤﺔ ﺇﱃ ﺃﻫﻠﻪ } . ﻭﻗﺎﺗﻞ ﻧﻔﺴﻪ ﻻ ﲡﺐ ﻓﻴﻪ ﺩﻳﺔ ، ﻭﺍﷲ ﺃﻋﻠﻢ.

(ﺃﻭ ﺷﺎﺭﻙ ﰲ ﻗﺘﻠﻬﺎ ) : ﺃﻱ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭﺓ ﺗﺘﻌﺪﺩ ﺑﺘﻌﺪﺩ ﺍﳉﻨﺎﺓ ، ﻓﻴﺠﺐ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﻛﻔﺎﺭﺓ .
ﻭﻗﺪ ﺍﺧﺘﻠﻒ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻟﲔ:
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻷﻭﻝ:
ﺃﻥ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭﺓ ﺗﺘﻌﺪﺩ ﺑﺘﻌﺪﺩ ﺍﳉﻨﺎﺓ ، ﻓﻴﺠﺐ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﻛﻔﺎﺭﺓ.
ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﻗﻮﻝ ﺃﻛﺜﺮ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ , ﻣﻨﻬﻢ ﺍﻷﺋﻤﺔ ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ.
ﻭﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺜﺎﱐ :
ﺃﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﻤﻴﻊ ﻛﻔﺎﺭﺓ ﻭﺍﺣﺪﺓ.
ﻭﻫﻮ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﻋﻦ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﲪﺪ.
ﻭﻣﻨﺸﺄ ﺍﳋﻼﻑ ﺑﲔ ﺍﻟﻘﻮﻟﲔ ﻫﻮ ﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﰲ ﺇﳊﺎﻕ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭﺓ ﺑﺎﻟﻘﺼﺎﺹ ﺃﻭ ﺑﺎﻟﺪﻳﺔ .
ﻓﺄﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻷﻭﻝ ﺃﳊﻘﻮﻫﺎ ﺑﺎﻟﻘﺼﺎﺹ ﻓﻬﻲ ﺗﺸﺒﻪ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻷﻥ ﻛ ﻼﹰ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻣﻮﺟﺐ ﻗﺘﻞ ﺍﻵﺩﻣﻲ , ﻭﻻ ﻳﺘﺒﻌﺾ ، ﺇﺫ ﳚﺐ ﺍﻟﺼﻴﺎﻡ ﺇﺫﺍ ﺗﻌﺬﺭ ﺍﻟﻌﺘﻖ ، ﻭﺍﻟﺼﻴﺎﻡ ﻻ ﻳﺘﺒﻌﺾ ﻛﺎﻟﻘﺼﺎﺹ .
ﻭﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻗﺎﻟﻮﺍ : ﺇﻥ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﻳﻘﻮﻝ : { ﻭﻣﻦ ﻗﺘﻞ ﻣﺆﻣﻨﺎ ﺧﻄﺄ ﻓﺘﺤﺮﻳﺮ ﺭﻗﺒﺔ ﻣﺆﻣﻨﺔ } . ﻭ{ ﻣﻦ } ﻳﺘﻨﺎﻭﻝ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻭﺍﳉﻤﺎﻋﺔ , ﻭﱂ ﻳﻮﺟﺐ ﺇﻻ ﻛﻔﺎﺭﺓ ﻭﺍﺣﺪﺓ , ﻭﺩﻳﺔ , ﻭﺍﻟﺪﻳﺔ ﻻ ﺗﺘﻌﺪﺩ , ﻓﻜﺬﻟﻚ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭﺓ ; ولأنها ﻛﻔﺎﺭﺓ ﻗﺘﻞ , ﻓﻠﻢ ﺗﺘﻌﺪﺩ ﺑﺘﻌﺪﺩ ﺍﻟﻘﺎﺗﻠﲔ ﻣﻊ ﺍﲢﺎﺩ ﺍﳌﻘﺘﻮﻝ, ﻛﻜﻔﺎﺭﺓ ﺍﻟﺼﻴﺪ ﺍﳊﺮﻣﻲ.
ﻭﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻫﻮ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻷﻭﻝ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭﺓ ﺃﺷﺒﻪ ﺑﺎﻟﻘﺼﺎﺹ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺎﻟﺪﻳﺔ ﻷﻣﻮﺭ:
ﺍﻷﻭﻝ: ﺃﻥ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻭﻛﻔﺎﺭﺓ ﺍﻟﺼﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﺒﺪﻟﻴﺔ ، ﲞﻼﻑ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭﺓ.
ﺍﻟﺜﺎﱐ: ﺃﻥ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭﺓ ﻭﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﳚﺒﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺎﺗﻞ ، ﲞﻼﻑ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻓﺈﻬﺎ ﺗﺘﺤﻤﻠﻬﺎ ﺍﻟﻌﺎﻗﻠﺔ.

( ﺧﻄﺄ ﺃﻭ ﺷﺒﻪ ﻋﻤﺪ ) : ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻥ خطأً محضاً أو جارياً ﳎﺮﻯ ﺍﳋﻄﺄ ، ﻭﺧﺮﺝ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﺍﻟﻌﻤﺪ ، ﻭﺍﻟﻘﺘﻞ ﻏﲑ ﺍﳌﻀﻤﻮﻥ ، ﻭﻳﺸﻤﻞ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﻏﲑ ﺍﳌﻀﻤﻮﻥ : ﺍﻟﻘﺘﻞ ﺍﳌﺒﺎﺡ ( ﺍﻟﻘﺘﻞ ﲝﻖ ) ﻛﺎﻟﻘﺘﻞ دفاعاً ﻋﻦ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺃﻭ قصاصاً ﻭﳓﻮ ﺫﻟﻚ ، ﻭﺍﻟﻘﺘﻞ ﺍﳋﻄﺄ ﻏﲑ ﺍﳌﻀﻤﻮﻥ ، ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻗﺘﻞ شخصاً خطأ ً ﻣﻦ ﻏﲑ تعدٍ ﻣﻨﻪ ﻭﻻ ﺗﻔﺮﻳﻂ.
ﻭﺍﺧﺘﻠﻒ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻓﻴﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﺭﻣﻰ ﻣﺴﻠﻤﺎ ﰲ ﺩﺍﺭ ﺍﳊﺮﺏ ﻳﻈﻨﻪ ﻛﺎﻓﺮﺍ ، ﻭﺳﺒﻖ ﺫﻛﺮ ﺍﳋﻼﻑ ﰲ ﺫﻟﻚ.

(ﻣﺒﺎﺷﺮ ﺃﻭ ﺗﺴﺒﺒﺎً ) : ﺃﻱ ﺳﻮﺍﺀ ﺑﺎﺷﺮ ﺍﻟﻘﺘﻞ , ﺃﻭ ﺗﺴﺒﺐ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﺴﺒﺐ ﻳﻀﻤﻦ ﺑﻪ ﺍﻟﻨﻔﺲ , ﻛﺤﻔﺮ ﺍﻟﺒﺌﺮ , ﻭﻧﺼﺐ ﺍﻟﺴﻜﲔ , ﻭﺷﻬﺎﺩﺓ ﺍﻟﺰﻭﺭ . ﻭﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﰲ ﻗﺘﻞ ﺧﻄﺄ ﺃﻭ ﺷﺒﻪ ﻋﻤﺪ . وبهذا ﻗﺎﻝ ﻣﺎﻟﻚ ، ﻭﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ، ﻭﺃﲪﺪ. ﻷﻥ ﺍﻟﺘﺴﺒﺐ ﻛﺎﳌﺒﺎﺷﺮﺓ ﰲ ﺍﻟﻀﻤﺎﻥ , ﻓﻜﺎﻥ ﻛﺎﳌﺒﺎﺷﺮﺓ ﰲ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭﺓ .
ﻭﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ : ﻻ ﲡﺐ ﺑﺎﻟﺘﺴﺒﺐ ; ﻷﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﺑﻘﺘﻞ , ﻭﻷﻧﻪ ﺿﻤﻦ ﺑﺪﻟﻪ ﺑﻐﲑ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﻟﻠﻘﺘﻞ , ﻓﻠﻢ ﺗﻠﺰﻣﻪ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭﺓ ﻛﺎﻟﻌﺎﻗﻠﺔ .
ﻧﻮﻗﺶ : ﺑﺄﻥ ﻗﻴﺎﺳﻬﻢ ﻳﻨﺘﻘﺾ ﺑﺎﻷﺏ ﺇﺫﺍ ﺃﻛﺮﻩ ﺇﻧﺴﺎﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﺘﻞ ﺍﺑﻨﻪ ; ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭﺓ ﲡﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﻏﲑ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ , ﻭﻓﺎﺭﻕ ﺍﻟﻌﺎﻗﻠﺔ ; فإنها ﺗﺘﺤﻤﻞ ﻋﻦ ﻏﲑﻫﺎ . ﻭﱂ ﻳﺼﺪﺭ ﻣﻨﻬﺎ ﻗﺘﻞ , ﻭﻻ ﺗﺴﺒﺐ ﺇﻟﻴﻪ . ﻭﻗﻮﳍﻢ : ﻟﻴﺲ ﺑﻘﺘﻞ . ﳑﻨﻮﻉ .

( ﻓﻌﻠﻴﻪ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭﺓ ): ﺃﻱ ﰲ ﻣﺎﻝ ﺍﳉﺎﱐ ﺧﺎﺻﺔ ﻭﻻ ﲢﻤﻠﻬﺎ ﺍﻟﻌﺎﻗﻠﺔ ، ﻷﻥ ﺍﻟﻌﺎﻗﻠﺔ ﺗﺘﺤﻤﻞ ﺍﻟﺪﻳﺔ ، ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭﺓ ﻓﻬﻲ ﰲ ﻣﺎﻝ ﺍﳉﺎﱐ ﻷﻣﺮﻳﻦ :
1- أنها ﻳﺴﲑﺓ ﻳﺘﺤﻤﻠﻬﺎ ﺍﳉﺎﱐ ﰲ ﻣﺎﻟﻪ ﻭﺣﺪﻩ
2- ﻭﻷﻧﻪ ﻟﻮ ﻭﺟﺒﺖ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺎﻗﻠﺔ ﺃﻳﻀﺎ ﻷﺩﻯ ﺫﻟﻚ ﺍﱃ ﺃﻻ ﻳﺘﺤﻤﻞ ﺍﳉﺎﱐ – ﰲ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﺷﺒﻪ ﺍﻟﻌﻤﺪ ﻭﺍﳋﻄﺄ- ﺷﻴﺌﺎﹰ ﻻ ﻛﻔﺎﺭﺓ ﻭﻻ ﺩﻳﺔ ، ﻭﳍﺬﺍ ﱂ ﺗﺸﺮﻉ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭﺓ ﰲ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﺍﻟﻌﻤﺪ ﻷﻥ ﺍﳉﺎﱐ ﻳﺘﺤﻤﻞ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﰲ ﻣﺎﻟﻪ ﺧﺎﺻﺔ.

ﻣﺴﺄﻟﺔ : ﻧﺼﺖ ﺍﻵﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﺏ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭﺓ ﰲ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﺍﳋﻄﺄ ، ﻓﻠﻤﺎﺫﺍ ﺃﳊﻖ ﺷﺒﻪ ﺍﻟﻌﻤﺪ ﺑﻪ ؟
ﺝ – ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻗﺪﺍﻣﻪ : (( ﻻﻧﻪ ﺃﺟﺮﻯ ﳎﺮﻯ ﺍﳋﻄﺄ ﰲ ﻧﻔﻲ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ، ﻭﲪﻞ ﺍﻟﻌﺎﻗﻠﺔ ﺩﻳﺘﻪ ، ﻭﺗﺄﺟﻴﻠﻬﺎ ﰲ ﺛﻼﺙ ﺳﻨﻮﺍﺕ ، ﻓﺠﺮﻯ ﳎﺮﺍﻩ ﰲ ﻭﺟﻮﺏ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭﺓ ، ﻭﻷﻥ ﺍﻟﻘﺎﺗﻞ ﺍﳕﺎ ﱂ ﳛﻤﻞ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻟﺘﺤﻤﻠﻪ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭﺓ ، ﻓﻠﻮ ﱂ ﲡﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭﺓ ﳊﻤﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻟﺌﻼ ﳜﻠﻮ ﺍﻟﻘﺎﺗﻞ ﻋﻦ ﻭﺟﻮﺏ ﺷﻲﺀ ﺃﺻﻼ ﻭﱂ ﻳﺮﺩ ﺍﻟﺸﺮﻉ بهذا )) ﺍ . ﻫـ
************************
3- ﺻﻔﺔ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭﺓ :
ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﰲ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭﺓ :
ﻋﺘﻖ ﺭﻗﺒﺔ ﻣﺆﻣﻨﺔ
ﻓﺈﻥ ﱂ ﳚﺪ ( ﻟﻌﺪﻡ ﻭﺟﻮﺩ ﺭﻗﻴﻖ ﺃﻭ ﻟﻌﺪﻡ ﻗﺪﺭﺗﻪ ) ﻓﺼﻴﺎﻡ ﺷﻬﺮﻳﻦ ﻣﺘﺘﺎﺑﻌﲔ ، ﻻ ﻳﻘﻄﻌﻬﻤﺎ ﺍﻻ ﺑﻌﺬﺭ ﺷﺮﻋﻲ ﺃﻭ ﺣﺴﻲ .
ﻓﺎﻟﻌﺬﺭ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ
: ﻣﻮﺍﻓﻘﺔ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﻌﻴﺪﻳﻦ ، ﺃﻭ ﺃﻳﺎﻡ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻖ ، ﻭﺍﳊﻴﺾ ﻭﺍﻟﻨﻔﺎﺱ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﺮﺃﺓ .
ﻭﺍﻟﻌﺬﺭ ﺍﳊﺴﻲ : ﻣﺜﻞ ﺍﳌﺮﺽ ﻭﺍﻟﺴﻔﺮ ﻟﻐﲑ ﺍﻟﺘﺮﺧﺺ .
ﻓﻤﱴ ﻗﻄﻊ ﺍﻟﺼﻴﺎﻡ ﻟﻐﲑ ﻋﺬﺭ ﺷﺮﻋﻲ ﻓﻌﻠﻴﻪ ﺍﺳﺘﺌﻨﺎﻓﻪ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ.
ﻓﺈﻥ ﱂ ﻳﺴﺘﻄﻊ ﺍﻟﺼﻴﺎﻡ ﻓﻼ ﺷﻲﺀ ﻋﻠﻴﻪ .


خامساً: ﺩﻳﺎﺕ ﺍﻷﻋﻀﺎﺀ ﻭﻣﻨﺎﻓﻌﻬﺎ

1- ﺩﻳﺎﺕ ﺍﻷﻋﻀﺎﺀ
أولاً: ﻣﻦ ﺃﺗﻠﻒ ﻣﺎ ﰲ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﻨﻪ ﺷﻲﺀ ﻭﺍﺣﺪ ،ﻓﻔﻴﻪ ﺩﻳﺔ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ :
ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻋﻤﺪﺍﹰ ﻓﺪﻳﺔ ﻣﻐﻠﻈﺔ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺧﻄﺄ ﻓﺪﻳﺔ ﳐﻔﻔﻪ ﻭﺗﺘﺤﻤﻠﻬﺎ ﺍﻟﻌﺎﻗﻠﺔ ﰲ ﺛﻼﺙ ﺳﻨﻮﺍﺕ.
ﻭﻫﻮ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﺷﻴﺎﺀ : ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ ﺍﻟﻨﺎﻃﻖ ﻭﻟﻮ من ﺻﻐﲑ، ﻭﺍﻷﻧﻒ ﻭﻟﻮ ﻣﻦ ﺃﺧﺸﻢ ، ﻭﺍﻟﺬﻛﺮ ﻭﻟﻮ ﻣﻦ ﻋﻨﲔ .
ﻭﺃﺩﻟﺔ ﺫﻟﻚ :
1_ ﺣﺪﻳﺚ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺣﺰﻡ ، ﻭﻓﻴه :"ﻭﰲ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﺍﻟﺪﻳﺔ ، ﻭﰲ ﺍﻷﻧﻒ ﺇﺫﺍ ﺃﻭﻋﺐ ﺟﺪﻋﺎﹰ ﺍﻟﺪﻳﺔ ، ﻭﰲ ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ ﺍﻟﺪﻳﺔ " . ﺭﻭﺍﻩ ﺃﲪﺪ ﻭﺍﻟﻨﺴﺎﺋﻲ
2_ ﻭﻗﺪ ﺃﲨﻌﺖ ﺍﻷﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ..
3- ﻭﻷﻥ ﰲ ﺇﺗﻼﻓﻪ ﺫﻫﺎﺏ ﻣﻨﻔﻌﺔ ﺍﳉﻨﺲ ، وإذهابها ﻛﺈﺗﻼﻑ ﺍﻟﻨﻔﺲ .

ﻭﻓﻴﻤﺎ ﻳﻠﻲ ﺃﺣﻜﺎﻡ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻋﻀﺎﺀ:
1- ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ ﺍﻟﻨﺎﻃﻖ : ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ، ﺑﺈﲨﺎﻉ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ، ﳊﺪﻳﺚ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺣﺰﻡ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ، ﻭﻷﻥ ﻓﻴﻪ ﲨﺎﻻ ﻭﻣﻨﻔﻌﺔ .
ﻭﺇﺫﺍ ﻗﻄﻊ ﻟﺴﺎﻥ ﺻﻐﲑ ﱂ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﻟﻄﻔﻮﻟﻴﺘﻪ , ﻭﺟﺒﺖ ﺩﻳﺘﻪ ، ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻣﻦ ﺃﻗﻮﺍﻝ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ،
ﻭﻫﻮ ﻗﻮﻝ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ،
خلافاً ﻟﻸﺣﻨﺎﻑ ، ﻷﻥ ﻇﺎﻫﺮﻩ ﺍﻟﺴﻼﻣﺔ , ﻭﺇﳕﺎﱂ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﻷﻧﻪ ﻻ ﳛﺴﻦ ﺍﻟﻜﻼﻡ.
ﻣﺴﺄﻟﺔ: ﰲ ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻷﺧﺮﺱ ﺣﻜﻮﻣﺔ، ﺇﺫﺍ لم ﻳﺬﻫﺐ ﺍﻟﺬﻭﻕ ﺑﻘﻄﻌﺔ ، ﺃﻭﻗﺪ ﺫﻫﺐ ﻗﺒﻞ ، ﻓﺈﻥ ﺫﻫﺐ ﺑﻘﻄﻌﻪ ﻓﺪﻳﻪ.

2- ﺍﻟﺬﻛﺮ:ﺃﲨﻊ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﰲ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﺍﻟﺪﻳﺔ ، ﳊﺪﻳﺚ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺣﺰﻡ ، ﻭﻷﻧﻪ ﻋﻀﻮ ﻭﺍﺣﺪ ﻓﻴﻪ ﺍﳉﻤﺎﻝ ﻭﺍﳌﻨﻔﻌﺔ , ﻓﻜﻤﻠﺖ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺪﻳﺔ . ﻭﲡﺐ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﰲ ﺫﻛﺮ ﺍﻟﺼﻐﲑ ﻭﺍﻟﻜﺒﲑ , ﻭﺍﻟﺸﻴﺦ ﻭﺍﻟﺸﺎﺏ , ﺳﻮﺍﺀ ﻗﺪﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﻤﺎﻉ ﺃﻭ ﱂ ﻳﻘﺪﺭ .
ﻓﺄﻣﺎ ﺫﻛﺮ ﺍﻟﻌﻨﲔ , ﻓﺄﻛﺜﺮ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﺏ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻓﻴﻪ ; ﻟﻌﻤﻮﻡ ﺍﳊﺪﻳﺚ , ﻭﻷﻧﻪ ﻏﲑ ﻣﺄﻳﻮﺱ ﻣﻦ ﲨﺎﻋﻪ .
ﻭﺃﻣﺎ ﺫﻛﺮ ﺍﳋﺼﻲ , ﻓﺎﳌﺬﻫﺐ ﻻ ﲡﺐ ﻓﻴﻪ ﺩﻳﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ، ﻭﻫﻮ ﻗﻮﻝ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭ ، ﻷﻥ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﻣﻨﻪ ﲢﺼﻴﻞ ﺍﻟﻨﺴﻞ , ﻭﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﺫﻟﻚ ﻣﻨﻪ , ﻭﺍﳉﻤﺎﻉ ﻳﺬﻫﺐ ﰲ ﺍﻟﻐﺎﻟﺐ.
ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ; ﺇﻥ ﻗﻄﻊ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﻭﺍﻷﻧﺜﻴﲔ ﺩﻓﻌﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ , ﺃﻭ ﻗﻄﻊ ﺍﻟﺬﻛﺮ , ﰒ ﻗﻄﻊ ﺍﻷﻧﺜﻴﲔ , ﻟﺰﻣﺘﻪ ﺩﻳﺘﺎﻥ , ﻭﺇﻥ ﻗﻄﻊ ﺍﻷﻧﺜﻴﲔ , ﰒ ﻗﻄﻊ ﺍﻟﺬﻛﺮ , ﱂ ﻳﻠﺰﻣﻪ ﺇﻻ ﺩﻳﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﰲ ﺍﻷﻧﺜﻴﲔ , ﻭﰲ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﺣﻜﻮﻣﺔ ; ﻷﻧﻪ ﺫﻛﺮ ﺧﺼﻲ .
ﻭﺇﻥ ﻗﻄﻊ ﻧﺼﻒ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﺑﺎﻟﻄﻮﻝ , ﻓﺎﳌﺬﻫﺐ ﺃﻥ ﻓﻴﻪ ﻧﺼﻒ ﺍﻟﺪﻳﺔ . ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻗﺪﺍﻣﺔ: " ﻭﺍﻷﻭﱃ ﺃﻥ ﲡﺐ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻷﻧﻪ ﺫﻫﺐ ﲟﻨﻔﻌﺔ ﺍﳉﻤﺎﻉ ﺑﻪ".ﺍﻫـ
ﻣﺴﺄﻟﺔ: ﰲ ﺣﺸﻔﺔ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﺍﻟﺪﻳﺔ ، ﻷﻥ ﻣﻨﻔﻌﺘﻪ ﺗﻜﻤﻞ ﺑﺎﳊﺸﻔﺔ ، ﻛﻤﺎ ﺗﻜﻤﻞ ﻣﻨﻔﻌﺔ ﺍﻟﻴﺪ ﺑﺎﻷﺻﺎﺑﻊ ، ﻓﻜﻤﻠﺖ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﺑﻘﻄﻌﻬﺎ ﻛﺎﻷﺻﺎﺑﻊ ، ﻭﺇﻥ ﻗﻄﻊ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﻛﻠﻪ ، ﺃﻭ ﺍﳊﺸﻔﺔ ﻭﺑﻌﺾ ﺍﻟﻘﺼﺒﺔ ، ﱂ ﳚﺐ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻳﺔ ، ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻗﻄﻊ ﺍﻷﺻﺎﺑﻊ ﻭﺑﻌﺾ ﺍﻟﻜﻒ.

3- ﺍﻷﻧﻒ: ﻻ ﺧﻼﻑ ﺃﻥ ﰲ ﺍﻷﻧﻒ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻗﻄﻊ ﻣﺎﺭﻧﻪ . ﺣﻜﺎﻩ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﱪ ﻭﺍﺑﻦ ﺍﳌﻨﺬﺭ ﻋﻤﻦ ﳛﻔﻆ ﻋﻨﻪ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ . ﳊﺪﻳﺚ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺣﺰﻡ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ , ﻭﻗﻮﻟﻪ: { ﺇﺫﺍ ﺃﻭﻋﻲ ﺟﺪﻋﺎ ﻭﰲ ﺭﻭﺍﻳﺔ : ﺇﺫﺍ ﺃﻭﻋﺐ } . ﻳﻌﲏ ﺇﺫﺍ : ﺍﺳﺘﻮﻋﺐ
ﻭﺍﺳﺘﺆﺻﻞ , ﻭﻷﻧﻪ ﻋﻀﻮ ﻓﻴﻪ ﲨﺎﻝ ﻭﻣﻨﻔﻌﺔ , ﻟﻴﺲ ﰲ ﺍﻟﺒﺪﻥ ﻣﻨﻪ ﺇﻻ ﺷﻲﺀ ﻭﺍﺣﺪ , ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺪﻳﺔ , ﻛﺎﻟﻠﺴﺎﻥ . ﻭﺇﳕﺎ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﰲ ﻣﺎﺭﻧﻪ , ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻻﻥ ﻣﻨﻪ ؛ ﻷﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﻄﻊ ﻓﻴﻪ ﺫﻟﻚ , ﻓﺎﻧﺼﺮﻑ ﺍﳋﱪ ﺇﻟﻴﻪ . ﻓﺈﻥ ﻗﻄﻊ ﺑﻌﻀﻪ , ﻓﻔﻴﻪ ﺑﻘﺪﺭﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻳﺔ.
--------------------

ثانياً: ﻣﺎ ﰲ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﻨﻪ ﺷﻴﺌﺎﻥ ﻓﻔﻴﻬﻤﺎ ﺍﻟﺪﻳﺔ ، ﻭﰲ ﺃﺣﺪﳘﺎ ﻧﺼﻒ ﺍﻟﺪﻳﺔ:
ﻭﺃﺩﻟﺔ ﺫﻟﻚ:
1- ﺣﺪﻳﺚ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺣﺰﻡ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﻭﻓﻴﻪ :" ﻭﰲ ﺍﻟﺸﻔﺘﲔ ﺍﻟﺪﻳﺔ ، ﻭﰲ ﺍﻟﺒﻴﻀﺘﲔ (ﺍﳋﺼﻴﺘﲔ) ﺍﻟﺪﻳﺔ ، ﻭﰲ الصُلب - (ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻌﻤﻮﺩ ﺍﻟﻔﻘﺮﻱ، ﻓﺈﻥ ﺫﻫﺐ ﺍﳌﲏ ﻣﻊ ﺍﻟﻜﺴﺮ ﻓﺪﻳﺘﺎﻥ) - ﺍﻟﺪﻳﺔ ، ﻭﰲ ﺍﻟﻌﻴﻨﲔ ﺍﻟﺪﻳﺔ ، ﻭﰲ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪﺓ ﻧﺼﻒ ﺍﻟﺪﻳﺔ".
2- ﻭﻷﻥ ﺃﻱ ﻋﻀﻮﻳﻦ ﻟﻴﺲ ﰲ ﺍﻟﺒﺪﻥ ﻣﺜﻠﻬﻤﺎ , ﻓﻴﻬﻤﺎ ﲨﺎﻝ ﻇﺎﻫﺮ , ﻭﻣﻨﻔﻌﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ , ﻓﺘﺠﺐ ﻓﻴﻬﻤﺎ ﺍﻟﺪﻳﺔ ، ﻷﻥ ﺑﻔﻮﺍﻬﻤﺎ ﻓﻮﺍﺕ ﺍﳌﻨﻔﻌﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ، ﻭﳚﺐ ﰲ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻧﺼﻒ ﺍﻟﺪﻳﺔ.
ﻭﻳﺪﺧﻞ ﰲ ﺫﻟﻚ:
1- ﺍﻟﻌﻴﻨﺎﻥ : - ﺑﺈﲨﺎﻉ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ- ، ﻭﻟﻮ ﻣﻊ ﺣﻮﻝ ﺃﻭ ﻋﻤﺶ ، ﺑﺸﺮﻁ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻳﺒﺼﺮ بهما.

2- ﺍﻷﺫﻧﺎﻥ: ﻭﻟﻮ ﻣﻦ ﺃﺻﻢ ، ﻷﻥ ﺍﻟﺼﻤﻢ ﻋﻴﺐ ﰲ ﺍﻟﺪﻣﺎﻍ .

3- ﻭﺍﻟﺸﻔﺘﺎﻥ : ﻭﻻ ﺧﻼﻑ ﺑﲔ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ , ﺃﻥ ﰲ ﺍﻟﺸﻔﺘﲔ ﺍﻟﺪﻳﺔ , ﳊﺪﻳﺚ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺣﺰﻡ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ. ولأنهما ﻋﻀﻮﺍﻥ ﻟﻴﺲ ﰲ ﺍﻟﺒﺪﻥ ﻣﺜﻠﻬﻤﺎ , ﻓﻴﻬﻤﺎ ﲨﺎﻝ ﻇﺎﻫﺮ , ﻭﻣﻨﻔﻌﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ , فإنهما ﻃﺒﻖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻢ ﻳﻘﻴﺎﻧﻪ ﻣﺎ ﻳﺆﺫﻳﻪ, ﻭﻳﺴﺘﺮﺍﻥ ﺍﻷﺳﻨﺎﻥ , ﻭﺗﺮﺩﺍﻥ ﺍﻟﺮﻳﻖ , ﻭﻳﻨﻔﺦ بهما, ﻭﻳﺘﻢ بهما ﺍﻟﻜﻼﻡ , ﻓﺈﻥ ﻓﻴﻬﻤﺎ ﺑﻌﺾ ﳐﺎﺭﺝ ﺍﳊﺮﻭﻑ , ﻓﺘﺠﺐ ﻓﻴﻬﻤﺎ ﺍﻟﺪﻳﺔ , ﻛﺎﻟﻴﺪﻳﻦ ﻭﺍﻟﺮﺟﻠﲔ .
ﻭﻇﺎﻫﺮ ﺍﳌﺬﻫﺐ ﺃﻥ ﰲ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻧﺼﻒ ﺍﻟﺪﻳﺔ . ﻭﺇﻟﻴﻪ ﺫﻫﺐ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ . ﻭﻋﻦ ﺃﲪﺪ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺃﺧﺮﻯ, ﺃﻥ ﰲ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ ﺛﻠﺚ ﺍﻟﺪﻳﺔ , ﻭﰲ ﺍﻟﺴﻔﻠﻰ ﺍﻟﺜﻠﺜﲔ ; ﻷﻥ ﺍﳌﻨﻔﻌﺔ بها ﺃﻋﻈﻢ , لأنها ﺍﻟﱵ ﺗﺪﻭﺭ , ﻭﺗﺘﺤﺮﻙ , ﻭﲢﻔﻆ ﺍﻟﺮﻳﻖ ﻭﺍﻟﻄﻌﺎﻡ , ﻭﺍﻟﻌﻠﻴﺎ ﺳﺎﻛﻨﺔ ﻻ ﺣﺮﻛﺔ ﻓﻴﻬﺎ .
ﻭﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﺍﻷﻭﻝ ﻷﻥ ﻛﻞ ﺷﻴﺌﲔ ﻭﺟﺒﺖ ﻓﻴﻬﻤﺎ ﺍﻟﺪﻳﺔ , ﻭﺟﺐ ﰲ ﺃﺣﺪﳘﺎ ﻧﺼﻔﻬﺎ , ﻛﺴﺎﺋﺮ ﺍﻷﻋﻀﺎﺀ , ﻭﻷﻥ ﻛﻞ ﺫﻱ ﻋﺪﺩ ﻭﺟﺒﺖ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﺳﻮﻱ ﺑﲔ ﲨﻴﻌﻪ ﻓﻴﻬﺎ , ﻛﺎﻷﺻﺎﺑﻊ ﻭﺍﻷﺳﻨﺎﻥ , ﻭﻻ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺑﺰﻳﺎﺩﺓ ﺍﻟﻨﻔﻊ.
ﻣﺴﺄﻟﺔ: ﺣﺪ ﺍﻟﺸﻔﺔ ﺍﻟﺴﻔﻠﻰ ﻣﻦ ﺃﺳﻔﻞ ﻣﺎ ﲡﺎﰱ ﻋﻦ ﺍﻷﺳﻨﺎﻥ ﻭﺍﻟﻠﺜﺔ ﳑﺎ ﺍﺭﺗﻔﻊ ﻋﻦ ﺟﻠﺪﺓ ﺍﻟﺬﻗﻦ , ﻭﺣﺪ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ ﻣﻦ ﻓﻮﻕ ﻣﺎ ﲡﺎﰱ ﻋﻦ ﺍﻷﺳﻨﺎﻥ ﻭﺍﻟﻠﺜﺔ ﺇﱃ ﺍﺗﺼﺎﻟﻪ ﺑﺎﳌﻨﺨﺮﻳﻦ ﻭﺍﳊﺎﺟﺰ , ﻭﺣﺪﳘﺎ ﻃﻮﻻ ﻃﻮﻝ ﺍﻟﻔﻢ ﺇﱃ ﺣﺎﺷﻴﺔ ﺍﻟﺸﺪﻗﲔ , ﻭﻟﻴﺴﺖ ﺣﺎﺷﻴﺔ ﺍﻟﺸﺪﻗﲔ ﻣﻨﻬﻤﺎ .

4- ﻭﺍﻟﻠﺤﻴﺎﻥ : ﻭﳘﺎ ﺍﻟﻌﻈﻤﺎﻥ ﺍﻟﻠﺬﺍﻥ ﻓﻴﻬﻤﺎ ﺍﻷﺳﻨﺎﻥ ، ﻓﺈﻥ ﻗﻠﻌﻬﻤﺎ ﲟﺎ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﻨﺎﻥ ﻓﺪﻳﺘﻬﻤﺎ ﺩﻳﺔ ﺍﻷﺳﻨﺎﻥ .

5- ﻭﺛﺪﻳﺎ ﺍﳌﺮﺃﺓ : ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺍﳌﻨﺬﺭ ﺃﲨﻊ ﻛﻞ ﻣﻦ ﳓﻔﻆ ﻋﻨﻪ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ , ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﰲ ﺛﺪﻱ ﺍﳌﺮﺃﺓ ﻧﺼﻒ ﺍﻟﺪﻳﺔ , ﻭﰲ ﺍﻟﺜﺪﻳﲔ ﺍﻟﺪﻳﺔ.
ﻭﰲ ﻗﻄﻊ ﺣﻠﻤﱵ ﺍﻟﺜﺪﻳﲔ ﺩﻳﺘﻬﻤﺎ ، ﻷﻧﻪ ﺫﻫﺐ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻣﺎ ﺗﺬﻫﺐ ﺍﳌﻨﻔﻌﺔ ﺑﺬﻫﺎﺑﻪ ، ﺇﺫﺍ بهما ﻳﺮﺗﻀﻊ ﺍﻟﺼﱯ ، ﻓﻬﻤﺎ ﻛﺎﻷﺻﺎﺑﻊ ﰲ ﺍﻟﻜﻒ.

6- وثُندوتا ﺍﻟﺮﺟﻞ : ﻭﳘﺎ ﻟﻠﺮﺟﻞ ﲟﱰﻟﺔ ﺍﻟﺜﺪﻳﲔ ﻟﻠﻤﺮﺃﺓ . ﻭﻓﻴﻬﻤﺎ ﻗﻮﻻﻥ:
ﺍﻷﻭﻝ : ﺃﻥ ﻓﻴﻬﻤﺎ ﺣﻜﻮﻣﺔ:
ﻭﻫﻮ ﻗﻮﻝ ﻣﺎﻟﻚ ﻭﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻭﻇﺎﻫﺮ ﻣﺬﻫﺐ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ; ﻷﻧﻪ ﺫﻫﺐ ﺑﺎﳉﻤﺎﻝ ﻣﻦ ﻏﲑ ﻣﻨﻔﻌﺔ , ﻓﻠﻢ ﲡﺐ ﺍﻟﺪﻳﺔ , ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﺃﺗﻠﻒ ﺍﻟﻌﲔ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻭﺍﻟﻴﺪ ﺍﻟﺸﻼﺀ ..
ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ: ﺃﻥ ﻓﻴﻬﻤﺎ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ:
ﻭﻫﻮ ﺍﳌﺬﻫﺐ ؛ ﻷﻥ ﻣﺎ ﻭﺟﺐ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﳌﺮﺃﺓ , ﻭﺟﺐ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺟﻞ , ﻛﺎﻟﻴﺪﻳﻦ ﻭﺳﺎﺋﺮ ﺍﻷﻋﻀﺎﺀ , ولأنهما ﻋﻀﻮﺍﻥ ﰲ ﺍﻟﺒﺪﻥ , ﳛﺼﻞ بهما ﺍﳉﻤﺎﻝ , ﻟﻴﺲ ﰲ ﺍﻟﺒﺪﻥ ﻏﲑﳘﺎ ﻣﻦ ﺟﻨﺴﻬﻤﺎ , ﻓﻮﺟﺒﺖ ﻓﻴﻬﻤﺎ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻛﺎﻟﻴﺪﻳﻦ , ﻭﻷﻧﻪ ﺃﺫﻫﺐ ﺍﳉﻤﺎﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﻤﺎﻝ , ﻓﻮﺟﺒﺖ ﺍﻟﺪﻳﺔ , ﻛﺎﻟﺸﻌﻮﺭ ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ ﻋﻨﺪ ﺃﰊ ﺣﻨﻴﻔﺔ , ﻭﻛﺄﺫﱐ ﺍﻷﺻﻢ ﻭﺃﻧﻒ ﺍﻷﺧﺸﻢ ﻋﻨﺪ ﺍﳉﻤﻴﻊ.
ﻭﻳﻔﺎﺭﻕ ﺍﻟﻌﲔ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ; ﻷﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻬﺎ ﲨﺎﻝ ﻛﺎﻣﻞ, ولأنها ﻋﻀﻮ ﻗﺪ ﺫﻫﺐ ﻣﻨﻪ ﻣﺎ ﲡﺐ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺪﻳﺔ , ﻓﻠﻢ ﺗﻜﻤﻞ ﺩﻳﺘﻪ , ﻛﺎﻟﻴﺪﻳﻦ ﺇﺫﺍ ﺷﻠﺘﺎ.

7-ﻭﺍﻷﻟﻴﺘﻴﺎﻥ: ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺍﳌﻨﺬﺭ :ﻛﻞ ﻣﻦ ﳓﻔﻆ ﻋﻨﻪ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ : ﰲ ﺍﻷﻟﻴﺘﲔ ﺍﻟﺪﻳﺔ , ﻭﰲ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻧﺼﻔﻬﺎ .
ﻭﺍﻷﻟﻴﺘﺎﻥ : ﳘﺎ ﻣﺎ ﻋﻼ ﻭﺃﺷﺮﻑ ﻣﻦ ﺍﻟﻈﻬﺮ ﻋﻦ ﺍﺳﺘﻮﺍﺀ ﺍﻟﻔﺨﺬﻳﻦ . ﻭﻓﻴﻬﻤﺎ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﺇﺫﺍ ﺃﺧﺬﺗﺎ ﺇﱃ ﺍﻟﻌﻈﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﲢﺘﻬﻤﺎ , ﻭﰲ ﺫﻫﺎﺏ ﺑﻌﻀﻬﻤﺎ ﺑﻘﺪﺭﻩ ; ﻷﻥ ﻣﺎ ﻭﺟﺒﺖ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻓﻴﻪ , ﻭﺟﺐ ﰲ ﺑﻌﻀﻪ ﺑﻘﺪﺭﻩ.

8--ﻭﺍﻷﻧﺜﻴﻴﺎﻥ ( ﺍﳋﺼﻴﺘﺎﻥ ) : ﺳﻮﺍﺀ ﺭﺿﻬﻤﺎ ﺃﻭ ﺳﻠﻬﻤﺎ ﺃﻭ ﻗﻄﻌﻬﻤﺎ. ﺑﻐﲑ ﺧﻼﻑ ﺑﲔ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ؛ ﳊﺪﻳﺚ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺣﺰﻡ .
ﻭﺇﻥ ﻗﻄﻊ ﺃﻧﺜﻴﻴﻪ , ﻓﺬﻫﺐ ﻧﺴﻠﻪ , ﱂ ﳚﺐ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺩﻳﺔ ; ﻷﻥ ﺫﻟﻚ ﻧﻔﻌﻬﻤﺎ , ﻓﻠﻢ ﺗﺰﺩﺩ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﺑﺬﻫﺎﺑﻪ ﻣﻌﻬﻤﺎ, ﻛﺎﻟﺒﺼﺮ ﻣﻊ ﺫﻫﺎﺏ ﺍﻟﻌﻴﻨﲔ , ﻭﺍﻟﺒﻄﺶ ﻣﻊ ﺫﻫﺎﺏ ﺍﻟﺮﺟﻠﲔ

9-ﻭﺇﺳﻜﺘﺎ ﺍﳌﺮﺃﺓ: ﻭﳘﺎ ﺍﻟﻠﺤﻢ ﺍﶈﻴﻂ ﺑﺎﻟﻔﺮﺝ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺒﻴﻪ.

10- ﻭﺍﻟﻴﺪﺍﻥ: ﺑﺈﲨﺎﻉ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ.
وﻻ ﺧﻼﻑ ﺑﲔ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺩﻳﺔ ﺍﻟﻴﺪ ﺗﺴﺘﺤﻖ ﺑﻘﻄﻌﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻮﻉ ; ﻷﻥ ﺍﺳﻢ ﺍﻟﻴﺪ ﻋﻨﺪ ﺍﻹﻃﻼﻕ ﻳﻨﺼﺮﻑ ﺇﻟﻴﻬﺎ , ﺑﺪﻟﻴﻞ ﺃﻥ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﳌﺎ ﻗﺎﻝ:{ ﻭﺍﻟﺴﺎﺭﻕ ﻭﺍﻟﺴﺎﺭﻗﺔ ﻓﺎﻗﻄﻌﻮﺍ ﺃﻳﺪﻳﻬﻤﺎ } . ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﻗﻄﻌﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻮﻉ , ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺘﻴﻤﻢ ﳚﺐ ﻓﻴﻪ ﻣﺴﺢ ﺍﻟﻴﺪﻳﻦ ﺇﱃ ﺍﻟﻜﻮﻋﲔ .
ﻓﺈﻥ ﻓﺈﻥ ﻗﻄﻊ ﻳﺪﻩ ﻣﻦ ﻓﻮﻕ ﺍﻟﻜﻮﻉ , ﻣﺜﻞ ﺃﻥ ﻳﻘﻄﻌﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﳌﺮﻓﻖ , ﺃﻭ ﻧﺼﻒ ﺍﻟﺴﺎﻋﺪ , ﻓﺎﺧﺘﻠﻒ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻟﲔ:
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻷﻭﻝ: ﻟﻴﺲ ﻋﻠﻴﻪ ﺇﻻ ﺩﻳﺔ ﺍﻟﻴﺪ .
ﻭﻫﻮ ﻗﻮﻝ ﻣﺎﻟﻚ ، ﻭﺍﳌﺬﻫﺐ ﻋﻨﺪ ﺍﳊﻨﺎﺑﻠﺔ ، ﻭﻗﻮﻝ ﺑﻌﺾ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ .
ﻭﺣﺠﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ:
ﺃﻥ ﺍﻟﻴﺪ ﺍﺳﻢ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ﺇﱃ ﺍﳌﻨﻜﺐ , ﺑﺪﻟﻴﻞ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ :{ ﻭﺃﻳﺪﻳﻜﻢ ﺇﱃ ﺍﳌﺮﺍﻓﻖ } . ﻭﻗﺎﻝ ﺛﻌﻠﺐ : ﺍﻟﻴﺪ ﺇﱃ ﺍﳌﻨﻜﺐ . ﻭﰲ ﻋﺮﻑ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﻥ ﲨﻴﻊ ﺫﻟﻚ ﻳﺴﻤﻰ ﻳﺪﺍ , ﻓﺈﺫﺍ ﻗﻄﻌﻬﺎ ﻣﻦ ﻓﻮﻕ ﺍﻟﻜﻮﻉ , ﻓﻤﺎ ﻗﻄﻊ ﺇﻻ ﻳﺪﺍ , ﻓﻼ ﻳﻠﺰﻣﻪ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺩﻳﺘﻬﺎ , ﻓﺄﻣﺎ ﻗﻄﻌﻬﺎ ﰲ ﺍﻟﺴﺮﻗﺔ ; ﻓﻸﻥ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﳛﺼﻞ ﺑﻪ , ﻭﻗﻄﻊ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻳﺴﻤﻰ ﻗﻄﻌﺎ ﻟﻪ , ﻛﻤﺎ ﻳﻘﺎﻝ : ﻗﻄﻊ ﺛﻮﺑﻪ . ﺇﺫﺍ ﻗﻄﻊ ﺟﺎﻧﺒﺎ ﻣﻨﻪ .
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺜﺎﱐ: ﺃﻧﻪ ﳚﺐ ﻣﻊ ﺩﻳﺔ ﺍﻟﻴﺪ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﳌﺎ ﺯﺍﺩ.
ﻭﺣﺠﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ:
ﻷﻥ ﺍﺳﻢ ﺍﻟﻴﺪ ﳍﺎ ﺇﱃ ﺍﻟﻜﻮﻉ , ﻭﻷﻥ ﺍﳌﻨﻔﻌﺔ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩﺓ ﰲ ﺍﻟﻴﺪ , ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻄﺶ ﻭﺍﻷﺧﺬ ﻭﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﺎﻟﻜﻒ , ﻭﻣﺎ ﺯﺍﺩ ﺗﺎﺑﻊ ﻟﻠﻜﻒ , ﻭﺍﻟﺪﻳﺔ ﲡﺐ ﰲ ﻗﻄﻌﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻮﻉ ﺑﻐﲑ ﺧﻼﻑ , ﻓﺘﺠﺐ ﰲ ﺍﻟﺰﺍﺋﺪ ﺣﻜﻮﻣﺔ , ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻗﻄﻌﻪ ﺑﻌﺪ ﻗﻄﻊ ﺍﻟﻜﻒ.
ﺃﺟﻴﺐ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ:
ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻛﻤﺎ ﲡﺐ ﰲ ﻗﻄﻌﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻮﻉ ﻓﺘﺠﺐ ﻛﺬﻟﻚ ﺑﻘﻄﻊ ﺍﻷﺻﺎﺑﻊ ﻣﻨﻔﺮﺩﺓ , ﻭﻻ ﳚﺐ ﺑﻘﻄﻌﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﺍﻜﻮﻉ ﺃﻛﺜﺮ ﳑﺎ ﳚﺐ ﰲ ﻗﻄﻊ ﺍﻷﺻﺎﺑﻊ , ﻭﺍﻟﺬﻛﺮ ﳚﺐ ﰲ ﻗﻄﻌﻪ ﻣﻦ ﺃﺻﻠﻪ ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﳚﺐ ﺑﻘﻄﻊ ﺣﺸﻔﺘﻪ .
ﻣﺴﺄﻟﺔ: ﺇﻥ ﺟﲎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻴﺪ ﻓﺄﺷﻠﻬﺎ, ﻭﺟﺒﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﺩﻳﺘﻬﺎ ; ﻷﻧﻪ ﻓﻮﺕ ﻣﻨﻔﻌﺘﻬﺎ , ﻓﻠﺰﻣﺘﻪ ﺩﻳﺘﻬﺎ , ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﺃﻋﻤﻰ ﻋﻴﻨﻪ ﻣﻊ ﺑﻘﺎﺋﻬﺎ , ﺃﻭ ﺃﺧﺮﺱ ﻟﺴﺎﻧﻪ .
ﻭﺇﻥ ﺟﲎ ﻋﻠﻰ ﻳﺪﻩ ﻓﻌﻮﺟﻬﺎ , ﺃﻭ ﻧﻘﺺ قوتها, ﺃﻭ ﺷﺎﻬﺎ , ﻓﻌﻠﻴﻪ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻟﻨﻘﺼﻬﺎ .
ﻭﺇﻥ ﻛﺴﺮﻫﺎ ﰒ ﺍﳒﱪﺕ ﻣﺴﺘﻘﻴﻤﺔ , ﻭﺟﺒﺖ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻟﻴﻨﻬﺎ ﻟﺸﻴﻨﻬﺎ ﺇﻥ ﺷﺎﻬﺎ ﺫﻟﻚ , ﻭﺇﻥ ﻋﺎﺩﺕ ﻣﻌﻮﺟﺔ , ﻓﺎﳊﻜﻮﻣﺔ ﺃﻛﺜﺮ ; ﻷﻥ ﺷﻴﻨﻬﺎ ﺃﻛﺜﺮ.

11-ﻭﺍﻟﺮﺟﻼﻥ : ﺃﲨﻊ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﰲ ﺍﻟﺮﺟﻠﲔ ﺍﻟﺪﻳﺔ , ﻭﰲ ﺇﺣﺪﺍﳘﺎ ﻧﺼﻔﻬﺎ
ﻭﰲ ﺗﻔﺼﻴﻠﻬﺎ ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﰲ ﺍﻟﻴﺪﻳﻦ , ﺳﻮﺍﺀ , ﻭﻣﻔﺼﻞ ﺍﻟﻜﻌﺒﲔ ﻫﺎ ﻫﻨﺎ ﻣﺜﻞ ﻣﻔﺼﻞ ﺍﻟﻜﻮﻋﲔ ﰲ ﺍﻟﻴﺪﻳﻦ .
ﻣﺴﺄﻟﺔ: ﰲ ﻗﺪﻡ ﺍﻷﻋﺮﺝ ﻭﻳﺪ ﺍﻷﻋﺴﻢ ﺍﻟﺪﻳﺔ ; ﻷﻥ ﺍﻟﻌﺮﺝ ﳌﻌﲎ ﰲ ﻏﲑ ﺍﻟﻘﺪﻡ .
ﻭﺍﻟﻌﺴﻢ : ﺍﻻﻋﻮﺟﺎﺝ ﰲ ﺍﻟﺮﺳﻎ . ﻭﻟﻴﺲ ﺫﻟﻚ ﻋﻴﺒﺎ ﰲ ﻗﺪﻡ ﻭﻻ ﻛﻒ , ﻓﻠﻢ ﳝﻨﻊ ﺫﻟﻚ ﻛﻤﺎﻝ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻓﻴﻬﻤﺎ.
---------------------

ثالثاً: ﻣﺎ ﰲ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﻨﻪ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﺷﻴﺎﺀ ﻓﻔﻴﻪ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ :
ﻭﻫﻮ ﺷﻲﺀ ﻭﺍﺣﺪ : ﺍﳌﻨﺨﺮﺍﻥ ، ﻭﺍﳊﺎﺟﺰ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ، ﻓﻔﻲ ﻛﻞ ﻣﻨﺨﺮ ﺛﻠﺚ ﺍﻟﺪﻳﺔ ، ﻭﰲ ﺍﳊﺎﺟﺰ ﺛﻠﺜﻬﺎ .
ﻭﺇﻥ ﻗﻄﻊ ﺃﺣﺪ ﺍﳌﻨﺨﺮﻳﻦ , ﻓﻔﻴﻪ ﺛﻠﺚ ﺍﻟﺪﻳﺔ , ﻭﰲ ﺍﳌﻨﺨﺮﻳﻦ ﺛﻠﺜﺎﻫﺎ , ﻭﰲ ﺍﳊﺎﺟﺰ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺍﻟﺜﻠﺚ ; ﻷﻥ ﺍﳌﺎﺭﻥ ﻳﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﺷﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﺟﻨﺲ , ﻓﺘﻮﺯﻋﺖ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﺪﺩﻫﺎ , ﻛﺴﺎﺋﺮ ﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﻋﺪﺩ ﻣﻦ ﺟﻨﺲ , ﻣﻦ ﺍﻟﻴﺪﻳﻦ , ﻭﺍﻷﺻﺎﺑﻊ , ﻭﺍﻷﺟﻔﺎﻥ ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ . ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﳌﺬﻫﺐ.
ﻭﻋﻦ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﲪﺪ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺃﺧﺮﻯ , ﺃﻥ ﰲ ﺍﳌﻨﺨﺮﻳﻦ ﺍﻟﺪﻳﺔ , ﻭﰲ ﺍﳊﺎﺟﺰ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺣﻜﻮﻣﺔ ;
ﻗﺎﻝ ﺃﲪﺪ : ﰲ ﻛﻞ ﺯﻭﺟﲔ ﻣﻦ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﺪﻳﺔ ; ﻷﻥ ﺍﳌﻨﺨﺮﻳﻦ ﻟﻴﺲ ﰲ ﺍﻟﺒﺪﻥ ﳍﻤﺎ ﺛﺎﻟﺚ , ﻓﺄﺷﺒﻬﺎ ﺍﻟﻴﺪﻳﻦ ; ﻭﻷﻧﻪ ﺑﻘﻄﻊ ﺍﳌﻨﺨﺮﻳﻦ ﺃﺫﻫﺐ ﺍﳉﻤﺎﻝ ﻛﻠﻪ , ﻭﺍﳌﻨﻔﻌﺔ , ﻓﺄﺷﺒﻪ ﻗﻄﻊ ﺍﻟﻴﺪﻳﻦ . ﻓﻌﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺟﻪ , ﰲ ﻗﻄﻊ ﺃﺣﺪ ﺍﳌﻨﺨﺮﻳﻦ ﻧﺼﻒ ﺍﻟﺪﻳﺔ , ﻭﺇﻥ ﻗﻄﻊ ﻣﻌﻪ ﺍﳊﺎﺟﺰ , ﻓﻔﻴﻪ ﺣﻜﻮﻣﺔ.
---------------------

ﺭﺍﺑﻌﺎﹰ: ﻣﺎ ﰲ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﻨﻪ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﺃﺷﻴﺎﺀ ﻓﻔﻴﻪ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ :

ﻣﺜﻞ: ﺍﻷﺟﻔﺎﻥ ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ ، ﻭﰲ ﻛﻞ ﺟﻔﻦ ﺭﺑﻊ ﺍﻟﺪﻳﺔ ، ﻻ ﻓﺮﻕ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺑﲔ ﺍﻟﺒﺼﲑ ﻭﺍﻷﻋﻤﻰ.
-----------------------

خامساً: ﰲ ﺃﺻﺎﺑﻊ ﺍﻟﻴﺪﻳﻦ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ، ﻭﰲ ﺃﺻﺎﺑﻊ ﺍﻟﺮﺟﻠﲔ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ:
ﻭﰲ ﻛﻞ ﺇﺻﺒﻊ ﻋﺸﺮ ﺍﻟﺪﻳﺔ..
ﳌﺎﳌﺎ ﺭﻭﻯ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ:" ﺩﻳﺔ ﺃﺻﺎﺑﻊ ﺍﻟﻴﺪﻳﻦ ﻭﺍﻟﺮﺟﻠﲔ ﻋﺸﺮ ﻣﻦ ﺍﻹﺑﻞ ﻟﻜﻞ ﺇﺻﺒﻊ " ﺭﻭﺍﻩ ﺍﳋﻤﺴﺔ ،، ﻭﻟﻔﻈﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ " ﻫﺬﻩ ﻭﻫﺬﻩ ﺳﻮﺍﺀ " ﻳﻌﲏ ﺍﳋﻨﺼﺮ ﻭ ﺍﻹﻬﺎﻡ ..
ﻭﰲ ﻛﻞ ﺃﳕﻠﺔ ﻣﻦ ﺃﺻﺎﺑﻊ ﺍﻟﻴﺪﻳﻦ ﻭﺍﻟﺮﺟﻠﲔ ﺛﻠﺚ ﻋﺸﺮ ﺍﻟﺪﻳﺔ، ﻷﻥ ﰲ ﻛﻞ ﺇﺻﺒﻊ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻔﺎﺻﻞ ، ﺇﻻ الإبهام ﻓﻔﻴﻪ ﻣﻔﺼﻼﻥ ﻭﰲ ﻛﻞ ﻣﻔﺼﻞ ﻧﺼﻒ ﻋﺸﺮ ﺍﻟﺪﻳﺔ. ﻭﰲ ﺍﻟﻈﻔﺮ ﺇﺫﺍ ﻗﻠﻌﻪ ﻭﱂ ﻳﻌﺪ ﺣﻜﻮﻣﺔ.
----------------------
ﺳﺎﺩﺳﺎﹰ: ﺩﻳﺔ ﺍﻷﺳﻨﺎﻥ:
ﻻ ﺧﻼﻑ ﺑﲔ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﰲ ﺃﻥ ﺩﻳﺔ ﺍﻷﺳﻨﺎﻥ ﺇﺫﺍ ﻗﻠﻌﺖ ﳑﻦ ﻗﺪ ﺛﻐﺮ ﲬﺲ ﰲ ﻛﻞ ﺳﻦ .
ﻓﺄﻣﺎ ﺍﻷﺿﺮﺍﺱ ﻭﺍﻷﻧﻴﺎﺏ , ﻓﺄﻛﺜﺮ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻋﻠﻰ أنها ﻣﺜﻞ ﺍﻷﺳﻨﺎﻥ ، ﻭﺍﻷﺩﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ:
ﺣﺪﻳﺚ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺣﺰﻡ ﻭﻓﻴﻪ :" ﻭﰲ ﺍﻟﺴﻦ ﲬﺲ ﻣﻦ ﺍﻹﺑﻞ" ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﻨﺴﺎﺋﻲ..
ﻭﻋﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺷﻌﻴﺐ ﻣﺮﻓﻮﻋﺎﹰ:"ﰲ ﺍﻷﺳﻨﺎﻥ ﲬﺲ ﲬﺲ" ﺭﻭﺍﻩ ﺃﺑﻮ ﺩﺍﻭﺩ..
ﻭﻋﻦ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ ﻣﺮﻓﻮﻋﺎﹰ :" ﺍﻷﺳﻨﺎﻥ ﺳﻮﺍﺀ ﺍﻟﺜﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻀﺮﺱ ﺳﻮﺍﺀ"ﺭﻭﺍﻩ ﺃﺑﻮ ﺩﺍﻭﺩ ﻭﺍﺑﻦ ﻣﺎﺟﻪ ..
ﻗﺎﻝ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ : ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺇﺫﺍ ﻗﻠﻊ ﺳﻨﻪ ﺃﻥ ﻳﻨﻈﺮ ﻋﻮﺩﻫﺎ ﻓﺈﻥ ﻣﻀﺖ ﻣﺪﺓ ﻳﺌﺲ ﻣﻦ ﻋﻮﺩﻫﺎ ﻭﺟﺒﺖ ﺩﻳﺘﻬﺎ ، ﻭﺇﻥ ﺑﻨﺖ مكانها ﺃﺧﺮﻯ ﻓﻼ ﺩﻳﺔ ، ﻟﻜﻦ ﺇﻥ ﻋﺎﺩﺕ ﻗﺼﲑﺓ ﺃﻭ ﻣﺸﻮﻫﺔ ﻓﻔﻴﻬﺎ ﺣﻜﻮﻣﺔ ، ﻭﻛﺬﺍ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺛﻠﻤﺔ ﺃﻭ ﻧﺒﺘﺖ ﺃﻃﻮﻝ.
ﻓﺄﻣﺎ ﺳﻦ ﺍﻟﺼﱯ ﺍﻟﺬﻱ ﱂ ﻳﺜﻐﺮ , ﻓﻼ ﳚﺐ ﺑﻘﻠﻌﻬﺎ ﰲ ﺍﳊﺎﻝ ﺷﻲﺀ . ﻭﺫﻟﻚ ﻷﻥ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ﻋﻮﺩ ﺳﻨﻪ , ﻓﻠﻢ ﳚﺐ ﻓﻴﻬﺎ ﰲ ﺍﳊﺎﻝ ﺷﻲﺀ , كنتف ﺷﻌﺮﻩ , ﻭﻟﻜﻦ ﻳﻨﺘﻈﺮ ﻋﻮﺩﻫﺎ ; ﻓﺈﻥ ﻣﻀﺖ ﻣﺪﺓ ﻳﻴﺄﺱ ﻣﻦ ﻋﻮﺩﻫﺎ, ﻭﺟﺒﺖ ﺩﻳﺘﻬﺎ .
ﻭﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﻓﻠﻮ ﻛﺴﺮ ﺃﺳﻨﺎﻧﻪ ﻛﻠﻬﺎ ﻓﻔﻴﻬﺎ ﻣﺎﺋﺔ ﻭﺳﺘﻮﻥ بعيراً ، ﻷﻥ ﰲ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﺛﻨﲔ ﻭﺛﻼﺛﲔ سناً.
ﻭﻋﻦ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﲪﺪ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺃﺧﺮﻯ : ﻻ ﺗﺘﺠﺎﻭﺯ ﺩﻳﺔ ﺍﻷﺳﻨﺎﻥ ﺩﻳﺔ ﺍﻟﻨﻔﺲ ، لأنها ﺫﺍﺕ ﻋﺪﺩ ﳚﺐ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺪﻳﺔ , ﻓﻠﻢ ﺗﺰﺩ ﺩﻳﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺩﻳﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ , ﻛﺎﻷﺻﺎﺑﻊ , ﻭﺍﻷﺟﻔﺎﻥ , ﻭﺳﺎﺋﺮ ﻣﺎ ﰲ ﺍﻟﺒﺪﻥ , ولأنها ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻔﻌﺔ ﺟﻨﺲ , ﻓﻠﻢ ﺗﺰﺩ ﺩﻳﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻳﺔ , ﻛﺴﺎﺋﺮ ﻣﻨﺎﻓﻊ ﺍﳉﻨﺲ .
ﻭﺍﻟﺼﺤﻴﺢ أنها ﺗﺘﺠﺎﻭﺯﻫﺎ ﻟﻌﻤﻮﻡ ﺍﳊﺪﻳﺚ.
ﻣﺴﺄﻟﺔ: ﻭﺇﻥ ﻗﻠﻊ ﺳﻨﺎ ﻣﻀﻄﺮﺑﺔ ﻟﻜﱪ ﺃﻭ ﻣﺮﺽ , ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻣﻨﺎﻓﻌﻬﺎ ﺑﺎﻗﻴﺔ ; ﻣﻦ ﺍﳌﻀﻎ , ﻭﺿﻐﻂ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﻭﺍﻟﺮﻳﻖ , ﻭﺟﺒﺖ ﺩﻳﺘﻬﺎ . ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺇﻥ ﺫﻫﺐ ﺑﻌﺾ ﻣﻨﺎﻓﻌﻬﺎ , ﻭﺑﻘﻲ ﺑﻌﻀﻬﺎ ; ﻷﻥ ﲨﺎﳍﺎ ﻭﺑﻌﺾ ﻣﻨﺎﻓﻌﻬﺎ ﺑﺎﻕ , ﻓﻜﻤﻞ ﺩﻳﺘﻬﺎ , ﻛﺎﻟﻴﺪ ﺍﳌﺮﻳﻀﺔ , ﻭﻳﺪ ﺍﻟﻜﺒﲑ . ﻭﺇﻥ ﺫﻫﺒﺖ ﻣﻨﺎﻓﻌﻬﺎ ﻛﻠﻬﺎ , ﻓﻬﻲ ﻛﺎﻟﻴﺪ ﺍﻟﺸﻼﺀ .






المصدر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..