الصفحات

الخميس، 25 أكتوبر 2012

أيها التجار.. من ذمتي لذمتكم.. (1)!

 التجار المسلمون المعاصرون - الصالح منهم والفاسد - مخدوعون بالتراث، فالتراث أقنعهم بجواز كنز الذهب والفضة، وخلط لهم موضوع الزكاة والصدقات، وأقنعهم بأن التاجر إذا أخرج زكاته فليس ماله بكنز، وهذا خلاف قديم بدأ بين السلطة الأموية وأبي ذر الغفاري، لكن السطة سلطة، تغلبت وأوصلت صوتها رغم أن آية «الكنز ضدها»، أما صالحو الصحابة والتابعون، فقد ضاع تفسيرهم لآيات الأموال في القرآن الكريم، بل حتى ما بقي منها في كتب التفسير والحديث والفقه، لا تتم مناقشته على محمل الجد، وكأنه رأي شاذ.
فليعلم التجار - زادهم الله من فضله- أنه لا يكفيهم أداء الزكاة بالمعنى الشائع ، وإنما لا يجوز لهم كنز الذهب والفضة وما يقوم مقامهما من النقود اليوم، وكنز النفقة لا يجوز أن يزيد على حاجة العائلة في سنة كاملة، أما بقية الأموال، فالحد الأدنى من الواجب فيها أن يتم توظيفها في الأسواق، من مشاريع ونحو ذلك.

هذا بحث بحثته قرآنياً منذ سنوات، وترددت في إخراجه، لأن الناس قد ترسخ عندهم فقه السلطة، وأصبح فقه القرآن الكريم غريباً، ولكن أقول من ذمتي لذمتكم، لا تأتوا يوم القيامة وتقولون: ما سمعنا بهذا، كيف وأنتم تتلون كتاب الله ليلاً ونهاراً؟!
كل الآيات في كتاب الله تؤكد هذا المعنى وكل الأحاديث التي تأتينا عن الصحابة المعارضين كأبي ذر وعلي بن أبي طالب وبقية أهل البيت تؤكد هذا المعنى.

بينما أحاديث السلطة وحدها هي التي تسهل لكم الأمر، وقد نصرها السلاطين عبر التاريخ، لأنهم أصحاب ثروات وكنوز لا تحصى.
لو فهم المسلمون «آيات الأموال» كما وردت في القرآن «وهي كثيرة جداً»، ثم طبقوها تطبيقاً صحيحاً، لكان المسلمون أغنى شعوب الأرض، ولتمت محاصرة الفقر والعوز إلى أقصى حد، إن لم يتم القضاء عليه مطلقاً، وكما قال الإمام علي «ما جاع فقير إلا بما مُتِّع به غني».
فالله قد أعطى الرزق دفعة واحدة بما يكفي الناس وزيادة، ولكن الناس يظلم بعضهم بعضاً، فيستولي بعضهم على رزق بعض وحقوقه.

ليس المطلوب من التاجر أن يتخلص مما يزيد على حاجته وأفراد عائلته، وإنما المطلوب ألا يكنز، وأن يوظف هذه الأموال، ويجريها في مشاريع له، ليشتغل العاطلون وتزدهر التنمية وتنهض الأمة في شتى المجالات، فالمال قوام الأمر كله، في المعرفة والعلم وصنوف الصناعات والأعمال.

وهذه أبرز عناوين البحث الذي بحثته «عن المال في القرآن الكريم»، واكتشفت كم نحن متبعون للإسلام البشري «الذي صنعته لنفسها السلطات ووظفوا من وظفوا لتثبيت هذا المذهب المالي من الفقهاء والوعاظ»، وكم نحن منحرفون عن الإسلام الإلهي (القرآني) في الأموال كما في غيرها، وكيف تركنا النصوص القرآنية والحديثية والصحابية على وضوحها.

وسأنشر البحث في أربع مقالات أو خمس، مختصراً ذلك البحث الذي أراه أمانة في عنقي يجب أن يخرج للناس، فلا أرى نصرة الذين يموتون من الجوع في أفريقيا إلا بالتذكير بمثل هذا الموضوع القرآني الذي ضيعناه

.
أبرز عناوين البحث:

1 - الزكاة بالمفهوم القرآني غير الزكاة بالمفهوم السلطاني (التراثي والمذهبي والواقعي)، وكيف أنزلوا في معنى الزكاة معنى الصدقات، وجعلوا الصدقات خارج الحتم، مع تورطهم في معنى الآية (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها... الآية)، فالزكاة الواجبة الأخذ من الناس بالمفهوم الشائع هي الصدقات (ولذلك يبعث النبي مصدقين) يعني جباة للصدقات، فلماذا لم يقل الله (إنما الزكاة للفقراء والمساكين والعاملين عليها... الآية)، لأن الزكاة أشمل من ذلك، فليس كل واجب مالي يجب انتزاعه بالقوة، وإنما تؤخذ بالقوة الصدقات فقط التي نسميها اليوم (الزكاة)، بينما بقية الزكاة تجب عليه ويخرجها من دون إجبار، كما تصوم بلا إجبار وتصلي بلا إجبار.

2 - الصدقات بالمفهوم القرآني غير الصدقة بالمفهوم السلطاني (الصدقات بالمعنى القرآني هي الزكاة المعروفة اليوم، ومن الصدقات ما هو تطوعي، والتفريق بين الحالتين بعد استعراض آيات الصدقة والصدقات).

3 - آيات الكنز المضادة للمفهوم الشائع (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها..)، ومحاولات السلطة وأصحابها ووعاظها من قديم لصرفها عن دلالتها وصلة ذلك بتدخل السلطة في توجيه الفقه الأول القديم، الذي تفرع عنه الفقه في القرون اللاحقة، وكيف حاولت السلطة حذف «الواو» لولا تهديد أبي بن كعب إياها لو أقدمت على الحذف بالحرب.

4 - آيات العفو (يسألونك ماذا ينفقون قل العفو)، ومحاولات صرفها عن مدلولها الواضح، وهو ما فضل عن الحاجة (الغريب أن هذا المعنى نجا من التحريف).

5 - الأحاديث التي يعترف بصحتها الجميع، التي تسير في هذا النحو تماماً، وكيف جعلوها منسوخة، مع أن النبي كان عليها وهو على فراش الموت وأمر بلالاً بتخليصه من دنانير معدودة! (أرأيتم قوة السلطة هنا؟ كيف جعلتها أحاديث منسوخة بعد أن تورطت بصحتها واشتهارها)!

6 - تطبيقات بعض الصحابة للسنة النبوية الأصلية وما وجدوا في سبيل ذلك من مصاعب ومتاعب «وكيف تم إهمالها وتشويه أصحابها؟».
وخلاصة نتائج البحث:

هناك فهم شائع ناتج عن السلطات - ومعظم سلاطين التاريخ تجار- يقول هذا الفهم (الواجب في المال الزكاة، فإذا أدى المسلم زكاة ماله فقد أدى حق المال)، وهذا الفهم ترده النصوص القرآنية، ومن الصعب جداً أن يتصحح، لأن الناس لا يستجيبون بسهولة للنص، ولأن الأحاديث المعارضة للنص قد وضعت أيضاً، فضربوا النص القرآني بالنص الحديثي، ولأنها قد وضعت والفتاوى، وتقررت المذاهب المالية، ولا يمكن أن يعود المسلمون للقرآن في إضاءته على هذا الموضوع الكبير جداً.
وإنما نذكر هذا البحث من باب الإبلاغ، لعل القليل من الناس يعيد النظر في المفاهيم الشائعة عن الأموال، ثم يكون لهذا القليل الأثر على أصحاب رؤوس الأموال من المسلمين، فيسهموا في نجاتهم من العذاب المذكور في آية الكنز وحسن توظيف الأموال ورفع المجاعات في العالم.
«
وقد نستعرض البحث عنواناً عنواناً في الحلقات القادمة، مع إيماني بالصعوبة البالغة في تغيير ما ترسخ في أذهان الناس، ولكن إنما على الرسول - وهو رسول - البلاغ المبين، وليس عليه هدى الناس وما جعله الله عليهم كفيلاً».
 
http://www.alkuwaitiah.com/ArticleImages/2_ORBXCJIPYIEHQGNXZDOUJWTN.jpg
حسن فرحان المالكي
 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..