الصفحات

الثلاثاء، 23 أكتوبر 2012

ثقافة العيب وشارع عبدربه

ثقافة العيب وشارع عبدربه
 
 
هناك من لا يعرف عن شارع "عبدربه" إلا الأغنية الشعبية الغزلية المشهورة لطاهر الأحسائي "في شارع عبدربه صادفوني.. ثلاثٍ رايحين الصالحية"، وهما موقعان في الهفوف. أما شارع عبدربه فكان بمثابة محيط تجاري مفتوح يعج بعشرات دكاكين الأقمشة والملابس والمستلزمات النسائية ومحلات الذهب يعمل بها مواطنون، وكنت تجد وشائج الصلات الانسانية المتراكمة بين البائع والمشتري واضحة، فأجيال تعاقبت لبنائها..
فلم يك مستغرباً أن من يعمل في المحل قد ورثه من أبيه وقد يورثه لابنه، وكذلك النساء المتسوقات أتين لهذه الدكاكين وهن صغيرات مع أمهاتهن ..وها هن يصطحبن بناتهن، ولذلك تجد الترحيب والنصيحة والمراعاة والبعد عن الغش والغبن..
من كان يعمل في هذه الأنشطة مواطنون أبناء أسر لها مكانتها الاجتماعية، فقيمة العمل كانت متفوقة على سطحية ثقافة العيب، والدليل أنك كنت تجد في نفس الأسرة من هو مالك للنخيل أو تاجر واسع الثراء وأبناء عمومته يعملون في أعمال حرفية بسيطة
واقتصادياً، فأرتال من عوائل مواطنة كانت تقتات من هذه المحلات. وعند التمعن ستجد أن "الآلة الانتاجية" تتجاوز البيع والشراء في دكاكين شارع "عبدربه" فقماش العبي والغطاوي النسائية (الدفاف) كان يستورد من سويسرا واليابان، فيضع أصحاب الدكاكين طلباتهم عند التاجر الذي يفصل العبي ويرسلها عبر صبي صغير السن لخياطها في ورش منزلية صغيرة كل من يعمل بها نساء (مواطنات) من بيوتهن.. حيث يسلم الصبي الطلبية الجديدة ويستلم الجاهز من طلبيات سابقة. عمليات إنتاجية بسيطة لكن جميع حلقات سلسلة التزويد تقوم على المواطن: صاحب محل بيع التجزئة مواطن، والتاجر مواطن، وصبيه مواطن، ومن يفصل العبي مواطن، ومن يخيطها مواطنة بل وتعمل من بيتها.
أما إذا اتجهت إلى القيصرية فستجد أن البضائع تختلف لكن المبدأ لا يتغير؛ المحتوى المحلي عال فالأقمشة تستورد وبعد ذلك يتناولها مواطنون خياطة وبيعاً (جملة وتجزئة) وشراءً.. هذا ينطبق على الثياب الرجالية والمشالح (البشوت) وأحياناً تتكامل الجهود بين الجنسين فمثلاً المشلح يخاط اجمالاً من قبل رجال لكن الجزء المذهب على الأكمام (المكسر) قد تقوم به نساء فيرسل لهن في بيوتهن.. من كان يعمل في هذه الأنشطة مواطنون أبناء أسر لها مكانتها الاجتماعية، فقيمة العمل كانت متفوقة على سطحية ثقافة العيب، والدليل أنك كنت تجد في نفس الأسرة من هو مالك للنخيل أو تاجر واسع الثراء وأبناء عمومته يعملون في أعمال حرفية بسيطة.. فكان الصغير يبدأ "صبيا" لكي يتعلم وبعد ذلك يتدرج حتى يصبح "معزباً" أي يصبح مالكا لعمل ثم يتوسع وتتوسع بذلك استفادة مجتمعه من نجاحه. ما ذكرت كان قبل جيل ونيف من الآن، وخلال أربعة عقود لا أكثر نسفنا كل ذلك بأن استقدمنا واستقدمنا واستقدمنا حتى اقتلعنا أنفسنا من اقتصادنا وعملياته الانتاجية على بساطتها.. مفضلين أن نتلقى ريعاً من عامل نستقدمه ليصبح هو المحور ونحن الأطراف!.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التعليق :
ـ
العمل من المنزل  هو ما يناسبنا  حتى لا نهدر الكثير من  الوقت في مشاوير الذهاب  لمكان آخر  على حساب المنزل ووظيفة المرأة
في المنزل  تقوم لتجهيز الطعام  ثم تعود وتشتغل في الخياطة او غيرها  ثم تأخذ فترة راحة  وتتقهوى وهي تشتغل  وتقوم تصلي ركعتي الضحى وهكذا  أفضل استغلال للوقت مع انتاجية عالية
الطريف بالأمر اننا نستنكف  العمل من المنزل بينما تقوم به هذه الأيام أرتال من العمالة غير النظامية المختفية بالبيوت !!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..