الصفحات

الأحد، 14 أكتوبر 2012

المرأة المسلمة في عيون الغرب

 نظرة الغرب إلى المرأة المسلمة هي جزء من صورة عامة شائعة عن الإسلام، صناعة هذه الصورة شاركت فيها عن عمد وسائل إعلام ومؤسسات ثقافية ودوائر مخابرات ومنظمات تنصيرية وهيئات وأحزاب سياسية، وتم ترويجها على اعتبارها حقائق لا تقبل الشك، فوقع في براثن هذه الصورة الزائفة، البعيدة عن الحق أكاديميين وساسة فضلا عن رجل الشارع، لذلك من الأهمية بمكان رصد ما يكتب عن المرأة المسلمة في الغرب وتحليل مضامين هذه الكتابات ورد المتخصصين عليها، وفي هذا الإطار نعرض لأحد المقالات التي تتناول "نظرة الغرب للمرأة المسلمة"، لـ" Josh Cerretti - جوش سيريتي" وهو أحد الباحثين في جامعة بافالو والمتخصص في قضايا النسوية والنوع الاجتماعي، والمقال متأثر في بعض جوانبه بالصورة الزائفة التي يتم تداولها عن المرأة المسلمة، لكنه في جوانب أخرى ينتصر لبعض جوانب الحقيقة. حيث يعتبر المؤلف أن المرأة المسلمة فقط هي من تعاني من الاضطهاد، وأنها أصبحت رمزا للنضال من أجل المطالبة بالمساواة مع الرجل، وهذه رؤية ناقصة من الكاتب لأكثر من سبب، فالإسلام ينظر للمرأة كجزء أساسي ورئيس في المجتمع، فهي ليست في درجة أقل من الرجل، بل على العكس تمتاز المرأة في المجتمع الإسلامي بمكانة كبيرة، فهي الأم والزوجة والابنة وبعض النساء يفضلن عشرات الرجال والإسلام لا ينظر للمرأة باعتبارها في صراع مع الرجل، كل منهما يحاول تحطيم الآخر كما تنظر المادية الغربية، لا بل على العكس، فهو ينظر لها نظرة تكامل، فكل من الرجل والمرأة يكمل دور الأخر في الحياة ولا تستقيم الحياة إلا بهذا التكامل.
في حين أن الغرب يعاني من أزمات ومشكلات كبرى اجتماعية وأخلاقية بسبب روح التصارع بين الرجل والمرأة، فانتشر الشذوذ والأمراض النفسية والعصبية وتفسخ بنيان الأسرة، حتى سمعنا من عقلاء الغرب من ينادي بعودة المرأة لدورها الطبيعي الذي يتناسب وفطرتها وتكوينها والذي دعا إليه الإسلام.
وفيما يلي نص المقال:
"لست امرأة ولست مسلماً، ومع ذلك فإني أحاول سن قانون المساواة بين الجنسين والعدالة الاجتماعية في عصر الحرب على الإرهاب. ودائما ما أرى ضرورة التفكير والعمل كحليف للمرأة المسلمة. وهذه الفكرة بالتأكيد عملية صعبة وغير مكتملة، ولكنها ضرورية لأن المرأة المسلمة أصبحت رمزا مهما في النضال في الحروب، ونظرية المساواة بين الجنسين والهجرة والمجتمع المدني، بينما نادراً ما تجد مجالاً للمشاركة بوجهة نظرها والتعبير عن نفسها.
رغم ذلك سأطرح انتقادي الذاتي فيما نقوم به نحن الأكاديميون البيض المطالبون بالمساواة حول رؤيتنا للمرأة المسلمة، وكيف أن هذا الأمر يقيّد فعالية تحاليلنا لها وللأسباب العديدة للعدالة الاجتماعية. وقد قامت تشاندرا موهانتي باستلهام هذه النقاط الأربعة في كتابها "بعيون غربية"- وهو كتاب يعرض نقدا شديدا للعبارات المجازية التي يستعملها الغربيون المطالبون بالمساواة مثل: "نساء العالم الثالث". وهذه المبادئ التوجيهية قد تساعد زملائي غير المسلمين والمطالبين بالمساواة من الاقتراب من المسلمين المطالبين بالمساواة والنساء المسلمات بمنظور خصب.

1- المرأة المسلمة لها تاريخ.
لقد كتب العديد من الناس وتحدث عن المرأة المسلمة باستخدام عبارات شاملة المعاني للغاية: إنها غير مرئية، إنها مقيدة، إنها ضعيفة. ومنذ 10 سنوات عندما بدأتُ دراسة تاريخ المرأة في الإسلام، أدهشني ما وجدته عن المرأة في العصور الوسطى، وكيف كانت مُشاركةً في الأوضاع التأسيسية في حياة محمد – صلى الله عليه وسلم - وكيف كانت بارزة خلال التاريخ الإسلامي. أشارت عدة روايات بأن أول امرأة أسلمت هي السيدة خديجة رضي الله عنها،. وأنه بعد وفاة محمد – صلى الله عليه وسلم - قام نصف المجتمع المسلم بلم شمله تحت قيادة أصغر زوجاته عائشة، وذلك خلال صراع مسلح في معركة الجمل على أساس توجيه المجتمع النامي. إضافة إلى أن السلالة الحاكمة التي حكمت لعدة قرون (من الفاطميين)، و إيمان الشيعة(1) مبني على جزء كبير من تبجيل ابنة محمد فاطمة. ورابية البصري التي لازالت أحد أهم الصوفيين منذ القرن الثامن. وفي القرن الحادي عشر قادت أروى الصليحي اليمن(2) لعدة عقود.  وفي العصر الحديث، وهذا الأمر مثير للإعجاب باعتبار بلدي الذي لم تحكمه امرأة أبداً على خلاف باكستان وبنجلادش وإندونيسيا وبعض الدول التي يقطنها أغلبية مسلمة(3)، هذه الأمثلة لبعض النساء البارزات تعتبر معرفة سطحية فقط ، إذ تشير هذه القصص وبالأحرى جهلنا الواسع بها إلى أننا لا نعرف قدر اعتقادنا بمعرفتنا للمرأة المسلمة.

2- ناضلت المرأة المسلمة من أجل التطور السياسي الجماعي للمرأة في الإسلام وبدونه.
بمعنى أن هناك مسلمين وعرب وجنوب آسيويين وشمال أفريقيين إلى جانب العديد من المطالبين بالمساواة من دول غالبيتها مسلمين لكل منهم تاريخ غالباً ما يكون متشابك مع آخرين من الغربيين المطالبين بالمساواة. بينما قام الأوروبيون والأمريكيون المطالبون بالمساواة بالتشاجر حول حق الاقتراع والشخصية القانونية في بداية القرن العشرين، فقد قامت نساء مثل هدى شعراوي في مصر وهاليد إدلب في تركيا (4) اللاتي شاركن في محاولات لتخليص بلادهن من السيطرة الأمريكية والبريطانية بالسعي لتحقيق أهداف مشابهة. وسواء في الأناضول العثماني أو العراق البعثي أو إيران الإسلامية فقد كانت النساء المسلمات دائما متعاونات سرا وعلنا للمشاركة بأفكارهن والتخطيط لصراعات وتوضيح استيائهن بأي كائن قد يتحكم بحياتهن.

3- قامت الأفكار الغربية وليست  الأفكار المسلمة بإثارة شغب حول تغطية الوجه
لدي شعور بأن هذه النقطة ستشعل خلافا، وهو بالضبط ما أُدرك أهميته. ببساطة تواجه معظم النساء صراعات يومية للبقاء، وهذا ليس غلوا وليس منتجا دعائيا لغطاء الوجه. وتعيش الملايين من النساء كرهائن أو مشردات في بلادهن. ولهولاء اللاتي انتقلن للغرب فإنهم يتعرضن لتفتيش دقيق عند الحدود، ومراقبة دائمة وعنصرية متفشية. وليس لهذه المشاكل ارتباط بالتقاليد أو التجنيد أو الاستعمار الجديد أو التوزيع غير العادل للقوة الاقتصادية والثقافية و السياسية الاجتماعية على الجنس. قد يزعم المرء بأن غطاء الوجه يجسد توزيعاً غير عادل، واعتقد أن الأمر على ما يرام حتى وإن عارضت، ولكن لا يجب على غير المسلمين خصوصاً المطالبين بالمساواة أن يكونوا سطحيين، بالاعتقاد بأن أهم شيء للمرأة ما ترتدي على رأسها. فهناك ألف امرأة تموت عند الولادة في أفغانستان، وهناك نساء لا يُسمح  لهن بالتصويت في الأمور السياسية العامة في المملكة العربية السعودية(5). وفي اليمن يحصل الرجال على فرص للتعليم الابتدائي ثلاث مرات أكثر من النساء. فهذه هي المشاكل الحقيقية التي تواجهها النساء في هذه البلدان، بينما ينذهل العديد من غير المسلمين برؤية المرأة المسلمة بلا غطاء وجه، وفي ملابس لم تعتد على ارتدائها في السابق حيث إن هذا التغيير هو التغيير الذي يؤمنون به!(6).
4- أخيراً, للعالم الإسلامي والعالم الغربي تاريخ مترابط، حيث إن معظم الحروب الأخيرة ارتكبها الغرب في حق المسلمين.
وهذا لا يثبت بأن المسلمين لم يقوموا بأي أمر ضد الغرب أو ضد بعضهم البعض, ولا محاولة إنكار التبادل المثمر بين الإسلام والغرب. ما أعنيه هو ببساطة أن المسلمين لا يدينون لنا بشيء. فالمواصلات التي تنقلك من مكان لآخر، والطعام الذي تأكله، والكهرباء التي ساعدتك في قراءة هذا المقال كلها منتجات للاقتصاد المعتمد على النفط الذي يقوم عليه عمال مسلمون ومسلمات يتقاضون أجوراً زهيدة. ففي عام 1492 غادر أسبانيا آخر جيش مسلم، وانتهت السيطرة العثمانية على البلقان قبل الحرب العالمية الأولى. ومنذ ذلك الحين انطلقت مساعي الجيش الأمريكي والأوروبي ضد الجزائر وليبيا ومصر وفلسطين واليمن وسوريا والعراق وتركيا وإيران وأفغانستان وإندونيسيا ومجموعة أخرى من الدول التي يسكنها أغلبية مسلمة. ولم تقم دولة مسلمة بغزو أي دولة غربية خلال هذا الوقت، بل احتل الغرب كل دولة يقطنها أغلبية مسلمة من الجزائر حتى الفلبين خلال القرن العشرين. فلماذا نعتقد بأن السياسة الإسلامية تهدد القيم الغربية؟؟".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الإحالات (الهوامش)
(1) الشيعة لا يبجلون فاطمة رضي الله عنها، لكنهم يغالون فيها في الوقت الذي يسبون أباها – صلى الله عليه وسلم- عندما يرمون زوجاته أمهات المؤمنين بأقذع الأوصاف.
(2) كانت من الطائفة الإسماعيلية وهي من الفرق الضالة.
(3) لا تجوز ولاية المرأة للولايات العظمى لحديث " لن يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة " رواه البخاري، وإن خالف في ذلك بعض الفقهاء.
(4) دعاة ما يسمى بتحرير المرأة في مصر وتركيا لم يكن نشاطهن موجها ضد الاحتلال، بل غالبيتهن من صناعة المحتل كما أنهن كن من دعاة نزع الحجاب عن المرأة، وقد أفسدت هذه الدعوة حياة النساء في مصر وتركيا، لكن الآن و بعد عقود طويلة من الانخداع بهذه الدعاوي  تعود المرأة المصرية والتركية للحجاب مرة أخرى.
(5) أوضاع المرأة في المملكة العربية السعودية هي من أفضل أوضاع النساء في العالم، فنسبة تعاليم الفتيات في المرحلة الجامعية تزيد على نسبة الفتيان،  وتشير التقارير إلى أن المرأة السعودية تستثمر 42 مليار ريال في السوق السعودي، وتربو مدخراتها في المصارف على 100 مليار ريال، و يبلغ حجم إنفاقها السنوي 75 بليون ريال، وتمثل الشركات النسائية 4.3 في المئة من إجمالي عدد شركات القطاع الخاص.
(6) ليس هذا ما يؤمن به المسلمون، بل إن الحجاب فريضة على كل مسلمة. لكن المهم فيما يذكره الكاتب أن الغرب مشغول بقضية الحجاب بدعوى حقوق المرأة في الوقت الذي لا يهتم بقضايا المرأة الحقيقية كصحة المرأة وتعليم المرأة.

المرأة المسلمة في عيون الغرب
ترجمة: إيمان سعيد القحطاني
المصدر: جوش سيريتي / موقع " The Feminist Wire"
السبت, 13 أكتوبر 2012 13:49

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..