الصفحات

الخميس، 25 أكتوبر 2012

والتغيير بالخليج.. طال عمرك؟

سعد بن طفلة العجمي
التغيير هو سنة الحياة ومنهج التطور، منطق طبيعي ينطبق على تطور المخلوقات، وينعكس على السياسات. هناك شبه إجماع بين مثقفي الخليج وهم يرقبون ما يجري في تونس ومصر واليمن والأردن، بأن التغيير واجب وحتمي، وذلك حفاظا على استقرار دولنا الخليجية، وضمانا لحكم الأسر الخليجية الحاكمة. أقول «ضمانا لاستمرار الأسر الحاكمة» لأن أكثر المعارضين معارضة «مشروعة» لا يطالب بإزالة الأنظمة الخليجية، ليس حبا فيها بالضرورة؛ ولكن لوعي باطني براغماتي بأن زوالها يعني الفوضى وعدم الاستقرار، وبأن بقاءها صمام أمان لأمن واستقرار دول الخليج العربي، ولأن المنطقة لم تعرف استقرارا حقيقيا قبل حكم تلك الأسر، فقد حكمها في الماضي فوضى الاقتتال القبلي وانعدام أي شكل من أشكال الدولة. دول الخليج ليست دكتاتورية وحشية مثل وحشية جمهورياتنا العربية، ولكنها ليست ديمقراطية سلسة مثل ديمقراطية فنلندا. هي دول يعيش سكانها بحبوحة من العيش مقارنة بمحيطهم، وذلك بفضل الفوائض النفطية التي يهدر منها الكثير ويوزع البعض منها على الناس. المعادلة عملت، ولا تزال، على استقرار نسبي وازدهار نسبي أيضا إذا ما قورنت أحوال هذه الدول بما حولها.

هذا هو موقف أبناء جيلي ممن يرون ضرورة الإسراع بإجراء إصلاحات على مستوى الدولة والمجلس الخليجي. داخليا: استيعاب روح العصر، ومحاربة الفساد والبيروقراطية والتخلف وتعزيز المشاركة الشعبية وترسيخ مبادئ حقوق الإنسان. وخليجيا: العمل بوتيرة أسرع في خلق كونفدرالية خليجية تعزز التجارة البينية والاقتصاد الخليجي والمواطنة المشتركة، وبالتالي تعزز الموقف الخليجي السياسي والاقتصادي على مستوى المنطقة والعالم.

قد يكون هذا رأي معظم أبناء جيلي، لكن ماذا عن جيل «تويتر» و«فيس بوك» و«واتس أب»؟ كيف يرى الحكومات الخليجية؟ وكيف ينظر الجيل الرقمي للواقع السياسي الخليجي؟ ما مطالبه لإحداث التغيير في منطقة الخليج؟

من الجهل الاعتقاد بأننا محصنون من رياح ما يجري في مصر وتونس؟ مستحيل، فمصر تحديدا هي بيت التأثير الأساسي: حين كانت ناصرية، صرنا ناصريين، حين حاربت إسرائيل حاربنا، وحين سالمت لم نحارب، وهي القلب بلا منازع لرياح التغيرات الكبرى في المنطقة برمتها، والخليج من ضمنها.

بدأ الإنترنت في منطقتنا العربية بالخليج - وفي الكويت تحديدا - التي أشارت تقارير «هيومان رايتس ووتش» الأسبوع الماضي إلى تراجع الحريات فيها. ومستويات التعليم في الخليج مرتفعة، والأمية الرقمية والإنترنتية شبه معدومة خاصة بين جيل الشباب. وبالتالي، فإن من يدعي فهم مطالب الشباب وما يتطلعون إليه واهم، إن لم نقل كاذبا. هل يقدر الجيل الرقمي - كما جيلي - «طال عمرك»، بنفس درجة التقدير البراغماتي؟ المصريون المخضرمون يشتكون من أن جيلهم الرقمي «ما لهمش كبير» أي إنه «ما عنده حشمه لأحد» كما نقول في الخليج، ومن يتابع مشاهد العنف المصري الأخيرة يفغر فاه متسائلا: أين ذهب المصريون المسالمون؟ أين الصبر الأيوبي في الشخصية المصرية؟

إن من أشعلوا الثورة الشعبية ضد النظام في مصر، شباب يملكون هواتف جوالة ويملكون كومبيوترات يتواصلون من خلالها، أي إنهم ليسوا جياعا دفعهم الفقر والفاقة - حصرا - للتحرك والثورة، بل من الواضح أن لهم مطالب غابت عنها شعارات اليسار لاستقطاب الطبقات الكادحة، واختفت منها لافتات الإسلام السياسي الكاذبة. إنه جيل له مطالب تتعلق بالحرية والكرامة ومحاربة الفساد وانتهاك حقوق الإنسان واحتكار السلطة والثروة. وهنا يعود التساؤل ثانية: هل يمكن أن تغيب هذه المطالب عن ذهن جيل الخليج الرقمي؟ وهل تعمل حكوماتنا الخليجية على محاربة الفساد واحتكار السلطة والثروة وتعزز حقوق الإنسان؟

إن كانت الإجابة بنعم، فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون، وإن كانت بلا، فهل وصلت الرسالة؛ طال عمرك؟

*نقلا عن "الشرق الأوسط" اللندنية
سعد بن طفلة العجمي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..