الصفحات

الجمعة، 5 أكتوبر 2012

أحكام النون الساكنة والتنوين

أحكام النون الساكنة والتنوين

النون الساكنة[1]: هي النون الخالية من الحركة[2]، ومثال ذلك: ﴿ منْ ﴾، ﴿ من ﴾، ﴿ منم ﴾، ﴿ أَنْعَمْتَ ﴾، ﴿ الأَنصَار ﴾، ﴿ أَنبِئهُم ﴾.

التنوين: هو ما يكتب في آخر بعض الكلمات من ضمتين أو فتحتين أو
كسرتين، ومثال ذلك: ﴿ عَلِيمٌ ﴾، ﴿ عَلِيم ﴾، ﴿ بَصِيرُم ﴾، ﴿ حَكِيمًا ﴾، ﴿ عليمًا ﴾، ﴿ سميعًا ﴾، ﴿ شَيْءٍ ﴾، ﴿ شَيْء ﴾، ﴿ قَوْم ﴾.

وأحكام النون الساكنة والتنوين أربعة وهي: (الإظهار، والإدغام، والإقلاب، والإخفاء).

أولاً: الإظهار:
الإظهار لغة: البيان، واصطلاحًا: النطق بالنون الساكنة والتنوين بغير غنة.

فيجب إظهار النون وإظهار التنوين إذا جاء أحدُ هذه الحروف الستة بعد كل منهما:
الهمزة أو الهاء أو العين أو الحاء أو الغين أو الخاء، وإليك الأمثلة لكل حرف:
1- الهمزة: ﴿ وَيَنْأَوْنَ ﴾، ﴿ وَمِنْ أَهْلِ ﴾، ﴿ كُلٌّ آمَنَ ﴾.

2- الهاء: ﴿ يَنْهَى ﴾، ﴿ مَنْ هَاجَرَ ﴾، ﴿ جُرُفٍ هَارٍ ﴾.

3- العين: ﴿ أَنْعَمْتَ ﴾، ﴿ مِنْ عِلْمٍ ﴾، ﴿ حَكِيمٌ عَلِيمٌ ﴾.

4- الحاء: ﴿ وَتَنْحِتُونَ ﴾، ﴿ مِنْ حَكِيمٍ ﴾، ﴿ نَارٌ حَامِيَةٌ ﴾.

5- الغين: ﴿ فَسَيُنْغِضُونَ ﴾، ﴿ مِنْ غِلٍّ ﴾، ﴿ إِلَهٍ غَيْرُهُ ﴾.

6- الخاء: ﴿ وَالْمُنْخَنِقَةُ ﴾، ﴿ مِنْ خَيْرٍ ﴾، ﴿ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾.

قال صاحب التحفة:
لِلنُّونِ إِنْ تَسْكُنْ وَلِلتَّنْوِينِ
أَرْبَعُ أَحْكَامٍ فَخُذْ تَبْيِينِي
فَالْأَوَّلُ الْإِظْهَارُ قَبْلَ أَحْرُفِ
لِلْحَلْقِ سِتٍّ رُتِّبَتْ فَلْتَعْرِفِ
هَمْزٌ فَهَاءٌ ثُمَّ عَيْنٌ حَاءُ
مُهْمَلَتَانِ ثُمَّ غَيْنٌ خَاءُ

ثانيًا: الإدغام:
الإدغام لغة: الإدخال، واصطلاحًا: النُّطق بالحرفين كالثاني مُشددًا، والإدغام في النون الساكنة هو إدخال النون الساكنة في الحرف الذي يليها من حروف الإدغام؛ بحيث يصير حرف الإدغام مشددًا، وتصير النون الساكنة داخلة فيه غير ظاهرة وهكذا التنوين أيضًا.

فيجب إدغام النون وإدغام التنوين في الحرف الذي يَجيء بعد كل منهما من الحروف الستة المجموعة في كلمة (يرملون)، ولكن الإدغام له قسمان هما:
(إدغام بغنة، وإدغام بغير غنة).

القسم الأول: الإدغام بغنة:
وهو إدغام كل من النون والتنوين في كل من الحروف المكونة لكلمة: (ينمو) أو (يومن) مع الغنة بمقدار حركتين[3]، وإليك الأمثلة لكل حرف:
1- الياء[4]: ﴿ إِنْ يَقُولُونَ ﴾، ﴿ يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ ﴾.

2- النون: ﴿ مِنْ نِعْمَةٍ ﴾، ﴿ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ ﴾.

3- الميم: ﴿ مِنْ مَلْجَأٍ ﴾، ﴿ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا ﴾.

4- الواو[5]: ﴿ مِنْ وَاقٍ ﴾، ﴿ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ﴾.

هذا ويستثنى من الإدغام بغنة النون الساكنة مع الياء أو مع الواو في كلمة واحدة، فيجب الإظهار نحو: ﴿ الدُّنْيَا ﴾، ﴿ صِنْوَانٌ ﴾، ﴿ بُنْيَانًا ﴾، ﴿ قِنْوَانٌ ﴾.

قال صاحب التحفة - رحمه الله -:
وَالثَّانِ إِدْغَامٌ بِسِتَّةٍ أَتَتْ
فِي يَرْمُلُونَ عِنْدَهُمْ قَدْ ثَبَتَتْ
لَكِنَّهَا قِسْمَانِ قِسْمٌ يُدْغَمَا
فِيهِ بِغُنَّةٍ بِيَنْمُو عُلِمَا
إِلاَّ إِذَا كَانَ بِكِلْمَةٍ فَلاَ
تُدْغِمْ كَدُنْيَا ثُمَّ صِنْوَانٍ تَلاَ[6]

القسم الثاني: الإدغام بغير غنة:
وهو إدغام كل من النون والتنوين في كل من اللام والراء[7] مع إلغاء الغنة، ومثال ذلك:
1- عند اللام: ﴿ مِن لَّدُنْهُ ﴾، ﴿ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ ﴾.
2- عند الراء: ﴿ مِن رَّبِّهِمْ ﴾، ﴿ عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ ﴾.

قال صاحب التحفة:
وَالثَّانِ إِدْغَامٌ بِغَيْرِ غُنَّهْ
فِي اللاَّمِ وَالرَّا ثُمَّ كَرِّرَنَّهْ
ثالثًا: الإقلاب:
الإقلاب لغة: تحويل الشيء عن وجهه، واصطلاحًا: جعل حرف مكان حرف آخر؛ أي: تحويل كل من النون الساكنة والتنوين إلى ميم مُخفاة إذا جاء حرف الباء بعد كل منهما مع الغنة بمقدار حركتين[8]، ومثال ذلك: ﴿ أَنبِئْهُمْ ﴾، ﴿ مِن بَعْدِهِمْ ﴾، ﴿ سَمِيعٌ بَصِير ﴾، ﴿ أَن بُورِكَ ﴾.

وفي هذا يقول صاحب التحفة:
وَالثَّالِثُ الْإِقْلاَبُ عِنْدَ الْبَاءِ
مِيمًا بِغُنَّةٍ مَعَ الْإِخْفَاءِ
رابعًا: الإخفاء الحقيقي:
الإخفاء لغة: الستر، واصطلاحًا: النطق بالنون الساكنة والتنوين بصفة بين الإظهار والإدغام مع تعرية النون الساكنة والتنوين من التشديد، ومع بقاء الغنة فيهما بمقدار حركتين، وذلك إذا جاء بعد كل منهما واحد من هذه الحروف الخمسة عشر:
(ت، ث، ج، د، ذ، ز، س، ش، ص، ض، ط، ظ، ف، ق، ك)

يقول صاحب التحفة:
وَالرَّابِعُ الْإِخْفَاءُ عِنْدَ الْفَاضِلِ
مِنَ الْحُرُوفِ وَاجِبٌ لِلْفَاضِلِ[9]
فِي خَمْسَةٍ مِنْ بَعْدِ عَشْرٍ رَمْزُهَا
فِي كِلْمِ هَذَا الْبَيْتِ قَدْ ضَمَّنْتُهَا[10]
صِفْ ذَا ثَنَا كَمْ جَادَ شَخْصٌ قَدْ سَمَا
دُمْ طَيِّبًا زِدْ فِي تُقًى ضَعْ ظَالِمَا

وإليك الأمثلة لكل حرف:
1- الصاد: ﴿ الْأَنصَارِ ﴾، ﴿ أَن صَدُّوكُمْ ﴾، ﴿ رِيحًا صَرْصَرًا ﴾.

2- الذال: ﴿ لِيُنذِرَ ﴾، ﴿ مِن ذَهَبٍ ﴾، ﴿ نَفْسٍ ذَائِقَةُ ﴾.

3- الثاء: ﴿ أُنثَى ﴾، ﴿ فَمَن ثَقُلَتْ ﴾، ﴿ مَاءً ثَجَّاجًا ﴾.

4- الكاف: ﴿ أَنكَالاً ﴾، ﴿ وَمَن كَانَ ﴾، ﴿ كِتَابٌ كَرِيمٌ ﴾.

5- الجيم: ﴿ فَأَنجَيْنَاهُ ﴾، ﴿ مِن جِبَالٍ ﴾، ﴿ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ﴾.

6- الشين: ﴿ مَنشُورًا ﴾، ﴿ إِن شَاءَ ﴾، ﴿ غَفُورٌ شَكُورٌ ﴾.

7- القاف: ﴿ انقَلَبُوا ﴾، ﴿ مِن قَرَارٍ ﴾، ﴿ سَمِيعٌ قَرِيبٌ ﴾.

8- السين: ﴿ الإِنسَان ﴾، ﴿ مِن سُوءِ ﴾، ﴿ قَوْلاً سَدِيدًا ﴾.

9- الدال: ﴿ عِندِ ﴾، ﴿ مِن دَابَّةٍ ﴾، ﴿ وَكَأْسًا دِهَاقًا ﴾.

10- الطاء: ﴿ يَنطِقُونَ ﴾، ﴿ مِن طِينٍ ﴾، ﴿ قَوْمًا طَاغِينَ ﴾.

11- الزاي: ﴿ تَنزِيل ﴾، ﴿ مِن زَوَالٍ ﴾، ﴿ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ ﴾.

12- الفاء: ﴿ فَانفَلَقَ ﴾، ﴿ مِن فَضْلِ ﴾، ﴿ خَالِدًا فِيهَا ﴾.

13- التاء: ﴿ كُنتُمْ ﴾، ﴿ وَمَن تَابَ ﴾، ﴿ جَنَّاتٍ تَجْرِي ﴾.

14- الضاد: ﴿ مَنضُودٍ ﴾، ﴿ مَن ضَلَّ ﴾، ﴿ قَومًا ضَالِّينَ ﴾.

15- الظاء: ﴿ يُنظَرُونَ ﴾، ﴿ مِن ظَهِيرٍ ﴾، ﴿ ظِلاًّ ظَلِيلاً ﴾.

قال الإمام ابن الجزري في مقدمته:
وَحُكْمُ تَنْوِينٍ وَنُونٍ يُلْفَى
إِظْهَارٌ ادْغَامٌ وَقَلْبٌ اخْفَا
فَعِنْدَ حَرْفِ الْحَلْقِ أَظْهِرْ وَادَّغِمْ
فِي اللاَّمِ وَالرَّا لاَ بِغُنَّةٍ لَزِمْ
وَأَدْغِمَنْ بِغُنَّةٍ فِي يُومِنُ
إِلاَّ بِكِلْمَةٍ كَدُنْيَا عَنْوَنُوا
وَالْقَلْبُ عِنْدَ الْبَا بِغُنَّةٍ كَذَا الْ
إِخْفَا لَدَى بَاقِي الْحُرُوفِ أُخِذَا

مراتب الإخفاء:
أعلى مراتب الإخفاء عند الطاء والدال والتاء، وأدنى مراتبه عند القاف والكاف، وأوسط مراتبه عند الحروف الباقية، فيجب مراعاة ذلك عند الإخفاء.

تنبيهات هامة:
إذا جاء الإخفاء بالغنة قبل حرف مفخم فخمت الغنة، ومثال ذلك:
﴿ مِن طَيِّبَاتِ ﴾، ﴿ مِن قَبْلُ ﴾، ﴿ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ ﴾.

وإذا جاء الإخفاء بالغنة قبل حرف مرقق رققت الغنة، ومثال ذلك: ﴿ مِن دَابَّةٍ ﴾.

ويلاحظ أنَّ النون الساكنة لا يكتب عليها شيء في حالة الإخفاء الحقيقي، وأما التنوين فعلامته متتابعة كما في الإدغام.


[1] وسميت ساكنة؛ لأن سكونها ثابت وصلاً ووقفًا، نحو: من آمن، ينهى.
[2] والحركة هي الضمة، أو الفتحة، أو الكسرة، أو التنوين بالضم، أو التنوين بالفتح، أو التنوين بالكسر.
[3] والحركة هي المقدار الزَّمني الذي يَتِمُّ فيه قبض الإصبع أو بسطه.
[4] الإِدْغَامُ عِنْدَ الْوَاوِ وَالْيَاءِ يُسَمَّى إِدْغَامًا نَاقِصًا؛ لِذَهَابِ النُّونِ عِنْدَ (الْوَاو - والْيَاء) وَبَقَاءِ صِفَةِ غُنَّةِ النُّونِ، وَيُلاحَظُ عَدَمُ تَشْدِيدِهِمَا فِي الرَّسْمِ.
[5] الإِدْغَامُ عِنْدَ الْوَاوِ وَالْيَاءِ يُسَمَّى إِدْغَامًا نَاقِصًا؛ لِذَهَابِ النُّونِ عِنْدَ (الْوَاو - والْيَاء) وَبَقَاءِ صِفَةِ غُنَّةِ النُّونِ، وَيُلاحَظُ عَدَمُ تَشْدِيدِهِمَا فِي الرَّسْمِ.
[6] قَالَ الإمَامُ الشَّاطِبِيُّ - رضي الله عنه -:
وَعِنْدَهُمَا - الْوَاوَ وَالْيَاءَ - لِلْكُلِّ أَظْهِرْ بِكِلْمَةٍ
مَخَافَةَ إِشْبَاهِ الْمُضَاعَفِ أَثْقَلاَ


[7] وذلك وفقًا لرواية حفص عن عاصم من طريق الشاطبية، وهو الطريق الأشهر، وأمَّا حفص من الطرق الباقية في طيبة النشر، ففي بعض الطرق يجب الإدغام بالغنة في اللام والراء، كما سترى في الجداول المبينة لما اختلف فيه عن حفص في آخر الكتاب.
[8] والحركة هي المقدار الزمني الذي يتم فيه قبض الإصبع أو بسطه.
[9] جناس تام.
[10] نثر صاحب التحفة الحروف الخمسة عشر في أول كل كلمة من البيت التالي ذكره.

 
الشيخ إسماعيل الشرقاوي
 

تاريخ الإضافة: 2/10/2012 ميلادي - 16/11/1433 هجري


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..