الصفحات

الأحد، 30 ديسمبر 2012

صراع الهوية بين الدرباوية والليبرالية

من أكبر مشكلات أبنائنا اليوم ما يسمى بصراع الهوية حيث تفرض علينا الحياة المدنية سلوكا
يختلف عن سلوك آبائنا مما يؤدي إلى التناقض بين مانتلقاه من تاريخنا وبين مستجدات الحياة المدنية.
ومع استمرار الصراع بين مؤثرات الماضي والحاضر يظهر صراع الهوية لدى الجيل الجديد الذي يعيش نوازع متناقضة بشدة مع قوة المؤثرات :
فهنالك مؤثرات الماضي والحاجة للإنتماء لتاريخه وأسرته التي تربطه بها العاطفة والنشأة والقربى ... فيما تقابلها مؤثرات الحاضر والرغبة في ما وصلت إليه المجتمعات الغربية من تقدم ورفاهية والرغبة الملحة للاستمتاع بالحياة ومغرياتها... فتظهر جميع عوامل الصراع بين الجانبين التي تتجاذب عملية تشكيل هوية الشباب.
والشاب والشابة إذا نشئآ في أسرة متزنة ساعدهم ذلك على تجاوز مشكلات صراع الهوية.إذ تقوم الأسرة بإشباع حاجتهم للإنتماء وتوفر لهم جميع ما يحتاجونه من رفاهية معتدلة ..
إضافة إلى أن الجو الأسري المتزن يقود الأبناء للنظر باتزان إلى الحياة وهذا مما يجنبهم مزالق الطيش ومواطن الخطر  التي تحفل بها مرحلة الشباب التي تتصف بحب المغامرة والإندفاع والرغبة في التغيير المستمر ومتابعة كل جديد ..ولمحبتهم لأسرهم يحاولون تجنب كل ما يكدر صفو تلك الأسر الحبيبة التي عطفت عليهم بحنانها مما يدفعهم لتجنب كل ما قد يسيئ أو يؤذي أسرهم أو يكدر مشاعر والديهم.
وحينما تعمل الأسرة على احترام أبنائها وتقدرهم ينعكس ذلك على نظرتهم إلى أنفسهم وإلى الحياة من حولهم فيقدرون ذواتهم بشكل جيد ويقدرون كل ماحولهم بطريقة مناسبة.
وكثيرا ما تبدأ مشكلات  صراع الهوية حينما يفتقد الشباب التقدير أو نقص الإشباع لحاجته فيتجه بعضهم إلى الإيغال في الماضي عبر انحرافات سلوكية على نحو مايفعله الدرباويه والشعبيه من سلوك أقرب ما يكون لاجترار حياة البدو أيام الاعتداء والنهب والغارات.
وقد تتجه بعض تلك  الإنحرافات بفئة أخرى من الشباب نحو فكر متحرر مثل  الليبرالية وهو على طرف نقيض مع  الدرباويه وكلاهما انحراف عن السلوك الإجتماعي المقبول  صراع الهوية.
وإن كنت ألاحظ(مجرد ملاحظة شخصية) أن الدرباوية ينتمون في الغالب إلى مجتمعات قبلية وبدوية في أكثر أصولهم ولهذا يكثر بينهم التعصب القبلي إلى حدّ إعلان العداوة..
بينما الليبرالية مكونات أتباعها (حسب ملاحظاتي) الشخصية ينتمون في أصولهم إلى مجتمعات متحضرة بعيدة عن التعصب القبلي.
وربما كردّ فعل آخر  يظهر  صراع الهوية لدى بعض الشباب في نوع من التشدد الديني المتحمس غير المنضبط كردة فعل ضد  الليبرالية و  الدرباويه..
حلول مشكلات صراع الهوية لاتكفي لمواجهتها الأسرة وحدها -على أهميتها-بل لابد أن تشارك في الحلول مؤسسات التعليم والإعلام والمساجد ورعاية الشباب والجهات الأمنية والفكرية على حدّ سواء وفق تنظيم متكامل كخطة استراتيجية تعرف كل مؤسسة فيها دورها.
وإذا لم تقم مؤسسات المجتمع بدورها في حل مشكلات صراع الهوية فستظهر العديد من الظواهر السلبية لها حينما يصبح هؤلاء الشباب قادة للمجتمع بعد سنوات قليلة وحينها لا تسل عن مجتمع تاريخ بعض قادته ومسئوليه خرجوا من تلك المدارس المتناقضة.
حفظ الله مجتمعاتنا وشبابنا من كل ما يتسبب لهم في  صراع الهوية من تفسخ  ليبرالي أو ضياع  درباوي أو تشدد ديني منحرف غير منضبط.

كتبه خالد بن محمد الشهري
 1434/2/15هـ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..