الصفحات

الثلاثاء، 19 فبراير 2013

على رسلك يا دكتور عصام العريان!!

 في حالة من "النشوة الوطنية" غمز الدكتور عصام العريان السلفيين وراح يحدثهم من طرفٍ خفي بأن مصر لن يسود فيها ما ساد في بلاد الأفغان والباكستان، وأن المعتبر هو الأزهر، وراح يتودد للأقباط،  وقف أمامهم يتحدث نيابة عنهم بأنهم وطنيون منعزلون عن العالم كله مع انضباطهم على ما كان عليه "الآباء الأولون".!!

وبعيداً عن أن د عصام العريان يخرج علينا من وقت لآخر بما يزعجنا ويقلقنا ويشغلنا، كأنما يقف على شاطئنا كلما هدأ الماء رمى بحجر، ليعكر صفونا ويشغلنا بأنفسنا، فإن ما يتحدث به الرجل يشير بوضوح إلى خلل في التصور تجاه القضية الأصلية وتجاه الفاعلين الرئيسيين فيها (السلفيين والأقباط)، وأن الرجل (وهو ممثل للجماعة باعتباره متحدثا باسمها من قبل ويشغل مركزاً متقدماً فيها الآن) يعاني من خلل كبير في التصور.

لا يوجد من يسعى لنموذج أفغاني (قتال داخلي) في مصر، بل إن من رفعوا راية الجهاد ولا زالوا يرفعونها هم من يدعون للسلم، وبالأمس القريب خرجوا تحت شعار (لا للعنف)، وهؤلاء (أهل المنهج الجهادي) هم أعقل من بالساحة، ولم ينقضوا عليها حين ارتبك الأمن فيها، ولم يشقوا صف الجماعة بل بدا حرصهم على وحدة الصف وأن يكونوا خلف إخوانهم لا أن يتصدروا المشهد. فهم من أرقى من بالمشهد السياسي المصري. 

والمشهد القبطي ليس بهذه السذاجة التي يتحدث بها الأخ العريان، وإنما له سياقان: داخلي وخارجي، وكلاهما ينافي الوطنية. 

سياقه الخارجي ذو مرحلتين: الأولى مع الاستعمار الأوروبي، فهو الذي فعَّل النصارى واستدعاهم للمشهد المصري، وطمعهم في أكثر ما يستحقون،وأثار بهم الشغب في ساحتنا، ويمكن تتبع ذلك من خلال الإرساليات في الشام، والمدارس في الشام ومصر، والصحف والكتابات في القرن التاسع عشر وبداية العشرين.

والمرحلة الثانية من المد النصراني كانت بعد أن قرر مجمع الكنائس العالمي معاونة كل النصارى وذلك في مؤتمر 1976، فجاء هؤلاء مدّاً من إخوانهم في النصارى، ودخل التنصير كله في سياق مشترك أملاً في تنصير المسلمين؛ بل العالم كله.

والسياق الداخلي للأقباط، مر بثلاثةٍ مراحلٍ، القاسم المشترك فيها جميعاً هو أنهم أحد أهم الفاعلين في المشهد الداخلي على مستوى مصر والشام، فقد كانوا هم أول من تحدث بما قوَّض الخلافة الإسلامية (القومية العربية، والوطنية)،وعلى سبيل المثال: شبل شميل، وفرح أنطون، وزكي الأرثوذي ومشيل عفلق، وسلامة موسى، ارتبط بهم الحديث عن الوطنية والقومية العربية، ثم بعد ذلك دخلوا في مرحلة أخرى وهو الحفاظ على هويتهم والاستقلال داخل البلد (مرحلة جماعة الأمة القبطية)، وكان ذلك بعد "يوساب" ومجيء "كيرلس" ثم "شنودة" . ومن قريب ـ كما يبدو بوضوح ـ لم يعد هؤلاء يسعون للاستقلال داخل البلد بل للاستيلاء كلية على البلد. ولك أن تتبع حديث بيشوى (قبل الثورة) وتصريحه بأننا ضيوف، ولم يعتذر، لا هو ولا الكنيسة كلها. وكذا حديث مرقص عزيز ولا زال يحمل رتبة كنسية رسمية،ولم "تشلحه" الكنيسة ؛ بل لم تخطئه الكنيسة، وهذه شخصيات رسمية في الكنيسة. فضلا عن نصارى المهجر، وحديثهم في القنوات الخاصة بهم في منتهى التطرف والعداء "للوطن" وللمسلمين في الوطن.


ويقول العريان : منعزلون عن الكنائس العالمية ليثبت لهم "الوطنية الخالصة"، ثم ينفي عنهم الخروج عن تعاليم الآباء الأوائل. ولا أدري ، ولا إخاله هو يدري ، : إن كانوا معزولين فكيف يكونون مشتركين مع غيرهم في الإيمان؟!، عزلتهم عن غيرهم من بني جلدتهم تعني أنهم شيء منفصل،!!
عموماً لا تهتم بهذا التقافز فلا يمت للحقيقة بصلة. نوع من الاسترضاء!!

نصارى مصر ليسوا شيئاً واحداً، بل عدد من الكنائس: أرثوذكس، وكاثوليك، وبروتستانت، وكل واحدةٍ من هذه في داخلها ملل ـ وليس طوائفاً، وعلى سبيل المثال: الأرثوذكس، فيهم: ملة الأرثوذكس الرومان، وهم الأصليون، والأرثوذكس الأمريكان (ماكسيموس الأول)، والأرثوذكس الأقباط، أتباع تواضروس، ثم كل ملة من هذه عشرات الطوائف، فضلاً عن البدع داخل كل طائفة، وسل عن بدعة الخلاص مثلا. 



ومَن يعنيهم "العريان" كافرون.. خارجون عن ملة آبائهم الأوائل، وليس هذا قولي مطلقاً بل قول عديد من علمائهم، وعلى سبيل المثال: "جورج حبيب بيباوي" وهو أستاذ لاهوت ، وله مركز ابحاث، وله أطروحات منشورة (مطبوعة،ومسموعة، ومشاهدة) وله موقع خاص على الشبكة، وقد شرح تفاصيل كفر الموجودين بتعاليم الآباء الأولين في كتابه "أثناسيوس الرسولي". فمن شاء يرجع إليه. وهذا الأمر مشهور عند العارفين بحال النصارى وفتش عن الأب "متى المسكين".

ودعك مما مضى كله. فإن اشد ما يغيظ هو وقوف السلفيين في صف الإخوان ودعمهم المطلق لهم في الانتخابات وقبل الانتخابات وبعد الانتخابات؛ وأن الإخوان لم يتمكنوا إلا بتوسطهم (وليس وسطيتهم) بين الطرح السلفي والطرح العلماني؛ وعداوة النصارى لكل ما هو إسلامي، وخاصة الإخوان في هذه الأيام، وموقف الكنيسة في انتخابات الرئاسة واصطفافها الكامل وراء المخالفين، وموقفها الآن لا يخفى على أحد.

محمدجلال القصاص

قد كان العقل يملي على أصحابه أن يتأدبوا مع إخوانهم السلفيين إن لم يكن حباً في الدين فطلباً للتمكين في الأرض، ولكننا نواجه من لا نرى له عقلاً. عرياناً

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..