كنت أتجاهل رؤى بعض المتعاطفين مع جماعة الإخوان عندما يبررون خطيئة
أخونة الدولة بوصفها حقًا مشروعًا لرئيس الجمهورية، ويفسرون ذلك تفسيرًا
بالغ الغرابة ويكشف عن غياب الوعي بطبيعة بنية الدولة وفق الدستور المصري
الجديد الذي وافقنا عليه وأحيانًا كانوا يضربون مثالًا بالنظام الأمريكي
رغم أنه نظام دستوري مختلف تمامًا عن النظام المصري، ولكني مضطر إلى الحديث
في تلك المسألة بوضوح أكثر بعد أن لاحظت أن هذا الوعي الغريب تسلل إلى
رئيس الجمهورية نفسه وهو يتحدث إلى عمرو الليثي أول أمس، عندما شرح أهمية
أن يختار الرئيس الكفاءات الوزارية التي تحقق رؤيته ويثق فيها لأنه المسؤول
الأول عن الأمن والاقتصاد،
وكلام رئيس الجمهورية يعني أنه إذا أفرزت الانتخابات البرلمانية المقبلة تفوقًا لحزب النور مثلًا أو أحزاب أخرى غير حزب الحرية والعدالة الذي ينتمي إليه الرئيس، فإن الرئيس سيكون في ورطة والدولة ستدخل في معضلة وسيتم تعطيل مشروع الرئيس وقدرته على إدارة البلاد، لأنه ملزم بنص الدستور أن يكلف الحزب الفائز بتشكيل الحكومة، وقد تكون هذه الحكومة بجميع وزرائها من المعارضين له والذين لا يرون رؤيته ولا يثقون في اتجاهاته واتجاهات حزبه ويكرهون جماعته،
هل من المعقول أن رئيس الجمهورية لا يعرف حدود ولايته وصلاحياته، ولا يذهب بأفقه إلى أبعد من شهرين أو ثلاثة من مسيرة الديمقراطية في البلاد؟ رئيس الجمهورية كفل له الدستور حق تشكيل مؤسسته، مؤسسة الرئاسة، والولاية المباشرة على الدفاع والأمن القومي والشؤون الخارجية، أما غير ذلك فلا صلة له به إلا بالتصديق والتكليف الملزم له والذي لا اختيار له فيه، باستثناءات نادرة، فلا شأن له باختيار الوزارة ولا الوزراء ولا كوادر الدولة الأخرى، فتلك مسؤولية الحكومة ورؤيتها والسياسات التي ترتئيها تحت إشراف ورقابة ومحاسبة البرلمان المنتخب، وتدخل الرئيس مرسي لاختيار الحكومة الحالية، حكومة هشام قنديل، هو حالة اضطرار، لا أصل لها من الشرعية الدستورية، ونتسامح معها بقدر ما تحقق سلامة الوطن وتعبر بنا اللحظة الحرجة الحالية، ولا يملك رئيس الجمهورية أي مستند دستوري أو أخلاقي لكي يخصص لحزب واحد دون بقية أحزاب الوطن وزراء أو محافظين في تلك الحكومة، لأن ذلك اغتصاب للدولة بما يشبه "وضع اليد"، فلا هشام قنديل يمثل حزبًا فاز بالأغلبية في برلمان شرعي منتخب، حتى يكلفه الرئيس برئاسة الحكومة، ولا الوزراء الذين أتى بهم، أيًا كانت انتماءاتهم أتوا بطريق شرعي ممثلين عن إرادة شعبية،
إن الحديث عن حق مطلق للرئيس في اختيار الوزراء والوزارة كلام لا صلة له بالحقيقة ولا بالشرعية ولا بالدستور، فضلًا عن كونه تأسيسًا خطيرًا للفوضى لأنه يعني أن شرط نجاح الرئيس مستقبلًا أن تأتي الانتخابات بالإخوان المسلمين فقط ومنفردين ليشكلوا الحكومة، فإذا أتت الإرادة الشعبية بحكومة ـ مثلًا ـ من ائتلاف لحزب النور والوفد والدستور، فإن هذا يعني اضطراب أحوال الدولة، والصدام الكامل بين الرئاسة والوزارة، هل هذا كلام يعقل؟ وهل نمهد بذلك إلى تبرئة الرئيس من أي مسؤولية عن شؤون الدولة بدعوى أن الحكومة أتت من غير أبناء "مشروعه للنهضة"؟ وهل نفهم من ذلك أن الحكومة المقبلة ستكون مكبلة بتدخلات الرئيس وتوجهاته أو أنه وجماعته سيتحرشون بها لإفشالها وتعطيلها عن العمل وإظهارها بمظهر العاجز؟ الحكومة لا تنفذ مشروع الرئيس وإنما مشروع الحزب الذي أتى بها إلى الوزارة أو مشروع الائتلاف الحزبي إن كانت مشكلة من أكثر من حزب، وقد انتهى عهد أن يكون رئيس الجمهورية هو مبتدأ القرار ومنتهاه في الدولة، أو هكذا فهمنا من الدستور الجديد،
وبالتالي فلا يوجد أي منطق للامتناع عن إعادة تشكيل الحكومة الحالية بوصف ذلك أهم ضمانات نزاهة الانتخابات، ولا مانع من أن تتشكل الحكومة برئاسة الرئيس نفسه استثناءً لهذه الفترة الحرجة، وأن يتم استبعاد الوزراء المحسوبين بولائهم للإخوان وخاصة الذين يتداخلون في العملية الانتخابية بشكل أو آخر، مثل وزارات العدل والداخلية والتموين والشباب والإعلام والأوقاف والتعليم والصحة والتنمية المحلية، لأنها الوزارات التي تؤثر في اتجاهات التصويت بقراراتها وسياساتها المتصلة بجذر المجتمع، فهذا وحده هو ما يثبت جدية الرئيس ومصداقيته لضمان نزاهة الانتخابات، فالضمانات الانتخابية لا ينبغي أن تكون مرهونة بعواطف الرئيس، أن يقول إني لا أسمح بالتلاعب ولا أسمح بكذا وكذا، وإنما أن تكون الضمانات مؤسسية وإجرائية بالفعل، لأنه بحكم الفطرة البشرية والتاريخ والانتماء لا يمكن أن تمنع الرئيس من الميل والعاطفة تجاه فرص حزبه في الانتخابات، فلنقطع دابر الشكوك، ولنكن أمناء مع الشعب الذي منحنا ثقته.
- See more at: http://www.almesryoon.com/permalink/100136.html#.US2CQFeUkkEجمال سلطان
وكلام رئيس الجمهورية يعني أنه إذا أفرزت الانتخابات البرلمانية المقبلة تفوقًا لحزب النور مثلًا أو أحزاب أخرى غير حزب الحرية والعدالة الذي ينتمي إليه الرئيس، فإن الرئيس سيكون في ورطة والدولة ستدخل في معضلة وسيتم تعطيل مشروع الرئيس وقدرته على إدارة البلاد، لأنه ملزم بنص الدستور أن يكلف الحزب الفائز بتشكيل الحكومة، وقد تكون هذه الحكومة بجميع وزرائها من المعارضين له والذين لا يرون رؤيته ولا يثقون في اتجاهاته واتجاهات حزبه ويكرهون جماعته،
هل من المعقول أن رئيس الجمهورية لا يعرف حدود ولايته وصلاحياته، ولا يذهب بأفقه إلى أبعد من شهرين أو ثلاثة من مسيرة الديمقراطية في البلاد؟ رئيس الجمهورية كفل له الدستور حق تشكيل مؤسسته، مؤسسة الرئاسة، والولاية المباشرة على الدفاع والأمن القومي والشؤون الخارجية، أما غير ذلك فلا صلة له به إلا بالتصديق والتكليف الملزم له والذي لا اختيار له فيه، باستثناءات نادرة، فلا شأن له باختيار الوزارة ولا الوزراء ولا كوادر الدولة الأخرى، فتلك مسؤولية الحكومة ورؤيتها والسياسات التي ترتئيها تحت إشراف ورقابة ومحاسبة البرلمان المنتخب، وتدخل الرئيس مرسي لاختيار الحكومة الحالية، حكومة هشام قنديل، هو حالة اضطرار، لا أصل لها من الشرعية الدستورية، ونتسامح معها بقدر ما تحقق سلامة الوطن وتعبر بنا اللحظة الحرجة الحالية، ولا يملك رئيس الجمهورية أي مستند دستوري أو أخلاقي لكي يخصص لحزب واحد دون بقية أحزاب الوطن وزراء أو محافظين في تلك الحكومة، لأن ذلك اغتصاب للدولة بما يشبه "وضع اليد"، فلا هشام قنديل يمثل حزبًا فاز بالأغلبية في برلمان شرعي منتخب، حتى يكلفه الرئيس برئاسة الحكومة، ولا الوزراء الذين أتى بهم، أيًا كانت انتماءاتهم أتوا بطريق شرعي ممثلين عن إرادة شعبية،
إن الحديث عن حق مطلق للرئيس في اختيار الوزراء والوزارة كلام لا صلة له بالحقيقة ولا بالشرعية ولا بالدستور، فضلًا عن كونه تأسيسًا خطيرًا للفوضى لأنه يعني أن شرط نجاح الرئيس مستقبلًا أن تأتي الانتخابات بالإخوان المسلمين فقط ومنفردين ليشكلوا الحكومة، فإذا أتت الإرادة الشعبية بحكومة ـ مثلًا ـ من ائتلاف لحزب النور والوفد والدستور، فإن هذا يعني اضطراب أحوال الدولة، والصدام الكامل بين الرئاسة والوزارة، هل هذا كلام يعقل؟ وهل نمهد بذلك إلى تبرئة الرئيس من أي مسؤولية عن شؤون الدولة بدعوى أن الحكومة أتت من غير أبناء "مشروعه للنهضة"؟ وهل نفهم من ذلك أن الحكومة المقبلة ستكون مكبلة بتدخلات الرئيس وتوجهاته أو أنه وجماعته سيتحرشون بها لإفشالها وتعطيلها عن العمل وإظهارها بمظهر العاجز؟ الحكومة لا تنفذ مشروع الرئيس وإنما مشروع الحزب الذي أتى بها إلى الوزارة أو مشروع الائتلاف الحزبي إن كانت مشكلة من أكثر من حزب، وقد انتهى عهد أن يكون رئيس الجمهورية هو مبتدأ القرار ومنتهاه في الدولة، أو هكذا فهمنا من الدستور الجديد،
وبالتالي فلا يوجد أي منطق للامتناع عن إعادة تشكيل الحكومة الحالية بوصف ذلك أهم ضمانات نزاهة الانتخابات، ولا مانع من أن تتشكل الحكومة برئاسة الرئيس نفسه استثناءً لهذه الفترة الحرجة، وأن يتم استبعاد الوزراء المحسوبين بولائهم للإخوان وخاصة الذين يتداخلون في العملية الانتخابية بشكل أو آخر، مثل وزارات العدل والداخلية والتموين والشباب والإعلام والأوقاف والتعليم والصحة والتنمية المحلية، لأنها الوزارات التي تؤثر في اتجاهات التصويت بقراراتها وسياساتها المتصلة بجذر المجتمع، فهذا وحده هو ما يثبت جدية الرئيس ومصداقيته لضمان نزاهة الانتخابات، فالضمانات الانتخابية لا ينبغي أن تكون مرهونة بعواطف الرئيس، أن يقول إني لا أسمح بالتلاعب ولا أسمح بكذا وكذا، وإنما أن تكون الضمانات مؤسسية وإجرائية بالفعل، لأنه بحكم الفطرة البشرية والتاريخ والانتماء لا يمكن أن تمنع الرئيس من الميل والعاطفة تجاه فرص حزبه في الانتخابات، فلنقطع دابر الشكوك، ولنكن أمناء مع الشعب الذي منحنا ثقته.
- See more at: http://www.almesryoon.com/permalink/100136.html#.US2CQFeUkkEجمال سلطان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..