الصفحات

السبت، 23 مارس 2013

الوسوسة في الإيمان وما يقوله من وجدها

الوسوسة في الإيمان وما يقوله من وجدهاالصراط السوي في سؤالات الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: جاء ناس من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن
يتكلم به؟! قال: ((وقد وجدتموه؟))، قالوا: نعم، قال: ((ذاك صريح الإيمان))[1].

عن عبدالله، قال: سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الوسوسة، قال: ((تلك محض الإيمان))[2].

فيه مسائل:
المسألة الأولى: معاني الكلمات:
قوله: "صريح الإيمان ومحض الإيمان" معناه: استعظامكم الكلام به هو صريح الإيمان؛ فإن استعظام هذا وشدة الخوف منه ومن النطق به فضلاً عن اعتقاده؛ إنما يكون لمن استكمل الإيمان استكمالاً محققًا، وانتفت عنه الريبة والشكوك[3].

قوله: "عبدالله": هو ابن مسعود.

قوله: "الوسوسة": هي ما يلقيه الشيطان في ذهن الإنسان من الخواطر غير الطيبة، والتي فيها سوء تتعلق بالله، أو تتعلق بالأمور الغيبية، أو تتعلق بالإيمان أو الجنة أو النار، وغيرها مما يوسوس به الشيطان على الإنسان.

قوله: ((صريح الإيمان))، وفي رواية ابن مسعود: ((محض الإيمان))، الصريح: المحض؛ أي: الخالص الصافي، وأصله في اللبن[4].

المسألة الثانية: معنى الحديث:
قال القرطبي: إن هذه الإلقاءات والوساوس التي يُلقِيها الشيطان في صدور المؤمنين تنفر منها قلوبُهم، ويعظم عليهم وقوعُها عندهم، وذلك دليل على صحة إيمانهم ويقينهم، ومعرفتهم بأنها باطلة ومن إلقاءات الشيطان، لولا ذلك لركنوا إليها ولقالوها، ولم تعظم عندهم ولا سموها وسوسة[5].

المسألة الثالثة: كيفية دفع وسوسة الشيطان:
اعلم أن الشيطان من ألد أعدائك، وأنه لم يتوانَ لحظة واحدة عن إغوائك، كما قال - تعالى - حكاية عن إبليس: ﴿ قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ [ص: 82]؛ فهو لا يكلُّ ولا يمل من إغوائك، فكنْ منه على حذرٍ شاكي السلاح.

وقد صدق الشاعر إذ قال:
إني بُليتُ بأربعٍ ما سُلِّطوا
إلا لأجل شقاوتيوعنائِي
إبليسُ والدنيا ونفسي والهوى
كيف الخلاصُ وكلُّهم أعدائِي

فها هي بعض الوسائل لدفع وسوسة الشيطان:
1- تحقيق الإخلاص والتوكل على الله تعالى؛ قال - تعالى - حكاية عن إبليس: ﴿ قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ﴾ [ص: 82، 83].

2- أن يبتعد الإنسان عن هذه الوساوس، وينتهي عنها، ويفكر في غيرها، ويستعيذ بالله من الشيطان، ويقول: آمنت بالله؛ كما في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((يأتي الشيطانُ أحدَكم فيقول: مَن خلق كذا؟ مَن خلق كذا؟ حتى يقول: مَن خلق ربَّك؟ فإذا بلغه، فليستعذْ بالله، ولينتهِ))، وفي رواية مسلم: ((فليقلْ: آمنتُ بالله))، وزاد في رواية: ((ورسلِه))[6].

3- أن يقرأ سورة الإخلاص، ويتفل عن يساره ثلاثًا، ويستعيذ بالله من الشيطان؛ كما في حديث أبي هريرة، وفيه قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((فإذا قالوا ذلك، فقولوا: الله أحد، الله الصمد، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد، ثم ليتفلْ عن يساره ثلاثًا، وليستعذْ من الشيطان))[7].

وعليه؛ فمَن وجد الوسوسة، فليفعل الآتي:
1- الاستعاذة بالله من الشيطان.

2- الانتهاء عن ذلك؛ أي: قطع هذه الوساوس.

3- أن يقول: آمنت بالله، أو آمنت بالله ورسله.

4- يتفل عن يساره ثلاثًا.

5- يقرأ سورة الإخلاص.


[1] مسلم (132)، كتاب الإيمان، أحمد (9694).
[2] مسلم (133)، كتاب الإيمان.
[3] شرح مسلم للنووي (2/205).
[4] قاله القرطبي في المفهم (3/109).
[5] المفهم (3/109).
[6] البخاري (3276)، ومسلم (134).
[7] أبو داود (4722)، وصححه الألباني في الصحيحة (116).

 


أبو البراء محمد بن عبدالمنعم آل عِلاوة


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..