الصفحات

الأحد، 31 مارس 2013

العدو الإيراني


علي الظفيري
علي الظفيري
في الجلسة الافتتاحية لمنتدى الجزيرة السابع في الدوحة، وجهت سؤالا لوزير الثقافة والشؤون الإسلامية الإيراني الأسبق السيد عطالله مهاجراني، قلت له: كم مئة عام تحتاج إيران لتحسين صورتها في العالم العربي بعد ما فعلته في سوريا؟ ضجت القاعة بالتصفيق بعد السؤال وقبل إجابة الضيف، وهو ليس تصفيقا للسائل ولا للسؤال، كان تعبيرا عن التأييد الكامل للإدانة المباشرة والواضحة التي تضمنها السؤال للدور الإيراني غير المسبوق في الثورة السورية، وهذا ما يجب أن يلفت انتباه الإيرانيين بشدة، إنه أمر يستدعي اجتماع كل الهيئات والمؤسسات عند قدمي المرشد، البرلمان ومصلحة تشخيص النظام ومجلس الخبراء وأحمدي نجاد ورفاقه، للتباحث في هذا الخطر العظيم الذي تتعرض له الجمهورية، وهو بالمناسبة أشد من خطر الحرب العراقية والاستهداف الغربي للبلاد، إنه أمر آخر تماما.

أورد صديقنا الدكتور محمد المختار الشنقيطي في صفحته على تويتر بعضا من مواد الدستور الإيراني، إذ تنص المادة الثالثة من هذا الدستور على تنظيم السياسية الخارجية للبلاد على أساس المعايير الإسلامية، وتنص أيضا على الالتزامات الأخوية تجاه جميع المسلمين، وأن من واجب إيران الحماية الكاملة لمستضعفي العالم، وختم الشنقيطي هذه المواد بعبارة «ممنوع قراءة المادة على السوريين!»، وهو محق فيما ذهب إليه، والشنقيطي أستاذ تاريخ الأديان رجل أبعد ما يكون عن المذهبية، إنه باحث ينتمي في فكره إلى حالة من السمو والوعي لا علاقة لها بالطائفية والتجاذب المذهبي المشتعل، أي أن كره إيران هذه الأيام لم يعد مقتصرا على أعدائها «المذهبيين» التقليديين، أصبحنا جميعا على نفس المسافة من الجمهورية الإسلامية!

في منتصف التسعينيات من القرن الماضي، بدأت إيران بقيادة رفسنجاني ثم خاتمي بترميم ما هدمته الحرب العراقية الإيرانية، لم يكتب للعرب وإيران منذ اندلاع الثورة الإسلامية بناء علاقاتهم على نحو جيد، ولن أخوض هنا في التفاصيل والأسباب والأدوار، يمكن اختصار التوتر بثلاثة أمور، النهج الثوري وفكرة التصدير، الطائفية بعد اعتماد المذهب الشيعي الاثني عشري دينا رسميا للدولة، وأخيرا قضية مد النفوذ وبسط الهيمنة التي ترتبط بما تريده إيران في المنطقة، وفي المقابل التبعية العربية المطلقة للغرب والخوف من شرارات الثورة الإيرانية، سارت الأمور على نحو مقبول بعد جهود السياسة الإيرانية الجديدة، بدأ التنسيق في بعض الملفات وعلى رأسها لبنان، واستمر الحال حتى غزو العراق، وجدت إيران فرصتها لتعويض ما فاتها في عقدين، استثمرت سقوط العراق وترهل السياسة العربية وأمعنت في تفتيت العراق والسيطرة عليه، وقد تزامن هذا مع تبني قضية المقاومة في فلسطين ولبنان، عبر دعم حركتي حماس وحزب الله، أو لنقل بشكل أوضح دعم حركة حماس بالمال، فحزب الله مؤسسة إيرانية صرفة بغطاء عربي، وقد أدى الأمر إلى ازدواجية في الموقف من إيران لدى التيار الداعم للمقاومة، نصف تأييد بسبب القضية الفلسطينية، ونصف مناهضة واختلاف نتيجة ما تقوم به إيران في العراق.

اليوم تغير كل شيء، لم تعد لدى إيران قدرة على التلاعب والمناورة، فقدت كل أوراقها في المنطقة، لقد تورطت تورطا مباشرا في مواجهة مع الشعب العربي في كل مكان، وما تحاول فعله في تونس ومصر والمغرب والسودان لم يعد مجديا، إن كل قطرة دم نزفت في سوريا كانت بدعم سياسي ومالي وعسكري وبشري إيراني، وما كان يُتجاوز عنه في العراق، ليس تقليلا من العراق والعراقيين، بل لتورط الجميع هناك بما فيهم إيران، لم يعد بالإمكان تجاوزه إطلاقا في الحالة السورية، تقف النخب العربية الداعمة للديمقراطية والمقاومة والسيادة الوطنية في وجه إيران، وتقف في وجه إعلامها وملاحقها الفكرية والدينية والحزبية، وهؤلاء لا يكرهون إيران لأنها فقط دولة الشيعة، إنما نتيجة ما اقترفته من قتل ودعم للدكتاتورية وإشعال للنار الطائفية في المنطقة، هؤلاء جميعا يناهضون إيران بوعي واتزان، وسيكون لهم ولبلادهم الكلمة الأولى في شكل العلاقة مع الجمهورية الإيرانية، والتي ستحتاج إلى أكثر من مئة عام حتى تبنى على الوجه الصحيح.
......
العرب القطرية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..