الصفحات

الخميس، 4 أبريل 2013

«باسم» الضاحك بدموع القلوب

إذا أردت نموذجاً لبرنامج عربي «كسر الدنيا» بالمصري، ها هو أمامك جراح القلب المصري باسم يوسف، مقدم برنامج «البرنامج» الساخر، الذي أصبح ظاهرة تجاوزت المحيط العربي إلى العالمي. يقف وراء البرنامج جهد كبير من الإعداد المتقن، تناغم مع أداء وحضور رائع للمقدم الباسم، يعاب عليه جنوحه أحياناً إلى مناطق وعرة اجتماعياً. أما سياسياً، فالحالة المصرية تحتمل، بل هي إلى حد عميق مغرية وثرية لكل ساخر، لا يلام باسم يوسف، من يلام هو من «وفّر» المادة الثرية، إما لأنه فعل هذا أو لم يفعل ذاك؟ لا شك في أن طبيب القلب جاء إلى الإعلام بسبب ما اعتمر في قلبه وقلوب المصريين وهم يرون بلادهم على كف عفريت، ربما غاص في قلوب بعض مرضاه فوجد فيها ما يتلمسه في قلبه كل لحظة.

من السهل القول إن وراء الإخفاقات مؤامرات قد يَصْدُق بعضٌ منها، لكن المؤامرات لا تحقق النجاح والنفاذ، وهي لا تكون مؤثرة ومهددة إلا بسبب الإخفاقات، ربما نرى قريباً كتاباً بعنوان «كيف أخفقنا؟». كان من المتوقع أن يخفق الإخوان في الإدارة الاقتصادية، المفاجأة كانت إخفاقاً سياسياً مبكراً، قاتل الله الحرصَ وشقيقتَه المكابرة! لكنهم بما فعلوا وما لم يفعلوا أنتجوا مناخاً خصباً للضحك، وهو ضحك كالبكاء. باسم يوسف في حقيقة الأمر يبكي بوجه مبتسم، دموعه تنهمر في الداخل، لا يلام… هو لم يأتِ بشيء من عنده، لا تأتي السخرية إلا من حجم المرارة، كلما تضخمت الأخيرة ضخت مادة أغزر للسخرية. وبالنسبة إلى العقلاء، فإن «أضعف الإيمان» هو المجال أما غيرهم، فالشوارع تستوعب. «يستنجد» باسم يوسف وهو يضحك ويُضحِك، قائلاً إن مصر في خطر، ولا يلتقط مما يقول سوى أنه تجاوز هذا الحد وذاك الخط، إنما لو عدنا سنوات قليلة للوراء نسترجع أن الأعوام الأخيرة من عهد الرئيس مبارك شهدت حجماً كبيراً من السخرية منه ومن نجليه علاء وجمال،بل إن فلذة الكبد الأخير ناله نصيب عالي التركيز، وهو كما علم لاحقاً كان الأقوى. شبكة الإنترنت «تؤرشف» الكثير من ذلك، لم يحاكِم مبارك أحداً من هؤلاء، الفرق ربما أن مبارك كان يظن أنه «متمكن»، ولذلك نُقل عنه «خليهم يتسلوا»، في حين أن الإخوان لم يتمكنوا بعد، بل هم في صراع مع الفصائل الأخرى على السفينة، كل -نعم كل- الفاعلين، أو اللاعبين لا يرى أنها تغرق، في مخيلتهم أنها صلبة مثل «تايتانيك» قبل الإبحار، هي أمل الوصول للشاطئ الآخر، لا يصدق أحد أنها ستغرق، لكنها تغرق وتغرق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..