لو
بحثت الحكومة السعودية عمّن يدافع عن شبابها المبتعثين في الولايات
المتحدة، فلن تجد أفضل من كبيرة المحررين في مجلة ''نيويوركر'' الأمريكية
إيمي دافيدسون. هذه السيدة كتبت مقالاً، أُعيد نشره أمس الأول في هذه
الصحيفة، سجلت من خلاله اعتراضها الشديد على التعاطي الإعلامي الأمريكي
بشأن الاشتباه في الطالب عبد الرحمن الحربي بُعيد تفجيرات بوسطن. لم يكن
هناك أي دليل لهذا الاشتباه، ولم يتأن من اشتبه فيه، كل ذلك جرى لسبب واحد
فقط: إنه سعودي!
سلمان الدوسري
تقول
إيمي: ''صحيح من الممكن أن يكون التفجير من عمل شخص سعودي أو أمريكي أو
آيسلندي، أو من عمل أي شخص يخطر على بالك، لكن هذا لا يعني أنه يمكن معاملة
السعودي بالطريقة التي عومل بها، أو أن الناس الذين يحبونه كان عليهم أن
يكتشفوا أنه أصيب بقنبلة حين قفز اسمه على الإنترنت باعتباره قيد الاحتجاز
للاشتباه فيه''، حتى تخلص الكاتبة في نهاية الأمر إلى حاجة أمريكا إلى
''شيء ناقص.. هل هو التواضع؟''.
لا
يمكن اتهام الناس اعتماداً على جنسياتهم أو أشكالهم أو ألوانهم. صحيح،
وكما قالت الكاتبة، ربما يكون المتهم سعودياً أو أمريكياً، أو شيشانياً،
كما كُشف أمس، إلا أن إطلاق الأحكام المتسرعة بناء على معطيات سابقة مختلفة
الظرف والزمان، يزيد من الاحتقان الأمريكي لكل ما هو سعودي أو شرق أوسطي.
العجيب أن المواطنين الأمريكيين يثبتون أنهم أكثر عقلانية من وسائل إعلامهم
في تعاطيهم مع المبتعثين السعوديين.
بعد
أحداث الحادي عشر من سبتمبر، التي قام بها ١٥ سعودياً، - مع الأسف - عمّ
الاحتقان الشارع الأمريكي لكل ما هو سعودي. قد نتفهم تلك الأجواء، ولا
نبررها، غير أن مئات الآلاف من المواطنين السعوديين الذين زاروا الولايات
الأمريكية خلال الـ ١٣ عاماً السابقة، دحضوا مقولة إن كل سعودي مشتبه فيه،
كما صُور الأمر بعد سبتمبر 2001. غير معقول أن تتعاطى بهذا المنطق مع
ملايين البشر من أجل أفراد محدودين جداً. لن يستطيع الأمريكيون أنفسهم
مواجهة الإرهابيين الحقيقيين بينما هم يتوجسون ريبة وشكاً بكل من حولهم.
يحق
لنا أن نفخر بمواقف مبتعثينا باعتبارها خط الدفاع الأول ضد الاتهامات
الظالمة وغير الموضوعية. لم يعد يمكن لأحد أن يعمم تصرفات فردية بدرت من
بضعة سعوديين لتكوين صورة مشبوهة عنهم جميعاً. فقد قاموا من تلقاء أنفسهم
بالمشاركة في إسعاف المصابين في حادثة تفجير بوسطن، وأطلقوا حملة للتبرع
بالدم لمصلحة المصابين، كل هذه الرسائل، ولو تجاهلها الإعلام الأمريكي،
فإنها تعبر عن ثقافة عالية في قبول الآخر واحترامه، وهو ما لم نكن نراه، مع
الأسف، قبل سنوات معدودة.
يمكن
القول: على الرغم من عمق العلاقات السعودية - الأمريكية، إلا أننا نلحظ
قلة الدراسات العلمية التي تتناول صورة المواطن السعودي في وسائل الإعلام
الأمريكية، ربما بمثل هذه الدراسات يمكن تحليل المواقف الاستباقية المتشنجة
التي يُواجه بها السعوديون، ومن ثم الوصول إلى مكامن الخلل لدى وسائل
الإعلام تلك. أعي أنها لن تغير مواقفها بالكامل، غير أنها ستساعد على تصحيح
الوضع الراهن ولو بشكل جزئي .. فهل يسمعنا ملحقنا الثقافي النشط الدكتور
محمد العيسى؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..