الصفحات

الجمعة، 12 أبريل 2013

أسباب عنف الأطفال

ظهرت دراساتٌ عديدة بشأن أسباب ظهور العنف والعدوانية عند أطفال المدارس، خاصة طلبةَ المرحلة الابتدائية، وقد أشارت هذه الدراسات إلى أن سوء التربية أو المعاملة القاسية، أو الدَّلال الزائد أو البيئة المحيطة بالطفل - من العوامل الرئيسة لبروز صفة العدوانيَّة لدى هؤلاء الطلاب الصغار، وفي مقال لي في أحد أعداد مجلة "المُعلِّم" الكويتية، ذكرتُ أن من أسباب السلوك العدواني عند هؤلاء التلاميذ البرامج الكرتونية؛ حتى إن البلاغات التي وصلت إلى مراكز الشرطة في "لندن" قد زاد عددها، ولكن في إحدى الدراسات التي أُجريتْ في بريطانيا على 1037 طفلاً ذكرًا، منذ ولادتهم وإلى أن بلغوا 26 سنة، قام الباحثون خلال الدراسة بمتابعة سلوكيات الأطفال بين أصدقائهم وأفراد عائلاتهم، إلى جانب التحقيق من سجلات الشرطة بصفة مستمرة، كما ركَّزوا على التربية الوراثية الجينية وعلاقتها بالبيئة المحيطة بها والظروف التي يتعرَّضون لها، وخلال الدراسات كان الاكتشاف المُذهِل الذي غيَّر مسارَها، إن غالبية الأطفال الذكور لديهم جين مُعيَّن موروث، وإن هذا الجين يتحكَّم في إفراز إحدى الإنزيمات، هذا الإنزيم يؤدي إلى تعطيل أجهزة الإرسال العصبيَّة أو المواد الكيمياوية التي تنقُل الرسائل، وكذلك اكتشفوا أن إفراز هذا الإنزيم يرتبط بالحالة النفسيَّة والتعرض للعنف؛ لذلك كانت العقاقير المضادة للاكتئاب يمكِنها وقْف إفراز هذا الإنزيم.

اكتشف فريق البحث أن هذا الجين المسؤول عن السلوك الإجرامي لدى الأطفال موجود في أطفال آخرين من أصحاب السلوك المُنضبِط، الذين يتمتَّعون بقدرٍ كبير من الهدوء والالتزام، ولكن هذه السلبية لم تَدُم طويلاً؛ إذ اكتشف العلماء أن هذا الجين يَنشَط فقط عندما يتعرَّض صاحبه للحرمان أو سوء المعاملة خلال مدة الطفولة؛ إذ أسفرتِ الدراسات عن أن 75% من أصحاب هذا الجين الوراثي الذين عانَوا من سوء المعاملة في طفولتهم، هم الذين أصبح سلوكهم فيما بعدُ إجراميًّا ومخالفًا للأصول الاجتماعية، أما الذين عاشوا في منازل هادئة واحتوتهم أُسرهم، فقد كانوا أكثر ميلاً إلى الهدوء والانضباط، والغريب أن الجين الوراثي لديهم تَحوَّل إلى (جين) مفيد حماهم من التوتر في المواقف المختلفة، ويقول العلماء الذين أجروا هذه الدراسات البحثية: إن نتائج أبحاثهم تؤكِّد أن أفضل طريقة لحماية المجتمع من أعمال العنف وخفض الجريمة هي مراعاة عدم استخدام العنف في معاملة الأطفال، ويعتقد بعضُهم أن هذه الدراسة ربما تُساعِد في تطوير صناعة عقاقير دوائية لمحاربة الجريمة بالتعامل مع الجينات الوراثية المسؤولة، إلا أن البعض أبدى قلقَه من تصنيف الأطفال على أنهم مثيرو متاعب قبل أن يرتكِبوا أية جريمة يُحاسبون عليها؛ وذلك اعتمادًا على تحليل الجينات الوراثية، وأعلَنوا كذلك عن قلقهم من السعي إلى استخدام عقاقير لمحاربة الجريمة بدلاً من معالجة المشكلات الاجتماعية المتأصِّلة؛ للقضاء على أصل صفة العدوان لدى الأطفال.

وأشارت (سي إن إن) الإخبارية إلى دراسة بحثية أخرى، نشرت نتائجها حديثًا، بين وسائل الإعلام وما تَبُثه من مشاهد العنف، ومشاكل النوم التي يُعانيها الأطفال، وكشفت الدراسة عن وجود علاقة سببيَّة بين المشاهد غير الملائمة والعنيفة التي ينقُلها الإعلام المرئي، وقلة النوم لدى الطفل، ووجد الباحثون بعد مراقبة ساعات مشاهدة التلفزيون ونوعية النوم لدى أكثر من 500 طفل، تراوحت أعمارهم بين سن الثالثة والخامسة أن استبدال بدائل تعليميَّة وتثقيفية بما يتلاءم وسنَّ المُشاهِد بمشاهد العنف، له تأثير إيجابي، وقال الباحثون: النتائج لم تكن بمنزلة مفاجأة للكبار؛ لأن مشاهدة مشاهد العنف قد يُسبِّب القلقَ للأطفال الصغار وهو ما قد يُحدِث خللاً واضحًا في النوم، وجدير بالذكر أن نتائج البحث استُخلِصت من دراسة موسَّعة هدفها خفض السلوكيات العدوانية بين الأطفال باستخدام عدد من الوسائل، من بينها إجبار الآباء على اختيار نوعيَّة المحتويات الإعلامية المناسبة لأطفالهم، على خلفية دراسات سابقة وجدت أن تعريض الأطفال الصغار لمشاهد العنف يجعلهم أكثر عدوانية بجانب إصابتهم بمشاكل سلوكية وعاطفية، وتوصي الدراسةُ بعدم مشاهدة التلفزيون للأطفال أقل من سنتين، والسماح لمن هم فوق هذا العمر بمشاهدة البرامج التلفزيونية النوعيَّة بما لا يتعدى ساعة إلى ساعتين يوميًّا، حيث إن السنتين الأُوليَين من عمر الطفل هما مرحلة حرجة لنمو المخ.

وأضيف أن الألعاب الإلكترونية العنيفة لها دَور في زيادة العنف لدى طلبة المدارس؛ بل وأشارت مجلة طب الأطفال الصادرة في لندن في دراسة عن تشكيل سلوكيات هؤلاء الطلبة بحيث يصبحون مجرمين، أو حاملي خَصْلة الإجرام مستقبلاً، وبمناسبة نجري الآن دراسة "أثر الألعاب الإلكترونية على عزوف الأولاد عن الدراسة" بدولة الكويت؛ كي نُشارِك همومنا هموم الآباء والأمهات ليعرفوا أسباب تدنِّي التحصيل الدراسي للأولاد، ومنها هذه الألعاب الإلكترونية، وكيف نُرغِّبهم في الدراسة بعد معرفة سلبيات أجهزة التكنولوجيا والتعامل معها بحذر، خاصة أنه قد لا نستطيع تعديل سلوكيات الأبناء نحو الأفضل إذا أدمنوا ممارسة الألعاب الإلكترونية العنيفة.

عباس سبتي
 

تاريخ الإضافة:
 8/4/2013 ميلادي
- 27/5/1434 هجري

 
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..