الصفحات

الاثنين، 27 مايو 2013

لا حلّ إلا بالمزاحمة

image
بقلم: عبدالعزيز قاسم
سننتظر نهاية شعبان من هذا العام، لنكون مع الضجة السنوية المعتادة حيال ما ستتحفنا الفضائيات العربية من برامج درامية، وتحديداً حول تمثيل الصحابة (رضوان الله عليهم)، والحقيقة أن القيمي بالنسبة لتمثيل الصحابة الكبار قد كُسر عندنا في المشهد المحلي، بعد كل ذلك الضجيج والدعاية المجانية التي حصلت عليها الـ (mbc) لمسلسلها الذي أنتجته عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه العام الفارط؛ وقد بتنا أمام واقع يقول بأننا مقبلون في الأعوام القادمة على هجمة كبيرة من الأقنية الفضائية - التي يهمّها الربح المادي بالدرجة الأولى- بإعادة صياغة تأريخنا، والإفادة من كاريزما أولئك العظام في نفوسنا كمسلمين؛ لإنتاج أفلام ومسلسلات تحظى بالإقبال الجماهيري بغرض التكسب.
لا حلّ برأيي سوى المزاحمة - من قبل أصحاب الحسّ الرسالي- والنزول لهذا الميدان، ولدينا تجارب ناجحة تمثلت في بعض المحاولات التي قام بها رجال أعمال. هناك فيلم (رحلة إلى مكة) نموذج حقيقي لما نصبو إليه، وما نصبو إليه بالتأكيد أكثر، فقد كلف رجال الأعمال السعوديين هؤلاء قرابة 60 مليون ريال، وتصدى له محترفون من (هوليود)، والأهم ربما بالنسبة لكثير من الشرعيين الذين يقفون من مثل هذه الدراما؛ أن المرأة ليست حاضرة أبداً، ما يعني أن نجاح أمثال هذه البرامج لا تعتمد على وجود المرأة بما يروّج به متخصصو الأفلام.
من المهمّ نزول رجال الأعمال - ممن لديهم الغيرة الدينية - لهذا الميدان والاستثمار فيه، وثمة وسائل عديدة نستطيع فيها تجنّب بعض المحاذير الشرعية التي وقع فيها الآخرون، والأهم ألاّ يتصدى صغار المستثمرين والهواة لمثل هذه الدراما التي فيها تجسيد للصحابة رضوان الله عليهم، فمجالات عديدة وكثيرة يمكن لهم أن يتناولوها، وليتركوا رموزنا العظيمة أن يقوم بها مستثمرون كبار، يرصدون الميزانيات الضخمة لإنتاجها بما فعل أحبتنا هؤلاء.
هذه الدعوات من مثلي - وغيري - لم تلق الاستجابة المؤملة، بسبب موقف العلماء من قضية التمثيل أصلاً، إضافة لمسألة تجسيد الصحابة في التمثيل، التي تبدو أصعب، رغم أنّ فيها خلافاً بين العلماء. صحيح أنّ أكثرهم مع تحريم هذا التجسيد لصحابة عظام، لكن يقابلهم أسماء مثل الشيخ عبدالله بن جبرين - رحمه الله - ويوسف القرضاوي ومحمد الددو وأحمد الريسوني وسلمان العودة، وقيس المبارك وغيرهم من العلماء، الذين لهم رأي بالجواز.
أهمّ الأسباب - برأيي - لهذه الهجمة الحادة التي طالت النيات؛ عدم اطمئنان العلماء للجهات والشبكات التي تنتج أمثال هذا المسلسل، وأنّ القضية في نهايتها تجارية، وقال بذلك صراحة الدكتور عبدالصبور شاهين: «إنّ من ينتجون هذه الأعمال ليسوا من المؤمنين الصادقين، ولكنهم جماعة من المرتزقة الذين يريدون استثمار سيرة الصحابة من أجل مكاسب مادية في ظل الهجمة التي يتعرض لها الإسلام ورموزه».
باب الدراما والمسلسلات التاريخية مفتوح على مصراعيه، ومعظم المنتجين يستغلون العاطفة الدينية في المجتمعات الإسلامية، وإن لم ندخل ونزاحم بأنفسنا، فسيكتب أولئك تاريخنا بطريقة شائهة للأسف، ولا ينفع صياحنا وقتها..خذوها يا أحبة من إعلامي: التحريم لوحده لن يوقف العجلة، والحلّ بالمزاحمة.
[ إعلامي سعودي
المصدر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مواضيع مشابهة - أو - ذات صلة :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..