الصفحات

الأربعاء، 22 مايو 2013

بحث :الحدود و أثرها في حماية الأعراض

بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة ....
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله و صحبه أجمعين ، أما بعد ....
فإن الموضوع الذي سنعرض له في هذا البحث هو ( الحدود وأثرها في حماية الأعراض ) وقبل الخوض في
هذا الموضوع لابد من التنبيه على أمر هام وهو أن الله تعالى خلق الخلق ، وهو أعلم بأمورهم ، وهو وحده الذي يحيط إحاطة تامة بهم، وأنه سبحانه وتعالى أحكم الحاكمين ، شرع لخلقه تشريعا لكل أمورهم، وفرض عليهم عقوبات حددها و قدرها في كتابه وعلى لسان رسوله ، وأمرهم بإقامة تلك العقوبات ، وهذه العقوبات إما قصاص أو حد من الحدود أو تعزير .
والله عز و جل ما فرض هذه العقوبات وشدد في إقامتها إلا لأهميتها في وقاية المجتمع من الرذائل ، ودورها في حفظ العقل و الكرامة الإنسانية، وحقنها للدماء، وصيانتها للأموال و الأنساب والأعراض .

خطة البحث ....
يتكون البحث من مقدمة ستة مباحث .
المبحث الأول : تعريف الحدود والفرق بينها وبين العقوبات الأخرى ، والحكمة من مشروعيتها و خصائصها
• أولا : تعريف الحدود
• ثانيا : الفرق بينها وبين العقوبات الأخرى
• ثانيا : الحكمة من مشروعية الحد
• ثالثا : خصائص الحدود
المبحث الثاني : أنواع الحدود .
• أولا : حد الزنى
• ثانيا : حد القذف
• ثالثا : حد السرقة
• رابعا : حد شرب الخمر
• خامسا : حد الردة
• سادسا : حد الحرابة
المبحث الثالث : مسائل في الحدود
المبحث الرابع : آثار إقامة الحدود في أمن و استقرار المجتمع والعواقب الناجمة عن إهمال الحدود .
المبحث الخامس : الشبه التي تثار في سبيل إقامة الحدود و الرد عليها .
المبحث السادس : مقارنة بين الحدود التي شرعها الله وبين العقوبات التي وضعها البشر.


المبحث الأول : تعريف الحدود والفرق بينها وبين العقوبات الأخرى


أولا : تعريف الحدود :
• الحدود جمع حد وهو في اللغة له معاني كثيرة منها : المنع و الحبس والفصل بين الشيئين والتقدير والنهاية .

جاء في لسان العرب : ( الـحَدُّ: الفَصل بـين الشيئين لئلا يختلط أَحدهما بالآخر أَو لئلا يتعدى أَحدهما علـى الآخر، وجمعه حُدود . وفصل ما بـين كل شيئين: حَدٌّ بـينهما . ومنتهى كل شيء: حَدُّه ، ومنه: أَحد حُدودِ الأرضين وحُدود الـحرم؛ وفـي الـحديث فـي صفة القرآن: لكل حرف حَدّ ولكل حَدّ مطلع؛ قـيل: أَراد لكل منتهى نهاية . ومنتهى كل شيء: حَدّه . و حدَّ الشيءَ من غيره يَحُدُّه حدّاً و حدَّدَه: ميزه . و حَدُّ كل شيءٍ: منتهاه لأنه يردّه ويمنعه عن التمادي،. و حَدُّ السارق وغيره: ما يمنعه عن الـمعاودة ويمنع أَيضاً غيره عن إتـيان الـجنايات، وجمعه حُدُود .)(1)

وقال الرازي : ( الحَدُّ الحاجز بين الشيئين وحد الشيء منتهاه وقد حَدَّ الدار و حَدَّدها أيضا تَحدِيداً و الحَدُّ المنع ومنه قيل للبواب حَدَّادٌ وللسجان أيضا إما لأنه يمنع عن الخروج أو لأنه يعالج الحديد من القيود )(2)

وكلمة الحدود معناها واسع فهي تطلق على العقوبات التي فرضها الله تعالى وتطلق كذلك على محارم الله تعالى .
يقول ابن منظور في لسان العرب : ( حُدود اللَّه، عزوجل، ضربان:
- ضرب منها حُدود حَدَّها للناس فـي مطاعمهم ومشاربهم ومناكحهم وغيرها مـما أَحل وحرم وأَمر بالانتهاءِ عما نهى عنه منها ونهى عن تعدّيها.
- والضرب الثانـي عقوبات جعلت لـمن ركب ما نهى عنه كحد السارق وهو قطع يمينه فـي ربع دينار فصاعداً، وكحد الزانـي البكر وهو جلد مائة وتغريب عام، وكحدّ الـمـحصن إذا زنى وهو الرجم، وكحد القاذف وهو ثمانون جلدة.
وسميت حدوداً لأنها تَـحُدُّ أي تمنع من إتـيان ما جعلت عقوبات فـيها، وسميت الأُولـى حدوداً لأنها نهايات نهى اللَّه عن تعدّيها .)(3)
ثم قال :( وقال ابن الأَثـير: والـحُدود هي مـحارم اللَّه وعقوباته التـي قرنها بالذنوب، وأَصل الـحَدِّ الـمنع والفصل بـين الشيئين، فكأَنَّ حُدودَ الشرع فَصَلَت بـين الـحلال والـحرام فمنها ما لا يقرب كالفواحش الـمـحرمة، ومنه قوله تعالـى: { تلك حدود اللَّه فلا تقربوها }


(1) لسان العرب لابن منظور (3/140) ، مادة (حدد)
(2) مختار الصحاح (1/53) مادة (حدد)
(3) لسان العرب (3/ 141) .


ومنه ما لا يتعدى كالـمواريث الـمعينة وتزويج الأربع، ومنه قوله تعالـى: { تلك حدود اللَّه فلا تعتدوها }
ومنها الـحديث: ( إنـي أَصبت حدَّاً فأَقمه علـيّ ) أَي أَصبت ذنباً أَوجب علـيّ حدًّا أَي عقوبة .
وفـي حديث أَبـي العالـية: ( إن اللَّـمَـمَ ما بـين الـحَدَّيْن حَدِّ الدنـيا وحَدِّ الآخرة) يريد بِحَدِّ الدنـيا ما تـجب فـيه الـحُدود الـمكتوبة كالسرقة والزنا والقذف، ويريد بِحَدِّ الآخرة ما أَوعد اللَّه تعالـى علـيه العذاب كالقتل وعقوق الوالدين وأَكل الربا، فأراد أَن اللـمـم من الذنوب ما كان بـين هذين مـما لـم يُوجِبْ علـيه حدّاً فـي الدنـيا ولا تعذيباً فـي الآخرة .)(1)

• وفي (الشرع ) عقوبة مقدرة وجبت حقا لله تعالى(2) .

وعرفه الشافعية و الحنابلة بأنه عقوبة مقدرة على ذنب وجبت حقا لله تعالى كما في الزنا ، أو اجتمع فيها حق الله وحق العبد كالقذف فليس منه التعزير لعدم تقديره ، ولا القصاص لأنه حق خالص لآدمي(3) .

ومعنى عقوبة مقدرة أن الشارع حددها و بين نوعها ولم يترك إختيارها أو تقديرها لولي الأمر أو القاضي ، ومعنى أنها حقا لله تعالى أنها وضعت لصالح الجماعة وحماية نظامها و صيانتها عن الفساد وتحصينها من الشرور و دفع الضر عن الناس و تحقيق السلامة لهم ، ويتبين من ذلك أنها لا تقبل الإسقاط من الأفراد ولا من الجماعة .



المناسبة بين المعنى اللغوي والشرعي (4):

كلمة (الحد) تأتي في اللغة لعدة معاني :
- منها المنع : وذلك لأنها تحد : أي تمنع صاحبها من اقتراف الأشياء التي جعلت عقوبة لها ، كما تمنع غيره من ارتكاب هذه الجنايات .
- ومنها النهاية : وسميت الحدود نهايات لأن لها حدود مضبوطة لا يسوغ تخطيها ولا يجوز تجاوزها .
- ومنها التقدير : فالحدود مقدرة من الشارع لا زيادة فيها ولا نقص .
- ومنها الفصل : لأنها تفصل بين الحق والباطل ، وما هو فاضل وما هو مرذول ، وتفصل أي تمنع الأشرار من اقتحام حمى الأخيار.
وعلى كل فالحدود زاجرة مانعة من ارتكاب الجرائم ، فاصلة بين ما هو فاضل وما هو مرذول ، واقفة عند نهاية قدرها الشارع فلا يزاد فيها ولا ينقص .



(1) لسان العرب (3 / 141) .
(2) التعريفات للجورجاني ( 1/ 113)
(3) الموسوعة الفقهية ( / 129) .
(4) عقوبة الزنى وشروط تنفيذها ، صالح بن ناصر الخزيم (ص / 21)
ثانيا : الفرق بين الحدود والعقوبات الأخرى :
العقوبات في الإسلام إما حدود أو قصاص أو تعزير .ولابد من معرفة تعريف كل من القصاص والتعزير ليتضح لنا الفرق بين الحد وهذه العقوبات .

- القِصاص :
القصاص: المماثلة والقَوَدُ (1)
وفي الشرع : أن يفعل به مثل فعله من قتل أو قطع أو ضرب أو جرح (2).
فالقصاص غير الحد لأنه عقوبة مقدرة وجبت حقا للعباد .

- التعزير :
التَّعْزِيرُ التوقير والتعظيم وهو أيضا التأديب ، وأَصل التعزير: الـمنعُ والردُّ، ولهذا أطلق هذا اللفظ على هذه العقوبة لأَنها تمنع الـجانـيَ أَن يُعاوِدَ الذنب(3).
وفي الشرع : تأديب دون الحد .
فالتعزير في بعض إطلاقاته اللغوية حد وأما في الشرع فليس بحد لأنه ليس بمقدر(4) .

ومما تقدم يتبين لنا الفرق بين الحد والقصاص و التعزير(5) :
أولا : أنه محدد مقدر من قبل الشارع بخلاف التعزير الموكول أمره للقاضي .
ثانيا : أنه مفروض محتوم لا يجوز إسقاطه متى ما وصل إلى الحاكم بخلاف القصاص الذي هو لولي الدم .


ثالثا : الحكمة من مشروعية الحد

شرعت عقوبة الحد وغيرها من العقوبات لتصون الناس وتحفظ عليهم دينهم ونفوسهم وأعراضهم وعقولهم وأموالهم ، أي لتحفظ عليهم مقومات حياتهم ، ودعائم إنسانيتهم ، ولحفظ أمنهم، واستقرار حياتهم ، وإبعاد شبح الجريمة عنهم ، فشرعت هذه العقوبات حسما لمادة الفساد ، و زجرا عن ارتكابها ، ليبقى العالم على الإستقامة و على المنهج السوي فإن عدم إقامة العقوبات الزاجرة في المجتمع يؤدي إلى انحرافه واختلاله وقد نبه الله تعالى إلى ذلك في كتابه فقال في الحكمة من شرعية القصاص : { ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب }(6)
وقال في بيان الحكمة من تحريم الخمر { إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة و البغضاء في الخمر و الميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون }(7)


(1) مختار الصحاح ( 1/180) مادة ( قصص )
(2) النهاية في غريب الأثر لابن الجزري (4 /74 )
(3) لسان العرب (4/562) مادة ( عزر )
(4) التعريفات (1 /85)
(5) أثر تطبيق الحدود ، الغزالي خليل عيد (ص / 137)
(6) سورة البقرة (179)
(7) سورة المائدة (90-91)
هل الحدود زواجر أم جوابر ؟

- ذهب بعض العلماء أن الحدود زواجر بمعنى أن إقامتها تجعل الناس ينزجرون و يرتدعون عن الجرائم ، خشية أن تلحقهم تلك العقوبة وربما استند هؤلاء العلماء إلى بعض النصوص التي اقترنت بذكر العلة أو حكمة التشريع(1) ، مثل :
- قوله تعالى : {ولكم في القصاص حياة }(2)
- قوله تعالى في حد الحرابة { ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم }(3)

- وقال بعض العلماء أن الحدود جوابر بمعنى أن إقامة الحد على الجاني تعتبر كفارة لجريمته والله تعالى أكرم من أن يجمع على عبده عقوبتين : إحداهما في الدنيا والثانية في الآخرة(4) ، ويستند هؤلاء أيضا إلى نصوص مثل :

(1) عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم في مجلس فقال : ( بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا ولا تسرقوا ولا تزنوا وقرأ هذه الآية كلها فمن وفي منكم فأجره على الله ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب به فهو كفارته ومن أصاب من ذلك شيئا فستره الله عليه إن شاء غفر له وإن شاء عذبه )(5)

(2) عن عمران بن حصين أن امرأة من جهينة أتت نبي الله صلى الله عليه وسلم وهي حبلى من الزنى فقالت يا نبي الله أصبت حدا فأقمه علي فدعا نبي الله صلى الله عليه وسلم وليها فقال:( أحسن إليها فإذا وضعت فائتني بها) ففعل فأمر بها نبي الله صلى الله عليه وسلم فشكت عليها ثيابها ثم أمر بها فرجمت ثم صلى عليها فقال له عمر: تصلي عليها يا نبي الله وقد زنت فقال:( لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم وهل وجدت توبة أفضل من أن جادت بنفسها لله تعالى)(6) .

(3) أن النبي صلى الله عليه و سلم نهى عن شتم المحدود ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ( أتى النبي صلى الله عليه و سلم برجل قد شرب قال اضربوه قال أبو هريرة فمنا الضارب بيده والضارب بنعله والضارب بثوبه فلما انصرف قال بعض القوم أخزاك الله قال لا تقولوا هكذا لا تعينوا عليه الشيطان )(7)

والظاهر – والله أعلم – أن الحدود تعتبر زواجر وجوابر في وقت واحد : فمن النفوس من لا يرتدع إلا بالعقوبة ، ومنها من لا تؤثر فيه العقوبة أبلغ من تأثير الوعد الحسن.




1. أثر تطبيق الحدود ، الغزالي خليل عيد ، (ص/159)
2. البقرة : 179
3. المائدة : 33
4. المرجع السابق (ص/ 159)
5. أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب الحدود – باب الحدود كفارة – (6/2490) – رقم 6402.
6. أخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الحدود – باب من اعترف على نفسه بالزنى – (3/ 1324) – رقم 1696
7. أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب الحدود – باب الضرب بالجريد و النعال - (6/2488) – رقم 6395


رابعا : خصائص الحدود :

تمتاز الحدود بخصائص تميزها عن غيرها من سائر العقوبات ، يمكن تلخيصها فيما يلي :



(1) أن عقوبة الحد مقدرة نوعا و كمية وصفة ومن ثم لا يجوز إبدالها ولا النقص فيها أو الزيادة عليها على أنها حد بنص الشارع ، ومعنى تقدير الحد نوعا أنه قد عين من الشارع ككونه جلدا أو قطعا أو قتلا أو نحو ذلك ، ومعنى تعيين كميته أنه نص على أنه مائة أو ثمانون جلدة أو نحو ذلك ، ومعنى تقدير صفته فإنه قد يطلب أن يكون علنا تشهده طائفة من المؤمنين وبهذا لم يترك للحاكم إلا سلطة مقصورة على التنفيذ(1) .




(2) أنه لا يختلف باختلاف الأشخاص بل يتساوى فيه الحاكم و المحكوم و الشريف وغيره ، وقد جاءت أحاديث كثيرة تحث على المساواة في الحدود وعدم التفريق بين الشريف و الضعيف فيها ، منها حديث عروة بن الزبير ( أن امرأة سرقت في عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم في غزوة الفتح ففزع قومها إلى أسامة بن زيد يستشفعونه قال عروة فلما كلمه أسامة فيها تلون وجه رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال: أتكلمني في حد من حدود الله ، قال أسامة: استغفر لي يا رسول الله فلما كان العشي قام رسول الله خطيبا فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال أما بعد فإنما أهلك الناس قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد والذي نفس محمد بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ثم أمر رسول الله بتلك المرأة فقطعت يدها فحسنت توبتها بعد ذلك وتزوجت ، قالت عائشة فكانت تأتي بعد ذلك فأرفع حاجتها إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم.)(2)















1. تطبيق الحدود ، د عبد السميع إمام (ص/275)
2. أخرجه البخاري في صحيحه – باب مقام النبي بمكة زمن الفتح - (4/1566) – حديث رقم 4053





(3) إن الشارع الحكيم قد ضيق الباب في الحدود من جهات ثلاث(1) :

• أولا : أنه قصر الحدود على جرائم معدودة وهي ما كانت اعتداء على إحدى الضروريات الخمس الواجبة الحفظ شرعا .

• ثانيا : أنه ضيق في طرق إثباتها فجعلها تثبت بالإقرار مع قبول الرجوع فيه ، كما اشترط في الشهود أن يكونوا من الذكور العدول على تفصيل ولم يقبل فيها شهادة النساء ولا الشاهد مع اليمين .

• ثالثا : أنه شدد في الاحتياط عند إقامتها فجعلها تسقط بالشبهة المعتبرة . لحديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم فإن وجدتم لمسلم مخرجا فخلوا سبيله فإن الإمام أن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ بالعقوبة )(2)

والمراد بالشبهة المعتبرة : ما يثبت صلاحيتها بقرينة ترجح أن للجاني عذرا في جنايته(3) .

(4) ومن الخصائص أيضا(4) : أن الحد لا يقبل الشفعة ولا يسقط بعد بلوغه للإمام لأنه حق لله تعالى فلا يملك الإمام ولا غيره إسقاطه .
فعن عبد الله بن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله ومن خاصم في باطل وهو يعلمه لم يزل في سخط الله حتى ينزع عنه ومن قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال )(5)













1. تطبيق الحدود ، د. عبد السميع إمام ( ص / 276)
2. أورده الحاكم في المستدرك – (4/426) – حديث رقم (8163) وقال : حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه
3. المرجع السابق ( ص / 276)
4. المرجع السابق (ص/ 277) .
5. أخرجه أبو داود في سننه – كتاب الأقضية – باب فيمن يعين على خصومه – (3/ 305) رقم 3597
.وصححه الألباني (الصحيحة : رقم 438 )

المبحث الثالث : أنواع الحدود

اتفق الفقهاء على أن ما يطبق على جريمة كل من الزنى ، والقذف ، والسكر ، والسرقة، وقطع الطريق يعتبر حدا ، واختلفوا فيما وراء ذلك .
فأضاف الحنفية حد الشرب للخمر خاصة ، ويرى المالكية أن الحدود سبعة فيضيفون إلى المتفق عليه الردة والبغي ، في حين يعتبر بعض الشافعية القصاص أيضا من الحدود ، حيث قالوا : الحدود ثمانية وعدوه بينها ، واعتبر المالكية والشافعية قتل تارك الصلاة عمدا من الحدود (1) .
وفيما يلي بيان لهذه الأنواع مقتصرة على الأنواع المتفق عليها مع إضافة حد الردة إليها لأهميته ، والإقتصار على التعريف بها والأحكام المتعلقة بها مع الإيجاز .

• حد الزنى :
الزني هو علاقة فاحشة محرمة بين رجل وامرأة ليس فيها عقد نكاح أو شبهة نكاح .
وقد قال الله تعالى :{الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين )(2)
ولحد الزنى أحكام أهمها(3) :
- الزاني غير المحصن يجلد مائة جلدة .
- الزاني المحصن يرجم بالحجارة المتوسطة الحجم حتى يموت .
- إقامة الحد تكون علنا أمام الناس .
- شهود جريمة الزنى لابد أن يكونوا أربعة .

• حد القذف :
القذف ( لغة ) الرمي ، و(اصطلاحا ) الرمي بالزنى (4).
وقد قال الله تعالى : {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم }(5)
وأهم الأحكام المتعلقة بحد القذف(6) :
- يجلد القاذف ثمانين جلدة ، سواء كان القاذف أو المقذوف ذكرا أو أنثى .
- لا تقبل شهادة القاذف إلا إذا تاب أو أثبت صحة قذفه .
- يحكم بفسقه كذلك .



(1) الموسوعة الفقهية ( 17/ 131- 132 )
(2) سورة النور (الآية : 2)
(3) أثر تطبيق الحدود للأستاذ الغزالي خليل عيد (ص/153)
(4) النهاية (4/29)
(5) سورة النور (الآية 5،4)
(6) أثر تطبيق الحدود للأستاذ الغزالي خليل عيد (ص/154)

- إذا قذف الرجل زوجته بالزنى فعليه الحدان إن لم يثبت ذلك أو يلاعن ، واللعان من جانب الزوج أن يشهد أربع شهادات بالله أنه لمن الصادقين،والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين .
وللمرأة أن تلاعن بأن تشهد أربع شهادات بالله أنه لمن الكاذبين ،والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين .


• حد الشرب :
قال تعالى :{يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر و الميسر والأنصاب و الأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر و الميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون }(1)
وتتعلق بهذه العقوبة أحكام أهمها(2) :
- يشترط في شارب الخمر أن يكون مكلفا- بالغا عاقلا – وأن يكون مختارا غير مضطر إلى شربها ، وأن يكون عالما بتحريمها .
- لا تنفذ العقوبة على السكران إلا بعد أن يفيق من سكره .
- مقدار الحد أربعون جلدة كما حدث في عهد الرسول صلى الله عليه و سلم وفي عهد أبي بكر رضي الله عنه ويجوز أن يزاد عليها كما حدث في عهد عمر رضي الله عنه .


• حد السرقة :
السرقة ( لغة ) هي أخذ الشيء سترا و خفاء ، ومنه سرقة العين ، ومسارقة السمع، ومنها سرقة اليد(3) .
وفي اصطلاح الفقهاء : أخذ مال الغير ظلما خفية من حرز(4) .
وعقوبة السرقة ثابتة بكتاب الله بقوله تعالى :{والسارقة والسارق فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم }(5)





(1) سورة المائدة (90-91)
(2) أثر تطبيق الحدود ، الغزالي خليل عيد ( ص/ 154)
(3) لسان العرب ( 10/ 155)
(4) أثر تطبيق الحدود في المجتمع ، د. حسن الشاذلي (ص/44)
(5) سورة المائدة (38)


• حد الحرابة :

تطلق الحرابة في الشرع على قطع الطريق بإخافة الناس ومنعهم من الانتفاع بها ، وسمي ذلك الحرابة لأن الغالب في قاطع الطريق أن يستعمل بعض آلات الحرب في جريمته هذه(1) .
وللحرابة أربعة أنواع من العقوبات ذكرتها الآية الكريمة : { إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم و أرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي لفي الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم }(2)

وفيما يلي أهم الأمور المتعلقة بحد الحرابة(3) :
- إن الآية الكريمة ساقت التعبير بلفظ ( أو ) وهي تحتمل التخيير و التنويع ، ومن هنا كانت هذه العقوبات الأربع محل خلاف بين العلماء ، فمنهم من يرى أن الحاكم مخير بين ما فيه المصلحة من هذه العقوبات ، ومنهم من يرى بأن لكل نوع من الجرائم نوعا من العقوبة .
- إن جريمة الحرابة إن تاب مرتكبها قبل القدرة عليه والتمكن منه سقط الحد عنه .
- إن هذه التوبة لا تسقط حقوق العباد فعليه القصاص إن كان قد فعل ما يوجب القصاص وعليه رد المال إن كان قد أخذ المال ، وكما هو معروف أن حقوق العباد تقبل العفو عنها من صاحبها .
- التوبة بعد القدرة عليه لا تسقط عنه الحد .


• حد الردة :
الردة ( لغة ) إرجاع الشيء ردا (4) .
و( شرعا ) هي الرجوع عن دين الإسلام بعد الدخول فيه ومعرفة أركانه ودعائمه التي يقوم عليها وأحكامه التي علمت منه بالضرورة (5) .
وعقوبة المرتد ثابتة في القرآن و السنة .
قال تعالى : {ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة و أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون } (6)




(1) تطبيق الحدود ، د . عبد السميع إمام (ص/ 298)
(2) سورة المائدة (33-34)
(3) أثر تطبيق الحدود في المجتمع، للأستاذ الغزالي خليل عيد (ص/155)
(4) لسان العرب (3/173).
(5) تطبيق الحدود ، د . عبد السميع إمام ( ص/ 281)
(6) سورة البقرة (217)

وقال النبي صلى الله عليه و سلم : (من بدل دينه فاقتلوه )(1)
وقال عليه الصلاة و السلام : ( لا يحل دم امرىء مسلم إلا بإحدى ثلاث ، الثيب الزاني و النفس بالنفس ، والتارك لدينه المفارق للجماعة )(2)

فإذا رجع عن إسلامه قصدا بارتكابه أحد الأمور التي تعتبر ردة فإنه يعتبر مرتدا تجري عليه أحكام الردة(3) ، وهي :
- لا يقتل المرتد إلا بعد أن يستتاب فإن تاب و إلا قتل .
- مال المرتد فيء للمسلمين .
- المرتد لا يرث ولا يورث .
* و من الأمور التي تعتبر ردة (4):
(1) الاستهزاء والعناد و المكابرة متى أدى ذلك إلى ارتكاب محرم كالسجود لصنم أو سب الله و رسوله.
(2) استباحة محرم مجمع على تحريمه أو معلوم من الدين بالضرورة كاستباحة الزنى أو ترك الصلاة .
(3) الامتناع من الإحتكام إلى الشريعة الإسلامية وترجيح القوانين الوضعية عليها .

* يشترط لتوقيع هذه العقوبة (5) :
أن يخرج المرتد عن دين الإسلام ، وأن يكون بالغا عاقلا ، وأن يكون مختارا فإذا أكره المسلم على الكفر فلا يعاقب على ما أظهره بلسانه دون قلبه لقوله تعالى : (إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم )(6) .













1. أخرجه البخاري – كتاب الجهاد والسير – باب لا يعذب بعذاب الله –(3/1098)- رقم 2854.
2. أخرجه مسلم – كتاب القسامة والمحاربين – باب ما يباح به دم المسلم –(3/1302) – رقم 1676.
3. أثر تطبيق الحدود ، الغزالي خليل عيد ( ص/ 157)
4. المرجع السابق (ص/ 157)
5. أثر تطبيق الحدود في المجتمع ، حسن الشاذلي (ص/19)
6. النحل : 106

المبحث الثالث
مسائل في الحدود

أولا : تداخل الحدود :

اتفق الفقهاء على أن ما يوجب الحد من الزنى والسرقة والقذف ( إذا وقع على شخص واحد ) وشرب الخمر إذا تكرر قبل إقامة الحد ، أجزأ حد واحد بغير خلاف ، وبه قال عطاء والزهري وإسحاق وأبو ثور وابن المنذر .

والأصل في ذلك قاعدة : إذا اجتمع أمران من جنس واحد ، ولم يختلف مقصودهما ، دخل أحدهما على الآخر غالبا ، وعلى هذا فيكتفى بحد واحد لجنايات اتحد جنسها بخلاف ما اختلف جنسها ، لأن المقصود من إقامة الحد هو الزجر وأنه يحصل بحد واحد (1) .

وإن أقيم عليه الحد ، ثم حدثت منه جناية أخرى ففيها الحد ، لعموم النصوص ولوجود الموجب ، ولما روي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الأمة إذا زنت ولم تحصن قال: ( إن زنت فاجلدوها ثم إن زنت فاجلدوها ثم إن زنت فاجلدوها ثم بيعوها ولو بضفير) (2)


ثانيا : الشفاعة في الحدود:

لا خلاف بين جمهور الفقهاء في أنه لا تجوز الشفاعة في الحدود بعد وصولها للحاكم، والثبوت عنده ، لأنه طلب ترك الواجب(3) .

ولقوله صلى الله عليه وسلم لأسامة عندما أراد أن يشفع للمرأة المخزومية : (أتكلمني في حد من حدود الله ) ثم قال عليه الصلاة والسلام : ( فإنما أهلك الناس قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد والذي نفس محمد بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها)(4)

ولقوله صلى الله عليه وسلم :( من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله)(5)




1. الموسوعة الفقهية (17/132).
2. أخرجه مسلم في صحيحه – كتاب الحدود - باب رجم اليهود أهل الذمة في الزنى – (3/1329)- رقم1703 .
3. الموسوعة الفقهية (17 / 133)
4. أخرجه البخاري في صحيحه – باب مقام النبي بمكة زمن الفتح - (4/1566) – حديث رقم 4053
5. أخرجه أبو داود في سننه – كتاب الأقضيه – باب فيمن يعين على خصومه – (3/305)- رقم 3597
و صححه الألباني ( الصحيحة رقم 438)


سقوط الحدود بالشبهة :

أجمع الفقهاء على أن الحدود تدرأ بالشبهات(1) .

* و قد جاءت أحاديث عديدة في ذلك منها :
(1) حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
( ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم فإن وجدتم لمسلم مخرجا فخلوا سبيله فإن الإمام أن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ بالعقوبة )(2)
(2) ما روي عن عمر بن الخطاب أنه قال :
( لئن أعطل الحدود بالشبهات أحب إلي من أن أقيمها بالشبهات)(3)
(3) ما روي عن معاذ وعبد الله بن مسعود وعقبة بن عامر أنهم قالوا :
( إذا اشتبه عليك الحد فادرأه )(4)


والشبهة ما يشبه الثابت وليس بثابت :
- سواء كانت في الفاعل : كمن وطىء امرأة ظنها حليلته .
- أو في المحل : بأن يكون للواطيء فيها ملك أو شبهة ملك كالأمة المشتركة .
- أو في الطريق : بأن يكون حراما عند قوم ، حلالا عند آخرين(5) .


سقوط الحدود بالرجوع عن الإقرار :

إذا ثبتت الحدود بالإقرار ، فلا خلاف بين الفقهاء في أنها تسقط بالرجوع ، إذا كان الحد حقا لله تعالى ، لما روي أن ماعزا لما أقر بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالزنى لقنه الرجوع ، فعن جابر بن سمرة قال:( رأيت ماعز بن مالك حين جيء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم رجل قصير أعضل ليس عليه رداء فشهد على نفسه أربع مرات أنه زنى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فلعلك قال لا والله إنه قد زنى الأخر قال فرجمه )(6)
فلو لم يكن محتملا للسقوط بالرجوع ما كان للتلقين فائدة . ولأنه يورث الشبهة ، والحدود تدرأ بالشبهات .
والرجوع عن الإقرار: قد يكون نصا ، وقد يكون دلالة ، بأن يأخذ الناس في رجمه فيهرب ولا يرجع ، أو يأخذ الجلاد في الجلد فيهرب ، ولا يرجع ، فلا يتعرض له ، لأن الهرب في هذه الحالة دلالة الرجوع .
واستثنوا حد القذف ،فإنه لا يسقط بالرجوع ، لأنه حق العبد ، وهو لا يحتمل السقوط بالرجوع بعد ما ثبت كالقصاص ، وكذلك إذا ثبت الحد بالبينة(7) .


1. الموسوعة الفقهية ( 17 /134)
2. أورده الحاكم في المستدرك – (4/426) – حديث رقم (8163) وقال : حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه .
3. أورده ابن أبي شيبة في مصنفه – باب في درء الحدود بالشبهات – ( 5/511) - رقم 28494.
4. أورده ابن أبي شيبة في مصنفه – باب في درء الحدود بالشبهات – ( 5/ 511) – رقم 28495.
5. الموسوعة الفقهية ( 17 / 135)
6. أخرجه مسلم في صحيحه – كتاب الحدود – باب من اعترف على نفسه بالزنى – (3/1319) – رقم 1629
7. الموسوعة الفقهية ( 17 / 134)
المبحث الرابع :
آثار إقامة الحدود في استقرار المجتمع
والعواقب الوخيمة الناجمة عن إهمال الحدود


أولا : آثار إقامة الحدود في استقرار المجتمع .
مما تقدم يتجلى لنا أن في إقامة الحدود فوائد عظيمة ، و يترتب على إقامتها في البلاد فوائد عديدة في جميع جوانب الحياة أذكر فيما يلي أهم هذه الفوائد :

• الجانب الإجتماعي :
إن إقامة الحدود تعود على المجتمع بآثار عظيمة فالحدود تحفظ للإنسان مقومات حياته وهي :

( الدين والعقل والنفس والمال والأعراض )

ولا يخفى على أحد الأضرار التي تنتج عن شرب الخمر وباقي المسكرات وأثرها على المجتمع وأهم هذه الأضرار(1) :

- ثبت أن الواقع تحت سلطان الخمر و باقي المسكرات أنه يسهل إخضاعه لما يراد به ، ولو أدى ذلك إلى الإضرار به وبأهله و وطنه .
- وأن الواقع تحت سلطانها يهمل أهله وأسرته ، مما يؤدي إلى أن يفقد وضعه في أسرته، و أن يفقدوا فيه الرعاية المطلوبة لهم والتفقد لشؤونهم ، فيضيعون في متاهة الحياة ويضعف شأنهم ، وبذلك تنهار الأسرة وينهار المجتمع .
- وأن الواقع تحت سلطانها علاقاته الاجتماعية مفقودة ، وكيانه في عمله ضعيف ، وقدرته على أداء وظيفته في الحياة محدودة .
- والواقع تحت سلطانها يلعب به الشيطان فيهذي ويسب ويشتم ويضرب ويقتل، وقد يطلق زوجته أو يزوج ابنته لمن ليس أهلا لذلك ، وقد يتصرف بأمواله بما يجلب الضرر عليه وعلى أسرته .

وأيضا لجريمة الزنى أضرار خطيرة على المجتمع ، أهم هذه الأضرار(3) :
- أن الزنا قد يترتب عليه ضياع أنفس لم تجن جناية ، فابن الزنى ضائع في المجتمع ،لا أب ولا أسرة ، وهذا الموقف يحوله إلى إنسان يبغض الناس و يكره المجتمع .
- إن الزنا قد يترتب عليه نسبة إنسان إلى غير أبيه و أخذه حقوق غيره .
- إن المجتمع الذي يتفشى فيه الزنا مجتمع مكتوب عليه الانهيار فإذا لم توضع عقوبة رادعة لهذه الجريمة انتشر الفساد وعم المجتمع أضرار تلحق أعراضهم وأنسابهم بل حياتهم واستقرارهم .


1. أثر تطبيق الحدود في المجتمع ، د. حسن الشاذلي ( ص/68)
2. المرجع السابق (ص/ 28)
• الجانب الصحي :
ويظهر ذلك في تحريم شرب الخمر فلا يخفى على أحد الأضرار التي يسببها شرب الخمر على صحة الإنسان ، فقد ثبت علميا أنها تضعف الجسم وتوهنه ، تفتك الأعصاب ، وتتسبب في تليف الكبد ، وضعف في القلب ، والجهاز الهضمي، والقدرة على الإنجاب وعلى ضعف الأبناء المنجبين .
كما أنها تضعف العقل ، وتؤدي إلى الجنون في كثير من الأحوال ، فضلا عن إضعافها لقوة التركيز وعمق التفكير(1) .


• الجانب الأخلاقي :
ويظهر ذلك في عقوبة القذف فهذه العقوبة تعد حارسا على المستوى الأخلاقي في المجتمع الإسلامي حتى ينهج الناس في حياتهم وصلاتهم وعلاقاتهم ، في رضاهم وسخطهم ، في هدوئهم وفورتهم ، منهجا معتدلا ، منهجا سليما ، يرضي الله تعالى و رسوله ، فهذه العقوبة تربي أخلاق المسلمين وتهذب ألسنتهم من أن تنطق فحشا، فقد أراد الله سبحانه وتعالى أن يكون المجتمع الإسلامي نقيا من الأدران ، بعيدا عن قالة السوء ، وعن فحش القول حتى تنتشر المحبة بين الناس وتتآلف القلوب ، لذلك كانت الآيات والأحاديث التي تدعو لحسن الخلق كثيرة ، ولكن مجرد الحث على الخلق الكريم دون وضع عقوبة لمن تجاوز الحد قد يؤدي إلى ضياع التوازن الأخلاقي في المجتمع ، لذلك اقتضت حكمة التشريع وضع عقوبة لمتجاوزي الحد(2).


• الجانب الأمني :
- إن إقامة الحدود تعود على المجتمع بالأمن والطمأنينة ، وتحفظ الدماء وتحقنها ،وتمنع الحياة أن تهدر، وتصون الأعراض من أن تهدر ، ويترتب على ذلك قلة الجرائم أو تركها وتجنبها فيسود الأمن والأمان في المجتمع .
- إن جرائم القتل تحتاج إلى عقوبة رادعة وزاجرة عن ارتكاب مثل هذه الجرائم وأنسب عقوبة هي عقوبة القصاص فهي أعدل عقوبة وأنسبها بأن يفعل بالجاني مثل ما فعل بالمجني عليه ، حتى تهدأ ثورة ولي الدم ولا يستشري القتل بين الناس إذا شعروا بعدم عدالة العقوبة .








(1) أثر تطبيق الحدود في المجتمع ، د حسن الشاذلي (ص / 68)
(2) المرجع السابق (ص/34)


• الجانب الاقتصادي :
إن في إقامة الحدود – وبخاصة حد السرقة – له آثار إقتصادية هامة ، منها :
أولا :إن السرقة تؤدي بالإنسان إلى سد حاجته بمال الغير ، وإلى شل يده عن العمل الشريف، وشل تفكيره عن الكسب الحلال ، لذلك احتاج إلى من يكون قاسيا معه ، وهذه القسوة و الشدة ستمنعه من السرقة بل وستحوله من عاطل إلى عامل مجتهد وتجعل إرادته المحطمة إرادة بناءة (1) .
ثانيا : إن بإقامة الحدود تطمئن النفوس ، وتنصرف إلى العمل المثمر ، والإنتاج الذي ينشر الرخاء في ربوع الأمة ، فتتسع الأرزاق وتكثر البركة ، وهذه الفائدة تدرك بالمشاهدة ، فإن البلاد التي ينتشر فيها الأمن يكثر رخائها ويعمهم الرزق ، والبلاد التي يشيع الذعر والفزع والاضطراب يقل خيرها وتكثر فيها الأزمات(2) .



• الجانب الديني :
ويظهر ذلك في عقوبة حد الردة ، فهذه العقوبة شرعت لحفظ الدين، وضمانا لمسيرته، فالمرتدون أخطر على الإسلام من غير المسلمين ، لأنهم يشوهون الدين ، ويدسون عليه ما لا يوجد فيه ، وقد يخدعون الكثير ممن لا معرفة لهم بالإسلام ، إذ فرق كبير بين مسلم يرتد ، ثم يهاجم الإسلام ، وبين غير مسلم يهاجم الإسلام ، إذ الأول يدس سمومه تحت ستار علمه بحقيقة الدين ، وينفث أحقاده مدعيا خبرته بتعاليم هذا الدين و أحكامه مما يجعل مستمعه أقرب إلى تصديقه من شخص غير مسلم ، ولما كانت خطورة المرتد بهذه المثابة كانت عقوبته بقدر جنايته فعقوبة الردة شرعت حفاظا على الدين و ردا للطامعين في الدخول في الإسلام بغية تحقيق أغراض معينة ، ثم عودتهم بعد تحقيقها إلى كفرهم(3) .














(1) أثر تطبيق الحدود في المجتمع ، د . حسن الشاذلي ( ص/ 62)
(2) أثر تطبيق الحدود ، الغزالي خليل عيد (ص/ 161)
(3) أثر تطبيق الحدود في المجتمع ، د. حسن الشاذلي ( ص/ 15)


ثانيا : العواقب الوخيمة الناجمة عن إهمال الحدود


إذا ضيعت حدود الله، أو أسقطت أو فرق فيها بين الشريف و الوضيع،أو شفع فيها الشافع أو قبلت الشفاعة بعد أن رفعت إلى الحاكم، فإن ذلك يؤدي إلى أمور و عواقب وخيمة ، من أهمها(1) :

1ـ اجتراء الناس على محارم الله ، ومواقعتهم لحمى الله ، والله يغار أن تنتهك محارمة أو يعتدي على حماه .

2ـ ومن يجترئ على حدود الله يصير معاديا له ومحادا لرسوله . ومن حاد الله و رسوله وقع في الذلة والمهانة {إن الذين يحادون الله و رسوله أولئك في الأذلين}(2).

3ـ من أخذ بحكم غير حكم الله فقد والى أصحاب ذلك الحكم ، وعادى الله ورسوله، ومن أخذ بحكم الله فقد والاه . وقد حكم الله لمن والاه وكان من حزبه بالقوة والنصر والغلبة، كما قضى على من انضم إلى حزب الشيطان بالذلة والاندحار{ ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون}(3).
4ـ وباجتراء الناس على المحارم ، وامساك الأمة عن إقامة الحدود ، والتآمر بالمعروف والتناهي عن المنكر تلحقهم اللعنة كما لحقت بني إسرائيل الذين قال الله فيهم {لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود و عيسى بن مريم...}(4)

5ـ وبذلك تكون الأمة مؤلفة من عنصرين (عصاة) متمردون على ربهم ، وعلى أمتهم ، وعلى مجتمعهم ، و (ضعفة) خانعون منافقون لا يأمرون بخير ولاينهون عن شر وأمة تتألف من هذين الفريقين لا يرجى لها فلاح ، ولا يتحقق لها احترام ولاتقدير.

6ـ والنتيجة لذلك : وقوع الأزمات الطاحنة ، والكوارث المدمرة ، والاحتراب بين الجماعات والطوائف ، ولذلك آثاره في ضيق الرزق، ونغص الحياة ، وسوء العاقبة.








1. أثر تطبيق الحدود ، الغزالي خليل عيد (ص/167)
2. سورة المجادلة (20)
3. سورة المائدة (54)
4. سورة المائدة (78)
المبحث الخامس : الشبه التي تثار في سبيل إقامة الحدود و الرد عليها


الشبهة الأولى : قال أهل الزيغ والضلال :( أن الشريعة الإسلامية يجب أن تصان وتحترم فلا تكون تحت يد من يعبث فيها ولا يصونها ، ونحن نخشى من أن تستغل استغلال سيء ، ويعبث فيها من لا يخاف الله ولا يخشى عقابه فصيانة لها لا تطبق)

الرد على هذه الشبهة :

لا يجوز أن تهمل التشريعات و الحدود التي أنزلها الله بحجة الخوف ممن لا يصونها فهذا عذر يتعذر به من يريد تحكيم القوانين الوضعية على حكم الله تعالى ولو أنه أمعن النظر في العقوبات الإسلامية لوجد أن العقوبات قد وضعت على أساس طبيعة الإنسان ، (فإن من طبيعته أن يخشى و يرجو فلا يأتي عملا إلا بقدر ما يرجو من المنافع ، ولا يبتعد عن عمل إلا بقدر ما يخشى من مضاره فإذا هو يوازن بين ما في الفعل من منفعة وما يترتب عليه من ضرر فإن رجحت كفة المنافع أقدم عليه وإن رجحت كفة المضار أحجم عنه وهذه طبيعة ملازمة له في جميع أعماله سواء كانت مباحة أو محظورة فهو يقدم على لما ينتظره من منفعة تعود عليه منها ولا يتجنبها إلا لما يخشى على نفسه من ضرر يعود عليه منها ، إذن كلما اشتدت العقوبة على الجريمة ابتعد الناس عنها ولاسيما إذا كانت واجبة التنفيذ ولا محيص عنها ولا بديل لها أخف منها بعكس ما إذا خففت العقوبة بالجريمة دون النظر إلى المجرم فإن ذلك يبعثه على اليأس من الخلاص منها فيحل دون وقوعه فيها)(1).
ولا يخفى على أحد أن العقوبات الوضعية غير رادعة ولا تمنع من إرتكاب الجرائم بدليل كثرة الجرائم وازديادها مع مرور الزمن ، فعقوبة السجن- وهي أقصى عقوبة تصل إليها القوانين الوضعية - أخف وأقل ضررا من عقوبة القطع أو الجلد أو الرجم .
فكون أن هناك من يعبث في القوانين ولا يصونها لا يجوز أن يكون سببا في تعطيل حكم الله تعالى ،ففي كل نظام أو قانون يوجد من يعبث فيه ولا يصونه فإن وجدت هذه الفئة فإن عرفوا بتلاعبهم بالشريعة عوقبوا وأقيم عليهم حكم الله ، أما إذا لم يعرفوا ولم يكشفوا فجزائهم على الله تعالى وحسابهم عليه وحده .
ويبقى دور ولاة الأمور في اختيار المعروفين بالصلاح والاستقامة ليكونوا القائمين على حدود الله ، أما أن تهمل شريعة الله تعالى وحدوده لهذه الأسباب فهذا باطل مردود ، فإهمال حكم الله تعالى كليا وعدم العمل به يترتب عليه الكثير من المفاسد أهمها :
- أن الذين يقومون بتعطيل شريعة الله و يمنعون إقامة حكم الله في الأرض سوف تلحقهم اللعنة كما لحقت بني إسرائيل الذين قال الله فيهم : ( لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا و كانوا يعتدون )(2)
كما يمنعوا من الخير والبركة لقوله صلى الله عليه وسلم :
(إقامة حد بأرض خير لأهلها من مطر أربعين صباحا)(3)
هذا فضلا عن أن إقامة الحدود تعتبر نوعا من العبادة لله تعالى بامتثال أمره ، والاحتكام إلى شرعه .

(1) تطبيق الحدود ، د. عبد السميع إمام ( ص/310)
(2) المائدة : 78
(3) أخرجه المنذري في الترغيب و الترهيب – (3/ 170) – حديث رقم (3532)
الشبهة الثانية :زعموا أن في أقامة الحدود ضربا عنيفا من القسوة العاتية التي تتنافى مع الإنسانية الرحيمة ومع المشقة التي يجب أن يتحلى بها الناس ،و التي تساير المدنية الحديثة ،والحضارة الراقية المهذبة .....



مناقشة هذه الشبهة والرد عليها :

كل ما في هذه العبارة كلمتان : أنها قسوة ،أن القسوة لا تليق بالإنسان ...
وصحيح أن في إقامة الحدود مظهرا من مظاهر الشدة التي يسمونها قسوة،ولا بد لكل عقوبة أن يكون فيها مظهر قسوة حتى ضرب الرجل لولده تأديبا و تهذيبا يمكن أن يقال :إن فيه مظهر قسوة،و إذا لم تشمل العقوبة على شيء من القسوة فأي أثر لها في الزجر .
ثم هناك سؤال ما الذي حمل على هذه القسوة ؟التي تخالفها الإنسانية الرقيقة المهذبة؟

وما الذي دفع القاضي أن يحكم بهذه القسوة ؟فيما يزعمون ؟
إن الذي دعا إلى هذه القسوة شيء أشد منها قسوة ،ولو تركنا هذه العقوبة القاسية كما يزعمون لوقعنا في أمر أقسى من العقوبة ,وأقسى من موجبها ,فمن الرحمة والشفقة أن نقيم الحد ففيه رحمة بالمحدود وبمن اعتدى عليه وها أنا ذا أسوق لكم مثالا محسوسا كلنا نتفق عليه .إنه مظهر الطبيب الجراح الذي يستأصل بمبضعه جزءا حيا من جسم أخيه الإنسان من كبده أوطحاله أو أمعائه أوكليته أو غير ذلك ,أليست عملية البتر وضرب المبضع في اللحم الحي مظهرا من مظاهر القسوة ؟؟وهل يستطيع أن يمارس هذه العملية إلا قلب قوي ,وقد يعدها البعض قسوة ولكنها الرحمة بعينها,وبخاصة إذا قيست بما يترتب على تركها ,وبقاء العضو المريض ونار الألم تتوهج وتستشري ,والآلام والأوجاع تتزايد لحظة بلحظة .فحرصا على سلامة جسم المجتمع من سرطان الجريمة كان من الحزم الواجب استئصال العضو المريض الذي لا يرجى من بقائه إلا الفساد و الإفساد , فمن الحكمة أن يبترعضو إبقاء وإنقاء لمجموعة سليمة من الأعضاء تعد بالمئات والألاف .
وقبل أن يحكم الإسلام على شخص بالقتل أو القطع أوما إلى ذلك قد قدم له من وسائل الوقاية ما كلن يكفي لابعاده عن الجريمة التي اقترفها لو كان إنسانا حيا له قلب يعقل,ولكنه أغلق قلبه فلم يقبل نصحا ,وألغى إنسانيته ,فلم يعرف رحمة ولا شفقة, فكان جزاؤه من جنس عمله(1) .









(1) أثر تطبيق الحدود ، للأستاذ الغزالي خليل عيد (ص/168)

الشبهه الثالثة :
قالوا: لماذا كان القتل في حد المحصن رجما بالحجارة ؟
أليس ذلك تحقيرا و إزدراء للإنسانية؟
أليس هنالك وسائل للقتل أشفق وأرحم وأسرع، ونبيكم (صلى الله عليه وسلم ) يقرر أن الله كتب الإحسان على كل شيء :فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة ؟ وأي إحسان في القتل بالرجم ؟ أليس الصعق الكهربي مثلا ,أو الشنق وما إلى ذلك من وسائل الإزهاق السريع أخف على المحدود؟

مناقشة الشبهه والرد عليها :

يجاب عن هذه الشبهة بجوابين :
الأول :أن هذا قتل لا يراد منه الإزهاق الروحي و كفى وإلا فكان الصعق الكهربي ونحوه أسرع في تحقيق الغرض المنشود كما يقولون و إنما المراد من هذا القتل بالزجر و الردع مقارنة بالجريمة الشنعاء فليكن القتل بطريقة تليق بمن اقترف هذا الإثم ، إنه ارتكب جرما أهدر فيه كرامة الإنسان ولطخ شرف الإنسان وضيع معالم النسب الإنساني ، ثم ليكن في قتله بهذه الصورة عبرة لمن تسول له نفسه ,أو يزين له الشيطان أن يقترف تلك الجريمة الشنعاء و العاقل من اتعظ بغيره .

الثاني :هل صحيح أن القتل بالصعق الكهربي مثلا أخف ألما و أسرع ازهاقا من القتل بالرجم وهل على ذلك من دليل؟ ولو فرضنا أنهم أتوا ببرهان - و هذا محال - أفلا يجوز أن يكون من مقاصد الشارع الحكيم أن يقتل المرجوم رجما زيادة في الإيلام و الإزدراء لجريمته والتنفير لغيره من تلك الجريمة ؟؟
إن الذي فرض العقوبة وقدرها وبين كيف تكون إنما هو العليم الخبير الذي يعلم دروب البشرية وخباياها والعلاج الأنسب لها(1) .

الشبهه الرابعة :
قال أهل الفتنة و الغواية و الضلال :إن إقامة الحدود فيها تضييق على الأقليات من المواطنبن و إكراه لهم على أن يأخذوا بخلاف ما تقرر أديانهم و مذاهبهم وفي هذا سلب للحرية و اعتداء على قداسيتها .

مناقشة الشبهه والرد عليها :

أولا : كل مواطن في الدولة يجب أن يشترك مع بقية المواطنين في نهضة أمته وفي مسيرتها إلى الرقي,واستتاب الأمن ,وتثبيت النظام ,و طهارة الأخلاق، والمواطن الذي لا يساهم في هذه النواحي يجب أن يؤخذ بالوسيلة التي تقومه .



(1) أثر تطبيق الحدود ، الغزالي خليل عيد (ص/170)

وثانيا : أن الأقليات تحتاج في المحافظة عليها إلى إقامة الحدود كما يحتاج لذلك بقية المواطنين بل ربما كانت حاجتهم لذلك أشد .
فإذا سأل مواطنا من الأقلية :هل ترضى أن تكون أنت و مواطنوك جميعا أمام قانون الدولة سواء؟ أو تحب أن يكون هنا تفرقة بينكما ؟

فإن اختار المساواة لهم مالنا وعليهم ما علينا .
أما إن هم رغبوا في التفاوت وعدم المساواه قيل لهم :إن لم تقطع يد السارق الذي منكم فلا تقطع يد السارق الذي يسرق مالكم ...
إنهم سيؤثرون المساواة التي تدعوا إليها الفطرة الطيبة ,و إلا كانوا عرضة للمجرمين الذين لا يردعهم إلا إقامة الحدود(1) .



الشبهة الخامسة : إقامة الحد تقتضي إزهاق الأرواح , وتقطيعا للأطراف وبذلك تفقد البشرية كثيرا من الطاقات و القوي ,وينتشر فيها المشوهون و المقطعون و المكسحون الذين كانوا يسهمون في الإنتاج و العمل ,و يساعدون على الرخاء و إسعاد الإنسانية .

مناقشتها و الرد عليها :
إن القتل و تقطيع الأطراف في الحدود إنما يكون في حالات ضيقة محصورة .
إنه إزهاق لنفوس شريرة لا تعمل ولا تنتج بل إنها تعطل العمل و الإنتاج و تضيع على العاملين المنتجين ثمرات أعمالهم وإنتاجهم ,و إقامة الحد بإزهاق روح واحدة تؤدي إلى حفظ أرواح كثيرة و آلاف الأطراف سليمة طاهرة عاملة منتجة مع ملاحظة أننا لا نرى المشوهين و المكسحين يكثرون في البلاد التي تقام فيها الحدود
بل ربما كانت أقل فيها من غيرها من الدول .
وها هي المملكة العربية السعودية مثلا حيا مشهودا ,يسير فيها الراكب من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب و ربما لا يرى فيها مشوها بسبب إقامة الحد و ليس ذلك لأنهم لا يقيمون الحد لا بل لأن اقامتهم للحدود قد حالت بين الناس و بين الجرائم التي تقام بسببها الحدود ,فقلت الجرائم وتبعها قلة من تقام عليهم الحدود
فعندما تقطع يدا واحدة خائنة تحفظ أيادي أمينة عاملة لا تعد ولا تحصى .
ويا ليت الناس ينظرون ويوازنون بين عدد المشوهين والمقطعين الذين جنت عليهم جرأة المجرمين , والذين يتخذون من ذلك وسيلة للتسول وإستدرار عطف المحسنين ، بين هؤلاء وأولئك من جانب وبين عدد المقطعين الذين أقيمت فيهم حدود الله و أحكامه من جانب آخر .
إنهم بهذه الموازنة سيدركون بلا شك أن إقامة الحد تحصين للمجتمع , وحفاظ للأمة
و توفير لطاقات القوى البشرية و الأيدي العاملة(2) .




(1) أثر تطبيق الحدود ، الغزالي خليل عيد ( ص/ 171)
(2) المرجع السابق ( ص/ 171-172)

الشبهة السادسة : في إقامة الحدود سلبا لحق الحياة ,وهو حق مقدس لا يجوز لأحد سلبه ,فكيف تسوغون لحاكم أ يسلبه محكوما حق الحياة و كيف يجوز لقاض عادل أن يقضي على إنسان بالقتل و إزهاق الروح .

مناقشتها والرد عليها :
أن الشارع الحكيم هو الذي منح حق الحياة و قدسه و جعل الدماء و الأموال و الأعراض محرمة بين الناس و الذي أكد هذا التقديس و الاحترام إقامة الحدود وإن المحدود الذي استحق الرجم أو القتل هو الذي جنى على نفسه لأنه لم يحترم حق غيره ولو أنه احترم حق الحياة في غيره لحفظ له حق الحياة في نفسه فالمعتدي على حق الحياة في غيره يعد معتديا على حق الحياة في نفسه .
و لذلك حينما أراد الله أن يحذر الناس من أن يقتل بعضهم بعضا قال : (ولا تقتلوا أنفسكم) و هو تعبير قمة في البلاغة و الزجر مع التلويح بحكمة النهي ذلك أن قاتل غيره متسبب في قتل نفسه ,قصاصا أو حدا ولأن المعتدي على حق الحياة الإنسانية معتد على حق مقدس مشترك بينه وبين بقية الأحياء من بني آدم وبنات حواء هذا من ناحية .
ومن ناحية أخرى يريد القرآن الكريم أن يعمق في نفوس المسلمين ذلك المبدأ الأخوي الرحيم الذي دعا إليه الرسول الكريم بقوله ( المسلم أخو المسلم ....)(1) .



الشبهة السابعة :
أن إقامة الحدود عملية تشبه بمحاولة جبر الزجاج إذا انشغب فهي لن تصلح ما انفسد, ولن تجبر ما انكسر و لن تعيد للمرء ما انثلم من دينه , أو انخدش من عرضه أو لطخ من كرامته ولن ترجع للمجني حياة مفقودة ولا عافية أو سلامة مسلوبة فما الداعي لزيادة الكارثة .

مناقشتها و الرد عليها :
لا شك أن في إقامة الحد :
( أ ) تطهير للحدود من إثم الجريمة و بخاصة إذا أقترن ذلك بالتوبة من جانبه ، كما ينبئ ذلك حديث الزانية التي جاءت لرسول الله كما يقيم عليها الحد ..( أنها تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم ..)(2)
(ب) و هي كذلك ترد للمجني عليه اعتباره في كثير من الحالات , فالمقذوف يرد له اعتباره وتعلوا كما كانت كرامته و لنا في قصة الإفك آيات وعبر .
(جـ) هذا فضلا عن الوقاية التي توفرها إقامة الحدود للناس , فإنها ترهبهم و تنفرهم من الوقوع في الجريمة لئلا تنزل بهم العقوبات(3) .




(1) أثر تطبيق الحدود ، الغزالي خليل عيد ( ص/ 173)
(2) سبق تخريجه ص: 5
(3) المرجع السابق ( ص/ 174)



الشبهة الثامنة :
إن إقامة الحدود تقهقر بالإنسانية الراقية وانتكاس بها ورجعة إلى عهود الظلام الدامس و القرون الوسطي و الأخذ بما كان عليه الناس في تلك القرون
البائدة والبلاد المتأخرة و هل يليق عاقل متمدين يعيش في القرن العشرين أن يأخذ بقانون نشأ بين جبال مكة وأحراش الجزيرة وجلاميد الصحراء ؟

مناقشتها والرد عليها :
إن هذه الشبهة زائفة فالعاقل لا يزن القول بالبقعة التي جاء منها أو نبت فيها , ولا بالزمان الذي قيل فيه أو نقل منه , ولكن الميزان الذي تقوم به الأقوال و القوانين إنما هو ميزان الحق والعدل و تحقيق الغاية المبتغاة ,فالعاقل نصير الحق وناشد للحكمة أنى وجدها وعلى أي لسان وفي أي مكان أو زمان وهو عدو للباطل وغريمه بصرف النظر عن مصدره وعن زمانه ومكانه ومن دعا إليه أو عمل به على أننا نعرف أن مصدر هذا التشريع ليس بقعة من بقاع الأرض وإنما هو قانون السماء أنزله الله رحمة وشفاء لأهل الأرض كما ينزل لهم الغيث الذي يحي به الأرض بعد موتها .
إن مجيء هذا التشريع على لسان ذلك الأمي ومن صحراء العرب وفي القرون الوسطى كل ذلك آيات إعجاز ودليل صدق على أنه تشريع من حكيم خبير على لسان نبي بعث للعالمين (1).


الشبهة التاسعة :
وهذه الشبهة تكاد تكون مقاربة للسابقة : أن إقامة الحدود ردة تاريخية , ونكسة إنسانية ورجعة بالناس إلى مراحل قد اجتازها وترقوا عنها صاعدين في مدارج المدنية الراقية و الحضارة الزاهرة .

مناقشتها والرد عليها :
يعني هؤلاء الناس البشرية كلما تقدم بها الزمان وجب أن تتنصل من السابق لأنه قديم وأن تسعى وراء الطريف الجديد لأنه تطوير وتجديد .
فلا يجوز في شرعة المنصفين أن يؤخذ بهذا المبدأ على اطلاقه وإلا يجب أن يترك الماء لأنه قديم وأن نبحث عن شراب خير منه جديد , وبخاصة إذا رأينا أن الصناعة قد ارتقت وأن المعامل والصيادل قد تفوقت فما لنا ولهذا القديم الذي طال عليه الزمان ؟
فالمقياس الذي نحتكم إليه في تقدير الأمور و تقويمها لا يرتكز على الجدة والقدم :فكم من جديد أسمى وأثمن من قديم ,وكم من قديم أجل وأطيب وأصفى من جديد ,والميزان الذي نحتكم إليه هو ميزان النفع والضر والطيب والخبيث ,لا الجدة والقدم وحدهما(2) .




(1) أثر تطبيق الحدود ، الغزالي خيل عيد ( ص/ 175)
(2) المرجع السابق ( ص/176)

الشبهة العاشرة :
في الحد على شرب الخمر سلب للحرية الشخصية فإن من الحرية الشخصية أن يشرب المرء ما يشاء ويأكل ما يشاء .

مناقشتها والرد عليها :
ليست الحرية أن ينطلق المرء كما يشاء بلا قيد ولا حد , فتلك هي الفوضى بعينها , وتلك إهدار لحرية الآخرين , وعدوان على حقوق الله وحقوق المجتمع , وحقوق الأفراد ، وإنما المفهوم الصحيح للحرية هو أن تفعل ما تشاء في حدود النظام المفروض ,ومع احترام حرية الآخرين ...
وشارب الخمر : خارج على النظام , مهدد للجماعة في خلقها وكرامتها , ومهدد لحرية غيره ,ومعتد بالفعل على نفسه وعقله وكرامته وليس من حق أي فرد أن يعتدي ولو على نفسه , فلا يجوز أن ينتحر الإنسان ولا أن يحدث لنفسه عاهة أو مرضا ولا أن يجني على حاسة من حواسه , فكيف يجوز له أن يجني على عقله الذي شرفه الله به (1).


الشبهة الحادية عشرة :
زعم أن حد الردة معناه الإكراه بالدين , والقرآن الكريم يقول (( لا إكراه في الدين ..)) , وقالوا :إنه يحمل الكثير من الناس أن يتظاهروا بالإسلام وأن يبطنوا الكفر خوفا من إقامة الردة ,وذلك يستلزم أن يفشوا النفاق و المنافقين, ولا شك أن المنافقين أشد على المسلمين من الكفارالمصارحين بكفرهم .

مناقشتها والرد عليها :

(1) أن عقوبة الردة إنما تقام على من اعتنق الإسلام ثم رجع عنه, أما الكافر الأصلي
الذي لم يسبق له الإسلام فلا يقام عليه الحد وله أحكام أخرى من أمان أو عهد أو شبه كتاب , وفي كثير من الحالات يخير بين الإسلام و الجزية و السيف وهذا التخيير معناه عدم الإكراه على شيء معين .

(2) يفهم من هذه الآية الكريمة أنها نفي باق على أصله , وأن المعني- و الله أعلم- أن لا دين معتبر مع الإكراه عليه وأن الدين انما يكون مقبولا إذا كان صاحبه مؤمنا به مختارا مذعنا منقادا فلا بد للدين كي يكون مقبولا من صاحبه من أمرين :
الأول : التصديق القلبي وهو لا يمكن أن يكون قسرا وإكراها .
الثاني : الإذعان والإنقياد أما العناد والجحود مع التصديق القلبي فليس ذلك من الدين في شيء .

ولذلك وصف الله قوم فرعون بقوله : (( وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا ....))
(3) أن هذه العقوبة لا تنفذ إلا بعد أن تعطي للمرتد فرصة يستتاب فيها ,فلعله يرجع
إلى رشده .



(1) أثر تطبيق الحدود ، الغزالي خليل عيد (ص/ 179)

(4) أن مشروعية الاستتاب هذه ترد على من يقول بأن الحد يستلزم كثرة المنافقين ,فإن الأمر على عكس ذلك فهي تفتح باب النقاش و الإقناع بالحجة والبرهان , ودين الله الإسلام ,جاء مسايرا للعقل و الفطرة السليمة ولم يكلف الناس بما لا يطيقون بل دعاهم إلى كل ما فيه خيرهم وحذرهم مما يضرهم ولا ينفعهم .

(5) إن الراجع عن الإسلام بعد اعتناقه خارج على النظام الإجتماعي العام للدولة لأن الدولة التي تقيم الحدود إنما هي الدولة الإسلامية التي تدين بالإسلام وتعتبره أساس نظامها ودستورها فالمرتد خارج على نظامها الإجتماعي والدول في الشرق
والغرب وفي القديم والحديث تحمي نظامها ما استطاعت وتفرض أقسى العقوبات
على من يهدد نظامها أوكما يقولون على من يعمل على قلب نظام الحكم .... والتاريخ يشهد على ذلك .

(6) أن اليهود كانوا يتخذون من الردة سلاحا لتدمير العقيدة الإسلامية و زلزلة المسلمين وإيقاعهم في الشك والإرتياب في دينهم فقد كان كبار اليهود يقولون لصغارهم : تظاهروا بالإيمان أول النهار واكفروا آخر النهار لكي يقول المسلمون
إن رجوعهم عن الدين بعد ما دخلوا فيه دليل عدم صلاحيته ,لأنهم أهل كتاب ولهم سبق إلى دين سماوي .

(7) أن هذه الطريقة تنم عن الاستهزاء بالدين ,وتفتح الباب لسبه والقدح فيه والإسلام يحتم على أبنائه العفة في القول , وضبط اللسان , والبعد عن السبب حتى لأهل الأديان الباطلة , كما قال تعالى : (( ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله ,فيسبوا الله عدوا بغي علم )).

(8) إن المرتد ليس له عذر , فقد دخل الإسلام ,وأدرك سمو تشريعاته وعقائده
وتبين له الحق فما سبب ردته ؟إن كانت له شبهة على العلماء وسيجد ردها وإجهاضها و الحمد لله وإن كان العناد والاستكبار فأصل الكفر هو العناد والاستكبار(1).












(1) أثر تطبيق الحدود ، الغزالي خليل عيد (ص/ 179- 181)

المبحث السادس:

مقارنة بين الحدود التي شرعها الله وبين العقوبات التي وضعها البشر

أنه حينما يقارن بين الشريعة و القانون الوضعي إنما يقارن بين الشريعة منذ جاءت أو منذ ثلاثة عشر قرنا ,وبين القانون الذي تطور وتدرج وترقى حتى كاد يبلغ الكمال كما يزعمون ، وأن الذي شرع الشريعة إنما هو الله وهل يقارن بين ما صنع الله وما صنع البشر .

وليتبين القصور في هذه قوانين الوضعية التي يفضلونها على حكم الله تعالى أذكر هذه المقارنة بين عقوبة الزنى في الشريعة وعقوبتها في القوانين الوضعية كالقانون المصري .
فالشريعة الإسلامية تعتبر كل وطء محرم زنى وتعاقب عليه سواء حدث من متزوج أو غير متزوج .
أما الزنى في القانون فهو قاصر على حالة الزنى للشخص المتزوج حال قيام الزوجية باعتبار أن فيه إخلالا بعهد الزواج ، ولا تعتبر ما عدا ذلك زنى وإنما تعتبره وقاعا أو هتك عرض ، ولا يعاقب القاون المصري على الوقاع إلا في حالة الاغتصاب ، فإن كان بالتراضي فلا عقاب عليه ما لم يكن الرضا معيبا ، ويعتبر القانون المصري الرضا معيبا إذا لم يبلغ المفعول به (18 عاما كاملة ) ولو وقعت الجريمة بناء على طلبه ، والعقوبة في حالة الرضا المعيب بسيطة لأنها تعتبر جنحة(1) .
ولا يخفى على العاقل ما في هذا القانون من النقص والقصور و أن هذه العقوبة ليست رادعة ولا زاجرة بخلاف العقوبة التي شرعها الله تعالى .

فالقوانين التي شرعها الله تعالى تمتاز بمميزات ثلاث :الكمال ,والسمو ,والدوام .
أما قوانين البشر فناقصة وآية نقصها أنها تحتاج كل وقت إلى تعديل وسد ثغرات يكشف عنها الزمان وهي تحاول أن تتسامى حتى تصل إلى مستوى الجماعة و هي متغيرة غير مستقرة ولا ثابتة كما هو بشأن الشريعة الثابتة المستقرة منذ بزغ نورها (2) .









(1) التشريع الجنائي الاسلامي ، عبد القادر عودة (1 / 364) .
(2) أثر تطبيق الحدود ، الغزالي خليل عيد ( ص/ 185-187)




الخاتمة :

من هذا البحث الموجز يتلخص لنا أهم النتائج :

• أن تطبيق الحدود الإسلامية خير وسيلة للقضاء على الجريمة والإجرام .
• إن في إقامة الحدود استقرار للمجتمع وانتشار للطمأنينة .
• أنه حينما تقل الجرائم يتجه الناس إلى الانتاج والعطاء وفي ذلك منافع اقتصادية هائلة .
• إن بإقامة الحدود تتسع الأرزاق و تعم الخيرات وهذا مصدقا لقوله صلى الله عليه و سلم (إقامة حد في الأرض خير لأهلها من مطر أربعين صباحا )
• تسعد الأمة حكامها و محكومها باستجابتها لأمر الله تعالى و رسوله .
• إن إقامة الحدود تعتبر نوعا من العبادة لله تعالى بامتثال أمره والاحتكام لشرعه.
• إن في إقامة الحدود :
1. احترام لحق الحياة وحقن للدماء .
2. صيانة للأنساب ، وطهارة للأعراض .
3. حفظ لأموال و للممتلكات من العدوان عليها .
4. وقاية للعقل من الخلل ، وللأخلاق من الفساد .
5. تقديس للدين وحفظ له .










المراجع :

• أثر تطبيق الحدود في المجتمع ، للأستاذ الغزالي خليل عيد – إدارة الثقافة والنشر بجامعة الإمام محمد بن سعود – الرياض – الطبعة الأولى - (1404هـ - 1984م).
• أثر تطبيق الحدود في المجتمع ،للدكتور حسن علي الشاذلي – إدارة الثقافة و النشر بجامعة الإمام محمد بن سعود – الرياض – الطبعة الأولى – (1404هـ - 1984م).
• الترغيب و الترهيب ، عبد العظيم بن عبد القوي المنذري – دار الكتب العلمية – بيروت – الطبعة الأولى (1417هـ) – تحقيق : إبراهيم شمس الدين .
• التشريع الجنائي الإسلامي ، عبد القادر عودة - دار صادر- القاهرة - الطبعة الثانية - (1994)
• التعريفات ، علي بن محمد الجرجاني – دار الكتاب العربي – بيروت - الطبعة الأولى (1405هـ) – تحقيق : إبراهيم الأبياري .
• سنن أبي داود ، سليمان بن الأشعث السجستاني – مكتبة المعارف – الرياض – الطبعة الأولى
اعتنى به : مشهور بن حسن آل سلمان
• سنن الترمذي ، محمد بن عيسى الترمذي السلمي – دار إحياء التراث – بيروت تحقيق : أحمد محمد شاكر .
• صحيح ابن حبان ، محمد بن حبان التميمي البستي – مؤسسة الرسالة - بيروت - الطبعة الثانية - ( 1414-1993 ) تحقيق : شعيب الأرناؤوط .
• صحيح البخاري ، محمد بن إسماعيل البخاري – دار ابن كثير بيروت – الطبعة الثالثة (1407هـ - 1987م) – تحقيق مصطفى ديب البغا .
• صحيح مسلم ، مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري – دار إحياء التراث – بيروت تحقيق : محمد فؤاد عبد الباقي .
• عقوبة الزنى وشروط تنفيذها – صالح بن ناصر بن صالح الخزيم – دار ابن الجوزي – ( الطبعة الأولى – 1422هـ ) ، اعتنى به : خالد بن علي المشيقح .
• القاموس المحيط – الفيروز آباذي – مؤسسة الرسالة - بيروت .
• لسان العرب – محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري – دار صادر – بيروت – الطبعة الأولى .
• مختار الصحاح – محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي – مكتبة لبنان ناشرون – بيروت – طبعة جديدة – (1415هـ - 1995م) – تحقيق : محمود خاطر .
• المستدرك على الصحيحين – محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري – دار الكتب العلمية – بيروت – الطبعة الأولى (1411هـ- 1990م) تحقيق : مصطفى عبد القادر عطا .
• مصنف بن أبي شيبة – أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة – مكتبة الرشد – الرياض – الطبعة الأولى (1409هـ ) تحقيق : كمال يوسف الحوت .
• مصنف عبد الرزاق – أبو بكر عبد الرزاق بن همام الصنعاني – المكتبة الإسلامية – بيروت – (1403هـ) تحقيق : حبيب الرحمن الأعظمي .
• النهاية في غريب الأثر- المبارك بن محمد الجزري – المكتبة العلمية – بيروت – (1399هـ - 1979م) تحقيق : طاهر الزاوي ، محمود الطناحي .
ــــــــــ

 

جامعة الكويت
كلية الدراسات العليا
برنامج الحديث الشريف وعلومه


الحدود و أثرها في حماية الأعراض

إعداد الطالبة : زينب الرشيدي

إشراف الأستاذ الدكتور :
طارق الطواري

مقرر : حديث موضوعي
العام الدراسي : 1426هـ - 2005 م











ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..