الصفحات

الجمعة، 28 يونيو 2013

سياسة القرضاوي كفقهه

الفقه المقارن هو دراسة المسألة الفقهية ابتداءً من جمع أقوال فقهاء المذاهب ومن ثم تحليلها ومن ثم ترجيح أحد هذه الأقوال. ولو كان الترجيح يتم على أساس التأصيل المنطقي واللغوي لأصبح الفقه المقارن أداة من أدوات الفهم لتأصيل المسائل، إلا أنه في التطبيق الواقع لم يتعد إما مجرد التنظير أو التقليد أو الهوى. والتقليد أصلاً لا يسلم إما أن يكون جموديا على المذهب، وإما أن يكون تبعا للهوى والسياسة، والشيخ الدكتور يوسف القرضاوي متخصص في الفقه المقارن ومتمكن منه، وقد كان قديما يستخدمه كمستند في إصدار الفتاوى. ومن تأمل ترجيحات الشيخ بين أقوال فقهاء المذاهب يجد أن ليس بينها رابطا أو قاعدة ثابتة، بل هي تبع لتصورات الشيخ عن المسألة والتي عادة تناسب جمهوره المستهدف، (فمثلاً اختيار قول جواز الربا في دار الحرب ثم جعل الغرب دار حرب ثم تجويز القروض البنكية للمسلمين هناك، حتى دولة المغرب العربي ألحقها بدار الحرب، وذلك عندما رأى جمهوره يريد القروض، فإذا رجع قطر هاجم باحث مسؤول أراد فتح باب إعادة النظر في التحويلات البنكية، وما ذاك إلا لأن جمهوره في قطر يريد حرمة القروض) وهو في كل ذلك يتخيَّر من أقوال الفقهاء ما يناسب قوله.

وأما اليوم فالشيخ لم يعدل يستدل أصلاً، فالجمهور يعلم انه لا يرى قولا إلا وللشيخ دليل عليه.

وسياسة الشيخ القرضاوي كفقهه. فهو يختار من الاتجاهات السياسية ما يناسب جمهوره المستهدف ثم لا يجد صعوبة في إيجاد مستند لها من أقوال فقهاء السلف، وبما أن أسهل ما تُستخف به عقول العرب هو دعوى حرب إسرائيل، فقد ناصر الشيخ القرضاوي حزب الشيطان فحصد بذلك الشعبيات وتبوأ مقام فقيه الواقع عند كثير من المسلمين، حتى إذا دار الزمان وأصبح حزب الشيطان عدو الجماهير العربية والإسلامية، دار الشيخ معهم. وبذكاء شديد، أخرج الشيخ نفسه من صورة فقيه ما يطلبه المستمعون بدون أن ينقص من مكانته الفقهية، وذلك بالاعتراف لعلماء السعودية بأنهم كانوا أنضج منه في ذلك.
وشهادة الشيخ القرضاوي تشهد بها الأمة كلها من قديم، المحب لهم والكاره والموافق والمخالف، فجميع المذاهب الإسلامية والطرق تشهد بأن منهج السلف في العقائد أسلم وأحوط. ولكن بعضهم يرى أن منهجه في التأويل أعلم وأحكم، وبعضهم يرى أن بدعهم العقائدية من الروحانيات والرقائق، وأن مدرسة الشيخ محمد بن عبد الوهاب متشددة وإن كانت أسلم للعوام خاصة وهكذا، ولكن لا أحد ينكر أن المنهج في السعودية هو الأسلم والأحوط عقيدة.

وحزب الشيطان أبعد ما يكون عن الإسلام في باب العقائد، فلا عجب ألا ينخدع به علماء السعودية فضلاً عن عوامهم. وهكذا أشغل الشيخ القرضاوي الناس عن التأمل في فقهه المتقلّب مع الجماهير وتأييده السابق لحزب الشيطان بأن شهد بما هو مشهود له أصلاً.

لو هاجم وثنيون إسرائيل لخرج عندنا من يستخف عقول المسلمين ليجعلهم من عباد الله المغفور لهم. إن في تأييد حزب الشيطان عند قتاله لإسرائيل شاهد على غفلة العقل المسلم وسهولة الاستخفاف به عند المناسبات العاطفية.



د. حمزة بن محمد السالم



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مواضيع مشابهة - أو - ذات صلة :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..