الصفحات

الجمعة، 12 يوليو 2013

لو أُنفِقَت على طيور الصومال ووحوشها

لو أُنفِقَت على طيور الصومال ووحوشها

2013-7-12 | 
كشف تقرير نشرته الجزيرة اليوم عن الدور الذي لعبته الولايات المتحدة في تمويل سياسيين ونشطاء عملوا على الإطاحة بالرئيس
المصري محمد مرسي.
وبحسب التقرير، فإن عشرات الوثائق الأميركية الحكومية تؤكد أن واشنطن مولت ساسة مصريين طالبوا بالإطاحة بمرسي، بينهم ناشطون وقادة وأعضاء في ما يسمى جبهة الإنقاذ الوطني المعارضة وأقباط مصريين في الخارج.
ساعدنا هذا التقرير على الفور على فهم الحملة الجنونية التي قامت بها "جبهة الإنقاذ" في الشهر الماضي ضد الرئيس الشرعي بوصفه ديكتاتوراً ومعتدياً على حريات الأفراد، وهي حملة ناصرتها الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية. وقد كانت ردة فعل على ما قامت به محكمة مصرية من إدانة 43 مصرياً وأجنبياً بتهمة الحصول على التمويل الأجنبي لإثارة القلاقل في البلاد.
وليس من المستغرب هذا التدخل الأمريكي في مصر، فلا تقوم السياسة الأمريكية إلا على التدخل في شؤون الدول الأخرى، بهدف تشويه صورة الإسلاميين من جهة وضمان أمن الكيان الصهيوني من جهة أخرى.
وما علينا إلا أن نتذكر ما فعلته واشنطن في أفغانستان والعراق، وفلسطين، ويكفينا أنها ما زالت تقف بكل قوة خلف بشار الأسد ليستمر حارساً للصهاينة، لدرجة أنْ تمنحه مئات الملايين من الدولارات ليوقف "المد الإسلامي" في سورية.
حتى اليوم لا يعرف الرئيس أوباما إذا كان ما حدث في مصر انقلابا أم لا، وهذا أمر طبيعي فهو لا يستطيع أن يعبر عن سعادته صراحة بالانقلاب على مرسي، لأن ذلك سيخالف ما تدعيه الولايات المتحدة من قيم الحرية والإنسانية، فالبيت الأبيض ينتظر اليوم نتيجة تحركات الحكومة الانقلابية في مصر من جهة، ونتيجة المظاهرات المؤيدة لمرسي من جهة أخرى، ولا شك في أن الولايات المتحدة ستقف في صف المنتصر، وستعود للتآمر من جديد فيما لو انتصر الإسلاميون على خصومهم.
لا يفاجئنا موقف الولايات المتحدة التي أعلنت أنها ستستمر بدعم مصر مالياً بالرغم من الانقلاب ، ولا نستغرب موقف كاترين آشتون التي صرحت أن الاتحاد الأوروبي سيدعم مصر اقتصادياً. و
لكننا نأسف حقاً لموقف السعودية والكويت والإمارات ودول أخرى لم تعلنها صراحة بأنها تقف ضد شرعية مرسي.
نعلم جيداً أن المسألة ليست في الدول المذكورة على الإطلاق، ولكنها تنفذ أوامر أمريكية مباشرة. فقد منعت المساعدات المالية عن مصر إبان حكم مرسي، وتم افتعال عشرات الأزمات الاقتصادية في بلاده كأزمة الغاز والنفط والسولار.
فلما تم الانقلاب عليه سارعت السعودية لمنح مصر خمسة مليارات دولار، وقدمت الكويت أربعة مليارات أخرى وأعلنت الإمارات عن تقديمها لثلاثة مليارات دولار أيضاً.
أ ليس من الطبيعي أن نسأل لماذا لم تقدَّم تلك المليارات إلى حكومة مرسي، وقدمت الآن عندما تم الانقلاب عليه، أ ليس واضحاً أن الولايات المتحدة أمرت تلك الدول فأطاعت دونما نقاش.
تساءلت كثيراً، ألا يعتبر الخروج على مرسي بالنسبة للحكومة السعودية خاصة، خروجاً على ولي الأمر، فهل تمت إذاً مكافأة "الخوارج"؟ وتساءلت أيضاً، هل كان الجيش سينقلب على مرسي لو قدمت تلك المليارات لحكومته؟
وتساءلت أيضاً هل كان لبشار الأسد أن يصبر ثلاث ساعات لو قدمت تلك المليارات للجيش السوري الحر؟ وأتساءل: لو أُنفقت تلك المليارات على طيور الصومال ووحوشها أ لم تكن لتكف عن افتراس أولادنا هناك؟
 أراد الرئيس مرسي أن يحرر مصر من التبعية، فيبني لأهلها مشاريعهم الخاصة. وأراد الانقلابيون أن يجعلوا شعب مصر عبيداً للمال الخارجي وشتان بين الأمرين: الحرية والعبودية.

د. عوض السليمان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..