الصفحات

الأحد، 7 يوليو 2013

صوفية الحجاز... وجود حذر مع السلفية!

المتصوفون الحجازيون دخلوا في صراع شديد مع السلفية، ومع ذلك تمكنت من البقاء المشوب بالمخاطر، حتى تبدلت الدنيا وخف السلفيون عليهم.
خلاصة من بحث محمود عبد الغني الصباغ 'الصوفية ومؤثراتها ومجالسها في الحجاز'، ضمن الكتاب 56 (أغسطس 2011) 'التصوف في الخليج العربي' الصادر عن مركز المسبار للدراسات والبحوث- دبي.


أول التهم أهل بدعة وابطال للتوحيد
ازدهرت الزوايا الصوفية في الحجاز خلال العصر العثماني، لتحسن الأوضاع المعيشية والاقتصاديّة عمَّا كانت عليه في العصور السابقة، حتى لقي بناؤها اشتراكاً من طوائف المجتمع المحلي ومن خارجه كافة، فكان هناك ما أنشأه كبار شيوخ الطُّرق، والعلماء، وأعيان الأهالي، والتجّار، وأمراء المقاطعات الإسلامية والمحسنون وفاعلو الخير – كما ترسخت متانتها الوقفية مع صدور قوانين التنظيمات العثمانية للأراضي والأوقاف منتصف القرن التاسع عشر.

كان العهد السعودي في الحجاز، بمثابة عهد إبدال قيمي جذري، نتيجة اتباع الدولة السعودية المنهج السلفي ذي التعاليم الإصلاحية الصارمة، والمتصادمة في جوهرها مع المظاهر الصوفية والطُرقية. يقول الشيخ محمد العربي التبّاني: "وفي سنة دخول السعوديين لمكة المكرمة 1343هـ الموافق 1924، رأيت عند الأشراف وأنا ذاهب الى المعلا رجلاً من أهل مكة خارجاً من المسعى من زقاق المليبارية الضيّق قائلا: اللهم صلِّ وسلم على سيدنا محمد، وصادف نزوله جماعة من الغُطْغُط الى الحرم فالتفت اليه رئيسهم حنِقاُ مشيراً اليه بعصاه قائلا : "اذكرون ولا تعبدون" أي "اذكرونه ولا تعبدونه"، فبُهت الرجل خائفا منهم". كان هناك شريف فاسي من أهل مكة يجلس عند مقام ابراهيم وكان يجلس إلى جانبه سعود العرافة من أعيان الإخوان، وكان إذا جاء ووجده قبّله وصافحه ببشاشة واعتناء، وكان له وِرد من الصلاة على النبي يقرؤه كل يوم، فلما تحقق أنه يصلي على النبي، أنكر عليه وقال لم لا تقرأ القرآن؟ فقال: إني أقرؤه في وقت غير هذا، فقال: ما أراك إلا تصلي على النبي، ومن يومها صار يقابله بفتور.

وقد فسح الاخوان للكُتبيين في السنين الأولى من دخولهم الحجاز بجلب كتاب "دلائل الخيرات" غير المُهمّش، فيما منعوا النسخة التي تحتوي على الهوامش. ومن ثم منعوا جلبه مهمّشاً أو غير مهمّش. وقد جلب منه الكُتبي المكّي الشهير عبدالصمد فدا أربعمائة نسخة فألزموه بإرجاعها إلى مصر أو يتلفونها، فتركها لهم. وقد نشرت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إعلانا بمكة حذرت فيه الناس من كتاب "دلائل الخيرات". وفي سنة 1376هـ [1956] نُشر في جريدة "البلاد" السعودية، تحذيراً مُبالَغاً في صياغته حذرتهم فيه من "دلائل الخيرات"، و"أنه أشد ضرراً على الأمة من كتب الزندقة والإلحاد وأن مؤلفه يهودي". وبعد دخول مكة في العهد السعودي، في أكتوبر 1924، جرت مناظرة بين كتلة علماء مكة وكتلة علماء نجد، في الأصول والفروع، أُرغم علماء مكة بعدها على إصدار بيان يُبطلون فيه "البدع" التي تُنافي التوحيدَ.

وفي حدود عام 1928، أمر رئيس هيئة مراقبة القضاء الشيخ عبدالله بن حسن آل الشيخ بحصرالزوايا التي بمكة، ثم دعا مشايخها بعد أن كان قد رتّب لكل زاوية رجلاً من أهل السلف، وقد حاول بعضهم مقاومة ذلك الإحلال، بذريعة تملكهم المباشر للزوايا، التي تلاصق دورهم فعلاً، وأنها ليست أوقافاً عامة. ولكن ذلك لم يُجد نفعاً.

وفي أكتوبر 1926، وصل فضيلة الشيخ عبدالظاهر أبوالسمح الحجاز، فعُيّن إماماً وخطيباً بالمسجد الحرام. وكان به أئمة كثيرون، فألغوا جميعاً، ونُصّب وحده – وكان من أهل السلف. وكان أبو السمح يخطب ارتجالاً حسب الأحوال والظروف، ومضى على ذلك قريباً من عام، ثم جاء الأمر من الملك بالتزام ديوان شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب.

واندلعت أزمة كبرى في المدينة المنورة حين طلب رهطٌ من علماء الحنبلية الكلاسيكية من السيّد أحمد الشريف السنوسي، المُجاهد الليبي الشهير، الذي كان قد انتقل للمكوث بالمدينة المنورة منذ عام 1924 طلبوا منه التبرءَ من أوراد السنوسية، ومن كتابات السيّد محمد المهدي السنوسي، وإعلان التوبة منها. وقد شقّ على أحمد الشريف ذلك، وهوالمجاهد الإسلامي والسياسي العربي الكبير، والمرجع الديني العريض، فأعلن عن رفضه للامتثال للتعاليم الوهابيّة، فما كان من مشائخ الحنبلية إلاّ تكثيف الطلب من الملك عبدالعزيز بإخراجه من المملكة، ولكن الملك عبدالعزيز تباطأَ في الامتثال لرغبتهم، حتى جاء حتف السيّد السنوسي صبيحة يوم الجمعة 10 مارس 1933، وهو بالزاوية السنوسية بالمدينة المنورة، فدُفن ببقيع الغرقد.

أما ذروة الجفوة فقد تصاعدت مع الاقصاء الرسمي الذي تعرض له السيّد محمد علوي مالكي عشية قرار هيئة كبار العلماء الصادر عام 1981، الذي جاء فيه: بنشر المالكي "للضلال والبدع والخرافات والدعوة إلى السوء والشرك والوثنية"، واعتبار الصوفية رديفا للإلحاد.

مجالس الذِكر في مكة العام 2011:

1. مجلس السيّد عباس بن علوي مالكي (الستين) هو أبرز– وأعرق- المجالس المكيّة القائمة والسيّد عباس يُلقّب بـ(مُنشد الحجاز)، وهو أبرز روّاد فن الإنشاد والذكر والتصوف والمديح في الحجاز. يُتلى في مجلسه أوراد من دلائل الخيرات، وفيه الصلاة على النبي، وإنشاد المجّسات على الطريقة المكيّة التقليدية لقصائد المديح للبرعي، والبوصيري، ومحمد أمين كُتبي، وابن الفارض، وعبدالغني النابلسي، والحِبشي، والشاطري، والحميدي، والبزار والدنجلاوي، وسفينة الفلك.

2. مجلس السيّد حسن فدعق (الرصيفة)، وهو من أعرق مجالس الذكر في مكة. يُعقد كل أربعاء للأوراد والأدعية، وهو مجلس مكّي عريق، أقامه الشيخ حسن فدعق منذ عام 1924م ويُسمى بالـ(الروحة)، وكان يُعقد في حارة الباب بمكة المكرمة، ومن مؤسسيه أيضاً السيّد محمد بن عبدالله العيدروس، والشيخ عمراليافعي، والشيخ زيني بويان المقرئ المكّي الشهير، وكان من روّاده أيضاً الشيخ عبدالله دردوم، إبراهيم مجلد، سالم باحشوان، عمر عيديد عبدالكريم فلمبان، عبدالرحيم ملاه وغيرهم. ويديره راهناً ابنا السيد حسن فدعق؛ طه فدعق وعُمر فدعق.. ويعاونهما إخوانهم عثمان وأحمد وعلوي وإبراهيم.

3. مجلس السيد جعفرشيخ جمل الليل (الرصيفة).. ويديره حاليا ابنه اللواء محمد جمل الليل.

4. مجلس حُسني سابق (العُمرة).

5. مجلس عبدالرحمن شلي (الستين).

6. مجلس زيني بويان (الششة).

7. مجلس محمد كلنتن (النوارية).

8. مجلس إبراهيم الصائغ (الستين).

9. مجلس ذاكر خوج (النزهة).

10. مجلس إبراهيم الأسطة (الستين)، ومن أبرز روّاده الشيخ عبدالعزيز عرفة.

11. مجلس عبدالرحمن خوقير (الزاهر)، ترتفع فيه القصائد والمدائح والدانات يحييها المُنشد محمد ملا.

مجالس الذكر في جدة مطلع العام 2011:

1. مجلس الحبيب عبدالقادر السقاف (1913-2010). مفتى حضرموت سابقاً، استقر في جدة بعد مضايقات الاشتراكيين للنشاط الصوفي في سيئون.

2. مجلس السيّد عبدالله فدعق (مجلس الروحة). فقيه شافعي، وداعية إسلامي معروف.لازم شيخه محمد علوي مالكي طيلة ثلاث سنوات وأخذ عنه الأسانيد العالية، كما لازم جده السيّد حسن فدعق، الذي جعله يتصل بمشائخ الحجاز المتقدمين: عيدروس البار، حسين الحِبشي، ومحمد بابصيل، والشيخ عمر حمدان المحرسي، والشيخ عمر باجنيد.

3. مجلس الشيخ عبدالله بن بيّة (حي مشروع الأمير فواز). وزير العدل الموريتاني السابق، رئيس المركز العالمي للتجديد والترشيد، ونائب رئيس الإتحادالعالمي لعلماء المسلمين خلف الشيخ القرضاوي، والمُحاضِر بجامعة الملك عبدالعزيز.

4. مجلس الدكتور عبدالعزيز عرفة. وهو درسه ببيت التركستاني في جدة. ومن أبرز طلابه: صادق السنوسي، وموفق السنوسي، وغالي العطاس (وقد أخذ التحقيق منه)، ومجموعة من الطلاب البُخارية، حيث يعمل عرفة كمسؤول عن أوقاف البخارية في مكة. وللدكتور عرفة نشاط تدريسي موازٍ في جدة بسكن الجامعة لتدريس بعض أساتذة جامعة الملك عبدالعزيز.

5. مجلس الدكتور عمر عبدالله كامل (التحلية). وهو مجلس لتحضير الطلاب.والدكتور كامل مُتخصص في علم المنطق وعلم الرجال، وله إنتاج غزير في علم الكلام والمنطق والفرائض والسلوك. وهو من عائلة تجارية معروفة في الحجاز، يملك نفوذاً وتغلغلاً بين الطبقات التجارية والأُسر الحجازية. يعينه في التدريس الشريف عبدالله فراج الشريف العبدلي، في تخصص أصول الفقه. ولكامل نزعة طُرقيّة مُعلنة في التسلك النقشبندي.

6. مجلس الدكتور هاشم مهدي (حي مشروع الأمير فواز).. وهو القيّم على المجلس العلمي للمهندس عادل محمد فقيه.

7. مجلس عدنان بن علي بن [الحبيب] أحمد مشهور بن طه الحداد . يُدرس فيه الفقه الشافعي يومين في الأسبوع.

8. محمد عبدالرحمن السقاف. الحضرمي مولداً، الحجازي نشأةً. أخذ العلم من الحبيب عبدالقادر السقّاف، والحبيب أحمد مشهور الحداد، وأبوبكر العدني المشهور. له نشاط علمي دولي واسع. يشتهر أكثر بإقامته لعصريات طيلة شهر رمضان.

9. مجلس آل بترجي (صاري). يديره الدكتور فهد الخياط.

10. مجلس الأحدية.وهو مجلس مُتنقّل بشكل دوري بين بيوت محمد عجاج وواصف أحمد فاضل كابلي، وعبدالملك نمنكاني، ويوسف بشناق، وأحمد سمباوة –كان يعقد برئاسة للشيخ المكّي الراحل: عبدالعزيز بن محمد خليل طيبة، وهو مستمر بدونه.

11. مجلس الشيخ عبدالقادر خِردْ. وهو من المجالس الممتدة منذ كان في مكة - أُوقف أخيراً.

12. ثمة دروس فردية أيضاً للشريف أحمد العرضاوي، وللشيخ غسان القين، وهو من أهل القصيم أصلاً، ومن سُكان المدينة المنورة قبل انتقاله إلى جدة ومن تلاميذ الشيخ حسين أيوب.

13. مجموعة من الأهالي والأعيان يقيمون مواسم للذكر والسيرة النبوية والموالد النبوية، من أبرزهم: حامد فايز، أحمد زكي يماني، صالح كامل، زكي مصطفى إدريس، محمد عبده يماني (مجلس البدرية)، بيت الدباغ: مجموعة الطيّب الدباغ، ثم مجموعة عدنان الدباغ، بيت أبوزنادة ماجد طيّب، أجواد الفاسي، أحمد عقاد، الدكتور عادل أبوالعلا، عبدالله باهيثم، عبدالحميد بشناق وعادل بخش– وغيرهم.

مجالس الذِكر في المدينة مطلع العام 2011:

1. الحبيب زين بن ابراهيم بن سميط. فقيه شافعي، مجاور في المدينة المنورة منذ ما يزيد عن ثلاثة عقود. كان له درس شهير في مسجد قُباء، ثم تعرض لتضييق شديد. توَّسط له في الآونة الأخيرة الشيخ محمد عبده يماني، وكفله لدى السلطات أمين العاصمة المُقدسة السيّد أسامة بن فضل البار.

2. الشيخ خليل ملا خاطر، فقيه شافعي كبير، أصلاً من أهل الشام. وهو عالم سيرة نبوية متخصص في فضائل المدينة المنورة.

3. مجلس الشيخ محمد عوّامة الحلبي، وهو من كبار المُحدثين. لديه مركز خدمة السنة والسيرة النبوية لتحقيق كتب السيرة النبوية، مثل كتاب "إتحاف المهرة"، كما أسس مكتبا لتحقيق التراث الإسلامي، الذي يمولّه رجل الأعمال صالح كامل.

4. الشيخ ابراهيم الإبن. وهو مُحدّث، وعالم فقيه يعتمد المذهب المالكي. تجاوز التسعين عاما وقد انعزل عن المشهد العلمي قبل فترة وجيزة.

5. الشيخ محمد محمد المختار الشنقيطي (من مواليد 1966). من علماء المالكيّة في الحجاز. مُدرّس في الحرم النبوي، وعضو هيئة كبار العلماء في تشكيلته الأخيرة (14-2-2009م). تتلمذ على يد والده، المدرس بدوره بالمسجد النبوي، يعتمد مذهب المالكية في التقرير والتفريع.

6. مجلس أبناء السيّد محمد صالح المحضار المَدَني، وكان والدهم الشيخ محمد صالح المحضار من علماء الحديث، ومن كبار مقيمي الموالد النبويّة بالمدينة المنورة.

7. مجلس بيت الشقرون .. وهو التقاء الطريقتين الشاذليّة المَدنية، والرفاعية في المدينة المنورة.

8. الشيخ المُحدث مالك بن العربي بن أحمد الشريف السنوسي.. يُعتبر مسندا في الحديث ويستقبل في داره طلاب الرواية بشكل دوري.

9. الشيخ عدنان السقاف. مُحدث ولديه إسناد عالي. وهو من تلاميذ [الحبيب] أبوبكر العدني المشهور.

10. حضرات عبدالعزيز بن عبدالرحمن كعكي. وهي امتداد لموالد والده عبدالرحمن كعكي الشهيرة منذ كانت تقام في فناء حوش المنّاع.

11. حضرات تقام في مجلس الشيخ عبدالعزيز المِكوار.

12. حضرات تقام في منزل الشيخ عبدالوهاب بن إبراهيم فقيه، ببستان آل الفقيه.

13. حضرات بيت الميمني. يقيمها حالياً فريد بن عبدالستار الميمني، وأخوه يوسف، ومقرها بباب العوالي.

14. حضرات بيت أحمد غلام.

15. حضرات رضوان شيخ. امتداد لمجلس جده أحد علماء المدينة. مقرّها بالحرّة الشرقية.

16. مجلس أبناء محمود كظلّي. وهم يتبعون الطريقة الشاذلية.

17. مجلس البدريّة، ويشرف عليه أحمد الدبابش، ومقرّه عند بير جروان. وهو فرع لمجلس البدريّة الذي كان قائماً في مكة حتى عهد قريب، وكان يشرف عليه في نسخته المكيّة، حسن عايش القرشي، وحامد فتّة.

18. ومن رموز الإنشاد الصوفي بالمدينة المنورة: عبدالله فرج الزامل (وهو رجل مُعمر) يحظى بشعبية جارفة، كانت والدته: سعيّدة أُم خلف، سيدة تحظى بـ"كرامات" - كما في الوعي الشعبي.

ميدل ايست أونلاين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..