الصفحات

الأحد، 14 يوليو 2013

(شياطين الإعلام) في رمضان

د. عبدالرحمن  يحيى القحطاني
د. عبدالرحمن يحيى القحطاني
إلى متى يتركّز الانتكاس القيمي في معظم القنوات الفضائية العربية عند حلول شهر رمضان المبارك؟!! فبدلاً من تعزيز قيم الإسلام في هذا الشهر وشحن الإيمانيات واللجوء إلى الله - عز وجل - والتضرع إليه، عوضاً عن أهمية تكريس مفاهيم الصبر والتعاطف مع الفقراء والمساكين، نجد في المقابل تحويراً لتلك القيم؛ ليصبح هذا الشهر لديها شهراً كوميدياً مليئاً بالهزل والإفساد لروحانياته، والعبث بقيم مجتمعاتنا، وتمريراً للعديد من المفاهيم المصادمة لمبادئنا الإسلامية.
 
يتم ذلك تحت شعارات وأسماء رنانة، أقل ما يقال عنها أنها أسماء استفزازية لمشاعر المسلمين، تستخف بعقلية المشاهد وقيمه حين تربط ذلك السفه الإعلامي بروحانية الشهر‍!!
 
كنت قد أشرت في مقال سابق لي إلى ظهور مفهوم حديث في الدول الغربية يسمى "محو الأمية الإعلامية" (Media Literacy)، وهو إطار يعرِّفه "تحالف محو الأمية الإعلامية" بالولايات المتحدة (AMLA) بأنه القدرة على فك رموز الرسائل الإعلامية المباشرة والمخفية، والقدرة على تحليل ما يبث في الإعلام ومعرفة مكنوناته وأهدافه، والقدرة على صنع وإنتاج الرسائل الإعلامية.
 
وتقوم مبادئ محو الأمية الإعلامية على ركائز أساسية عدة، أولُها وأهمُّها أن ما يقدَّم في الإعلام متشرب بالقيم والمبادئ، ويعني ذلك أن كل ما نشاهده في هذا الشهر الفضيل من مسلسلات وبرامج ترفيهية وأفلام وما تحمله من مفاهيم وسلوكيات وأخلاق تصادم قيمنا وثقافتنا نابع من قيم ومبادئ معدِّيها أو مالِكِيها!!.. كما أنها تُعد بطرق مبتكرة ووفق أنظمة وقواعد صانعيها بمشاربهم المختلفة!! إذاً، فالعملية هنا ليست مجرد ترفيه ولهو محض، كما أنها ليست عملية اعتباطية ارتجالية!!
 
كما أنّ من أبرز تلك الركائز أن معظم ما ينتج في القنوات الإعلامية يُعد للحصول على الربح أو السلطة بشتى صورها، فقد تكون سلطة لتمرير ثقافة أو قيم معينة، أو للحصول على مكتسبات اقتصادية أو سياسية!!
 
ومن خلال هذا المفهوم دعونا نتساءل عن تلك المسلسلات التي تعج بها القنوات الفضائية خلال الشهر الفضيل، فلماذا تُعد وتنتج لرمضان تحديداً؟ وما القيم التي تريد القنوات إظهارها من تلك المسلسلات؟ ولماذا الترويج لقيم الحب غير العذري والعلاقات غير السوية؟ ثم لماذا إبراز الرجل المحافظ وتحديداً "الملتحي" بأنه شخصية ساذجة همجية عنيفة؟؟ ومن يقف خلف التطاول على ثوابتنا الإسلامية؟ ولماذا رُكِّبت وأُنتجت بهذه الطريقة؟ ما أهدافهم في إظهارها؟ ولمصلحة من صُنعت؟ ولماذا تُعَبِّر بعض القنوات الفضائية عن واقع المجتمع السعودي بطريقة كهذه؟ وواقع مَن الذين يتحدثون عنه؟..
 
وكما يقول مشروع "محو الأمية في نيو مكسيكو" بالولايات المتحدة فإن تأثير الإعلام لا يأتي مما يقال فقط، وإنما من الجزء المخفي من القصة. إذاً، فما هو الجزء المخفي من قصة ذلك الاستهداف المنظّم لقيم وثقافة المجتمع؟.. هنا أترك لكم الإجابة!!
 
وقفة بمقدار 359°:
 
يبدو أننا نتعامل مع شياطين من نوع آخر في هذا الشهر!! فإذا كانت شياطين الجن تصفَّد في هذا الشهر الفضيل، فهناك شياطين الإعلام الذين يحملون الراية عنهم، ويعملون مكانهم!! 
,,,,,,,,,,,,
سبق



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..