سيادتك جزيراوي؟ ام عربياوي؟

ينسب الى الإمام الشافعي قوله المذكور ولكن هناك من يشكك بنسبته للامام الشافعي : كنا في سفر بأرض اليمن فوضعنا الطعام للعشاء فحضرت صلاة المغرب والطعام جاهز فتركنا الطعام وأقمنا الصلاة وكان الطعام دجاجتين فأتى ثعلب ونحن نصلي وأخذ دجاجة وهرب ، فلما إنتهينا من الصلاة أسفنا على الدجاجة وقلنا : حرمنا طعامنا وبينما نحن كذلك إذ جاء الثعلب وفي فمه الدجاجة نراه من بعيد فوضعها بعيدا عنا ووقف بعيدا عنها ، يقول : فهجمنا عليها ، فهرب الثعلب فلما وصلنا إليها فإذا هي ليفة على شكل دجاجة ! وليست دجاجة وبينما نحن نضحك ، كان الثعلب قد ذهب وأخذ الدجاجة الثانية وهرب بها. فضحك علينا الثعلب ونحن من كبار العلماء.

سواء كانت هذه القصة صحيحة ام لا فإنها تكشف حقيقة واضحة وهي ان كبار العلماء (القادة السياسيون الخبراء ، المناضلون ...الخ) يمكن ان يخدعوا ويجروا الى مواقف تدل على سذاجة رغم انهم (علماء) مجربون ! ونجد اليوم الكثير من الثعالب تضحك علينا بل ان بعضها يبول فوق عمامات (علماء) سخرية من الجانب الساذج في طريقة تفكيرهم رغم عبقرية فهمهم لامور اخرى ! ان ما يجري في كل الوطن العربي يكشف هزيمة (علماء) تطوعوا لقيادة مسيرة التنوير والتثوير ( ! ) واذا بالثعالب الصهيوامريكية – الايرانية تبول على لحاهم وعماماتهم وبدلاتهم المدنية لانهم ورغم ذكاءهم لم يفهموا بعد لعبة الثعلب الذي يقدم دجاجة مزيفة (ثورات مزعومة) ليسرق الدجاجة الثانية وهي الوحيدة المتبقية ويترك (علماءنا) الاجلاء جوعى لا يجدون ما يأكلونه سوى الحشيش كي يخدرهم فينسون خيبتهم ! لقد سرق الثعلب كل الدجاج ولم يبق لهم سوى العجاج!

الان ومصر تحترق وشعب مصر يدخل مرحلة الحرب الاهلية ، بينما العراق مازال يحترق ، ولحقت به سوريا التي تحترق بنار المجوس! ليبيا تحترق وتتمزق بلا رحمة! اليمن تفلت من قيد التوحد وتدخل مرحلة التقسيم ! اليمن العربية القح والتي ليس فيها اقليات تتقسم اليوم على اسس الفدرالية والكونفدرالية ! وتونس دخلت مرحلة الاحتراق بنار التكفير والتنفير والتسعير ، ولم تعد تونس التي نعرفها واحة لمن يريد الراحة والتقاط الانفاس ! البحرين تطبخها امريكا على نار هادئة لتسلمها الى ايران تحت غطاء (حق تقرير المصير ) مثلما سلمت العراق لايران ومع ذلك نجد (قوميين) عرب أقحاح جدا واصلاء جدا يرفضون الخروج من تحت عمامة خامنئي ويتطاولون على رموز الامة !

هل كان احدا منكم مهما كان خياله خصبا قادرا على تصديق ان امريكا يمكن ان تسلم العراق الى ايران ؟ ومع ذلك حصل وهاهو شعب العراق يشهد عمليات تطهير عرقي ضد العرب في العراق تحت غطاء طائفي زائف ! والان يقاتل ( قوميون عرب) وبحماس اشد من الفرس انفسهم لضم البحرين لايران هل تصدقون ان قوميا عربيا يريد ضم البحرين لايران ؟ صدقوا ذلك لانكم اذا لم تصدقوه ستصابون بصدمة خطأ الفهم كما حصل لكم مع العراق!

(العظمة) و(الروعة) اللتان ما بعدهما (عظمة) ولا (روعة) ان الاحتراق في جهنم يتم وسط عزف عالي الطبقات لانشودة (ثورة ثورة حتى النصر) ! وصداها التوأم : (هذه ارداة الجماهير وعلينا الانحناء لها مهما كانت طبيعتها) ! بل نجد من يقف ليقول بصوت جهوري ( ليخسأ انصار نظرية المؤامرة فما يجري ثورة ومن يشكك بذلك احمق او غبي او مساوم مع الانظمة) !

اليوم نشاهد عرضا خلابا لكنه مرعبا ايضا: نجد دراويش يدورون حول ذواتهم ويصرخ احدهم بجنون مطبق ويراه ويسمعه الملايين عبر شاشات التلفزيون وهو يبكي : (اقسم بالله لقد رايت جبريل يصلي معنا في مسجد رابعة العدوية ) فتردد الجموع المسكينة مبهورة ومسحورة : (الله اكبر ....الله اكبر) مصدقة ان جبريل نزل وصلى فيكون ذلك مبررا لهم للموت في سبيل الجنة التي اقنعوا بانهم لن يدخلوها الا اذا عاد مرسي رئيسا لمصر ! مع ان المجنون الملتحي كذاب اشر ومن نسل ابليس !  هل هذا طبيعي ؟ هل هو تعبير عن وعي شعبي سليم نراه في هستيريا الملايين التي تهتف في جهة لمرسي وملايين اخرى تهتف في جهة مقابلة للسيسي ؟ لقد سبق ونبهنا الى ان دفق الملايين ليس المعيار فمن اشترك في انتخابات العراق وهو محتل كان الملايين وكان يجب وفقا لمنطق ابطال رفض نظرية المؤامرة قبول ارادتهم التي لا ترد ولا ترفض ، الم يقولوا ان الجماهير هي الحكم وهي المعيار مهما كانت طبيعة وعيها ؟ !

ورغم كل هذا وفوقه نرى كارثة الامة العربية الاكبر في تحكم الثعلب بعملية سرقة الدجاج المستمرة رغم انكشافها منذ اول سرقة لاول دجاجة ! الكارثة هي ان الثعلب يضعنا بين خيارين لا ثالث لهما ، هو من يحددهما وليس الجماهير لان ( الجماهير ) المبهورة بنزول جبريل للصلاة معها في مسجد رابعة العدوية تؤمن بان الثعلب ذكي وقادر على القيادة وعليه القيام بما يشتهي ويسرق كل الدجاج بشرط ان يتم كل ذلك تحت اسم الجماهير الملايينة وبركات وعيها ! الخياران اللذان نراهما ومنذ بدأ غزو العراق في عام 1991 هو اما ان تكون عضوا في حزب الجزيراوي ( مشتق من قناة الجزيرة ) او خيار الانتماء لحزب العربياوي ( مشتق من قناة العربية ) . فانت اما جزيراوي او عربياوي وليس هناك حزب اخر ! نعم تغيرت بعض الاسماء لكن الجوهر باق ، ووسط تلك الزفة تغيّب عمدا القوى الوطنية الحقيقية وتبعد عن مشهد الصراع وكأنها غير موجودة مع انها موجودة فعلا .

هذان الحزبان يتصارعان بقوة الان حول احداث مصر فكل منهما اختار طرفا مصريا يدعمه ويروج لمواقفه ودعايته بلا غموض ! غير مسموح لك ان تكون طرفا مستقلا واذا رفضت وتبنيت الخيار الصحيح وهو رفض كل هذه الاطراف المشبوهة او العميلة التي تقود عملية التصارع – وليس الشباب الوطني والحر - في مصر فانت ستصبح ضحية للتعتيم ولن يسمحوا لك بالحديث وان تحدثت فمع نفسك او محيطك الفردي ، لان المال بيد من يتأمر والسلطة بيد من خطط  للتأمر، وهو ليس عربي بل اشقر او ابيض البشرة! لذلك فاذا كنت تريد اسماع صوتك لابد ان تكون اما جزيراوي او عربياوي لا غير ! اما اذا رفضت ان تكون من احد الحزبين فلا تأكل الا (القزرقط ) . اسئلوا اي عراقي عن معنى هذه الكلمة العراقية الشعبية .

كما فعل الثعلب منذ بداية ما اسموه ( ربيعا عربيا) عندما سرقوا احلامنا الحبيبة في التغيير الثوري واقامة البديل الثوري الوطني والقومي والاشتراكي وحولوه الى محض فوضى هلاكة فانهم الان يريدون استمرار المحرقة عن طريق تواصل الاقتتال بلا رحمة بين انصار حزبين فقط بينما القيادة لكلا الحزبين تبقى بعيدا عن ساحة المعركة تماما رغم قيادتها لها ، فلا ترى الجماهير الحقيقة التي غيبت نتيجة وعيها البسيط الذي لا يكفي لمعرفة خبايا لعبة الثعلب وتكتيكات مخابرات الثعالب ، وتظن الجماهير المسكينة ان احد الحزبين المذكورين يمثلها فتضع كل امالها في سلته وتخوض صراع موت او حياة ضد الحزب الاخر : فاما ان ينتصر الجزيراوي او العربياوي !

ولو انك تسأل من هو حزب الجزيراوي ؟ ومن هو حزب العربياوي ؟ لفوجئت بانهما مجرد واجهات قرقوزية تحركها اصابع ثعلب صغير من المخابرات الامريكية يحرض الطرفين على تصعيد الحرب الضروس بينهما وهو يضحك متمتعا باكل الدجاج كله، مشاهدا ما يحدث من غرفة (الكونترول) ، بينما يظن البسطاء ان الجزيراوي توجهه قطر والعربياوي توجهه السعودية ! انتبهوا ايها العرب : لا السعودية لها صلة بتوجهات حزب العربياوي ولا قطر لها صلة باداء حزب الجزيراوي ، اكبر كبار السعودية وقطر يعلمون غالبا باخر (موضات) الحزبين من الاخبار مثل غيرهم ! فاللعبة واضحة جدا .

صراع حزب الجزيراوي وحزب العربياوي مميت لابناء الناس البسطاء ولكنه ليس مميتا لمن يحرك القرقوزات ولا لقرقوزات ستوديوهات الحزبين بل لمن ينزل الى الشارع متأثرا بقوة تأثير الاعلام الذي اصبحت مهمته الاولى هي تزوير كل شيء من الاسماء حتى الازياء والوان الناس ، فانت اليوم ابيض اللون لكنهم بالفوتوشوب في الجزيرة او العربية يحولونك الى اسود ! وانت لم ترقص في حياتك لكنهم قادرون على ترقيصك بعمامتك حتى لو كنت خامنئي او القرضاوي ! او جعلك تنطق بآيات الذكر الحكيم بصوت عبدالباسط عبدالصمد حتى لو  كنت احد (ابطال) غزو العراق والمقدسين للمحرقة اليهودية ( الهولوكوست ) مثل محمد البرداعي ! افلام كاملة تزور وتحور لتخدم طرفا ما وتكمل حشد البسطاء الجاهلين باصول اللعبة الجهنمية للثعلب الماكر ! الكذب اصبح في عصر  امريكا هو القيمة العليا وما عداه فهو سذاجة وتخلف فلكي تعيش عليك ان تحترف الكذب والتزوير ، ولتذهب الاخلاق والعدالة للجحيم ! هذا ماتفعله امريكا بالذات وهذا ما تريدك ان تفعله لانه ليس لديك خيار اخر !

اما هدف محرك القرقوزات العربية احزابا وقنوات وافراد فهو لا يريد ثورة ولا انتفاضة بل كل ما يريده هو التدمير الشامل والكامل لكل قطر عربي عبر نشر فوضى هلاكة تحرق الزرع والضرع ، فتحت غطاء اسقاط النظام تتم عملية اشعال حروب دموية كارثية لا تحرق النظام فقط بل تدمر الدولة والمجتمع وتمزق نسيج العائلة ، والاهم قبل هذا وذاك هو انها حروب اهلية تقوض منظومات القيم الاجتماعية التي سادت الاف السنين فتترك الانسان بلا قيم وبلا روادع وتتساوى لديه الخيانة مع الوطنية والعيش بشرف مع العيش من السمسرة ! اليست تلك نظرية الحفاظ على البقاء ؟ الثعلب  فجر الازمات كي يجعلك تعيش عند حافات البقاء وتحتها ، فترى الملايين جهنم تسعر نارها وتنتظرها تحت ، والجماهير  عاجزة عن الابتعاد عن السفح لتجنب السقوط في سعير جهنم لان الاخر القابع خلف وجوه قادة حزب الجزيراوي وحزب العربياوي يدفع الملايين بقوة غير منظورة للبقاء عند حافة السقوط في فرن جهنم ! ففي غمرة الخوف تبدأ منظومة القيم العليا بالتفكك اما قوة غريزة البقاء ، هذا بالضبط ما يريدونه .

 تبدأ رحلة العار عندما يتخلى ( الامام) عن ذكاءه لصالح الثعلب سارق الدجاجتين ، وعندما يتخلى الامام عن ذكاءه ويستسلم للثعلب فانه يطلّق منظومة القيم العليا ويتحول الى نصير ثعالب تتقافز حوله وتجر لحيته بحجة تمشيطها وتنظيفها من حشرات الفقر ! يتحول الائمة والعلماء مثل القرضاوي ومحمد بديع والافندي محمد البرادعي الى  مخلوقات هجينة نراها ترتدي وجوه البشر لكنها لا تنتمي اليهم عمليا ! همها الوحيد البقاء وملء المعدة والنوم ولو تحت فرقعات بسطال الثعلب وهو يتمايل امام حائط البراق (حائط المبكى) ! المهم ان هو ان نبقى احياء مهما كانت شروط الحياة هذه حتى لو التقى البرادعي احد من هيأوا لتدمير العراق مع من دافع بقوة عن العراق قبل الغزو ويصبحان اصحاب قضية واحدة دون اي تساؤل عن مغزى ذلك وبدون ان يخطر على بالك طرح سؤال منطقي هو : من تغير منهما ؟ !!! الثعلب يريد منا ان لا نتسائل كثيرا وان نوافق اكثر على ما يقوله لنا حزب الجزيراوي او حزب العربياوي فهما العائلة المقدسة !

هذا ما يريدون منا ان نصل اليه ، لان الوصول اليه لا يبقي شعبا ولا هوية ولا دين ولا قيم بل تصبح العصابات هي الحكومات ، الم تروا كيف ان العراق شهد بروز حكام وقادة عصابات من اتفه مخلوقات الله واشدهم قذارة وامية ؟ الم تروا (البلطجية) من طرفي الصراع المصري وهم يلعبون بمصر ومصيرها بينما علماء مصر الحقيقيون مغيبون عمدا ؟ حثالات القوم يصبحون بفضل انحطاطهم الاخلاقي قادة بيدهم السلاح والمال للقيام بالقتل لمن يريدون ومتى ارداوا ! الم يسحل مواطنون في مصر التي لم تعرف السحل قبل ربيع الغضب ؟ الم يلقى افراد من فوق بنايات بلا رحمة او تردد ؟

الصوت العالي علو ذكاء (عزيزنا) الثعلب الان في مصر وتونس وسوريا والعراق واليمن وليبيا للعمى والظلام  والتجهيل والتغييب لصوت الوعي والعقل والمصلحة الوطنية والقومية ، لماذا ؟ لان الجالس خلف استديو حزب الجزيراوي واستديو حزب العربياوي يريد ذلك ويأمر به ومن يرفض يقصية بجرة قلم ! اين ابطال الفصل الاول من صراع تدمير الاقطار العربية ؟ الم يختفي بعضهم تحت ستار الاستقالة مع انهم لم يستقيلوا بل اقيلوا ؟ السر الكبير وراء اصرار الحزبين (التاريخيين) الجزيراوي والعربياوي على مواصلة القتال حتى اخر عربي في كل قطر عربي هو ان هذه الامة يجب ان تدمر ولا يبقى فيها حجر فوق حجر ولا انسان فوق كتفيه رأس ولا رأس بعقل واع ، فالكل يجب ان يختبأ تحت عمامة الثعلب وتحت بدلة السباحة البكيني التي يرتديها الثعلب ، عندما يرغب بتغيير ملابسه ، ولا تخفي عورته العظيمة ! الثعلب يريدنا ان نستمر في القتال بلا توقف حتى تزول اسماء العراق وسوريا ومصر من الوجود لانها ثلاثي استقرار الامة العربية منذ الاف السنين .

الثعلب يريدنا ان نواصل عمليات التشرذم فمن كان الافا واصبح مائة يجب ان يصبح خمسين ثم يصبح 25 ثم يستمر الانقسام الخلوي بعملية ارتدادية تتناقص فيها الخلايا الكتلة الواحدة مع كل انقسام حتى يصبح كل فرد حزبا قائما بذاته ، بعكس عملية الانقسام الخلوي الطبيعية التي تزيد عدد الخلايا وتضاعفها عندما تنقسم ، لماذا ؟ لان الثعلب يجري تجربة انقسام خلايا تؤدي الى التناقص التدريجي لكل كبير وقوي حتى زوال قوته وكبره وتحوله الى قزم يمكن توجيهه بسهولة  . والميزة الفريدة هنا ان تجرية الثعلب هذه تجري على العرب فقط !

وصل التشرذم الان حد ان الابن يرد على ابيه ويكذبه ، عبدالرحمن ابن مفتي حزب الجزيراوي يوسف القرضاوي يكذب والده : (ولاتقل لهما اف ولا تنهرهما ) ومع ذلك قال لوالده ليس افا بل اكثر قال له : انت كذاب وستين كذاب ! اليس ذلك تنكيل بالوالد ؟ ومن سببه ؟ وما معناه ؟ اليست تلك هي الفوضى القيمية في اخطر درجات تصعيدها وتعزيز سطوتها وهي درجة تفكيك حتى الروابط الاسرية ؟ نحن هنا لا ندافع عن فتوى الاب بل نحن نكشف الحال الذي اوصلتنا اليه فتاوى ابطال ( الثورات العربية ) و( الربيع العربي ) واللذين لا يرون كيف ان الثعلب يبول على كل عربي مستهزءا منهم !

ماذا عن غموض وتناقض الموقف الامريكي من احداث مصر؟ أليس هو احد مصادر زيادة الفوضى نتيجة الغموض وتفسير كل طرف ذلك لصالحه؟ امريكا تعمدت ايصال الاخوان للحكم وهذه حقيقة يعتز بها الرئيس المقال محمد مرسي ومن يوجهه، ولكنها هي ايضا وبنفس الوقت من شجع الضباط وجبهة محمد البرادعي على الاطاحة به بعد انشاء حزب اكلات سريعة اسمه (تمرد) بايام! هل سمعتم بربكم بحزب شعبي ملاييني يتكون بايام حتى في جزيرة الواق واق المشهورة بسلق اي شيء بساعات؟ ان كنت تريد ساعة رولكس مثل الساعات التي اهداها زلماي خليل زادة لابطال المعارضة العراقية في لندن فما عليك الا الاتصال هاتفيا ومجانا بواسطة تانغو او فايبر بقائد جزيرة الواق واق وتطلب منه صناعة رولكس خلال دقائق فيرسلها لك بعد ساعة ! اليست تلك هي عبقرية عصر امريكا !؟ امريكا تدعم طرف في السلطة وتقنعه انها معه لكنها بنفس الوقت وبنفس اللحظة تحرض طرف اخر على اسقاطه وتغير اللعبة كلما بهتت! اليست تلك من اهم متطلبات نشر الفوضى الهلاكة ؟

هل كانت امريكا تتخبط حينما دعمت الاخوان بلا تردد ثم ساعدت على خلق بيئة سقوطهم ؟ هل حقا ان ما قاله مسؤول بـ"CIA":  من ان الحرب في سوريا أكبر تهديد لامريكا ؟ كلا لم تكن امريكا تتخبط ولم تمارس مواقف متناقضة بل كل التناقضات وما يفهم على انه تخبط امريكي كان خطة مدبرة وواعية ،  فهي لم تدعم وصول الاخوان المسلمين الى الحكم حبا بهم  ولكن رغبة في استثمار عبادتهم للحكم  ولتخلفهم الفكري وعماهم الايديولوجي لدفعهم لممارسة سياسات تعزلهم وتفتت المجتمع وتشرذمه بصورة لا يستطيع القيام بها اي حزب علماني مصري . وامريكا  بنفس القوة والحماس تدعم مناهضي مرسي وتغذي تطلعاتهم وتوهمهم بان المستقبل لهم ! وفي سوريا دعمت امريكا ادخال من يحسبون على القاعدة بواسطة انظمة عربية معروفة باعداد ضخمة فغير ذلك اتجاه الانتفاضة السورية واصبحت اداة تدمير منظم لسوريا لان امريكا ارادت تدمير سوريا القطر والوطن كما فعلت في العراق وكما تفعل في مصر وتونس واليمن وليبيا وغيرها ، وهنا نرى مصلحة امريكية اسرائيلية مباشرة ، لذلك فكلام نائب مدير المخابرات الامريكية ليس سوى تضليل واضح .

عام مضى والاخوان يحرقون اوراقهم عبر التكفير واخونة مصر ومهاجمة الفن والفنانين والكتاب وممارسة كل الموبقات ، نواب يقبض عليهم في اوضاع مخجلة ، واخر يقوم بعملية تجميل لانفه ويدعي انه اعتدي عليه ، واخر يقول علنا لفنانة كم رجلا ركبك ...الخ ، كل ذلك استفز الناس العاديين وارعبهم من فكرة انهم سيضطرون لتغيير ملابسهم واشكال وجوههم ، ونسيان مغنيهم واخفاء تماثيلهم والتوقف عن رقصهم ونمط حياتهم ، وبما ان العادة قوية فان الاخوان فتحوا عليهم ابواب جهنم فاحرقت اوراقهم باقل من عام ، لذلك خرج ضدهم اكثر من عشرين مليون مصري اي اكثر بكثير ممن خرجوا ضد مبارك ، وهكذا تحرك الاخر حزب العربياوي لاسقاط حزب الجزيراوي. بينما الجزيراوي يقاتل ببسالة منقطعة النظير لاجل عودة مرسي ! الا يستحق كلا الحزبين كلمة (مَرسي)  بالفرنسية؟ وهل من نتيجة متوقعة لكل تلك الحرب العبثية غير تفاقم الفوضى الهلاكة ؟  

اقتلوا العرب بيد عرب، دمروا بابل مرة ثانية بيد بابليين، اسحقوا سوريا بيد شاميين، قسموا اليمن بيد يمنيين، هدموا ركائز قيام مصر بنسف اهرامات ثباتها الوطني وهويتها واسقاط قيمها العليا بيد مصريين. لم تعد الجماهير البسيطة، التي تعرضت لأخطر غسيل دماغ جماعي عبر عقود التجويع والحرمان والاهانات، ترى ما في الغد بل ترى فقط ما يوجد هذا اليوم وما تريده هذا اليوم ، وتلك هي العفوية وهي المقتل الاساس للانتفاضات الوطنية والتي تحولها من مقدمة ثورة جدرية الى فوضى هدامة لا تبقي حجرا فوق حجر ولا تحفظ ودا بين البشر وتنحر الامال العظام وتترك للناس بقايا الجثث والعظام!

هل هذا المقال جواب واضح لعشرات كتبوا لي يسألونني لم لم اكتب عما يجري في مصر واحلله؟ حينما كتبت اطول دراسة شخصت ما يجري منذ بداية عام 2011 وهي (اوهام الامس في عصر ما بعد الغد: نحن وامريكا وبيننا هوليوود) ظن البعض انني اروج لنظرية المؤامرة مع انني كنت افضح واعري المؤامرة التي تنفذ فعليا، ومن اراد معرفة ما يجري الان في مصر وتونس وليبيا وسوريا والعراق ولبنان وغيره عليه ان يعيد قراءة تلك الدراسة التي تغنيه عن 1000 كتاب وتعفيه من وجع الرأس الناتج عن خباثات الثعلب الذي يتقافز بين عيوننا وفوق اكتافنا كي لا نستطيع الرؤية بوضوح .

وجهات نظر

صلاح المختار

_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :