الصفحات

الثلاثاء، 6 أغسطس 2013

زكاة الفطر : هل تخرج نقدا !!؟

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد.
فقد اختلف أهل العلم في حكم إخراج زكاة الفطر نقدا

على قولين :-
الأول :عدم الجواز وهو مذهب الجمهور المالكية والشافعية والحنابلة ودليلهم أنه لم يرد نص بذلك والأصل الوقوف عند ما ورد وإخراج الحبوب (1).

الثاني :جواز إخراجها نقدا إما على الإطلاق وهو مذهب الأحناف(2) والبخاري(3) وقول عمر بن عبدالعزيز والحسن البصري وغيرهم(4) أو مع التقييد بالحاجة وهو رواية عند الحنابلة اختارها ابن تيمية (5).
            ولهم أدلة منها حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: « فَرَضَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم زَكَاةَ الْفِطْرِ ، صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ : عَلَى الْعَبْدِ ، وَالْحُرِّ ، وَالذَّكَرِ ، وَالْأُنْثَى ، وَالصَّغِيرِ ، وَالْكَبِيرِ ، مِنْ الْمُسْلِمِينَ ، وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إلَى الصَّلَاةِ» متفق عليه(6).
وفي رواية « أغنوهم عن الطواف في هذا اليوم ».
            أخرج هذه الرواية ابن عدي(7) والدارقطني(8) والبيهقي(9) والحاكم(10) وابن زنجويه « في الأموال »(11) وابن حزم(12) جميعهم من طريق أبي معشر عن نافع عن ابن عمر -رضي الله عنهما- بنفس حديث ابن عمر السابق وفي آخره « أغنوهم في هذا اليوم » أو « أغنوهم من طواف هذا اليوم » كما هو لفظ الحاكم والبيهقي.
والحديث مداره على أبي معشر نجيح بن عبدالرحمن السندي وقد ضعفه غير واحد؛ فقال أحمد: حديثه عندي مضطرب الإسناد ولكن أكتب حديثه أعتبر به.
وقال يحيى بن معين: كان أميًّا ليس بشيء، وقال البخاري: منكر الحديث.
وقال النسائي و أبو داود: ضعيف الحديث(13).
وبالغ ابن حزم فقال: أبو معشر هذا نجيح مطّرح الحديث يحدّث بالموضوعات عن نافع وغيره »(14).
وللحديث شاهد وطريق آخر أخرجه ابن سعد في « الطبقات »(15) فقال: أخبرنا محمد بن عمر الواقدي حدثنا عبدالله بن عبدالرحمن الجمحي، عن الزهري، عن عروة عن عائشة -رضي الله عنها-، قال: وأخبرنا عبدالله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، قال: وأخبرنا عبدالعزيز بن محمد ربيح بن عبدالرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه عن جده، قالوا: « فرض ... » الحديث وفيه وأمر بإخراجها قبل الغدو إلى الصلاة، وقال « أغنوهم -يعني المساكين- عن طواف هذا اليوم ».
والواقدي متروك متهم بالوضع(16).فالحديث – بطريقيه - والحالة هذه لايرتقي إلى درجة الحسن لغيره والعلم عند الله.
هذه الرواية فيها بيان حِكْمةٍ من حكم زكاة الفطر وهي إغناء الفقراء والمحتاجين في يوم العيد فلا يسألون الناس، وهذا مظهر من مظاهر التكافل الإجتماعي الذي حثَّ عليه ديننا الحنيف.
وقد استدل بها على جواز إخراج القيمة بدلاً عن الطعام في زكاة الفطر ووجه الدلالة من الحديث -على فرض ثبوته- أن الإغناء يتحقق بالقيمة كما يتحقق بالطعام وربما كانت القيمة أفضل(17).
واستدلوا ببعض الآثار منها ما أخرج ابن أبي شيبة –وعقد عليه باب إخراج الدراهم في زكاة الفطر - قال:حدثنا أبو أسامة ،عن عوف، قال: سمعت كتاب عمر بن عبدالعزيز إلى عدي بالبصرة:(يؤخذ من أهل الديوان من أعطياتهم ، عن كل إنسان نصف درهم) يعني زكاة الفطر(18).
حدثنا وكيع عن قرة قال: جاءنا كتاب عمر بن عبدالعزيز في زكاة الفطر: (نصف صاع عن كل إنسان أو قيمته:نصف درهم )لا بأس أن تعطي الدراهم في صدقة الفطر(19).
وعن أبي إسحاق قال: أدركتهم وهم يؤدّون في صدقة رمضان الدراهم بقيمة الطعام(20).
فهذا عمر بن عبدالعزيز في عصر التابعين يرسل إلى عامله، وعلماء التابعين متوافرون، ولا يخفى عليهم فعل إمام المسلمين.
وهذا أبو أسحاق السبيعي –وهو من الطبقة الوسطى من التابعين أدرك عليا وبعض الصحابة رضي الله عنهم - يثبت أن ذلك كان معمولا به في عصرهم فقوله أدركتهم يعني به الصحابة.
ومن الأدلة على ذلك أيضًا أن أخذ القيمة في زكاة المال ثابتٌ عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن جماعة من الصحابة ومن ذلك قول البخاري في الصحيح: باب العرْض في الزكاة وقال طاووس قال معاذ –رضي الله عنه- لأهل اليمن: ائتوني بعرْض ثيابٍ خميص أو لبيس في الصدقة مكان الشعير والذرة، أهونُ عليكم وخيرٌ لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم(21).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: « وأما خالدٌ فقد احتبس أدراعه وأعتده في سبيل الله »(22).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: « تصدقن ولو من حليكنّ » (23) فلم يستثن صدقة الفطر من غيرها فجعلت المرأة تلقي خرصها و سخابها. ولم يخصّ الذهب والفضة من العروض.
حدثنا محمد بن عبدالله قال: حدثني أبي قال: حدثني ثمامة أن أنسًا -رضي الله عنه- حدّثه أن أبا بكر -رضي الله عنه- كتب له التي أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم: « ومن بلغت صدقته بنت مخاض وليست عنده وعنده بنت لبون فإنها تقبل منه ويعطيه المصدِّق عشرين درهمًا أو شاتين، فإن لم يكن عنده بنت مخاض على وجهها وعنده ابن لبون فإنه يقبل منه وليس معه شيء »(24) ا.هـ.
قلت: وهذه الأحاديث والآثار دالّةٌ على اعتبار القيمة في إخراج الزكاة، فأثر معاذ ظاهر في الدلالة أما حديث خالد بن الوليد فقد أجاز النبي صلى الله عليه وسلم له أن يحاسب نفسه بما حبسه فيما يجب عليه فدلّ على جواز إخراج القيمة، وكذلك حديث زكاة بهيمة الأنعام هو صريح في جواز أخذ القيمة بدلاً من الواجب.
وإذا ثبت جواز أخذ القيمة في الزكاة المفروضة في الأعيان فجوازها في الزكاة المفروضة على الرقاب من باب أولى(25).
ومن الأدلة أيضًا تجويز الصحابة إخراج نصف صاع من القمح لأنهم رأوه معادلاً في القيمة للصاع من التمر أو الشعير وقد صح عن معاوية –رضي الله عنه- أنه فعل ذلك(26).
فهذه الآثار دالة بمجموعها على جواز دفعها نقودًا.
وأيضًا فإنه من حيث النظر، والتعليل، والحكمة التي تتفق مع مقاصد الشريعة فإن ازدياد الحاجة للمال وتقلص الحاجة للحبوب يتضح مع مرور الأيام.
وفي مقال(27) للدكتور عبد الوهاب أبو سليمان ذكر أن النصوص الواردة فيما يخرج في زكاة الفطر هي دالة على اعتبار الطعام المعتاد كحال البلد، ثم ذكر أن الرجل كان يفرح في السابق بهذه الحنطة وهذه الحبوب فيحملها إلى أهله حتى يصنعون منها الخبز بعد طحنها وإصلاحها، وأن هذا الأمر لم يعد معمولاً به في الوقت الحاضر بل إن الفقراء يبيعون ما يحصلون عليه من زكاة الفطر كالأرز وغيره حتى يحصلوا على النقود إلى أن يقول: إنه -أي الفقير- يحتاج إلى كثير من الأشياء الضرورية التي ترهقه، ولا يستطيع تلبيتها من دون عون من الله ثم بما يقدمه له إخوانه المسلمون من زكاتهم المفروضة، إنه يفكر في سداد فاتورة الكهرباء التي لا يقوم بها أحد سواه، وكذلك سقيا الماء لأبنائه وعائلته، ولوازمهم المدرسية التي تكلفه الكثير الكثير من المال عدا الأشياء الضرورية التي لا يستطيع التخلي عنها. هذا هو الواقع الذي يعيشه الفقير إن انفصال المقصد الشرعي من هذه الفريضة والتجاهل للواقع انحراف عن مقاصد الشرع، وتنزيل للأحكام في غير موضعها، فقد تغيّرت حاجة الفقراء في عصر الصحابة رضوان الله عليهم فلجأوا إلى ما يحقق مقاصد الشريعة، ولم يكن ثمة اعتراض على ذلك وفي الوقت الحاضر تغيرت حاجة الفقراء، وأصبح ما هو مشروع أصلاً -إلى جانب أنه لا يسد حاجة الفقير- هدفًا للتحايل والتلاعب إنّ النظر الفقهي السليم هو الذي يؤاخي بين الأحكام الشرعية، وتأمل للواقع لتحقيق المقصد الشرعي.
قال الدكتور يوسف القرضاوي(28): والذي يلوح لي: أن الرسول صلى الله عليه وسلم إنما فرض زكاة الفطر من الأطعمة لسببين الأول: ندرة النقود عند العرب في ذلك الحين، فكان إعطاء الطعام أيسر على الناس.
والثاني: أن قيمة النقود تختلف وتتغير قوتها الشرائية من عصر إلى عصر، بخلاف الصاع من الطعام فإنه يشبع حاجة بشرية محددة، كما أن الطعام كان في ذلك العهد أيسر على المعطي، وأنفع للأخذ. اهـ. والله أعلم بالصواب.
وقد رجح هذا القول وأفاض في ذلك الشيخ مصطفى الزرقا(29)، وفرق الشيخ أحمد الغماري بين البوادي والتي حالها مشابهُ لحال عصور الصحابة حيث لا أسواق لبيع الطعام المطبوخ مع وجود الآلات التي تمكنهم من الانتفاع بما عندهم من الحبوب، وبين الحواضر والتي المال فيها أحوج للفقير.
وهذا يتوافق مع أصل التشريع فإن الطعام كان إخراجه أيسر في عهد الصحابة ومن الطعام الذي كان موجودًا ومتعارفًا عليه عندهم ولذلك فإن الفقهاء -حتى القائلين بعدم إخراج زكاة الفطر نقدًا- لا يُلزمون بإخراجها من نفس الأصناف الواردة في أحاديث زكاة الفطر وإنما يعبرون عن ذلك بقولهم قوت البلد، وهذا يدل على مراعاة المصلحة والحاجة. فكان من أعظم المصالح وأبلغ الحكم العدول عن المال النادر العسر إخراجه في ذلك الوقت إلى الطعام المتيسر إخراجه لكل الناس آنذاك.
وأما الحال الآن فقد تغير فصارت النقود ميسرة والحاجة لها أكثر كما سبق بيانه(30)، وعندي -والله أعلم- أن الراجح هو جواز إخراجها نقدًا ولا يعني أن هذا هو الأفضل بل الأفضل إخراج ما يحتاجه من سيعطى الزكاة ولو أخرجها نقدا مع وجود الحاجة لها حبا فقد أدى فرضه ولا يؤمر بالإعادة، كما أن العكس صحيح، وعندما يوسّع الإنسان الدائرة وينظر إلى حال المسلمين في العالم وخاصة الدول الصناعية الأوروبية مثلا  والتي يتعامل الناس فيها بالنقود غالبًا فإخراجها نقدا أفضل والحالة هذه والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
------------
(1) ينظر بداية المجتهد(1/64) مغني المحتاج (1/406) كشاف القناع (1/471).
(2) المبسوط (2/158).
(3) بوب البخاري (باب العرض في الزكاة)وأورد فيه جملة من الأحاديث والآثار- سيأتي ذكرها - قال ابن حجر في الفتح (3/398):قال ابن رشيد:وافق البخاري في هذه المسألة الحنفية مع كثرة مخالفته لهم لكن قاده إلى ذلك الدليل.
(4) مصنف أبي شيبة (4/37-38).
(5) الإنصاف (4/478) وعند ابن تيمية يجوز للمصلحة أيضا ينظر مجموع الفتاوى(25/79). قلت: ولا داعي للتشكيك في نسبة هذا القول لابن تيمية، فقد جاء في اختيارات ابن تيمية لبرهان الدين ابن القيم (138)  ما نصه: وأنه يجوز إخراج القيمة في زكاة المال وزكاة الفطر. ا.هـ، ومما يقوي ذلك أن ابن تيمية يرى جواز إخراج نصف الصاع في القمح. الاختيارات الفقهية ص: (183) وهذا يدل على اعتبار القيمة عنده، وهو بهذا يوافق الأحناف في هذه المسألة بالذات. بدائع الصنائع (2/72).
(6) أخرجه البخاري (1504) كتاب الزكاة باب صدقة الفطر على العبد وغيره من المسلمين ، ومسلم (984) (13). كتاب الزكاة باب زكاة الفطر على المسلمين من التمر والشعير.
(7) الكامل لابن عدي (7/55).
(8) سنن الدارقطني (2/152).
(9) سنن البيهقي (4/175).
(10) المستدرك (1/410).
(11) الأموال لحميد بن زنجويه (2397).
(12) المحلى (6/121).
(13) ترجمته في الضعفاء الكبير (4/308)، الكامل (7/52)، التاريخ الكبير (8/114)، لسان الميزان (7/484).
(14) المحلى (6/121).
(15) الطبقات لابن سعد (1/284).
(16) ترجمته في الضعفاء (4/107)، الكامل (4/318)، المجروحين (3/290).
(17) ينظر كتاب (فقه الزكاة) للدكتور يوسف القرضاوي (2/949).
(18) أخرجه ابن أبي شيبة (6/507 رقم 10469) قال المحقق الشيخ محمد عوامة: أبوأسامة هو حماد بن أبي أسامة وفي نسخة عن عون وفي أخرى عن ابن عون وكلاهما بصريان يروي عنهما حماد بن أسامة.
قلت: حماد بن أسامة ثقة ثبت ربما دلس .التقريب(1487)وتدليسه قليل وهو يبين من دلس عنه
عوف بن أبي جميلة الأعرابي العبدي ثقة التقريب(5215) فالأثر صحيح.
(19) المرجع السابق.
(20) المرجع السابق.
(21) أخرجه يحيى بن آدم القرشي في « الخراج » ت: أحمد شاكر رقم 525 ص(147)، قال ابن حجر في «الفتح» (3/398): هذا التعليق صحيح الإسناد إلى طاووس لكن طاووس لم يسمع من معاذ فهو منقطع، فلا يغتر بقول من قال ذكره البخاريُّ بالتعليق الجاز فهو صحيح عنده لأن ذلك لا يفيد إلا الصحة إلى من علق عنه، وأما باقي الإسناد فلا، إلا أنّ إيراده له في معرض الاحتجاج يقتضي قوته عنده وكأنه عضده عند الأحاديث التي ذكرها في الباب.
            قوله خميس: هو الثوب الذي طوله خمسة أذرع. النهاية (2/75).
            قوله لبيس: أي ملبوس فعيل بمعنى مفعول. الفتح (3/398).
(22) أخرجه البخاري رقم (1468) الزكاة، باب قوله تعالى: (وفي الرقاب).
(23) أخرجه البخاري رقم (977) العيدين باب العلم الذي بالمصلّى.
(24) صحيح البخاري ص(281-282) بيت الأفكار.
(25) تحقيق الآمال ص(59).
(26) صحيح البخاري (1508)، وقد ورد ما يفيد ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم في عدة أحاديث جمعها الغماري في « تحقيق الآمال في إخراج زكاة الفطربالمال » حيث ساق اثني عشر حديثًا موصولاً وذكر بعض المراسيل والموقوفات ثم قال: فهذه الروايات تثبت صحة ورود نصف الصاع عن النبي صلى الله عليه وسلم بطريق القطع والتواتر إذ يستحيل -عادة- أن يتواطأ كل هؤلاء الرواة على الكذب أو اتفاق الخلفاء الراشدين ومن ذكر معهم من الصحابة والتابعين الذين لم يفش فيهم داء التقليد على القول بما لا أصل له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإذا ثبت ذلك، وبطل ادعاء البيهقي: ضعف أحاديث نصف الصاع من البر ثبت المطلوب وهو كون النبي صلى الله عليه وسلم اعتبر القيمة في زكاة الفطر » أ.هـ. تحقيق الآمال ص(83).
(27) المقال نشر في جريدة عكاظ في 17/9/1427هـ العدد 1940.
(28) فقه الزكاة (2/949).
(29) فتاوى مصطفى الزرقا ص(145).
(30) ينظر: تحقيق الآمال في إخراج زكاة الفطر بالمال ص(62، 102).

عبد الرحمن بن عوض القرني  | 28/9/1432 هـ


  ---------------------------

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله إما بعد: فالخلاف معروف ووجود الخلاف لا يدل على صحة جميع الأقوال كما قد يتوهم من اسلوب البعض بل العبرة عند الخلاف بما دل عليه الدليل.( وما اختلفتم فيه من شئ فحكمه إلى الله), وليس مع من أجاز إخراج القيمة إلا أقيسة وتعليلات ونصوص في مسائل أخرى. ومع من منع إخراج القيمة ظاهر النص فقد فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي رواية أمر بها صاعا من طعام الخ وفرض بمعنى قدر ويستعمل للدلالة على الوجوب وصاعا منصوبة في الحديث على أنها مفعول ثاني أو تميز وعليه فالقدر والواجب الشرعي في زكاة الفطر هو صاع الخ وهو مقدم على الأقيسة "إذا جاء نهر الله بطل نهر معقل" إذا هما في الحقيقة قولان: أحدهما يتبع السنة والآخر يتبع الراي والأقيسه. أحدهما يتبع الدليل والآخر يتبع قول قلان وفلان. قيل للإمام أحمد: قوم يقولون: عمر بن عبدالعزيز كان يأخذ بالقيمة.فقال:يدعون قول رسول الله ويقولون قال فلان! قال ابن عمر رضي الله عنه: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم, وقال الله ( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ) وقال قوم يردون السنن: قال فلان, قال فلان. اهـ المغني4/295 فاختر يارعاك الله ما يبرئ ذمتك عند الله تعالى. ولم يكن يعي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرشد إلى القيمة كما أرشد اليها في مواضع أخرى. وقد حشد الكاتب ما استطاع من أدلة القائلين بجواز إخراجها نقودا ولم يذكر دليلا واحدا لقول المانعين مع أن الدليل معهم" إن بني عمك معهم سلاح" أو على الأقل يجيب عن أدلتهم. وأيضا مع من أمر بإخراجها كما دلت عليه السنة الإجماع على أن ذلك مجزيء بخلاف من أخرجها قيمة فهي غير مجزئة عند الجمهور. ولا داعي بعد ذلك للتكلف في تحسين رواية متفق على ضعفها عند محققي المحدثين ثم البناء عليها لدرجة أن يصير إخراج القيمة أفضل من إخراج ما دلت عليه السنة. ومثله التكلف في تصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم إعتبر القيمة لدرجة أن يجعل ذلك من المتواتر مع أنه ضعيف بل باطل وإنما صح عن معاوية رضي الله عنه وروي عن غيره وأنكره عليه أبوسعيد رضي الله عنه وغيره والعمدة على ما دل عليه الدليل. وأخيرا: سبحان الله ماذا دهى قومي صاروا يتبعون أهل الراي ويتركون السنن مع أن ما دلت عليه السنة هو ما دل عليه النظر الصحيح فالطعام أهم من فواتير الكهرباء وما زال الفقراء يتطلعون لما يدفع لهم من أطعمة صدقة الفطر قبل الغلاء فكيف بعده. لفته:لا تغفل أخي عن هذه الوصية النبوية(فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ) الحديث ملاحظة:ما نسب للبخاري هو في زكاة المال أما صدقة الفطر فظاهر تبويباته في صحيحه يدل على منعه إجزاء القيمة كما أوضح ذلك الحافظ ابن حجر ـ الفتح 3/372ـ374 وبعد: هذا تعليق منقول من كلام الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في هذا الموضوع اكمالا للفائدة (ولا عبرة بقول من قال من أهل العلم إن زكاة الفطر تجزئ من الدراهم لأنه ما دام بين أيدينا نص عن النبي – عليه الصلاة والسلام – فإنه لا قول لأحد بعده ولا استحسان للعقول في إبطال الشرع، والله – عز وجل – لا يسألنا عن قول فلان أو فلان يوم القيامة وإنما يسألنا عن قول الرسول – صلى الله عليه وسلم – لقوله تعالى: "وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ" [القصص:65]. فتصور نفسك واقفاً بين يدي الله يوم القيامة وقد فرض عليك على لسان رسوله – صلى الله عليه وسلم – أن تؤدي زكاة الفطر من الطعام فهل يمكنك إذا سئلت يوم القيامة: ماذا أجبت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في فرض هذه الصدقة؟ فهل يمكنك أن تدافع عن نفسك وتقول والله هذا مذهب فلان وهذا قول فلان؟ الجواب: لا ولو أنك قلت ذلك لم ينفعك. فالصواب بلا شك أن زكاة الفطر لا تجزئ إلا من الطعام وأن أي طعام يكون قوتاً للبلد فإنه مجزئ)اهـ أنظرها في موقع الاسلام اليوم
بسم الله الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله « فَرَضَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم زَكَاةَ الْفِطْرِ ، صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ : عَلَى الْعَبْدِ ، وَالْحُرِّ ، وَالذَّكَرِ ، وَالْأُنْثَى ، وَالصَّغِيرِ ، وَالْكَبِيرِ ، مِنْ الْمُسْلِمِينَ ، وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إلَى الصَّلَاةِ» حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا لا يدل دلالة قاطعة على أن ما ذهب إليه الحنفية وعمر بن عبد العزيز والبخاري إلى أن من أخرج القيمة خالف السنة بل ما قد يفهم من الحديث : أمره إياهم أن يخرجوا قدر الصاع من تمر او شعير , وبما أن المسلمين حينها هذا ما كانوا يملكونه وكانت النقود بين ايديهم قليلة . ولو وقفنا على حرفية النص فما فرضه رسول الله على الناس ما ذكر فيه الرز والعدس , فمن أين تم فرضها على الناس اليوم ؟ اما ان قلتم اخذنا ذلك قياسا , قلنا لكم يستطبع ان ياخذ من خالفكم من الحديث جواز اخراج القيمة سواء كانت نقدا او ثيابا كما فعل اعلم الناس بالحلال والحرام معاذ بن جبل وقبل من الناس الثياب بدل العين . اما قولك ليس هذا في زكاة الفطر فكلامك ليس صحيحا لان ابن حجر قال في فتح الباري ان هذه الصدقة هي صدقة الفطر وياتي قوله بعد قليل . واخراج الرز والعدس ليس هو ما حدده رسول الله صلى الله عليه وسلم ما دل على ان ما يخرجه الناس من رز وعدس انما هو القيمة لا العين فمن الادلة على جواز اخراج القيمة ما اخرجه البخاري : قال معاذ –رضي الله عنه- لأهل اليمن: ائتوني بعرْض ثيابٍ خميص أو لبيس في الصدقة مكان الشعير والذرة، أهونُ عليكم وخيرٌ لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فتح الباري لابن حجر - (5 / 57) وله : ( باب العرض في الزكاة ) أي : جواز أخذ العرض ، وهو بفتح المهملة وسكون الراء بعدها معجمة ، والمراد به ما عدا النقدين . قال ابن رشيد : وافق البخاري في هذه المسألة الحنفية مع كثرة مخالفته لهم ، لكن قاده إلى ذلك الدليل . مع ان ابن حجر يخالف ما ذهب إليه الحنفية والبخاري إلا أنه حدد أن هذا كان في صدقة الفطر مما يدل على جواز اخراج القيمة , واخراج القيمة يكون بكل شيء يغني الفقير ويسد حاجته سواء كان نقدا او او ثيابا رزا او عدسا فهذا كله من القيمة والله اعلم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد فهذا رد على رد الشيخ سليمان الأصقه نفع الله به أولا:فهم الشيخ أنني لم أذكر أدلة القول الأول- المرجوح- وهذا ليس بصحيح لأنني ذكرت أنهم استدلوا بالأدلة التي فيها الأمر بإخراج زكاة الفطر من الحبوب كحديث أبي سعيد وابن عمر وعدم ذكري لتفاصيلها ليس من باب إخفائها بل طلبا للاختصار ولأنها معلومة وذكرت دليلا آخر وهو أنه لم يرد نص بجواز إخراجها من المال.وأوردت الرد عن أدلتهم في معرض البحث وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل لا يجزئ إلا هذه الحبوب أو لا تخرجو إلا هذه الأصناف وأن الحبوب هي ما كان يحتاجه الناس في ذلك الوقت. ثانيا:أدعو الشيخ - هداه الله - إلى أن يتأنى في قراءة البحث فأنا لم أصحح رواية (أغنوهم عن الطواف في هذا اليوم) لذلك فإن قوله بأنني قد تكلفت وصححت الرواية قول عار عن الصحة مع أنني لو صححتها لكان هذا يخدم ترجيحي للمسألة ولكن هذا ليس منهجا صحيحا في البحث عن الحق والمناقشة الموضوعية لمسائل العلم. ثالثا: أتفق معه على أن وجود الخلاف لا يدل على صحة جميع الأقوال فهناك أقوال هي خطأ ولا يخلو كل مذهب من هذا ولا يخلو كل عالم من زلة ولكن مسألتنا هذه-في نظري-الخلاف فيها قوي والآثار من الصحابة موجودة وفهم السلف الصالح في عهد التابعين المتمثل في فعل الخليفة عمر بن عبدالعزيز ومن غير نكير من علماء التابعين كل هذا يدل على إجحاف قول أن هذا الرأي ليس معه إلا آراء وأقيسة وكأنه قول شاذ أو مهجور رابعا:إذا كان الإمام أحمد وقد سأله إسحاق الكوسج:تؤخذ العروض في الزكاة؟ قال:روي هذا عن معاذ رضي الله عنه فأما أنا فلا يعجبني فإن إسحاق بن راهوية-الإمام المعروف وهو قرين الإمام أحمد-قال:هو جائز إذا كان على وجه النظر للمساكين.(مسائل الكوسج1/446) فليس قول أحد حجة على أحد بل العبرة بالدليل . خامسا : وأما قوله إن المراد بصنيع البخاري زكاة المال فقط فأقول هذا تحكم لا دليل عليه بل حديثه مجمل لصدقة المال والفطر. ولم يذكر ابن حجر شيئا من ذلك البتة. نعم زكاة المال الخلاف فيها ليس كالخلاف في زكاة الفطر لأن أحاديث أخذ القيمة في زكاة المال أكثر صراحة وقد ذكرت أن هذا إذا ثبت في زكاة المال التي تجب بسبب هذا الجنس من المال الزكوي فوجوبها في زكاة الرقاب أولى. ومن المعلوم أن الحاجة قد تدعو إلى الإفتاء بقول أو ترجيحه وهذا معروف في فقه النوازل كما هو الحال في هذه المسألة وأحسب أن الإمام أحمد لو كان في هذا العصر لاختار هذا الرأي وهو الجواز وأنا أؤكد على أن هذا مارجحته أنه يجوز ولم أقل أنه أفضل إلا إذا دعت الحاجة كما هو ظاهر لمن قرأ جيدا خامسا: وأما قوله إن الطعام أهم من غيره نعم ولكن قد يجد الفقير الطعام ولا يجد الكساء الذي يشارك فيه إخوانه بل قد يبقى حبيس البيت لأجل هذا.هذا إذا لم يبع الطعام من أجل اللباس. وأخيرا :على طالب العلم أن يبين ما يراه حقا مع مسوغات الترجيح بعيدا عن عبارات التهويل والتزويق(ماذا دهى قومي...)الخ والتي قد تصل إلى التضليل في مسألة خلافها معتبر وكان يسع الباحث أن يقول كما قال إمام العصر ابن باز رحمه الله لما سئل عن هذه المسألة:الجمهور على المنع لظاهر النصوص ا.هـ(الحلل الإبريزية1/438) فبين ما يراه راجحا وذكر السبب واكتفى بذلك.نسأل الله أن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .



_______
 مواضيع مشابهة- أو -ذات صلة :

هل يجوز إخراج زكاة الفطر نقداً؟ /ابن عثيمين

اقوال مشاهير العلماء في عدم جواز إخراج زكاة الفطر نقدا

زكاة الفطر واقوال العلماء في وجوب اخراجها طعاما لا نقدا

لا يجوز إخراج زكاة الفطر نقدًا

وافدون يقومون بتسويق الرديء من مخزون زكاة الفطرعلى المطاعم..

قصة غريبة قبل زكاة الفطر!

زكاة الفطر

حوار فضيلة الشيخ فالح الصغير مع جريدة الرياض حول زكاة الفطر

زكاة الفطر (تعريفها وأحكامها)

زكاة الفطر مواضيع بالأدلة  /

تجدد الخلاف بين علماء الدين السعوديين حول إخراج زكاة الفطر.. نقدا أو عينا

زكاة الفطر فوائد وأحكام

أحكام مختصرة في زكاة الفطر   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..