الصفحات

الثلاثاء، 13 أغسطس 2013

تهافت التعاطف: الإخوان بنكهة سعودية

مدخل:
في هذه التدوينة، أقرأ ردود فعل المتعاطفين مع الاخوان – من الشخصيات العامة – عبر تغريداتهم في
موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) مركزا على الدكتور عوض القرني الذي اتهم في عهد نظام الرئيس حسني مبارك في قضية التنظيم الدولي للإخوان المسلمين وتمت تبرئته بعد ثورة 25 يناير بحكم من محكمة جنايات أمن الدولة العليا، وتداولت الأخبار أن من حيثيات الدفاع أن “جماعة الإخوان لم تعد محظورة بعد الثورة وأصبح لها حزب ومرشح رئاسي”. (القرني) عبر صفحته في (تويتر) – وعبر أكثر من تصريح في زمن القضية – نفى علاقته بتنظيم الإخوان مؤكدا تعاطفه وتأييده للأحزاب والجماعات الإسلامية. مسألة انتماء (القرني) لـ الإخوان ليست موضع بحث، فمن حق أي فرد أن ينتمي لأي تنظيم سياسي أو أن يتعاطف مع أي تيار فكري. الحديث – هنا – عن التغريد المباشر، وهذا يعني أنني لن أتطرق لنقاشات (القرني) مع متابعيه أو إعادة التغريد (ريتويت). وقد انتقيت (القرني) تحديدا لأنه الأكثر ملاءة وذكاء وتهذيبا، ورغم كل الأنفاس الشعبوية التي تتخلل خطابه، يظل هو الأقل شعبوية مقارنة بغيره.
الثنائيات المتناحرة
في 28 يونيو، كتب (القرني) سلسلة من التغريدات تتحدث عن الحدث المنتظر في 30 يونيو 2013 ، الموعد الذي تقرر لمظاهرات ضد الرئيس د. محمد مرسي وجماعة الإخوان الحاكمة في مصر، وفيما يلي ما كتب نصا:
- يا شعب مصر لقد استبان الصبح لذي عينين القوم لا يرضون بغير تنحية الإسلام عن مقاليد الأمر ورد دعاته للزنازين والمشانق وتحوليه لأضرحة وموالد
- ياشعب مصرلأول مرة يتوحد غلاة اليسار واليمين والقوميين ومطلبهم رؤوسكم ودماؤكم وآخرين من دونهم لاتعلمونهم الله يعلمهم فلا تهنوا ولا تحزنوا ولاتتفرقوا
- إن العالم كله يرقب نتائج معركة سوريا ونتائج أحداث مصركما ترقبوا القادسية واليرموك أوحطين وعين جالوت مع فارق الزمن والأشخاص اللهم إنا نسالك نصرك
- لقد صدّع العلمانيون العرب رؤوس الشعوب بدعاوى الديمقراطية واتهام الإسلاميين بالإستبداد فلما حان الجد واختارت الشعوب وتبين الحق كفروا بذلك كله
- يا أهل مصرإن ترك المجرمين يصولون ويجولون يقتلون وينهبون ويسرقون ويخطفون ويخيفون وينتهكون إنه معصية لله ورسوله وإضاعة للأمانة وتضييع لحقوق الشعب
- إن من أفضل العبادات الدعاء ويعظم كل ما عظم مايطلب به فألحوا بالدعاء أخر نهارالجمعة لإخوانكم في سوريا ومصر وفلسطين وأركان وأفغانستان وغيرها
من أخطأ في البداية أخطأ في النهاية، لقد نظر (القرني) إلى الدعوة لسحب الثقة من (مرسي) والإخوان والمطالبة بانتخابات مبكرة على أنها ثورة على الإسلام، ورغبة في تنحيته ونصب المشانق لدعاته، وتحويل الإسلام نفسه إلى أضرحة وموالد.
من هذه الرؤية، تظهر المشكلة الأساسية بين الإسلامويين وبين المدنيين (علمانيون، ليبراليون، يسار…الخ). الإسلاموية (الإسلام السياسي) تختصر وتختزل الإسلام في نفسها، لم يترك (القرني) – كما (الإخوان) – أي فرجة لتفسير آخر غير الصراع بين الكفر والإسلام، لم تحضر – مثلا – في أي تغريدة لـ (القرني) بين (28 يونيو – 9 أغسطس) أي إشارة إلى: تدهور قيمة الجنيه بنسبة 20%، أزمة الغاز والبنزين والكهرباء، الصدام الإخواني مع القضاء، التخبط في ملفات داخلية وخارجية كسد النهضة. ليس المطلوب تقرير أسباب ما جرى في 30-6،  لكن  إيعازها إلى سبب واحد – أيا كان السبب – فهذا هو الوقوع في مشكلة التسطيح، وحين يكون هذا السبب هو الصراع بين الكفر والإسلام، فهذا يعني أننا أمام كارثة حدية وإلغاء. كتب (القرني) في 2 يوليو ” قضية مصرباختصارهي صراع بين مشروع مرجعيته إسلامية وفاز في جميع الإنتخابات يحبو ويتعثريصيب ويخطئ ومشروع جمع كل التيارات الرافضة مرجعية الإسلام” ثم يكرس رؤيته في تغريدة أخرى بتاريخ 4 يوليو “شعب مصر بثقلها العربي والإسلامي يخوض حرب هوية بين أصالتها واستقلالها منذ إحتلال نابليون ثم الإحتلال الإنجليزي وامتداداتها في مفاصل الدولة” ليمسح الصراع بين الكفر والإسلام بنكهة سياسية – ثقافية: الأصالة والاستقلال (الاسلاموية) مقابل التغريب والتبعية (الآخر).
……….
(( كان (القرني) في أقصى حالاته ابتعادا عن الحدية والإلغاء، يشير إلى أن الأمر يجب أن يؤول إلى أهل الصلاح، وأن أهل الصلاح يقع منهم الصواب والخطأ)).
……….
استحضار الثقافة المحلية وإسقاطها على واقع مغاير ربما لا يكون جزء من خلل التوصيف إذا كان (القرني) قد حدد سلفا من يخاطب: هل يريد أن يخاطب متابعيه المصريين أم يريد أن يخاطب متابعيه السعوديين. الإشارة إلى “الأضرحة والموالد” من قبيل الاستصغار أو الامتهان مفهومة حين يكون الهدف شريحة سعودية مشبعة بالمعتقدات الوهابية، أو أنه يريد شريحة مصرية مشبعة بنفس المعتقدات، وهنا لن يخرج عن مخاطبة فصيل السلفية المصرية – وهو فصيل أقلوي داخل الاسلامويين المصريين أنفسهم – والشريحة الأكثر تطرفا داخل الإخوان التي تتشابه في بعض الجذور مع الفكر الوهابي (التيار القطبي المهيمن على مكتب الإرشاد)، لكن حين يكون الهدف شريحة مصرية عامة، فإن استحضار لون من الثقافة المحلية غير منطقي لأكثر من سبب: أن الثقافة المصرية السائدة متصالحة مع الأضرحة والموالد، بل وهي ملمح أصيل في السلوك المعتاد والموسمي، حتى أن خطاب الإخوان – في مصر – إذا أراد أن يكون سلبيا من الإضرحة والموالد، فإنه يكتفي بالتنظير.
أعتقد أن (القرني) يخاطب بتغريداته متابعه السعودي – المشابه له – أولا، وجزء ضيق من المشهد المصري يعتقد بمنهج الحدية والإلغاء، ليس لأن (القرني) يستهدف هذه الشرائح، لكن لأنه لا يستطيع أن يخرج بخطابه إلى غيرها.
يشير (القرني) إلى اتحاد الغلاة من اليمين واليسار والقوميين – وهنا خلل واضح في التوصيف لأن الإخوان والجماعات الإسلاموية موقعها هو اليمين إلا إذا كان (القرني) يوصّف من منظور اقتصادي لليمين واليسار – من أجل رؤوس ودماء المصريين، أشار إلى ذلك وهو يوجه نداءه إلى شعب مصر. وهذه التغريدة تشير إلى عدة معان جديرة بالانتباه:
-  اتحاد الغلاة يعني ان المقابل هو اتحاد المعتدلين، ومن مطالعة سريعة لمجموع تغريدات ورتويت (القرني) لا نجد أثرا للمعتدلين إلا نادرا حسب مفهوم أن اتحاد الاعتدال يضم الإخوان وغيرهم أو الإسلامويين وغيرهم. مادة اتحاد الاعتدال عند (القرني) – ظاهريا ومبدئيا – هي جماعة الإخوان وحلفاؤها. كان (القرني) رقيقا في معاتبة حزب النور على انحيازه لرؤية الجيش، واستشهد بتصريح لقيادي في حزب الغد – وصفه بالليبرالي – بأن هدف “الانقلاب” هو استئصال المشروع الإسلامي نهائيا من مصر. هذه التغريدة التي كتبت في 10 يوليو – إذا أراد (القرني) أن يطبق فيها نظرية “من فمك أدينك” – تدل على جهل فادح بالمشهد السياسي المصري، لأن حزب الغد – الذي أصبح غد الثورة بعد 25 يناير – وزعيمه أيمن نور كانا الحليف “الليبرالي” الرئيس لمحمد مرسي وجماعة الإخوان، أما إذا قصد بحزب الغد الجسم الأصل الذي خرج منه أيمن نور فهو يشير إلى كيان لم يعد له أي حضور باستثناء الحضور الورقي.
- في التغريدة الأولى حقق (القرني) صراعا بين الإسلام (الإسلاموية وعلى رأسها جماعة الإخوان)، والكفر (الآخرون)، وفي التغريدة التالية ضاقت الحلقة أكثر لتكون الإسلاموية والإخوان هي الاعتدال والآخرون هم التطرف، ثم تضيق الحلقة أكثر وأكثر ليصبح الشعب المصري هو الإسلاموية والإخوان وما عدا ذلك هم خارج دائرة المصرية.
- من دون أن يقصد، حين أبعد (القرني) القوميين عن خانتي اليسار واليمين، وضعهم في خانة الوسط، وكأنه يقول – من دون أن يقصد – أن الوسط واليسار واليمين ضد الإسلامويين، وحين يكون الكل ضد طرف، فهذا يعني انه يضع التيار الذي يتعاطف معه في موقع الاقلية أو في موقع التعالي، وهنا يتعرض (القرني) لخيانة ذكائه الذي حضر في تغريدات أخرى,
- استطاع (القرني) بذكاء أن يصيغ تغريدته الثانية بروح تجييشية راسخة، فمطلب الفريق المضاد هو رؤوس ودماء المصريين، لأنه لو نبه إلى أن المطلب هو السلطة لكان أكثر منطقية لكنه فضل التجييش والعاطفة على المنطق.
-  يستمر التجييش في تغريدة تالية: “إن ترك المجرمين يصولون ويجولون يقتلون وينهبون ويسرقون ويخطفون ويخيفون وينتهكون إنه معصية لله ورسوله وإضاعة للأمانة وتضييع لحقوق الشعب”، ونلاحظ ان تاريخ التغريدة سابق لمظاهرات 30-6، لقد قرر (القرني) سلفا أن الداعين لسحب الثقة والانتخابات المبكرة والمتظاهرون من اجل ذلك هم مجرمون (مع العلم ان ما ذكره من قتل وخطف وإرهاب مرتبط – شبه حصريا –  في الوجدان المصري بممارسات الجماعات الإسلاموية)، وبالتالي فإما ان (القرني) يتحلى بملكة علم الغيب – وهذا مستبعد وهو لم يدع ذلك – أو انه ينظر الى الطرف المضاد/ الآخر – بتعميم صارم واستباقي ونهائي – على أنه مجرم!.
“لقد صدّع العلمانيون العرب رؤوس الشعوب بدعاوى الديمقراطية واتهام الإسلاميين بالإستبداد فلما حان الجد واختارت الشعوب وتبين الحق كفروا بذلك كله” هذه التغريدة، التي تكررت بنفس المعنى عند (القرني) وعند إسلامويين آخرين تؤكد خللا جوهريا في استيعاب الإسلامويين للديمقراطية:
- فالدعوة إلى سحب الثقة من الحزب الحاكم أو الرئيس المنتخب حق ديمقراطي أصيل، لأن التفويض الذي نالته الفئة الحاكمة – عبر الانتخابات – تفويض مشروط ومحدد ومحدود وليس تفويضا مطلقا ونهائيا.
- الحديث عن أن (مرسي) هو أول رئيس منتخب يتم إسقاطه بغير الانتخابات غير صحيح: فالرئيس الصربي المنتخب سلوبودان ميلوسوفيتش والرئيس الجورجي إدوارد شيفرنادزه سقطا عبر ثورة شعبية ولم يعتبر ذلك انتهاكا للديمقراطية. الرئيس مبارك نفسه – المنتخب نظريا – سقط عبر ثورة 25 يناير التي ساندها الجيش (هناك هوس إخواني بالأفضليات والاوليات: فدستورهم “أفضل” دستور عرفته البشرية، ورئيسهم “أول” رئيس معزول!).
- يميل (القرني) – وهذا حقه – إلى وصف ما جرى في مصر على أنه “انقلاب”، في حين أن الرأي الآخر يرى أن ما جرى “ثورة” من منطق أن تحرك الجيش إذا لم يحظ بغطاء شعبي لكان (مرسي) عاد إلى كرسيه كما جرى – على سبيل المثال – قبل سنوات مع هوجو تشافيز.
- انتقاص (القرني) من “العلمانيين” و”الليبراليين” في غير محله، فخصوم (الإخوان) حين ينظرون للأحداث المصرية بعين “الثورة” لا يتناقضون مع  مناداتهم وإيمانهم بالديمقراطية.
الدهاء القرني
لا بد من الاعتراف بأن الدكتور عوض القرني يتحلى بمعدل عال من الذكاء، يتجلى هذا الذكاء في مساحات الصمت والتجاهل:
-  لم يدل (القرني) بأي تغريدة مباشرة عن الشأن المصري في 30-6، اليوم الذي شهد – ربما – أكبر تظاهرة بشرية في تاريخ مصر.
- لم يشر (القرني) – مطلقا – إلى رسالة الملك عبدالله إلى الرئيس المؤقت عدلي منصور بعد عزل (مرسي).
- لم يتحدث مباشرة عن الدعم الذي قدمته السعودية والكويت والإمارات الى مصر عقب عزل (مرسي) مكتفيا بإشارات عابرة إلى “الأموال الخليجية” التي تمول ما يجري في مصر، لتكون صيغة أكثر تهذيبا من تصريحات الشيخ يوسف القرضاوي التي لم يتطرق لها (القرني) مباشرة “تراق دماء المصريين بأموال السعودية والكويت والإمارات”.
- استطاع (القرني) بدهاء لامع ان يغطي تباين موقفه عن النظام السعودي حين كتب في هاشتاق (لماذا أرفض الانقلاب) في 6 يوليو: “لأني أرفض قيام ظابط في بلدي بإسقاط الحاكم والإستيلاء على السلطة وتنصيب دمية في يده والمسلم من أحب للمسلمين ما يحب لنفسه” و “لأن المفتين بالقطعة سيفتون غدا لأي ضابط يستطيع القيام بانقلاب في بلدي فهم تحركهم المصالح وليس المبادئ وإلا أين عدم الخروج”، وقياسا على الظروف المحلية لم يقع (القرني) فيما وقع غيره من الإسلامويين الذي يعتقدون بالطاعة العمياء للحاكم في الداخل واختلفوا معه في الخارج، ولم يسجل نفسه مع المتصادمين مع المؤسسة التقليدية في المملكة سواء كانت سياسية أو دينية ولم يسجل نفسه – أيضا – في صفوف الجامية.
- حين وقعت ما تسمى بـ “مذبحة الحرس الجمهوري” لم يشر (القرني) مطلقا إلى بيان الجيش، ولم يثر مسألة تزوير صور الأطفال التي اتهم الجيش المصري بقتلهم، في حين أن الصور تعود لأحداث الثورة السورية.
-  يتجاهل تماما (القرني) خارطة الطريق لأنها تنسف دفاعه عن الديمقراطية، خارطة الطريق واضحة وحاسمة في توقيت انتخابات برلمانية ورئاسية – خلال الأشهر المنظورة.
- حين يتحدث (القرني) عن إغلاق القنوات الإسلاموية، يتجاهل تماما التبرير الرسمي الذي تحدث عن تجاوزات طائفية والتحريض المادي والمعنوي المتحقق قبل الإغلاق لا المتوقع بعد عزل (مرسي).
- لا ينسب (القرني) أي خبر إلى نفسه، وحين يكذب الخبر لا يشير إلى التكذيب، مثلا تغريدته في 5 يوليو: ” أنباء من مطار القاهرة عن مغادرة البرادعي إلى دولة خليجية ، تيار في قيادة الجيش يطالب بإستخدام أقصى درجات القوة وآخر يضغط للتراجع عن الإنقلاب ” (لا يسمي السعودية في زيارة البرادعي كما قالت الشائعة)، و ” الصحف الإسرائيلية تؤكد وصول وفد أمني عال للقاهرة”، وفي 7 يوليو “اتصال من ميدان التحرير بقناة اليرموك بأن الجيش ينزل العساكرفي الميدان بثيابهم المدنية بسبب عدم إستجابة الناس والسلطة تمنع الجزيرة من تصويرهم”وهي أخبار مكذوبة.
- ما سبق لا يمنع وقوع (القرني) في أخطاء الترويج لمعلومات غير دقيقة ” معلومة مهمة المسلماني الناطق باسم الريس الدمية هو من كتب خطاب حسني مبارك قبل الآخيرقبل سقوطه وهو من كتب خطاب السيسي الإنقلابي بتوجيه البرادعي” وهي معلومة لا يعترف بها إلا (القرني).. و(المسلماني)!.
……….
((لـ (القرني) – ولغيره – الحق في الاختلاف مع الموقف الرسمي أو مع النظام الرسمي نفسه، لأن مبدأ رفض امتلاك الحقيقة واحتكار الصوار ينطبق على السلطة كما ينطبق على الإسلامويين وأي تيار آخر))
………..
دمشق والطائفيات
منذ اللحظة الأولى التي خاض فيها (القرني) إلى أبواب السجال المصري، اتسق مع خطاب الإخوان في مصر والمتعاطفين معهم خارجها في خلق ربط بين ما جرى ويجري في مصر وبين الثورة السورية التي تحظى بتعاطف واسع. استخدم في الثالث والثامن من يوليو إشارة لانقلابات تركيا وأحداث الجزائر ليستعيد صورة الضحية التي تستمتع التيارات الإسلاموية بإطارها، لكنه لم يوغل كما فعل مع سوريا استثمارا للتعاطف القائم.
في تغريداته الافتتاحية دعا لأهل مصر وسوريا وأفغانستان وأراكان، ثم كتب في 2 يوليو “حسبما ورد في الجزيرة مصدر عسكري مصري يقول أن العسكر غيروا موقفهم من مرسي وتخلوا عن تأييده بعد خطاب قطع العلاقات مع سوريا !!! ماذا يعني هذا؟؟” وفي 8 يوليو غرد: “أول قرار اتخذه الإنقلابيون خارجيا إعادة فتح سفارة بشار وحصار غزة وداخليا إيقاف الصحف والفضائيات الإسلامية واعتقال قيادات إسلامية وقتل الناس”، ثم عاد مغردا في 9 يوليو: “لا أستبعد أن من أهداف إنقلاب مصر إشغال الناس عن مايجري في سوريا وبخاصة إبادة حمص وبالذات بعد إعادة فتح سفارة بشار ولذلك لا يجوز إهمال أمرها”. ثم يشير في سياق آخر، أن من أسباب رفضه الانقلاب تأييد بشار له.
غابت عن (القرني) عدة حقائق لا بد من تذكيره بها:
- لم يصدر أي بيان مصري رسمي يتحدث عن إعادة فتح سفارة بشار، لم يتحدث عن هذا “الخبر” إلا تغريدات ومواقع اخوانية يتداولها الاخوان والمتعاطفون معهم، كما ان النظام الجديد في مصر لم يبد أي تعاطف أو تأييد رسمي او عملي لبشار الأسد.
- من ساق دشن هذا التمسح هو الرئيس (مرسي) نفسه، حين تغاضى عن متحدث في مؤتمر العلماء لنصرة السوري أشار إلى أن من سيخرج على الرئيس في 30-6 مرتد وكافر.
- يقول (القرني) في 5 يوليو: “الآن في الجزيرة (مصدر عسكري رفيع المستوى يؤكدوجود إنقسام داخل الجيش رفضا للإنقلاب على الشرعية وتدخل العسكر بالحياة السياسية/ماذا فعلت ياسيسي؟” ثم يغرد في 8 يوليو: “انقلابيو مصر يقتلون المصلين كما يفعل صديقهم بشار الذي أعادوا فتح سفارته وهتفوا باسمه في ميدان التحرير ثم اتهموا الإرهابيين!!! كما فعل بشار”، وهنا يسير (القرني) على نسق الخطاب الإخواني الذي يقابل بين بشار الأسد ووزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي ويحاول المماثلة بين الجيش الحر ومنشقين محتملين أو وهميين في الجيش المصري. (القرني) يسلم بخبر الانشقاق الذي اتضح لاحقا أنه وهمي (وكما أشرت لا إشارة صريحة لرد الجيش عند القرني سواء على ما يسمى بـ “مجزرة الحرس الجمهوري” ولا الانشقاق الذي لا أساس له إلا الاختلاق).
……….
((أقول “ما يسمى بمجزرة الحرس الجمهوري” حتى انتهاء التحقيق وصدور الأحكام القضائية))
……….
-  ينسى (القرني) تصريح محمد مرسي الشهير، بأن رؤية مصر لما يجري في سوريا متقاربة مع الرؤية الروسية، وهذا النسيان مريح للابتعاد عن المتاهات التي سببها موقف (مرسي) الملتبس من الثورة السورية: إضافة إلى تصريحه الروسي كان (مرسي) قد أعلن انه لن يتحاور مع الداعمين لبشار الأسد، لكنه فعل وزار واتصل مع روسيا والصين وإيران (مغرد آخر كمحمد الحضيف كان يبرر هذا الالتباس بأن السياسة هي فن الممكن!). إذن، ليس هناك خيار أمام (القرني) إلا الاكتفاء بالمشهد الأخير من تقلبات (مرسي) السورية وحضوره لمؤتمر العلماء لنصرة سوريا الذي يحتمل تفسير الاستهلاك والتسويق المحلي المصري وفق المشهد العام.
- كما يؤكد (القرني) – مرة تلو أخرى – على أخبار تأييد بشار الأسد لما جرى في مصر، يتغاضى تماما عن تعاطف إيران مع (مرسي) في 7 يوليو 2013 حين صدر بيان رسمي عن وزارة الخارجية الإيرانية ينتقد الإطاحة بالرئيس (مرسي) واصفا ما فعله الجيش بـ “خطوات غير ملائمة”. الطريف أن (القرني) بحث عن أي ذريعة لوضع إيران في موقع العداء مع (مرسي) فأشار في 6 يوليو إلى تأييد الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي لما جرى في مصر مع العلم أن (خاتمي) محسوب على الخط المعارض لأحمد نجاد والمرشد الأعلى خامنئي.
- الربط بين إيران وسوريا في خطاب (القرني) مهم، لانتماء (القرني) إلى تيار يرى أن المحرك في الأحداث السورية هو الصراع بين “الكفر والإسلام”، وفي هذه الدائرة تمتد القراءة لتكون صراعا بين العلوية والشيعة من جهة والسنة من جهة أخرى.
- يتحقق الربط أيضا، لأن (القرني) نفسه يربط بين سوريا وإيران في بناء موقفه مما يجري في مصر، يغرد (القرني) في 6 يوليو: “#لماذا_أرفض_الإنقلاب لأنه أجمع على تأييده أعداءالأمة إسرائيل وبشار وإيران وأمريكا وروسيا وغلاة علمانيي العرب من يسار ويمين وفاسدي الأخلاق والمال”، وإذا الجانب السياسي حاضرا في الربط في التحالف بين سوريا وإيران، فإن الجانب الطائفي حاضر هو الآخر في صراع بين السنة وبين العلوية والشيعة، في 12 يوليو يغرد (القرني): ” إذا دختلم في حسابات كثيرمن شباب الشيعة وأتباع بشار وجبهة الإنقاذ في مصر ستجدون المواقف واحدة تجاه (الإخوان-السلفيين-الخليج-ثورة سوريا) فهل نستيقظ” و “مع الأسف كثيرمن إعلام الخليج ولبرالييه  وبقايا يسار وقوميين نكاية بالإسلاميين يتراقصون على أنغام إيران وبشاروإسرائيل وحتى أمريكا كيف اجتمعوا”.
- يقرر عوض القرني الموقف الإيراني على أنه موقف سلبي حتى يتسق مع موقف بشار الأسد، لكن الحقائق توضح أن تجاهل (القرني) للعلاقة بين مرسي وإيران يسهل التجييش الطائفي المطلوب: بعد لقائه نجاد بـ (مرسي) بدا ان بوصلة مصر تتحرك عكس ما كانت عليه في عصر مبارك، فدشنت الرحلات السياحية من إيران إلى مصر، حتى أن الشيخ السلفي محمد حسان اعتبرها فاتحة تشيع، إضافة إلى المحادثات الاقتصادية التي أشير لها بين الاخوان وإيران (كان التقارب المصري – الإيراني في عهد مرسي هو المحرك لتصريح ولي العهد السعودي “يجب إعطاء (مرسي) فرصته كاملة على هامش القمة الإسلامية في محاولة تنبيه وإيجابية قد تدفع الرئيس المصري لتدارك بوصلته).
- من ثنائية السنة/ الشيعة، يتحرك (القرني) إلى ثنائيات أخرى (السلفي/ الصوفي – المسلم/ القبطي – الليبرالي والعلماني/ الإسلاموي) ، ليكتب في 2 يوليو: “تحالف صليبي علماني فحسب الجزيرة مباشر مصر الباباتواضروس يقول:الشعب المصري استعاد ثورته المسلوبة بواسطة حركة تمرد وعنان مستعد للترشح للرئاسة” و”يجب على العالم كله أن يستوعب أن الإسلاميين في مصرلم يأتواعلى ظهر دبابة إنقلابية ولم يأتوا تحت بيارق صليبية وأنهم لن يفرطوا في أمانة وكلت لهم” ثم يغرد في 3 يوليو: “ما جرى في مصرإنقلاب عسكري ورأه الناصريون والفلول ولافتة تسويقه شيخ صوفي معمم وبابا أرثوذكسي وبرادعي ليبرالي متأمرك لقد فتح الباب لكن متى سيغلق”. وأهمية هذه الثنائيات – كما أسلفت –  أنها تجسد الحدية والإلغاء في أكثر من مستوى إلى طرف يمثل – منفردا – الحق والإسلام والاعتدال والمصرية وطرف آخر يجسد النقيض والصفرية.
التناقض بعين واحدة
يفتتح (القرني) تناقضاته في الأول من يوليو ” على جميع القوى التي لها مصلحة في استقرارمصر أن ترفع يدهاعن مثيري الشغب وسفاكي الدماء ومشعلي الحرائق لأن شعب مصر صمم على حماية إختياره وحقوقه”، هذه التغريدة لم تحصل لها أي مراجعة بعد تصريحات قياديي الإخوان (عصام العريان ومحمد البلتاجي) بأن الهدوء في سيناء لن يتحقق إلا بعد عودة (مرسي) في إشارة إلى الصدام المسلح بين الجيش والجماعات الإرهابية.
- يتساءل (القرني) في 2 يوليو ” لماذا لم تقم أي صلاة عند معتصمي المعارضة؟”، هذا رابط لصلاة العصر أثناء حصار الاتحادية في 30-6 من هنا.

وهذا رابط آخر لصلاة المعتصمين في ميدان التحرير في 28-6 من هنا.
وغير ما في هذه التغريدة من ضعف المتابعة، فإنها تعكس مفاهيما ملتبسة عند (القرني) عن المواطنة والحكم، فإن أداء الصلاة أو عدم أدائها لا يؤثر على الحقوق السياسية للمواطنين، كما ان الصلاة إذا كانت ركنا من أركان الإسلام، فهي ليست – مطلقا – ركنا أو أساسا للمواطنة. للمواطنة أساس المساواة والنهائية، وللحكم أساس العدل والكفاءة، إن التزام الرئيس محمد مرسي بأداء الصلوات المفروضة والنافلة ليست سببا كافيا او مقنعا لوصوله إلى الحكم أو بقائه فيه، لم ينتخبه الناس لأنه يصلي، بل جرى انتخابه من فئتين: فئة أيدت برنامجه وتوجهه، وفئة رفضت انتخاب خصمه. ما يهمنا هنا، أن (القرني) رأى مؤيدي الرئيس يصلون ولم ير الآخرين، وهذا ما سنلاحظه تباعا.
- في 3 يوليو ينبه (القرني): “لقد كان أمام نخب مصر فرصة تاريخية للخروج من حكم عسكري مستبد حكم مصر ستين عاما بالإشتراكية والقومية واللبرالية إلى حكم مدني إنتخابي تداولي”. المشكلة أن (القرني) يتحدث عن التداول في ظل ثنائية حدية تصنف الآخر على أنه: كافر، مجرم “لماذا_أرفض_الإنقلاب لأنه تجمع تحت رايته الشبيحة والبلطجية في الشوارع والنبيحة في الفضائيات والأشباح في التويتر والفيسبوك والأجراءفي الصحافة”. كما انه غرد لاحقا “على الإسلاميين في كل مكان أن يعيدوا النظر في مبدأ التعاون الوطني مع العلمانيين وبخاصة الشيوعيين والقوميين والمرتبطين من اللبراليين بالإستخبارات”. وفي السادس من يوليو يقول: “لأنه إبعاد للصالحين الممثلين لهوية الأمة برضاها وتمكين للماركسيين والناصريين واللبراليين والأقباط والفاسدين غصباعن الأمة”. إن الثنائية التي تكرس الحدية والإلغاء في خطاب (القرني) تنتهي – كما أشرت سابقا – إلى نسف المواطنة “المصرية”، وحين تنسف المواطنة ينتفي التنوع والتداول، إلا إذا كان القصد التنوع والتداول داخل الفصيل الإسلاموي وحده.
- في 6 يوليو و2 اغسطس بدأ (القرني) في حيلة شعبوية أخرى تتمثل في الربط بين الجيش ومعارضي الإخوان وبين إسرائيل: “#لماذا_أرفض_الإنقلاب لأني أقرأ الآن على الشاشة قول شامي هافي زعيم صهيوني إن إنقلاب السيسي أكثرالأخبارسرورالإسرائيل من سنين وكان بالتنسيق معنا”،  ”لم تعرف منطقتنا قبولا لإسرائيل وتطبيعا معها وحربا للمقاومة إلا بجهود نظام السادات وحسني وميليشياتهم الإعلامية والاقتصادية”، ” لم يتحول جيش مصر حليفا لإسرائيل يحمي حدودها ويقتل أي متسلل إفريقي لها وهو لم يمنع من التسلل داخل مصر إلا في عهد حسني”، “لم يتحول جيش مصر العظيمة إلى وسيلة إسرائيلية لحصار الفلسطينيين وقتلهم بالجوع والمرض إلافي عهد حسني وعمرسليمان ورجالهم”.
- يفوت على (القرني) – ربما لضعف المتابعة ونقص المعلومات أكثر من حقيقة: أن الجيش مصري خاض أربعة حروب ضد إسرائيل وان الربط بينهما غير ممكن، أن الرئيس مبارك نفسه – بعد تولي الرئاسة – رفض تغيير عقيدة الجيش المصري “إسرائيل هي العدو” رغم معاهدة السلام، لم يزر (مبارك) إسرائيل إلا في جنازة إسحاق رابين ورفض كل دعوات الزيارة الأخرى التي منها ما شمل القاء خطاب في الكنيست ،  أن شريحة مهمة من الأخبارالإسرائيلية تأتي في سياق الحرب النفسية (وهذا معروف عند أقل المتابعين معرفة بالشأن الإسرائيلي). وأخيرا، الإشارة إلى إغلاق معبر رفح خلال عهد مبارك، ثم إغلاقه بعد 30-6: تم اغلاق معبر رفح خلال عهد (مبارك) لأسباب تنظيمية تتحمل حركة (حماس) نصيبا منها ومع ذلك فقد فتح أكثر من مرة لأسباب إنسانية، كان نظام (مبارك) يعلم – تماما – بالأنفاق التي تتصل من مصر مع غزة ولم يغلقها، أن السلطات أعلنت مؤخرا أن إغلاقها للمعبر إجراء مؤقت وليس نهائيا.
- يحمل (القرني) الجيش ومبارك مسؤولية كل صلة بإسرائيل، في حين يتغاضى تماما عن عصر (الإخوان): ليس هناك أي تصريح إخواني معتبر يشير إلى إلغاء أو تعديل معاهدة كامب ديفيد، خلال أحداث غزة الأخيرة ضمنت (مصر) أمن إسرائيل من داخل غزة وهو ما لم يحدث إطلاقا في عهد (مبارك) ورفضه أكثر من مرة. وطبعا لا بد أن يتناسى – كأي متعاطف مع (الإخوان) –  رسالة (مرسي) الشهيرة إلى الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز التي استفتحت بـ “صديقي العظيم”.
- الربط بإسرائيل استدعة عمند (القرني) الربط بنظام (مبارك)، وهذا مردود عليه، فالرئيس المصري ما زال في السجن، ومعارضوه هم الركيزة الأساس في كيانات معارضي الإخوان، وحتى رئيس وزراء مبارك – المرشح الرئاسي السابق – أحمد شفيق لم يعد إلى الآن إلى مصر.
- في 5 يوليو غرد (القرني) ” اللهم أحقن دماء المصريين وألف بين قلوبهم السفارة الأميركية لن يكون من ورائها إلا البلاء!!؟”. لينتقل من الربط بإسرائيل ومبارك إلى الولايات المتحدة. يبدو أن (القرني) لم يتابع أو لا يريد أن يتابع تصريحات السفيرة الأميركية (باترسون) المتعاطفة مع الإخوان واتصالاتها الوثيقة بهم، كما تغاضى تماما عن التوجه الأميركي الذي دعم الإخوان والإسلامويين في أكثر من دولة من دول الربيع العربي! (والاتصالات قبل ثورة 25 يناير بين الإخوان والولايات المتحدة لم تعد خافية على أحد، ويجري النظر قضائيا – في إجراء سابق لثورة 30-6 –  في قضية التخابر مع دولة أجنبية – إضافة إلى تهريب المساجين – وأبرز المتهمين في القضية هم محمد مرسي وبعض قيادات الإخوان).
- في 3 يوليو يقول (القرني): “هيومن رايتس وتش تقول أنه وقع في ميدان التحريرفي ثلاثة أيام أكثر من مائة حادثة إغتصاب  واعتداء جنسي هذاهو  منهج الثورة المضادة الذي تدعو له”، لم يشر (القرني) لاحقا إلى تكفين الأطفال والتمترس وراءهم الذي مارسه الإخوان وحلفاؤهم في رابعة، وتلك من أبشع صورة ممكنة لاستغلال الطفولة. وبالتأكيد سيتجاهل بيان المنظمة المصرية لحقوق الإنسان عن رصد حالات تعذيب في اعتصامات رابعة والجيزة الموالية للإخوان ومرسي إضافة إلى ضبط مخازن الأسلحة داخل بعض مقار الإخوان والاعتداءات المتكررة – والموثقة – على الصحافيين في تقاطع رابعة العدوية.
-  في السابع من يوليو يقول: “لاحظت أن أغلب المدافعين عن الإنقلاب في تويتر أشباح إسما وصورة وربما أيضا كانواشبيحة وأكثرهم لا يحسن إلا السب والشتم مع الإعتذار للمحترمين منهم، وإن كان الجيد استثناء الاحترام، فإنه من الواضح أن (القرني) ضعيف الاطلاع حتى في (تويتر) إن لم يتعمد تجاهل آلاف المغردين المصريين.
- وفي تغريدة أخرى يكتب: ” مئات الآلاف من مؤيدي الشرعية تدخل ميدان التحريروحول القصورالرئاسية وأضعافهم في الصعيد والإسكندرية الآن وعشرات الآلاف تقترب من ماسبيرو حسب الجزيرة”. لم ير (القرني) في كل تغريداته الحشود البشرية التي تظاهرت ضد (مرسي) والتي فوضت الجيش.
- “أسئلة تبحث عن إجابة لماذا كل القتلى من مؤيدي مرسي فقط؟ لماذا أكثر من مائة مقر أحرقت هي للإسلاميين فقط؟”. لم ير (القرني) أي قتلى من الجيش المصري، ولا حادثة رمي الأطفال من الأسطح.
- في الثاني من أغسطس يقول (القرني): “من جرائم انقلابات_مصر: هذه الديون فوائدها الربوية التي تستقطع من قوت الشعب المصري سنويا أكثر من مائة مليار جنيه ويستنزف الفساد ثلاثمائة مليار”، وهنا السؤال له: هل تناسى مفاوضات (مرسي) والإخوان مع صندوق النقد الدولي؟.
- وفي نفس التاريخ يشير (القرني) إلى ديون مصر في عهد عبدالناصر والسادات، ويتناسى الحالة الاقتصادية التي آلت لها (مصر) خلال عام حكم الإخوان وغياب أي رؤية لمعالجة الموقف، قبل أن يتناسى الظروف العسكرية والسياسية في عهدي عبدالناصر والسادات (وفي أكثر من تغريدة ساوى “القرني” بين نظامي عبدالناصر والسادات في ملمح آخر يدل على ضعف الاطلاع في الشأن المصري: كان نظام عبدالناصر نسخة مشوهة من اليسار كما كان نظام السادات نسخة مشوهة من اليمين)..
بين (القرني) وغيره
حين تقارن تغريدات عوض القرني بتغريدات غيره من المتعاطفين مع الإخوان، فلا شك أنه سيبدو الأكثر ذكاء والأقل شعبوية، فإذا كان البعد الطائفي حاضرا عند (القرني) فإنه لا يبدو فاقعا كما يبدو عند باسم عالم الذي كتب – مثلا – في 1 يوليو: “عندما تنتفخ أوداج الأقباط ويتعاملون مع المشهد كأسياد له ويعلنون ألا شريعة بعد اليوم عندها يعلم الأحرار من المتظاهرين حقيقة من يوجههم ويقودهم” قد لا يختلف (القرني) مع (عالم) لكن فطنته تحميه من الرعونة، وكأن (عالم) يريد أن يقول أن الأقباط يجب أن يعيشوا أذلاء – خارج أو داخل المواطنة –  وان أي تحرك يشاركون فيه تجب مقاطعته. في 29 يونيو غرد عالم ” استقالة مجموعة من اعضاء الشورى، هو قفز من القطار ظنا انه سيخرج عن قضبانه.الحقيقة القطار مستمر، وسيعين غيرهم دون مجاملة هذه المرة” لا يضع (القرني) نفسه في خانة السخرية على عكس التغريدة السابقة التي توحي بأن (عالم) على علم بنوايا (مرسي) أولا بأول أو أن (مرسي) ينتظر تغريدات (عالم) ليتخذ قراراته. باسم عالم مثال ناصع على التابع حين يكون عبء على المتبوع، خلال إنذار الـ 48 ساعة الذي منحه الجيش لـ (مرسي) لم يتطرق الاخوان ولا المتعاطفون معهم إلى فكرة تنحي (مرسي) والدخول في انتخابات مبكرة، لكن باسم عالم – بعد خطاب (مرسي) الأخير –  رد على تغريدة للدكتورة فاتنة شاكر رأت فيها أن (مرسي) تشبث بالكرسي على حساب مصر: “عودي يا دكتورة لمفهوم الولاية التي أسسها سيدنا عثمان” ثم عاد في 14 يوليو وأشار في تغريدة “ولكن هناك عثمان قال لا أخلع الخلافة فتصبح أداة لكل غوغاء”، ما زال باسم عالم – إلى اللحظة – يعيش في زمن الخلافة مساويا بين (مرسي) وعثمان، وبمنطق (عالم) يصبح بقاء (مرسي) وغيره من الحكام إلى وفاتهم او اغتيالهم واجبا دينيا!. في 15 يوليو غرد (عالم): ” مشكلة القوم انهم يغضبون من ذكر تدين الرئيس محمد مرسي، يستفزهم ذكر خلقه. والحق ان ذكر تدينه لنؤكد انه لم يأت بكفر بواح يستوجب نزع البيعة عنه” ما لا يعرفه (عالم) أن تدين (مرسي) أمر بينه وبين ربه، لا بينه وبين الناس، وإلا دخل في دائرة الرياء أو دخل في الدستور. ما نسيه (عالم) – أيضا –  ان الناس انتخبت (مرسي) ولم تبايعه. بعد هذه الأفكار الحجرية والمشوشة – التي يحاول الإخوان التبرؤ النظري من بعضها – لا يجد (عالم) أي حرج في التنظير للديمقراطية والعقد الاجتماعي!.
هناك فرق أساسي بين (القرني) ومحمد الحضيف، يعتبر (القرني) أن وصف الآخر بغير الإسلاموية كاف للانتقاص منه ودمغه بختم الإلغاء، أما (الحضيف) لا بد أن يستدعي الأحكام الأخلاقية ليجهز معنويا وقيميا على خصمه، حين أعلن (السيسي) والقوى الوطنية عن خارطة الطريق، كتب (الحضيف) في 3 يوليو: ” سترقص العاهرات”، يبدو (عالم) أكثر قربا للحضيف من القرني – لذلك هما أكثر تورطا منه في نشر الأخبار المكذوبة والتعليق عليها – ، يصف (عالم) – في 11 يوليو– المشروع الليبرالي “المعارض للإخوان” بأنه مشروع إباحي. استدعاء الأحكام الأخلاقية  نادر عند (القرني)، لم يستخدمه – وفق تغريدات ممتدة من 28 يونيو إلى 9 أغسطس – إلا في الثاني من أغسطس ” لم تتحول أرض إبن العاص و صلاح الدين وقطز والعز وابن حجر وعرابي والأزهر إلى منتجعات لبغايا الصهاينة إلا في عهد حسني” واتجه بإجهازه الأخلاقي إلى الصهاينة لا خصوم الإخوان في مصر. يسرف (الحضيف) في استحضارالنعوت السلبية في نقله أو تعليقاته على الأخبار “اللصوص، الخونة، المجرمون، العهر…الخ” ليبدو (القرني) أكثر تهذيبا. يتحلى (القرني) برصانة وواقعية تحميه من التسرع، فحين تقرأ تغريدات (الحضيف)  و(عالم) لا يتوقف الحديث عن الليلة المفصلية واليوم المفصلي والتظاهرة الحاسمة والنصر القريب، على عكس (القرني) الذي يحرص على الاقتراب أكثر من أرض الواقع (من أسباب ذلك – أيضا – أن النفس النضالي والبكائي أكثر ارتفاعا لدى “عالم” و”الحضيف”). حرص (القرني) على حفظ الأدنى من المواءمة المؤسسات التقليدية السياسية والدينية يغيب عند (الحضيف) و(عالم).
فرق آخر يتجلى بين (القرني) و(الحضيف)، في 3 يوليو كتب الأول “أتمنى في هذا الظرف أن الإسلاميين في مصرلا يلجؤون للعنف وأن يتحدوا ولايتفرقوا في مقاومة سلمية للإنقلاب تعلي مصالح الوطن وتحافظ على حقوق الأمة” في حين يغرد (الحضيف) في نفس اليوم: “إنْ كانت الديمقراطية سيئة، لأنها جلبت الإسلاميين للحكم، فالفوضى والحرب الأهلية لن تكون أحسن”!، ومن نفس المنطق الدموي أشار باسم عالم مبكرا – في 1 يوليو –  إلى اللجوء إلى العنف عقب بيان الجيش الأول (إنذار لـ 48 ساعة) – قبل الإخوان أنفسهم – : “أقول بكل ثقة تدخل الجيش إلغاء لإرادة شعب وخفر لعقد إجتماعي توافق عليه المصريون دستوريا والنتيجة سيحل العنف كوسيلة وحيدة لتحقيق الهدف السياسي” وعقب سجاله مع الكاتب سعود كابلي أكد على أن “العنف يكون الحل الطبيعي لوأد التجربة الديمقراطية وإرادة الشعب”، ربما لا يقصد (عالم) التحريض، لكن خواءه المعرفي واللغوي  وضعه – في أكثر من مناسبة – في ذلك الموقع – على عكس الحضيف الغارق في وحل الأيديولوجيا والثقافة الحركية –  خصوصا حين يصف “العنف” كـ “حل”!. (القرني) حاسم تماما في رفض العنف، وحين يتطرق اليه فإنه يلجأ إلى خزانة لغوية متينة ترفع عنه أي شبهة فيبدو المحذر لا المحرض.
(الحضيف) أكثر تناقضا بلا جدال، فحين يصف الانقلابيين بالخونة وبالمتآمرين مع الغرب، يحتفي في تغريداته بأي جهة غربية تتعاطف مع (مرسي) كتفسيره لطلب آشتون لقاء حلفاء (مرسي) وزيارته. (القرني) في هذه النقطة أكثر اتساقا مع موقفه.
متعاطف آخر مع (مرسي) و(الإخوان) هو إبراهيم السكران أكثر حرصا الغوص في التفاصيل الفقهية في مداخلاته المصرية، في حين يتمسك (القرني) بموقع فكري أو سياسي. من يقرأ تغريدات (عالم) و (الحضيف) و(السكران) يشعر لوهلة أن بعضهم يعتقد أن لديه القدرة – عبر حساباتهم في (تويتر) – على مخاطبة المتظاهرين في الشارع المصري وقيادات الأطراف المختلفة عبر التحذير أو النصح أو التوجيه أو حتى محاولات الايقاع بين وجوه الفصيل الواحد، هذه “البارانويا” لا تظهر عند (القرني).
لا بد من التأكيد هنا، على أن الفروقات بين (القرني) وغيره هي فروق درجة لا فروق منطق، هي فروق مظهر لا فروق جوهر:
- تشترك  الأسماء المذكورة مع (القرني) في تأصيل الصراع كمعركة بين الكفر والإسلام، وأغلب الثنائيات التي تنتهي إلى فصيل يمثل الخير والحق والاعتدال والشرف والصلاح والأصالة والفضيلة والاستقلال (الإسلاموي) وفصيل مضاد يمثل كل رذيلة ومنقصة.
- وتشترك معه في إعلان عدم الانتماء للإخوان، إنما التعاطف من أجل الإسلام والحق.
- وتشترك معه في التمسح بثورة سوريا وفي اعتماد المنطق الطائفي.
-  وتشترك معه في التجاهل المطلق لخارطة الطريق التي تقود إلى انتخابات شاملة.
- وتشترك معه في ضعف الالمام بالشأن المصري ومتابعة الأخبار أو التجاهل المتعمد لبعضها (وهناك تجاهل دائم عند الاخواني والمتعاطف معه في التطرق للعلاقة الملتبسة بين مرسي ومحمد بديع وخيرت الشاطر).
مخرج:
لا يمكن أن تأتي هذه القراءة من منطق الحياد، لكنها تحاول الاقتراب من مبدأ الموضوعية. قد تبدو هذه القراءة – في بعض المواقع – موافقة على بعض القيم السلبية التي يحملها الخطاب المتعاطف مع الإخوان، لكن هذا الظن في غير محله لأن القصد هو محاكاة المنطق المضاد وقراءته من نفس منطلقاته. إن تعاطف د. عوض القرني مع الرئيس المعزول محمد مرسي وحركة الإخوان – كما معاداة الفكر الإخواني – ليس مثلبة، وهدف قراءة هذا التعاطف هو كشف بعض الحقائق التي ظهرت بوضوح في تحليل المشهد الخارجي لنفهم اتجاهات البعض ومنطلقاتهم في تحليل و”تحريك” المشهد الداخلي في المملكة.
هؤلاء بعض المتعاطفين، أما الكوادر الاخوانية السعودية فهي تستميت في الدفاع عن التنظيم الأم لسببين: أن إزاحة التنظيم الأم عن السلطة في مصر يئد مشروع أخونة السعودية قبل أن يبدأ، وفوق هذا أنهم أصبحوا أهدافا مكشوفة في مرمى عقاب أو استئصال محتملين، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

بقلم: أحمد عدنان
إعلامي وباحث سعودي

أرسل الزميل أحمد عدنان الاعلامي المعروف هذه المقالة للمجموعة البريدية، ورغم تحفظنا على كثير من فقراتها، إلا أنني من باب حرية الرأي ننشرها، ومن حق الشيخ العزيز عوض القرني أو محبيه الرد وتفنيد ما جاء في هذه المقالة..
عبدالعزيز قاسم


_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..