الصفحات

الثلاثاء، 3 سبتمبر 2013

خطيب الجمعة والوزير

لو رجعنا إلى التاريخ الإسلامي، وتمحصنا به كثيراً، وقرأناه قراءة متيقنة دقيقة، لوجدنا أن الرسول الكريم - عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم - لم يخطب في الناس طوال مكوثه في مكة المكرمة، وإنما بدأت خطبة الجمعة في المدينة المنورة بعد الهجرة.
ولم يتطرق المصطفى - عليه الصلاة والسلام في خطبته - لأمور السياسة، رغم ما تمر به البلاد الإسلامية في ذلك الوقت من حروب ومطاحنات وكثرة الأعداء المتربصين بالأمة، سواء في الداخل أو الخارج.
إنما تطرق خاتم الأنبياء ومعلم البشر إلى الدين والجنة والنار وتعليم الناس أمور دينهم والتقرب إلى الله والتقوى في السر والعلن.
هذا هو صفوة الخلق وخطبته..
تطوَّرت خطب الجمعة بعدها في عالمنا الإسلامي، ولم يحدث في العهدين الأموي والعباسي أن كانت منابرهما لزرع الفتن، أو التشفي من أناس ضد الآخر، وإنما كانت خطباً في الدين وموعظة للناس..!
إلى أن جاءت الدولة العثمانية، وبدأ السلاطين في تشجيع الخطباء للخوض في غمار السياسة لكسب ود الفرق المتشاحنة وكسب حزب على الآخر، وتفضيل ذلك السلطان أقواماً على غيرهم، وجعلوا من هذه المنابر رسائل توجه إلى الناس عن سياسة الحاكم، وتستغل أحياناً إلى الوعيد بمن يخالف أمر السلطان، فكانت السياسة حاضرة في خطبة الجمعة في ذلك الوقت، ولكن..
ما إن تدخل الجمعة في السياسة، وتكون المنابر موجهة إلى التشفي من نظام ضد نظام آخر، فقد خرجت عن مفهومها، والغرض من قيامها ووجودها، وخالفت أهدافها وتوجهاتها..!
فالجمعة منبر إعلامي، إسلامي للطرح، والتوجيه، وهي تطرح عادة في مناسبة دينية كرمضان، أو الحج، أو تناقش أموراً اجتماعية، أو أحداثاً أخرى..
ولكنها قطعاً لن تكون سياسية، ولن تخوض بالسياسة من قريب أو بعيد..
وما حصل في جامع الفردوس في الرياض مؤخراً من تجاوزات من الإمام والخطيب لهذا الجامع، وجعل هذا المنبر يعكس آراءه الشخصية، وتعليقاته وتغريداته في مواقع التواصل الاجتماعي، بل إنه جعل من هذا المنبر انعكاساً لشخصيته وأفكاره، وأهدافه، وربما كانت من ضمنها؛ (ليكون كغيره باحثاً عن جماهيرية تويترية وإعلامية مثله مثل أسلافه ومعلميه ممن "تشدقوا" بالبهرجة الإعلامية، وأصبح همهم "الفلورز" أكثر من الدعوة نفسها، أو حتى المبادئ أو القيم في أحايين كثيرة)، وهذه إشكالية عظمى أن تبحث عن الشهرة، والجماهير، وتتنازل مقابلها عن أشياء أنت قلتها، أو عن ركائز هي من صميم الدين، ويحلو لك الازدواجية ولبس الأقنعة، وتعتقد أن المجتمع في غفلة منك..!؟
ومن أعظم المصائب التي تواجه الأمة في وقتنا الراهن البحث عن الجماهيرية؛ وبالتالي تغيير التوجهات وغرس الأفكار والبحث عن التصفيق، والانسياق لهذه التوجهات، وهي كارثة يفترض بنا التمعن والوقوف حولها، ومعالجتها قبل استفحال الأمر..!!
**  أبلت وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف بلاء حسناً بالبيان الصادر بحق من يجعل من منبر الجمعة انعكاسات لأهوائه، ونشد على يد القائمين في هذه الوزارة بالضرب بعصا غليظة على يد كل متطاول ومخالف لهذه الأنظمة، وجاعل من خطبة الجمعة منبراً لغرس الفتن والتشفي (نحن مع العقاب والتحقيق والفصل).
**..  فاصلة قبل الختام: "ما بال هؤلاء القوم يستشيطون غضباً ويهيجون شططاً، ويحاولون تقطيعك إرباً، حين تعلن على الملأ أنهم انكشفوا، وقد زالت أقنعتهم، وبدأ تنقشع زيف خداعهم ومؤامراتهم على الدين.. ومزايداتهم على الوطن..؟".
 إلى اللقاء.

27 شوال 1434-2013-09-0312:03 AM
صالح المسلم
_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..