الصفحات

الجمعة، 20 سبتمبر 2013

فلول الإخوان المسلمين

الثورة تقطع مع ما قبلها، أو على الأقل، مع الأساسات التي تشكل قاعدة صلبة للنظام الذي ثارت عليه،
بغرض بناء نظام جديد يختلف كليا عما سبق، ومن هنا، كان مصطلح الفلول الذي شاع عقب ثورة 25 يناير، ويشير إلى بقايا نظام مبارك، ويستخدم بهدف القطيعة معهم حتى على الصعيد النفسي، فالكلمة ذات مدلول سلبي بلا شك، وتأثيرها يتجاوز الإجراءات المتخذة في حق رموز النظام القديم، من محاكمات وإقصاء وغيرها، وهي تذهب مباشرة إلى وجدان الناس ووعيهم، تذكرهم كل لحظة بما كانوا عليه، وتجعل من كل فعل أو قول ينتمي للعهد القديم، محلَّ رفض واستهجان ومواجهة من قبل الجماهير. وهذا ما لم تنجح به تماما الثورة المصرية، فسرعان ما عاد من النافذة، كل من خرج من الباب، وأصبح آل أديب وساويرس وغيرهم من رجالات الإعلام والأعمال، خارج الدائرة التي ينتمون لها، وداخل –بل في قلب– دائرة الثورة! ولهذا ارتباطه بالجهل وضعف الذاكرة وانعدام البوصلة وقلة الإمكانيات عند من رسموا الدائرة الجديدة.

أدرك الفلول الحقيقيون خطورة الأمر، وعملوا سريعا على الخروج من دائرة الاتهام والتنميط. ولأن الوقاحة في المحروسة بلا حدود، يكذب الرجل والمرأة هناك دون حياء أو خجل، ويجد من يصفق له ويدعمه ويسير خلفه، استطاعت هذه الجموع الفلولية الغفيرة القفز من المركب بسرعة كبيرة، واندمجت مع ركب الثورة وتكلمت بلغتها واستخدمت شعاراتها، حتى أنتجت لنا في 30 يونيو ثورة ضد الثورة، استطاعت بالتخطيط والدعم والتمويل والجهل قلب المعادلة تماما، وأصبح لدينا «نظام قديم» جديد، وبات له فلوله ورموزه وقوائم استهدافه، وطبعا لغته وخطابه وشعاراته، وهذا كله في دائرة الانتقام بكل تأكيد، كما تفعل كل ثورة تجاه ما سبقها، ونسي الناس أنها ثورة مضادة ضد الثورة الأساسية، وأن القائمين عليها هم الفلول الذين استهدفتهم ثورة 25 يناير، وأن برنامجها لا يتجاوز إصلاحات طفيفة وشكلية في النظام الذي تم إسقاطه في الثورة الأساسية، وأن هذا محض جنون!

ولم يكن لهذا الأمر أن ينجح دون توفر شرطين رئيسين: الانتهازية والغباء اللذين مارسهما تنظيم الإخوان المسلمين، والخيار الذي اتخذه النظام القديم باستثمار هاتين السمتين لدى الخصم والانقضاض على الثورة من خلالهما، وقد نجح حتى الآن بشكل كبير على ما يبدو. أصبح لدى «النظام القديم» قائد الثورة المضادة نظامَه القديم الذي أسقطه، والمتمثل بجماعة الإخوان المسلمين، تخيلوا! وأصبح لديه فلوله من الإسلاميين والثوريين على قائمة التصفية والاستهداف، بل إن كل موالٍ لهم يظهر أدنى رحمة أو اختلاف في طريقة التصفية، سيلقى مصيره المحتوم من الهجوم والإقصاء، وبات لدينا خطاب ثوري جديد ينص على: إحنا شعب وانتو شعب، ولدينا أغانٍ وطنية من صنف: آه آه يا سيسي، وتوحد محمد حسنين هيكل وتوفيق عكاشة وباسم يوسف في صياغة الخطاب الثوري الجديد، وغير ذلك من ضروريات البناء الثوري المضاد.

لعلكم لاحظتم، وفي ظل تسارع الأحداث، كيف أن اعتقال أعضاء حزب الحرية والعدالة، وطاقم موظفي الرئاسة، وكل من ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين «غير» المحظورة في مصر، بات أمرا طبيعيا واعتياديا، لا يمكن لثائر جديد «مضاد» أن يتساءل فقط: لماذا؟ حتى حس الفكاهة الذي تميز به المصريون قضت عليه الثورة الجديدة، وقضت معه على الجرأة والوعي والنقدية في تناول الأمور. ما أسباب اعتقال الرئيس وطاقمه وأعضاء حزبه.. إلخ؟ إنها العملية المضادة لاستثمار 60 عاما من التحريض والتعبئة بغرض صناعة الفلول الجدد، وتحويل كل مشاعر الكره والعداء لجماعة الإخوان المسلمين، بعيدا عن جرائم النظام القديم والمؤسسة العسكرية ورجال الأعمال والإعلام.
............


علي الظفيري
علي الظفيري
العرب القطرية
_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..