الصفحات

السبت، 21 سبتمبر 2013

إحياء سوق عكاظ عودة إلى الجاهلية

 الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
     فإن من العودة إلى أعياد الجاهلية إحياءَ أسواقهم التي كانت قبائل العرب تقيمها للتجارات، للبيع
والشراء والمفاخرات بين الشعراء، والمشهور من تلك الأسواق: عكاظ ومجنة وذو المجاز وكانوا يقيمونها في أشهر الحج، ويجعلونها مقدمة للحج، وأهم الأسواق عندهم عكاظ، ففيه أول تجمع، ويقضون فيه عشرين يوما من ذي القعدة، وفي هذا السوق صنم اسمه جهار، فهم يحجون إليه، ويحرمون منه، كما كان الأوس والخزرج يحرمون من قُدَيد من أجل الصنم الذي هناك، وهو مناة، فهذه الأسواق أعياد مكانية، وأيامها أعياد زمانية، وقد هجرت هذه الأسواق بعد الإسلام، فلا ذكر لها في السيرة، ولا في تاريخ المسلمين إلا ما جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرتادها يعرض نفسه على القبائل في بداية الدعوة، ليجد من يحميه وينصره صلى الله عليه وسلم.  
     ولهذه الأعياد الثلاثة في إهمالها بالإسلام شبه باليومين اللذين كانا لأهل المدينة حين قدمها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عليه الصلاة والسلام: (قد أبدلكم الله خيرا منهما: يوم الأضحى، ويوم الفطر). أخرجه أبو داود والنسائي من حديث أنس رضي الله عنه، ثم لم يكن لهذين اليومين ذكر في تاريخ المسلمين،
     وفي هذه السنين الحاضرة كثر الذين يحنون إلى عصر الجاهلية، ويفخرون بالقومية العربية حتى نبت في العالم الإسلامي: المذهب الخبيث (البعث العربي)، الذي أصله الاعتزاز بالعروبة والقومية العربية دون الإسلام، كما نشأ من فكر القومية العربية ما يسمى مؤسسة الفكر العربي في بيروت، وما فكرة إحياء سوق عكاظ إلا التعبير عن ذلك الحنين إلى عودة عوائد العصر الجاهلي التي يفخرون بها، وإليك بعض المفاسد المترتبة على إحياء هذا العيد الجاهلي (عكاظ):
1.   إحياء شعائر الجاهلية وأعيادهم التي أبطلها الإسلام، وقد وضع النبي صلى الله عليه وسلم أمور الجاهلية تحت قدمه، فقال في خطبته بعرفة: (ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدميَّ موضوع).
2.   التشبه بأهل الجاهلية في إقامة هذا السوق وتحري المنظمين له زمانه ومكانه، وكل ما كان من أمر الجاهلية فهو مذموم في كتاب الله وسنة رسوله: (ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ) [آل عمران:154]، (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ) [المائدة:50] (تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ) [الأحزاب:33]، (حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ) [الفتح:26]، وفي السنة النبوية: (مات ميتة جاهلية)، (إنك امرؤ فيك جاهلية).
3.   ما يتفرع عن هذا التجمع في السوق المذكور من أمور مذمومة من فخر وتعصب واختلاط.
4.   مشاركة الشاعرات من النساء في إلقاء القصائد أمام الرجال سافرات.
5.   إنفاق الأموال الطائلة التي مصالح الأمة أحق بها.
6.   التحدي للمحتسبين بالأمر والنهي بسجنهم.
     فلهذه المفاسد المذكورة وغيرها نقطع بأن إحياء سوق عكاظ حرام، ولذلك أنكر العلماء منذ أربعين سنة إحياءه حين نادت بعض المؤسسات الرسمية بذلك، وأوقف المشروع، وجمدت فكرة إحيائه، كما ذكر ذلك الأستاذ عاتق بن غيث البلادي رحمه الله في كتابه معجم معالم الحجاز (6/152).
     وبعد؛ فإن من المؤسف أن الدولة التي حارب أسلافها في العصور المتأخرة أمور الجاهلية من الشرك والبدع والأخلاق السيئة، يأتي بعض المتنفذين في آخرها ليهدم ما بناه الأماجد، ويحيي ما أماتوه من عوائد الجاهلية وأخلاقها، أفيليق بدولة التوحيد والسنة أن تعود بالناس إلى عصر الجاهلية؟!
نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين، وأن ينصر التوحيد وأهله، ويذل الشرك وأهله، إنه تعالى سميع الدعاء، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
أملاه
عبد الرحمن بن ناصر البراك
13ذو القعدة 1434ه
........

_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..