الصفحات

الخميس، 21 نوفمبر 2013

أ"سفر برلك"في عهد خادم الحرمين؟!!

 الحمد لله رب العالمين،والصلاة والسلام على القائل – فيما روى عنه أبو هريرة،كما في صحيح مسلم -
( من أراد أهل هذه البلدة بسوء يعني المدينة أذابه الله كما يذوب الملح في الماء)،وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.
وبعد .. لا شيء أشق على النفس من الكتابة تحت ضغط همين،عام وخاص،وعندما يتعلق الأمر بمدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم،فإن المسؤولية تكون أكبر .. وأكبر.
غير بعيد،في عمر الزمن،ولما يتجاوز الأمر ربع قرن مضى،نُفذ مشروع (المنطقة المركزية) للحرم النبوي الشريف.. وصرخت الفنادق نحو السماء،وأسس لها تحت الأرض ما يشي بأنها لن تهدم قبل قرنين أو ثلاثة .. ولكن.
ولكن ربع قرن لم ينقض حتى قيل أن الحرم قد ضاق بزواره .. ولابد من توسعته مرة أخرى .. وهدم "المنطقة المركزية" وإعادتها للخلف .. أو إيجاد "منطقة مركزية"جديدة!!
لا يشي الأمر بشيء أوضح من غياب "دراسة" جادة ومتأنية .. ترمي ببصرها إلى مدىً لا يقل عن قرنين أو ثلاثة .. وتضع في حسابها أن "البترول"ليس موردا دائما .. ولا يمكن – ولا ينبغي حتى لو توفر المال – أن نهدم منطقة مركزية كل ربع قرن!!
الجديد هذه المرة توسع الأمر جدا .. ليشمل المدينة القديمة بأكملها تقريبا .. وتقول لنا جريدة المدينة :
(علمت"المدينة"من مصادرها أن توسعة المسجد النبوي سوف تشمل عدة أحياء منها العنابس والسقيا والمغيسلة وبني عبد الأشهل والدويمة والسيح والفتح وبني ظفر وقربان والجمعة والمصانع وبني معاوية والراية وتضم هذه الأحياء 135 مدرسة ما بين حكومية ومستأجرة (..) وتشمل أعمال الإزالة التي يشارك فيها أكثر من 4000 عامل 25 فندقا في المنطقة المركزية. وحسب المصادر فإن العقارات التي سيتم إزالتها من الجهتين الشرقية والغربية يبلغ 100 عقار فيما يبلغ إجمالي التعويضات 25 مليار ريال).
هذا الرقم – أي 100 عقار- غريب جدا .. خصوصا إذا وضعناه إلى جوار 135 مدرسة!! وإذا أردنا أن نضاعف العجب نذكر أن من الأحياء – وليست كل الأحياء – التي ستهدم العنابس إضافة إلى 12 حيا!!!!
في مسلسل العجائب تحدثنا الصحيفة عن "خطة"فتقول :
( الخطة الأولى سيتم توزيع الطلاب على المدارس القريبة من المزالة).
طيب .. إذا هدم بيت أسرة ما في أحد الأحياء المذكورة ،ثم لم تجد سكنا أو لنقل أن الأسرة "هُجرت"إلى ما وراء (أبو مرخة) أو ( أبيار الماشي) .. فهل ستضع أطفالها – ذكورا وإناثا – في مدرسة بأحد الأحياء القريبة من الحي القديم؟!!!
نعود للمائة عقار التي ذكرت الصحيفة أنها سوف تزال .. لنذكر أراقما أخرى .. جمعها أحد إخواننا من الصحف المحلية أيضا ..
14300 مبنى : منها 1470 مبنى ضمن توسعة الحرم النبوي وساحاته والباقي للمركزية الجديدة
310 فنادق
175 مسجدا
106 مدارس
أكثر من أربعة عشر ألفا .. هذا الحجر فماذا عن البشر؟!!
ماذا عن جيران سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!!
ماذا عن أسعار العقار – مع وجود أزمة سكن في الأصل – إذا هدمت بيوت الناس و"هُجروا"منها؟!!
ماذا عن تجربة إخواننا في مكة المكرمة هل قومت هل درست كما ينبغي .. لكي لا نكرر نفس الأخطاء؟!!
وبعد ..
لا يمكن أن يترك تخطيط المدينتين المقدستين لرأي قد .. أقول قد يغلب عليه الفكر التجاري .. وسمعت هذا :
العالم كله يريد أن يأتي إلى هنا .. لماذا لا تبنون ما يتسع للملايين؟!
وكأن من يعيشون في المكان الذي سيتحول إلى مكان (للاستثمار) ليسوا بشرا .. وليسوا جيران المصطفى صلى الله عليه وسلم!!
نعم. يُفترض أن يتم إشراك أعيان المدينتين المقدسين وأهل العلم بهما في تخطيط المدينتين .. وبعدهم يأتي التجار .. وبطبيعة الحال الفنيون أعني المهندسين.
ولكي لا ندخل موسوعة (جنس) في استبدال (المناطق المركزية) كل ربع قرن .. يجب أن تكون هناك دراسة جادة ومستفيضة ..
وكما حصل مع بعض فنادق المنطقة المركزية .. والتي عوض أصحابها وهي قائمة .. ولا زالت .. يفترض أن يتم تعويض جيران الحبيب صلى الله عليه وسلم وهم في مساكنهم .. ويمنحوا فرصا ليشتروا أو يعمروا أماكن بديلة .. وحتى لو حصل هذا فيجب أن يكون خيار إخراج أهل المدينة منها في أضيق الحدود .. والزوار حتى لو سكنوا بعيدا بعض الشيء عن الحرم .. ثم وفرت لهم مواصلات سريعة ونظيفة ومنتظمة .. فإن الفرق لن يكون كبيرا .. الزائر أتى ليصلي في الحرم .. فإن وصل إليه سريعا ودون عناء – دون ماذا؟ : دون عناء – فإن الأمر سيكون مقبولا دون شك.
قبل الختام .. ماذا عن مفدننا؟
نعم. ماذا عن بقيع الغرقد؟
هل تركت له رئة ليتمدد إليها؟
هل يمكن تخطيط المدينة المنورة دون وضع بقيع الغرقد في الحسبان؟
ختاما .. كما في البدء .. الحمد لله وصلى الله على القائل – كما في صحيح البخاري- ( لا يكيد أهلَ المدينة أحدٌ إلا انْماع كما ينماع الملح في الماء)،وسلم تسليما كثيرا.
تلويحة الوداع :
من كتاب (طيبة وذكريات الأحبة) لابن المدينة الأستاذ أحمد أمين مرشد :
سفر برلك 
كلمتان نزلت على أسماع أهل المدينة كالصاعقة خبأت بين حروفها الرعب ...
هذه الحروف السبعة زلزلت اسر المدينة داخل بيوتهم المتحصنين بها خوفاً من الخطف المباغت لم ينج من حممها إلا القليل و هذه الكلمة (سفر برلك ) تعني :
الترحيل الجماعي حسب مفهومها باللغة التركية .
لقد مرت على المدينة أيام قاسية تبعتها أشهر ثم سنة مريرة لجأ فيها الأتراك إلى استخدام كل الأساليب لإخراج أهل المدينة من دورهم ونفيهم إلى خارجها شاءوا أم أبوا بالقوة الإجبارية.
تاريخ أسود ونكبة حلت بأهل المدينة كان بطلها القائد العسكري للمدينة فخري باشا واسمه عمر فخر الدين بن محمد ناهد بن عمر كما أن هناك معلومة تقول إن ناجي كاشف كجمان عُين في حامية المدينة خلال الحرب العالمية الأولى وكتب مذكرات دقيقة عن المدينة أيام فخري وجنوده الذين بلغ عددهم خلال تلك الفترة عشرة آلاف جندي.
فمن كان مولده قبل عام 1334هـ أو بعده سواء كان رجلا أو امرأة أو طفلا أو شيخا مسنا لم يرحمه جنود فخري حيث كان الجنود منتشرين وبعدد كبير داخل أسوار المدينة الثلاثة وبين أزقتها وحاراتها ولم يسلم (حسب قول البعض) إلا من كان يسكن داخل الأحواش التي تتميز بقفل أبوابها المتينة ورغم ذلك فإن كل من حاول الخروج قُبض عليه ورُحل)

أبو أشرف محمود المختار الشنقيطي المدني.
ـــــــــــــــــ_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

صور : المدينة المنورة قديما أطياف و ذكريات لا تنسى

صور : طيبة .. المدينة التي احبها قلبي



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..