الصفحات

الأحد، 1 ديسمبر 2013

هل نصنع المعجزة ؟!!

ليس المقصود بناء بنية تحتية متينة .. ولا القضاء على البطالة ... ولا حتى القضاء على زحام
المركبات ..ولا أي من الإشكالات الكبيرة .. المقصود هو السعي نحو تحويل الكرة .. إلى مجرد كرة .. لا أكثر ولا أقل!!
 
سبق أن لفت نظري ما تدفع إليه الكرة – أو تشجيعها – من أحقاد .. وكراهية!! ولا زلت أتذكر (زميل عمل)،حين ذُكر أمامه خبر سفر الفريق المنافس لفريقه المفضل، للعب مباراة .. حينها (تمنى) أن تسقط الطائرة بالفريق!!!!!! طبعا عند الحوار معه .. اعتذر!!
من يومها بدأت أفكر ما الذي يجعل الناس يعطون للكرة أكبر من حجمها؟! أو ما الذي يدفع نحو زراعة الكراهية؟
أعتقد أن الإجابة المبدئية .. أو لنقل أنها إجابة تبين جزء من المشكلة .. إنه (الإعلام الرياضي) .. فحين يفوز فريق ما – وقد تتبعت ذلك إبان متابعتي للصحف الورقية – يتم تسليم (سكين) لعشاق الفريق المنتصر .. ليذبحوا الفريق المنهزم .. الجزء الآخر من العملة .. يكمن في المشجعين أنفسهم ..أو في سخريتهم من الفريق المنهزم ..
وقد رصدت كيف يكون (الطفل) مشجعا لأي فريق يمثل البلد ... بما في ذلك الفريق المنافس تقليديا لفريقه الذي يشجع، حتى إذا كبر قليلا .. وبدأ في قراءة الصحف .. والاحتكاك بالمشجعين .. تغير تماما .. وأصبح (كارها) للفريق المنافس،مثل البلد أم لك يمثله ..
كتبت الأسطر السابقة،ثم توقفت عن الكتابة رغم إلحاح الفكرة ... ثم نبهني أخي محمد شيخ إلى عودة اهتمام الشباب بكرة القدم ... بعد أن خف اهتمامهم بها،نسبيا،بسبب المستجدات،من الفضائيات والشبكة العنكبوتية،بمختلف إفرازاتها .. ولاشك أن السبب في الاهتمام الجديد بالرياضة،يعود إلى إصابة الشباب بالملل مما تقدمه الواسائل الجديدة .. كما أن الجوالات أصبحت تحتوي على المواد التي يجدونها في الفضائيات وفي الشبكة .. فهل نستغل هذه العودة أم أننا سوف نضيع الفرصة .. كالعادة؟!!!
ولعل الجزء الأهم هو تنشئة جيل الأطفال على مبدأ أن الكرة .. مجرد كرة .. لا أكثر ولا أقل ..
الحديث عن الأطفال يقودني إلى لمحات ثلاث .. اللمحة الأولى : قصة سمعتها من أحد (المدربين) ذكر أنه لاحظ أن ابنه الصغير يسير في الغرفة واضعا يديه خلف ظهره،ويدور في الغرفة .. فتعجب !! ثم فطن إلى أنه هو نفسه يؤدي نفس الحركات حين يشغله أمر ما!! اللمحة الثانية : لاحظتُ أن ولدي الأصغر،يشرب الماء ببطئ شديد،وعلى دفعات صغيرة .. ثم تنبهت إلى أنني أفعل الأمر نفسه!!! اللمحة الثالية : وهي الأخطر .. كلنا نعرف أن لمسة (مؤخرة) الإنسان يعد تصرفا سيئا في مجتمعنا .. ولكن .. ألف ولكن .. ولكن ما إن شاهد اللاعبون المحليون اللاعبين العالميين يلمسون تلك المنطقة .. عند استبدال لاعب بآخر .. وفي مواقف أخر .. حتى أصبحت جزء من حركات لاعبينا!!!!!!!
حين أتحدث عن الكرة أو الرياضة بشكل عام فليقيني أنها تمثل في زمن الفتن هذا ما يشبه قارب نجاة يتم تفريغ طاقات الشباب عبره .. ولكن ذلك يحتاج إلى الكثير من العمل .. بعد الاقتناع بالفكرة،ثم وضع الخطط .. ثم بذل الجهد للتطبيق.
بطبيعة الحال من ليس مهتما بالكرة .. وأطفاله ليسوا مهتمين بها .. فهذا الحديث قطعا ليس موجها إليه .. ولا له .. فالأفضل لي وله .. أن ينصرف إلى ما هوأنفع له.

أعود إلى اللمحات الثلاث التي سقتها من قبل .. وهي تبين بشكل لا لبس فيه - وهو أمر معروف على كل حال - تأثير (الوالد) - والوالدة،كل من زاوية معينة،وعلى أحد جنسي الأبناء أكثر من الآخر - على (الإبن) .. من هنا لو جعل الأب من نفسه مثالا لزرع تلك (المعجزة) أن الكرة .. مجرد كرة .. لا أكثر ولا أقل .. فحين يقرر الأب مشاهد مباراة ما مع أبنائه .. يكون ذلك بعد الصلاة الجماعة مثلا .. ثم الجلوس كأسرة لمشاهدة المباراة - حتى لو كان الأب لا يفقه كثيرا في الكرة .. بل إن ذلك قد يعطي للامشاهدة نوعا من المتعة أو الفكاهة - على أنها مجرد (متعة بريئة) وتجمع أسري .. فاز الفريق المفضل أم خسر .. ليس مهما بقدر أهمية مبدأ اجتماع الأسرة .. وتسليتها بالمشاهدة الكرة .. التي هي مجرد كرة .. لا أكثر ولا أقل.
قبل أيام حدثني أشرف عن برنامج أجنبي يسخر من فكرة التشجيع ،ويتحدث عن مشجع كان يصرخ مشجعا للاعب معين .. وحين ينتقل اللاعب نفسه إلى فريق آخر .. يصرخ ضده !! يا رجل إنه الشخص نفسه .. إذا أنت تهتف لـ(قطعة قماش) !!! كان للعقلاء أن يستفيدوا من هذه الفكرة .. خصوصا في مرحلة الاحتراف حين يجد المشجع لاعبه المفضل وقد انتقل إلى الفريق المنافس .. إذا الأمر أبسط مما نتصور .. وقد يلاحظ المشجع أن شقيقين يلعب أحدهما في فريق ويلعب الآخر في الفريق المنافس .. إذا فالقضية أبسط مما نتصور .. إنها مجرد كرة .. لا أكثر ولا أقل.
بطبيعة الحال حين يتم توسيع هذه الفكرة .. فسوف يتم بسط كثير من الأفكار المتعلق بالفكرة الرئيسة .. كيف نوسع دائرة ممارسة الرياضة .. فالمشاهدة مجرد جزء صغير من القضية .. وقد لاحظ بعض إخواننا كيف خف ضجيج أطفال (الحي) حين خُصصت لهم مساحات صغيرة لممارسة رياضة كرة السلة .. كل حي في الواقع هو في حاجة إلى تخصيص مكان ليمارس فيه الشباب،والأطفال الرياضة،تحت أنظار الأهل ..أو قريبا منهم على الأقل .. ويرى أحد إخواننا أن الأفضل أن تكون تلك المساحات قريبة من المسجد .. ليتم ربط الشاب بالمسجد عبر الترفيه ... وخصوصا حين يجد الشاب مكانا يغتسل فيه ويستبدل ملابسه قبل أن يتوجه للصلاة .. وبطبيعة الحال لا بأس من دعم الشباب بإجراء (دوريات) في تلك الملاعب الصغيرة المجهزة .. وتخصيص (جوائز) للفائزين في إطار عمل تم التخطيط له بشكل جيد .. وإنه لمما يؤلم أن ترى شبابا وأطفالا يلعبون الكرة فوق (الأسفلت) و فوق الأرصفة!!!
وبعد .. نعم. لدي يقين بأن الرياضة لو أفرغت من التعصب ...وتم تغليب جانب الممارسة على جانب المشاهدة .. لكانت من أهم ما يصرف الشباب عن كثير من الاشياء السيئة .. ولا زلت أتذكر حديثا للاعب البرازيلي (بيليه) عن مساعدة الرياضة للبرازيليين كي يتجنبوا الوقوع في براثن المخدرات .. وهناك أكثر من لاعب برازيلي وأرجنتيني .. يدعم (خيريا) توجيه الشباب نحو الرياضة ..
غني عن القول أننا لو استطاعنا جلب الشباب إلى المساجد وحلقات الذكر .. والمكتبات لكن ذلك هو الأفضل والأجدى .. ولكن إذا عجزنا عن ذلك .. فلعل الرياضة تكون (وسطا) بين فضيلة المسجد .. ورذيلة المخدرات والإباحيات ... وفي النهاية حبذا لو استطعنا أن نصنع المعجزة .. معجزة أن نعامل الكرة .. على أنها مجرد كرة .. لا أكثر أقل .

تلويحة الوداع :
قبل فترة قرأت تصريحا لأحد المشايخ .. يطالب فيه السماح لهم - أي الشيوخ - بدخول الملاعب .. أو شيء بهذا المعنى : نعم. أعتقد أننا لو اقتنعنا بأهمية الرياضة ... فوضعنا لها ضوابطها التي تجعلها وسيلة بناء لا هدم .. بما في ذلك الملابس التي يرتديها اللاعبون - خصوصا أن الفيفا التي كانت تمنع ارتداء (سراويل) طويلة،عادت الآن،وإن في إطار تمرير الرياضة النسائية،لتسمح باللعب بملابس طويلة،مراعاة للاختلافات الثقافية !!! - فيمكن لنا أن نتصور - ولو في الخيال - (شيخا) مشهورا يصلي بالمشجعين في مسجد (الملعب) .. بعد درس (خفيف) بين الصلاتين، ثم يتجوه الجميع لمشاهدة المباراة،ويتوجه الشيخ إلى منزله!!!

يقول روبين شارما،في كتابه "دليل العظمة"وفي الصفحة 81 تحديدا :
( فكرة مهمة : العظمة الشخصية – والمؤسساتية – ليست مسألة ثورة،ولكنها مسألة تطور،تتعلق بتلك النجاحات الصغيرة والمتواصلة في نفس الوقت. وقد بدأ سام والتون بمتجر واحد.وبدأ ريتشارد برانسون بشركة تسجيلات صغيرة. وبدأ ستيف جوبز شركة آبل انطلاقا من جراجه. وأنا شخصيا قد بدأت بمجموعة قليلة من الكتب التي قمت أنا بنشرها،وكنت أقوم بطباعتها في مطبعة صغيرة. كما لم يحضر أولى ندواتي إلا 23 فردا فقط،وكان 21 منهم من الأسرة. ولكنك بحاجة لأن تبدأ اليوم.).


أبو أشرف : محمود المختار الشنقيطي - المدينة المنورة في 20/6/1433هـ

_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..