الصفحات

الجمعة، 27 ديسمبر 2013

خطر الخدم والسائقين

الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على الرسول المصطفى، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الملتقى، أما بعد:
إن من الظواهر الخطيرة والفتن الكبيرة التي ظهر خطرُها وعظم ضررُها؛ ما ابتلى به بعض الناس في هذا
الزمن من استقدام الخدم للبلاد من المسلمين وغيرهم؛ لغرض الخدمة في البيوت وقيادة السيارات ونحوها.
مما أدى ذلك إلى تفشي المنكرات، وضياع كثير من الأبناء والبنات، بسبب سوء التربية، وعدم المراقبة والاهتمام، وألفت كثير من المخالفات الشرعية مثل الخلوة، وخروج النساء بلا ضرورة وغيرها.
لذا كتبت هذه الورقات؛ محذراً من هذا الخطر العظيم، ومنبهاً أولياء الأمور إلى الرقابة وأخذ الحذر والحيطة من الخدم سواء أكانوا سائقين أم خادمات.
ولا أريد أن أقف في وجه هذه الظاهرة موقف الرد والمنع القاطع؛ بل أدعو إلى التقليل من هذه الظاهرة وتلافي سلبياتها قدر المستطاع، وأن تخفف من حدة خطرها، حتى لا يكون علاجنا مثالياً لا يقبل التطبيق، نظرياً لا يحتمل الواقع.
أسباب وجود الخدم
لهذه الظاهرة الخطيرة أسباب أدت لوجود هؤلاء الخدم في المجتمع منها:
1 - دخول المجتمع عصر الترف، فتغيرت صورة البيت من حيث البناء والأثاث والمقتنيات، فزادت أعباء الخدمة في هذا البيت الكبير، فكان لابد من خادمة تساعد ربة البيت، ومن ثم تطورت هذه الحاجة إلى المزيد من الخدم، وإلى السائق الخصوصي والمربية.. إلخ.
2 - اتساع وتعدد مجالات عمل رب الأسرة، وخروج المرأة للعمل وغيابها عن البيت، وإقبال الفتيات على مواصلة التعليم بغرض الحصول على الشهادات العليا ومن ثَمَّ العمل، مما أدى ذلك إلى وجود الخدم والسائقين.
3 - تقصير بعض الأمهات والزوجات في واجباتهن المنزلية، مما اضطر ربّ الأسرة لاستقدام خادمة، فنجد أن للبنت سيارة وللزوجة سيارة، ولكل منهما سائق، فالسائق هو الرقيق في أغلب الأحيان!
4 - اتجاه كثير من الأزواج إلى إراحة الزوجة وإعفائها من أعمال الخدمة المنزلية.
5 - كثرة أفراد الأسرة من بنات وبنين، فحصلت الحاجة إلى المزيد من الرعاية والخدم.
6 - توفر مكاتب الإستقدام، ونشر الإعلانات التي تقدم عروضاً مغرية للإستقدام، فتوفر بذلك الخدم وبأسعار قليلة.
7 - التقليد والمحاكاة، وحبُّ الظهور بالمظاهر البرّاقة، والتفاخر بكثرة الخدم والسائقين.
هذه بعض الأسباب التي أدت إلى وجود الخدم والسائقين، ولكنك إذا تأملت واقع كثير من الذين ابتلوا بالخدم ظهر لك أن الدافع لذلك ليس هو الحاجة المُلِحّة والضرورة الملجئة، وإنما الدافع الحقيقي للاستقدام والاستخدام هو الرغبة في التنافس وحب التقليد.
إن مما يدل على بطلان دعوى الحاجة إلى الخدم ويؤكد أنها مرض اجتماعي خطير ومن أمراض الترف ما يلي:
1 - أن بيوت الناس ومنازلهم اليوم أحسن حالاً من الزمن السابق من حيث التصميم والنظافة وسهولة الصيانة وتوفر الأجهزة المختلفة المعينة على ذلك والتي توفر الجهد والوقت.
2 - أن ظاهرة الحاجة إلى الخدم ونحوهم لم تقتصر على المدن الكبيرة أو على أُسر معينة لها ظروف خاصة، بل تعدّت ذلك إلى القرى والهجر التي لم تكتمل فيها الخدمات الضرورية وإلى أسر فقيرة محدودة العدد والدخل.
3 - ورغم تفرغ أهل البيت واعتمادهم على الخدم لم يظهر لهذا التفرغ أثر يذكر لا في عبادة ولا دراسة أو أي مشاركة بناءة في خدمة المجتمع من هؤلاء الذين ابتلوا بالخدم إلا نادراً.
4 - كثرة الأولاد في البيوت من بنات وبنين، مما يساعد على القيام بأعمال البيت، فلا حاجة إلى الخادمة مع وجود فتيات قادرات على أعمال المنزل، ولا حاجة إلى سائق مع وجود شباب قادرين على قيادة السيارة، والقيام بحاجات الأسرة.
أخطار الخدم والسائقين
إن مما لا شك فيه أن الاختلاط مهما اختلفت أشكاله، وتعددت صوره لابد وأن يُحدث أثراً سيئاً حسياً ومعنوياً، ظاهراً أو خفياً، على المدى القريب أو البعيد.
وإن للخدم والسائقين خاصة، خطراً كبيراً وعظيماً؛ لأنهم يؤثرون على الأسرة وعلى الأبناء بشكل كبير؛ وذلك بمخالطتهم والعيش معهم تحت سقف واحد، لذا فإنه ينشأ نوع من العلاقة والتفاعل الاجتماعي بين أفراد الأسرة مع الخادمات والسائقين، ومنه يكون التأثر والتأثير.
وسنعرض بعض هذه الأخطار تذكيراً وموعظة:
خطر استخدام الخدم الكفار على العقيدة:
وذلك أن اختيار الكافر عند الاستقدام وتفضيله على المسلم وإدخاله بلاد المسلمين دون أمر مهم تقتضي الضرورة الشرعية استقدامه من أجله؛ أمرٌ خطيرٌ ومنكرٌ كبيرٌ لما يترتب على ذلك من مجالسة له ومؤانسة ومؤاكلة واطمئنان إليه وثقة به، وذلك يُفضي إلى موالاة الكافر ومحبته، ومعلوم أن موالاته ومحبته - أي الكافر - من أعظم الكبائر، ومن التولي المحرم شرعاً والمتوعد عليه بعظيم العقوبة وسوء المصير في الدنيا والآخرة، قال تعالى: يَأَيُّهاَ الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ اليَهُودَ وَالنَّصَارَى أَولِيَاءَ بَعضُهُم أَولِيَاءُ بَعضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُم فَإِنَّهُ مِنهُم إِنَّ اللهَ لاَ يَهدِي القَومَ الظَّالِمِينَ [المائدة:51].
وإن أعظم الخطر يكون على الأطفال لأنهم يجهلون أمور الدين، فيسهل التأثير عليهم، وذلك من قبل الخادمات والمربيات، فإما أن تزعزع أمور الدين والعقيدة في نفس الطفل، وإما أن تغرس في نفسه قيماً ومبادىء تخالف الإسلام، وإما أن تعلمه طقوس ديانتها الباطلة.
وإليكم بعض هذه الإحصائيات:
دلت النتائج البحثية على أن حوالي 60 - 75 % من المربيات غير مسلمات، ومنهن نسبة كبيرة تنتمي إلى ديانات أخرى - ليست سماوية في أصلها - تعبد وتقدّس الأوثان أو الأبقار.
أوضحت الدراسة أن غالبية الخادمات والمربيات حوالي 97.5 % يمارسن الواجبات الدينية طبقاً لعقائدهن ودياناتهن النصرانية أو البوذية أو الهندوسية، وهؤلاء اعتبرتهن الدراسة قدوة خطيرة أمام النشء المسلم من الأطفال.
ومن أخطار الخدم على العقيدة: إعجاب أفراد الأسرة بتصرفاتهم وبعض أخلاقهم المصطنعة مثل التظاهر بالصدق والإتقان، مما قد يغري بعض أفراد الأسرة من الرجال والنساء إلى محاكاتهم ومشابهتهم ومدحهم والثناء عليهم، ويؤدي أيضاً إلى تقليدهم في اللبس والتصرفات.
ومن الأخطار على العقيدة: مودّتهم والأٌنس بهم، والوثوق بهم والرضا بما هم عليه من منكر، وأعظمه الكفر بالله، وهذا مخالف لقول الله تعالى: مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ... [الفتح:29]، وقال تعالى مبيّناً عداوة الكفار للمسلمين وإن أظهروا عكس ذلك: كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ [التوبة:8].
وإليك حادثة تبين مدى أثر الخدم على العقيدة:
جاءت الأم من عملها مبكرة على غير العادة لتجد طفلها الصغير أمام الشمعة، فحاولت أن تكلمه مراراً فلم يجيبها، وبعد انقضاء زمن معين أجابها، فلما سُئل عن سبب صمته، أجاب: بأنه يصلي كما علمته الخادمة المجوسية.
فسبحان الله، هل هذا إلا هدم ل( لا إله إلا الله )، هدم للتوحيد وإحلال للوثنية محله.
وإليكم هذه الحادثة أيضاً:
فتاة شوهدت وقد علّقت في رقبتها الصليب، وعندما سُئلت عن ذلك أجابت: أنه هدية من الخادمة التي عندهم.
خطر الخدم على الفكر والثقافة:
أما أثر الخدم على الفكر فمن صوره: نشر العقائد الفاسدة وبث الأفكار المنحرفة وإشاعة الأخلاق الرذيلة والمفاهيم الخاطئة، كيف لا وقد أصبحت الواحدة منهن في كثير من البيوت ولكثير من الأطفال بمثابة الأم والأخت والصديقة والأستاذة لما يحصل لها من التفرد المطلق والصحبة الطويلة مع الأطفال.
ولِما تحظى به من ثقة الوالدين المطلقة والاتّكالية التامة عليها في أمور إدارة البيت وتربية الأولاد، وبذلك تتمكن من تركيز وغرس ما عندها من العقائد والأفكار والمفاهيم والاتجاهات والقِيم المنحرفة بعبارات مُريبة وألفاظٍ غريبة قد لا تُدرك من أول وهلة، أو لا يُفطن لها إلا بعد حين، يوم تترجم هذه الأمور إلى سلوك عملي رهيب واتجاهات ظاهرة من أولئك الأطفال بين حين وآخر أو عندما يكبرون.
وإليكم هذه الحوادث التي تدل على أثر الخدم السيء على أبناء المسلمين:
كتبت مُدرسة غيورة في إحدى الصحف اليومية ما خلاصته: إن إحدى الطالبات في السنة الأولى الابتدائية، سألتها قائلة: كم يوجد من إله؟ فأجابتها المدرسة: ليس لنا إلا إله واحد هو الله تعالى. فردَّت الطالبة: لكن خادمتنا تقول: إنه يوجد ثلاثة آلهة: الله، ومريم، وروح القدس.
وطالبة أخرى تقول للمدرسة: إنها تعتقد أن عيسى ابن مريم ابن الله، وذلك بتأثرها بالخادمة.
خطر الخدم والسائقين على المحارم والأعراض:
يُولي بعض الناس السائقين والخدم ثقةً مطلقةً، ويتساهلون معهم إلى حد التفريط وعدم المبالاة بالعواقب والنتائج.
فالسائق - مثلاً - وُضع تحت إمرة النساء - الصغار منهن والكبار - يذهب بهن حيث شئن إلى المدرسة أو السوق، أو زيارة الجيران، أو حضور المناسبات المختلفة، يذهب بالجميع منهن أو الواحدة دون محرم، والخادمة جيء بها فتاة جميلة - والمرأة فتنة في كل حال - وتركت وشأنها في السفور والتبرج ووسائل التجمل، وحسب طبيعة عملها في تفقدِ وتنظيفِ سائر البيت تحصل الخلوة بها من الرجال فيقع ما لا يُحمد عقباه.
ومن خطر الخدم والسائقين على المحارم والأعراض: قيام العلاقات غير المشروعة بينهم وبين أفراد الأسرة خاصة السائق، وقيامهم بدور الوسيط أحياناً بين بعض فتيات الأسر وبعض الشباب العابث، أي تسهيل وتشجيع أعمال الانحراف الخلقي والتستر عليها؛ لاستغلالها فيما بعد لابتزاز مرتكبيها مالياً تحت التهديد.
وهذه بعض الحوادث لعل بها عبرة واتعاضاً:
خادمة نشيطة ونظيفة كسبت مودةَ أهل البيت ومحبتهم حتى البنت المراهقة في الأسرة، ومن ثَمَّ استغلت الخادمة هذه الثقة فأتت - عن طريق زوجها السائق - بأفلام الجنس لتجلس البنتُ أمامها وتراها ومن ثَمَّ تدعو زوجها للدخول على البنت ويفعل بها الفاحشة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
خادمة أخرى سعت وراء شاب من شباب إحدى الأسر حتى وقع بها وفعل بها الفاحشة؛ فحملت منه، فأخذت عندئذ تهدد الأسرة بأن تفضحهم بما جرى إن لم يدفعوا لها المال الذي تريده.
والقصص كثيرة جداً ولكن لعل بهذا موعظة وذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
خطر الخدم والسائقين على أمن الوطن والمواطن:
وللخدم خطر على أمن الوطن والمواطن؛ لأن بعضهم من محترفي الجريمة ومن المنتسبين إلى عصابة من عصابات الإجرام، وقد يتوقع منهم - وفي أي لحظة - بأن يقوموا بأعمال إجرامية مثل:
قتل الأبرياء، ونشر المخدرات والمسكرات بين المسلمين حتى يأخذوا من وراء تلك المخدرات والمسكرات الأموالَ الطائلة، أو حسداً لما يرى من النعمة والخير ورغد العيش فيسعى في الفساد ليشفي غيظ نفسه، أو قد يكون مدفوعاً لأغراض التجسس ونشر أفكار منحرفة.
وقد يكون المستقدَم من المستضعفين، وقد أتى لكسب الرزق حقيقة، ولكن حين يرى هذا الخادمُ بعض التصرفات من مخدوميه وتفريطهم في الحفاظ على أموالهم وأعراضهم يغويه هذا بالجريمة، ويُطمعه في الغنيمة مع السلامة إلى غير ذلك.
إن الرجال الناظرين إلى النساء *** مثلُ الكلاب تطوف باللحمان
إن لم تصن تلك اللحوم أسودها *** أُكلت بلا ثمن ولا أثمان
المشكلة وأبعادها
إن المشكلة التي أفرزتها ظاهرة الخدم تتمثل في عنصرين:
أولاً: القلق العام - على المستوى الاجتماعي - بسبب استفحال الظاهرة في حياتنا، وما ترتب عليها من خطر يهدد حرمات الأسر وقيم وعقيدة المجتمع.
ثانياً: الحيرة على المستوى الأسري والتمزق النفسي بين الرغبة في الاستجابة لمتطلبات ضرورية أوجدها التطور الاجتماعي، وبين الخوف من أضرار الخدم التي تؤكدها الحوادثُ الكثيرة، ويحذر منها العلماء ورجال التربية والفكر والاجتماع.
أما أبعاد المشكلة فتتمثل فيما يلي:
1 - خطورة الخادمة الأنثى على الزوج والأبناء.
2 - خطورة الخادم الرجل أو الشاب والسائق على الزوجة والبنات، بل وعلى الأبناء.
3 - خطورة الخدم على الأبناء الصغار، على حياتهم وعقيدتهم ولغتهم وأخلاقهم وعاداتهم.
4 - خطورة الخدم على أموال وأسرار وصحة بل وحياة أفراد الأسرة.
5 - خطورة الخدم على أمن البلاد؛ لأن بعضهم أدى وجودهُ إلى ظهور جرائم التهريب وتجارة المخدرات والدعارة السرية، والقتل والسلب والأمراض.
6 - حرمة الخلوة بين الخادم والسائق أو الخادمة وأهل البيت.
7 - حرمة عمل الكفار في بلاد المسلمين لا سيما جزيرة العرب وتفضيلهم على المسلمين.
وهذه رسالة أوجهها إلى كل ربة بيت عاقلة تدرك عواقب الأمور:
إن المرأة الحصيفة العاقلة، ذات التطلعات إلى الأعلى من حيث إسعاد زوجها ومعرفة تربية أطفالها ومعرفة شئون بيتها هي التي أدت ذلك كله على الوجه الأكمل.
ما الفائدة من الخدم؟ هل أسعدت الزوجة الزوج بأن يأكل مما عملت يداها ويهنئها على ما عملت؟ ويغرس في نفسها حب المنزل ويشجعها عليه؟ أم قدمت الأمُ لأطفالها الذين هم ثمرة الحياة وزينتها؟ ماذا فعلت بهم؟ أوكلتهم للخادمة في كل شيء! حتى أصبح هؤلاء الأطفال لا يرون أفضل ولا أرحم لديهم من هذه الخادمة.
إذا كانت هذه هي الفائدة التي ترجوها ربةُ البيت من الخادمة فإنها قد ارتكبت خطأً جسيماً في حق نفسها وفي حق أطفالها وفي حق مجتمعها.
ونوصي الأب الذي أحضر السائق للبيت مع قدرته على القيادة، أو وجود من يقوم بذلك من الأبناء: أن يتقي الله في زوجته وبناته، وأن يستغني عن السائق، وألا يترك الحبلَ على الغارب، وذلك ثقة بأهل بيته وأنهم بعيدون عن الحرام أو ارتكاب شيء من الفواحش، فإن السائق رجل كباقي الرجال، أما إذا اضطر إلى السائق فيجب أن يكون فطناً حريصاً على أهل بيته، وألا يترك محارمه يركبن معه بغير محرم، وأن يراقب تصرفات أهل بيته وتصرفات السائق، ولا يسمح لهن أن يذهبن حيث شئن ومتى أردن، فكم من جريمة ارتكبت والأب المسكين غافل لا يدري، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
كما يجب أن يعلم أن هؤلاء الذين مُكنوا من الخلوة بالنساء هم بشر أولاً، ثم إنهم في الغالب قد فسدت فِطرُهم، وماتت ضمائرُهم، وعدمت نوازع الخير فيهم إلا ما شاء الله؛ لأنهم جاءوا من بلاد تحكم بالقوانين البشرية الفاسدة، فظهرت الفاحشة في مجتمعاتهم، وانتشرت الرذيلة فيما بينهم حتى أصبحت شيئاً مألوفاً عندهم، فشخص نشأ في ذلك المجتمع وترعرع فيه كيف يؤمَّن على أعراض المسلمات ويفوَّض إليه شأنهن، ويعطي الثقة المطلقة في ذلك؟! وما الذي يمنعه من الانقضاض على فريسته وممارسة ما اعتاد إذا خلا له الجو وسنحت له الفرصة؟!
وماذا يعني - أيها الأب - الطرد أو الجزاء الرادع أو الندم إذا هتك العرض وشاعت الفاحشة وظهر الخزي؟! وليس ببعيد أن يحصل ذلك كله لمن لم يعتبر بمواعظ القرآن، قال تعالى: وَمَا نَقَمُواْ إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْراً لَّهُمْ وَإِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ عَذَاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الأَرْضِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ [التوبة:74].
قد يسأل أحد الناس فيقول: أنا بحاجة إلى الخادمة فماذا أفعل؟
فنقول له: إذا كانت الحالة ضرورية جداً، كأن تكون ربة البيت طاعنة في السن، أو مريضة لا تستطيع القيام بأعمال البيت ولا يوجد من يقوم بذلك، وغير ذلك من الضروريات، ولا يستطيع الزواج بأخرى تقوم بشأنهما، فتكون هناك شروط لابد من الأخذ بها وتتمثل في الآتي: الشرط الأول: أن يكون قدومُها إلى البلد وسفرُها منه إلى بلادها بوجود محرم لها، لقول النبي : { لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم } [متفق عليه].
الشرط الثاني: أن تكون هذه الخادمة مسلمة، وتلتزم بالأخلاق والآداب الإسلامية.
الشرط الثالث: مراقبة ربة البيت لها في أداء الصلاة والفرائض الشرعية الأخرى وحثها عليها.
الشرط الرابع: عدم خلوة الرجل بها في المنزل أو في السيارة أو في أي مكان آخر.
الشرط الخامس: عدم السماح لها بالخروج من المنزل إلا للضرورة القصوى وتكون معها ربة البيت.
الشرط السادس: عدم التكشف أمام الزوج والأولاد الذين بلغوا الحلم، وأن تلتزم بالحجاب الشرعي.
الشرط السابع: تحديد المهام المنوطة بها وعدم الاتكال عليها في إدارة جميع شئون البيت وتربية الأولاد.
وبما أن بعضنا قد ابتلي بالخدم خاصةً الكفرة منهم، فلا بد من دعوتهم إلى الإسلام، ومن ذلك إعطاؤهم الكتب والأشرطة التي بلغتهم، أو الاتصال بمكاتب توعية الجاليات الموجودة في كثير من النواحي، لبيان محاسن الإسلام ودعوتهم إليه.
وإذا كانوا مسلمين فيجب إرشادهم، وتعليمهم العقيدة الصحيحة وأمور العبادات.
ولابد أن يكون ربُّ البيت وأهلُه قدوةً حسنة للخدم، وأن يتعاملوا معهم بالأخلاق الحسنة الكريمة.
أسأل الله القدير أن يصلح أحوال المسلمين، ويحفظ عليهم دينهم وأخلاقهم، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وصل اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
12 أغسطس 2003
حمود بن إبراهيم السليم
دار الوطن

_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..