الصفحات

الأربعاء، 1 يناير 2014

رأي ..ما الذي غيّر إيران ؟

(CNN)-- فيما كان المفاوضون الأمريكيون والإيرانيون يتهيأون لإنجاز الصفقة التاريخية للاتفاق المؤقت، كان هناك حفنة من الصقور في الكونغرس على وشك تدمير آخر مسار تبقى للسلام.

 هذا الشهر، السيناتور روبرت ماننديز، تشارلز ستشومر، و مارك
كيرك، قدموا اقتراحا سيء التوقيت، لقانون- حول تصرف إيران في ملف الأسلحة النووية خلال 2013 - وأرادو من خلاله، فرض عقوبات جديدة في حال خرق إيران للاتفاق الذي تم التوصل إليه في جنيف.
وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف، اعتبر هذا التصرف " نكسة كبيرة"، واستغل الفرصة لإرسال رسالة واضحة إلى الجمهور الغربي قائلا : "إن ذلك يظهر غياب الفهم لكيفية التقدم من أجل حل المسألة النووية. بعض الناس يؤيدون فكرة أن الضغط يؤدي إلى نتائج، إنهم مخطئون. الضغط أنتج 18 ألف جهاز طرد مركزي في إيران، فإن أرادوا المضي في هذا الطريق، فالأمر عائد لهم، ولكنه لن يؤدي إلى نتيجة".

كان لدى ظرف وجهة نظر، المشكلة في قانون العقوبات الجديد، في أنه تجاوز حقيقة أن ذلك يمكن أن يقضي على العملية الدبلوماسية، وربما الأهم، بأن هذا السلوك الهدام ليس معارضا لما نريد القيام به بالفعل. تقوية أولئك الإيرانيين الذي يريدون أرخاء القبضة ومقابلة اليد التي تبسطها الولايات المتحدة.
مؤيدو العقوبات من أعضاء الكونغرس يقولون إن عملهم لا يخرق اتفاقية جنيف، وبدلا من ذلك يريدون الاحتفاظ بالبنية التحتية للعقوبات، لان تلك العقوبات هي التي فتحت الطريق أمام الحل الدبلوماسي في المقام الأول. وكانت تلك قراءة سيئة لكيفية وصولنا إلى هنا، وطريقة فعالة لضمان تضييع الفرصة.

تقرير جديد للمجلس الأمريكي الإيراني بعنوان "اليد المبسوطة والقبضة المرخية"، الذي اعتمد على مقابلات معمقة مع سياسيين إيرانيين كبار، مفكرين و رجال أعمال، أظهر  بأنه من الصعب الجدال، بأن تحول إيران نحو سياسات أكثر اعتدالا، هو نتيجة العقوبات الخارجية.
من المحتمل أكثر بأن هذا التحول يعكس الرغبة المستمرة للشعب الإيراني، لوضع حد للإدارة الخاطئة والسياسات الفاشلة، التي عانوا منها في ظل حكومة أحمدي نجاد. لقد دفع الإيرانيون باتجاه تحول آخر عام 2009، قبل قرض "العقوبات العرجاء"، ولكن التيار المتشدد لجأ إلى القمع والخداع،  لتزوير التصويت والحيلولة دون عد تلك الأصوات.

في 2013 كانت الظروف على الارض في حالة غليان، ثلاثة وسبعون في المائة من الناخبين اندفعوا للمشاركة في التصويت، ليحقق روحاني فوزا كاسحا من الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية، وأظهرت النتائج فوزه ب 50.7 % من الأصوات. تماما لأن جرح 2009 مازال مفتوحا، والانقسام في أوساط النخبة السياسية لم تتم تسويته، والشرخ العميق في الداخل أظهر أن النظام ببساطة لا يمكن أن يستمر في شرعيته، بوجود فضيحة انتخابية جديدة. هذا الحراك الداخلي كان له التأثير الأكبر، والفهم الأقل، بأن الحراك الداخلي هو المؤثر، وليس العقوبات المفروضة من الخارج.

التحليل الذي توقع فوز المتشدد، ورئيس فريق التفاوض سعيد جليلي في الانتخابات، هي ذاتها التي عزت فوز روحاني إلى تأثير العقوبات، بالرغم من عدم وجود شواهد تدعم هذا الزعم.
بل على العكس من ذلك، فإن استطلاعاً للرأي اجرته جامعة طهران، وجامعة ماريلاند بعد الانتخابات مباشرة، أظهر وجود 2 % فقط من أنصار روحاني يضعون تخفيف العقوبات سببا في دعمهم له، وضعفهم أي 4 % صوتو له لأنه رجل دين، و 7% لأنهم يعتقدون بقدرته على إصلاح الإقتصاد.
 وأظهر الاستطلاع كذلك بأن العامل الرئيس وراء انتخاب روحاني هو الاستراتيجية التي اتبعها أنصار منافسه، رئيس بلدية طهران محمد باقر قاليباف. حيث توقع أغلب الناخبين بأن تقود الانتخابات إلى جولة ثانية، ورأي كثيرون أن التصويت لمرشحهم المفضل في الجولة الأولى هو خسارة، إذا كان لن يحقق نتيجة في الجولة الأولى، من هنا فإن كثيرا من الناخبين أرجأوا التصويت إلى الجولة الثانية، ليختاروا الأفضل من بين الاثنين الذين يصلون إلى الجولة الثانية.
الاستطلاع أظهر أن 24% ممن صوتوا لروحاني، كانو يفضلون قاليباف، ولكنهم كانوا متأكدين من صعوده إلى المرحلة الثانية من التصويت، وبدلا منه صوتوا لروحاني ليضمنوا وصول أفضل اثنين إلى المرحلة الثانية، وليختاروا واحدا منهما، الفضل جزئيا يعود إلى هذه الحسابات الخاطئة، أما روحاني فقد كافح ليتجاوز عتبة ال 50%، ويتجنب خوض الجولة الثانية.
نفي صحة مقال لروحاني عرض فيه التقارب مع أمريكا
استطلاع أحدث أجرته مؤسسة زغبي للابحاث، عبر مقابلات وجاهية مع 1200 شخص في إيران، والنتائج كانت متطابقة، 96% قالوا بأن الاحتفاظ بحق إيران في تطوير برنامجها النووي، يساوي الثمن الذي تدفعه على شكل عقوبات اقتصادية وعزلة دولية.
على العكس من ذلك، نسبة ضئيلة 7% وضعوا أولوية بأن الحل لفتور العلاقات بسبب البرنامج النووي يؤدي إلى رفع العقوبات، وربما الأكثر أهمية، بأن استطلاع زغبي أظهر بوضوح الفكرة التي طالما تمسك بها المراقبون الإيرانيون المخلصون، فالاستطلاع أظهر أن في مقدمة الأولويات بالنسبة للإيرانيين، الذين استجابوا للاستطلاع، هي تلك القضايا المتعلقة  بالسياسة والحكم والإصلاح ، مثل البطالة، وإعطاء المرأة مزيدا من الحقوق وإنهاء الفساد.

الناخبون الإيرانيون يعرفون أكثر من غيرهم بأن انتصار روحاني في الانتخابات هش، فتوجيه لكمة إلى التيار المتشدد يختلف عن التخلص منه، وهو بالنسبة للعالم الخارجي، وتحديدا الغرب، حدوثه أو عدم حدوثه يساعد في تحديد ما إذا كان انتصار التيار الرابح لروحاني أو ظريف سيشكل إيران، أو ما إذا كان مرة أخرى سيعود إلى صفوف الاحتياط خارج الملعب، الفضل للانتخابات وليس للعقوبات، فحكاية فوز الإصلاحيين الإيرانيين الآن هي المسيطرة، ولكنها لن تدوم طويلا إذا لم تحقق سياساتهم المتشابهة أي نجاح.
الأمر ببساطة، مؤيدو العقوبات يمكنهم التعامل مع مرونة فريق روحاني الآن، أو مع عدم مرونة التيار المتشدد بعد ستة أشهر، معرفة ذلك، ستخبرنا به خياراتهم في الأيام والأسابيع المقبلة.


بقلم رضا ماراشي، و تريتا بارسي
الأربعاء، 01 كانون الثاني/يناير 2014، آخر تحديث 21:13 (GMT+0400)

_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..