الصفحات

الخميس، 20 مارس 2014

بحث في : حكم الإسلام في الخوارج

المبحث الأول: الحكم بتكفير الخوارج
وقد استند الذين كفروهم على ما ورد من أحاديث المروق المشهورة عند علماء الفرق؛ رادين الخوارج إلى سلفهم القديم ذي الخويصرة وموقفه الخاطئ من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم موقف الخوارج أيضاً من الصحابة خصوصاً الإمام علياً وغيره ممن شارك في قضية التحكيم.
والأحاديث الواردة فيهم كثيرة غير أن علي يحيى معمر يرى أن هذه الأحاديث إنما تصدق –على فرض صحتها كما يذكر- على المرتدين في زمن أبي بكر رضي الله عنه وما رأيت أحداً من العلماء سبقه إلى هذا القول. ثم إن ما في الأحاديث من أوصاف الخوارج من كثرة قراءتهم للقرآن وتعمقهم في العبادة لا ينطبق على هؤلاء المرتدين في زمن أبي بكر بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم.
وقد كفرهم كثير من العلماء، لا نرى التطويل بذكر أسمائهم هنا.
وإذا كان بعض العلماء يتحرج عن تكفيرهم عموماً فإنه لا يتحرج عن تكفير بعض الفرق منهم، كالبدعية من الخوارج الذين قصروا الصلاة على ركعة في الصباح وركعة في المساء. والميمونية- حيث أجازوا نكاح بعض المحارم كبنات البنين وبنات البنات وبنات بني الأخوة، ثم زادوا فأنكروا أن تكون سورة يوسف من القرآن لاشتمالها –فيما يزعمون- على ذكر العشق   والحب، والقرآن فيه الجد، وكذا اليزيدية منهم، حيث زعموا أن الله سيرسل رسولاً من العجم فينسخ بشريعته شريعة محمد صلى الله عليه وسلم .
وقد نظر الذين كفروا الخوارج أو كفروا بعضهم إلى ما أحدثوه من عقائد وأحكام مخالفة لما هو معلوم من الدين بالضرورة، فكفروهم ومن هؤلاء المكفرين من رد سلفهم القديم إلى ذي الخويصرة، ونظر إلى ما ورد في حقهم من الأحاديث التي تصفهم بالمروق من الدين؛ فكفرهم.
وقد وردت عن علي بن أبي طالب وغيره من الصحابة جملة من هذه الأحاديث الصحيحة ومنها:
1- حديث علي رضي الله عنه، وفيه وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((سيخرج قوم في آخر الزمان، حداث الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من قول خير البرية، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم يوم القيامة)) .
2- حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((يخرج في هذه الأمة – ولم يقل: منها- قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم يقرؤون القرآن لا يجاوز حلوقهم- أو: حناجرهم- يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية، فينظر الرامي إلى سهمه، إلى نصله، إلى رصافه، فيتمارى في الفوقة هل علق بها من الدم شيء)) .
3- حديث عبدالله بن عمر، وذكر الحرورية فقال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية)) .
4- حديث ذي الخويصرة التميمي عن أبي سعيد قال: ((بينا النبي صلى الله عليه وسلم يقسم جاء عبدالله بن ذي الخويصرة التميمي فقال: اعدل يا رسول الله، فقال: ويلك من يعدل إذا لم أعدل؟! قال عمر بن الخطاب: دعني أضرب عنقه قال: دعه، فإن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاته، وصيامه مع صيامه، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، ينظر في قذذه فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر في نصله فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر في رصافه فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر في نضيه فلا يوجد فيه شيء، قد سبق الفرث والدم، آيتهم رجل إحدى يديه – أو قال: ثدييه – مثل ثدي المرأة – أو قال: مثل البضعة تدردر، يخرجون على حين فرقة من الناس. قال أبو سعيد: أشهد سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فنزلت فيه: وَمِنْهُم مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ)) .
5- حدثنا يسير بن عمرو قال: قلت لسهل بن حنيف: هل سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول في الخوارج شيئا؟ قال: سمعته يقول وأهوى بيده قبل العراق: ((يخرج منه قوم يقرؤون القرآن، لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية)) .
وقد أورد ابن حجر عدة روايات عن الصحابة تصف الخوارج بأنهم شرار الخلق والخليقة، وأنهم أبغض خلق الله، وأنه يقتلهم خير الخلق والخليقة، وهي روايات كثيرة ، ثم أورد أسماء طائفة من العلماء الذين كفروهم، كالبخاري، حيث قرنهم بالملحدين، وأفرد عنهم المتأولين بترجمة، وبذلك صرح القاضي أبو بكر بن العربي – فيما يذكر ابن حجر – حيث صرح بكفرهم في شرح الترمذي، وقال: إن هذا هو الصحيح، مستندا إلى قوله صلى الله عليه وسلم: ((يمرقون من الإسلام))، وبقوله: ((ولأقتلنهم قتل عاد)) ،وفي لفظ: ((ثمود)) ، ولحكمهم على من خالف معتقدهم بالكفر والتخليد في النار، فكانوا هم أحق بالاسم منهم، وبقوله: ((هم شر الخلق والخليقة)) ، ولا يوصف بذلك إلا الكفار، ولقوله: "إنهم أبغض الخلق إلى الله تعالى" .
ومثله ما نقله ابن حجر عن السبكي، حيث يرى أن الصحيح هو القول بكفرهم، وذلك بسبب تكفيرهم أعلام الصحابة، لتضمنه تكذيب النبي صلى الله عليه وسلم في شهادته لهم بالجنة، وكذا القرطبي فقد قال في المفهم: "والقول بتكفيرهم أظهر في الحديث"
وقال أيضا: "فعلى القول بتكفيرهم، يقاتلون ويقتلون، وتسبى أموالهم، وهو قول طائفة من أهل الحديث في أموال الخوارج، وعلى القول بعدم تكفيرهم يسلك بهم مسلك أهل البغي إذا شقوا العصا، ونصبوا الحرب" . وهذا يدل على أنه غير جازم بالحكم فيهم، وإن كان يرى ترك تكفيرهم أسلم لقوله: "وباب التكفير باب خطر، ولا تعدل بالسلامة شيئا" .ونقل ابن حجر أيضا عن صاحب الشفا قوله: "وكذا نقطع بكفر كل من قال قولا يتوصل به إلى تضليل الأمة أو تكفير الصحابة" .
ثم قال: "وحكاه صاحب الروضة في كتاب الردة عنه وأقره" .
ويروي ابن الجوزي كثيرا من مذامهم، ثم أورد حديثا بسند ينتهي إلى عبدالله بن أبي أوفى قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الخوارج كلاب أهل النار" .
وقال الملطي: "جاء رجل إلى طاوس من أهل الجند، فقال: يا أبا عبدالرحمن علي غزوة في سبيل الله، فقال: عندك هؤلاء، فاحمل على هؤلاء الخبثاء، فإن ذلك يؤدي عنك" ،وهذا يشير إلى تكفيرهم.
ولقد بالغ الملطي فادعى إجماع الأمة على تكفير الخوارج، فقال مخاطبا لهم: "وأنتم بإجماع الأمة مارقون، خارجون من دين الله، لا اختلاف بين الأمة في ذلك" .
وقد أنكر عليه الطالبي دعوى الإجماع هذه بأنه من الصعب أن يثبت زعمه الإجماع على إكفار الخوارج" .
وممن كفرهم أيضا أبو المظفر شاهور الإسفراييني فيما ذكره عنه الطالبي أيضا، وذلك لأنهم "كفروا الصحابة"، "ويجزم (يعني الإسفراييني) بأن من كان اعتقاده كاعتقادهم، فإنه لا شبهة تعترض أهل الديانة في خروجه عن الملة" ..
وهذا هو رأي الزيدية جميعا فيما ينقله الطالبي عن الشيخ المفيد بقوله: "ويصرح الشيخ المفيد بأن الزيدية قاطبة مجمعة على أن الخارجين على الإمام علي بن أبي طالب كفار، بسبب خروجهم عليه، وأنهم مخلدون في النار" ، وهو اعتقاد جميع الشيعة في الخوارج الذين خرجوا على علي رضي الله عنه.
وفي هذا يقول ابن أبي الحديد: "وأما الخوارج فإنهم مرقوا عن الدين بالخبر النبوي المجمع عليه، ولا يختلف أصحابنا في أنهم من أهل النار" ،ثم صرح بأن الخوارج والمعتزلة على اتفاق في كل المسائل، ماعدا خروجهم على علي، فهو الفارق فيما بينهم، وهو الذي أحبط أعمالهم عنده، كما في قوله: "ولا ريب أن الخوارج إنما برئ أهل الدين والحق منهم – يعني بأهل الدين والحق المعتزلة- لأنهم فارقوا عليا، وبرئوا منه، وما عدا ذلك من عقائدهم نحو القول بتخليد الفاسق في النار، والقول بالخروج على أمراء الجور، وغير ذلك من أقاويلهم، فإن أصحابنا يقولون بها ويذهبون إليها، فلم يبق ما يقتضي البراءة منهم إلا براءتهم من علي" .
وقد أرجع علي يحيى معمر الإباضي كل ما جاء من أحاديث المروق إلى المرتدين الذين خرجوا على أبي بكر رضي الله عنه بقوله: "فإن أحاديث المروق - إذا صحت - لا يكون المقصود منها إلا أصحاب الثورة الأولى أولئك الذين خرجوا على خلافة أبي بكر، منكرين للشريعة أو لأصل من أصولها" .
فهو يشك في صحة أحاديث المروق، وعلى فرض صحتها – حسب تعبيره – فإنه يقصرها على المرتدين، والواقع أنها أحاديث صحيحة جاءت في الصحيحين، والقول بأنها واردة على المرتدين في زمن أبي بكر رضي الله عنه، لم أر فيما تيسر لي قراءته أن أحدا قد قال بهذا سواه.
ثم إن ما في الأحاديث من أوصاف الخوارج من كثرة قراءتهم للقرآن وتعمقهم في العبادة لا ينطبق على هؤلاء المرتدين.
وقد ذكر الشاطبي عدة آيات في ذم البدع وسوء منقلب أصحابها، "وذكر عن بعض السلف أنه أولها على الخوارج" ، ويذكر أنه حينما وقف أبو أمامة على سبعين رأسا من الخوارج قتلوا فنصبت رؤوسهم، أنه وصفهم بأنهم كلاب جهنم فيما يرويه عنه أبو غالب، واسمه حرور قال: (كنت بالشام، فبعث المهلب سبعين رأسا من الخوارج، فنصبوا على درج دمشق فكنت على ظهر بيت لي، فمر أبو أمامة فنزلت فاتبعته، فلما وقف عليهم دمعت عيناه، وقال: "سبحان الله! ما يصنع السلطان ببني آدم – قالها ثلاثا- كلاب جهنم، كلاب جهنم، شر قتلى تحت ظل السماء- ثلاث مرات، خير قتلى من قتلوه، طوبى لمن قتلهم أو قتلوه، ثم التفت إلي فقال: أبا غالب، إنك بأرض هم بها كثير فأعاذك الله منهم، قلت: رأيتك بكيت حين رأيتهم، قال: بكيت رحمة حين رأيتهم كانوا من أهل الإسلام) .
وفيما ينسب إلى الإمام علي، أنه فسر قوله تعالى: قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا [الكهف: 103-104] بأنهم الحرورية .
ويصفهم الشهرستاني بقوله: "فهم المارقة الذين قال فيهم (يعني الرسول صلى الله عليه وسلم): ((سيخرج من ضئضئي هذا الرجل قوم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية)) .
وممن كفرهم أيضا، الدبسي في رسالته، وذلك بسبب تكفيرهم بعض الصحابة، وبما اعتقدوا من اعتقادات، ثم قال: "وفي شرح العقائد: من قذف عائشة رضي الله عنها فهو كافر، ومن أنكر شفاعة الشافعين يوم القيامة فهو كافر، وفي محيط البرهان: من أنكر الجنة أو النار أو القيامة أو الصراط أو الميزان أو الصحائف المكتوبة فهو كافر، وكذا من قال بخلق القرآن فهو كافر" .
وأحب هنا أن أقول بأن من تشكك من العلماء في كفر الخوارج عموما؛ فإنه لا يشك في كفر بعض الفرق منهم.
فالبدعية من الخوارج قصروا الصلاة على ركعة في الصباح وركعة في المساء.
والميمونة أجازت نكاح بعض المحارم التي علم تحريمها من الدين بالضرورة، ثم زادت فأنكرت سورة يوسف أنها من القرآن.
وفي هؤلاء يقول ابن حزم: "وقد تسمى باسم الإسلام من أجمع جميع فرق الإسلام على أنه ليس مسلما، مثل طوائف من الخوارج غلوا فقالوا: إن الصلاة ركعة بالغداة وركعة بالعشي فقط، وآخرون استحلوا نكاح بنات البنين، وبنات بني الأخوة، وبنات بني الأخوات، وقالوا: إن سورة يوسف ليست من القرآن.
وآخرون منهم قالوا: يحد الزاني والسارق ثم يستتابون من الكفر، فإن تابوا وإلا قتلوا" .
ولا شك أن هذا كفر صريح، لا يحتمل أي تأويل، ولا يقل عنهم في الكفر فرقة اليزيدية، فإن إمامهم يزيد بن أنيسة "زعم أن الله سيبعث رسولا من العجم، وينزل عليه كتابا من السماء يكتب في السماء، وينزل عليه جملة واحدة، فتترك شريعة محمد ودان بشريعة غيرها، وزعم أن ملة ذلك النبي الصائبة وليس هذه الصائبة التي عليها الناس اليوم، وليس هم الصابئين الذين ذكرهم الله في القرآن ولم يأتوا بعد" .
ويذكر البغدادي أن يزيد "كان – مع هذه الضلالة – يتولى من شهد لمحمد صلى الله عليه وسلم بالنبوة من أهل الكتاب، وإن لم يدخل في دينه، وسماهم بذلك مؤمنين، وعلى هذا القول يجب أن يكون العيسوية والموشكانية من اليهود مؤمنين؛ لأنهم أقروا بنبوة محمد عليه السلام ولم يدخلوا في دينه" . وهذا تناقض ظاهر من يزيد، إذ كيف يشهد بالإيمان ويتولى من شهد لمحمد صلى الله عليه وسلم بالنبوة من أهل الكتاب وهو لم يدخل في الإسلام بل بقي على دينه؟ ولهذا صدق عليه قول البغدادي: "وليس بجائز أن يعد في فرق الإسلام من يعد اليهود من المسلمين، وكيف يعد من فرق الإسلام من يقول بنسخ شريعة الإسلام" .
ومما يجدر ذكره أن هذه الفرقة قد عدها الأشعري والبغدادي والشهرستاني وابن حزم من فرق الإباضية، وأن الإباضية منهم من وقف في يزيد، ومنهم من برئ منه، وجلهم تبرأ منه، هكذا يقول الأشعري.
ويقول البغدادي: "وكان على رأي الإباضية من الخوارج، ثم إنه خرج عن قول جميع الأمة".
ويقول ابن حزم: "قال أبو محمد: إلا أن جميع الإباضية يكفرون من قال بشيء من هذه المقالات ويبرأون منه ويستحلون دمه وماله". ومن هنا رأينا علي يحيى معمر يرد على ابن حزم بسبب نسبته هذه الفرقة إلى الإباضية، ويشنع عليه بأنه كيف ساغ له نسبتها إلى الإباضية مع أنها تعتقد أقوالا تخرجها إلى الكفر، ثم كيف ساغ له أن يجعلها من الإباضية وهو نفسه يقول: إن الإباضية تكفرها وتستحل منها الدم والمال .
والحقيقة أن ابن حزم إنما ذكر ما ذكره قبله كتاب المقالات، مع أنه لا مانع في الواقع من أن تنبت هذه الفرقة في أحضان الإباضية ثم تنحرف في عقائدها وتخرج عن آرائها.
وقد كفر البغدادي فرقة الأزارقة، حيث يجعلها مع الفرق الخارجة عن الإسلام كاليزيدية والميمونية، فبعد أن ذكر أحداثهم قال: "وأكفرتهم الأمة في هذه البدع التي أحدثوها بعد كفرهم الذي شاركوا فيه المحكمة الأولى، فباءوا بكفر على كفر، كمن باء بغضب على غضب، وللكافرين عذاب مهين" .
ومن أشهر بدعهم إنكارهم حد الرجم على المحصنين "إذ ليس في القرآن ذكره" ، بينما هو ثابت بالسنة من أقوال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفعاله، وعليه مضى الصحابة.
وقد قال عمر رضي الله عنه: (إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان مما أنزل الله آية الرجم، فقرأناها وعقلناها ووعيناها، فلذا رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل: والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله) .
فتكون هذه الآية التي ذكرها عمر بن الخطاب رضي الله عنه مما نسخت تلاوته وبقي حكمه.
وهذه هي أقوال العلماء الذين كفروا الخوارج، أو كفروا بعض فرقهم، وتلك هي مبررات تكفيرهم لهم، وترجع هذه المبرروات إلى ما اتصف به الخوارج من مروق عن الدين، كما وصفتهم به الأحاديث النبوية، ولما ورد من قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((ولأقتلنهم قتل عاد)) ،وفي لفظ: ((ثمود)) ، ولحكمهم على مخالفيهم بالكفر والتخليد في النار.
وكذا تكفيرهم أعلام الصحابة رضوان الله عليهم ومحاربتهم عليا رضي الله عنه، وكذلك نكرانهم لكثير مما ورد من أخبار الآخرة، ثم لما تميز به بعضهم من آراء تخريجهم عن الإسلام صراحة: كالبدعة، والميمونة، واليزيدية.
والواقع أن الحكم عليهم بالكفر لم يكن من قبل علماء السلف ومؤرخي الفرق فقط، وإنما حكم به بعضهم على بعض أيضا، ولاسيما ما حكمت به فرقه الإباضية على غيرها من الفرق كما سنرى، فلقد كانت لهذه الفرقة مواقف عدائية من كثير من فرق الخوارج غير المحكمة، فإنها تتولاها وتترضى عنها وتعتبرها سلفهم الصالح، أما ما عداها كالأزارقة والنجدات والصفرية وغيرهم، فإنها هي الفرق الخارجية حقيقة في نظرهم، ولهذا فقد كفروهم ودارت بينهم وبين هذه الفرق المعارك الدامية في بعض مراحلهم التاريخية.
فالأزارقة، وهي من أقدم الفرق المشهورة للخوارج كانت عند الإباضية من أهل الضلال والتقول على الله بالكذب، ومن المستحلين لكل ما حرم الله من دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم، كما يصفونهم، وأنهم أول من خالف اعتقاد أهل الاستقامة (أي الإباضية) وأنهم أول من شق عصا المسلمين وفرق جماعتهم.
يقول عنهم صاحب (كتاب الأديان)، بعدما تقدم من أوصافهم: "ومما أضلهم الله به وأعمى أبصارهم، أنهم أنزلوا أهل القبلة بمنزلة حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنزلة أهل الشرك وأهل الأوثان" – إلى أن يقول: "فترك نافع بن الأزرق وأتباعه كتاب الله وسنة نبيه، وخالفوا سيرة المسلمين قبلهم" ،ولا يقل عنه في تكفير الأزارقة الورجلاني، فقد جعل الأحاديث الواردة في المارقة على الأزارقة، وأنهم هم المارقة حقيقة .
أما موقفهم من النجدات: فإن هذه الفرقة لم تكن عندهم أحسن حالا من سابقتها، فقد تناولها صاحب (كتاب الأديان) المتقدم بالنقد، وذكر أحداثها التي أحدثتها في الدين، وأن نجدة ذاته كما قال عنه: "قد انتحل أمورا لم يأذن الله بها، ولم يرها المسلمون، قد ابتدع أمورا شرعها له الشيطان وزينها له"، ولم يزل عدو الله نجده يبتدع القول حتى نقم عليه أصحابه فقتلوه ثم تفرقوا فيما بينهم، ويقول فيهم وفي الأزارقة جميعا: "والكل منهم والحمد لله ضال مضل، جاير حايد عن السبيل" .
ومثلهم الصفرية عند صاحب وفاء الضمانة، فإنهم عنده هم المقصودون بأحاديث المروق، ولا تصدق إلا عليهم، مع أنه يذكر أن الإباضية والصفرية كانوا يدا واحدة في النهروان، حتى أحدثوا استحلال دماء وأموال أهل المعاصي، فتركوهم، وذلك في قوله: "وكان الصفرية مع أهل الحق منا في النهروان، ولما ظهر منهم استحلال دماء أهل التوحيد وأموالهم بالكبائر أو بالمعاصي هاجروهم وفارقوهم" .
وأحاديث المروق التي أوردها المؤلف مشهورة لا حاجة إلى إعادتها هنا، إلا أنه لا بأس أن نذكر حديثا استشهد به المؤلف كتبرير لحربهم الصفرية، وهو قوله: قال صلى الله عليه وسلم: ((تكون أمتي فرقتين، فتخرج من بينهما مارقة يلي قتلهم أولاهما بالحق)) ، ثم قال: "وما زال أصحابنا من أهل عمان يقاتلون الصفرية" .
ومثل تلك الفروق في الضلال عند الإباضية فرقة الأعسمية أتباع زياد بن الأعسم، فيذكر صاحب (كتاب الأديان) أنه خرج ناقما على الأزارقة والنجدية والعطوية ويلعنهم، ثم تابعهم في أمور أهلكه الله بها.
"منها: أنه اعتبر حرب أهل القبلة كحرب رسول الله مع أهل الأوثان، وأنه يرى قتل قومه سرا وعلانية، وأنه تابع الأزارقة والنجدية والعطوية على أعظم ما استحلوا من الجور، فتابعه على ذلك من تابعه حتى هلك، ولم يزل الشيطان يزين لهم حتى صيرهم شيعا مفترقين، يقتل بعضهم بعضا، ويستحل بعضهم حرمة بعض، وشهد بعضهم على بعض بالشك"، ونحو هذا قال أيضا في فرقة العطوية أتباع عطية بن الأسود المنشقة عن النجدات .
هذا آخر ما تيسر لي ذكره في الرأي الأول، وهو القول بتكفيرهم،
والآن سنعرض أقوال الذين قالوا بعدم تكفيرهم.


المبحث الثاني: الحكم بعدم تكفير الخوارج

أما الرأي الثاني: وهو القول بعدم تكفير الخوارج؛ فأهل هذا الرأي يقولون: إن الاجتراء على إخراج أحد من الإسلام أمر غير هين، نظراً لكثرة النصوص التي تحذر من ذلك إلا من ظهر الكفر من قوله أو فعله فلا مانع حينئذ من تكفيره بعد إقامة الحجة عليه.
ولهذا أحجم كثير من العلماء أيضاً عن إطلاق هذا الحكم عليهم وهؤلاء اكتفوا بتفسيقهم، وأن حكم الإسلام يجري عليهم لقيامهم بأمر الدين- وأن لهم أخطاء وحسنات كغيرهم من الناس، ثم إن كثيراً من السلف لم يعاملوهم معاملة الكفار كما جرى لهم مع علي رضي الله عنه وعمر بن عبد العزيز؛ فلم تسبى ذريتهم وتغنم أموالهم.
يرى أصحاب هذا الرأي أن الاجتراء على إخراج أحد من الإسلام أمر غير هين، نظرا لما ورد من نصوص تحذر من مثل هذا الحكم أشد التحذير، إلا لمن عرف من الكفر بقول أو فعل، فلا مانع حينئذ من تكفيره إذا لم يكن له تأويل فيما ذهب إليه، ولهذا أحجم كثير من العلماء عن إطلاق هذا الحكم.
يقول القاضي عياض: "كادت هذه المسألة (أي مسألة تكفير الخوارج) تكون أشد إشكالا عند المتكلمين من غيرها حتى سأل الفقيه عبدالحق الإمام أبا المعالي عنها فاعتذر بأن إدخال كافر في الملة وإخراج مسلم عنها عظيم في الدين. قال: وقد توقف قبله القاضي أبو بكر الباقلاني، وقال: ولم يصرح القوم بالكفر، وإنما قالوا أقوالاً تؤدي إلى الكفر" .
ويقول القرطبي: "وباب التكفير باب خطر، ولا نعدل بالسلامة شيئا" .
وأهل هذا الرأي، وإن كانوا قد تورعوا عن تكفيرهم على العموم، إلا أنهم مختلفون في حقيقة أمرهم، فمنهم من يرى أنهم وإن كانوا غير خارجين عن الإسلام لكنهم فسقة؛ لأنهم قد شهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ثم طبقوا بالفعل أركان الإسلام، وهذا يمنع من تكفيرهم أو إلحاقهم بمن لا يقر بذلك، وتفسيقهم إنما كان لما عرف عنهم من تكفيرهم المسلمين، واستباحة دمائهم وأموالهم.
وهذا الرأي هو لأكثر أهل الأصول من أهل السنة فيما يرويه ابن حجر بقوله: "وذهب أكثر أهل الأصول من أهل السنة إلى أن الخوارج فساق، وأن حكم الإسلام يجري عليهم لتلفظهم بالشهادتين ومواظبتهم على أركان الإسلام، وإنما فسقوا بتكفيرهم المسلمين مستندين إلى تأويل فاسد، وجرهم ذلك إلى استباحة دماء مخالفيهم وأموالهم والشهادة عليهم بالكفر والشرك" .
وذهب البعض الآخر من القائلين بعدم تكفيرهم إلى أن الخوارج فرقة كبقية فرق المسلمين، وأنهم وإن كانوا على ضلال فإن ذلك لا يخرجهم عن جملة فرق المسلمين التي وجد لها حسنات وأخطاء، وهذا ما يقوله الخطابي فيما يذكره عنه ابن حجر، جازما بأن هذا الحكم (أي عدم إخراجهم عن الإسلام) أمر مجمع عليه لدى علماء المسلمين وذلك في قوله: "أجمع علماء المسلمين على أن الخوارج مع ضلالتهم فرقة من فرق المسلمين، وأجازوا مناكحتهم، وأكل ذبائحهم، وأنهم لا يكفرون ما داموا متمسكين بأصل الإسلام" .
ومثل الخطابي ابن بطال، فقد قال أيضا: "ذهب جمهور العلماء إلى أن الخوارج غير خارجين عن جملة المسلمين " ، من الكفر فروا، "ولكن ابن حجر يشك فيما يظهر في صحة هذا القول عن علي، ويرى أنه على فرض صحته فإنه يحمل على أنه لم يكن قد اطلع على معتقداتهم التي أوجبت تكفيرهم عند من يراه" .
ويؤيد ما ذهب إليه ابن بطال ما أخرجه الطبري بسند صحيح عن عبدالله ابن الحارث عن رجل من بني نضر عن علي وذكر الخوارج، فقال: (إن خالفوا إماما عدلا فقاتلوهم، وإن خالفوا إماما جائرا، فلا تقاتلوهم، فإن لهم مقالا" .
ويروي ابن أبي الحديد عن علي رضي الله عنه روايات تفيد أنه كان لا يرى كفر الخوارج، ولا استباحة دمائهم، ومنها قوله: (لا تقاتلوا الخوارج بعدي، فليس من طلب الحق فأخطأه كمن طلب الباطل فأدركه)؛ ثم قال ابن أبي الحديد في تفسيره: "قال الرضي رحمه الله: يعني معاوية وأصحابه"، ويقول ابن أبي الحديد أيضا عن الخوارج: "ولهم في الجملة تمسك بالدين ومحاماة عن عقيدة اعتقدوها، وإن أخطأوا فيها... ولا ريب في تلزم الخوارج بالدين" .
ونلاحظ على ابن أبي الحديد هنا أنه عندما يحكم عليهم حين خروجهم على الإمام علي يرى بأنهم من أهل النار !!
ومن الذين تورعوا عن تكفيرهم، ورأى أن حكمهم هو حكم غيرهم من الفرق الإسلامية – الشاطبي، فهو يرى أن الخوارج غير كافرين، مستندا في حكمه هذا إلى ما ورد من روايات عن السلف، وخصوصا ما كان من موقف علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وكذا عمر بن عبدالعزيز رحمه الله، حيث عاملوهم معاملة أهل الإسلام.
يقول الشاطبي في هذا: "وقد اختلف الأمة في تكفير هؤلاء الفرق أصحاب البدع العظمى، ولكن الذي يقوى في النظر، وبحسب الأثر؛ عدم القطع بتكفيرهم، والدليل عليه عمل السلف الصالح فيهم".
ثم استشهد بما جرى لهم مع علي وعمر بن عبدالعزيز، قال: "فإنه لما اجتمعت الحرورية وفارقت الجماعة لم يهيجهم علي ولا قاتلهم، ولو كانوا بخروجهم مرتدين لم يتركهم لقوله عليه الصلاة والسلام: ((من بدل دينه فاقتلوه...)) ، وعمر بن عبدالعزيز أيضا لما خرج في زمانه الحرورية بالموصل أمر بالكف عنهم على ما أمر به علي رضي الله عنه ولم يعاملهم معاملة المرتدين" .
ولعل الشاطبي رحمه الله يشير بما ذكره من أن عليا لم يهيجهم ولم يقاتلهم؛ أنه لم يتسرع إلى قتلهم أول الأمر، بل قال بأنه سوف يعاملهم معاملة حسنة، فلا يمنعهم المساجد، ولا يحرمهم الفيئ، ما دامت أيديهم معه وما داموا لم يرتكبوا محرما، ولكنهم حين خرجوا وقتلوا ابن خباب وغيره، حاربهم في معركة النهروان الشهيرة حتى أفناهم.
ومن الذين اعتبروا الخوارج فرقة إسلامية كغيرها من الفرق الأخرى الشافعي فيما ينقله عنه الطالبي بقوله: "وأما الإمام الشافعي فإنه لم يفرق بين مذهب الخوارج وبين غيره من مذاهب الفرق الأخرى في عدم التكفير بها" .
والقول بعدم تكفيرهم هو رأي شيخ الإسلام ابن تيمية، فقد أورد حول الحكم على الخوارج نقاشا طويلا، خلص منه إلى أنهم ليسوا كفارا ولا مرتدين، وإنما هم فئة باغية، وأورد حججا على صحة ما يراه في هذا الحكم، بما جرى لهم مع علي وابن عباس وغيرهما من الصحابة الذين لم يحكموا بردتهم، بل عاملوهم معاملة المسلمين، خصوصا حين انتهت تلك الحروب التي اشتعلت بينه وبينهم في النهروان، فهو كما يقول: "لم يسب لهم ذرية، ولا غنم لهم مالا، ولا سار فيهم سيرة الصحابة في المرتدين، كمسيلمة الكذاب وأمثاله، بل كانت سيرة علي والصحابة في الخوارج مخالفة لسيرة الصحابة في أهل الردة، ولم ينكر أحد على علي ذلك، فعلم اتفاق الصحابة على أنهم لم يكونوا مرتدين عن دين الإسلام" .
ويذكر أن عليا لم يحاربهم لأنهم كفار، وإنما حاربهم لدفع ظلمهم وبغيهم .... إلخ ما أورده رحمه الله.
ولكن شيخ الإسلام رحمه الله وإن لم يقل بكفرهم لكنه يعتبرهم من شرار الخلق وممن يجب قتالهم، وهذا رأي كثير من علماء المسلمين، وإن كان هناك من لا يرى وجوب قتالهم، فقد كان الحسن البصري ينهى عن مقاتلة الخوارج – فيما يبدو- فقد أتاه رجل فقال له. "يا أبا سعيد إن هؤلاء استنفروني لأقاتل الخوارج، فما ترى؟ فقال: إن هؤلاء أخرجتهم ذنوب هؤلاء، وإن هؤلاء يرسلونك تقاتل ذنوبهم، فلا تكن القتيل منهم، فإن القوم أهل خصومة يوم القيامة" .
وقال خريم معظما قتال الخوارج، وناهيا عن حربهم فيما ينقله الملطي عنه:


ولست بقاتل رجلا يصلي




على سلطان آخر من قريش


له سلطانه وعلي ذنبي




معاذ الله من سفه وطيش


أأقتل مسلما في غير ذنب




فلست بنافعي ما عشت عيشي   .


وقال مروان بن الحكم لأيمن بن خزيم: "ألا تخرج تقاتل؟ فقال: إن أبي وعمي شهدا بدرا مع رسول الله، وإنهما عهدا إلي أن لا أقاتل أحدا يقول: لا إله إلا الله، فإن جئتني ببراءة من النار، قال: اخرج فلا حاجة لنا فيك"


المبحث الثالث: تعقيب على إطلاق الحكم بالتكفير

والواقع أن الحكم بتكفير الخوارج على الإطلاق فيه غلو، وأن الحكم بالتسوية بينهم وبين غيرهم من فرق المسلمين فيه تساهل، يغالي من يكفرهم جميعا؛ لأنهم لم يعلنوا الكفر، بل هم كما هو المعروف عنهم أهل عبادة وتهجد وصوم. ثم إنهم لم يعاملوا من الإمام علي والصحابة معاملة الكفار أو المرتدين، وما انحرفوا عن الحق من آراء ومواقف وأحكام إنما كان بناء عن تأويل تأولوا عليه الآيات والأحاديث، ومع أنه تأويل فاسد إلا أنهم لم يتعمدوا به الكفر، ولم يسعوا به إلى هدم الإسلام، بل طلبوا الحق – كما قال الإمام علي – فأخطؤه اللهم إلا من أنكر منهم ما هو معلوم من الدين بالضرورة.
ومع ذلك فإنه يقصر أو يتساهل في الحكم عليهم من يرى أنهم كغيرهم من فرق المسلمين الأخرى؛ لأنهم سفاكون للدماء يستعرضون الناس استعراضا دون تمييز، بخلاف الفرق الأخرى التي لم يستحل أصحابها من دماء المسلمين وأموالهم ما استحله الخوارج.
وقد مر بنا ما قاله العلماء في حكمهم عليهم، وهو كما رأينا لم يكن حكما قاطعا من جانب واحد بل إنهم اختلفوا فيه اختلافا بينا متعارضا، وما ذاك إلا لخطورة أمر التكفير من جهة، وغموض أمرهم من جهة أخرى، حيث جمعوا بين المتناقضات في سلوكهم مع الله ومع خلقه.
وفيما يظهر لي أن لا يعمم الحكم على جميع الخوارج، بل يقال في حق كل فرقة بما تستحقه من الحكم، حسب قربها أو بعدها عن الدين، وحسب ما يظهر من اعتقاداتها وآرائها، أما الحكم عليهم جميعا بحكم واحد مدحا أو ذما، فإنه يكون حكما غير دقيق؛ لأن الخوارج كما مر بنا لم يكونوا على رأي واحد في الاعتقاد، بل منهم المعتدل ومنهم المغالي.
يقول ابن حزم: "وأقرب فرق الخوارج إلى أهل السنة أصحاب عبدالله بن يزيد الإباضي الفزاري الكوفي، وأبعدهم الأزارقة" . أو يقال: إن من انطبقت عليه تلك الصفات التي وردت في الأحاديث بذمهم كان حكمه أنه مارق عن الدين، وفي حكم الكفار، وأما من لم تنطبق عليه تلك الصفات، وذلك باحتمال أن يكون الشخص دخل في مذهبهم بقصد حسن من إعلاء كلمة الله في الأرض، أو من إيقاف حكام الجور عند حدهم، أو يكون الشخص مخدوعا بهم، أو له أي تأويل كان، فإن هذا لا ينبغي التسرع في تكفيره، خصوصا وهو يدعي الالتزام بجميع شرائع الإسلام.
أما تكفيرهم بسبب خروجهم عن طاعة الحكام، سواء كان ذلك الخروج بحق أو بغير حق، فهذا لا يخلو منه زمان أو مكان، فإن كان الخروج بحق، كأن يغير الحاكم الحكم بما أنزل الله ويستبدل به قانونا من وضع البشر، أو كان من محض هواه؛ فهذا لا يقال في حق الخارج عليه أي لوم، وأما إن كان الخروج بغير حق بل كان لمجرد أغراض، وارتكب في ذلك الخروج ما يوجب تكفير صاحبه، فهذا الذي يقال فيه إنه عاص وخارج بغير حق، ويجب على الأمة حينئذ إرجاعه إلى الحق والوقوف في وجهه. 


_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

هناك تعليقان (2):

  1. جزاك الله خيرا اخى الله يجعله فى ميزان حسناتك

    ردحذف
  2. حياك الله اخ نايف
    ولك بمثل ما دعوت
    شكرا لحضورك

    ردحذف

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..