الصفحات

السبت، 19 أبريل 2014

كيف واجه البعض التوقيت الزوالي والأكل بالملاعق ولبس العقال في الحقبة الماضـية؟!

 لماذا البعض منا ضد كل جديد؟ ولماذا يقف البعض معترضًا أمام ما لم يألفه أو يعتد عليه؟ وهو يعرف
أن موقفه يجانبه الصواب!! هل لمجرد وجود من يقف خلفه مستترًا ويدفعه ليقول (لا) لكل ما يفرضه الواقع ويحتاج إليه المجتمع ليُسهم في تقدمه ورقيه ومسايرته للمجتمعات المتحضرة..

هناك من يقف معترضًا لمجرد الاعتراض دون المناقشة والمحاورة.. ومراعاة المصلحة العامة.

فالتاريخ لا يقف.. ولا يرحم من يقف؛ فالتطور سنة الحياة.. وكلنا يعرف واقعنا وكيف كنا قبل سبعين أو ثمانين عامًا وأثناء توحيد المملكة بقيادة الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله وكيف وقف الإخوان ومن ناصرهم ضد كل جديد لم يألفوه يدخل المملكة من متطلبات الحياة العصرية الحديثة مثل: دخول السيارات والمبرقات والراديو وغيرها من تحديث المؤسسات والاتصالات وفرض الجمارك وافتتاح الاذاعة واستيراد السلع الضرورية والكمالية وغيرها.. وكيف تصرف الملك عبدالعزيز تجاههم وفرض رأيه ووقف إلى جانب الحق والعدل والتطور ووصل الأمر إلى المجابهة بقوة السلاح، مثل معركة (السبلة) وغيرها. واليوم ونحن في القرن الحادي والعشرين يفرض علينا الواقع أن نساير الركب مع المحافظة على الثوابت الدينية وعدم الإخلال بها أو السماح بالتعرض لها. وكانت هناك أمور وخطوات لا بد من الأخذ بها لنواكب حركة المجتمع وتطوره وألا نسمح للمعيق بإيقاف عجلة التقدم عن دورانها. ولنضرب مثلًا بأمور نراها اليوم عادية ولا غبار عليها.. ولكنها بالأمس عند مناقشتها أو عند التفكير بإقرارها كان البعض يقف ضدها بعصبية جاهلية دون تفكير عقلاني.. ولكن تدخل الدولة واتخاذها القرار الصارم بإقرارها حال دون معارضة من يعارض بجهل مثل فتح المدارس للبنين والبنات، وكذا عند افتتاح محطة التلفزيون وسأكتفي بإشارات عابرة لموضوعين أو ثلاثة تعرضت للمعارضة وهي:

1- عندما دعت الحاجة إلى استبدال التوقيت الغروبي بالزوالي.

2- المعارضة لإنشاء بلديات ببعض المدن: بريدة مثلًا.

3- معارضة افتتاح صوالين للحلاقة.

4- معارضة تدريس لبعض المواد التعليمية: مثل الجغرافيا.

5- معارضة لبس العقال وغيره.

وللصدفة كنت أناقش قبل أسبوع معالي الدكتور حمود البدر في مجلسه الأسبوعي -بعد عصر كل جمعة- بمنزله عما كان يطرحه من أفكار كانت تعد جريئة في وقتها وبالذات مع بداية عهد المؤسسات الصحفية نهاية عام 1383هـ وبداية عام 1384هـ أي قبل خمسة وأربعين عامًا مع صدور صحيفة اليمامة الأسبوعية وقبيل صدور جريدة الرياض بأشهر. فقد كان يكتب زاوية أسبوعية باسمه الصريح (فكرة الأسبوع) في الصفحة الثالثة إلى جانب زاوية قصيرة بالصفحة نفسها باسمه المستعار أو على الأصح معيارته (مشرق) وكانت الزاوية بعنوان (إشراقة) ويهمنا في هذا الجرأة التي كان يتحلى بها فقد طرح في زاويته موضوع التوقيت الزوالي وأهميته إذ كان التوقيت السائد وقتها التوقيت الغروبي.. فعدت في اليوم التالي إلى أعداد صحيفة اليمامة الأولى فوجدت ما يلي:

• العدد السابع الصادر في 26/12/1383 هـ 8/5/1964 م نجد الأستاذ عمران محمد العمران يكتب في (معرض الآراء) بعنوان (التوقيت العربي الصحيح هو توقيت الزوال.. فكرة.. مهداة إلى وزارة الإعلام) وقال إن المملكة تنفرد بتوقيت خاص لا يعمل به سواها.. وهو التوقيت الذي يبدأ عند طلوع الشمس وينتهي بغروبها.. وقال انهم اعتادوا هنا أن يدعو هذا التوقيت بالتوقيت العربي وما عداه يدعى بالتوقيت الافرنجي وهو التوقيت الذي يبدأ من منتصف الليل وينتهي في منتصف النهار.. وأكد أن التوقيت الصحيح هو التوقيت الزوالي فقد أخذته أوروبا عن العرب عن طريق الأندلسيين.. وطالب وزارة الإعلام بالأخذ بهذا التوقيت متمشية في ذلك على خطوط الطول والعرض، وتعمل على جعله توقيتًا رسميًا للبلاد.

وجاء بعده الأستاذ حمود البدر (فكرة الاسبوع) بالعدد التاسع في 11/1/1384هـ وقال: “أنا -معذرة- أتحدى أي إنسان يجد ساعتين مع شخصين من مجموعة أشخاص مجتمعين متفقين أو مختلفين على أن يكون الاختلاف في حدود دقيقة أو دقيقتين أو حتى خمس.. ذلك أن التوقيت عندنا يعتمد على غروب الشمس.. وهو موعد يختلف من مكان إلى آخر بمعدل أربع دقائق لكل خط من خطوط الطول، كما أن الغروب يخضع للعوامل الجوية في أكثر الأحوال.. وعدد الكثير من السلبيات”. وقال: “.. والذي لا شك فيه أن هناك أضرارًا بالغة تعود على المجتمع من جراء عدم توحيد الوقت”. وعدّد فضائل التوقيت الزوالي:

1- أنه ليس هناك نص ديني يحرمه أو يمنعه.

2- أنه يمكن أن يسير فيه العمل الحكومي منتظمًا لا يتأثر بازدياد النهار أو نقصه كتأثر التوقيت القائم على الغروب.

3- يمكن أن تقوم عليه برامج الإذاعة وهي مطمئنة إلى أن كل مستمع في شرق البلاد وغربها وجنوبها وشمالها لديه الفرصة ليستمع للبرنامج الذي يريد في وقته المحدد.

4- لن تتأثر أوقات الصلوات باتباع التوقيت الزوالي بل إن فرصة ضبط مواعيد الصلاة في هذه الحالة أكبر من حالة التوقيت الغروبي.

وعاد عمران العمران ليكتب مرة أخرى بالعدد 26 في 12/5/1384هـ وشاكرًا لمن أيد فكرته ومكررًا الرجاء لوزارة الإعلام بأن تنظر إلى هذا الشيء نظرة جدية فيقترح على مجلس الوزراء إحلال التوقيت الزوالي محل التوقيت الغروبي..

وضمن (يوميات قصيرة) أي زاوية ثالثة يكتب بها حمود البدر خلاف زاويتيه الثابتتين (إشراقة) و(فكرة الأسبوع) نجده يكتب في العدد 28 وتاريخ 26/5/1384 هـ تحت عنوان (التوقيت الزوالي ضرورة ملحة..) وقال ضمن مبرراته لعدم استماع المواطنين لبرامج الإذاعة لعدم دقة التوقيت: “.. إذ أن المملكة مترامية الأطراف ويختلف التوقيت الغروبي من بلد إلى آخر مما ينتج عنه فوات فرصة الاستماع لدى كثير من مريديه.. ذلك أن ساعة أحد المستمعين في بلد كالاحساء مثلًا تختلف وتزيد على ساعة أحدهم في جدة بما لا يقل عن ساعة وعلى هذا قس بقية المناطق.. وكذا دوام الوزارات والمصالح الحكومية، في المملكة يعتمد على فصول السنة أي على أربعة فصول في كل عام، وعندما نريد تغيير وقت الدوام من فصل إلى آخر يحصل ارتباك في العمل يمكن تلافيه إن اتبعنا التوقيت الزوالي، بحيث يقسم العام إلى توقيتين: توقيت صيفي وتوقيت شتائي.

فإذا كان الدين لا يعارض ذلك (وهذا حسب رأي) وإذا كان توقيت الغروب لا أساس له يمكن الاعتماد عليه. وإذا كانت القاعدة باتباع الأصلح ونبذ الأقل صلاحية فلماذا لا نتبع الأصلح ونسير في ركاب العالم المتحضر لأننا جزء منه غير منفصل؟”.

وعاد مرة ثالثة ليكتب في زاويته (فكرة الأسبوع) بالعدد 31 في 17/6/1384هـ بعنوان (التوقيت الزوالي مرة ثامنة.. أهديها إلى خبراء مؤسسة فورد) -وهذه الشركة أو المؤسسة قد استقدمت خصيصًا للإصلاح الإداري في المملكة- “.. فلعل فكرة إدخال توقيت الزوالي بدلًا من التوقيت الغروبي يدخل من ضمن اختصاصهم في مجال الإصلاح الإداري.. ذلك أن الوقت الذي يقضيه الموظف داخل المصلحة.. ووقت دخوله وخروجه يؤثر تأثيرًا مباشرًا على إنتاجه، وبالتالي على الإنتاج العام لموظفي الدولة أجمعين.. وقال إن فصول السنة يتغير فيها التوقيت وكل منطقة لها توقيتها حسب طلوع الشمس وغروبها وذلك على أنه إذا كان هناك مصلحة لها فروع مثلًا وأراد الفرع أن يتصل بالأصل أو العكس تلفونيًا أو تلغرافيًا في مهمة مستعجلة وليكن في أول الدوام أو آخره فإن فروق التوقيت تفوت الفرصة. وإن التوقيت الزوالي يعتمد على ساعة واحدة وُقّتت على خط معين من خطوط الطول بحيث يصبح لا مجال لاختلاف وتباين ساعات الناس كما يحدث عند الاعتماد على التوقيت الغروبي حيث يوقت كل واحد على الغروب الذي يختلف من مكان إلى آخر”.. واختتم مقاله بقوله: “.. فإن كانت المصلحة في اتخاذ التوقيت الزوالي كتوقيت رسمي للوزارات والمصالح الحكومية والمرافق العامة، فلماذا لا نتخذه؟ وإن كانت لغير ذلك، فما هو التبرير؟

وتفسيرًا للعنوان أقول: إن هذه المرة الثامنة التي يكتب فيها عن هذا الموضوع”.

ونجده في العدد 34 بتاريخ 9/7/1384 هـ يكتب ضمن (يوميات قصيرة) هل هذا بداية التوقيت الزوالي؟ وذكر أن وزارة الإعلام قد أعلنت عن موعد تجارب المشروع الإذاعي الكبير وحددت الساعات التي سوف يبدأ فيها البث، حددتها على أساس توقيت (جرينتش) + 3 ساعات وهذا يعني أن هذا التوقيت وضع على أساس توقيت المملكة الزوالي..


واختتم مقاله بقوله: “وبهذه المناسبة لي ملاحظة التوقيت كتوقيت للبث هي: أن لا نكتفي بإعلان هذا الإذاعي وتسيير الرحلات الجوية وإنما يجب أن نطبقه في كل مجالات العمل، لأنه لا فائدة من وجود هذا التوقيت إذا كان هناك توقيت آخر. فوجود أكثر من توقيت بالمملكة فيه بلبلة ومضيعة للوقت، وما دام توقيت الغروب غير صالح للعمل به لما ثبت عمليًا من عدم مسايرته لروح العصر، فإن التوقيت الزوالي جدير بأن يطبق سريعًا. ومما يسهل هذه العملية أن كثيرًا من مواطني المنطقة الشرقية وأعمالها تسير على أساس التوقيت الزوالي.. وعلى كل فهذه خطوة مباركة أرجو أن يتبعها خطوات”.

ولكن المعارضة لا بد من أن تخرج رؤوسها معترضة على هذا المنكر وهذا الحدث الجديد الذي سيغير ما اعتادوا عليه فنجد حمود البدر يعود في العدد 41 في 28/8/1384 هـ وضمن (يوميات قصيرة) قائلًا: “و.. توقيت الزوال الغريب أن هذا التوقيت اليتيم -توقيت الغروب- قد وجد له من الأنصار الضمنين ما لم يجده أي شيء آخر، فعلى الرغم من أننا -أو جزء منا- فقط نحن الذين نسير عليه وبالرغم من أنه قد أثبت عقمه بالنسبة لإيجاد توقيت محلي موحد إلا أنه سائد، ولم يجد من يقف في طريقه ليقول له: قف.

فتوقيتنا الأول، وتوقيتنا الأصلي هو الزوال، وقبل أن توجد آلات ضبط الوقت (الساعات) كنا نعتمد في ضبط أوقاتنا على آلات بدائية هي عبارة عن شواخص توضع في مقدمة الجوامع ويحدد الوقت بواسطة ظلالها ولم نكن نستخدم الغروب إلا في حالة الإفطار. ولو عدنا إلى التقاويم التي وضعها أجدادنا لوجدنا أنهم يضعون ظل الزوال أساسًا لتحديد الوقت.

وقد سبق أن كتبت -كما كتب غيري- عن هذا الموضوع ولكن لم نجد تجاوبًا من أحد. حتى وزارة الإعلام التي يهمها -على ما أعتقد- أن تجعل بث إذاعاتها على أساس هذا التوقيت ليسمعها القاصي والداني بنظام وترتيب لم تقل كلمتها بعد.

ولعل لها عذرًا في أنها لا تريد أن تغضب أحدًا. ولكنني أعتقد أن أحدًا لن يغضب من تطبيق هذا التوقيت.

ولا أعتقد -أيضًا- أن أحدًا يغضب من شيء فيه مصلحة للوطن والمواطنين”.

وكنا سبق أن قرأنا في جريدة (القصيم) -ضمن صحافة الأفراد المحتجبة- في العدد 54 في 2/7/1380 هـ تحت عنوان (رحلات) بقلم بريدة: غانم العبدالله الغانم قائلًا: “(التوقيت الانجليزي) عند استلامنا تذاكر السفر رأينا أنه من الأحسن الاستفهام عن موعد قيام القطار صباحًا إلى المنطقة الشرقية فأجابنا الموظف المختص بقوله: ينبغي حضوركم في تمام الساعة السابعة والنصف صباحًا فما كان منا إلا إعادة الاستفهام ثانية: وأي صباح هذا؟ أذلك بالتوقيت الانجليزي؟ فأجاب: أي والله بتوقيت غرينتش وعند ذلك بدأنا بتحويل عقارب ساعاتنا على التوقيت الانجليزي.. إلخ”.

وينهي مقاله بمطالبة وزارة المواصلات بإعادة التوقيت للتوقيت العربي المعمول به لتسهيل معرفة مواعيد القطارات من قبل المسافرين.. ولهذا نجد الدكتور حمود البدر يقول ضمن مقابلته في جريدة الجزيرة العدد (3379) في 8/2/1402 هـ الموافق 4 ديسمبر 1981م: “أحمد الله.. أن دعوتي إلى تغيير التوقيت الغروبي إلى الزوالي قد تحققت. تعليم المرأة يجب أن تقوم به المرأة.. إدارة وتشغيلًا وتنفيذًا.. شبابنا اليوم مثل الذي يقف على رغوة الصابون.. والحل.. دورة عسكرية لمن يبلغ الثامنة عشرة.. من الضروري الاستفادة من المرأة في مجال الشرطة.. إني أتساءل: أي الشَّرين أهون.. قيادة المرأة للسيارة.. أم وجود سائق أجنبي في المنزل؟”. هذه عناوين لحديثه ضمن (ضيف الجزيرة) منه ما تحقق ومنه ما زال حلمًا رغم مضي ربع قرن على طرحه من رجل له وزنه ومكانه كدليل لأول جامعة تنشأ بالمملكة.

وليس موضوع قيادة المرأة أو ما سبق الإشارة إليه (استبدال التوقيت الغروبي بالزوالي) فهناك الكثير والكثير مما عرفه المجتمع مؤخرًا وعارضته الغالبية آخذة بمبدأ (الإنسان عدو ما جهل) أو أي شيء لم يألفوه فمثلًا نجد في كتاب معالي الدكتور عبدالعزيز الخويطر (وسم على أديم الزمن - لمحات من الذكريات) ج4 – ط1، 1427هـ 2006 م (ص 8-9) يقول “وكانت السلطة العثمانية في مكة تكسِّر أواني القهوة وتعاقب جالبها ومقتنيها، وانبرى العلماء لمهاجمتها وتحريمها، وألف أحدهم رسالة في ذلك سماها: (الصفوة في تحريم القهوة) ثم دار الزمن دورته فقبلت القهوة، ونالت مكانها المريح في البيوت، وفي الأماكن العامة وألف أحدهم رسالة في ذلك سماها (الصفوة في تحليل القهوة)”.

ونقرأ في العدد 12 وتاريخ 10/6/1380هـ من صحيفة القصيم وضمن زاوية شيخنا المبجل عبدالكريم الجهيمان (المعتدل والمايل) قوله: “افتتح أحد الحلاقين محلًا للحلاقة في مدينة بريدة فأقيم مراقب عليه من إحدى الهيئات ليراقبه باستمرار لئلا يتعدى السنة فيزيل بعض الشعور التي لا تصح إزالتها”.

وفي نفس العدد من نفس الصحيفة نقرأ موضوع (بلدية بريدة ما يسبقها من عمل وما يتبعها من إعداد) يطالب فيه بافتتاح البلدية.

فينبري للمطالبين آخرون يرفضون ذلك بدعوى أنها ستهدد مصالحهم فيكتب صالح الدخيل في العدد 37 من القصيم (كلمة صريحة.. نظموا المدينة.. يا من لا تريدون البلدية) فيتصل بعض المواطنين بالقاضي الشيخ صالح الخريصي وبعض الأهالي ويجدون لديهم المساندة والترحيب بفكرة البلدية، فنجد العدد 82 في 5/2/1381 هـ يبشر المواطنين بخبر يقول في نبأ مستعجل والجريدة ماثلة للطبع: “إن سمو أمير مقاطعة القصيم تلقى برقية من حضرة صاحب السمو وزير الداخلية مفادها انتخاب رئيس للبلدية ريثما يتم إعداد جهاز كامل لها”.. نقرأ لأحمد محمد السعيد مقالًا بعنوان (ماذا دهاكم أيها الدهاة؟!) يصب جام غضبه على معارضي افتتاح البلدية قائلًا: “اولئك هم دهاة بريدة ابتلوا في أنفسهم وفي أملاكهم فانزلوا البلية على رؤوس عامة السكان منعوا البلدية! قالوا إنها تنافي الدين فظهر كذب ما أبطنوا وقالوا انها تنافي الدنيا فما للبشاعة بما تفوهوا.. وأخيرًا قالوا إنها تنافي مصلحتنا الخاصة.. إنها تفرض الضرائب على عماراتنا، وإنها لا تسمح لنا بممارسة النفوذ الذي نتمتع به الآن، وإنها قد تسترجع بعض ما نملك.. ولكن ما أفظع ما قالوا..” إلخ. ونجد في العدد (88) خبر تعيين أو على الأقل اتفاق أعيان بريدة على اختيار الشيخ عبدالله الحمود البراك ليكون رئيسًا للبلدية.

وفي العدد التالي (89) يكتب عبدالكريم الجهيمان في (المعتدل والمايل) قائلًا: “رأيت سيارة ونيت كتب عليها بلدية بريدة رقم واحد فسررت كثيرًا وقلت في نفسي انها خطوة سوف تتبعها خطوات بإذن الله”.

وطالب بافتتاح بلديات مماثلة في حائل وشقراء وعنيزة والدوادمي.. إلخ.

وفي العدد (90) في 2/4/1381 هـ 12 سبتمبر 1961م نجد خبرًا يقول: “خلال وجود وفد بريدة في الرياض اجتمعوا بسمو وزير الداخلية وتحدثوا معه بشأن ضآلة المخصص لبلدية بريدة وأنه لا يتناسب مع سعة المدينة. وقد وعدهم سموه بأنه لا يألو جهدًا في تحقيق كل ما من شأنه النهوض بمستوى البلدة وتقدمها وقد أبدى لهم أنه كان يعتزم الشخوص إلى بريدة لإقناع من لم يوافق على تأسيس البلدية كما أفادهم أن بلدية بريدة موضع اهتمام جلالة الملك المعظم.. إلخ”.

وضحى الخميس الماضي التقيت بمجلس الشيخ حمد البراهيم الحقيل كالمعتاد ببعض من أساتذتنا كعبدالكريم الجهيمان وعمران العمران وعلي المسلم -أول رئيس تحرير لجريدة القصيم عام 1379هـ 1960م- وجرى الحديث حول ذكرياتهم مع بدايات المدارس النظامية بالرياض فذكر الأستاذ عمران بأنه كان يدرس بالمدرسة الأهلية خارج سور الرياض بمقرها الحالي -التذكارية- والتي أقامها الأهالي احتفالًا بقدوم الملك عبدالعزيز من زيارته لمصر. أما الأستاذ علي المسلم فكان يدرس بالمدرسة العزيزية بحي دخنة وسط الرياض. ويذكر الأستاذ عمران بأنهم في الأهلية يدرسون الجغرافيا بينما العزيزية معفية منه ويعزون ذلك لقربها من آل الشيخ الذين يستنكرون مثل هذه الدروس وكان يذكِّر المسلم بأنه لم يحضر للاختبار في هذه المادة وهو عام تخرجهم من الابتدائية عام 1369هـ وكان يدير المدرسة العزيزية وقتها علي المطلق بينما يدير الأهلية عبدالله بن سليم.

وهذا يذكرني بما كان قبل أربعين عامًا أو يزيد عندما افتتحت المدارس الابتدائية للبنين في بعض قرى وعُقل الزلفي. إذ كان أحد أبناء عمي يعارض افتتاح المدارس وكان يسميها مثل غيره من أمثاله (مطارس) وان طلب العلم لدى المشايخ في المساجد أهم وأنفع منها. وكان ينقل أهله من قرية يفتح بها مدرسة إلى أخرى ليس بها مدرسة كل هذا من أجل أن يحرم أولاده من الدراسة حتى لا يصيبهم (الجرب) كما يقول، فرد عليه والدي بالمثل المعروف (سد السيل بعباتك).

هذه مجرد أمثلة بسيطة لما كان يعترض طريق التقدم والتحديث للمجتمع، فهناك من يضع العصي بالعجل لإيقاف مسيرة التنمية والتطوير وليس خافيًا على القارئ ما رافق افتتاح المدارس سواء للبنين أو البنات وكذا عند افتتاح محطة التلفزيون وقبل ذلك عند مجيء السيارات ومكبرات الصوت بالمساجد وغيرها وحتى تدخل المعترضون على بعض ما يلبس مثل (الكبك) أو الأحذية (الشبشب) وحتى استعمال الملاعق للأكل فقال أحدهم:

اضرب بخمسك لا تأكل بملعقـة ****إن الملاعـق للنعماء كفـران

وعند بداية معرفتهم بالعقال وخوفهم من أن ينافس العمامة قال الشيخ سليمان بن سحمان في كتابه (ارشاد الطالب) في الحث على لبس العمامة، والنهي عن لبس العقال، لباس (الزكرت) وذوي الطغيان:

ليست كلبس الجند في أزماننا****حاشا وربي كيف يستويـان؟

هذي لباس ذوي التقى وذاك****لـ(الزكرت) وكل ذي طغيان

فكل جديد لم يؤلف يخرج من يعترض على وجوده.. ولكن الطوفان قادم لا محالة وسيكتسح كل العوائق ويقضي على المثبطات فالعلم كفيل بالقضاء على رواسب الجهل.. والبقاء للأصلح.
________

محمد عبدالرزاق القشعمي
_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..