الحضارة، تحديداً، هي الهوية التي تكتسبها الجماعة بتفاعلها المستمر ضمن بيئة جغرافية محددة عبر الزمن، وما يحمله هذا الزمن من أحداث تاريخية متعددة ومتنوعة. بكلمة مختصرة، هي شخصية الجماعة تتميز عن غيرها من الحضارات مثل الحضارة الفرعونية واليونانية والبابلية

.
ونسبة لتطور وتوسع مصطلح الحضارة لم يتفق الباحثون والمفكرون في التاريخ والاجتماع على تعريف واحد . للحضارة فهناك اكثر من تعريف منها:
1/ الرقي المادي الذي بلغه الفرد والأمة .
2/ ما توصل إليه مجتمع ما من تقدم مادي في الصناعات والابتكارات والمخترعات والبناء والزراعة وغير ذلك
3/ كل ما ينتجه الإنسان من فنون وعلوم وآداب وفلسفة وتشريع والقدرة على الاستفادة من هذه الحصيلة" وهنا تظهر الشمولية فى تناول تعريفها لكل مظاهر الحياة، من علوم وآداب وفلسفة وتشريع وفنون والحضارة هي باختصار .
جميع ما توصل إليه مجتمع ما من تقدم مادي في مختلف جوانب الحياة وفق موجهاته العقدية ) .
والثقافه :
بمعناها المُطلَق :-
عند العرب و في المعاجم كانت لفظ (ثقف) يُطلق على الحذق و الفهم و الإدراك فيُقال:
(
ثقف الشيء ثقفاً ) أي فهمه و حذقه و يُقال :- ( هو غلام ثقف) أي ذو فطنة و ذكاء


وأصل كلمة ثقافة Cultureمشتق من الفعل اللاتيني Colereوتعني الزراعة. وأصبحت الكلمة تستخدم لتعبر عن زراعة الأفكار والقيم.
الثقافة مفهوم يتميز بأنه ذا طبيعة تراكمية ومستمرة. فهي ليست وليدة عقد أو عدة عقود، بل هي ميراث اجتماعي لكافة منجزات البشرية. لذلك، فإن محاولة تعريف هذا المفهوم محاولة صعبة؛ لأنه على الرغم من شيوع استعمال مصطلح الثقافة على ألسنة العامة من الناس، إلاّ أن المختص في دراسة العلوم الاجتماعية حينما يحاول تعريفه يجد تعريفات عديدة، في نطاق علمه والعلوم الأخرى، وكل تعريف منها يعكس وجهة نظر صاحبه، أو النظرية التي ينتمي إليها. كما يتداخل مفهوم الثقافة مع مفاهيم أخرى؛

استعملت الثقافة في عصرنا الحديث للدلالة على الرقي الفكري والأدبي والاجتماعي للأفراد والجماعات. فالثقافة لا تعد مجموعة من الأفكار فحسب، ولكنها نظرية في السلوك مما يساعد على رسم طريق الحياة إجما لا، وبما يتمثل فيه الطابع العام الذي ينطبع عليه شعب من الشعوب،
الثقافة هى "البيئة التى يحيا فيها الإنسان والتى تنتقل من جيل إلى جيل، وتتضمن الأنماط الظاهرة والباطنة من السلوك المكتسب عن طريق الرموز وتتكون ثقافة أى مجتمع من أفكارة ومعتقداته ولغته وفنونه وقيمه وعاداته وتقاليده وقوانينه وغير ذلك من وسائل حياته ومناشط أفكاره

والثقافة يتشربها الانسان منذ ولادته وتكون عاداته وتقاليده فإذا خرج الانسان عن اطار اسلوب الحياة السائد لن ينظروا له نظرة رضا ويمكن ان تؤذي الامة الخارج عن ثقافتها ".
الفرق بين الحضارة والثقافة:
على الرغم من وجود خلط بين الثقافة والحضارة إلا أن بعض العلماء المحدثين اجتهدوا في توضيح الفروق بينهم. وبدأت هذه التفرقة بين مصطلحي الحضارة والثقافة في ألمانيا، إذ قال توماس مان: الثقافة هي الروح الحقيقية، بينما الحضارة هي الآلية Machanization. وذهب العالم الألماني ألفرد فيبرإلى أن الحضارة هي المجهود الإنساني للسيطرة على الطبيعة، بينما الثقافة هي مظاهر الحياة الروحية والأخلاقية التي تسود المجتمع. أي أن الثقافة تعبر عن المظهر الروحي للمجتمع، بينما تعبر الحضارة عن مظاهر التقدم التكنولوجي
و"الحضارة" فلا يمكن أن تفهم إلا إذا دُرِست دراسة تاريخية، توضح تطور أجزائها وعلاقتها الواحدة بالأخرى. وتختلف الثقافة عن الحضارة؛ فلكل مجتمع -بسيطها ومعقدها- ثقافة معينة هي كل نتاج الفكر المجتمعي، ونتاج هذا الفكر ومشتقاته. أما "الحضارة" فهي النواحي العملية والمادية لثقافة الأقوام المتحضرة، الذين عاشوا ومارسوا أساليب الحضر. ومما يوضح الفرق، أيضاً، تميز الثقافة بأنها تراكمية ومكتسبة وتنتقل من جيل إلى جيل؛ أما الحضارة فهي، وإن كانت من أوجه الثقافة، إلا أنها مميزة بوصفها نتاجاً مستقلاً، أي من نوع خاص قد يختص به مجتمع معين في فترة تاريخية، دون أن تنتشر منه إلى مجتمع آخر.
وفي كتاب “نبت الارض و ابن السماء، الحرية و الفن عند علي عز ت بيجوفيتش” للمفكر محمد بن حامد الاحمر يوضح الفرق بين الحضارة والثقافة
الثقافة هي المعرفة الفردية، وهي تهذيب فردي داخلي، أما الحضارة فهي موقف جماعي خارجي، و أنت ترى مصداق هذه الفكرة في شوارع المدن العربية، فترى أكبر مثقف يدخل مع الناس، الأمي و العارف
، في معركة شرسة بالسيارة يوميا و طوال الوقت في الشارع و يمارس أسوأ الأساليب في التعامل، و هنا ترى المستوى الحضاري العام للمجتمع، و لكن السائق في ذاته قد يكون ذا معارف واسعة جداً آو مكانة إجتماعية كبيرة ، ولكن الحضارة غائبة، بينما تجد عكس ذلك في بلدان متحضرة ، لا تخاف من خروجك بالسيارة في الشارع، لا فرق بين آميهم و مثقفهم. و الحضارة هي صورة المجتمع و سمته العامة

وراي عالم الاجتماع بول لانديس Paul Landis،في الفرق بين الثقافة والحضارة
: الثقافة تختلف عن الحضارة التي لها معنى أضيق من الثقافة. فالحضارة تقتصر على تلك الشعوب ذات المستوى الرفيع من التطور الثقافي. والشعوب التي وصلت إلى درجة عالية من التقدم (المتمدنة)، ترى في الحضارة كافة العناصر المادية وغير المادية، التي ابتكرها الإنسان. أما الثقافة فتوجد في كل الشعوب، بسيطها ومعقدها؛ فالشعوب البدائية لها ثقافة والشعوب المتقدمة لها ثقافة. وأن الاختلاف بين المفهومين ليس في النوع؛ ولكن في الدرجة من حيث مستوى التقدم.
ان الثقافة تشمل جميع جوانب الحياة المعنوية والمادية، وتوجد في كل المجتمعات، البسيطة والمعقدة، أو المتقدمة والمتخلفة، على حد سواء. أما الحضارة، فتشمل كل المنجزات المادية والعملية فقط، التي أنتجتها المجتمعات أثناء التفاعل بين الإنسان والبيئة الطبيعية. وتُعَد المدنية إحدى درجات الحضارة؛ أي إحدى صورها؛ فهي عنصر جديد متطور من الحضارة.
وهذا الجدول يبين ابرز نقاط الاختلاف بين الثقافة والحضارة:

الثقافةالحضارة
الروح الحقيقيةالالية
معرفة فرديةموقف جماعي
تهذيب داخلي خارجي
تشمل الجانب المادي والمعنويتشمل النواحي المادية والعملية
متراكمة ومكتسبةنتاج مستقل من نوع خاص
تنتقل من جيل لاخرتختص بمجتمع معين ولا تنتقل
في الشعوب البدائيةوالمتطورةفقط في المجتمع المتطور