الصفحات

الاثنين، 5 مايو 2014

من أجواء فشل "أرامكو" في الكرنفال الرياضي

رغم كل ذلك الإخفاق الذي سبق الكرنفال الرياضي الكبير، إلا أن الافتتاح كان مبهرا، لدرة الملاعب السعودية، وابتسامة الملك عبدالله التي وصلتني على جهاز المحمول من عشرات المجموعات في "الواتس آب" تحكي شعبية مليكنا
افتتاح مدينة الملك عبدالله الرياضية "الجوهرة" كان الحدث الأبرز لنا – نحن سكان مدينة جدة- خلال الأسبوع المنصرم، ولأنه كان بحجم أن يفتتحه مليكنا عبدالله بن عبدالعزيز، ولأن فريقا من جدة كان طرفا في المباراة النهائية؛ لغطت المجالس لدينا، وصخبت بالحديث عن الحدث الرياضي الأكبر، ما جعلني أخصص مقالتي اليوم لهذه المناسبة الرياضية.
قبل الحدث بأسبوع، طلب مني صديق أثير، وقد أحسن الظن بمكانتي الإعلامية، تدبير تذاكر لحضور ذلك الحدث الرياضي الخميس الفارط. ولأني تركت متابعة الدوري المحلي من ثلاثة عقود، ومنقطع الصلة بأساطين الرياضة إلا من زملائي الإعلاميين في الأقسام الرياضية بالصحف؛ استعنت بأحدهم، الذي رحّب ووعد بتدبيرها، وسرعان ما عاد لي بعد أيام وهو يشكو مرّ الشكوى من سوء التنظيم في توزيع التذاكر.
وانهالت علينا قبل الحدث بيومين عبر أجهزة المحمول، صور التدافع للجمهور السعودي على مكاتب توزيع التذاكر، وسيارات الإسعاف التي تنقل بعض المصابين بسبب الاختناق والاشتباكات، وذهلت لأن شركة بحجم "أرامكو" هي من كانت المشرفة على حفل الافتتاح، وبادرت بكتابة تغريدة عبر موقعي في تويتر قلت فيها: "أرامكو يضرب بها المثل في جودة التخطيط وإتقان العمل. ما بالها فشلت فشلا ذريعا في إشرافها على مباراة الكأس.. طريقة توزيعها للتذاكر متخلفة وفاشلة".
ردّ بعض المتحمسين لهذه الشركة العملاقة بأن المسؤول عن تلك الحوادث هي إدارة البريد التي وُكل لها توزيع التذاكر، أجبتهم: "أقرّ بالعمل الرائع المبهر في بناء الصرح وقياسية الزمن، ولا أقرّ لهم بإدارة التنظيم، فالأخطاء التي تحصل، مهما كانت جهتها، هي مسؤولية الشركة المشرفة، فهي التي اختارت الجهات التي تعمل معها ووزعت المهام".
سأكون صريحا هنا، بالرغم من إشادتي بما أنجزته "أرامكو" من صرح رياضي رفيع، إلا أن الصورة الذهنية المتألقة -عندي وعند غيري- لهذه الشركة الوطنية العملاقة تشوشت قليلا، ومن المهم أن تبادر "أرامكو" إلى دراسة هذا الفشل الذي حدث، ومحاسبة مسؤوليها إن أرادت أن تبقى في الذهنية السعودية كأولى الشركات التي يضرب بها المثل في جودة الإدارة وإتقان العمل.
في يوم الافتتاح، أُمطرنا بتلك الصور المشوّهة التي تحكي تسوّر بعض الجماهير للبوابات، بل وخلع بعضها، والدخول بشكل غير نظامي، فيما كثير من حاملي التذاكر لم يستطيعوا الدخول، ما يجعلنا نؤكد على مسؤولي الأمن بالانتباه مستقبلا؛ أن هذه الجماهير، التي تشكل أخلاطا وأعراقا من الناس، متبايني الثقافة والتربية، ربما يتحولون لمثيري شغب إن خسر فريقهم يوما ما.
المؤلم في فترة قبل المباراة، تلك الصورة - التي تناقلها الكثير من الناس- لقائد منتخبنا لأعوام طويلة الكابتن صالح النعيمة، مكتئبا ومتحسرا ومقتعدا أحد الأرصفة خارج الملعب، والسبب أن ذلك اللاعب الأسطوري لم يجد طريقا للدخول. آلمتني تلك الصورة التي غرّد بها زميلنا الكبير خالد السليمان الكاتب في صحيفة "عكاظ"، وأنا ممن أدرك في يفاعته هذا اللاعب الخلوق، وعلقت مباشرة على تغريدة السليمان: "أنا لا أتابع المباريات المحلية، ولكن يا أبا فيصل، ليس لائقا أن ينتهي هذا اللاعب الطود، وكابتن المنتخب لسنوات طويلة على الرصيف.. عيب والله في حقه علينا".
ألوم هنا رعاية الشباب والاتحاد السعودي، فإن كانا لا يدركان حجم هذا اللاعب وغيره من أمثال ماجد عبدالله وسعيد العويران وفؤاد أنور وكوكبة اللاعبين التاريخيين الذين خدموا بلادهم، ورفعوا اسمها عاليا في المحافل الدولية، فثمة إشكال كبير، وقصور إداري بيّن، ولا يقولن أحد لي إن رعاية الشباب لا دخل لها، فتلك فضيحة أخرى. مناسبة رياضية رفيعة يرعاها الملك عبدالله، ولا دخل لرعاية الشباب البائسة بها، أين هي بضعة آلاف المقاعد التي خصصت لها؟ لمن تم توزيعها؟ ومن هم الضيوف الذين دعتهم، إن تركت هؤلاء الأفذاذ، والأسماء اللامعة ممن خدموا منتخب بلادهم!!.
بكل صدق أقول – وأنا الرجل خارج الميدان الرياضي بالكامل- بأن ثمة مشكلة قيادية كبيرة في الساحة الرياضية، وأن هذا القطاع يحتاج لشخصية حازمة وقوية تعرف أقدار الرجال، شخصية كالراحل فيصل بن فهد -يرحمه الله، وتوقف التجاوزات والفضائح التي تطفح بها تلك الساحة، وألوم هنا القيادات الكبيرة التي أدركت الراحل، أين هي مما يحصل اليوم في الساحة الرياضية؟، وأين خبراتهم الإدارية التي تمنع - أو تخفف على الأقل- تلك الحوادث التي تدهمنا كل يوم بمشكلة عنصرية أو أخلاقية أو فضائح فساد تتكرر بلا محاسبة؟
رغم كل ذلك الإخفاق الذي سبق الكرنفال الرياضي الكبير، إلا أن الافتتاح كان مبهرا، لدرة الملاعب السعودية، وابتسامة الملك عبدالله التي وصلتني على جهاز المحمول من عشرات المجموعات في "الواتس آب" تحكي شعبية مليكنا -حفظه الله-، بل حتى الشعراء والمعلقين، تباروا في تفكيك ما قاله الوالد الكبير بكل عفويته وتلقائيته، وانثالت الدعوات له، وعندما عدت لسماع تلك الكلمة، كانت كالعادة، بسيطة ومرتجلة تحكي حب هذا الوالد لأبنائه، وقد أسبغ عليهم بأوصاف: أحبابي، أبنائي، إخواني، وتستحقون أكثر.
سأختم أخيرا بمباراة الحفل التي وصلتني نتيجتها، وانثالت على الفور من الذاكرة، أربعة النادي الأهلي الشهيرة في نادي الاتحاد التي لا تزال مرارتها تلاحقني بعد كل تلك العقود من السنوات. كان وقتها الاتحاد مرشحا للبطولة، وزفه الإعلام الرياضي – بما حدث مع النادي الأهلي اليوم- خصوصا أن الاتحاد تجاوز العمالقة وقتذاك، بل وأعدت الولائم ووزّعت الدعوات، وجاءت الكارثة المجلجلة، بأربعة شهيرة أصابت القلب ليومي هذا، بما حدث مساء الخميس للأحبة الأهلاويين..
فعلا الأيام دُول.
عبدالعزيز قاسم        2014-05-05 1:41 AM

مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..