الصفحات

الأربعاء، 4 يونيو 2014

الثروة الحيوانية : بين"كأن أمها أرضعتك"و"كأن أمها نطحتك"!!

  لاشك عندي أن الإحساس بعدم جدوى الكتابة يقف خلف اختياري لهذا العنوان.
في البداية .. العنوان يشير إلى قصة تراثية تقول أن رجلا كان يأكل مع آخر .. فرآه ينقض بعنف على
الجدي الموضوع أمامهما .. فسأله :
ما بك حاقد عليه .. كأن أمه نطحتك؟!
فرد الآخر :
وما بك مشفق عليه كأن أمه أرضعتك؟!
عادت بي الذاكرة إلى حلقة قديمة من برنامج الشيخ علي الطنطاوي – رحم الله والديّ ورحمه – فبعد أن حكى قصة عن (وصية) غريبة مرت عليه عندما كان قاضيا في سوريا .. ثم انتفض وقال بلغته المحببة .. ما معناه أنتكم أيضا لديكم عادة (غريبة) .. (الولائم) التي تصنع للأموات!
ثم قرأت في أحد كتب الأستاذة أحمد السباعي - رحم الله والديّ ورحمه – حديثا مطولا عن تلك الولائم ،منتقدا لها ومصورا حالة أخ توفيت أخته .. ثم تراكمت عليه المصاريف .. من استئجار الفنادق ،لاستقبال المعزين والمعزيات من (المدينة المنورة والرياض والدمام ) .. والأطعمة والأشربة .. إلخ. حتى نسي حزنه على أخته.
كأني بتلك القضية خمدت لفترة .. ثم تفجرت .. ولا زالت تنمو .. وفي حالتين – واحدة في جدة والأخرى في المدينة المنورة – عمل العزاء في (صالة أفراح)!!!!
أعلم أن الأمر في محصلته وجهات نظر .. فما أراه مشكلة .. سوف تتفاقم مع الأيام حتى تصبح (بلاء) .. كما صوره الأستاذ (السباعي) .. قد يراه آخرون غير ذلك.
وهنا ألفت النظر إلى ما يتم ذبحه في تلك (الولائم) .. وقد سألت أحد أهل الخبرة .. عن عدد الذبائح الذي تذبح في اليوم الواحد في العزاء،بالنسبة للأسر الكبيرة،والأسر المتوسطة .. فكان متوسط ما ذكر .. يقدر بخمسة ذبائح في اليوم – بما في ذلك الغداء – أي أن كل ميت – تقريبا – ينتقل إلى رحمه ربه .. يتم ذبح 15 عشرا ذبحية في عزائه!!
ولاشك أن هذا التقدير قد يكون مضاعفا بالنسبة للأسر الكبيرة جدا .. وهذه الأرقام قد تعطينا تصورا لمدى هدر الثروة الحيوانية .. في بلد يستورد جل – أو كل – ما يستهلك.
"نعم للتعتيمة .. لا للمفطحات"
هذا يصلح شعارا .. ولكن قبل الشعار .. في حوار سابق مع أحد إخواننا الكرام كان سؤاله .. وما ذا يفعل أهل الميت للمعزين الجالسين في انتظار الطعام؟
في كُليمة سابقة أجبت إجابة .. وهذه المرة أجيب بإجابة أخرى.
لعل الحل يكمن في الشعار الذي وضعته على رأس هذه الأسطر : "نعم للتعتيمة .. لا للمفطحات"
و"التعتيمة" = الجبن والحلاوة والزيتون .. والشريك .. إلخ.
وهذا قد يكون بمثابة مسك للعصا من المنتصف .
من زاوية أخرى لا يخفى أن (المآتم) أصبحت (هما) يضاف إلى هم فقد عزيز .. حيث تصبح العائلة التي توفي أحد أفرادها .. في حالة(طوارئ) .. وهنا أفتح قوسين لأترحم على والديّ وعلى سيدتين :
الأولى أخبرني بقصتها أحد زملائنا .. فقد أوصت تلك السيدة بألا يعمل في عزائها طعام .. وقد تلقت كثيرا من الدعوات الطيبة .. جراء إراحتها للأسرة من (حالة الطوارئ) المعتادة.
أما السيدة الثانية .. فقد أوصت هي الأخرى بالأمر نفسه .. وحين ذهبتُ للعزاء .. وجدت أن الأسرة قد سافرت لمكة لأداء (عمرة) عن تلك السيدة .. رحمها الله ورحم والدي.
تجربة السيدتين .. تفتح بابا آخر .. قد يغلق الباب حتى على"التعتيمة".
أعني (باب الوصية) ..
ومن هذا الباب فإنني أعتبر هذه الأسطر بمثابة (وصية) .. لولدي أشرف .. وأسرتي .. إذا مت فـ"لا للمفطحات .. ولا للتعتيمة أيضا" ..
صحيح أن أمهات تلك الذبائح لم (ترضعني ) .. ولكنه أيضا ( لم تنطحني)!!
تلويحة الوداع :
قبل سنوات كتبت الأستاذة سلطانة العبدالله أنها ذهبت لأداء واجب العزاء .. فوجدت النساء يدخن الشيشة !!
(ناولتني إحداهن"اللي"ولكنني اعتذرت فنظرت إلي بنصف عين وكأنها تقول : متخلفة){ جريدة الندوة العدد 11991 في 17/12/1418هـ}

أبو أشرف : محمود المختار الشنقيطي المدني

مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..