الصفحات

الخميس، 17 يوليو 2014

حجاب الشهيدة ناهد المانع .. وأزمة المتندرين.

     تكاد لا تخلو صحيفة او أي منبر أعلامي عن الحديث عن مقتل الشهيدة في سبيل التماس العلم ناهد
المانع ، بل لازالت تنزف أقلام الكتاب في الكتابة عنها ولا زالت مجالسنا وهواتفنا تستنير بذكر أسمها وتاريخها فقد كانت سفيرة تمثل همم فتياتنا رحمها الله ، وأؤمن بأن الله سهل لها طريقا إلى الجنة بسبب طلبها للعلم كما وعد بذلك معلمنا محمد صلى الله عليه وسلم .

     ويبقى المشهد لا يخلو ممن يستلذون بإخراج فايروسات عقولهم على حساب جروح لم تلتئم بعد ، ليئن الجرح من موقفين صدرت من بعض المتندرين بعد السماع بمقتلها ، الموقف الأول كان ممن توجهوا لشرفها فوجهوا اتهاماتهم ودعواتهم عليها فقط لأنها (مبتعثه) فعقولهم تحمل صورة مشوهة جامدة عن كل امرأة تكمل تعليمها خارج السعودية! ، فكان الرد عليهم بأنها كانت ملتزمة دينياً وعلمياً وبصحبة محرمها وكانت تلبس غطاء الوجه ، فما أجمل ما فاح من سيرتها لرد قذفهم وكيف كان رد حجابها جميلا لجمال تمسكها به .

    والموقف الثاني كان من طرف مناقض للطرف السابق مع تشابههم في التندر ، إذ سابقوا لاستغلال حادثة قتلها كمتحجبة بمحاولات عبثية لإقناع البسطاء بأن سبب مقتلها هو جريمة تغطية وجهها !! ، إذ لم يتوفر لهم من معلومات عن مقتلها وحيثياته أي شيء غير ما رأوا في مقطع الفيديو المنتشر لها وهي تسير بكامل حجابها ، فوجهوا سهامهم لغطاء الوجه فقط !، بكل سطحية واستغلال لحادثتها وتجريم لاختيارها .

    ليأتي السؤال بعد بروز هذين الموقفين في الساحة ، هل حجاب ناهد كان شاهداً لها أم جريمة قتلت بسببها ؟ ، هذا التساؤل يضطرني لطرح جزء من رأيي في غطاء الوجه ، حيث أني أعتقد بأن التحريم المطلق أو التحليل المطلق ضرب من ضروب التطرف الذي لا اتوقعه من الشرع ولا العقل الناضج، فهناك تفاصيل بين التحريم او التحليل المطلق يحكمها التقوى والإيمان الموجود في القلوب ، وهذه التفاصيل في مسألة غطاء الوجه تكمن في (أمن الفتنة ) هذا المصطلح الذي يذكره أئمة الفقه الأربعة والألباني في كتبهم ، ويتغاضى عنه أصحاب التحليل المطلق لكشف الوجه والتحريم المطلق له بكل تطرف ليسوق الكل عن فكرته المتطرفة نحو الإفراط أو التفريط .

   فالألباني يرى (استحباب تغطية الوجه عند أمن الفتنة) ، وهو في نظري أكثر تشدد هنا من الأئمة الأربعة إذ رأوا (جواز كشف الوجه عند أمن الفتنة )، وتؤمن الفتنة في مواضع أذكر منها ( القواعد من النساء-الشابة الغير جميلة أو من بها تشوه خلقي – عند الخطبة-عند الحاجة أي عندما تكون الشابة عند طبيب أو قاضي – وعند عديم الشهوة لكبر أو مرض – وغيرها من التفاصيل ) . أما عند  عدم أمن الفتنة فالألباني يرى أن تبقى المرأة في بيتها ( يجب عليها أن تستره دفعا للأذى والفتنة ، بل يجب عليها أن لا تخرج من دارها إذا خشيت أن يخلع الجلباب من رأسها ) كتاب جلباب المرأة ص17 ، وفي نظري أن الألباني هنا أيضا كان أكثر تشدد إذ أن الأئمة الأربعة كان رأيهم فقط وجوب تغطية الوجه عند عدم أمن الفتنة ، فربما على حسب موقف من جرموا حجاب ناهد المانع فإن كانت (الفتنة غير مأمونة ) في بريطانيا فكان عليها أن تتبع رأي الألباني في القرار في دارها لا رأي الأئمة في وجوب تغطية وجهها إن كانت تغطية الوجه جريمة تقتل بسببها حسب فهمهم!! .

   قضيتها لازالت في بالي وأنا أحاول أن أختم كتاب الله في هذا الشهر الكريم ، فعند مروري بسورة الأحزاب وبقوله تعالى (وإذا سألتموهن متاعا فسئلوهن من وراء حجاب ) والمقصودات هنا هن زوجات النبي عليه الصلاة والسلام مع أنهن أمهات للمؤمنين! ، أتي بعدها ببضع آيات قوله تعالى ( يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ) الأمر الثاني هنا لزوجات وبنات النبي عليه الصلاة والسلام ولنساء المؤمنين ، ترتيب الآيات بهذا الشكل أستوقفني فعلا وأثار تفكيري حيث أنني أخذت ورقة لأفسر تفكيري بطريقتي ، فرسمت دائرة تمثل زوجات النبي عليه الصلاة والسلام ، ومثلث يمثل بناته ، ومربع يمثل نساء المؤمنين ، لونت الدائرة بشكل كامل تطبيقاً للأمر الأول على زوجات النبي عليه الصلاة والسلام بالحجاب الكامل عن الرجال ، ثم حاولت أن أطبق الأمر الثاني (إدناء الجلباب) على الدائرة والمثلث والمربع التي افترضنا ، ولكنني أحترت كيف سيكون إدناء الجلباب ، هل ألون المثلث والمربع بالكامل أم جزء منهما ؟ ولو لونت جزء منهما هل يعني ذلك ان الدائرة لابد أن اغير تلوينها ونتجاهل الأمر الأول فيها ؟ ، هل يعقل أن الأمر الثاني الذي تضمن زوجات النبي عليه الصلاة والسلام سيكون أقل في طريقة الحجاب من الأمر الأول لهن ؟ ، أمر بديهي أنه سيكون بمستواه أو أعلى منه ، هنا اقتنعت بتلوين كامل المثلث والمربع إلحاقاً بالدائرة لأن الأمر الثاني لابد أن يكون بمستوى الأمر الأول او أعلى منه بما أن زوجاته موجودات في الأمرين وبهذا الترتيب .

   أوجه زوجات وبنات النبي عليه الصلاة والسلام وأوجه نساء المؤمنين و وجه ناهد المانع و وجهي لم يكن عورة أبدا في الصلاة أو خارج الصلاة ، ولكنها عورة نظر فقط أمام غير المحارم فقط وفي حال عدم أمن الفتنة فقط ، فعند حالات أمن الفتنة لن اوفر كشف وجهي ويحكمني تقواي وإيماني بالله وآياته حينها .

   ناهد الآن عند من نحسن الظن في رحمته وعظيم كرمه ، تقابل عملها في قبرها ، مقتديه بزوجات النبي عليه الصلاة والسلام وممتثلة لأمر الله لنساء المؤمنين ، كانت في طريقها تلتمس العلم ليسهل الله طريقها إلى الجنة ، هي درس في الثبات مهما تغير الزمان والمكان .




حصة الأسمرية

مهتمة بشأن المرأة والمجتمع.



   
-------------------------------------
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..