هذه المنطقة التي لم تشهد استقرارا منذ غُرس في خاصرتها الكيان الصهيوني،
هل تم إدخالها عنوة في استراتيجية الفوضى الخلاقة التي تهدف للتحكم
والسيطرة في دول وأقاليم صغيرة وتابعة وغير قادرة على المقاومة؟ هل أصبحت
عبارة »تفكيك المفكك« حقيقة وليست خيالا؟ وليس الأمر غريبا عن المنطقة
تاريخيا فقد نهج الاستعمار سياسة فرق تسد من قبل ولكن لم تكن فرق بمثل هذه
الصيغة الطائفية المقيتة ولا بمثل هذا القتل الذي ليس له مثل!
في
سوريا والعراق يبدو التشرذم الطائفي الموسوم بالعنف وكأنه حقيقة سياسية مرة
يدفع ثمنها الشعب البريء هنا وهناك. في العراق مثلا قام رئيس الوزراء
المنتصر! في انتخابات هزلية بإبعاد وتهميش نوابه ومساعديه من الطائفة
الأخرى بل سجن بعضهم بحجج واهية ما يجعل الأحمق يفهم (أو يفتهم بلهجة
العراقيين) أن أبرز أجندة في الانتخابات السياسية بل وفي الغزو الأميركي
قبلها كانت تهميش الطائفة الأخرى حتى لو كان بعض أفرادها من ضمن الطاقم
السياسي المنتصر!
يتزايد الحديث هذه الأيام عن دولة كردية شمال
العراق وقد ألمح الأكراد إلى أن الأراضي التي سيطروا عليها بعد عاصفة
الموصل ( يقصدون كركوك) لن تعود إلى وضعها السابق إطلاقا، هل هي بداية
التفكيك وانطلاق المشاعر العصبية والإثنية ونهاية الوطن الواحد؟!
في سوريا يأتي فرض التشرذم الطائفي والخلاف المذهبي بالقوة الجبرية
والبراميل المتفجرة حتى يقتنع المرء أن وحدة الشعب السوري أصبحت مثل الغول
والعنقاء والخل الوفي! وها قد تحولت ثورة شعب بهدف تحقيق مطالب سياسية
محددة إلى صراع طائفي تتدخل فيه قوى طائفية خارجية لتقتل الشعب ولتنصر
طائفة الرئيس ولا يوجد في آخر النفق ثمة ضوء خاصة وأن ما يسمى العالم الحر
يصمت صمت القبور عن أغلبية تقتلها الأقلية بدم بارد!
وعلى الأرض
يبدو أن رسم حدود الدولة العلوية يجري على قدم وساق بالاتفاق مع الدول
المعنية بالأمر وستكون حلا للعلويين أما أهل السنة في الشام فليس لهم حل
إلا مزيد من الصراع والقتل والقتال! ويحرص النظام الطائفي في سوريا أن
تسيطر دولته على الشريط الساحلي ومناطق التواصل مع لبنان والعراق وبقية
سوريا تذهب إلى المحرقة وتبقى تحت عذاب البراميل المتفجرة!
وتنتقل
فكرة التفكيك وتأجيج الصراعات الطائفية لتشمل اليمن الذي يشهد حربا مفتوحة
تمدها الأطراف الخارجية بكل ما يلزم من وقود والناس لا تجد وقودا
لسياراتها! وتأخذ فكرة التفكيك شكل صراعات إيديولوجية وفكرية في بلدان أخرى
ليس فيها مكون طائفي فتؤجج المزيد من الفوضى والعنف كما يحدث في ليبيا
ومصر!
كل هذا لا يحدث صدفة! والمخطط الذي ولد بعد فورة الربيع
العربي يسير وفق ما هو مرسوم له رغم معارضة تركيا لدولة علوية شمال سوريا
قد تؤجج المشاعر الوطنية لدى العلويين الأتراك ومعارضتها لدولة كردية شمال
العراق قد تؤجج مشاعر الأكراد جنوب تركيا! ورغم معارضة دول الخليج العربي
لتقسيم العراق ولقيام دولة شيعية ذات تواصل إيراني أكيد قريبا منها ورغم
معارضة السنة في العراق وسوريا لتفكيك بلدانهم وفق أسس طائفية ورغم
معارضتهم للتمدد الإيراني الواضح في عمق الهلال الخصيب الذي تحول إلى
الهلال المتفجر!!
هي لعبة الأمم في بلاد العرب كانت ومازالت ووصول
مخططات التفكيك والتقسيم الجهنمية لمصر وليبيا واليمن في أعقاب التوترات
السياسية التي تمور الآن لم يعد مستبعدا فيتكرر سيناريو سايكس بيكو الذي
كان العرب يسمعون عنه ويضحكون من فكر المؤامرة وهي تعمل عمل مبضع الجراح في
الجسد العربي المريض!
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..