الصفحات

الأربعاء، 17 ديسمبر 2014

الفلسفة المادية العلمية و الفلسفة المثالية و تأثيرهما على مواقفنا الإجتماعية والسياسية

 لست بوارد أن أتحدث عن مفاهيم فلسفية صرفة لأثبت أن المادة تسبق الفكر أو العكس، لكنّي
سأستعمل هذه المفاهيم لأوضّح أن الفلسفة تدخل في صلب حياتنا اليومية، من حيث ندري أو لا ندري، و يتجلّى ذلك من خلال مواقفنا السياسية و أرائنا في قضايا يومية نعتبرها "روتينية" و لا تخضع لأي بنية فكرية لديها طابع فلسفي و أيديولوجي واضح.
  • الفلسفة المادية
من المعروف بأن الفلسفة المادية، بمعناها العلمي و ليس بمعناها السطحي الميكانيكي، تعتمد على المنهجية العلمية لتفسير الظواهر، إن كان في الطبيعة أو في المجتمع البشري، بناءاً على ذلك، إنها تعترف بوجود حقيقة مطلقة، و المطلق هنا لا يعني الأبدي المتجرد عن الواقع و السابح في فضاء صافي لا يعترف بوجود عالم خارجي منفصل عنه، بل أعني بالمطلق أي الواقع الموضوعي.
عندما نتحدث عن واقع موضوعي، هذا يعني واقع منفصل بكينونته عن إدراكاتنا الحسية، فالحقيقة المطلقة هنا تعني التطابق التام مع الواقع بذاته.
طبعاً هذه الحقيقة المطلقة، هي مطلقة في ظروف مادية تحيطها، و عندما تتغير هذه الظروف ستتغير هذه الحقيقة، فمن أحشاء المطلق يخرج النسبي، و هذا ما كان يقصده لينين عندما قال : "النسبي يكمن في المطلق" و هذه الجدلية تُطَبق في كافة العلوم الطبيعية و في كافة المجتمعات البشرية، إنها جزء من ديالكتيك الطبيعة و صيرورتها.
  • الفلسفة المثالية
الفلسفة المثالية لا تعترف بوجود حقيقة مطلقة منفصلة عن الذات، إنها تعتبر أن تأثير إدراكاتنا الحسية على الخارج هو أمر حتمي، فإذاً لا يمكننا إدراك ما يُسمى بالواقع الموضوعي، لأنه غير موجود أصلاً، و إذا وُجِد فهو موجود في ذهننا و لا يمكن أن ينفصل عنه، فتنتفي بذلك موضوعية الواقع و ندخل في تناقضات الأفكار المجردة و علمية واقعنا اليومي و تصبح مفاهيم الصح و الخطأ ملتوية و غير واضحة، إلا إذا أتت كتشاريع وضعتها قوى مجردة، خارجة عن الطبيعة.
  • ماذا يعني كل هذا ؟ و ما علاقته في حياتنا اليومية و مواقفنا السياسية ؟
في المثالية
عندما نجعل من مفاهيم مثل الوطن و الحرية و الديمقراطية، عبارة عن أفكار مجردة عن الواقع الموضوعي، ندخل في متاهة تقديس هذه الشعارات و تأليهها، فيصبح الوطن خارج النقد، كالله، متربّع على عرشه، مترسّخ في وعينا، مترّفع عن الواقع، يخلق حالة إنفصامية أبعد ما تكون عن المنهجية العلمية.
تصبح معايير الصح و الخطأ غير محددة، و لا يمكن تحديدها أصلاً، إلا بتشاريع وضعها الوعي المطلق، إذا وُجد، و هذا يجعل من معايير الإستغلال و الظلم و القمع معايير نسبية لأنها مرتبطة بأذهاننا و طريقة تفكيرنا، ولا يوجد معيار موضوعي لها و يصبح وجودها أمر طبيعي فهذه هي طبيعة الإنسان!
تماماً كما يجب أن نتعايش مع النظام الطائفي في لبنان مثلاً، لأن لبنان كوطن يتحدد بحدود كرّسها الإستعمار، لا يمكن أن يكون نظامه مختلفاً، و نحن نقدّس الوطن، فلنقدّس النظام إذاً و رموزه، و إذا لم نقدّس النظام فلنعبر عن فاشيتنا بوجه كل "غريب" ولا سيما الفلسطيني و سلاحه الثوري، فالوطن هو الله و الله هو الوطن و لهم الأولوية.
في المادية
"الحرية" هي فكرة أنتجتها الضرورة التاريخية عندما بدأ الإنسان يتعرض للإستغلال عند نشوء المجتمعات الطبقية و "الليبرالية" هي أيضاً فكرة رسختها البرجوازية في أوروبا عندما كانت طبقة ثورية تريد تحطيم العلاقات الإنتاجية الإقطاعية، "القمع" أيضاً فكرة أنتجتها الأنظمة لتأبيد سيطرتها الطبقية.
الواقع هو الذي ينتج الأفكار، التي يمكن بدورها أن تكون حقائق مطلقة في ظروف معينة و من ثم تتغير بتغير التاريخ و حركته.
فحرية رؤوس الأموال في عصر الثورة الصناعية في أوروبا كان أمراً تقدمياً أنذاك، لكن في ظروفنا التاريخية الحالية أصبح مفهوم حرية رأس المال أمراً يجب إستئصاله من بعد أن دخل النظام الرأسمالي في طور أزمته تماماً كالليبرالية.
على صعيد أخر، لبنان لن ينعم بالإستقرار بوجود كيان صهيوني إلى جانبه، فهذا الكيان زُرِع في المنطقة من قِبَل الإستعمار ليُقسّم، هذه هي حقيقة مطلقة ضمن الظروف التاريخية التي ترافقت مع نشوء هذا الكيان و ما زالت حتى يومنا هذا. فالإلتحام بالقضية الفلسطينية هو الأولوية و ليست الحدود و المفاهيم اللزجة .. الأمر لا يحتمل المناقشة و تعدد وجهات النظر إنها حقائق موضوعية !
معايير الصح و الخطأ تتحدد من خلال قراءة علمية و منهجية للواقع و من خلال رؤية لعالم عادل ضمن ظروف إنسانية يجب إنتزاعها و فرضها بالقوة.
قمع المسحوقين و المهمشين لن يزول إلا بقمع الإستغلاليين و المائعين، هذه هي جدلية الواقع التي لا و لن نقدر أن نفهمه إلا من خلال أداة نظرية تعانقه لتثور عليه و على علاقاته الإنتاجية الإستغلالية.
بين الواقع بعلميتهِ و تعقيده و بين الظاهر بسطحيته و تشويهه، تأتي الفلسفة المثالية لتكرّس الظاهر بسذاجته و فاشيته و لتصب في مصلحة المسيطر و مفاهيمه المائعة و الملتوية.

علي مقدّم-

----------------------
إضافة

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
المادية، في الفلسفة، نظرية حيث كل الموجودات هي نتاج للمادة. استنادا إلى تلك النظرية، المادة هي الحقيقة المطلقة، والوعي يفسر عن طريق التغيرات الفيزيوكيميائية في الجهاز العصبي. المادية هي التضاد للمثالية، حيث تفوق الوعي مثبت والمادة تخصص كمعارضة للوعي. وفقا للمادية المطلقة، كما عرفت في كتاب العناصر الديناميكية، المادة والوعي لديهما نفس الخصائص، وكل شيء هو مظهر للآخر.
المادية الفلسفية هي فلسفة قديمة وتمتلك وجوها متعددة. فلاسفة اليونان أقروا بوجود مادية متنوعة سميت بهيلوثايزم، حيث المادة والحياة متشابهان.
وفقا للهوليزويم وهي مذهب من الهيلوثايزم، المادة كانت مقدسة،  المادية الكوسمولوجيكية تستخدم كمصطلح لتصوير التفسير المادي للكون.
المادية اللادينية تفسر كفلسفة معارضة للدوغما الثيولوجية للدين المنظم.
إن المادية اللادينية ظهرت بشكل قوي بين الفلاسفة في القرن الثامن عشر.
أما المادية التاريخية هي عبارة عن مجموعة من كتابات لكارل ماركس وفريدريك أنجلز، حيث في كل عصر تاريخي النظام الاقتصادي السائد حيث الحاجات المهمة في الحياة سوف تنتج لتحدد شكل التنظيم الاجتماعي، السياسي، الديني، القومي، الفكري والفني في هذا العصر.
في العصور الحديث المادية الفلسفية انتشرت بشكل كبير متأثرة بنظرية التطور الموسعة. الداعمين لنظرية التطور تتجاوز مجرد اللاألوهية أو الإلحاد المادي وتهدف إلى إظهار كيف أن التنوع والاختلاف في التكوين هو نتيجة طبيعية كما أنها تعارض العمليات الخارقة.


------

المثالية، في الفلسفة،
هو المذهب القائل بأن حقيقة الكون أفكار وصور عقلية, وأن العقل مصدر المعرفة، على عكس المادية. فأفلاطون مثالي بتصوره عالما عقليا قوامه أفكار بمثابة النماذج للموجودات الجزئية المادية التي في عالمنا المحسوس, والعالم العقلي عنده هو الحق, أما العالم المحسوس فأشبه بالظلال.
و باركلي مثالي بقوله إن حقيقة الشيء هي إدراك العقل له, وما لا يدركه العقل عدم. "عياذا بالله"
و كانت مثالي حين جعل المقولات العقلية شرطا للمعرفة.
و هيجل مثالي حين قال أن حقيقة الكون روح مطلق يعبر عن نفسه في الوجود المشود.
المثالية (بالإنجليزية: Idealism) هي موقف فلسفي نظري وعملي يرد كل ظواهر الوجود إلى الفكر أو يجعل من الفكر منطلقا لمعرفة الوجود أو الحقيقة مؤكدا على أسبقية المثال (بكل معانيه) على الواقع.

هناك شكلان للمثالية

أ) شكل أول يحاول أن يعيد الوجود إلى الفكر الفردي ونسميه أحيانا " ذاتية ".
ب) شكل آخر يحاول أن يقصر الوجود على الفكر بشكل عام.
كما يميز عادة بين عدة أنواع من المذاهب المثالية:
و هي تؤكد على وجود عالم بذاته من المثل يقع خارج فكر البشر والأشياء.
و هي لا تعترف بوجود الحقيقة الخارجية وتعتبر أن الموجودات المادية لا وجود لها في الواقع بل في تمثلاتنا الذهنية عنها وهذه الأخيرة نتلقاها من الفكر الإلهي مباشرة عبر الأشياء.
(الوجود هو الوجود المدرك).
ترى أن كل ما نعرفه عن العالم، من مفاهيم وحدوس، هو إنتاج محض للفكر.
ويقول كانط: " إن ما أسميه مثالية متعالية للظواهر هو مذهب يعتبر أن هذه الظواهر هي تمثلات ذهنية وليست أشياء بذاتها لأن معرفة الأشياء بذاتها أمر غير ممكن"
المثالية الذاتية (فيشته):
و تقدم على أنها فلسفة الأنا. إنها "مثالية" لأنها تجعل من المثال مبدأ للوجود. و"ذاتية" لأنها تضع هذا المثال في الذات الأخلاقية المطلقة. أي أنها ترد حقيقة العالم الخارجي إلى التمثلات الفردية.
المثالية الموضوعية (شلنغ):
ترد كل الظواهر المتعلقة بالوعي إلى نظام مطلق سابق على وجود الإنسان.
المثالثة المطلقة (هيغل):
تماثل بين الفكر والواقع "فكل ما هو عقلي واقعي وكل ما هو واقعي عقلي" وترى أن العقل عبر تطوره الخاص به يعبر عن تطور الواقع.
المثالية الظاهراتية (هوسرل):
ترد معرفة واكتشاف جواهر الأشياء والمفاهيم إلى الحدس. فالتجربة لا تصلح إلا لإيضاح طبيعة هذه الجواهر.
إن أنواع المثالية المذكورة آنفا هي عينه من المفاهيم المثالية كما استخدمت في مجالي الفلسفة وميتافيزيقا.
لكن استخدام هذه المفاهيم لم يقتصر على هين المجالين فقط بل تعداهما إلى مجالات أخرى ك علم الجمال والأخلاق والسياسة وغيرها.
ففي علم الجمال، استخدم المفهوم المثالي لكي يعبر عن رفض إعادة إنتاج الأشياء والطبيعة كما هي منطلقا من أن الفن يجب أن يرتكز على مفوم للجمال بداءة.
و في مجال الأخلاق يؤكد هذا المفهوم على أن إصلاح ما فسد في طبيعة المجتمعات يجب أن ينطلق من مبادئ فكرية عامة وسامية تشكل مثالا للأفراد وعدم الرضوخ لسحر الأشياء المادية وبريقها.
أما في السياسة، فقد ارتبط المفهوم المثالي بتصور أشكال من التنظيم السياسي للمجتمعات غير قابلة للتطبيق ك جمهورية أفلاطون أو المدينة الفاضلة ل الفارابي أو " يوتوبيا " توماس مور كما استخدم كلمة مثال في السياسة لتدل على معنيين متناقضين:
- معنى سلبي: لوصف رجل سياسي بعدم الواقعية فيما يطمح إلى تحقيقه.
- معنى إيجابي: للدلالة على الفكرة أو المثل الأعلى الذي يحركه، ويوجه سلوكه.
هذا وتأخذ المذاهب المادية، وخصوصا الماركسية منها، على المذهب المثالي عدم واقعيته وإغفاله للتناقضات المادية التي تحرك المجتمعات وتحدد صيرورتها.



مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..